المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المقطع الثالث [الآيات: 36 - 45]: - المقاصد القرآنية في سورة «ق» - جـ ٨

[حماد بن محمد يوسف]

فهرس الكتاب

- ‌مستخلص البحث

- ‌المقدمة

- ‌أهميَّة البحث:

- ‌ المَقاصِد القرآنيَّة

- ‌أهداف البحث:

- ‌الدِّراسات السابقة:

- ‌ سُورة (ق)

- ‌منهج البحث:

- ‌خُطَّة البحث:

- ‌المبحث الأول: عِلم المَقاصِد القُرآنيَّة

- ‌المطلب الأول: تعريف المَقاصِد القُرآنيَّة

- ‌ أولًا: تعريفه باعتِبارها مركبًا وصفيًّا:

- ‌1 - المَقاصِد لغةً:

- ‌2 - والقرآن لغةً:

- ‌ ثانيًا: تعريفه باعتبارها عَلَمًا على فنٍّ معين:

- ‌المطلب الثاني: أهميَّة المَقاصِد القُرآنيَّة

- ‌المَبْحث الثاني: التعريف بسورة «ق»

- ‌المطلب الأول: اسم السُّورة وعدد آياتها ومرحلة نزولها

- ‌ المسألة الأولى: اسم السُّورة

- ‌ المسألة الثانية: عدد آياتها وكلماتها وحروفها

- ‌ المسألة الثالثة: مرحلة نزول السُّورة (مكيتها ومدنيتها):

- ‌المطلب الثاني: فضل سُورة «ق»

- ‌المطلب الثالث: ترتيب المصحف وترتيب النزول

- ‌المطلب الرابع: المُناسَبات في سُورة «ق»

- ‌ المسألة الأولى: مُناسَبة أول السُّورة بآخرها

- ‌ المسألة الثانية: مُناسَبة السُّورة لِما قبلها (سُورة الحجرات):

- ‌ المسألة الثالثة: مُناسَبة السُّورة لِما بعدها (سُورة الذاريات):

- ‌ المسألة الرابعة: المُناسَبة بين سُورة (ق) وما قبلها من حيث النزول (سُورة المرسلات):

- ‌ المسألة الخامسة: المُناسَبة بين سُورة «ق» وما بعدها من حيث النزول (سُورة البلد):

- ‌المَبْحث الثالث: التدبُّر المَقاصِدي لسورة (ق)

- ‌المطلب الأول: مقصد السُّورة

- ‌المطلب الثاني: موضوعات السُّورة

- ‌المطلب الثالث: مَقاطِع السُّورة

- ‌المطلب الرابع: التدبُّر المَقاصِدي للآيات

- ‌ المقطع الأول [الآيات: 1 - 15]:

- ‌ المقطع الثاني [الآيات: 16 - 35]:

- ‌ المقطع الثالث [الآيات: 36 - 45]:

- ‌الخاتمة

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌ المقطع الثالث [الآيات: 36 - 45]:

-يعني: الرجاء-، كما هو المشروع"

(1)

، وفي معنى الآية حديث السبعة الذين يُظلهم الله في ظله، ومنهم:«وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»

(2)

. وفيه ردٌّ على المشركين الذين أنكروا اسم الرحمن لله 5.

{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} : هاتان الآيتان في بيان "جزاء من قامت به هذه الأوصاف"

(3)

الأربعة المذكورة من قبل، ففيها الامتنان بالإذن لهم بدخول الجنة بالسلامة، وهو "من كمال إكرام الضيف"

(4)

، وتطمين لهم بأنه يوم الخلود وتشويق لهم إلى ما فيها من النعيم مما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر، ومنه رؤية الله سبحانه. وفيها دلالة على "أن المفاجأة بالإنعام ضرب من التلطف والإكرام"

(5)

.

وفيه إشارةٌ "إلى أن قدرته لا نهاية لها، ولا تحصر بحدٍّ ولا تحصى بعدٍّ، ردًّا على أهل العناد وبدعة الاتحاد في قولهم "ليس في الإمكان أبدع مما كان""

(6)

.

*‌

‌ المقطع الثالث [الآيات: 36 - 45]:

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} : هذه الآية واردةٌ في المعالجة النفسيَّة لمكذِّبي الرَّسول صلى الله عليه وسلم والمكذِّبين بيوم الدين بأسلوب الترهيب، والتذكير بالعذاب الدنيوي قبل عذاب الآخرة، ففيها

(1)

. نظم الدرر، للبقاعي (18/ 431).

(2)

. متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، (ح 660)، (1/ 133)، ومسلم في كتاب الزكاة، (ح 1031)، (3/ 93). وانظر: تفسير ابن كثير (13/ 197).

(3)

. الفوائد، لابن القيم (ص 18).

(4)

. التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 320).

(5)

. التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 321).

(6)

. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (18/ 434).

ص: 64

إنذار المشركين و"تخويفهم بأن يصيبهم من الهلاك ما أصاب من قبلهم، وأنهم كانوا أشدَّ منهم بطشًا ولم يدفع عنهم الهلاكَ شدةُ بطشهم"

(1)

، و"طمأنةٌ لقلب الرَّسول صلى الله عليه وسلم وقلوب الذين آمنوا معه بأن نصر الله آتٍ لا محالة، كما نصر الله المرسلين السابقين ومَن معهم مِن المؤمنين، مع أن المكذِّبين الأولين كانوا أشدَّ من المعاصرين لتنزيل القرآن قوة وبأسًا"

(2)

. وفي هذا تأكيد على عدل الله، وجليل حكمته، وكمال قدرته، ودلالةٌ على مشروعيَّة تخويف العصاة والمكذِّبين بالعذاب الإلهي

(3)

، والاعتبار بسنة الله عز وجل في الإهلاك الجماعي للأمم.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} : هذه الآية واردةٌ في الحثِّ على التدبُّر في القرآن، و"التفكُّر في تدبر الأحوال التي قضت على الأمم السابقة بالإهلاك؛ ليقيسوا عليها أحوالهم"

(4)

، ففيها:

التَّنويه بشأن المؤمنين والتعريض بتمثيل المشركين بمن ليس له قلب وبمن لا يلقي سمعه لأنهم بعداء عن الانتفاع بالذكريات

(5)

.

وبيان أن "من يؤتى الحكمة وينتفع بالعلم على منزلتين: إما رجل رأى الحق بنفسه فقَبِله واتَّبعه؛ فذلك صاحب القلب، أو رجلٌ لم يعقله بنفسه، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويبينه له ويعظه ويؤدبه؛ فهذا أصغى فـ: {أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي: حاضر القلب"

(6)

؛ لـ"أنَّ مجرد الإصغاء لا يفيد، ما لم يكن

(1)

. الفوائد، لابن القيم (ص 19).

(2)

. معارج التفكر (3/ 120).

(3)

. أيسر التفاسير، للجزائري (5/ 153)

(4)

. التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 323). وانظر: التفسير الحديث (2/ 244).

(5)

. التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 324).

(6)

. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (9/ 311). وانظر: الفوائد، لابن القيم (ص 4 - 5)، ومفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، له (1/ 489 - 490).

ص: 65

المصغي حاضرًا بفطنته وذهنه"

(1)

.

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} : هذه الآية واردةٌ في إبراز معنى سعة القدرة الإلهيَّة الدال على إمكان البَعْث؛ إذ أحاله المشركون بما يرجع إلى ضيق القدرة الإلهيَّة عن إيقاعه

(2)

. ففيها "تنزيه الله سبحانه عن اللُّغوب، والتنزيه يقتضي اتصافه سبحانه بصفات الكمال الثبوتيَّة، لأن الأمور العدميَّة لا تكون كمالًا إلا إذا تضمَّنت أمورًا وجوديَّة فنفي اللُّغوب يقتضي كمال قدرته تعالى ونهاية القوة بخلاف المخلوق الذي يلحقه من التعب والكلال ما يلحقه"

(3)

.

وفيها "تكذيب لأعداء الله من اليهود حيث قالوا إنه استراح في اليوم السابع"

(4)

.

وفي خلق السماوات والأرض في ستة أيام "تعليمٌ للإنسان التأني والتدرج"

(5)

، "ولو شاء 5 لكان ذلك في أقل من لَمْح البصر، ولكنه سنَّ لنا التأني بذلك"

(6)

؛ قال سعيد بن جُبَير: "كان الله عز وجل قادرًا على خَلْق السماوات والأرض في لمحة ولحظة، فخلقهنَّ في ستة أيام تعليمًا لخلقه التثبت والتأني في الأمور"

(7)

.

(1)

. تفسير غرائب القرآن، للنيسابوري (6/ 180).

(2)

. التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 325).

(3)

. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 36)، و (10/ 250)، الصفدية، لابن تيمية (2/ 65)، ومنهاج السنة النبوية (2/ 183).

(4)

. الفوائد، لابن القيم (ص: 19).

(5)

. التفسير الحديث (2/ 248).

(6)

. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (18/ 437).

(7)

. معالم التنزيل، للبغوي (3/ 235).

ص: 66

قال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} : هاتان الآيتان واردتان في معالجة حالة الرَّسول صلى الله عليه وسلم النفسيَّة والقلبيَّة أولًا، وعلى تربية حملة رسالة الرَّسول صلى الله عليه وسلم من العلماء والدعاة من أمته

(1)

.

ففيها حثُّ النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر وبيان ما يستعين به عليه من التسبيح والتحميد الذين تشتمل عليهما الصلاة، والأمر بـ"التأسي به سبحانه في الصبر على ما يقول أعداؤه فيه، كما أنه سبحانه صبر على قول اليهود: إنه استراح! «وَلَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنْهُ»

(2)

"

(3)

.

وفي الآية دلالةٌ على أن الصبر يكتسب بالتصبُّر، وتأكيدٌ على عِظم الصلاة وأثرها في حل الأزمات الداخليَّة والخارجيَّة، و"أن الصلاة أعظم تِرياق للنصر وإزالة الهم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ أمرٌ فَزِع إلى الصلاة"

(4)

.

{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} : هاتان الآيتان واردتان أيضًا في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ففيها "تصوير يوم مصيبة المشركين وقربه وبيان ما فيه لهم من المثُلات وقوارع المصيبات"

(5)

، وتذكيرٌ له صلى الله عليه وسلم بما يكون من أمر الآخرة من "نداء المنادي برجوع الأرواح إلى أجسادها للحشر"

(6)

والخروج من الأجداث؛ لأن ازدياد اليقين بالآخرة

(1)

. معارج التفكر، للميداني (3/ 130).

(2)

. هذا لفظ حديث، أخرجه البخاري (6099)، ومسلم (2804) عن أبي موسى الأشعري.

(3)

. الفوائد، لابن القيم (ص 19)، وانظر: إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، له (2/ 340).

(4)

. انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (18/ 440).

(5)

. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (18/ 440).

(6)

. الفوائد، لابن القيم (ص 20).

ص: 67

وتجدده من أعظم ما يعين على الصبر، فباليقين ينشرح الصدر ويستمدُّ قوَّة معنويَّة كبيرة تتضاءل معها خطوب الدنيا وهمومها. وفي هذا تلقين روحاني للدعاة للاعتناء بذِكر الآخرة ليكون عونًا للداعية في رحلته.

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} : هذه الآية واردةٌ في تقرير عقيدة البَعْث بعد الموت، ففيها التذكير بأن المحيي والمميت هو الله لا شريك له، والاستدلال بذلك على البَعْث الذي هو الإحياء الأعظم، لأن "المعاد ليس بأصعب من المبدأ، فمن أقرَّ به وأنكر البَعْث كان معاندًا أو مجنونًا قطعًا"

(1)

. "فمن أحيا أولًا ثم أمات، فلا عجب أن يعيد من أماته إلى حياة أخرى ليلاقي حسابه وجزاءه على ما قدَّم في الحياة الأولى، التي كانت رحلة امتحانه، وأن المصير بعد رحلة الابتلاء في الحياة الدنيا إلى الرب الخالق"

(2)

.

{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} : هذه الآية واردةٌ في الاستدلال بإمكان الحشر بعد تحقيق أمر البَعْث في الآية السابقة، ففيها ذِكر صورة خروج الناس من قبورهم وهو تَشقَّق الأرض عنهم كما يتشقق النبات، في زمن غير طويل، ثم اجتماعهم في المحشر، مهما بعدت قبورهم عن أرض المحشر، كما ورد في حديث:«ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ»

(3)

. وفي هذا تأكيدٌ على كمال قدرة الله وشمول علمه لكل الأشياء، ومنها الأجزاء المتفرقة المتحللة المختلطة بالتراب المدفونة في الأرض. وهو ردٌّ لقول المشركين:{ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} .

(1)

. انظر: نظم الدرر، للبقاعي (18/ 441 - 442).

(2)

. معارج التفكر، للميداني (3/ 135).

(3)

. رواه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} ، (ح 4935)، (6/ 165). وانظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (26/ 283).

ص: 68

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} : هذه الآية خاتمة السُّورة، وهي تأكيدٌ لِما تضمَّنته السُّورة من تقرير البَعْث والرِّسالة، مع الإعراض عن مواجهة المكذِّبين بالخطاب، وتوجيه الخطاب إلى الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وقد اشتملت على ثلاث جمل مُوجَزة:

فقوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} : فيه تَسْليةٌ وطمأنة من الله عز وجل للرَّسول صلى الله عليه وسلم بشأن مقالات قومه المكذِّبين، وكناية عن وعد الله لرسوله بأنه 5 سينتصر له منهم، وتهديد ووعيد من الله للذين يؤذون الرَّسول بأقوالهم بأنه سينتقم منهم وينصر رسوله، فقد "أخبر سبحانه أنه عالِم بما يقول أعداؤه، وذلك يتضمَّن مجازاته لهم بقولهم؛ إذ لم يخفَ عليه، وهو سبحانه يذكر علمه وقدرته لتحقيق الجزاء"

(1)

.

وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} ، فيه بيانٌ لحقيقة الرِّسالة وحقيقة الدعوة، وتطمينٌ للرَّسول صلى الله عليه وسلم بأنه غير مسؤول عن عدم اهتدائهم؛ لأنه إنما بُعث داعيًا وهاديًا، وليس مبعوثًا لإرغامهم على الإيمان. وفيه تأكيدٌ على أن الداعي غير مكلَّف بهداية قومه، بل يكفي دعوتهم، وبيان الحق لهم، إتمامًا للحُجَّة، وإبراءً للذمة.

{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} : هذه خاتمة الختام، وفيه تأكيدٌ على أن التذكير والذكرى مداره على هذا القرآن، وفيه تعليمٌ للعلماء والدعاة أن يكون محور دعوتهم مرتكزًا على هذا القرآن العظيم، وربط الناس به على كل الأحوال، وفي كل مجال

(2)

. ولهذا خُتمت به السُّورة كما بُدئت به: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} .

(1)

. الفوائد، لابن القيم (ص 14).

(2)

. انظر: كوكبة الخطب المنيفة، للسديس (1/ 57 - 58).

ص: 69