الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من مخالفات وأخطاء المؤذنين]
من مخالفات وأخطاء المؤذنين بعض المؤذنين يقعون في أخطاء ومخالفات في أذانهم سببها لهم الجهل بالدين أحيانا والاجتهاد من غير علم أحيانا أخرى، مع حرصهم على الخير واجتهادهم فيه، وهذه الأخطاء والمخالفات بعضها حدث في هذا الزمان القريب وبعضها وُجد منذ زمان مُتقدم ولا يزال موجودا حتى زماننا هذا، وما هذا إلاّ لقلة حرص الناس على طلب العلم وتعلّمه وتعليمه. ومن هذه الأخطاء.
1 -
التمطيط والتغني بالأذان.
قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله في كتابه: " الإبداع في مضار الابتداع " ومن البدع المكروهة تحريما التلحين، وهو التطريب أي التغني بهِ بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات ونقص حروفها أو زيادة فيها محافظة على توقيع الألحان فهذا لا يحلّ إجماعا في الأذان كما لا يحل في قراءة القرآن ولا يحلّ أيضا سماعه
لأن فيه تشبها بفعل الفسقة في حال فسقهم فإنهم يترنمون، وخروجا عن المعروف شرعا في الأذان والقرآن. اهـ (1) .
وذكر الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه تعليقا - أن عمر بن عبد العزيز قال لمؤذن: أذن أذانا سمحا وإلا فاعتزلنا، قال ابن حجر: والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع (2) .
وقال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - التطريب والتلحين هو ترقيق وترديدُ الصوت وتقطيعه حتى إنّ بعضهم لشدّة تلحينه وتطريبه يصبح كأنه يغني - أو نحو ذلك - وهذا مكروه، نعم مطلوبٌ تحسين الصوت في الأذان، لكن لا يصل إلى الحدّ الخارج عن العادة. ا. هـ (3) .
وبعض المؤذنين المطرّبين قد يحرص على التغني في أذانه حتى يقال: ما أجمل صوته، ما أحسن أذانه، خاصة في
(1) الإبداع ص176.
(2)
فتح الباري 2 / 87 - 88.
(3)
من سؤال وُجه إليه في درس من دروس شبرا (ربيع الآخر 1414هـ) .
يوم الجمعة في الأذان الثاني حيث يجتمع الناس في الجامع ثمّ يؤذن أَمامَهُم، وهذا - والعياذ بالله - قد اجتمع مع مخالفته بالتطريب مخالفة أخرى وهي أبرياء بالعمل - نسأل الله العافية - والأذان لم يشرع لإطراب الناس وإنما شُرع لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة.
2 -
اللحن والخطأ اللغوي في الأذان.
والمقصود باللحن ما يقع في أداء بعض المؤذنين من خطأ وتحريف وتغيير في نطق ألفاظ الأذان، وذلك بنطق حرف مكان حرف أو مدّ في غير موضع المدّ، أو مبالغة في المد في موضع مدّ طبيعي، وأشباه ذلك مما نسمعه، ومن ذلك:
أ - مدّ همزة " آللهُ " فتتحول الجملة إلى جملة استفهامية، فكأنه يقول هل الله أكبر؟
ب - مد حرف الباء من قوله أكبر فيقول: أكبار، مع أن كلمة " أكبر " في الأصل أفعل تفضيل أي الله عز وجل أكبر من كلّ شيء، فإذا قلبها المؤذن إلى أكبار اختلف المعنى.
ج - مد همزة " أشهد " فيقول " آشهد " فتتحول الجملة إلى جملة استفهامية كأنه يقول أأشهد أن لا إله إلا الله؟ !
د - مدّ الضمة في قوله " أشهدُ " فتصبح " أشهدوآ " وهذا يغير معنى الجملة من خبر بالشهادة إلى أمرٍ بها.
هـ - تشديد النون في قوله أشهد أنَّ لا إله إلا الله، مع أن الأصل أنها ساكنة فأصلها أشهد أنْ لا إله إلاّ الله.
و فتح اللام في قوله " أشهد أن محمدا رسول " مع أنها في الصحيح مضمومة رسول خبر أن وبه يتمُّ الكلام وهذا اللحن يغير المعنى وهو يقع كثيرا عند العوام.
وأكثر من يقع في هذه الأخطاء هم المؤذنون الذين يتكلفون التطريب والتغني في الأذان، فتأمل كيف أنه لمّا تساهل بالمخالفة الأولى، جرّته إلى أخوات لها.
3 -
عدم دقة بعض المؤذنين في وقت الأذان فتجد بعضهم يؤذن قبل الوقت بدقائق وهذا يوهم من لا يصلون في الجماعة من النساء وغيرهم دخول الوقت فيُصلون الصلاة قبل وقتها.
4 -
وبعض المؤذنين يتأخر في الأذان حتى يمضي على دخول الوقت زمن قد يمتد إلى خمس دقائق أحيانا فيضيع على المصلين سُنة الصلاة في أول الوقت.
5 -
وأحيانا قد يتعمّد بعض المؤذنين التبكير بالأذان
قبل الوقت خاصة في أذان الفجر في شهر رمضان وهذا فيه محاذير كثيرة منها أن ذلك مخالف للسنة وأن هذا التقديم يجعل المسلم يمتنع عن المفطرات التي أحلها الله له وكذلك أيضا إيقاع السنة القبلية قبل وقتها، ويؤدي كذلك إلى مخالفة سنة تأخير السحور بأن يعجله الناس ظنا منهم أن وقت الإمساك قد بدأ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ". . . ومن البدع المنكرة ما أُحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة، ولا يعلم بذلك آحاد الناس، وقد جرّهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلاّ بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا، فأخروا الفطور وعجلوا السحور وخالفوا السنة، فلذلك قل عندهم الخير وكثر فيهم الشرّ والله المستعان "(1) .
6 -
وبعض المؤذنين يتعمد تأخير أذان المغرب خاصة في رمضان - وقد يفعلها في يومي الاثنين والخميس أو غيرهما من الأيام المسنون صيامها - فتجده لا يؤذن في أول
(1) فتح الباري 4 / 199.
الوقت ويزعم أن ذلك أحوط للعبادة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ احتياطا وحذرا في عبادته ولم يرد عنه أنه فعل مثل ذلك.
بل إن هذا التأخير من هذا المؤذن يفوّت على الناس سننا كثيرة كتعجيل الفطور - للصائمين - والصلاة في أوّل الوقت وغيرها.
7 -
مداومة بعض المؤذنين على قوله " أعوذ باللَه من الشيطان الرجيم " قُبيل البدء في الأذان، سواء قالها بصوت، عالٍ في مكبرّ الصّوت أو بصوت منخفض.
8 -
وكذلك مداومة بعضهم على قول " لا إله إلا الله " قُبيل الأذان، فتُصبح كأنها مقدمة للأذان.
9 -
زيادة بعض المؤذنين ألفاظا وجمل يزعمُ أنه يحث الناس فيها على صلاة الجماعة كقوله: " صلوا هداكم الله " أو " فاز من صلى " ونحو ذلك، وكأنّ ألفاظ الأذان غير كافية في دعوة الناس وتنبيههم لدخول وقت الصلاة والإتَيان إليها - وقد سألتُ فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين عن ذلك فذكر أته من المُحْدثات (1) .
(1) بتاريخ 2 / 5 / 1414 هـ.
10 -
زيادة المؤذنين - في بعض البلدان - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من الأذان، حيث يرفع المؤذن صوته بالصلاة على النبي وآله وأزواجه. . . بصوت وترنّم كهيئة الأذان.
قال صاحب السنن والمبتدعات: والصلاة والتسليم بعد الأذان بهذه الكيفية المعروفة بدعة وضلالة وإن استحسنها كبار رجال الأزهر كالدّجوي وغيره. ا. هـ (1) .
وقال صاحب الإبداع: وكان ابتداء حدوث ذلك في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بن أيوب. . فنقول لا كلام في أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان مطلوبان شرعا لورود الأحاديث الصحيحة بطلبهما من كل من سمع الأذان لا فرق بين مؤذن وغيره - كما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثمّ صلوا علي فإن من صلَّى عليّ صلاة صلَى الله عليه بها عشرا» الحديث لكن لا مع الجهر بل بأن يسمع نفسه أو من كان قريبا منه.
إنما الخلاف في الجهر بهما على الكيفية المعروفة والصواب أنها بدعة مذمومة بهذه الكيفية التي جرت بها عادة
(1) السُنن والمبتدعات للشقيري رحمه الله ص40.
المؤذن من رفع الصوت بهما كالأذان والتمطيط والتغنّي، فإن ذلك إحداث شعار ديني على خلاف ما عُهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح من أئمة المسلمين. . . ا. هـ (1) .
11 -
ما يفعله بعض المؤذنين من الإسراع في الأذان وحدرِ ألفاظه على وجه يشقّ على السامعين متابعته وإجابته أو الترديد معه.
قال صاحب الروض المُرْبع شرح زاد المستقنع " يستحبْ أن يتمهل في ألفاظ الأذان "، وقال ابن قاسم رحمه الله في الحاشية " يستحبّ ذلك بلا نزاع لحديث. . «إذا أذنت فترسل» والمترسل الذي يتمهّل في تأذينه ويبيّنه بيانا يفهمه من سمعهُ، من غير تمطيط ولا مد مفرط "(2) قال فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين: " ومن الترسل أن يقف على كل جملة من التكبيرات والتشهدات ونحوها ولا يسرد التكبيرات بنفس واحد فإنه مخالف للترسل المأمور به في الحديث. وأما حديث عمر رضي الله عنه: «وإذا قال المؤذن الله أكبر. . الله أكبر. . فقال أحدكم الله أكبر. . الله أكبر» إلخ. فليس هناك ما
(1) الإبداع في مضار الابتداع ص172.
(2)
حاشية الروض المُربع ج2 ص438 - بتصرف يسير.
يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يقف بعد التكبيرة الأولى مع أنه قاله معلما لمن يجيب المؤذن وكان جالسا مع المخاطبين وليس فيه تعليم للمؤذن كيفية الإلقاء وليس فيه أربع التكبيرات ولا التشهدات فدل على أنه أراد تعليم من يتابع الأذان والله أعلم.
12 -
زيادة لفظة " حي على خير العمل " مرتين بعد الحيعلتين.
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - إن هذه الزيادة تبطل الأذان، لأن الأذان قربة وعبادة، ولا يجوز أن يدخل فيها أحد زيادة على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن هذه الزيادة تعتبر تغييرا. وبدعة محدثة، فيبطل بها الأذان وتبطل بها هذه العبادة، فالذي يزيد في الأذان هو كالذي يزيد في الصلاة أو في أعمال الحج أو ما أشبه ذلك. ا. هـ. (إجابة عن سؤال حول هذه الزيادة - وقد تقدم برقم 87) .
وقال البيهقي رحمه الله (ج1 - ص425)(وهذه اللفظة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما علّم بلالا وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه وبالله التوفيق) . ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (كما
يعلم أن حي على خير العمل لم يكن من الأذان الراتب وإنما فعله بعض الصّحابة لعارض. ا. هـ. (مجموع الفتاوى 23 / 103) وأكثر ما يزيد هذه الزيادة في الأذان هم الروافض - أخزاهم الله - ويخالفون بها سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وشرع رب العالمين.
13 -
زيادة لفظة " أشهد أن عليا ولي الله ".
هذه العبارة يزيدها كذلك الروافض - أخزاهم الله - في الأذان. وقد قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - هذه الزيادة تبطل الأذان لأنه زاد في هذه العبادة ما ليس منها - والكلام في حكم هذه العبارة وبدعيتها هو كما ذكرنا في زيادة حي على خير العمل ا. هـ. (من إجابة عن سؤال حوله هذه الزيادة - وقد تقدم برقم 88) .
14 -
رفع صوت المؤذن - أو غيره - بالتبليغ عن الإمام من غير حاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أما التبليغ خلف الإمام من غير حاجة فهو بدعة غير مستحبة باتفاق الأئمة " مجموع الفتاوى 23 / 403) وقال في موضع آخر: ولا ريب أن التبليغ لغير حاجة بدعة، ومن اعتقده قربة مطلقة
فلا ريب أنه إما جاهل وإما معاند، وإلا فجميع العلماء من الطوائف قد ذكروا ذلك في كتبهم، حتى في المختصرات قالوا: ولا يجهر شيء من التكبير إلا أن يكون إماما، ومن أصَر على اعتقاد أنه قربة فإنه يعزر على ذلك لمخالفته الإجماع، هذا أقل أحواله (1) .
قال الشيخ علي محفوظ: فتحصَّل أن التبليغ له أصل في السُّنة وأن غالب الناس وضعوه في غير موضعه واستَعملوه على غير كيفيته بما علمت، وبأنك ترى خلف الإمام مأموما واحداَ يرفع صوته بكيفية مزعجة ويقع مثل ذلك إذا كان خلفه اثنان أو ثلاثة مثلا، وقد يكون المسجد صغيرا يعمّه صوت أضعف إمام ويقع التبليغ فيه على وجه يشوّش على من بالمسجد، والتشويش حرام بلا خلاف نسأل الله السلامة والهداية. ا. هـ (2) .
وقد لخص رحمه الله مفاسد التبليغ المبتدع ومخالفته في الآتي:
- ذهاب الحضور والخشوع والسكينةَ من الصلاة.
(1) مجموع الفتاوى 23 / 402.
(2)
الإبداع في مضار الابتداع ص181.
- أن الإمام يصير في حكم المأموم لأنه ينتظر انتهاء المبلغ من التكبير الطويل قبل انتقاله للركن الآخر.
- أن أكثر المبلغين يبلغون لغير حاجة شرعية، فتجدهم يبلغون برغم صغر المسجد أو ارتفاع صوت الإمام فلا حاجة للتبليغ حينئذٍ. ا. هـ.
وهذه العادة - التبليغ عن الإمام حتى من غير حاجة - تعوّد عليها ودأب على عملها كثير من أئمة ومؤذني المساجد وقد يصعب على نفوسهم التحول عنها، ولكنهم إذا علموا أنهم يتحولون منها إلى سنة واجتهدوا في ذلك أعانهم الله تعالى.
وقد ارتبط في كثير من الأماكن التبليغ بمخالفة أخرى وهي:
15 -
التبليغ مع التطريب والتغني.
قال القاسمي رحمه الله (1) (التّبليغ هو التسميع وراء الإمام، وإنّما يُتسامح به للحاجة من كثرة المصلين أو عدم بلوغ صوت الإمام لجميعهم فحينئذٍ يسمِّعُ واحد بصوته
(1) إصلاح المساجد.
الطبيعي بلا تكليف ولا تمطيط ولا تصور لتلاحين مخصوصة) " إلى أن قال: (وفي التكلف لهذه التلاحين ما فيه من صرف القلب عن معنى الذكر المطلوب وجعل التكبير على أوزان الموشحات. . .) اهـ. فتأمل كيف أن التبليغ كان المقصود منه تنبيه المأمومين على انتقال الإمام من أركان الصلاة ثمّ تحوّل إلى تطريب وتلحين وتغنٍ، وقد قدّمنا في المخالفة السابقة ما فيه من تشويش وإشغال للمصلين.
16 -
ترك أداء تحية المسجد للداخل أثناء الأذان الثاني في صلاة الجمعة، ثمّ الانشغال بالتحية عن الإنصات للخطبة.
" وذلك أن بعض الناس إذا دخل المسجد الجامع لأداء صلاة الجمعة ووجد المؤذن يؤذن الأذان الثاني أخذ في متابعة الأذان، ثم إذا فرغ من المتابعة شرع في أداء تحية المسجد وقد شرع الخطيب في ابتداء الخطبة، وهذه مخالفة والصّحيح أنه يشرع فور دخوله في أداء تحيّة المسجد ليتفرّغ بعدها للإنصات للخطبة.
ومما يؤكد أن عليه التفرغ لسماع الخطبة قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما» (1)
(1) رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
قال الشوكاني رحمه الله: وليتجوّز فيهما فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرغ لسماع الخطبة (1) ا. هـ.
17 -
اشتغال الداخل في غير الجمعة بأداء تحية المسجد والمؤذن يؤذن، وترك الإجابة. وهذه مخالفة أيضا والصحيح أنه ينتظر حتى ينتهي الأذان ويجيب المؤذن ثمّ بعد ذلك يصلي النافلة.
قال فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين - الأولى لمن دخل والمؤذن يؤذن - غير الأذان الثاني في صلاة الجمعة - أن ينتظر حتى ينتهي المؤذن من أذانه ويجيبه ثمّ يتنفَّل، لأن إجابة المؤذن عبادة يفوت وقتها أما تحية المسجد فوقتها أوسع " ا. هـ (من جواب حوله هذه المسألة وقد تقدم برقم 69) .
18 -
سبق المجيب المؤذن ببعض العبارات.
فتجد بعض المجيبين يسبق المؤذن بقول " لا إله إلا الله " في نهاية الأذان، وأحيانا قد يسبق المؤذن في غيرها، مع أن
(1) نيل الأوطار 3 / 293.
الأصل أن ينتظر حتى ينتهي المؤذن من الجملة ثم يقولها بعده. ليكون مجيبا َله، وهذه المخالفة هي من آثار إفراط بعض المؤذنين في التغني والتطريب إذ تجد المؤذن يطيل في تطريب الجملة وتلحينها فيملّ السامع ويقولها قبل أن ينتهي منها المؤذن. فتأمل كيف تجرّ المخالفة مخالفات أخرى.
19 -
الجهل بأحكام الأذان.
خاصة من المؤذنين أنفسهم، فتجد أن بعض المؤذنين لو عرض له شيء في أذانه لما عرف كيف يتصرّف لأنه جاهل بالأحكام الشرعية الواردة في الأذان.
ومن آثار هذا الجهل المخالفة الآتية:
أن بعض المؤذنين إذا أحدث - كأن يخرج منه ريح أو صوت - أثناء أذانه قطعه.
مع أن الحدث لا يؤثر في صحَّة الأذان، بل أذانه صحيح ويكمله. قال فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين: أذان المؤذن وهو على حدث صحيح ولكن الأولى أن يكون متوضئا. اهـ. (من جواب حول هذه المسألة وقد تقدم برقم 69) .
20 -
إجابة المؤذن داخل الخلاء وقت قضاء الحاجة.
والخلاء قد نهي الإنسان أن يتلفظ بذكر الله تعالى فيه، وقد سئل فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين عن الإنسان الذي في مكان الخلاء لقضاء الحاجة كيف يجيب المؤذن فقال: " إذا كان جالسا لقضاء حاجته، فلا يجيب بلسانه، ولكن يجيبه ويردّد معه بقلبه، أو يؤخر الإجابة إلى أن ينتهي من حاجته ثمّ إذا انتهى منها ردّد ما قاله المؤذن وأجاب. ا. هـ.
21 -
الخروج من المسجد بعد الأذان.
وذلك بأن يكون الرجل جالسا في المسجد لغرض من الأغراض كدرس أو محاضرة ثمّ إذا أذن المؤذن خرج ولم يصلّ مع جماعة المسجد.
وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه رأى رجلا خرج من المسجد بعد أن أذن المؤذن، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم» (1) .
قال النووي رحمه الله بعد أن ساق حديث أبي هريرة (فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلّا لعذر)(2) .
(1) رواه مسلم في صحيحه برقم 655.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم (5 / 157 - 158) .
وعن سعيد بن المسيب قال: يقال: لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء، إلّا أحد يريد الرجوع إليه إلا مُنافق. (1) .
وقال فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين: " لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إذا كان يخشى أن تفوته الجماعة، أما إذا كان سيرجع أو كان سيصلي في مسجد آخر قريب ويعلم أنه سيدرك جماعته، أو كان هذا الخارج إماماَ ويذهب ليصلي في مسجده فلا مانع، والحديث الوارد محمول على من تفوته الجماعة ".
22 -
الاكتفاء بالأذان عن طريق مسجلات الصّوت.
وكثيرا ما نجد ذلك في بعض المستشفيات والفنادق والمدارس وغيرها، حيث لا يتولى رفع الأذان شخص معين وإنّما إذا حضر وقت الصلاة اكتفوا بإذاعة الأذان من شريط مسجَّل وفي هذا عدة محاذير:
1 -
تفويت الأجر والثواب على المؤذنين.
2 -
فيه مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم» .
(1) أخرجهُ مالك في الموطأ (1 / 162) .
3 -
أنه يرتبط بمشروعية الأذان للصلاة سنن وآداب، ففي الأذان عن طريق التسجيل تفويت لها وإماتة لنشرها (1) .
23 -
قراءة القرآن في مكبرات الصوت قبُيل الأذان بزمن.
وهذا نجده في يوم الجمعة قبيل الأذان وأحيانا في غيرها من الصلوات، حيث يجتهد بعض المؤذنين ويشغل شريطا مسجلا لتلاوة القرآن ويرفع صوته من خلال مكبرات الصوت ليسمع الناس. يفعل ذلك قبيل الأذان بعشر دقائق تقريبا ويزعم أن هذا للبركة، والاستعداد للصلاة ونحو ذلك. وفي ذلك عدة محاذير:
1 -
أن هذه بدعة محدثة - كما ذكر ذلك فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين - رعاه الله -.
2 -
أن فيه إيقاع الناس في حرج عدم الإنصات والاستماع للقرآَن، لأن الناس يسمعونه من خلال مكبرات الصوت ومع ذلك يتحدثون وقد يكون حديثهم فيه منكر فيزداد الأمر سوءا.
(1) أخطاء المصلين. مشهور حسن سلمان ص 181.
24 -
أذان النساء في المدارس وغيرها.
حيث تجد أي الطالبات في المدرسة - يجتمعن للصلاة فتؤذن إحداهن، والمرأة ليس عليها أذان.
قال فضيلة الشيخ الجبرين: إذا كنّ مجموعة نساء في مكان واحد وسوف يصلين جماعة واحدة فلا حرج عليهنّ إذا أقامت إحداهنّ الصلاة، لأن المقصود بالإقامة إعلام الحاضرين بالقيام للصلاة، أما الأذان فلا تؤذن واحدة منهن. ا. هـ.
25 -
إجابة المؤذن من غير تفكر ولا حضور قلب.
فتجد بعض الناس إذا سمع النداء أجاب المؤذن دون أن يُحضر قلبه فيما يتكلم به من ألفاظ، فتجده يردد الألفاظ كأنها حمل ثقيل يريد أن يلقيه عنه. وما أن ينتهي المؤذن حتى يقول الأذكار الواردة على عجل وانشغال.
والأصل أن الأذان ذكر لله تعالى وينبغي لذاكر الله تعالى أن يحضر قلبه ويتفكر فيما يقول.
26 -
عدم الإنصات للأذان وعدم الحرص على الإجابة.
وهذه متعلقة بما قبلها، حيث تبلّد الإحساس بثواب إجابة المؤذن عند بعض السامعين فصار المؤذن يؤذن ولا يحرص هذا السامع على إجابته، فيضيّع على نفسه ثوابا عظيما، بل تجد بعضهم يتحدث أو يضحك ولا يكلّف على نفسه الانشغال بالإجابة أثناء حديثه، بل يفضل الانغماس في الضحك والكلام على إجابة المؤذن.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» (1) وعن أم حبيبة «أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يؤذن قال كما يقول حتى يسكت» (2) .
وعن ابن جريج رحمه الله قال: حُدثتُ أن الناس كانوا ينصتون للمؤذن إنصاتهم للقراءة فلا يقول شيئا إلاّ قالوا مثله. ا. هـ (3) .
27 -
عدم وضع الأصبعين في الأُذنين.
فتجد بعض المؤذنين يؤذن وهو مسدل يديه على جانبيه دون أن يتكلف رفعها ليضع أصبعيه في أذنيه.
(1) رواه البخاري (ج2 - ص90 فتح) ومسلم (ج2 ص84) وأبو داود (ج1 ص144) والترمذي (ج1 ص 134) وغيرهم.
(2)
رواه الإمام أحمد في مسنده (ج6 ص326) وغيره.
(3)
نقله ابن حجر في الفتح 2 / 92.
روى عبد الرزاق في مصنفه عن أبي جحيفة عن أبيه قال: «رأيت بلالا يؤذن. . وأصبعاه في أذنيه» (1) .
وقد ذكره البخاري تعليقا فقال: ويذكر عن بلالا أنه جعل أصبعيه في أذنيه (2) .
(تنبيه) قال ابن حجر رحمه الله " لم يرد تعيين الأصبع التي يستحب وضعها "" وجزم النووي أنها المسبحة، وإطلاق الأصبع مجاز عن الأنملة "(3) .
28 -
وضع إحدى اليدين على إحدى الأذنين.
وتجد المؤذن يتقيّد بهذا في كلّ أذان حيث يُسْدلُ إحدى يديه ويرفع الأخرى إلى أذنه، وهذا ليس بسنَّة.
وقد تقدم الكلام على أن السنة وضع الأصبعين في الأذنين. في السؤالين رقم 22، 23.
هذا والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
(1) مصنف عبد الرزاق ج1 ص467.
(2)
فتح الباري ج2 - ص114.
(3)
فتح الباري ج2 ص116.