المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب عيش السلف - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية - جـ ١٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب اشتمال القرآن على جميع الأحكام إجمالاً وتفصيلاً

- ‌ باب الترهيب من الكذب

- ‌ بَابُ تَرْوِيحِ الْقُلُوبِ لِتَعِيَ

- ‌ باب التحذير من الكذب على رسول الله [صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ومن كذب عليَّ [متعمدًا] ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ

- ‌ كِتَابُ الرَّقَائِقِ

- ‌ بَابُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَقِصَرِ الْأَمَلِ

- ‌ بَابُ الْوَصَايَا النَّافِعَةِ

- ‌ بَابُ حُسْنُ الْخُلُقِ

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الدِّينِ، وَبَذْلِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ دُونَهُ

- ‌ بابٌ

- ‌ بَابُ الضِّيقِ عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا

- ‌ بَابٌ

- ‌ بَابُ فَضْلِ [الْعَمَلِ] الصَّالِحِ فِي الزمن السوء

- ‌ بَابُ وُقُوعِ الْبَلَاءِ بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ ابْتِلَاءً

- ‌ بَابُ الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ

- ‌ بَابُ ذَمِّ الْغَضَبِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْمَعْصِيَةَ مِنْ خوف الله تعالى

- ‌ بَابُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَةِ

- ‌ بَابُ التَّرْهِيبِ مِنْ مَسَاوِئِ الْأَعْمَالِ

- ‌ بَابُ التَّخْوِيفِ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌ بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌ بَابُ عَيْشِ السَّلَفِ

- ‌ بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْمُبَاهَاةِ بِالْمَطْعَمِ [وَالْمَلْبَسِ]

- ‌ بَابُ الْحَذَرِ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى، [وَكَثْرَةِ] الْمَالِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ [التَّقَلُّلِ] مِنَ الدُّنْيَا، وَمَدْحِ أهل الزهادة فيهم

- ‌ بَابُ فَضْلِ الرِّزْقِ فِي الْوَطَنِ

- ‌ بَابُ إِظْهَارِ عَمَلِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَخْفَاهُ

- ‌ بَابُ جَوَازِ الاحتراز بتَحْصِيلِ الْقُوتِ، مَعَ الْعَمَلِ [الصَّالِحِ]

- ‌ بَابُ التَّرْغِيبِ فِي التَّسْهِيلِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا

- ‌ بَابُ فَضْلِ مُخَالَطَةِ الناس، والصبر على أذاهم

- ‌ بَابُ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌ بَابُ ذِكْرِ الْأَبْدَالِ

- ‌ بَابُ بَرَكَةِ أَهْلِ الطَّاعَةِ

- ‌ بَابُ مَا يُكْرَمُ بِهِ الرجل الصالح

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُصَّاصِ وَالْوُعَّاظِ

- ‌ بَابُ كَرَاهِيَةِ تَنْجِيدِ الْبُيُوتِ بِالسُّتُورِ، وَالتَّبَقُّرِ فِي التَّزَيُّنِ

- ‌ بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْي

- ‌ بَابُ ذَمِّ الشُّحِّ

- ‌ بَابُ فَضْلِ مَنْ أَحَبَّ لقاء الله تعالى

- ‌ بَابُ التَّحْذِيرِ مِنَ الرِّيَاءِ، وَالدُّعَاءِ بِمَا يُذْهِبُهُ

- ‌ بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ مُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ

- ‌ بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا

- ‌ باب بقية التحذير من الرياء

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْجُوعِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْفَقِيرِ الْقَانِعِ

- ‌ بَابُ ذَمِّ الْكِبْرِ

- ‌ بَابُ الصَّمْتِ

- ‌ بَابُ الْإِيثَارِ

- ‌ بَابُ قِصَرِ الْأَمَلِ

- ‌ بَابُ السَّلَامَةِ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌ بَابُ الْحُزْنِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْحِدَّةِ

- ‌ بَابُ الِاسْتِعْطَافِ

- ‌ بَابُ خَيْرِ الْجُلَسَاءِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ سُكْنَى الْمَقَابِرِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ هَجْرِ الْفَوَاحِشِ

- ‌ بَابُ ثَمَرَةِ طاعة الله تعالى

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خشية الله تعالى

- ‌ بَابُ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ

- ‌ بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّنَطُّعِ

- ‌ بَابُ كَرَاهَةِ الْبِنَاءِ فَوْقَ الْحَاجَةِ

- ‌ بَابُ كَرَاهةِ سُكْنَى الْبَادِيَةِ، وَالزَّجْرِ عَنِ الْعُزْلَةِ بِغَيْرِ سَبَبٍ

- ‌ بَابُ مَحَبَّةِ الْمُؤْمِنِ لقاء الله تعالى

- ‌ كتاب الزهد والرقائق

- ‌ باب اجتناب [الشبهات]

- ‌ بَابُ فَضْلِ كتم الغيظ

- ‌ بَابُ تَقْدِيمِ عَمَلِ الْآخِرَةِ عَلَى عَمَلِ الدُّنْيَا

- ‌ بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ

- ‌ بَابُ النَّصِيحَةِ من الدِّينِ

- ‌ بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ [لَا يَأْتَمِرُ]

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى

- ‌ بَابُ فَضْلِ الْخَوْفِ من الله - تعالى - وَالْبُكَاءِ مِنْ خشيته

- ‌ بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْقِيَامَةِ

- ‌ كِتَابُ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ

- ‌ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ بَابُ التَّرْهِيبِ [مِنَ] الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌ بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ

- ‌ بَابُ جَوَامِعِ الدُّعَاءِ

- ‌ بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْإِفْرَادِ بِالدُّعَاءِ

- ‌ بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ بِالدُّعَاءِ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَعَا للقوم

- ‌ بَابُ الدعاء بكف واحد

- ‌ بَابُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِرْجَاعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وسؤال الله عز وجل كُلَّ شَيْءٍ

- ‌ بَابُ ما يقول إذ أَخَذَ مَضْجَعَهُ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَرِقَ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ مَنْ طَنَّتْ أُذُنُهُ

- ‌ بَابُ مَا يَقُولُ مَنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ

- ‌ بَابُ مَا يُرَدُّ بِالدُّعَاءِ مِنَ الْبَلَاءِ

- ‌ بَابُ دُعَاءِ الْمَرِيضِ

- ‌ بَابُ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ

- ‌ بَابُ الدُّعَاءِ لِلْغَيْرَى

- ‌ بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَالْوَلَدِ

الفصل: ‌ باب عيش السلف

18 -

‌ بَابُ عَيْشِ السَّلَفِ

ص: 210

3153 -

[1] قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الظَّهِيرَةِ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ:" مَا أَخْرَجَكَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟ "، فَقَالَ رضي الله عنه: أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَخْرَجَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ "، قَالَ رضي الله عنه:" أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَعَدَ عُمَرُ رضي الله عنه، وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: " هَلْ [بِكُمَا] قُوَّةٌ تنطلقان إِلَى هَذَا النَّخْلِ، فَتُصِيبَانِ طَعَامًا وَشَرَابًا وَظِلًّا؟ "، قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: " مُرُّوا بِنَا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ "، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَيْدِينَا، فَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وأم الهيثم رضي الله عنها وَرَاءَ الْبَابِ، تَسْمَعُ الْكَلَامَ وَتُرِيدُ أَنْ يَزِيدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَرَادَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْصَرِفَ خَرَجَتْ أم الهيثم رضي الله عنها خَلْفَهُمْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ سَمِعْتُ وَاللَّهِ تَسْلِيمَكَ /، وَلَكِنْ أردت أن تزيدنا مِنْ سَلَامِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَقَالَ: " أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟ مَا أُرَاهُ "، قَالَتْ: هُوَ قَرِيبٌ، ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ

⦗ص: 211⦘

لَنَا الْمَاءَ، ادْخُلُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي السَّاعَةَ إِنْ شاء الله تعالى، فبسطت لهم بِسَاطًا تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ وَفَرِحَ بِهِمْ، وَقَرَّتْ عَيْنُهُ بِهِمْ، وَصَعِدَ عَلَى نَخْلَةٍ فصرم عِذْقا، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" حَسْبُكَ يَا أَبَا الْهَيْثَمِ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْكُلُونَ مِنْ رُطَبِه ومن بُسْرِهِ وَمِنْ تَذْنُوبِهِ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بِمَاءٍ فَشَرِبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ "،

[[وَقَامَ أَبُو الْهَيْثَمِ لَيَذْبَحُ شَاةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِيَّاكَ وَاللَّبُونَ "]] (*)

وَقَامَتْ أم الهيثم رضي الله عنها تَعْجِنُ لَهُمُ وَتَخْبِزُ، وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رؤوسهم لِلْقَائِلَةِ، فَانْتَبَهُوا وَقَدْ أَدْرَكَ طعامهم، فوُضع الطعام بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وحمدوا الله تعالى وَرَدَّتْ عَلَيْهِمْ أم الهيثم رضي الله عنها بَقِيَّةَ الْعِذْقِ، فَأَكَلُوا مِنْ رُطَبِهِ وَمِنْ تَذْنُوبِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُمْ

⦗ص: 217⦘

.

3153 -

[2] وقال الْبَزَّارُ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى أَتَيْنَا مَنْزِلَ مَالِكِ بْنِ التَّيْهَانِ أَبِي الْهَيْثَمِ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه. وَزَادَ فِي آخره: " ثم دعا لَهُمْ بِخَيْرٍ "، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: لِأَبِي الْهَيْثَمِ: " إِذَا بَلَغَكَ أَنْ قَدْ أَتَانَا رَقِيقٌ فَأْتِنَا ". قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ رضي الله عنه: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ أَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم برقيق، أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَعْطَانِي رَأْسًا فَكَاتَبْتُهُ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَمَا رَأَيْتُ رَأْسًا كَانَ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى: فَحَدَّثْتُ بِهِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُسْلِمٍ الْمَكِّيَّ، فَحَدَّثَنِي بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فيه: قالت لهم أُمُّ الْهَيْثَمِ: لَوْ دَعَوْتَ لَنَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ ".

(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وأثبتناه عن بعض النسخ

ص: 210

3154 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدثنا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، ثنا الْمُحَارِبِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: [فَاتَنِي] الْعِشَاءُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكُمْ عَشَاءٌ؟ ، قَالُوا: لَا، وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا عَشَاءٌ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، فَلَمْ يَأْتِنِي النَّوْمُ مِنَ الْجُوعِ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فصلَّيت وتعلَّلت حَتَّى أُصْبِحَ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ تَسَانَدْتُ إِلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ بْنُ الخطاب رضي الله عنه فقال: من هذا؟ ، قلت: أبو بكر، قال: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي، فبينا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَرَنَا، فَقَالَ:" مَنْ هَذَا؟ " فَبَادَرَنِي عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ "، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: خَرَجْتُ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ سَوَادَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَذَكَرَ الَّذِي كَانَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" وَأَنَا وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْوَاقِفِيِّ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ، فَلَعَلَّنَا نَجِدُ عِنْدَهُ شَيْئًا يُطْعِمُنَا "، فَخَرَجْنَا نَمْشِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْحَائِطِ فِي الْقَمَرِ، فَقَرَعْنَا الْبَابَ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَفَتَحَتْ لَنَا فَدَخَلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيْنَ زَوْجُكِ؟ " قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ من حَشِّ بن حَارِثَةَ، الْآنَ يَأْتِيكُمْ، قَالَ: فَجَاءَ يَحْمِلُ قِرْبَةً حَتَّى أَتَى بِهَا [نَخْلَةً] وَعَلَّقَهَا عَلَى كِرْنَافَةٍ مِنْ كَرَانِيفِهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا،

⦗ص: 223⦘

فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، ما زار ناساً أَحَدٌ قَطُّ مِثْلُ مَنْ زَارَنِي، ثُمَّ قَطَعَ لَنَا عِذْقًا فَأَتَانَا بِهِ تجعلنا نُنَقِّي منه في القمر ونأكل، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَالَ فِي الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ - أَوْ قَالَ - إِيَّاكَ وذات الدَّرِّ ". فَأَخَذَ رضي الله عنه شَاةً، فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا، وَقَالَ لامرأته: قومي، فطحنت وَخَبَزَتْ وَجَعَلَتْ تَقْطَعُ فِي الْقِدْرِ مِنَ اللَّحْمِ وَتُوقِدُ تحتها حتى فرغ الخبز واللحم، فثرد وغرف عَلَيْهِ مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّحْمِ، ثُمَّ أَتَانَا بِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى القربة وقد [صفقتها] الرِّيحُ فَبَرَّدَ، فَصَبَّ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَ أَبَا بَكْرِ رضي الله عنه فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَ عُمَرَ رضي الله عنه فَشَرِبَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:" الحمد الذي الذي خَرَجْنَا لَمْ يُخْرِجْنَا إِلَّا الْجُوعُ، ثُمَّ رَجَعْنَا وَقَدْ أَصَبْنَا هَذَا، لتسألن عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَذَا مِنَ النَّعِيمِ "، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْوَاقِفِيِّ:" مَا لَكَ خَادِمٌ يَسْقِيكَ الْمَاءَ؟ " قَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ، فَأْتِنَا حَتَّى نَأْمُرَ لَكَ بِخَادِمٍ "، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَتَاهُ سَبْيٌ، فَأَتَاهُ الْوَاقِفِيُّ فَقَالَ:" مَا جَاءَ بِكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعْدُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، قَالَ:" هَذَا سَبْيٌ، فقم فاختر منه "، فَقَالَ: كُنْ أَنْتَ تَخْتَارُ لِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" خُذْ هَذَا الْغُلَامَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ "، قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَصَّ عَلَيْهَا / الْقِصَّةَ قَالَتْ: فَأَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُ؟ ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ كن أنت الذي تَخْتَارُ لِي، [قَالَتْ: قَدْ أَحْسَنْتَ، قَالَ لَكَ أَحْسِنْ إِلَيْهِ، فَأَحْسِنْ إِلَيْهِ] ، قَالَ: مَا الْإِحْسَانُ إِلَيْهِ؟ ، قَالَتْ: أَنْ تعتقه، قال: فهو حُرٌّ لوجه الله تعالى.

ص: 222

3155 -

وقال مُسَدَّد: حدثنا [بَشير بْنُ سُرَيْجٍ] عَنْ نُفَيْعِ بن الحارث قال: سَمِعْتُ أم سلمة رضي الله عنها [تَقُولُ] : " لَمْ يُنْخَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَقِيقٌ قَطُّ ".

ص: 226

3156 -

[1] وقال إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَتْ: حَفْصَةُ بِنْتُ عمر لعمر رضي الله عنهما: لَوْ أَنَّكَ لَبِسْتَ ثِيَابًا أَلْيَنَ مِنْ ثِيَابِكَ، وأكلت طعاماً ألين مِنْ طَعَامِكَ، فَقَالَ رضي الله عنه:" أنا أُخَاصِمُكِ إِلَى نَفْسِكِ، أَلَمْ تَعْلَمِي مِنْ أَمْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم [وأبي بكر] كَذَا وَكَذَا "، حَتَّى بَكَتْ. قَالَ رضي الله عنه:" قَدْ قُلْتُ لَكِ، وَلَكِنِّي أُشَارِكُهُمَا فِي عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ، لَعَلِّي أُشَارِكُهُمَا فِي عَيْشِهِمَا الرضي؟ ". فَأَقَرَّ بِهِ وقال: نَعَمْ

⦗ص: 233⦘

.

3156 -

[2] رَوَاهُ النسائي فِي الْكُبْرَى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عن إسماعيل، [عن أخيه النُّعمان] .

فَإِنْ كَانَ مُصْعَبٌ سَمِعَهُ من حفصة رضي الله عنهما، فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِلَّا، فَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

ص: 229

3157 -

[1] وقَالَ إِسْحَاقُ: أخبرنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أبي قال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بن إسحاق يقول: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، هُوَ القُرَظي، قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يُحَدِّثُ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي غَدَاةٍ شَاتِيَةٍ مِنْ بَيْتِي جَائِعًا حَرِضًا قَدْ أذلقني الْبَرْدُ، فَأَخَذْتُ إِهَابًا معطوباً قَدْ كَانَ عِنْدَنَا، فَجُبْتُهُ ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ فِي عُنُقِي، ثُمَّ حَزَمْتُهُ عَلَى صَدْرِي أَسْتَدْفِئُ بِهِ، وَاللَّهِ ما فِي بَيْتِي شَيْءٌ آكُلُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لَبَلَغَنِي، فخرجت في بعض نَوَاحِي الْمَدِينَةِ فاطلعت إلى يهودي في حائط مِنْ ثُغْرَةِ جِدَارِهِ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَعْرَابِيُّ، هَلْ لَكَ فِي كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ؟ ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَافْتَحِ الْحَائِطَ، فَفَتَحَ لي، فدخلت، فجعلت أَنْزِعُ دَلْوًا ويعطيني تمرة، حتى إذا مَلَأْتُ كَفِّي، قُلْتُ: حَسْبِي مِنْكَ الْآنَ، فَأَكَلْتُهُنَّ ثُمَّ كَرَعْتُ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم فِي عِصَابَةٍ من أصحابه رضي الله عنهم، إذ طلع عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ رضي الله عنه فِي بُرْدَةٍ لَهُ مَرْقُوعَةٍ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَرَأَى حَالَهُ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى، ثُمَّ قال:" كيف أنتم إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَرَاحَ فِي أُخْرَى، وَسُتِرَتْ بُيُوتُكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ؟ "، قُلْنَا: نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ، نُكْفَى المؤنة، وَنَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ. قَالَ [صلى الله عليه وسلم] : " أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ

⦗ص: 241⦘

".

3157 -

[2] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ نَحْوَهُ.

قلت: رواه الترمذي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهِ مُخْتَصَرًا

⦗ص: 243⦘

.

3157 -

[3] وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه بعض قصة التمر.

ص: 234

3157 -

[4] وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حدثنا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أبو رافع قال: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القُرَظي يحدث بأن أَهْلَ الْعِرَاقِ [أَصَابَتْهُمْ] أَزْمَةٌ، فَقَامَ بَيْنَهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَبْشِرُوا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يمر عليكم إلَاّ يَسِيرٌ حَتَّى تَرَوْا مَا يَسُرُّكُمْ مِنَ الرخاء واليسر، قد رأيتني بكيت ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا أَجِدُ شَيْئًا آكُلُهُ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَقْتُلَنِي الْجُوعُ، فأرسلت فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَطْعِمُهُ لِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" يَا بُنَيَّةُ، وَاللَّهِ مَا فِي الْبَيْتِ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إلَاّ ما ترى - لِشَيْءٍ قَلِيلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ - وَلَكِنِ ارْجِعِي فسيرزقكم الله تبارك وتعالى "، فَلَمَّا جَاءَتْنِي فأخبرتني، انقلبت وَذَهَبْتُ حَتَّى آتِيَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِذَا يَهُودِيٌّ عَلَى شَفِيرِ بِئْرٍ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، هَلْ لَكَ أَنْ تَسْقِيَ [نَخْلًا لِي] وَأُطْعِمُكَ؟ ، قُلْتُ: نَعَمْ. فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ أَنْزِعَ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَجَعَلْتُ أَنْزِعُ، فَكُلَّمَا نَزَعْتُ دَلْوًا أَعْطَانِي تَمْرَةً، حَتَّى امْتَلَأَتْ يَدَايَ مِنَ التَّمْرِ، فَقَعَدْتُ فَأَكَلْتُ ثُمَّ شَرِبْتُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا لَكَ بَطْنًا، لَقَدْ لَقِيتُ الْيَوْمَ خَيْرًا، ثم نزعت كذلك لِابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وَضَعْتُ فَانْقَلَبْتُ رَاجِعًا، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، إِذَا أَنَا بِدِينَارٍ مُلْقًى، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وأؤامر نفسي لآخذه أَمْ أَذَرُهُ، [فأبيت] إِلَّا أَخْذَهُ، وقلت: أستشير [بنت] رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتُهُ، فَلَمَّا جِئْتُهَا أخبرتها الخبر، فقالت: هَذَا رِزْقُ من الله تعالى فَانْطَلِقْ فَاشْتَرِ لَنَا دَقِيقًا، فانطلقت حتى جئت السوق، فإذا أنا بيهودي من يهود فَدَك يبيع دقيقاً مِنْ دَقِيقِ الشَّعِيرِ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ فَلَمَّا اكْتَلْتُ قَالَ: مَا أَنْتَ لِأَبِي الْقَاسِمِ؟ ، قُلْتُ: ابْنُ عَمِّي، وابنته امْرَأَتِي، فَأَعْطَانِي الدِّينَارَ، فجئتها فأخبرتها الخبر، فَقَالَتْ: هَذَا رِزْقُ من اللَّهِ عز وجل، فَاذْهَبْ بِهِ فَارْهَنْهُ بِثَمَانِيَةِ قَرَارِيطَ، ذَهَبٍ فِي

⦗ص: 245⦘

لَحْمٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُهَا بِهِ، فَقَطَّعْتُهُ لَهَا، [ونَصَبَتْ] ، ثم عجنت وَخَبَزْتُ، ثُمَّ صَنَعْنَا طَعَامًا وَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَنَا، فَلَمَّا رَأَى الطَّعَامَ قَالَ:" مَا هَذَا؟ أَلَمْ تَأْتِنِي آنِفًا تَسْأَلُنِي؟ "، [فَقُلْنَا] : بَلَى، اجْلِسْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُخْبِرْكَ الْخَبَرَ، فإن رأيته طيباً، أَكَلْتَ وَأَكَلْنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ:" هُوَ طَيِّبٌ، فَكُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ "، ثُمَّ قَامَ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِأَعْرَابِيَّةٍ تَشْتَدُّ كَأَنَّهُ نُزِعَ فُؤَادُهَا، / فَقَالَتْ: يَا رسول الله، أبي أُبْضِعُ مَعِي بِدِينَارٍ فَسَقَطَ مِنِّي، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَقَطَ، فَانْظُرْ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْ يُذْكَرَ لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ادْعِي لِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ "، فَجِئْتُهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبْ إِلَى الْجَزَّارِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَ: إِنَّ قَرَارِيطَكَ عَلَيَّ، فَأَرْسِلْ بِالدِّينَارِ "، فَأَرْسَلَ بِهِ، فَأَعْطَاهُ الْأَعْرَابِيَّةَ، فَذَهَبَتْ.

ص: 244

3158 -

وقَالَ عَبْدُ: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا أَبُو الْعَطُوفِ: الْجَرَّاحُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلْنَا فِي بَعْضِ حيطان الأنصار، فجعلنا نلتقط مِنَ التَّمْرِ ونأكل، فَقَالَ لي:" يا ابن عمر، مالك لَا تَأْكُلُ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَشْتَهِيهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:" لَكِنِّي أَشْتَهِيهِ، وَهَذِهِ صُبْحُ رَابِعَةٍ مُنْذُ لَمْ أَذُقْ طَعَامًا وَلَمْ أَجِدْهُ، وَلَوْ شِئْتُ دَعَوْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِي مِثْلَ مُلْكِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَكَيْفَ بِكَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ [يخبئون] رزق سنة وَيُضَعِّفُ الْيَقِينَ؟ "، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْنَا وَلَا ذَهَبْنَا حَتَّى نَزَلَتْ:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) } ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَأْمُرْنِي بِكَنْزِ الدُّنْيَا وَلَا اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ، فمن كنزها يريد بِهَا حَيَاةً بَاقِيَةً، فَإِنَّ الْحَيَاةَ بيد الله عز وجل، أَلَا وَإِنِّي لَا أَكْنِزُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا أَخْبَأُ رِزْقًا لِغَدٍ ".

ص: 247

3159 -

وقال الْحَارِثُ: حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: جَعَلَ عُرْوَةُ بن الزبير رضي الله عنهما لعائشة رضي الله عنها طَعَامًا، فَجَعَلَ يَرْفَعُ قَصْعَةً وَيَضَعُ قَصْعَةً، قال: فحوَّلت رضي الله عنها وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا عُرْوَةُ رضي الله عنه: كَدَّرْتِ عَلَيْنَا. فَقَالَتْ: " وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا رأى المناخل منذ بعثه الله تبارك وتعالى حَتَّى قُبِضَ ".

ص: 249

3160 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أم سلمة رضي الله عنها قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرَاشٍ حَشْوُهُ لِيفٌ، ووسادة حَشْوُهَا لِيفٌ، فَقَامَ صلى الله عليه وسلم فَأَثَّرَ بِجِلْدِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" يَا أُمَّ سَلَمَةَ، مَا يُبْكِيكِ؟ "، فقلت: مَا أَرَى مِنْ أثر هذا. فقال صلى الله عليه وسلم: " لا تَبْكِي، فَوَاللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ تَسِيرَ مَعِي الْجِبَالُ لَسَارَتْ ".

(121)

وحديث جَابِرٍ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ الْجَفْنَةِ فِي بيت فاطمة رضي الله عنها فِي مَنَاقِبِهَا.

ص: 251

3161 -

وقال مُسَدَّد: حدثنا هُشيم عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مسروق قال لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، قَالَ:" أَمُوتُ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عمر رضي الله عنهما، أما أني لَمْ أَدَعْ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ، إِلَّا مَا فِي سَيْفِي هَذَا، فَبِيعُوهُ وَكَفِّنُونِي بِهِ ".

ص: 253

3162 -

وقال أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَرْزَةَ رضي الله عنه: " كَانَتِ الْعَرَبُ: تَقُولُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ، فَلَمَّا افتتحنا خَيْبَرَ، أَجْهَضْنَاهُمْ عَنْ خُبْزَةٍ لَهُمْ، فَقَعَدْتُ عَلَيْهَا فَأَكَلْتُ حَتَّى شَبِعْتُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي عِطْفِي، هَلْ سَمِنْتُ؟ ".

ص: 254

3163 -

وقال أَبُو يَعْلَى: حدثنا مُحَمَّدٌ، هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي فَائِدٌ مَوْلَى عَبَادل، حدثني [عُبيد اللَّهِ بن علي] قال: أَنَّ جَدَّتَهُ سَلْمَى أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن جعفر رضي الله عنهم، فَقَالُوا: اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يَأْكُلَهُ. قَالَتْ لِلْحَسَنِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّا لَا نَشْتَهِيهِ الْيَوْمَ. فَأَخَذَتْ شَعِيرًا فَطَحَنَتْهُ وَنَسَفَتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خُبْزَةً، وَجَعَلَتْ أَدَمَهُ الزَّيْتَ، وَنَثَرَتْ عَلَيْهِ فُلْفُلًا، وَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِمْ، وَقَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ هذه، وَيُحْسِنُ أَكْلَهَا ".

أَخْرَجَهُ الترمذي فِي الشَّمَائِلِ.

ص: 255

3164 -

وقَالَ أَحْمَدُ في الزهد: حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا مَهْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَعْرَسَ ابْنُ أُخْتٍ لَنَا فَصَنَعَ طَعَامًا، فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ:" كَانَ الرَّجُلُ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْكُثُ أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ، فَإِذَا وجد جَلْدة، اجتزأ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، عَصَبَ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا ".

ص: 257

3165 -

وقال الْحَارِثُ: حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية نخلة وَمَعَنَا عَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ، وَكَانَ رَجُلًا لَطِيفَ الْبَطْنِ طَوِيلًا، فَجَاعَ فَانْثَنَى صُلْبُهُ، فَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ / أَنْ يَمْشِيَ فَسَقَطَ عَلَيْنَا، [فَأَخَذْنَا] صفيحة مِنْ حِجَارَةٍ، فَرَبَطْنَاهَا عَلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ [شددناها] إِلَى صُلْبِهِ فَمَشَى مَعَنَا، فَجِئْنَا حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَضَيَّفُونَا، فمشى معنا، ثم قَالَ:" كُنْتُ أَحْسَبُ الرجلين يَحْمِلَانِ الْبَطْنَ، فَإِذَا الْبَطْنُ يَحْمِلُ الرِّجْلَيْنِ ".

ص: 258