الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرون، وتراكمت معارفه، ولا يزال ينمو ويتطور وتتشكل معالمه، لذلك لم يحظَ هذا العلم بتعريف جامع مانع؛ لأنه لا يزال في طَور التشكل
(1)
.
المطلب الثاني: أهميَّة المَقاصِد القُرآنيَّة
.
تَبْرز أهميَّة المَقاصِد القُرآنيَّة في أنها مفتاح التدبُّر، والتدبُّر هو الغاية المقصودة من إنزال القرآن، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29].
وقد ذم الله عز وجل المشركين الذين لا يتدبرون القرآن ولا يفقهونه؛ قال تعالى: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78]، وقال تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
وقد قرَّر إمام المَقاصِد الشاطبيُّ رحمه الله (ت 790 هـ) أن هذا الذَّم إنما هو من جهة أنهم لا يفهمون مراد الله عز وجل من الخطاب، لا أنهم لا يفهمون نفس الكلام؛ لأن هذا ممتنعٌ، فهم عَرَب، والقرآن مُنزل بلسانهم، فهم يعرفون الكلام بمقتضى سليقتهم العربيَّة، لكنْ فرقٌ بين ظاهر المعنى، والمرادِ منه.
ثم قال: "فالتدبُّر إنما يكون لمن التفت إلى المَقاصِد، وذلك ظاهر في أنهم أعرضوا عن مَقاصِد القرآن؛ فلم يحصل منهم تدبر"
(2)
. اهـ.
ومِن شأن علم المَقاصِد القُرآنيَّة أن يضبط منهجيَّة التعامل مع القرآن بوصفه نصًّا أُنزل لغاية محددة، فتُفهم موضوعاتها في ضوئها؛ لأن معرفة مقصد المخاطِب يؤثِّر في فهم نص الخطاب. ولضبط هذا المقصد الكلي أثرُه
(1)
. انظر: مركزية المقاصد عند محمد الغزالي: مقاربة في المفهوم والمصطلح والضرورة، أ. د. محمد زرمان (ص 10، 11).
(2)
. انظر: الموافقات، للشاطبي (4/ 208 - 209).
في التأويل، وفهم الآيات وتوجيهها التوجيه الأرجح، وفهم كثير من القضايا الشائكة في التفسير، وحفظ القرآن من التحريف والتأويل والتعسف في التفسير، وليّ أعناق النصوص كالذين يتخذون القرآن مصدرًا لعلوم لم ينزل لبيانها، ويتكلفون في الاستدلال لنظرياتهم وآرائهم الفكريَّة، من القرآن الكريم
(1)
.
قال الشاطبي (ت 790 هـ): "من فهم باطن ما خوطب به لم يحتلْ على أحكام الله حتى ينال منها بالتبديل والتغيير، ومن وقف مع مجرد الظاهر غير ملتفت إلى المعنى المقصود؛ اقتحم هذه المتاهات البعيدة
…
فكل من زاغ ومالَ عن الصراط المستقيم؛ فبمقدار ما فاته من باطن القرآن فهمًا وعلمًا، وكل من أصاب الحق وصادف الصواب؛ فعلى مقدار ما حصل له من فهم باطنه"
(2)
.
* * *
(1)
. مقاربات "مقاصد القرآن الكريم": دراسة تاريخية، عبد الرحمن حللي (ص 228).
(2)
. الموافقات، للشاطبي (4/ 221 - 223).