الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: علم الأصوات النطقي
سبق أن أوضحنا أن ما يسمى بأعضاء النطق لها وظائف أخرى لا ترتبط بالكلام ولا حتى بإنتاج الصوت وأن هذه الوظائف بيولوجية في المقام الأول، فالرئتان تدفعان بالأوكسجين إلى الدم، والوتران الصوتيان "المثبتان في الحنجرة أو في تفاحة آدم" يعملان عند انضمام الواحد منهما إلى الآخر على سد القصبة الهوائية وعلى منع الطعام من دخولها، ويستخدم اللسان والأسنان في الطعام وهلم جرا، ومع هذا تشكل أعضاء النطق ما يمكن أن يوصف على نحو معقول بأنه نظام بيولوجي ثانوي، وهناك بعض الشواهد على تكيفها التطوري لإصدار الكلام، وتصنف الأصوات الكلامية في علم الأصوات النطقي بواسطة أعضاء النطق التي تصدرها والحالة التي تكون عيها عند إصدارها.
وتصدر أغلب الأصوات الإنسانية في كل اللغات بتحوير -بطريقة أو بأخرى- تيار الهواء الذي تدفعه الرئتان إلى أعلى القصبة الهوائية من خلال الزَّرْدمة "المسافة التي تفصل بين الوترين الصوتيين" بطول الجهاز النطقي، ويمتد الجهاز الصوتي من الحنجرة "إحدى النهايتين" إلى الشفتين وفتحة الأنف.
وإذا احتفظ بالوترين الصوتيين مغلقين وحدثت ذبذبة صوتية أثناء مرور الهواء من خلال الزردمة فإن الصوت الصادر يكون صوتا مجهورا، وإذا مر الهواء بدون ذبذبة الوترين الصوتيين فإن الصوت الصادر يكون صوتا
مهموسا، وهو ما يعد أحد التنوعات النطقية الشائعة، ومعظم الحركات في كل اللغات، وكل الحركات في اللغة الإنجليزية "باستثناء همس الكلام" مجهورة، وكل من الصوامت المهموسة، والصوامت المجهورة شائعة فيما بين لغات العالم حتى لو لم يعمل المميز بين الصوامت المهموسة والصوامت المجهورة دائما على تمييز صيغة عن أخرى في الوسيلة الصوتية، وتشمل الصوامت المهموسة [P] ، و [T] و [K] ، و [S] ، و [f] ، والأصوات المجهورة المناظرة هي [b] ، و [d] ، و [g] ، و [z] ، و [v] ، وعندما لا تمدنا الأبجدية الصوتية العالمية برمزين حرفين مختلفين للأصوات المتناظرة في الهمس والجهر فمن الممكن أن تستخدم العلامات الصوتية المميزة لرسم هذا المميز، والعلامة الصوتية للهمس دائرة صغيرة أسفل الحرف الرمز فعلى سبيل المثال تفترض الأبجدية الصوتية العالمية أن الحركات مجهورة ما لم تميز بصورة واضحة على أنها مهموسة، ومن هنا كانت [a] ، و [o][i]
…
إلخ، مهموسة، وتقابل الحركات المجهورة الآتية:[a] ، و [e] ، [i]
…
إلخ ومن الأهمية أن نذكر أنه على الرغم من حقيقة أن العلامات الصوتية المميزة تستخدم في حالة ولا تستخدم في حالة أخرى فإن العلاقة الصوتية بين [a] ، و [a] أو بين [e] ، و [e] هي العلاقة الصوتية نفسها التي تربط بين [b] و [p] أو بين [d] و [t] .
1-
الشفتان.
2 الأسنان.
3-
اللثة.
4-
الغار.
5-
الطبق.
6-
اللهاة.
7-
طرف اللسان.
8-
حافة اللسان.
9-
مؤخرة اللسان.
10-
الحلق.
11-
لسان المزمار.
12-
فتحة البلعوم.
13-
الوتران الصوتيان.
والبعد النطقي الثالث النفسية1، والأصوات النفسية تختلف عن الأصوات غير النفسية المناظرة لها فالأولى يصاحبها عند النطق بها نفخة زفير صغيرة "ومن الأنسب أن تعالج النفسية -عمليا- كجانب من البعد الخاص بالجهر والهمس أكثر من أن تعالج كمتغير مستقل تماما، إنه يعتمد على توقيت بدء الصوت وانتهائه فيما يتصل بخطوات النطق المصاحبة، وهناك صلات ثانوية أخرى لن نتطرق إليها هنا: التهميز، والتحنيك، والتدوير "للشفتين" والإطباق، والصوامت النفسية -وهي عادة مهموسة- توجد في لغات كثيرة منها اللغة الإنجليزية كما سنرى فيما بعد، وبدلا من أن نستخدم العلامة الصوتية في الأبجدية الصوتية العالمية المميزة للنفسية فإننا سنتبع ما شاع عمله هذه الأيام فنضع حرف h صغير بعد الرمز الحرف المناسب الخاص بالأبجدية الصوتية العالمية مباشرة، ومن هنا فإن [p h] هو المقابل النفسي لـ[p] .
وقد استخدمنا حتى الآن المصطلحين التقليديين صامت وحركة2 دون إيضاح لهما، وبقدر ما يلقى نطقهما من عناية تختلف الصوامت عن الحركات
1 النفسية "aspiration" مصطلح في علم الأصوات لنفس مسموع بوضوح يمكن أن يصاحب النطق بالصوت عند إصدار الصوامت الشديدة ويرمز لهذه الصفة عادة بالرمز h عقب أعلى الرمز الأساسي كما نرى في الكتابة الصوتية لكلمة pin] : pin] والنفسية يمكن أن تشعر بها متى وضعت مؤخرة يدك ملاصقة للفم عند نطق الكلمة وهو ما لا نلاحظه عند النطق بـ "bin"، وبعض اللغات "كاللغة الهندية" تجعل هذه الصفة للصوامت الشديدة المجهورة والمهموسة فيصبح لدينا التقابلات الآتية [p h] :[P] ؛ [b h] : [b] .
2 يقابل "الساكن"، و"الحركة" في التراث اللغوي العربي مصطلحي censonant"؛ "vowel" بيد أنه شاع في العصر الحديث ترجمتهما "بالصامت" و"الحركة" وثمة ترجمتان أخريان لمصطلح "vowel" هما "صائت" و"مصوت" "وردت الترجمة الأخيرة في ترجمة الدكتور عبد الصبور شاهين لكتاب العربية الفصحى لهنري فليش".
الصوامت تصدر عن طريق حد أو تضييق مؤقت لمجرى الهواء أثناء مروره في الفم بينما تصدر الحركات بدون أي سد أو تضييق لمجرى الهواء، والاختلاف الصوتي بين الصوامت والحركات -في الواقع- ليس مطلقا، فهناك أصوات كلامية معينة ذات حالة وسط، ولسنا في حاجة إلى الغوص في التفاصيل ونحن بصدد عرض بسيط وموجز للتصورات الأساسية لعلم الأصوات النطقي.
ويمكن تقسيم الصوامت إلى مجموعات عديدة تبعا لطبيعة إعاقة تيار الهواء، فقد تكون هذه الإعاقة تامة فيكون الصوت الصادر انفجاريا أو شديدا، وقد تكون هذه الإعاقة جزئية، فإذا كانت جزئية، وتسبب احتكاكا يمكن سماعه، بوضوح فيكون الصوت الصادر احتكاكيا1، أو رخوا ومن أمثلة الأصوات الانفجارية أو الشديدة [p] ، و [i] ، و [K] ، ومن أمثلة الأصوات الاحتكاكية، [f] ، و [e]، ويمكن أيضا تقسيم الصوامت إلى مجموعات طبقا لبعد آخر بواسطة مخرج الصوت2 أي: تبعا للمكان الذي
1 الاحتكاكي "fricative" مصطلح يستخدم في التصنيف الصوتي للصوامت على أساس حالة النطق، ويعرف كذلك بـ "spirant" ويشير إلى الأصوات التي تصدر عندما يضيق ما بين عضوين من جهاز النطق لدرجة تتيح للهواء أن يتحرك بينهما محدثا احتكاكا مسموعا.
2 مخرج الصوت "place of articulation" أحد الأبعاد الرئيسية المستخدمة في التصنيف الصوتي لأصوات الحديث ويشير إلى المكان الذي يصدر منه الصوت في الجهاز النطقي، ومن المعتاد أن يمثل هذا البعد تمثيلا أفقيا، ونتيجة لذلك يحذف من هذا البعد بعض التنوعات التي لا يمكن تحديدها إلا بصورة عرضية وذلك مثل ما إذا كان الصوت صادرا من جانب واحد من اللسان أم من الجانبين معا وهو ما يشمله المخرج، وتتناظر نقاط مخارج الأصوات الصامتة مع التقسيمات التشريحية الرئيسية: شفوي، وشفوي أسناني، وأسناني، ولثوي، وغاري، وغاري، وطبقي، ولهوي، وحلقي، وحنجري بيد أن هناك مواضع أخرى تنسب إلى المواضع السابقة، وذلك مثل مقدم اللثة "postalveolax".
تحدث فيه الإعاقة في الفم، وتوجد نقاط كثيرة غير محدودة بطول الجهاز النطقي يمكن فيها إعاقة مسار الهواء بواسطة أعضاء النطق المتحركة مثل الوترين الصوتين، واللسان، والأسنان، والشفتين
…
إلخ، ولا تستخدم اللغات سوى عدد قليل منها، ومخارج الأصوات التالية من بين تلك التي تستخدم في اللغة الإنجليزية واللغات المشهورة الأخرى "مع أنواع أخرى من النطق الثانوي أو بدونها".
المخرج الشفوي وفيه تتغلق الشفتان كما في [p] ، و [b] ، و [m] ، المخرج الشفوي الأسناني وفيه تتقابل الشفة السفلى مع الأسنان العليا وذلك مثل [f] ، و [v] ، وبينما [p] ، و [b] ، و [m] أصوات انفجارية فإن [f] ، و [v] أصوات رخوة "والأصوات الشفوية الاحتكاكية، والأصوات الشفوية الأسنانية الفموية منها والأنفية أقل شيوعا لكنها موجودة".
المخرج الأسناني1 وفيه تتصل مقدمة اللسان بالأسنان العليا كما في [t] ، و [d] ، و [n] ، و [..] ، و [..] .
المخرج اللثوي وفيه تتصل مقدمة اللسان باللثة "أصول الثنايا العليا" كما في [t] ، و [n] ، و [s] ، و [z] ، ويجب أن نذكر هنا أنه تستخدم رموز واحدة في الكتابة الصوتية العريضة لكل من الأصوات الأسنانية واللثوية الشديدة، ولذلك تقدم الأبجدية الصوتية العالمية
1 أسناني "dontal" مصطلح في التصنيف الصوتي للصوامت على أساس مخارجها الصوتية ويشير إلى الصوامت التي تصدر بالتقاء أسلة اللسان وحافته بالأسنان العليا أو العليا والسفلى معا، ومصطلح ذولقى أسناني "apico - dental" أكثر وضوحا بيد أنه أقل استخداما.
الإنجليزية مع الحرفين "K"، و"c" في أغلب البيئات الصوتية طبقية غير أنها تختلف من حيث مخرجها الطبقي لكنها في مواضع معينة "كما هو الأمر في كثير من اللغات" تقترب من أن تكون حنكية وذلك كما في key و cue، والصوت الرخو الطبقي المهموس [X] لا يوجد في النطاق النموذجي للإنجليزية "RP" لكنه موجود كصامت يقع في نهاية الكلمة loch في النطق الأسكتلندي وهو شائع في اللغة الألمانية وفي بعض اللهجات الأسبانية1، والصوت الطبقي الرخو المجهور [لا] أكثر ندرة في اللغات الأوروبية من نظيره المهموس غير أنه موجود في الإغريقية الحديثة "وفي بعض اللهجات الروسية".
المخرج الحنجري2 وفيه يتصل الوتران الصوتيان معا لحظة من الزمن ذلك كما في الصوت الشديد [؟] ، والصوتين الرخوين [h] ، و [h] ، وأولهما مهموس، وثانيهما مجهور، وحيث إن الوترين الصوتيين لا يمكن أن يتذبذبا عند إغلاقهما إغلاقا تاما فإنه لا يوجد صوت خنجري مجهور شديد بينما يوجد كل من الصوت المهموس الحنجري الرخو، والصوت المجهور الحنجري الرخو، والصوت الحنجري الشديد يرد كما لو أنه "حسب ما تدركه الحواس" صورة ذات
1 في اللغة الأسبانية الرسمية والأدبية المبنية على لهجة قشتالة -على كل حال- ما يطلق عليه الصوت الجوتا "sound - jota" في الصيغ مثل
kija "ابنة" وينطق عموما بوصفه احتكاكي طبقي خلفي أو لهوي ويكتب بالأبجدية الصوتية العالمية كالآتي [X] المؤلف.
2 الحنجرية [glottal] مصطلح يستخدم في تصنيف الصوامت على أساس المخرج الصوتي يشير إلى الصوت الصادر من الحنجرة وذلك بسبب غلق أو تضييق المسافة بين الوترين الصوتيين، والفكاك المسموع للغلق التام في الفتحة التي تفصل بين الوترين الصوتيين يعرف بالوقفة الحنجرية "glotal stop".
طابع اجتماعي لصوت [t] بين حركتين في صيغ مثل city و united و butter في لكنات مدنية عديدة في إنجلترا، واسكتلندا، ومانشستر، وبرمنجهام، وجلاسكو "بالإضافة إلى ذكرها -بما لا يلاحظ هكذا- في بيئات صوتية أخرى حتى في النطق النموذجي RP" لذا من الأهمية أن نؤكد أن هذا الصوت من وجهة النظر الصوتية صامت مستقل استقلالا تاما ولا يلتبس بالصوت [t] وأنه منتشر في لغات العالم.
وتميز الأبجدية الصوتية العالمية مخارج أخرى1 كثيرة لتصنيف الصوامت، وبعض هذه المخارج تحتاج إلى أن نشير إلى وصف صوتي كامل في اللغة الإنجليزية، ولما كنا بصدد توضيح المبادئ العامة للتصنيف النطقي للصوامت فإنه يكتفى ما تقدم، والرموز التي تناولناها حتى الآن "بالإضافة إلى عدد قليل آخر" ينتظمها الجدول الآتي رقم 1، ويضم صوامت مختارة من رموز الأبجدية الصوتية العالمية، "النفسية غير موجودة في الجدول إذ إن لهذه الخاصة في كل الحالات علامة صوتية مميزة، أما الرموز الخاصة بالأصوات الأنفية المهموسة فهي بالمثل تتركب بإضافة علامة صوتية مميزة "لرمز حرف مناسب".
1 وذلك مثل المخرج اللثوي الغاري palatal - "le alveo" مصطلح يستخدم في التصنيف الصوتي للصوامت على أساس المخرج الصوتي ويشير إلى الصوت الحادث من التقاء مقدمة اللسان بالمنطقة الأمامية من سقف الحنك "الغار" واللثة.
ونلاحظ أنه بينما يمثل البعد الرأسي في الجدول ما يمكن أن نعده حدا نطقيا مفردا "إذا أهملنا الاشتراك في المخرج وكذلك المخارج الثانوية" فإن البعد الأفقي ليس كذلك، ويوجد تنظيم هرمي فالأصوات الانفجارية تقابل الأصوات الاحتكاكية، وتصنف الأصوات الانفجارية إلى أصوات فموية في مقابل الأصوات الأنفية، وكل من الأصوات الانفجارية والأصوات الاحتكاكية تصنف إلى أصوات مهموسة تقابل أصوات مجهورة، وتعدد الأبعاد الخاصة بما نطلق عليه طريقة النطق يقابل البعد المفرد بالضرورة الخاص بمخرج الصوت وهو ما يتضح بصورة أفضل إذا ما تعمقنا في تصنيف الصوامت "تميز طوائف مثل الصوامت المكررة، والصوامت المستلة، والصوامت المائعة.. إلخ"، ولنحفظ هذه النقطة في ذهننا.
وتنتقل الآن إلى التحليل النطقي للحركات، ولما كانت الحركات "يقدر
ما يمكن أن تميز بشكل حاسم عن الصوامت" تتميز بغياب إعاقة تيار الهواء في الفم فليس لها مخرج صوتي بالمعنى الذي نعرفه في الصوامت، ويجب أن نضع في اعتبارنا الشكل الكلي للتجويف الفموي، فهو يتنوع بلا حدود في ثلاثة أبعاد وثيقة الصلة بالأصوات تسمى تقليديا الآتي: مغلق/ مفتوح "أو مرتفع/ منخفض"، وأمامي/ خلفي، ومستدير/ غير مستدير.
فالحركة المغلقة "أو المرتفعة" هي تلك الحركة التي يكون الفكان عند النطق بها منطبقين "وذلك لأن اللسان يكون في أعلى الفم" وفي المقابل فإن إصدار حركة مفتوحة "أو منخفضة" يتضمن فتح الفم بصورة أكثر اتساعا "وذلك بسبب انخفاض اللسان"، والحركتان [i] ، و [u] كلتاهما مغلقة "مرتفعة" والحركتان [a] ، و [a] كلتاهما مفتوحة "منخفضة".
والحركة الأمامية تصدر بتثبيت اللسان "وبصورة أكثر وضوحا النقطة العليا من اللسان بينما يكون بطبيعة الحال مثبتا من جذره في مؤخرة الفم" في اتجاه مقدم الفم، وتتضمن الحركة الخلقية تراجعا للسان والحركتان [i] ، [a] كلتاهما أمامية والحركتان [u] ، [a] كلتاهما خلفية.
والحركة المستديرة تصدر مع استدارة الشفتين، والحركة غير المستديرة تصدر بدون استدارتهما، والحركات [u] ، و [o] ، [
…
] كلها مستديرة، والحركات [i] ، و [e] ، و [..] ، و [a] كلها غير مستديرة، والحركة المعيارية رقم 5 [a] منفتحة إلى أقصى حد، وهي أيضا غير مستديرة.
وثمة نقاط يمكن أن نتناولها الآن بشكل مختصر تدور حول تصنيف الحركات وفق هذه الأبعاد الثلاثة، أولاها أنه ما دام كل بعد منها مستمرا فإن ما يميز بين حركتين من خلال الانفتاح، والخلفية، والاستدارة حالة تقريبية دائما، وعلى كل حال فقد صنع علماء الأصوات -بهدف توحيد مقاييسهم
الخاصة بالحركات- نظاما للحركات الأساسية1، وهذه الحركات الأساسية
1 الحركات الأساسية "cardinal vowels" مجموعة من النقاط المرجعية الشكلية ابتكرها عالم الأصوات البريطاني دانيال جونز Daniel Jones" "1881 - 1967" ليقدم وسائل أساسية لتعريف أصوات الحركات في اللغات، ويعتمد نظام الحركات الأساسية على مجموعة من الأحكام النطقية والسمعية، وهناك أربعة مستويات نظرية في ارتفاع اللسان يمكن تمييزها وهي: "1" الموضع الأعلى الذي يمكن أن يصل إليه اللسان دون حدوث احتكاك، "2" الموضع الأدنى الذي كون فيه اللسان قادرا على الإنجاز أما "3"، و"4" فهما المستويان المتوسطان اللذان يقسمان المسافة التي تتوسط ما بين "1"، "2" إلى منطقتين متساويتين في البعد، وباستخدام مقدمة اللسان دون استدارة الشفتين تصدر أربع حركات أساسية، وباستخدام مؤخرة اللسان تصدر أربع حركات أساسية أخرى وتأخذ هذه الحركات الأساسية رموزا رقمية من "1" إلى "8" حسب ترتيبها.
والحركات الأربعة الأساسية الأولى هي على الترتيب من أعلى إلى أسفل:
[e]، [i] [..] ؛ [a] والحركات الأربعة الأساسية الثانية هي على الترتيب من أسفل إلى أعلى:[o] ، [..] ، [a] ؛ [u] والأصوات الثلاثة الأخيرة تشتمل على عنصر استدارة الشفتين.
وإذا ما عكسنا وضع الشفة تصدر أنواع أخرى من الحركات هي الحركات الثانوية وتأخذ رموزا رقمية من "9" إلى "16".
والهدف من الشكل الرباعي المرسوم تقديم صورة تقريبية لدرجة حركة اللسان واتجاهه وتساعد خطوط إضافية على إقامة حدود المنطقة التي تعمل فيها أصوات الحركات الأساسية، وهذه الحركات الأساسية ليست حركات حقيقية بل هي نقاط مرجعية ثابتة يستطيع بها علماء الأصوات تحديد مكان حركات لغة من اللغات أو مقارنة الحركات الخاصة بلغات أو لهجات مختلفة ويمكن باستخدام العلامات أو الرموز الإضافية تخطيط مواضع الحركات على نحو أدق وثمة أطروحات أخرى عديدة لتقسيم المنطقة الخاصة بنطق الحركات تلقى الاهتمام بيد أن النظام الذي قدمه دانيال جونز لم يزل الأوسع انتشارا.
لا تحددها حركات أي لغة موجودة بالفعل ولكنها نقاط نظرية يمكن لعالم الأصوات المتمرس بالرجوع إليها أن يحدد موقع أصوات الحركات الخاصة بلغات معينة، وهو يستطيع أن يصدر تقريرات مثل: الحركة الموجودة في الصيغة الفرنسية pie التي يمكن كتابتها صوتيا هكذا [pi] تقترب اقترابا أوثق من الحركة المعيارية [i] إذا ما قورنت بالجزء الأول من الحركة الموجودة في النطق النموذجي [RP] للكلمة الإنجليزية pe التي يمكن كتابتها كتابة صوتية عريضة كالآتي [pi] ، أو كتابة صوتية أضيق "مشيرين إلى نفسه الصامت، وطول ازدواجية الحركة -على الرغم من عدم اطراده- وكميتها" كالآتي [phi] والحركات الثمانية المعيارية الرئيسية نجدها في الشكل رقم 2، وسنأتي الآن إلى الحركات المعيارية الثانوية، وسنلاحظ أن الحركات المعيارية 1، 4، 5، 8 أي:[i] ، و [a] ، و [a] ، و [u] النهايات النظرية لبعدي الانفتاح والخلفية، وفيما بين الحركتين [i] ، و [a] ، وفيها بين الحركتين [u] ، و [a] وبتوسط دقيق ومتساو نجد الحركتين نصفي المغلقتين [e] ، و [o] والحركتين نصفي المفتوحتين [..] ، و [a] .
والنقطة الثانية أنه في حين أن كل الحركات الأمامية في الشكل 2 غير مستديرة فإن كل الحركات الخلفية "باستثناء الحركة المعيارية رقم 5" مستديرة
وهذا لا يعني أن الحركات المستديرة أو الحركات الخلفية غير المستديرة غير موجودة، فكلا النوعين موجود بالتأكيد غير أنهما موجودان بشكل أقل شيوعا -وبالأخص الحركات الخلفية غير المستديرة- في اللغات الأوروبية، ولكل من الأبجدية الصوتية العالمية والنظام المتطور الخاص بالحركات المعيارية انحياز معين تجاه اللغات الأوروبية، غير أنه لكل حركة معيارية أساسية نظير فيما بين الحركات المعيارية الثانوية "الأمامية المستديرة والخلفية غير المستديرة" وتأخذ الأرقام رقم 9 إلى 16 فعلى سبيل المثال النظير الثانوي لـ[i] يكون رقم 9 حركة أمامية مستديرة "y" تقترب منها الحركة الموجودة في الكلمة الفرنسية tu، والنظير الثانوي لـ[u] يكون رقم 16 الحركة الخلفية غير المستديرة [w] وفي اللغة اليابانية حركات تشبه الحركة المعيارية الثانوية "w".
ومما يلاحظ كذلك أن الحركات الموجودة في الشكل رقم 2 تقع على جانبي الشكل الرباعي الذي تقل قاعدته عن قمته، ويعبر هذا الشكل عن حقيقة أن هناك -لأسباب- فسيولوجية من وجهتي النظر النطقية والسمعية- اختلافا يتعلق بالحركات المفتوحة أقل مما يتعلق بالحركات المغلقة في البعد الأمامي الخلفي فالاختلاف الموجود على سبيل المثال بين [a] ، و [a] أقل من الاختلاف الموجود بين [i] ، و [u] ، وهو ما ينطبق كذلك على الاستدارة، ولذلك فإن الاختلاف بين [i] و [u] أكثر من الاختلاف بين [a] ، و [a] في بعدين من ثلاثة "الاستدارة غير متصلة بشكل تام في حالة الحركات المفتوحة إلى أقصى حد"، ولهذا لم يكن من المدهش أن تتجه اللغات إلى امتلاك نظم للحركات غير المتناسقة تقل فيها مميزات الحركات المفتوحة عن مميزات الحركات المغلقة.
وأخيرا يجب أن نؤكد مرة أخرى أن الشكل الرباعي مثل حلقة ثلاثية
الأبعاد تشير رموز الحروف الخاصة بالأبجدية الصوتية العالمية في إطارها -باستثناء النموذج النظري- إلى مناطق أكثر من أن تكون نقاطا، وهناك فضلا عن ذلك -وعلى الأخص في منتصف الحلقة- مناطق لا تستخدمها الأبجدية الصوتية العالمية أو نظام الحركات المعيارية على نحو حسن على الإطلاق.
هناك الكثير إذن فيما يتصل بنطق الصوامت والحركات، وما قلناه مختصر وقائم على الاختيار على الرغم من أن تعاملنا مع الموضوع جعل من الواضح بما فيه الكفاية أن الصوامت والحركات مقتطعات من الكلام، وهي عبارة عن حزمة من الملامح النطقية كل ملمح مها يمكن أن يعالج كقيمة خلافية في بعد معين، فعلى سبيل المثال [m] صوت مجهور، شفوي، أنفي، شديد أي: له قيمة "مجهور" في البعد الخاص بالجهر، وله قيمة "شفوي" في البعد الخاص بمخرج الصوت "ألاساسي"، وله قيمة "الأنفية" في البعد الخاص بالأنفية، وله قيمة "الشدة" في البعد الخاص بانسداد مجرى الهواء أو إعاقته.
والأقواس [] التي تحيط بالكلمات: "مجهور"، "شفوي"
…
إلخ في الفقرة السابقة توضح أن هذه الكلمات مسميات لملامح صوتية، والآن يعيد الجدولان 2، 3، تصنيف بعض الصوامت والحركات التي قدمنا لها من قبل بوصفها مجموعة من الملامح، وهذه الملامح متزامنة وليست متعاقبة "بأي شكل من الأشكال" وهو ما سيدرك فيما بعد، وسندرك أيضا أنه من الواجب أن نرسم مميزا بين الملامح التي تعد متغيرا مستقلا والملامح التي لا تعد كذلك، لذا لا يمكن لصوت من أصوات الكلام أن يكون في أي وقت من الأوقات مهموسا، ومجهورا أو أنفيا وفمويا، والجدول رقم 2، والجدول رقم 3
يستخدمان في الإشارات الموجبة والإشارات السالبة لتجسيد هذه الحقيقة، واخترنا الإشارة الموجبة لـ[مجهور] ، و [أنفي]
…
إلخ، والإشارة السالبة لـ[مهموس] و [فموي]
…
إلخ، وكلها أطراف لثنائيات من الملامح ذات العلاقة المتبادلة، وبقدر ما يلقى المخرج الصوتي للصوامت من اهتمام يكون الوضع مختلفا، وصحيح أن الصامت إذا كان شفويا "بصفة أساسية" لا يمكن أن يكون أيضا أسنانيا أو طبقيا "بصفة أساسية" غير أننا لا نستطيع أن نعتبر [أسناني] أو [طبقي] إشارات سالبة فيما يتعلق بـ[شفوي] ، ويحدث كذلك أنه إذا ميز صامت بالإشارة الموجبة بخصوص إحدى القيم الخلافية الخاصة بمخرج الصوت في إحدى النقاط تكون باقي النقاط على طول البعد الخاص بمخرج الصوت مميزة بالعلامة 5 المحايدة وليس بالعلامة السالبة فيما يتعلق بالقيم الخلافية الأخرى، وهو ما يكون كذلك بقدر ما يلقى الاختلاف بين الأصوات الشديدة والأصوات الرخوة من اهتمام، ولا يمثل الجدول رقم 3 سوى ثلاثة أبعاد خاصة بالتصنيف النطقي للحركات تتعلق بشكل الفم، ومن اليسير أن يمتد الجدول رقم 3 في ضوء مناقشتنا السابقة ليمثل أيضا البعدين:"الجهر: الهمس"، و"الفموية: الأسنانية"، في الحركات، والجدولان 2، 3 سيكونان مفيدين في إحالات قادمة.
والجدول رقم 2 صوامت مختارة حللت إلى الملامح النطقية المكونة لها "والأصوات المجهورة الفموية المهموسة النفسية لها ما يمثلها أما الأصوات الشديدة المجهورة النفسية الفموية منها والأنفية، والأصوات الأنفية المهموسة فلا يوجد ما يمثلها ومخارج الأصوت محدودة -بفرض التوضيح- في ثلاثة مخارج: المخرج الشفوي، والمخرج الأسناني، والمخرج الطبقي، ويمكن أن يتسع الجدول بسهولة ليشمل كل الصوامت الواردة في الجدول رقم 1 مع نظائرها النفسية".
والجدول رقم 3 حركات مختارة حللت إلى مكوناتها "وهذا الجدول لا يتضمن الحركة [3] ، [..] ولا يميز بين الحركة نصف المفتوحة، والحركة نصف المغلقة، إنه لا يعتبر [e] ، و [o] مفتوحتين ولا مغلفتين.
غير أنه من الواجب أن نثير الآن قضية التقطيع ذاتها، كيف نقرر أن دفعة معينة من الكلام محللة من وجهة نظر على علم الأصوات النطقي تتكون من كذا وكذا من القطع المرتبة بشكل متسلسل؟ وإذا كان عرض الأساس المحدد لعملية التقطيع الصوتي سهل إلى حد بعيد فإنه ليس كذلك عند التطبيق بدون كمية كبيرة من الأحكام الاعتباطية إلى حد ما في أمثلة بعينها ونحن نقيم الحدود
بين القطع "وبالتالي نقيم القطع نفسها" في تلك النقاط التي يوجد فيها تغير في القيمة لدى بعد نطقي واحد أو أكثر على سبيل المثال كالتغير من [الشفوي] إلى [الأسناني] ، ومن [المجهور] إلى [المهموس] ، ومن [الخلفي] إلى [الأمامي] ومن [الأنفي] إلى [الفموي] وهذا المبدأ يكون عادة صعب التطبيق وذلك لأن التغييرات في القيمة ليست حاسمة دائما، وامتدادات الصوت بين التغييرات المتتابعة للقيمة ليست حالات مطردة إلى حد بعيد1. وأكثر من ذلك لا يدخل عادة في حسابنا -إزاء هذا الغرض- انتقالات في ملامح معينة "مثل بداية الجهر أو النفسية في الصوامت" ما لم تكن هناك أسباب فونولوجية تدعو لذلك "انظر: 3 - 4" وعليه فإن السؤال عن عدد الأصوات الكلامية الموجودة في صيغة معينة -دون الرجوع إلى البنية الفونولوجية لنظام لغوي معين أو للنظم اللغوية عموما- لا يسمح عادة بإجابة محددة، وهذا شيء يجب دائما أن يكون في الذهن عند الإشارة إلى معطيات لغوية مكتوبة صوتيا.
ويعد ذلك في الواقع أحد مساوئ النظام الألفبائي للكتابة الصوتية فهو يشجع غير المتخصصين على الاعتقاد في أن الكلام عبارة عن توليف سلسلة من الأصوات الكلامية، وينبغي على أي فرد يستخدم الأبجدية الصوتية أن يمرن نفسه على التعامل معها كسلسلة من الرموز تمثل القول المنطوق فعلى سبيل المثال يجب عليه [.....] ألا يكون قادرا فحسب على تحليل [t] إلى ملامحها المتزامنة [مهموس] ، و [أسناني]
…
إلخ، وكذلك فيما يتعلق بكل صوت من الأصوات الكلامية الخمسة الممثلة هنا، بل يجب أيضا أن يلاحظ مباشرة
1 الحركات المزدوجة تختلف من الناحية الصوتية عما يعرف بالحركات الخالصة أو الصوامت المفردة إذ إنها ليست أصوات مطردة الحالة "المؤلف".
أن ملمح [الهمس] يمتد إلى قطعتين، وأن كل من [الجهر] ، و [الأنفية] يمتد إلى ثلاثة قطع وهلم جرا، وهذه الملامح:[الهمس] ، و [الجهر] ، و [الأنفية] لا تنقطع بسرعة ولا تبدأ بسرعة بين [T] و [..] أو بين [M] ، و [
…
] ، أو بين [
…
] و [u] وعندما تشترك قطعتان أو أكثر في ملمح مفرد بهذه الطريقة "وعلى الأخص إذا كان ملمحا خاصا بالصوامت يتعلق بمخرج الصوت" فإنها توصف بشكل شائع بالتجانس في المخرج ""يصدرها عضو واحد""، ونستطيع أن نقول بصورة أعم إن هناك اتجاها لتماثل الأجزاء المتتابعة "بقدر ما تكون قطعا تميزها المعايير المذكورة أعلاه" لتصبح متماثلة في مخرج الصوت أو صفته أو في كليهما، وهذه الحقيقة لها أهميتها الخاصة في التحليل الفونولوجي للغات.
ويتضح مما قلناه أن أي ملمح صوتي يمكن في الواقع أن يكون ممتدا فوق قطع صوتية متتابعة، ويمكن تبعا لذلك أن يكون ملمحا تطريزيا، فعلى سبيل المثال [الجهر] ملمح تطريزي في [amba] ، والأنفية ملمح تطريزي في [
…
] وهلم جرا، ومع ذلك يقتصر مصطلح "ملمح تطريزي" على الملامح التي تصنف تصنيفا فونولوجيا وليس تصنيفا صوتيا مثل الطول، والنغمة، والنبر وسوف نعود إلى هذه الفكرة بمعنييها في قسم آخر.
ويجب على كل حال أن نؤكد أن التعامل مع القطع الصوتية والملامح التطريزية الواردة في هذا الكتاب انتقائي إلى حد بعيد، وهناك بقدر ما تلقى القطع الموجودة بالقوة من اهتمام فجوات خاصة بتقسيم الأصوات الكلامية من أنواع مختلفة لم تذكر بعد وذلك مثل الأصوات المائعة، والأصوات الانزلاقية والأصوات الانفجارية الاحتكاكية
…
إلخ، ويرجع ذلك إلى أن الهدف ليس تقديم تصنيف كامل للاختلافات النطقية ولكن توضيح الأسس العامة فقط.