الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الأول
إعلم أَنه لم يُكَلف الله تَعَالَى أحدا من عباده بِأَن يكون حنفيا أَو مالكيا أَو شافعيا أَو حنبليا بل أوجب عَلَيْهِم الْإِيمَان بِمَا
بعث بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَالْعَمَل بِشَرِيعَتِهِ غير أَن الْعَمَل بهَا مُتَوَقف على الْوُقُوف عَلَيْهَا وَالْوُقُوف عَلَيْهَا لَهُ طرق فَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يشْتَرك بِهِ الْعَوام وَأهل النّظر كَالْعلمِ بفريضة الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصَّوْم وَالْحج وَالْوُضُوء اجمالا وكالعلم بِحرْمَة الزِّنَا وَالْخمر واللواطة وَقتل النَّفس وَغير ذَلِك مِمَّا علم من الدّين
بِالضَّرُورَةِ فَذَلِك لَا يتَوَقَّف فِيهِ على إتباع مُجْتَهد وَمذهب معِين بل كل مُسلم عَلَيْهِ اعْتِقَاد ذَلِك
فَمن كَانَ فِي الْعَصْر الأول فَلَا يخفي وضوح ذَلِك فِي حَقه وَمن كَانَ فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخر فلوصول ذَلِك إِلَى علمه ضَرُورَة من الْإِجْمَاع والتواتر وَسَمَاع الْآيَات وَالسّنَن أَي الْأَحَادِيث الشَّرِيفَة المستفيضة المصرحة بذلك فِي حق من وصلت إِلَيْهِ
وَأما مَالا يتَوَصَّل إِلَيْهِ إِلَّا بِضَرْب من النّظر وَالِاسْتِدْلَال فَمن كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ بتوفر آلاته وَجب عَلَيْهِ فعله كالأئمة الْمُجْتَهدين رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَمن لم يكن لَهُ قدرَة عَلَيْهِ وَجب عَلَيْهِ اتِّبَاع من أرشده إِلَى مَا كلف بِهِ
مِمَّن هُوَ من أهل النّظر وَالِاجْتِهَاد وَالْعَدَالَة وَسقط عَن الْعَاجِز تَكْلِيفه بالبحث وَالنَّظَر لعَجزه بقوله تبارك وتعالى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} وَقَوله عز من قَائِل {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} وَهِي الأَصْل فِي اعْتِمَاد التَّقْلِيد كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُحَقق الْكَمَال ابْن الْهمام فِي التَّحْرِير