الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسلام: «عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب؛ ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا. فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك؛ وإذا شبعت شكرتك وحمدتك» (1) .
[صورة من قناعة الصحابة والسلف الصالح]
صورة من قناعة الصحابة والسلف الصالح وسار على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام- رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان؛ فقد عاشوا أول الأمر على الفقر والقلة، ثم لما فتحت الفتوح واغتنى المسلمون بقوا على قناعتهم وزهدهم، وأنفقوا الأموال الطائلة في سبيل الله تعالى، وهذه نماذج من عيشهم وقناعتهم:
أ- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته"(2) .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- قوله: "لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة " يُشْعِر بأنهم كانوا أكثر من
(1) أخرجه أحمد (5 / 452) ، والترمذي وحسنه (2348) ، وأبو نعيم في الحلية (8 / 331) ، وفي سنده علي بن يزيد يضعف.
(2)
أخرجه البخاري (442) .
سبعين (1) .
ب- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد كذبكم، فلما افتتح صلى الله عليه وسلم قريظة أصبنا شيئًا من التمر والودك» (2) .
ثم فتح الله على المسلمين، وأصبح المال العظيم يرسل إلى عائشة رضي الله عنها فبقيت على قناعتها وزهدها وأخذت تفرق المال على محتاجيه؛ فقد بعث إليها معاوية رضي الله عنه بمائة ألف درهم. قال عروة بن الزبير:"فوالله ما أمست حتى فرقتها،، فقالت لها مولاتها: "لو اشتريت لنا منها بدرهم لحمًا"! فقالت: "ألا قلت لي؟ " (3) .
لقد نسيت نفسها- رضي الله عنها، وفرقت مالها، واستمرت على قناعتها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أم ذرة قالت: "بعث ابن الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين يكون مائة ألف، فدعت بطبق؛ فجعلت تقسم في الناس، فلما أمست قالت: "هاتي يا جارية فطوري "، فقالت أم ذرة: "يا أم
(1) فتح الباري (1 / 639) .
(2)
أخرجه ابن حبان (684) والودك: دسم اللحم.
(3)
أخرجه أبو نعيم (2 / 47) ، والحاكم (4 / 13) .
المؤمنين! أما استطعت أن تشتري لنا لحمًا بدرهم؟ " قالت: لا تعنفيني، لو أذكرتني لفعلت"(1) .
فهل تقتدي نساء المسلمين بعائشة رضي الله عنها بدلًا من سرف الإنفاق على النفس وحظوظها والزينة؟! .
د- وكتب بعض بني أمية إلى أبي حازم - رحمه الله تعالى- يعزم عليه إلا رفع إليه حوائجه فكتب إليه: "قد رفعت حوائجي إلى مولاي، فما أعطاني منها قبلت، وما أمسك منها عني قنعت"(3) .
(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (8 / 67) ، وأبو نعيم في الحلية (2 / 47) .
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير والرواية الثانية له (6182، وأبو نعيم في الحلية (1 / 197) ، وصححه ابن حبان (706) .
(3)
الإحياء (3 / 239) ، والقناعة لابن السني (43) عن نضرة النعيم (3173) .