الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 /
مقومات الجمال:
ولكي يكون الشيء جميلا، لا بد أن يتضمن الأمور الآتية:
أ-السلامة من العيوب: فكل شيء جميل، يدرك جماله وحسنه بسلامته من العيوب، وخلوه من أي خلل ونقص. وقد لفت القرآن الكريم النظر إلى التأكد من وجود هذه السمة في الجمال، وذلك بعد تسجيله بعض مظاهر الجمال في الكون، ففي الحديث عن جمال السماء، قال تعالى:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} فقد نصت الآية على جمال السماء وزينتها، وأنها سالمة من الشقوق. وما ذلك إلا نفيا للعيوب عنها، وتأكيدا على جمالها.
ب-التناسق والتنظيم: وهو سمة أخرى للجمال تقوم أساسا على التقدير والضبط والإحكام وتحديد نسب الأشياء بعضها إلى بعض، في الحجم والشكل واللون والحركة والصوت، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه السمة، مقررا اعتبارها في أصل الخلقة والتكوين، قال تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} سواء كان صغيرا أو كبيرا، ناطقا أو صامتا، متحركا أو ساكنا. إننا لو ألقينا نظرة فاحصة على الإنسان، لأدركنا التناسق الذي يتجمل به هذا المخلوق الصغير، ولعل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ، {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} إضافة إلى دلالته على الإحكام والتقدير والتسوية والتعديل، فانه يشير إلى دقة التناسق بين عقل الإنسان وروحه وجسده، والتناسق بين أعضاء جسمه وبين الأعضاء الأخرى، والتناسق بين أجهزة عضو من أعضائه، وبين سائر الأجهزة
ج-النص والتعيين: ليس كل جمال في هذا الكون الفسيح، مما يدركه الإنسان، دون أن يساعده في تعينه وحي من السماء، فإن الكون أوسع من أن يحيطه الإنسان بعقله المحدود، وقد يخفي عليه وجه الجمال في شيء من الأشياء لا لخلل يرجع إلى الشيء نفسه، أو كونه فاقدا للتناسق والتنظيم، ولكن لكون الإنسان عاجزا عن إدراكه، وقاصرا عن الإحاطة به، ولعل مجال الجمال المعنوي أكبر دليل على ذلك، إذ لو لم يتم النص عليه والتعيين له بالوحي، لما أدركه الإنسان، ولظل جاهلا دهرا طويلا بمجال رحب للجمال الذي لا غنى له عنه. وسيأتي تفصيل ذلك في الفقرة التالية: