المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر رؤية بن العجاج - المذاكرة في ألقاب الشعراء

[الإربلي، النشابي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌ألقاب الشعراء

- ‌فصل فيمن لقب بشعر قاله

- ‌فصل في ذكر من لقب من الشعراء بعلامة من خلقه وبظاهر من لونه

- ‌فصل من لقب من الشعراء بفعل فعل غلب على اسمه

- ‌فصل من غلب اسم أمه على اسم أبيه

- ‌فصل من نسب إلى أبيه من الشعراء

- ‌أسماء المعرقين من الشعراء

- ‌ومن الشعراء المعرقين

- ‌نسب أبي سلمى

- ‌ومن قال الشعر من ولده، وولد ولده، وولد ولد ولده

- ‌ومن الشعراء المعرقين

- ‌ذكر عبد الرحمن بن حسان

- ‌ذكر سعيد بن عبد الارحمن بن حسان

- ‌ومن الشعراء المعرقين

- ‌ذكر جرير ولده

- ‌ذكر أم غيلان بنت جرير

- ‌ذكر بلال بن جرير

- ‌وولد بلال عقيل

- ‌وعمارة ولد عقيل بن بلال

- ‌ومن الشعراء المعرقين

- ‌ذكر مروان الأصغر

- ‌ذكر متوج بن محمود بن مروان بن أبي الجنوب بن مروان

- ‌ذكر من قال الشعر من ولد ابن ابي حفصة

- ‌ومن الشعراء المحدثين الذين هم بيت

- ‌ذكر دعبل بن علي بن رزين

- ‌ذكر أبي الشيص

- ‌ذكر عبد الله بن ابي الشيص

- ‌ومن الشعراء المعرقين

- ‌ذكر أبي عتاهية

- ‌ذكر أبي عبد الله محمد بن ابي عتاهية

- ‌المعرقون من الرجاز

- ‌ومن المعرقين في شعر الرجز، وهم الرجاز

- ‌ذكر العجاج

- ‌ذكر رؤية بن العجاج

- ‌الأخوة من الشعراء

- ‌ذكر أبي جندب بن مرة

- ‌المعرقون من القواد

- ‌ومن الشعراء المعرقين من القواد والأمراء والوزراء

- ‌ذكر ذي اليمينين طاهر بن الحسين

- ‌ذكر أبي العباس عبد الله بن طاهر

- ‌ذكر أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر

- ‌ذكر محمد بن عبد الله ابن طاهر، ابي العباس

- ‌ذكر سليمان بن عبد الله بن طاهر

- ‌أسماء شعراء الكتاب

- ‌وما يختار من اشعارهم

- ‌ذكر يعقوب بن الربيع

- ‌ذكر إبرهيم بن العباس

- ‌ذكر سعيد بن حميد ابن سعيد بن بختيار الكاتب

- ‌ذكر أحمد بن يوسف كاتب المأمون

- ‌ذكر الحسن وسليمان ابني وهب

- ‌ذكر محمد بن عبد الملك الزيات كاتب، ووزير

- ‌ذكر الحسن بن رجاء ابن أبي الضحاك الكاتب

- ‌شعراء عبيد العرب

- ‌وما احتضر من أخبارهم، واستحسن من اشعارهم

- ‌ذكر من سماه روح في قصيدته

- ‌الإماء من شواعر النساء

- ‌شعر المجانين

- ‌وما نخبره من أشعارهم

- ‌ذكر أبي حية النميري

- ‌ذكر ماني المجنون

- ‌ذكر أبي الفضل جعيفران المجنون

- ‌ذكر عباس المشوق المجنون

الفصل: ‌ذكر رؤية بن العجاج

وكان العجاج يرى المتعة بغير شاهد. وقيل: إنه قدم إلى والي اليمامة إمرأة، ادعى تزويجها، فأنكرت المرأة، فسأله البينة، فأنشد:

وفالقِ الحبِّ، وفلاقِ النوى

لقد مددنا أيدياً تحتَ الدجى

تحت. . . الليلِ، والليلُ يرى

صفتاً، وكلٌ معجبٌ بما اشترى

وله يهجو بنيه:

إنَّ بنيَّ للئامٌ زهدهْ

ما عندهمْ لأحدٍ من موددهْ

إلاّ كودِّ مسدٍ لقرمدهْ

فقال ولده رؤبة يجيبه:

عجاجُ ما كنتَ بأرضٍ مأسدهْ

إنَّ بنيكَ لكرامٌ مجدهْ

ولو دعوتَ، لأتوكَ حفدهْ

الاحتفاد: السرعة، والحفد في الخدمة.

وقيل: إن العجاج استقرض من بنته حومة بكراً، فمطلها به سنة وشهراً، وكان له جمل، يقال له جوجله، فسألته حومة أن يدفع إليها ذلك الجمل، بدلاً من بكرها، فقال العجاج:

قد أقرضتْ حومةُ قرضاً عسرا

ثمَّ تعدتْ بازلاً ضبطرا

حوجلة القبعثري الدمثرا

الدمثر: الكبير الفم.

فأجابته حومة:

يا أبتي زادكَ ربِّ وفرا

وزادَ في عمركَ، أيضاً، عمرا

بعد نسائي سنةً وشهرا

تمتعني حوجلةَ الدمثرا

وقال العجاج:

والشمسُ قد كادتْ تكونُ دنفا

أدفعها بالراحِ كي تزحلفا دنفا: تموت، أو تصفر للغروب. وتزحلف: تنحى وقال الآخر:

تنورتها من أذرعاتٍ، وأهلها

بيثربَ، أدنى، أدنى دارها نظرٌ عالِ

تنورتها: رأيت نارها.

ومثله:

أليسَ بصيراً من يرى، وهو قاعدٌ

بمكةَ، أهلَ الشامِ يختبزونا

قال بعضهم: رأى أهل الشام بمكة وهم يختبزون.

وقال إبن شبة: إجتمع على باب عبد العزيز كثير والعجاج ونصيب، فأبطأت عليهم جوائزهم، فأرادوا تحريكة، فقال كثير في ذلك:

ولقدْ علمتَ، وأنتَ تعلمهُ

أنَّ العطاءَ يشينهُ الحبسُ

وقال العجاج:

إني امرؤٌ قد ثبتتْ فراستي

فأنجزنَّ، يا هديتَ، حاجتي

وقال نصيب:

حتى متى حاجةٌ، لو شئتَ، قد قضيتْ

محبوسةٌ ما لها وردٌ ولا صدرُ

ويروى أن العجاج أنشد سليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز حاضر قوله:

يا خيرَ نفسٍ خرجتْ من نفسِ

خرجتَ بينَ قمرٍ وشمسِ

ومما يشبه هذا أن كعب بن زهير أشد أبا بكر، رضي الله عنه، قصيدة زهير، فلما بلغ إلى قوله:

لو كنتَ من شيءٍ سوى بشرٍ

كنتَ المنورَ ليلةَ القدرِ

والستر دون الفاحشاتِ، ولا

يلقاكَ، دونَ الخيرِ، من سترِ

فذرفت عينا أبي بكر، وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عيه وسلم.

‌ذكر رؤية بن العجاج

كان يكنى أبا الجحاف، وكان رجلاً كاملاً، وكان أبوه تزوج امرأة غير أمه، اسمها عقرب، فولدت له أولاداً، كان يؤثرهم على رؤبة، ويهب لهم الشيء بعد الشيء من الإبل والغنم وغير ذلك. فقال رؤبة: إن هذه الإبل أنا اكتسبتها لأبي، وما زلت أذب عنها، وأدور معها الغمرات، وأتبع بها الأرياف أرعاها، ويأخذها أبي ويعطيها لمن لا تعب فيها. فأخبر بذلك العجاج فقال:

لطالما أجرى أبو الجحافِ

لفرقةٍ، طويلةِ التجافي

لما رآني أرعشتْ أطرافي

وقد مشيتُ مشيةَ الدلافِ

كان مع الشيبِ من الدفافِ

إستعجلَ الدهرَ، وفيه كافِ

يخترمُ الألفَ مع الألافِ

ليسَ كذاكَ ولدُ الأشرافِ

وهو عليكَ واسعُ العطافِ

فلما سمع رؤبة شعر أبيه خرج إلى رعاء إبله، وقال: هو أعلم بالشعر مني، فاسمعوا ما أقول، فان كان شعراً فأنا شاعر، وإن لم يكن شعراً أقبلت على رعاء الإبل، فقالوا: هات ما سنح لك، فقال:

إنكَ لم تنصفْ أبا الحجافِ

وكان يرضى منكَ بالإنصافِ

فليتَ حظي من جداكَ الضافي

كفافِ، إنْ تتركني، كفافِ

قالوا: والله أحسنت، وسلكت طريق الشعراء، وما أبوك بأشعر منك.

قال: فوالله، لا أتبع ذنب بعير أبداً. وسمع أبوه فخرج إليه، وقال له: خدعك الشيطان، هات ما قلت، فوالله لأنت عندي أوغد من أن تقول شعراً، فأنشده، فقال: اشهدوا، إن أمر زوجتي عقرب بيده، قال: فاشهدوا إنها طالق من أبي، ثم عكف عليه.

ص: 28

قال: وبلغ العجاج أن رؤبة قال: أنا أشعر من أبي، فقال له أبوه أنت أشعر مني؟ قال: نعم، قال: ومن أين أتاك ذلك؟ قال: من حيث أتاك، إنك أشعر من أبيك رؤبة، فسكت.

وتنازعا معاً بحضرة عبد الملك بن مروان في قول:

وقاتمِ الأعماقِ خاوي المخترقْ

وكانت لرؤبة دون العجاج، فأخذها العجاج ثم أنشدها لعبد الملك، وأخذ جائزتها، فقال رؤبة لأبيه: ما أنشدت أمير المؤمنين؟ فقال:

وقاتم الأعماقِ خاوي المخترقْ

فقال: والله لقد سرقت شعري، ولست أفارقك أو تدفع إلي جائزتها، وإلا بيني وبينك عبد الملك. فرجعا إلى عبد الملك، فقال رؤبة: يا أمير المؤمنين، إن أبي سرق قصيدتي، وأنشدكها. فجحد أبوه أنها لولده، وقال: هي لي دونه، وأنا قائلها. فقال له: خل عن أبيك، فقد جاء عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن أحل، ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه ". فلا ضير إن اكتسب أبوك بشعرك. فأغاظ العجاج ما صنعه به ابنه رؤبة، فقال له: إن قلت وادعيته لنفسي، فأنا شاعر. فقال: إن كنت شاعراً فلست ابن شاعر، وأنا شاعر إبن شاعر. فأنشأ العجاج يقول:

يردُّ عليَّ الشعرَ منْ أمهُ

ثلاثينَ عرداًً في ثلاثِ ليالِ

فأجابه رؤبة:

فقد جدي جدتي، باابنَ جدتي

ثمانينَ عرداً في ثلاثِ ليالِ

فضحك عبد الملك حتى علا صوته، وأجازه كما أجاز أباه.

ومات رؤبة سنة خمس وأربعين ومائة. وفي اسمه لغات: روبة، غير مهموز، ورؤبة مهموز، وروبة بفتح الراء. وسئل يونس عن رؤبة المهموزة، قال: هي قطعة من خشب، يرأب بها القدح والجفنة. ورؤبة الفرس جماعه.

ورؤبة الليل: ساعة منه. ورجل رائب، ورجال روبى: تعني النعاس. ويقال: فلان لا يقوم برؤبة أهله: أي لا يقوم بما يسندون إليه من حوائجهم. ويقال: روب لبنك برؤبة، أي بخميرة تدرك بها اللبن.

قال الأصمعي: حدثنا رؤبة قال: دخل علي ذو الرمة، فسمع قولي فسرق أول أرجوزتي.

قال الأصمعي: دخلنا على أبي عمرو بن العلاء، فقال: سمعت رؤبة يقول: دخلت على أبي مسلم، بعد قتل مروان، وهو في بهو له بالشام، فسلمت عليه، فرد السلام وقال: أنشدني قصيدتك التي في وصف البعير، فقلت: بل أنشد مدحي فيك، وأنشأت أقول:

ما زالَ يأتي الأمرَ من أقطارهِ

على اليمينِ، وعلى يسارهِ

مشمرٌ لا يصطلي بنارهِ

حتى أقرَّ الملكَ في قرارهِ

فقال: ويحك أنشدني ما قلت لك أولاً، فقلت:

خفضتَ بيتاً ورفعتَ بيتا

في الأكرمين من قريشَ بيتا

فقال: ويحك أنشدني ما قلت لك أولاً، فقلت:

ما زال يبني خندقاً ويهدمهْ

وعسكراً يشرعهُ فيهزمهْ

ومغنماً يجمعهُ فيقسمهْ

مروانُ لما غرهُ منجمهْ

فقال ويحك أنشدني:

وقاتمِ الأعماقِ خاوي المخترقْ

فأنشدته، فلما انتهيت إلى قولي:

ترمي الجلاميدَ بجلمودٍ مدقْ

قال: قاتلك الله لقد صليت حافره. ثم دعا وصيفاً له وأسر إليه شيئاً. فقمت والوصيف في الباب، فأعطاني ألف دينار.

ومن معاني رؤبة:

قد رفعَ العجاجُ ذكري فادعني

باسمٍ، إذا الأسماءُ طالتْ، يكفني

وهذا المعنى من قول الآخر يمدح قيس بن معدي كرب:

قيسٌ أبو الأشعث بطريقُ اليمنْ

لا يسألُ السائلُ عنه ابن منْ

وأخذ هذا المعنى دعبل فقال:

إذا تسميتَ فذاكَ نسبي

ولستُ أحتاجُ إلى ذكرِ أبي

ومن أخبار رؤبة قال الأصمعي: إن رؤبة قال: كانت لي حاجة إلى بعض عمان السلطان، فاستشفعت ببعض أهل البصرة وبالشعر فلم تنجح، فرشوت فنلت حاجتي، فقلت:

لما رأيتُ الشعراءَ بلدوا

وسألوا أميرهم فأنكدوا

هزمتهم برشوةٍ فأقردوا

فسهلَ الله بها ما شددوا

وشبيه بهذا قول الأعرابي:

وكنتُ إذا أخصمتُ خصماً كبيتهُ

على الوجهِ، حتى خاصمتني الدراهمُ

فلما تنازعنا الخصومةَ صدقتْ

عليَّ، وقالوا: قمْ فانكَ ظالمُ

وكان دعبل إذا أنشد هذا البيت:

عليَّ، وقالوا: قمْ فانكَ ظالمُ

يصيح صيحة قوية في قوله: قم. فقيل له: لم تصيح؟ فقال: كذا صاحوا علي لما قالوا: قم.

ص: 29