المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الدعاوي والأيمان فيها - المحرر في الفقه على مذهب أحمد - ومعه النكت والفوائد السنية - جـ ٢

[مجد الدين بن تيمية - شمس الدين ابن مفلح]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب العتق

- ‌مدخل

- ‌باب التدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح

- ‌مدخل

- ‌باب شروط النكاح

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب حكم الشروط والعيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌كتاب الصداق

- ‌مدخل

- ‌باب حكم المسمى ومهر المثل

- ‌باب الوليمة

- ‌باب القسم

- ‌باب النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌مدخل

- ‌باب صريح الطلاق وكناياته

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌كتاب الرجعة

- ‌مدخل

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌مدخل

- ‌كتاب الظهار

- ‌مدخل

- ‌باب حكم كفارة الظهار وما في معناها وهن أربع

- ‌كتاب القذف واللعان

- ‌مدخل

- ‌باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق

- ‌كتاب العدد

- ‌مدخل

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌مدخل

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الزوجات

- ‌باب نفقة الأقارب

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجراح

- ‌مدخل

- ‌باب ما يشترط لوجوب القود

- ‌باب القود فيما دون النفس

- ‌باب استيفاء القود والعفو عنه

- ‌باب ما يوجب الدية في النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب أروش الشجاج وكسر العظام

- ‌باب مقادير الديات

- ‌باب العاقلة وما تتحمله

- ‌باب القسامة

- ‌باب كفارة القتل

- ‌كتاب الحدود

- ‌حد الزنا

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب حكم الصيال وجناية البهيمة

- ‌باب حد السكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب إقامة الحد

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب المرتد

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌باب قسمة الغنيمة وأحكامها

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة من الكفار

- ‌باب الأمان

- ‌باب الهدنة

- ‌باب عقد الذمة في أخذ الجزية

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌باب قسمة الفيء

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌مدخل

- ‌باب أدب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والأيمان فيها

- ‌باب تعارض البينات واختلافها

- ‌كتاب الشهادات

- ‌مدخل

- ‌باب شروط من تقبل شهادته

- ‌باب عدد الشهود وما يتبعه

- ‌باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة

- ‌كتاب الإقرار

- ‌مدخل

- ‌باب ما يحصل به الإقرار وحكم ما يصله به مما بغيره

الفصل: ‌باب الدعاوي والأيمان فيها

بينة وإن كان فيما قسمة قاسم نصبوه وكان فيما شرطا فيه الرضا بعد القرعة لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم.

وإذا تقاسما ثم استحق من الحصتين شيء معين فالقسمة بحال في الباقي.

وإن كان في إحداهما بطلت وإن كان شائعا فيهما أو في إحداهما بطلت أيضا وقيل لا تبطل في غير المستحق وقيل بالبطلان للإشاعة في إحداهما خاصة.

وإذا اقتسم الورثة العقار ثم ظهر دين على الميت لم تبطل القسمة إلا أن نقول القسمة بيع فيكون كبيع التركة قبل قضاء الدين وفي صحته روايتان أصحهما الصحة.

وإذا اقتسما دارا فحصل الطريق في حصة أحدهما ولا منفذ للآخر لم تصح القسمة وإن كان لها ظلة فوقعت في حصة أحدهما فهي له بمطلق العقد.

وولي المولى عليه في قسمة الإجبار بمنزلته وكذلك في قسمة التراضي إذا رآها مصلحة ويقسم الحاكم على الغائب في قسمة الإجبار

ص: 218

‌باب الدعاوي والأيمان فيها

المدعي من إذا سكت ترك والمدعي عليه من إذا سكت لم يترك ويختص اليمين المدعي عليه دون المدعي إلا في القسامة ودعاوي الأمناء المقبولة وحيث يحكم باليمين مع الشاهد أو نقول بردها.

فإذا تداعيا عينا في يد أحدهما فهي له مع يمينه بذلك إلا إن أقام له بينة فلا يحلف وإن كانت بأيديهما فهي بينهما مع تحالفهما إلا أن يدعي أحدهما نصفها فما دونه والآخر أكثر من بقيتها أو كلها فالقول قول مدعي الأقل مع يمينه فإن تداعياها وهي بيد ثالث فأقر بها لأحدهما بعينه فهي له مع يمينه ثم يحلف المقر للآخر على الأصح فإن نكل لزمه له عوضها وإن قال هي لأحدهما لا أعلم عينه فصدقاه في عدم العلم لم يحلف وإن كذباه أو أحدهما لزمه يمين واحدة بذلك ويقرع بينهما فمن خرجت له القرعة فهي له مع يمينه ولهما فعل

ص: 218

القرعة قبل تحليفه حيث يجب وبعده إلا إذا نكل عن يمينه فيتعين تقديمها.

ومتى قدمت لم يبق عليه حلف إلا للمقروع خاصة بشرط تكذيبه له فإن نكل عنه حينئذ لزمه له القيمة.

ولو جحدها الحالف فالقول قوله وعليه لكل واحد يمين فإن نكل لزمه لهما العين وعوضها يقترعان عليهما ويحتمل أن يتقسماها كالناكل الفذ لهما.

ومن ادعى عليه عين في يده ولا بينة فأقر بها لصبي أو مجنون أو غائب أقرت له في يده وأحلفه المدعي أنه لا يستحق تسليمها إليه فإن نكل لزمه له عوضها إن كان المدعي واحدا وإن كان اثنين تداعياها لزمه لهما عوضان إلا أن يقيم بينة أنها لمن سماه فلا يحلف.

وإن أقر بها لحاضر مكلف فصدقه فهو كأحد المتداعيين على ثالث إذا أقر له الثالث على ما سبق وإن قال المقر له ليست لي ولا أعلم لمن هي أو قال ذلك رب اليد ابتداء أعطيها المدعي الواحد والاثنان يقترعان عليها وقيل لا تعطى بغير بينة بل تجعل عند أمين الحاكم وقيل تقر في يد رب اليد وهو المذهب.

وعلى هذين الوجهين يحلف المدعي فإن عاد فادعاها لنفسه أو لثالث سمع على الوجه الثالث دون الأوليين وإن أقر بها لمجهول قيل له عرفه وإلا جعلت ناكلا عن الجواب فإن عاد فادعاها لنفسه فهل تسمع على وجهين.

وإذا تداعيا عينا ليست في يد أحد قسمت بينهما كالتي بأيديهما وقيل هي لأحدهما بالقرعة كالتي بيد ثالث.

وإذا تداعيا حيوانا أحدهما آخذ بزمامه والآخر راكبه أو عليه حمله أو قميصا أحدهما آخذ بكمه والآخر لابسه فهو للثاني.

وإن نازع صاحب الدار خياطا فيها في إبرة أو مقص أو قرابا في قربة فهي للخياط أو للقراب.

وإن تنازعا عرصة لأحدهما فيها بناء أو شجر فهي له.

ص: 219

وإن تنازع المؤجر والمستأجر في رف مقلوع أو مصراع وله شكل منصوب في الدار فهر لربها وإلا فهو لهما.

وإن تنازع الزوجان أو ورثتهما في قماش البيت فما يصلح للرجال كالعمامة والسيف فللرجل وما يصلح للنساء كحليهن وثيابهن فللمرأة وما يصلح لهما فبينهما حرين كانا أو رقيقين أو أحدهما نص عليه.

وكذلك إن اختلف صانعان في آلة وكان لهما حكم بآلة كل صنعة لصانعها في ظاهر كلامه وقيل إن كانت أيديهما عليه من طريق الحكم فكذلك وإن كانت اليد المشاهدة عليه منهما أو من أحدهما اعتبرت بكل حال.

ومن توجه عليه الحلف لحق جماعة فبذل يمينا واحدة لهم فرضوا جاز وإن أبوا حلف لكل واحدا يمينا ويحلف الإنسان على الميت في الإثبات والنفي إلا لنفي فعل غيره أو لنفي الدعوى على الغير فيحلف على نفي العلم وعنه في البائع يحلف لنفي عيب السلعة على العلم وعنه يمين النفي على العلم في كل شيء.

ومن لزمته يمين أجزأ أن يحلفه الحاكم بالله تعالى وحده.

وإن غلظها بزمان أو مكان أو لفظ جاز ولم يستحب فالزمان أن يحلفه

قوله: "وإن غلظها بزمان أو مكان أو لفظ جاز ولم يستحب".

وهذا اختيار القاضي وغيره وقطع به في المستوعب وغيره واختار أبو الخطاب الاستحباب كمذهب الشافعي.

وذكر الشيخ تقي الدين أن أحد الأقسام معنى الأقوال أنه يستحب إذا رآه الإمام مصلحة.

وقال ابن هبيرة واختلفوا في تغليظ الزمان والمكان فقال مالك والشافعي تغلظ وعند أبي حنيفة لا تغلظ وعن الإمام أحمد روايتين كالمذهبين.

ص: 220

بعد العصر أو بين الأذان والإقامة والمكان بمكة بين الركن والمقام وببيت المقدس عند الصخرة وبسائر البلاد عند منبر الجامع وأهل الذمة بالمواضع التي يعظمونها.

واختار الشيخ موفق الدين أن تركه أولى إلا في موضع ورد الشرع به وصح وقدم في الرعاية الكراهة.

واختار أبو بكر التغليظ في حق أهل الذمة فقط.

واختار الخرقي التغليظ في حق الكافر في المكان واللفظ.

فهذه نحو ثمانية أقوال في المسألة ولم أجد في وجوبه خلافا في المذهب.

فأما البينة فإنها تكون بموضع الدعوى ولا تغلظ بمكان ولا زمان ولا لفظ ذكره القاضي محل وفاق قاس عليه وسلم له.

قوله: "وبيت المقدس عند الصخرة".

كذا ذكر غيره وكأن ذلك إما لورود آثار لا يحتج بمثلها تدل على فضيلتها وبعضها مذكور في فضائل الشام وإما لأن العامة يعتقدون فيها ويعظمونها وهذان الأمران فيهما نظر أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأن اليمين لا تغلظ باعتقاد العامة كما لا تغلظ عند قبر بعض المشايخ أو بعض الشجر ونحو ذلك.

بأن له عند العامة عظمة واعتقاد وحظ وافر على أن كان يلزم تخصيص المسألة بالعامة لئلا يلزم أن يكون الدليل أخص وهذا يدل على إرادتهم المعنى الأول وهو غير صالح للحجة لضعف تلك الآثار وعدم وجوب الرجوع إلى قائلها وهو وهب وكعب ونحوهما.

قال الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم بعد ذكره هذه المسألة ليس لها أصل في كلام الإمام أحمد ونحوه من الأئمة بل السنة أن تغلظ اليمين

ص: 221

واللفط أن يقول "والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الطالب الغالب الضار النافع الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" ونحوه ويقول اليهودي "والله الذي أنزل التوراة على موسى وفلق له البحر وأنجاه من فرعون وملئه" ويقول النصراني "والله الذي أنزل الأنجيل على عيسى وجعله يحيى الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص" ويحلف المجوسي بالله الذي خلقه وصوره ورزقه.

وإن بذل الحالف اليمين بالله وأبى التعظيم لم يكن ناكلا.

فيها كما تغلظ في سائر المساجد عند المنبر ولا تغلظ اليمين بالتحليف عند ما لم يشرع للمسلمين تعظيمه كما لا تغلظ بالتحليف عند المشاهد ونحو ذلك.

قوله: "ويقول النصراني إلى آخره".

قال بعض الأصحاب تغليظ اليمين بذلك في حقهم فيه نظر لأن أكثرهم إنما يعتقد أن عيسى ابنا لله.

قوله: "ويحلف المجوسي إلى آخره".

لأنه يعظم خالقه ورازقه وذكر ابن أبي موسى أنه يحلف مع ذلك بما يعظمه من الأنوار وغيرها وفي تعليق أبي إسحاق بن شاقلا عن أبي بكر بن جعفر أنه قال ويحلف المجوسي فيقال له قل والنور والظلمة.

قال القاضي هذا غير ممتنع أن يحلفوا بها وإن كانت مخلوقة كما يحلفون في المواضع التي يعظمونها وإن كانت مواضع يعصى الله فيها كالبيع والكنائس وبيت النار.

قوله: "وإن بذل الحالف اليمين بالله وأبي التعظيم لم يكن ناكلا".

لأنه قد بذل الواجب عليه فيجب الاكتفاء به ويحرم التعرض له وفيه نظر لجواز أن يقال يجب التغليط إذا رآه الحاكم وطلبه وقد ذكر

ص: 222

ولا يستحلف في العبادات ولا في حدود الله تعالى.

القاضي في الجواب عن تغليظ الصحابة أنه روى عن زيد خلاف ذلك لأنه خاصم إلى مروان فتوجهت عليه اليمين فقال له زيد تحلف عند المنبر فقال زيد أحلف ههنا قال مروان لا بل عند المنبر فوزن المال قال القاضي ولو كان التغليظ واجبا أو منسوبا لم يجز أن يمتنع من الإجابة بعد أن دعا إليه انتهى كلامه.

وهذا يدل على أنه لا يجوز الامتناع منه إذا رآه الحاكم وعلى هذا يكون بامتناعه منه ناكلا عما يجب عليه فيكون كالنكول عن اليمين.

قال الشيخ تقي الدين قصة مروان تدل على أن القاضي إذا رأى التغليظ فامتنع من الإجابة أدى ما ادعى به عليه ولو لم يكن كذلك ما كان في التغليظ زجر قط.

وهذا الذي قاله صحيح والردع والزجر علة التغليظ كما ذكره جماعة من أصحابنا وغيرهم فلو لم يجب برأي الإمام لتمكن كل أحد من الامتناع منه لعدم الضرر عليه في ذلك وانتفت فائدته.

وقال أيضا متى قلنا هو مستحب للإمام فينبغي أنه إذا امتنع منه الخصم صار ناكلا.

قوله: "ولا يستحلف في العبادات ولا في حدود الله تعالى".

وعند الشافعي وأبي يوسف يستحلف في الزكاة ونحوها لأنها دعوى مسموعة يتعلق بها حق آدمي أشبه حق الآدمي واختاره ابن حمدان في الزكاة.

ووجه قولنا أنه حق له أشبه الصلاة والحد.

ولو ادعى عليه أن عليه كفارة أو نذرا أو صدقة أو غيرها فكذلك.

قال الشيخ موفق الدين لا تسمع الدعوى في هذا ولا في حد لله تعالى

ص: 223

_________

لأنه حق للمدعى فيه ولا ولاية له عليه ولا تسمع منه دعواه كما لو ادعى حقا لغيره من غير إذنه ولا ولاية وكذا ذكره ابن الزاغوني وغيره.

وذكر القاضي الحدود محل وفاق وأنه لا يصح دعواها ولا يجب سماعها ولا يسأل المدعى عليه عن الجواب عنها لكن قال شهادة الشهود دعوى منهم.

وذكر أيضا في موضع آخر أن الزنا والشرب ونحوه لا يسمع الاستعداء فيه والإعداء فيه وتسمع الشهادة به.

وذكر الشيخ موفق الدين في موضع آخر أن ما كان حقا لله كالحدود والزكاة والكفارة لا تفتقر الشهادة به إلى تقدم دعوى.

قال وكذلك مالا يتعلق به حق أحد كتحريم الزوجة أو إعتاق الرقيق يجوز الحسبة به ولا يعتبر به دعوى قال فإن تضمنت دعواه حقا مثل أن يدعى سرقة ماله لتضمين السارق أو ليأخذ منه ما سرقه أو يدعي عليه الزنا بجاريته ليأخذ مهرها منه سمعت دعواه ويستحلف المدعى عليه لحق الآدمي دون حق الله وكذا ذكره ابن عقيل فإن حلف برىء وإن نكل قضى عليه بالمال دون القطع.

وقال الشيخ تقي الدين فأما حقوق الله تعالى إذا تعلق بها حق آدمي معين أو غير معين على الفرق بين الزكاة وغيرها مثل أن يدعى على من يطلب ولاية المال أو النكاح أو الحضانة أنه فاسق فينكر ذلك فيحلف فإن مضمون اليمين الحلف على استحقاق الولاية أو على نفي ما يدفعها وهو بمنزلة أن يدعى على الحاضنة أنها تزوجت فتنكر أو تدعى على الولي أن ثم وليا أقرب منه وكذا لو ادعى القريب الإرث فقيل إنه رقيق فهل يحلف على نفي الرق كما يحلف لو ادعاه مدع وكذلك لو تعلق بصلاته وصيامه حق الغير مثل تعليق طلاق أو عتق به ونحو ذلك فهل يحلف على فعل ذلك لكن

ص: 224

_________

هذا الحق المتعلق به ليس له ولاء عليه فهو أمين محض بخلاف ما إذا كان الحق له أو عليه وكذلك إذا ادعى المشهود عليه فسق الشاهد مفسرا أو مطلقا فهل له أن يحلفه على نفي ذلك السبب أو على نفي الفسق وكذلك إذا ادعى في الشاهد ما يوجب رد الشهادة من قرابة أو عداوة أو تبرع أو صداقة ملاطفة على القول بها وأنكر الشاهد ذلك فهل له أن يحلف الشاهد على نفي ذلك.

وسواء كان الشاهد مزكيا أو جارحا لشاهد أو وال فادعى عليه تهمة توجب رد التزكية والجرح أو شاهد بغير صفة الشاهد والوالي.

ولا يقال الشاهد لا يحلف فإنما ذلك إذا ثبت ما يوجب قبول شهادته.

لكن يقال لا بد أن يعلم الحاكم ما يقبل معه في الظاهر ثم الشأن في وجود المعارض في الباطن أو فوات بعض الشروط في الباطن وإن لم يحلف الشاهد فهل يحلف المشهود له بأنه لا يعلم هذا القادح؟

وهذا متوجه إذا استحلفناه على ما شهد به في إحدى الروايتين التي قضى بها علي رضي الله عنه وابن أبي ليلى.

واليمين على حق الله المتعلق بها حق آدمي لها أصل في الشريعة وهو اللعان فإن دعوى الزنا دعوى ما يوجب الحد1 والقياس أن لا يمين فيها لكن شرعت إذا ادعاه الزوج لأن له حقا في ذلك وهو إفساد فراشه وإفساد العارية2 كما أقيمت يمينه مقام شهادة غيره في درء الحد عنه.

وهكذا دعوى السرقة لا يحلفه على ما ينفي القطع لكن على ما ينفي استحقاق

1 بهامش الأصل: الذي في نكت ابن شيخ السلامية عن الشيخ تقي الدين: "فإن دعوى الزنا توجب الحد".

2 بهامش الأصل: الذي في نكت ابن شيخ السلامية: "وإلحاق العارية".وهو أحسن.

ص: 225

ويستحلف المنكر في كل حق لآدمي إلا عشرة أشياء النكاح والطلاق والرجعة والإيلاء وأصل الرق والولاء والاستيلاد والنسب والقود والقذف وعنه يستحلف في الطلاق نحو الإيلاء والقود والقذف دون الستة الباقية وعنه يستحلف إلا فيما لا يقضي فيه بالنكول.

المال فينبغي أن يحلف أنه ما أخذ المال لا أنه ما سرق بخلاف القصاص وحد القذف وأما اليمين في المحاربة1.

فصل

ومما ينبغي أن يلاحظ الفرق بين اليمين في نفس كونه شهادة وفي صفته مثل أن يدعى المشهود عليه أن المال للشاهد أو أنه شريك وأنه جار بهذه الشهادة أو دافع بها فإن حقيقة الأمر أن يقول له لست بشاهد بل خصم مدع أو مدعى عليه فهنا يقوى تحليفه بخلاف الدعوى في صفته وحاله بعد تسليم أنه شاهد محض.

قوله: "ويستحلف المنكر في كل حق لآدمي".

للأخبار المشهورة في ذلك وكلامه يصدق على ما إذا علم صاحب الحق كذب الحالف.

قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن منصور إذا كان يعلم أن عنده مالا لا يؤدى إليه حقه فإن أحلفه أرجو أن لا يأثم.

قال القاضي وظاهر هذا أن له أن يحلفه مع علمه بكذبه.

وقال الشيخ تقي الدين هذا يدل على أن تحليف البريء حرام دون الظالم.

وقال أيضا إن هذه الرواية تدل على الجواز.

_________

1 كذا في الأصل

ص: 226