المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القسم الخامس فتاوى في مبطلات الأذان ومكروهاته] - المفيد في تقريب أحكام الأذان

[محمد العريفي]

الفصل: ‌[القسم الخامس فتاوى في مبطلات الأذان ومكروهاته]

[القسم الخامس فتاوى في مبطلات الأذان ومكروهاته]

القسم الخامس

فتاوى في

مبطلات الأذان ومكروهاته

ص: 57

73 -

هل يجوز للمؤذن أن يؤذن وهو محدث حدثا أصغر (بول أو غائط. . .) ؟

ج: نعم يجوز ذلك، ولكنه الأولى أن يكون المؤذن متوضئا.

74 -

إذا أذن الشخص وعليه حدث أكبر (جنابة) فهل أذانه صحيح؟

ج: نعم الأذان صحيح، ولكن دخول هذا الجنب إلى المسجد لا يجوز إلا لحاجة أو ضرورة، أما الأذان فصحيح.

75 -

ما حكم أذان من به لثغة أو ثقل في لسانه ونطقه، كالذي يبدل الراء لاما فيقول مثلا: أشهد أن محمدا لسُول الله. . . أو يسول الله؟

ج: إن وُجد غير هذا المؤذن ممن يخرج الحروف من مخارجها إخراجا واضحا بينا فهو أفضل وأولى، وإن لم يوجد فلا بأس للحاجة.

ص: 59

76 -

لو أذن رجل ناقص العقل لكنه يحفظ كلمات الأذان، فهل يعتد بأذانه؟

ج: لو أذن ناقص العقل أو الصغير ولكن لم يترك شيئا من ألفاظ الأذان ولم يُخل بشيء من كلماته فأذانه صحيح. ولكنه لا ينبغي أن يعين مؤذنا مستمرا.

77 -

إذا أذن الصغير الممّيز الذي يحفظ ألفاظ الأذان فهل هناك حرج، أم أن الكبير البالغ أولى؟

ج: الأولى بالأذان هو الكبير المكلّف البالغ. ولكن إذا حصل الأذان من هذا الصغير وكان هذا الصغير ضابطا لألفاظ الأذان مقيما لحروفه فلا حرج في ذلك لأن المقصود من الأذان يحصل به، فإن الناس يعلمون بدخول وقت الصلاة بهذا الأذان.

78 -

لو تكلم المؤذن أثناء الأذان بكلام فيه استهزاء بعبادة من العبادات أو فيه سخرية بالأذان أو بآيات الله، هل هذا يُبطل الأذان؟

ج: نعم، إذا تكلم المؤذن أثناء الأذان بكلام يوقع في الإثم أو الكفر كالاستهزاء بالعبادة أو نحو ذلك ممّا يُعدّ ردّة فلا شكّ أنه يُبْطل أذانه ويُسبب وقوع المؤذن في الردّة.

ص: 60

79 -

المبالغة في التغني والتطريب، هل تبطل الأذان؟

ج: الصحيح أنّها تُنقصهُ لكنها لا تبطله، لذلك صرح كثير من العلماء بأنها مكروهة، فهي مكروهة ولا تصل إلى حدّ الإبطال.

80 -

أليس الأفضل في الأذان تحسين الصوت، فما هو الضابط للتطريب والتلحين الذي ينهى عنه؟

ج: الأصل في الأذان أن يكون صوتا واحدا ولو طوّله، يكون صوتا مستمرا على هيئة واحدة، فلا يجوز التلحين وقد نصّ على كراهته كثير من الفقهاء، نعم مطلوب تحسين الصوت في الأذان لكن لا يصل إلى الحدّ الخارج عن العبادة.

81 -

وكذلك بالنسبة للأخطاء اللغوية التي قد تغير المعنى، كخطأ بعضهم بقوله: آلله أكبر، فتصير كأنها استفهام، فهل هذه تبطل الأذان؟

ج: هذه أيضا مكروهة، وينبغي تصحيحها وتجنّبها، لكنها لا تبطل الأذان.

82 -

بعض العوام يؤذنون أو يقيمون الصلاة باللهجة العامية فيقلبون - مثلا - القاف إلى زاي في قوله: قد قامت الصلاة، ونحو ذلك، فما الحكم؟

ص: 61

ج: هذا أيضا أذانه وإقامته صحيحان، لكن الأولى أن يتولى الأذان من هو فصيح، سليم اللسان من اللحن.

83 -

في بعض المساجد يقوم المؤذن بالتبليغ عن الإمام في التكبيرات مع وضوح صوت الإمام وعدم الحاجة إلى تسميع الناس تكبيراته لأنهم يسمعونها عن طريق مكبر الصوت، فما الحكم؟

ج: التبليغ عن الإمام لا يُستعمل إلا عند الحاجة، كما إذا كان الناس كثيرين ولا يسمعون تكبيرات الإمام لكِبَر المسجد أو ضعف صوت الإمام، فهنا يبلَغُ مَنْ خلف الإمام سواء المؤذن أو غير المؤذن برفع الصوت وأما مع عدم الحاجة ومع سماع المصلين لصوت الإمام بواسطة المكبر فلا حاجة إلى التبليغ وقد أبطل بعض العلماء صلاة المبلِّغ إذا كان يبلغ من غير حاجة أو ضرورة.

84 -

صلاتا الخسوف والكسوف هل يؤذن لهما، من أجل جمع الناس؟

ج: الكسوف والخسوف يحدثان فجأة، ولو أذن لهما كأذان الصلاة لاشتبه على الناس أنه أذان صلاة، ولكن إذا سمع الناس أذانا خاصا وهو قول: الصلاة جامعة عرفوا منه أنهم يُدعون للاجتماع لصلاة كسوف أو خسوف ونحو ذلك

ص: 62

فينادى لهما بالصلاة جامعة كما نص على ذلك الفقهاء وروى ما يدل عليه (1)

85 -

هل ينادى بشيء لصلاة الجنازة، وذلك لمجمع الناس لها؟

ج: صلاة الجنازة لا تحتاج إلى النداء لها فإن الناس عادة يدعو بعضهم بعضاَ ويخبرُ بعضهم بعضا بها، والغالب أن الصلاة على الجنازة تكون في أوقات الصلوات الخمس، فعندما يجتمع الناس لصلاة من الصلوات الخمس تقدم لهم الجنازة ليصلوا عليها قبل الصلاة أو بعدها، فليس هناك داع لإحداث أذان خارجي لصلاة الجنازة.

86 -

هل يجوز الأذان لصلاة العيد، وإذا احتج فاعل ذلك بأْنه من أجل جمع الناس لها؟

ج: الأذان خاص بالصلوات الخمس، فلا يشرع لغيرها من الصلوات الأخرى وإن كانت من الصلوات التي يُجتمعُ لها، فلا ينادى لصلاة العيدين، بل صلاة العيدين وقتها معروف فيخرج الناس إليها في الوقت المحدد بعد طلوع الشمس عارفين بوقت أدائها دون أن يكون هناك حاجة إلى رفع الصوت كالأذان.

(1) بوب البخاري عليه فقال: باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف: (2 / 533 فتح) وانظر المغني لابن قدامة 2 / 274.

ص: 63

87 -

ما حكم ما يزيده بعض المبتدعة - كالروافض وغيرهم - في الأذان من ألفاظ لم ترد في الشرع كقول بعضهم حي على خير العمل (1) هل هذه الزيادة تبطل الأذان؟

ج: نعم، تبطل الأذان، لأن الأذان قربة وعبادة ولا يجوز أن يدخل فيها أحد زيادة على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن هذه الزيادة تعتبر تغييرا وبدعة محدثة فيبطل بها الأذان وتبطل بها هذه العبادة، فالذي يزيد في الأذان هو كالذي يزيد في الصلاة وفي أعمال الحج وما أشبه ذلك.

88 -

ما حكم زيادة بعضهم أيضا " أشهد أن عليا وليّ الله "، هل هذه تُبطل الأذان أيضا؟

ج: هذه الزيادة تبطل الأذان، لأنه زاد في هذه العبادة ما ليس منها والكلام على حكم هذه العبارة كالكلام على سابقتها - في السؤال السابق -.

(1) فائدهٌ حول " حي على خير العمل " قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كما يعلم أن " حي على خير العمل " لم يكن من الأذان الراتب وإنما فعله بعض الصحابة لعارضٍ. . (مجموع الفتاوى 23 / 103)، وقال البيهقي رحمه الله بعد أن نقل الروايات عن ابن عمر وعلي بن الحسين " وهذه اللفظة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلالَا وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه وبالله التوفيق ":(ج1 - ص425) .

ص: 64

89 -

بعض المؤذنين - هداهم الله - قد يجتهدون فيزيدون بعد انتهائهم من الأذان عبارات وجملا يزعمون أنهم يحثون الناس بها على الحضور للصلاة كقول بعضهم: صلوا جزاكم الله خيرا - أو - صلوا هداكم الله - ونحو ذلك، ويداومون على هذا الفعل فما الحكم - جزاكم الله خيرا؟

ج: هذا أيضا من المحدثات، ولا يجوز لكن إذا لم يتخذ عادة وسنة وفعله المؤذن أحيانا ولم يستعمل فيه المكبر وإنما في الطريق أو أمام الأبواب لتنبيه الغافل أو إيقاظ النائم كما يفعل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فلا بأس بذلك فهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

90 -

بعض المؤذنين إذا انتهى من أذانه قال في مكبر الصوت: اللهم رب هذه الدعوة التامة ويداوم على هذا الفعل بعد كلّ أذان، ويزعم أن ذلك لتعليم الناس وتذكيرهم، فما حكم هذا الفعل؟

ج: لا يستحب رفع الصوت في المكبر بهذا الدعاء، لكن له أن يُعلم الناس هو وغيره الأذكار الواردة بعد الأذان، بل ويحفّظون الناس هذه الأذكار. بطريقة مشروعة.

91 -

في بعض البلدان يزيد المؤذنون بعد انتهائهم من

ص: 65

الأذان أذكارا كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع مطرَب كهيئة الأذان فما حكم ذلك؟ مع مداومتهم في كل أذان على هذا الفعل.

ج: من المعلوم أن الله تعالى أمر بالذكر الخفي كما قال سبحانه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: 205] فرفع الصوت بالدعاء أو رفع الصوت بالذكر أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو الذكر الجماعي وما أشبه ذلك، هذا كلّه يظهر لي أنه لا يجوز، وذلك لأنه محدث ومخالف لقوله تعالى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: 205] وقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]

فعلى هذا نقول إن الأولى للإنسان أن يُسِرَّ الذكر ولا يجهر به إلاّ لمصلحة راجحة كتذكير الناس أحيانا، دون أن يُتخد ذلك عادة أو يستمرَّ عليه.

92 -

وفي بعض البلدان كذلك يشغل بعض المؤذنين أشرطة للقرآن الكريم بصوت عالٍ في مكبر الصوت قبل الأذان بخمس دقائق أو عشر، خاصّة في يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل؟

ج: هذا أيضا من المحدثات، وليس فعله بسنَّة، والكلام فيه كالكلام في جواب السؤال السابق أن هذا لا يجوز.

ص: 66

93 -

ما قولكم - حفظكم الله - في مسألة أخذ الأُجرة على الأذان؟

ج: لا يجوز للمؤذّن أن يشترط الأجرة على أهل المسجد كأن يقول لهم: لا أؤذن لكم إلاّ إذا أعطيتموني أجرةً قدرُها كذا وكذا من المال، فهذا لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم:«واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» (1) وفي أثرٍ أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عن رجل قال لأهل مسجد أُصلي بكم بمال قدره كذا وكذا، فقال الإمام أحمد: أسأل الله العافية، ومن يصلي خلف هذا؟ ، أي أن هذا الرجل إنما عمل عمله للدنيا، وأذانه لأجل الدنيا، وصلاته كذلك لأجل الدنيا وإمامته كذلك، فلا يجوز للمؤذن أن يشترط.

94 -

إذا كان المال أو الأجرة التي أخذها المؤذن هي من بيت المال، وليست من جماعة المسجد، الذين يؤذن لهم، فما الحكم؟

ج: إذا كانت الأجرة من بيت المال فقد رخِّص في ذلك، أي إذا بُذل له وِزْقٌ من بيت المال أو أجري عليه أجرٌ معين لأنه يقوم بهذه الوظيفة الدينية التي هي الأذان، وصار

(1) الترمذي (ج1 / ص135) وأبو داود (ج1 / ص146) وغيرهما.

ص: 67

الأجر غير مقصود للمؤذن وإنما يأخذه تقوية له وتمكينا له من الاستمرار في هذا العمل الذي هو ضبط الأذان في المسجد، فهنا لا مانع من أخذ الرزق والأجرة من بيت المال، والله أعلم.

ص: 68