المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بيان معنى المعروف] - القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [التهاون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب ضياع الدين]

- ‌فصل [في بيان أن أغلب الأقطار تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌فصل [في بيان أن من أشراط الساعة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌فصل [أسباب التهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌فصل [في بيان معنى المعروف]

- ‌فصل [في بيان منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌فصل [فضل وفضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌فصل [في بيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب على كل مسلم بحسب قدرته]

- ‌فصل [في بيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر]

- ‌فصل

- ‌فصل [في بيان أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة من الكبائر]

- ‌فصل في تفنيد الاحتجاج بقوله تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فصل [في التحذير أن يخالف قول الآمر والناهي فعله]

- ‌فصل [في أن على ولاة الأمور الاهتمام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه من آكد الفرائض عليهم]

الفصل: ‌فصل [في بيان معنى المعروف]

لأوليائي كما يغضب الليث الحرد»، ويشهد لهذا ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب» . الحديث.

‌فصل [في بيان معنى المعروف]

والمعروف اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الإيمان والأعمال الصالحة.

قال الراغب الأصفهاني: المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه.

وقال ابن الأثير: هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع، ونهى عنه من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات الغالبة، أي أمر معروف بين الناس إذا رواه لا ينكرونه، وكذا قال ابن منظور في لسان العرب.

وأما المنكر، فهو اسم جامع لكل ما كرهه الله، ونهى عنه.

قال الراغب الأصفهاني: المنكر ما ينكر قبحه بالبصر أو البصيرة.

وقال أيضًا: المنكر كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه العقول، فتحكم بقبحه الشريعة.

وقال ابن الأثير: المنكر ضد المعروف، وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر، وكذا قال ابن منظور في لسان العرب. وقد روى البخاري في الأدب المفرد والطبراني في الكبير عن

ص: 26

قبيصة بن برمة الأسدي رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: «أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة» .

وقد روى الطبراني أيضًا في الكبير عن سلمان رضي الله عنه مرفوعًا مثله، ورواه البخاري في الأدب المفرد مختصرًا موقوفًا على سلمان رضي الله عنه.

ورواه الطبراني أيضًا في الكبير من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، ورواه الطبراني أيضًا في الصغير وأبو نعيم في الحلية من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.

ورواه الخطيب البغدادي والحاكم في مستدركه من حديث علي رضي الله عنه مرفوعًا، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي في ذلك، وهو ضعيف كما أشار إلى ذلك الذهبي.

ورواه الخطيب أيضًا من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا، ورواه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا.

ورواه الطبراني أيضًا في الصغير من طريق أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة» .

وقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن أبي عثمان النهدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

ص: 27

3هذه الأحاديث يشد بعضها بعضًا.

قال ابن الأثير في النهاية: ومنه الحديث أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، أي: من بذل معروفه للناس في الدنيا أتاه الله جزاء معروفه في الآخرة.

وقيل: أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود، فيشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معناه قال: يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة، فيغفر لهم بمعروفهم، وتبقى حسناتهم جامة، فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته، فيغفر له ويدخل الجنة، فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة.

قلت: ما ذكره ابن الأثير في معنى الحديث فيه نظر؛ لأن الحديث قد ذكر فيه أهل المعروف وأهل المنكر معا، وإنما يتجه ما ذكره ابن الأثير لو كان ذكر أهل المعروف مفردًا في الحديث، ولم يذكر معهم أهل المنكر، والظاهر في معناه أن من كان في الدنيا على ما يحبه الله من الإيمان والأعمال الصالحة، ومات على ذلك فهو من أهل المعروف في الآخرة؛ لأنه قد كان من أهل المعروف في الدنيا، وأهل المعروف في الجنة، ومن كان في الدنيا على ما كرهه الله، ونهى عنه، ومات على ذلك فهو من أهل المنكر في الآخرة؛ لأنه قد كان من أهل المنكر في الدنيا، وأهل المنكر في النار إلا من عفا الله عنه ورحمه.

وحاصل معنى الحديث أن كل عبد يبعث على ما مات عليه،

ص: 28

والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يبعث كل عبد على ما مات عليه» .

ورواه ابن ماجة، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يحشر الناس على نياتهم» .

وروى الإمام أحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يبعث الناس على نياتهم» .

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم» .

ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده بنحوه.

وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الجيش الذي يخسف به، قال: ثم يبعثون عن نياتهم، وروى مسلم أيضًا، وأبو داود الطيالسي وابن ماجة عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

وروى ابن ماجة أيضًا والترمذي عن صفية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وفي سنن أبي داود ومستدرك الحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو. فقال: «يا عبد الله بن عمرو، إن قاتلت صابرا محتسبًا بعثك الله صابرا محتسبًا، وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك الله مرائيًا مكاثرًا، يا عبد الله بن عمرو، على أي حال قاتلت، أو قتلت بعثك الله

ص: 29