المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القسم السابع فتاوى متفرقة] - المفيد في تقريب أحكام الأذان

[محمد العريفي]

الفصل: ‌[القسم السابع فتاوى متفرقة]

[القسم السابع فتاوى متفرقة]

القسم السابع

فتاوى متفرقة

ص: 81

116 -

أيهما أفضل شرعا أن يتولى الشخصُ الأذان أم الإمامة؟

ج: هذا فيه تفصيل. فالإمامة أفضل من حيث الأهلية، فالإمام أفضل أهليّة لأنه غالبا يكون حافظا للقرآَن وعالما بالأحكام الشرعية.

أما المؤذن فغالبا ما يكون عامياَ، لأن الأذان إنّما هو تصويت بهذه الكلمات وترديد لها.

فلأجل ذلك يشترط أهلية الإمام بأن يكون من أهل العلم، ومن حفظة وحملة القرآن أو أكثره، فالإمام - كما قدمنا - أفضل من حيث الأهلية. أما من حيث الأجر، فلا شكّ أن الذي ورد في فضل المؤذن أكثر، كقوله صلى الله عليه وسلم «المؤذنون أطول الناس أعناقا» (1) وقوله:

(1) رواه مسلم (ج4 / 89 نووي) .

ص: 83

«المؤذن يغفر له مدّ صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس» (1) لذلك يستحبه الكثيرون، فإذا كان المؤذن من حملة العلم وحفظة القرآن وزاد على ذلك أن تولى الأذان فهذا فضل على فضل ويكون قد جمع بين الفضيلتين.

117 -

ذكر بعض أهل العلم - جزاهم الله خير الجزاء - أن الأذان الأول للجمعة بدعة، فما رأيكم في هذا؟

ج: ما دام أن الأذان الأول للجمعة أقره الصحابة في زمن عثمان رضي الله عنه، واستمرّ العمل عليه إلى هذا الزمان، وفيه تنبيه الناس عن الغفلة، فلا مانع منه، ولا يقال إنه بدعة، لأنه من سنة خليفة من خلفاء المسلمين وقد أقره عليه الصحابة - كما ذكرنا - واستمرَ عليه العمل. لكن ينبغي تقديمه قبل الزوال بساعة أو أكثر فأما تأخيره إلى الزوال فلا فائدة فيه حيث أن الناس قد اجتمعوا وهو إنما شرع للأمر بالاستعداد والتأهب وترك الشواغل التي تعوق من الحضور والتقدم إلى المساجد.

118 -

الأذان الأول والثاني للفجر، هل هو خاصّ

(1) رواه الإمام أحمد في مسنده (ج4 - ص284) والنسائي (ج2 ص17) وهو في صحيح الجامع برقم 1837.

ص: 84

برمضان، أم يفعل في بقية الشهور قياسا على رمضان؟

ج: الظاهر أنه خاص برمضان وأنه في العهد النبوي كان بلال رضي الله عنه يؤذن في آخر الليل ثم يؤذن ابن أم مكتوم عند الصباح، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يمنعن أحدكم - أو أحدا منكم - أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن - أو ينادي - بليل ليرجع قائمكم ولينبّه نائمكم» (1) فقوله: من سحوره يدل على أنهم كلهم يتسحرون، أي يصومون، وهو صلى الله عليه وسلم خاطب في هذا الحديث الجمع ولم يقل: من أراد منكم الصوم فلا يغرّه أذان بلال بل قال: لا يمنعه من سحوره فهذا يدل على أنهم كانوا يحتاجون إلى السحور.

كذلك نقول: إن قوله: ليوقظ نائمكم، أي يستيقظ للسحور، وقوله: يرجع قائمكم أي ينبّه القائم المتهجًد إلى قرب وقت السحور، فهذا يدلّ على أنّهم كلهم كانوا يصومون فيحتاج هذا إلى قيام للسّحور، ويحتاج القائم إلى انتباه ومعرفة بوقت السحور.

(1) البخاري ج2 ص103 باب الأذان قبل الفجر من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ص: 85

فهذا دليل على أن الأذان الأول والثاني كانا في رمضان، أما في غير رمضان فإن المؤذن واحد - والحديث الذي فيه أن المؤذن يقول في الفجر في الأذان الأول " الصلاة خير من النوم " المقصود فيه بالأذان الأول هو الأذان الذي عند الصبح حيث يقول المؤذن فيه: الصلاة خير من النوم فينادي الناس بذلك لأن الأغلب أن الناس في هذا الوقت يكونون نياما فينبّههم على فضل الصلاة على النوم، أما الأذان الثاني هنا فهو الإقامة، وفي الحديث:«بين كلّ أذانين صلاة» أي الأذان والإقامة، فدلّ كل ما سبق على أنه لا يؤذن في غير رمضان إلا أذان واحد وإقامة. والله أعلم.

119 -

هل ورد الأذان عندما يخاف الإنسان أو يفزع من الجن أو الغيلان؟

ج: نعم، روي عن سهيل بن أبي صالح قال:«أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام لنا - أو صاحب لنا - فناداه مناد من حائط باسمه، وأشرف الذي معي على الحائط فلم يرَ شيئا، فذكرت ذلك لأبي فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتاَ فنادِ بالصلاة فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ولَى وله حصاص.» (1) .

(1) الحديث رواه مسلم / 4 ص 91 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه أحمد ج2 ص313 وغيرهما (والحُصَاص: الضراط) وقيل شدة العدو ذكره النووي في شرح مسلم.

ص: 86

وفي حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان» والغيلان هي الجن المتشيطنة التي تتشبّه بالإنسان أو تصوت وترفع صوتها وتُضلُّ الناس عن طرقهم، فالأذان يطردها، فإذا سمعوا أذاناَ انصرفوا وابتعدوا، فهذا يدلّ على أنه يُشرع الأذان وإن لم يكن وقت الصلاة لطرد الجن والشياطين.

120 -

هل ورد فضل في الدعاء بين الأذان والإقامة؟

ج: ورد أن الوقت بين الأذان والإقامة من مظانّ وأوقات الإجابة، فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال:«الدعاء بين الأذان والإقامة لا يردّ» (1) فلو دعا الإنسان بين الأذان والإقامة لكان حسنا.

(1) أخرجهُ أبو داود والنسائي (في عمل اليوم والليلة) والترمذي وحسنه من حديث أنس، والحاكم وصححّه وهو في صحيح الجامع رقم 3402.

ص: 87

121 -

ما رأيكم في الأذان في أذن المولود؟ وفي أي الأذنين يكون؟

ج: نعم ورد الأذان في أذن المولود لكن الأدلة التي وردت به فيها مقال، ولكن لا بأس لو فعله الإنسان، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " تحفة المولود بأحكام المولود " أنه يُفعل (1) .

122 -

في أيّ الأذنين يكون الأذان لو فعله الإنسان؟

ج: الأذان يكون في الأذن اليمنى، مع أن الأحاديث فيها مقال كما ذكرنا.

(1) مما ذكره ابن القيم رحمه الله (تحفة المولود ص22) .

1 -

ما رواه البيهقي في الشعب من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى رفعت عنه أمّ الصبيان. رواه ابن السني (في عمل اليوم والليلة) برقم (623) وهو في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 321.

2 -

ما رواه أيضا من حديث أبي سعيد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى. قال وفي إسنادهما ضعف.

ص: 88

123 -

وبالنسبة للإقامة هل وردت؟ وفي أي الأذنين؟

ج: نعم وردت كذلك لكنها أحاديث فيها مقال، وتكون في الأذن اليسرى.

124 -

أحيانا قد يجتمع الناس للصلاة في المسجد، ثم يكتشفون أن مؤذن المسجد لم يؤذن للصلاة - لعدم وجوده أو لانشغاله - فهل يؤذنون مع العلم أْنه قد مضى على دخول الوقت زمن ليس بالقصير، بل قد جاء وقت الإقامة؟

ج: بل يكتفون بالإقامة، لأن المقصود من الأذان جمع الناس للصلاة وحيث أنهم قد اجتمعوا فقد حصل المقصود، والناس يعرفون دخول الوقت في هذا الزمان بالساعات أو بالمؤذنين الَآخرين ونحو ذلك.

فلا يحتاج إلى أذانٍ، خاصةً أنه ليس من شرط الصلاة أن يؤذن لها ولأن الأذان بعد مُضِي بعض الوقت قد يشوش على الناس لتأخره عن وقته والله أعلم.

ص: 89