الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كأنَّ المنايا تبتغي في خيارنا
…
لها ترةً، أو تهتدي بدليلِ
لتأتِ المنايا حيثُ شاءتْ، فإنها
…
محللةٌ بعدَ الفتى بن عقيلِ
فتًى كانَ مولاهُ يحلُّ بنخوةٍ
…
محلَّ الموالي بعدهُ بمسيلِ
أخذ هذا المعنى جماعة، منهم الأحنف، فقال:
لئن كانتِ الأحداثُ أطولنَ عبرتي
…
لفقدكَ، أو أسكنَّ قلبي التخشعا
لقد آمنتْ نفسي المصائبَ كلها
…
فأصبحتُ منها آمناً أنْ أروعا
فما أتقي للدهرِ، بعدكَ، نكبةً
…
ولا أرتجي للدهرِ، ما عشتُ، مرجعا
فسلمْ على اللذاتِ، واللهو، والصبى
…
تولى بها ريبُ الزمانِ فأسرعا
فأخذه ابن المقفع، فقال يرثي أبا عمرو بن العلاء:
رزينا، أبا عمروٍ، ولا حيَّ مثله
…
فللهِ صرف الحادثاتِ بمنْ يقعْ
فإنْ تكُ قد فارقتنا وتركتنا
…
ذوي خلةٍ، ما في السوادِ لها طمعْ
فقد جرَّ نفعاً فقدنا لكَ، أننا
…
أمنا على كلِّ الرزايا من الطمعْ
وأخذ هذا يعقوب بن الربيع فقل:
لئنْ كانَ قربكَ لي نافعاً
…
لبعدكَ أصبحَ لي أنفعا
لأني أمنتُ رزيا الدهورِ
…
وإن جلَّ خطبٌ، بأنْ أجزعا
وأخذه أبو نواس فقال:
طوى الموتُ ما بيني وبين محمدٍ
…
وليسَ لما تطوي المنيةُ ناشرُ
وكنتُ عليه أحذرُ الموتَ وحدهُ
…
فلم يبقَ لي شيءٌ عليه أحاذرُ
لئن عمرتْ دورٌ بمن لا نحبهُ
…
لقد عمرتْ ممنْ نحبُ المقابرُ
وقال العتبي:
فيا فجعةَ الدنيا بمن شبتُ بعدهُ
…
فسيانَ مضنونٌ به وضنينُ
وقال مروان:
رمتنا المنايا، يومَ بانَ، بحادثٍ
…
بطيءٍ تداني شعبه المتبددِ
فقلْ للمنايا ما أردتِ بقيةً
…
علينا، فعيشي كيفما شئتِ، وافسدي
وأنشد مؤرج:
وفارقتُ حتى ما أبالي من النوى
…
وإن بانَ جيرانٌ عليَّ كرامُ
فقد جعلتْ نفسي، على النأي، تنطوي
…
وعيني، على فقد الصديقِ، تنامُ
وقول الآخر:
روعت بالبينِ، حتى ما أراعُ له
…
وبالمصائبِ في أهلي وجيراني
لم يتركِ الدهرُ لي شيئاً أضنُّ به
…
إلا أتاهُ بموتٍ، أو بهجرانِ
ولله قول أبي الطيب إذ قال:
فصرتُ إذا أصابتني نصالٌ
…
تكسرتِ النصالُ على النصالِ
وها أنا لا أبالي بالرزايا
…
لأني ما انتفعتُ بأن أبالي
وقوله:
أنا الغريقُ، فما خوفي من البللِ
وقوله:
أنكرتُ طارقةَ الحوادثِ مرةً
…
حتى ألفتُ بها فصارتْ ديدنا
ذكر إبرهيم بن العباس
كان إبراهيم مولى لبني المهلب بن أبي صفرة. فلذلك كان يفخرفي شعره بالعرب، ويذهب فيه مذهبهم. ورأيت جماعة من أدباء أهل الموصل خاصة يقدمون إبراهيم لى شعراء الكتاب، ويقولون: قد جمع مع رقة شعره فخامة اللفظ وجزالته وإصابة المعنى. ولشعره ديباجة ورونق ظاهر فيه. وشعره لا يفرق بينه وبين شعر العرب في الجاهلية والمخضرمين. فمن شعره قوله:
لنا إبلٌ غنٌّ يضيقُ بها الفضا
…
وتفترُّ عنها أرضها وسماؤها
فمن دونها أن تستباحَ دماؤنا
…
ومن دوننا أن تستذمَّ دماؤها
حمىً وقرىً، فالموتُ دونَ مرامها
…
وأيسرُ خطبٍ، يومَ حقَّ فناؤها
وله ايضاً:
تلجُ السنونُ بيوتهم، وترى لها
…
عن بيت جارهمُ ازورارَ الناكبِ
وتراهمُ بسيوفهم وشفارهمْ
…
متسرعينَ لراغبٍ، أو راهبِ
حامينَ، أو قارينَ حيثُ لقيتهم
…
نهبَ العفاةِ، ونهزةً للراغبِ
ومما يتمثل به من شعره:
خلِّ النفاقَ لأهلهِ
…
وعليكَ فانتهج الطريقا
واذهب بنفسكَ أن ترى
…
إلا عدواً، أو صديقا
وقوله في الفضل بن سهل:
لفضلِ بن سهلٍ يدٌ
…
تقاصرَ عنها المثلْ
فنائلها للغنى
…
وسطوتها للأجلْ
وباطنها للندى
…
وظاهرها للقبلْ
وقوله:
أسدٌ ضارٍ إذا ما نعتهُ
…
وأبٌ برٌّ إذا ما قدرا
يعلمَ الأبعدُ إنْ أثرى، ولا
…
يعلمُ الأدنى إذا ما افتقرا
وله أيضاً:
ولكنَّ عبدَ الله لما حوى الغنى
…
وصارَ له من بين أخوانهِ مالُ
تلقى ذوي الخلاتِ منهم بمالهِ
…
فساهمهم حتى استوتْ بهمُ الحالُ
ومما يسحسن له من المراثي قولهك
لئنْ كنتَ ملىً للعيون، وقرةً
…
لقد صرتَ قرحاً للقلوب ِالصحائحِ
وهونَ ما بي أنَّ يومكَ مدركي
…
وأني غداً من أهلِ تلكَ الضرائحِ
أخذ هذا البيت من دريد بن الصمة في قوله يرثي أخاه:
وهونَ وجدي أنما هو فارطٌ
…
أمامي، وني واردُ اليومِ، أوغدِ
وأخذه الآخر فقال:
وهون ما ألقى من الوجدِ أنني
…
مجاوره في قبرهش اليومَ أو غدا
وقال إبراهيم في إخوانه:
يا منْ رمانيَ لما
…
رأى الزمانَ رماني
ومنْ ذخرتُ لدهري
…
فصارَ ذخرَ الزمانِ
لو قيل لي: خذْ أماناً
…
من أعظم الحدثانِ
لما التمستُ أماناً
…
إلا من الأخوانِ
وله أيضاً:
بلوتُ الزمانَ، وأهلَ الزمانِ
…
وكلٌ بلومٍ وذمٍ خليقُ
وله أيضاً:
دعوتكَ عن بلوى ألمتْ صروفها
…
وقدرتُ من ضغنٍ عليَّ سعيرها
وإني إذا أدعوكَ عندَ ملمةٍ
…
كداعيةٍ، بينَ القبورِ، نصيرها
وله أيضاً:
وإني وإعدادي لدهري محمداً
…
كملتمسٍ إطفاءَ نارٍ بنافخِ
أخذه من قوله:
والمستعينَ بعمروٍ عند شدتهِ
…
كالمستغيثِ من الرمضاءِ بالنارِ
وله أيضاً:
لئنْ صدرت بي زورةً عن محمدٍ
…
بمنعٍ، لقد فارقتهُ ومعي قدري
أليستْ يداً عندي لمثلِ محمدٍ
…
صيانته عن مثل معروفهِ شكري
وله أيضاً:
منْ يشتري مني إخاءَ محمدٍ
…
بلْ منْ يريدُ إخاءهُ مجانا
بلْ منْ يخلصُ من إخاءِ محمدٍ
…
ولهُ مناهُ كائناً من كانا
وله أيضاً:
كانَ إخاءٌ، فصارَ لي أملاً
…
فبتُّ بين الرجاءِ والأملِ
تصبحُ أعداؤهُ على ثقةٍ
…
منهُ، وأخوانهُ على وجلِ
وله ايضاً:
ولربَّ خدنٍ كانَ إنْ
…
عدَّ الصديقُ، يعدُّ وحدهْ
رفعتهُ عيني رتبةً
…
فذممتُ خلتهُ وعهدهْ
فالدهرُ كم من صاحبٍ
…
إبتزنيهِ، ثمَّ ردهْ
وكتب إبراهيم إلى إسحاق بن إبراهيم:
ولي ثناءانِ فاخترْ، والخيارُ لمن
…
في مثلك أنْ لا تأخذ الفينا
واعلمْ بأنكَ ما أسديتَ من حسنٍ
…
أو سيءٍ، أبداً، أوفيتكَ الثمنا
وكتب لرجل طلب شفاعته إلى عانمل السند، وركب في البحر:
إن امرءاً رحلتْ إليكَ به
…
في البحرِ بعضُ مراكبِ البحرِ
تجري الرياحُ به فتحملهُ
…
وتكفُّ أحياناً، فلا تدري
ويرى المنيةَ كلما عصفتْ
…
ريحٌ به للهولِ، والذعرِ
للمستحقِّ بأنْ تزودهُ
…
كتبَ الأمانِ له من الفقرِ
وكتب لأبي الهذيل المتكلم إلى أحمد بن يوسف:
إنَّ الضميرَ، متى سألتك حاجةً
…
لأبي الهذيل، خلافُ ما أبدي
فألنْ له كنفاً ليحسنَ ظنهُ
…
في غير منفعةٍ، ولا رفدِ
وامنعهُ دفعَ اليأسِ، ثمَّ امددْ لهُ
…
حبلَ الرجا بتخلفِ الوعدِ
حتى إذا طالتْ شقاوةُ جدهِ
…
بترددٍ، فأجبهُ بالردِ
ثم ختم الرقعة. وكان أبو الهذيل قد كف بصره، فلما خرج من عنده دفعها إلى من قرأها. فلما سمع ما فيها رجع إلى إبراهيم، فقال: ما هذا؟ قال: وما أنكرت؟ قال: كل ما كتبت. قال: يا ابا الهذيل أنت متكلم، والذي كتبت إليه كذلك، و، ما قلت:
إنَّ الضميَر متى سألتكَ حاجةً
…
لأبي الهذيل، خلافُ ما أبدي
فأبديت فيك المكروه، وضميري على خلافه، فإذا وقف على ما كتبت عاملك بخلاف ظاهره، فبرك وأكرمك، وأحسن سراحك. فانقطع أبو الهذيل.
وله في مغنية:
وغريرةٍ لما تغنت خلتنا
…
وكأننا، مما ننودُ، يهودُ
تمتْ محاسنها، وساعدَ صوتها
…
إذ رجعتهُ زميرها والعودُ
وكأننا في الخلدِ نسقى قهوةً
…
مشمولةً، وكأنها داودُ
وله أيضاً:
أما من معينٍ لصبٍّ حزينِ
…
كثير الأنينِ، طويلِ الحنينِ
وقد أثرَ الحزنُ في خدهِ
…
أخاديدَ تجري بماءِ الشؤونِ
عدوِّ الرقادِ، صديقِ السهادِ
…
صحيحِ الجفونِ، قريحِ الجفونِ
أخي زفراتٍ، تأوبنهُ
…
صباحَ، مساءَ لريبِ المنونِ
وله أيضاً:
نجومَ سماءِ الله تشهدُ أنني
…
إذا رقدَ العشاقً، أكلأها فردا