المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: الوحدات الصوتية والصور الصوتية - اللغة وعلم اللغة

[جون ليونز]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: اللغة

- ‌أولا: ما اللغة

- ‌ثانيا: بعض تعريفات اللغة

- ‌ثالثا: السلوك اللغوي والنظم اللغوية

- ‌رابعا: اللغة والكلام

- ‌خامسا: وجهة نظر سيميولوجية

- ‌سادسا: تصور التجانس

- ‌سابعا: لا توجد لغات بدائية

- ‌الفصل الثاني: علم اللغة

- ‌أولا: فروع علم اللغة

- ‌ثانيا: هل "علم اللغة" علم

- ‌ثالثا: المصطلحات والرموز

- ‌رابعا: اللغة وصفي وليس معياريا

- ‌خامسا: أولوية الوصف التزامني

- ‌سادسا: البنية والنظام

- ‌الفصل الثالث: أصوات اللغة

- ‌أولا: الوسيلة الصوتية

- ‌ثانيا: التمثيل الصوتي والهجائي

- ‌ثالثا: علم الأصوات النطقي

- ‌رابعا: الوحدات الصوتية والصور الصوتية

- ‌خامسا: الملامح المميزة والفونولوجية التطريزية

- ‌سادسا: البنية الفونولوجية

- ‌الفصل الرابع: النحو

- ‌أولا: النحو، والتصريف، والصرف

- ‌ثانيًا: الصواب النحوي والإنتاجية والاعتباطية

- ‌ثالثا: أجزاء الكلام وأصناف الصيغ والفصائل النحوية

- ‌رابعا: بعض التصورات النحوية الإضافية

- ‌خامسا: مكونات للبنية

- ‌الفصل الخامس الدلالة

- ‌أولا: اختلاف المعنى

- ‌ثانيا: المعنى المعجمي "التجانس وتعدد المعنى والترادف

- ‌ثالثا: المعنى المعجمي "المعنى والدلالة الذاتية

- ‌رابعا: الدلالة والنحو

- ‌خامسا: معنى الجملة ومعنى القول

- ‌سادسا: علم الدلالة الشكلي

- ‌الفهارس

- ‌قائمة المصطلحات

- ‌المحتوى:

الفصل: ‌رابعا: الوحدات الصوتية والصور الصوتية

‌رابعا: الوحدات الصوتية والصور الصوتية

من الآن ستكون عنايتنا بعلم الأصوات "دراسة الوسيلة المنطوقة" بقدر ما يتصل بالتحليل الفونولوجي للنظم اللغوية فحسب، وتوجد نظريات عديدة في الفونولوجيا، وتتمايز هذه النظريات بين فونيمية وغير فونيمية تبعا لما إذا كانت هذه النظريات الفونولوجية تجعل من الفونيمات "الوحدات الصوتية" العناصر الأساسية للتحليل أم لا ومن النظريات الصوتية الفونولوجية ما يعرف باسم "علم الفونيمات الأمريكي الكلاسيكي"، ومع أن هذه النظرية قد تخلى عنها معظم اللغويين فهي ذات أهمية جديرة بالاعتبار في فهم تطور معظم النظريات الحديثة، وفضلا عن ذلك فإن لهذه النظرية فوائد تربوية نظرا لسهولة تصورها وبساطتها إذا ما قورنت بنظريات أخرى كثيرة، لذا سنكرث هذا القسم لإيضاح الأفكار الأساسية لعلم الفونيمات الأمريكي الكلاسيكي، وقد استفيض في هذه الأفكار في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وسنركز على هذه الأفكار والمصطلحات التي سوف نستخدمها فيما بعد وسنتجنب المزيد من التفصيل.

وتحدد الفونيمات في إطار النظرية التي نتناولها هنا بواسطة معيارين: أولهما التماثل الصوتي، وثانيهما التوزيع "ويتبع المعيار المهيمن الذي نجد تطبيقاته في كل نظريات الفونولوجيا ألا وهو التقابل الوظيفي: انظر ما يلي"، وقد رأينا في القسم السابق أن التماثل الصوتي حالة تقريبية متعددة الأبعاد، ويتبع ذلك أن صوتا كلاميا معينا قد يماثل صوتا كلاميا ثانيا في بعد واحد أو أكثر بينما يختلف عنه ويماثل غيره في بعد واحد أو أكثر، والنتيجة العملية لهذه الحقيقة -بقدر ما يلقى التحليل الفونيمي من اهتمام- أن المحلل يواجه عادة بحلول بديلة عندما يأتي مشكلة تحديد الأصوات الكلامية التي تشكل معا

ص: 118

تنوعات أو -بتعبير أكثر تقنية- صورا صوتية للفونيم الواحد، وفي هذه النقطة يمكن أن يطبق معايير متكاملة متنوعة "سوف نهملها" ويمكن أن يبقى مع ذلك مجال للاختلاف حول عدد الفونيمات الموجودة في لغة معينة وصورها الصوتية الموجودة في سياقاتها المختلفة حتى عندما يتوسل بهذه المعايير المتكاملة وعلى الرغم من الانطباع الأول المأخوذ من مقررات أساسية كثيرة فهناك شك ضئيل في أن تفشل النظرية الأمريكية الكلاسيكية في إيجاد تحليل فونولوجي متميز ومقبول على المستوى العالمي لكثير من اللغات.

ونتحول الآن إلى فكرة التوزيع، وهذه الفكرة -كما سنرى خلال هذا الكتاب- لا تتصل بالفونولوجيا فحسب لكنها تتصل أيضا بالنحو والدلالة، وتوزيع كيان ما -باختصار- مجموعة السياقات التي يذكر فيها خلال جمل لغة ما، ومصطلح كيان يؤخذ بمعناه العام قدر الإمكان، وبقدر ما يلقى القسم الحالي من اهتمام يظل مشتملا على الأصوات الكلامية والملامح الصوتية من ناحية والفونيمات من ناحية أخرى، ومفهوم التوزيع يفترض سلفا مفهوم صحة التركيب "انظر 2 - 6" ويعني ذلك -بقدر ما تلقى الفونولوجيا من اهتمام- أن ما يجب أن نتعامل معه ليس ببساطة صيغ نظام لغوي موجودة بالفعل ولكن مجموعة من الصيغ صحيحة التركيب على المستويين الفونولوجي والصوتي، وفي كل اللغات الطبيعية صيغ موجودة بالفعل مستخدمة استخداما شائعا إلى حد ما "مستعارة بصورة متكررة من لغات أخرى" لا تتطابق مع الأنماط الفونولوجية الأعم، وهناك كثير من الصيغ التي لا وجود لها يدرك المتكلمون أنها صيغ كامنة -بالمعنى المناسب- في لغتهم أي إنها تطابق الأنماط العامة، ولنأخذ مثالا كلاسيكيا حاضرا إذ إن [brik] صيغة كلمة موجودة بالفعل وموجودة بالقوة "بالكتابة الصوتية العريضة" لاحظ أن [briek، [blik صيغة موجودة بالقوة وليست موجودة بالفعل، وأن

ص: 119

[baik*] من الناحية الأخرى ليست صيغة كلمة فهو موجودة بالفعل فحسب في اللغة الإنجليزية بل هي صيغة البنية من الناحية الفونولوجية "ومن ثم كانت العلامة النجمية"، وتوجد صيغ صحيحة البنية في اللغة الإنجليزية تبدأ بـ[bn] ؛1.

وإلى المدى الذي تكون فيه اللغات نظما محكومة بقانون فإن كل كيان لغوي يخضع للقوانين في نظام لغوي ما له توزيع مميز، ويكون لكيانين أو أكثر توزيع واحد إذا -وإذا فقط- ذكرا في المحيط نفسه أي: إذا أمكن استبدال الواحد منهما بالآخر "أي: إذا كانا يتصفان بإمكانية الاستبدال الداخلي" في كل السياقات "الخاضعة لشرط صحة البنية"، والكيانات التي يمكن استبدالها في بعض السياقات وليس جميعها تتداخل في التوزيع، والهوية التوزيعية يمكن لذلك أن تعد حالة محدودة من التداخل التوزيعي، وإذا كان "البعض" يلزم أن يندرج تحت "الكل" فإنها تعرف بحيث تقع في إطار تعريف التداخل، ولنعرفها من الآن فصاعدا كالآتي: الكيانات التي لا يمكن استبدالها في أي سياق تقع في إطار التوزيع التكاملي.

ونستطيع الآن تطبيق هذه الأفكار على قضية تعريف الوحدات الصوتية وصورها الصوتية، وبادئ ذي بدء يجب أن نذكر أن أي صوتين لا يمكن أن يكونا في وضع تقابل وظيفي ما لم يتداخلا في التوزيع: على الأخص الأصوات الكلامية التي لا تتداخل في التوزيع لا يمكن أن يكون لها وظيفة التمييز بين صيغة وأخرى، فعلى سبيل المثال هناك أصوات [L] عديدة ومختلفة من

1 فيما عدا ما يطلق علي الصيغ المختصرة "في النطق" التي توجد باعتبارها صور مختلفة في الكلام السريع أو الكلام العلمي "فعلى سبيل المثال [bni:o] باعتبارها صورة مختلفة مختصرة لـ[benie] ؛ beneath في النطق النموذجي "المؤلف".

ص: 120

الناحية الصوتية في النطق النموذجي "RP" للغة الإنجليزية، ومعظم هذه الأصوات تنقسم إلى مجموعتين يشار إليهما بصورة انطباعية بالمرققة، والمفخمة "وقد يكون لأفراد هاتين المجموعتين موضع أساسي واحد في النطق لكنها تختلف فيما إذا كان الجزء الرئيسي من اللسان متجها إلى مقدم الفم أو مؤخرته" ولا تذكران في موضع واحد في صيغ الكلمات: فأصوات [L] المرققة تقع قبل الحركات الأمامية داخل صيغ الكلمات، وأصوات [L] المفخمة تقع في بقية المواضع، واستبدال صوت [L] المرقق بالصوت المفخم المعتاد لنقل في feel لا يستطيع أن يغيرها إلى صيغة أخرى "على الرغم من أن ذلك قد يعمل على أن تبدو فيما يتصل بهذا الشأن أيرلندية أو فرنسية" وبالمثل فإن استبدال [L] المفخمة بـ[L] المرققة المعتادة لنقل في leaf لا يمكن أن تغيرها إلى صيغة كلمة أخرى موجودة بالفعل أو بالقوة، وعموما فما دامت كل أصوت [L] سواء منها المفخم والمرقق تقع في توزيع تكاملي فلا يمكن أن تكون في تقابل وظيفي فهي تناسب الشروط المذكورة التي تحدد الوحدة الصوتية وتحدد التماثل الصوتي والتوزيع التكاملي لها وتخصص على وجه العموم للوحدة الصوتية المفردة كما تخصص لصورها الصوتية أي ما يميزها من الناحية الصوتية، وما يميز أشكالها المختلفة تبعا للموضع، وهو ما يعد جوهر العناصر الفونولوجية التي يجب أن تكون في تقابل وظيفي في مكان ما على الأقل في النظام اللغوي.

والصور الصوتية دون الوحدة الصوتية ومع هذا فلها توزيع محكوم بقانون أي: إنها تتعلق في هذا الشأن بالنظام اللغوي بسبب ظهورها في الوسيلة الصوتية لكنها ليست عناصر في النظام اللغوي، وعناصر نظام لغوي ما "تبعا للنظريات الفونيمية في الفونولوجيا" هي وحداتها الصوتية "الفونيمات"، والوحدات الصوتية- حسب العرف- يمثلها الحرف الرمز "مع العلامات الصوتية المميزة أو بدونها" بما يتناسب مع الكتابة الصوتية العريضة لإحدى

ص: 121

الصور الصوتية التي يمكن تمييزها صوتيا وتوضع داخل الشرطتين المائلتين// فعلى سبيل المثال الوحدة الصوتية الإنجليزية /L/ لها كما لصورها الصوتية مجموعة من الأصوات الكلامية المتميزة صوتيا يمكن أن نميز كل صوت منها من غيره -عند الضرورة- في الكتابة الصوتية الضيقة وهكذا يكون لدينا طريقة أخرى للإشارة إلى الصيغ ألا وهي الطريقة الفونيمية أو بصورة أعم إذا عممنا استخدام الشرطتين المائلتين "كما سنفعل في هذا الكتاب" الطريقة الفونولوجية، ومن الأهمية أن ندرك -كما واضح من الشرح السابق- أن التمثيل الفونيمي ليس ببساطة كتابة صوتية عريضة.

وثمة نقطة أخرى يجب أن تثار، فكل الكتب الأساسية في علم اللغة تقدم غالبا شرحا غامضا ولا نقول هراء لمبدأ التقابل الوظيفي، فقد تذكر على سبيل المثال أن استبدال صوت [L] المرقق بصوت [L] المفخم في feel لا يغير معناها بينما استبدال صوت [r] بصوت [L] في كلمة lamb يغير معناها وهذا الكلام -بلا مواربة- خطأ فاستبدالـ[r] بـ[L] في كلمة lamb يغير الصيغة ولا يغير المعنى أي: إنها تغير صيغة lamb إلى صيغة ram حقا إن "lamb" و"ram""أي الكلمات التي تعد lamb و ram صيغا لها" تختلف في المعنى، ومن هنا فإن الأقوال التي تشتمل عليها سوف تختلف "بشكل عام" في المعنى، ولم تدفعني حذلقة علمية لا داعي لها إلى أن ألفت النظر إلى الشرح الغامض المتكرر لمبدأ التقابل الوظيفي، فالاختلاف في الصيغة لا يتضمن اختلافا في المعنى "انظر ظاهرة الترادف" كما أن الاختلاف في المعنى ليس المعيار الوحيد الذي تعتمد عليه في إقرار اختلاف الصيغة، وما إذا كان ممكنا أن يكون هناك اختلاف في الصيغة لا يرتبط بعلاقة متبادلة في بعض النقاط في نظام لغوي ما مع اختلاف ما في المعنى قضية خلافية تعتمد جزئيا على تعريفنا للمعنى، لكن ليس من شك في أن ما يوضع في الاعتبار عند شرح مبدأ التقابل الوظيفي هو تطابق الصيغة واختلافها وليس تطابق المعنى واختلافه.

ص: 122

والتداخل التوزيعي شرط ضروري -لكنه غير كاف- للتقابل الوظيفي، ومن الشائع إلى حد بعيد أن الأصوات الكلامية المختلفة على المستوى الصوتي يمكن تبادلها داخليا في السياق نفسه ومن ثم تكون بدائل حرة أي: إنها لا تكون في حالة تقابل وظيفي فعلي سبيل المثال [؟] و [t] يكونان في وضع البدائل الحرة عند كثير ممن يتكلمون اللغة الإنجليزية بطريقة النطق النموذجية "RP" في صيغة مثل brightness؛ [

n؟..] في مقابل [....tn

] أو that block؛ "....b؟

" في مقابل [....tb....] أي: قبل الصوامت الشديدة الفموية منها والأنفية، ولم يغير إبدال صوت كلامي بآخر هنا صيغة brightness أو tbat bloke إلى صيغة أخرى، وهو ما قد يمر في الواقع بلا ملاحظة، وفي حالات أخرى خاصة بما يعد عادة -لغرض التحليل الفونيمي- بدائل حرة فإن اختيار نطق معين دون آخر قد تحدده عوامل أسلوبية مختلفة الأنواع وبقدر ما يلقى التحليل الفونيمي من اهتمام فإن التقابل الوظيفي يمكن فهمه على أنه محدد للوظيفة المميزة أي: وظيفة تمييز صيغة عن أخرى، وما يمكن أن يكون مثار جدل كما يصر الفونولوجيون من أتباع مدرسة براغ أن الوصف الفونولوجي يجب أيضا أن يؤخذ في الاعتبار عند الاختلاف الأسلوبي "انظر 7 - 3".

ومن أقدم المكتشفات في الفونولوجيا وأعظمها أهمية أن الأصوات الكلامية التي في حالة تقابل وظيفي في لغة معينة قد تكون في حالة توزيع تكاملي أو تنوع حر في لغة أخرى فعل سبيل المثال [

] و [d] في حالة تقابل وظيفي في اللغة الإنجليزية "انظر there في مقابل dare" غير أنهما في حالة توزيع تكاملي "ربما مع بعض التنوع الأسلوبي" في اللغة الأسبانية القشتالية "انظر nada؛ [....] 1 في مقابل dos؛ [dos] ؛2 ويمكن أن تتعدد الأمثلة، والنقطة الهامة أن اللغات تختلف إلى حد بعيد فيما يتصل بالمميزات الصوتية التي تضعها لإدراك الصيغ "في الوسيلة الصوتية" التي تتركب منها الجمل، وهذه النقطة ثابتة ولا تعتمد على النظرية الفونولوجية التي تشرح في إطارها.

1 لا شيء.

2 اثنان.

ص: 123