الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء]
وقول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة» .
وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب» . رواه مسلم.
ولهما عن زيد بن خالد رضي الله عنه، قال:«صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلفا انصرف أقبل على الناس فقال: " هل تدرون ماذا قال ربكم "؟ . قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» .
ولهما من حديث ابن عباس معناه، وفيه: قال بعضهم: " لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآية:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} إلى قوله: {تُكَذِّبُونَ}
فيه مسائل: الأولى: تفسير آية الواقعة.
الثانية: ذكر الأربع التي من أمر الجاهلية.
الثالثة: ذكر الكفر في بعضها.
الرابعة: إن من الكفر ما لا يخرج من الملة.
الخامسة: قوله: " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر " بسب نزول النعمة.
السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع.
الثامنة: التفطن لقوله: " لقد صدق نوء كذا وكذا ".
التاسعة: إخراج العالم للمتعلم المسألة بالاستفهام عنها لقوله: " أتدرون ماذا قال ربكم؟ ".
العاشرة: وعيد النائحة.
باب الاستسقاء بالنجوم لما كان من التوحيد الاعتراف لله بتفرده بالنعم ودفع النقم، وإضافتها إليه قولا واعترافا بها على طاعته كان قول القائل: مطرنا بنوء كذا وكذا، ينافي هذا المقصود أشد المنافاة لإضافة المطر إلى النوء.
والواجب إضافة المطر وغيره من النعم إلى الله، فإنه الذي تفضل على عباده.
ثم الأنواء ليست من الأسباب لنزول المطر بوجه من الوجوه، وإنما السبب عناية المولى ورحمته وحاجة العباد وسؤالهم لربهم بلسان الحال ولسان المقال، فينزل عليهم الغيث بحكمته ورحمته بالوقت المناسب لحاجتهم وضرورتهم.
فلا يتم توحيد العبد حتى يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة عليه وعلى جميع الخلق، ويضيفها إليه ويستعين بها على عبادته وذكره وشكره.
وهذا الموضع من محققات التوحيد، وبه يعرف كامل الإيمان وناقصه.