المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: سورة طه قوله تعالى: {وفتناك فتونا} [طه: 40] - المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي - جـ ٣

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابٌ:

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌ:مَا جَاءَ فِي ذِي الثُّدَيَّةِ وَأَهْلِ النَّهْرَوَانِ

- ‌بَابٌ:

- ‌بَابٌ:

- ‌بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌بَابٌ: فِي الرَّافِضَةِ

- ‌كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ

- ‌بَابُ: مَا جَاءَ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: صِلَةِ الرَّحِمِ فِي قُبُورِهِمْ

- ‌بَابٌ: فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌بَابُ: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ

- ‌بَابُ: مَا جَاءَ فِي الأَوْلادِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ سَبَّ وَالِدَاهُ

- ‌بَابٌ: فِي حَقِّ الْجَارِ

- ‌بَابُ: الْجِوَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ

- ‌‌‌بَابُ:الإِخَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌بَابُ:

- ‌بَابُ: لا حِلْفَ فِي الإِسْلامِ

- ‌بَابٌ: فِي السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا

- ‌بَابٌ: فِي زِيَارَةِ الإِخْوَانِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا لِلضَّيْفِ مِنَ الْحَقِّ

- ‌بَابً: فِي مَنِ احْتَقَرَ مَا قُدِّمَ إِلَيْهِ مِنَ الضِّيَافَةِ

- ‌‌‌بَابٌ:مَنْ أَطْعَمَهُ مُسْلِمٌ أَوْ سَقَاهُ فَلْيَأْكُلْ وَلا يَسْأَلْ

- ‌بَابٌ:

- ‌بَابٌ: فِي الْهَدِيَّةِ

- ‌بَابٌ: فِي رَحْمَةِ النَّاسِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ قَادَ أَعْمَى

- ‌بَابُ: تَقْيِيدِ النِّعَمِ بِالطَّاعَةِ

- ‌بَابُ: اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ

- ‌بَابٌ: فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ

- ‌بَابُ: أَيُّ الْخَلَفِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ

- ‌بَابُ: الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ

- ‌بَابُ: الْحُبُّ فِي اللَّهِ عز وجل

- ‌كِتَابُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا يَصِحُّ عَلَى الإِنْسَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ: الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ: مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ

- ‌بَابُ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ

- ‌بَابُ: صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌بَابُ: أَجْرِ الْقَرْضِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا يُؤْجَرُ فِيهِ الْمُؤْمِنُ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ أَطْعَمَ مُسْلِمًا حَتَّى يَشْبَعَ

- ‌بَابُ: كُلُّ مَعْرُوفٍ إِلَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فَهُوَ صَدَقَةٌ

- ‌بَابَ: الْمُؤْمِنُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ

- ‌بَابُ: عَزْلِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ الإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ

- ‌كِتَابُ الأَدَبِ

- ‌بَابُ: تَوْقِيرِ الْكَبِيرِ وَرَحْمَةِ الصَّغِيرِ

- ‌بَابٌ: فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ الْغَضَبِ

- ‌بَابٌ: فِي الرِّفْقِ

- ‌بَابٌ: فِي الْفُحْشِ

- ‌بَابُ: أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ

- ‌بَابُ: الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ

- ‌بَابُ: عَلَيْكُمْ بِالأَوْسَاطِ مِنَ الأَشْيَاءِ

- ‌بَابُ: لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

- ‌بَابُ: تَحْرِيمِ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلاثٍ

- ‌بَابُ: مَنِ افْتَخَرَ بِآبَاءٍ كُفَّارٍ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ التَّعْيِيرِ بِالنَّسَبِ

- ‌بَابُ: الْعُطَاسِ عِنْدَ الْحَدِيثِ

- ‌بَابُ: مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ وَمَا يُقَالَ لَهُ

- ‌بَابُ: أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ

- ‌بَابُ: تَغْيِيرِ الأَسْمَاءِ

- ‌بَابُ: تَكْرُمَةِ الاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌ:فِي الْمُصَافَحَةِ

- ‌بَابٌ:

- ‌بَابُ: السَّلامُ عَلَى النِّسَاءِ

- ‌بَابُ: الاسْتِئْذَانِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنِ اسْتَأْذَنَ وَلَمْ يُسَلِّمْ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ السَّلامِ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ: السَّلامِ عَلَى الْمُصَلِّي

- ‌بَابُ: الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌بَابُ: إِذَا حَدَّثَ أَحَدٌ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ

- ‌بَابُ: مَا جَاءَ فِي السَّبِّ

- ‌بَابٌ: فِي مَا نُهِيَ عَنْ سَبِّهِ

- ‌بَابٌ: فِي الْوَسْمِ

- ‌بَابُ: إِذَا حَمَّلْتُمْ فَأَخِّرُوا

- ‌بَابُ: الشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ

- ‌بَابُ: أَصْدَقُ الطِّيَرِ الْفَأْلُ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً أَوْ وَدَعَةً

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ صَدَّقَ سَاحِرًا أَوْ كَاهِنًا

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ الْخَلْوَةِ

- ‌بَابُ: أَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَأَوْكِئُوا الأَسْقِيَةَ

- ‌بَابُ: الْفَأْرَةُ تَجُرُّ الْفَتِيلَةِ فَتَحْرِقُ الْبَيْتَ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا

- ‌بَابُ: الزَّجْرِ عَنِ الْقِمَارِ

- ‌بَابُ: مَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ تَعَلَّمَ مَتْنًا هُجِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: حُكْمُ الشِّعْرِ حُكْمُ الْكَلامِ

- ‌بَابُ: الاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ

- ‌كِتَابُ عَجَائِبِ الْمَخْلُوقَاتِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ

- ‌بَابُ: تَأْكُلُ الأَرْضُ الإِنْسَانَ إِلا عَجْبَ ذَنَبِهِ

- ‌بَابٌ: فِي الذُّبَابِ وَغَيْرِهِ

- ‌كِتَابُ التَّعْبِيرِ

- ‌بَابٌ: فِي الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَدَرِ

- ‌بَابُ: إِثْبَاتِ الْقَدَرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ: فِي مَا أُمِرَ الْقَلَمُ بِكِتَابَتِهِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا يَكْتُبُهُ الْمَلَكُ عَلَى الْعَبْدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ وَمَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ

- ‌بَابٌ: فِي مَا أَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ

- ‌بَابُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ حُرْمَةً إِلا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَطَّلِعُهَا أَحَدٌ

- ‌بَابُ: لا يُقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلانٌ

- ‌بَابُ: النَّهْيِ عَنِ الْجِدَالِ فِي الْقَدَرِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ

- ‌بَابٌ: فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ

- ‌‌‌بَابٌ:فِي الأَطْفَالِ

- ‌بَابٌ:

- ‌كِتَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌بَابُ: لا يُفَسَّرُ الْقُرْآنُ بِالرَّأْيِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ بَرَاءَةٍ

- ‌بَابُ: سُورَةِ هُودٍ

- ‌بَابُ: سُورَةِ يُوسُفَ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الرَّعْدِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْحِجْرِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ طَهَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40]

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الشُّعَرَاءِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْقَصَصِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الأَحْزَابِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الرُّومِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ ص

- ‌بَابُ: سُورَةِ حم عسق

- ‌بَابُ: سُورَةِ الدُّخَانِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْحُجُرَاتِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ النَّجْمِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْحَشْرِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ ن

- ‌بَابُ: سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ

- ‌بَابُ: سُورَةِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ

- ‌بَابُ: سُورَةِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ

- ‌بَابُ: سُورَةِ أَلْهَاكُمْ

- ‌بَابُ: سُورَةِ تَبَّتْ

- ‌بَابُ: سُورَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

- ‌سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ

- ‌بَابُ: الْحُرُوفِ وَالْمَصَاحِفِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: الْقُرْآنُ غِنًى لا فَقْرَ بَعْدَهُ

- ‌بَابُ: إِعْرَابِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ: فَتْرَةُ النَّاسِ عَنِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ: الاسْتِمَاعُ إِلَى الْحَسَنِ الصَّوْتِ

- ‌‌‌بَابُ:فَضْلِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ

- ‌بَابُ:

- ‌كِتَابُ ذِكْرِ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ: ذِكْرِ أَبِينَا آدَمَ

- ‌بَابُ: ذِكْرِ نَبِيِّ اللَّهِ أَيُّوبَ

- ‌بَابُ: ذِكْرِ نَبِيِّ اللَّهِ يُوسُفَ

- ‌بَابُ: ذِكْرِ نَبِيِّ اللَّهِ عِيسَى

- ‌بَابُ: ذِكْرِ نَبِيِّ اللَّهِ يَحْيَى

- ‌بَابُ: ذِكْرِ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ: حَيَاةِ الأَنْبِيَاءِ فِي قُبُورِهِمْ

- ‌كِتَابُ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا ظَهَرَ فِي رَضَاعِهِ مِنَ الآيَاتِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: إِنْكَارِهِ عَلَى الْكُفَّارِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا صَبَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَا كَانَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ عَلامَةِ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: مَا جَاءَ فِي الإِسْرَاءِ

- ‌بَابُ: مَنْزِلَتِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اللَّهِ تبارك وتعالى

- ‌بَابٌ: فِي تَوَاضُعِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: طِيبِ رَائِحَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي حُسْنِ خُلُقِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: صَبْرِهِ عَلَى جَفْوَةِ الْعَرَبِ

- ‌بَابٌ: فِي جُودِهِ

- ‌بَابٌ: فِي صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ: اشْتِرَاطِهِ فِي دُعَائِهِ

- ‌بَابٌ: فِي خَصَائِصِهِ

- ‌بَابٌ: فِي تَأْيِيدِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ

- ‌بَابُ: رَدِّهِ عَيْنَ قَتَادَةَ

- ‌بَابُ: بَرَكَةِ دُعَائِهِ

- ‌بَابُ: آيَتِهِ فِي الْمَاءِ

- ‌بَابُ: انْقِيَادِ الشَّجَرِ لَهُ

- ‌بَابُ: أَدَبِ الْحَيَوَانَاتِ مَعَهُ

- ‌بَابُ: بَرَكَتِهِ فِي أَزْوَادِ الْقَوْمِ

- ‌بَابٌ: مِنْهُ

- ‌بَابٌ: مِنْهُ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاقِبِ

- ‌بَابُ: مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

- ‌بَابُ: مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

- ‌بَابُ: مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

- ‌مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌بَابُ: قِدَمِ إِسْلامِهِ

- ‌بَابٌ: فِي مَحَبَّتِهِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ يُطْرِيهِ بِمَا لَيْسَ لَهُ مِمَّنْ يَدَّعِي مَحَبَّتَهُ

- ‌بَابُ: إِثْبَاتِ الْجَنَّةِ لَهُ

- ‌بَابُ: مَنْزِلَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ»

- ‌بَابُ: مَحَبَّتِهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌بَابُ:فَتْحِ بَابِهِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ

- ‌بَابُ:

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ: فِي شَجَاعَتِهِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا بُشِّرَ بِهِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا عُهِدَ إِلَيْهِ فِيهِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ: فِي مَنْ آذَاهُ

- ‌بَابٌ: فِي قَتْلِهِ

- ‌بَابٌ: فِي قَاتِلِهِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

- ‌بَابُ: مَنَاقِبِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعَشَرَةِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ: الْوَصِيَّةُ بِهِمْ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ الْحَسَنِ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ الْحُسَيْنِ

- ‌بَابٌ: فِي مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ آسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ مَيْمُونَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حَيِيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَوَلَدِهِ أُسَامَةَ مَوْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ الْعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌بَابٌ: فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

الفصل: ‌باب: سورة طه قوله تعالى: {وفتناك فتونا} [طه: 40]

الآية.

1184 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قَالُوا: حَدَّثَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

‌بَابُ: سُورَةِ الْحِجْرِ

1185 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72] .

قَالَ: بِحَيَاتِكَ.

‌بَابُ: سُورَةِ طَهَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40]

.

1186 -

حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْجُهَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] .

سَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ؟ قَالَ: اسْتَأْنِفَ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلا؛ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ فَقَالَ: تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءً وَمُلُوكًا.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيَنْتَظِرُونَ ذَلِكَ مَا يَشُكُّونَ فِيهِ وَقَدْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، فَلَمَّا هَلَكَ قَالُوا: لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ.

قَالَ فِرْعَوْنُ: فَكَيْفَ تَرَوْنَهُ فَائْتَمَرُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالا مَعَهُمْ الشِّفَارُ يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلا ذَبَحُوهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا

ص: 96

رَأَوُا أَنَّ الْكِبَارَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ وَالصِّغَارُ يُذَبَّحُونَ قَالُوا: يُوشِكَ أَنْ تُفْنُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَصِيرُونَ إِلَى أَنْ تُبَاشِرُوا مِنَ الأَعْمَالِ الَّتِي كَانُوا يَكْفُونَكُمْ فَاقْتُلُوا كُلَّ عَامٍ مَوْلُودَا ذَكَرًا فَيَقِلُّ نَبَاتُهُمْ، وَأبْقُوا عَامًا لا يُقْتَلُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَيَنْشَأُ الصِّغَارُ مَكَانَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْكِبَارِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَكْثُرُوا بِمَنْ تَسْتَحْيُونَ مِنْهُمْ فَتَخَافُونَ مُكَاثَرَتَهُمْ إِيَّاكُمْ، وَلَنْ يَفْنَوْا بِمَنْ تَقْتُلُونَ فَتَحْتَاجُونَ إِلَى ذَلِكَ.

فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَتْ أَمُّ مُوسَى بِهَارُونَ فِي الْعَامِ الَّذِي لا يُذْبَحُ فِيهِ الْغِلْمَانُ فَوَلَدَتْهُ عَلانِيَةً أَمِنَةً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَتْ بِمُوسَى فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا الْهَمُّ وَالْحَزَنُ - وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ ـ مَا دَخَلَ مِنْهُ فِي قَلْبِ أُمِّهِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهَا:{وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7] .

وَأَمَرَهَا إِنْ وَلَدَتْ أَنْ تَجْعَلَهُ فِي تَابُوتٍ ثُمَّ تُلْقِيهِ فِي الْيَمِّ، فَلَمَّا وَلَدَتْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِهِ فَلَمَّا تَوَارَى عَنْهَا ابْنُهَا أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: مَا صَنَعْتُ بِابْنِي لَوْ ذُبِحَ عِنْدِي فَوَارَيْتُهُ وَكَفَّنْتُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُلْقِيَهُ بِيَدِي إِلَى زَفَرَاتِ الْبَحْرِ وَحِيتَانِهِ فَانْتَهَى الْمَاءُ بِهِ حَتَّى انْتَهَى فُرْضَةُ مُسْتَقَى جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَخَذْنَهُ فَهَمَمْنَ أَنْ يَفْتَحْنَ التَّابُوتَ فَقَالَ بَعْضُهُنَّ: إِنَّ فِي هَذَا مَالا وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امْرَأَةُ الْمَلِكِ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ فَحَمَلْنَهُ بِهَيْئَتِهِ لَمْ يُحَرِّكْنَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَفَعْنَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتْ فِيهِ غُلامًا فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَحَبَةٌ لَمْ تَجِدْ مِثْلَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ قَطُّ! فَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا مِنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنُ لِيَذْبَحُوهُ فَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ لَهُمْ: اتْرُكُوهُ فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى آتِي فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبُهُ مِنْهُ فَإِنْ وَهَبَهُ لِي كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلَمْكُمْ.

فَأَتَتْ بِهِ إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ.

قَالَ فِرْعَوْنُ: يَكُونُ لَكِ فَأَمَّا لِي فَلا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةُ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ لَهَدَاهُ اللَّهُ كَمَا هَدَى امْرَأَتَهُ» .

ص: 97

وَلَكِنْ حَرَمَهُ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا لَبَنٌ لِتَخْتَارَ لَهُ ظِئْرًا؛ فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَهَا حَتَّى أَشْفَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتُ فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ وَمَجْمَعٌ النَّاسِ تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا يَأْخُذُ مِنْهَا فَلَمْ يَقْبَلْ.

فَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهَةً فَقَالَتْ لأُخْتِهِ: قُصِّيهِ قُصِّي أَثَرَهُ وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا أَحَيٌّ ابْنِي أَمْ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَهَا فِيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ أُخْتُهُ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، وَالْجُنُبُ أَنْ يَسْمُو بَصَرُ الإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ لا يَشْعُرُ بِهِ.

فَقَالَتْ مِنَ الْفَرَحِ حِينَ أَعْيَاهُمْ الظُّؤَارُ: أَنَا {أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 12] .

فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: مَا يُدْرِيكِ مَا نُصْحُهُمْ لَهُ؟ هَلْ تَعْرِفِينَهُ حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ: نَصِيحَتُهُمْ لَهُ وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ رَغْبَةٌ فِي صِهْرِ الْمَلِكِ وَرَجَاءُ مَنْفَعَتِهِ فَأَرْسَلُوهَا، فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا نَزَى إِلَى ثَدْيِهَا فَمَصَّهُ حَتَّى امْتَلأَ جَنْبَاهُ رَيًّا وَانْطَلَقَ الْبَشِيرُ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يُبَشِّرُهَا أَنْ قَدْ وَجَدْنَا لابْنِكِ ظِئْرًا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَأُتِيَتْ بِهَا وَبِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ بِهَا قَالَتْ لَهَا: امْكُثِي عِنْدِي تُرْضِعِينَ ابْنِي هَا فَإِنِّي لَمْ أُحِبَّ حُبَّهُ شَيْئًا قَطُّ.

قَالَتْ أُمُّ مُوسَى: لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَ بَيْتِي وَوَلَدِي فَنَضِيعُ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُكِ أَنْ تُعْطِيَنِيهِ فَأَذْهَبُ بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيَكُونُ مَعِي لا آلُوهُ خَيْرًا وَإِلا فَإِنِّي غَيْرُ تَارِكَةٍ بَيْتِي وَوَلَدِي، وَذَكَرَتْ أُمُّ مُوسَى مَا كَانَ اللَّهُ عز وجل وَعَدَهَا فَتَعَاسَرَتْ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَأَيْقَنَتْ أَنَّ اللَّهَ عز وجل مُنْجِزٌ وَعْدَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا بِابْنِهَا، فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مُجْتَمِعِينَ يَمْتَنِعُونَ مِنَ السُّخْرَةِ وَالظُّلْمِ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ.

قَالَ: فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لأُمِّ مُوسَى: أُرِيدُ أَنْ تُرِيَنِي ابْنِي.

فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُرِيهَا إِيَّاهُ فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخُزَّانِهَا وَقَهَارِمَتِهَا وَظُئُورَتِهَا: لا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا اسْتَقْبَلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ لأَرَى ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِي

ص: 98

كُلَّ مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ.

فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ والنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ أُدْخِلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا بَجَّلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ وَأَعْجَبَهَا وَبَجَّلَتْ أُمَّهُ بِحُسْنِ أَثَرِهَا عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَتْ: لآتِيَنَّ بِهِ فِرْعَوْنَ فَلْيُبُجِّلَنَّهُ وَلْيُكْرِمَنَّهُ.

فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَتْهُ فِي حِجْرِهِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الأَرْضِ فَقَالَ الْغُوَاةُ أَعْدَاءُ اللَّهِ لِفِرْعَوْنَ: أَلا تَرَى مَا وَعَدَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ يَرُبُّكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعُكَ فَأَرْسِلْ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرْبِكَ بِهِ فُتُونًا، فَجَاءَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي.

قَالَ: تَرِينَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي قَالَ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا تَعْرِفُ الْحَقَّ فِيهِ.

ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ فَإِنْ بَطَشَ بِاللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ عَرَفْتُ أَنَّهُ يَعْقِلُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا لا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ، فَقَرَّبَ ذَلِكَ فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ فَانْتَزَعُوهُمَا مِنْ يَدِهِ مَخَافَةَ أَنْ تَحْرِقَاهُ فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ: أَلا تَرَى.

فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ عز وجل بَالِغًا فِي أَمْرِهِ فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلا سُخْرَةٍ حَتَّى امْتَنَعُوا كُلَّ الامْتِنَاعِ، فَبَيْنَمَا مُوسَى فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ فَاسْتَغَاثَهُ الإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيُّ فَغَضِبَ مُوسَى غَضَبًا شَدِيدًا لأنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ، لا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلا إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلا أُمَّ مُوسَى إِلا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَطْلَعَ مُوسَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، فَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلا اللَّهَ ثُمَّ الإِسْرَائِيلِيَّ.

فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص: 15] ثم قَالَ: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16] وَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقُّبُ الأَخْبَارَ فَأُتِيَ فِرْعَوْنُ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا حَقَّنَا وَلا تُرَخِّصْ لَهُمْ.

فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مَعَ قَوْمٍ لا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقَيِّدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلا ثَبْتٍ فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ آخُذَ لَكُمْ

ص: 99

بِحَقِّكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لا يَجِدُونَ ثَبْتًا إِذَا مُوسَى قَدْ رَأَى مِنَ الْغَدِ ذَلِكَ الإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَاسْتَغَاثَهُ الإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَصَادَفَ مُوسَى قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَكَرِهَ الَّذِي رَأَى لِغَضَبِ الإِسْرَائِيلِيِّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ فَقَالَ لِلإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ أَمْسَ وَالْيَوْمَ {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} [القصص: 18] فَنَظَرَ الإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى حِينَ قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالأَمْسِ فَخَافَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ وَمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ الإِسْرَائِيلِيُّ فَحَاجَزَ الْفِرْعَوْنِيَّ {قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} [القصص: 19] وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ وَتَنَازَعَا وَتَطَاوَعَا وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} [القصص: 19] فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الأَعْظَمَ يَمْشُونَ عَلَى هَيْئَتِهِمْ يَطْلُبُونَ مُوسَى وَهُمْ لا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى يَسْبِقَهُمْ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَخَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ لَمْ يَلْقَ بَلاءً قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ بِالطَّرِيقِ عِلْمٌ إِلا حُسْنَ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عز وجل فَإِنَّهُ قَالَ: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ {22} وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 22-23] يَعْنِي بِذَلِكَ: حَابِسَتَيْنِ غَنَمِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا: مَا خَطْبُكُمَا مُعْتَزِلَيْنِ لا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ قَالَتَا: لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ النَّاسَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حِيَاضِهِمْ، فَسَقَى لَهُمَا فَجَعَلَ يَغْرِفُ الدَّلْوَ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَ أَوَّلَ الرِّعَاءِ فَرَاغًا فَانْصَرَفَتَا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا وَانْصَرَفَ مُوسَى فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ

ص: 100

فَقِيرٌ} [القصص: 24] فَاسْتَنْكَرَ أَبُوهُمَا سُرْعَةَ صُدُورِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حَفِلا بِطَانًا فَقَالَ: إِنَّ لَكُمَا الْيَوْمَ لَشَأْنًا! فَأَخْبَرَتَاهُ بِمَا صَنَعَ مُوسَى فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا تَدْعُوهُ لَهُ، فَأَتَتْ مُوسَى فَدَعَتْهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ:{لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلا قَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ.

قَالَ: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: 26] فَاحْتَمَلَتْهُ الْغِيرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ حِينَ سَقَى لَنَا لَمْ أَرْ رَجُلا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ السَّقْيِ مِنْهُ، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ قَالَتْ: فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينَ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخِصْتُ لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ صَوَّبَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ حِينَ بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ ثُمَّ قَالَ: امْشِي خَلْفِي وَانْعَتِي لِي الطَّرِيقَ فَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا الأَمْرَ إِلا وَهُوَ أَمِينٌ فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهَا فَصَدَّقَهَا وَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ {أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27] فَفَعَلَ، فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم ثَمَانِي سِنِينَ وَاجِبَةٌ وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَةً مِنْهُ فَقَضَى اللَّهُ عَنْهُ عِدَّتَهُ فَأَتَمَّهَا عَشْرًا.

قَالَ سَعِيدٌ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لا أَدْرِي فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ.

فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَتْ عَلَى مُوسَى وَاجِبَةً وَلَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ لِيُنْقِصَ مِنْهَا شَيْئًا وَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَاضٍ عَنْ مُوسَى عِدَّتَهُ الَّتِي وَعَدَ فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُ ذَلِكَ فَقَالَ: الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ.

قَالَ: قُلْتُ أَجَلُّ وَأَوْلَى فَلَمَّا سَارَ مُوسَى بِأَهْلِهِ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّارِ وَالْعَصَى وَيَدِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ، فَشَكَا إِلَى رَبِّهِ تبارك وتعالى مَا يَتَخَوَّفَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ مِنَ الْقَتْلِ وَعُقْدَةِ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُقْدَةً تَمْنَعُهُ مِنْ كَثِيرِ الْكَلامِ وَسَأَلَ رَبَّهُ

ص: 101

أَنْ يُعِينَهُ بِأَخِيهِ هَارُونَ لِيَكُونَ لَهُ رِدْءًا وَيَتَكَّلَمَ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لا يَفْصَحُ بِهِ لِسَانُهُ.

فَأَتَاهُ اللَّهُ سُؤْلَهُ وَحَلَّ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَارُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْقَاهُ فَانْدَفَعَ مُوسَى بِعَصَاهُ حَتَّى لَقِيَ هَارُونَ فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْنَ فَأَقَامَا عَلَى بَابِهِ حِينًا لا يُؤْذَنُ لَهُمَا ثُمَّ أُذِنَ لَهُمَا بَعْدَ حِجَابٍ شَدِيدٍ.

فَقَالا: {إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ} [طه: 47] .

{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه: 49] .

فَأَخْبِرْهُ بِالَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ.

قَالَ: فَمَا تُرِيدُ؟ وَذَكَّرَهُ الْقَتِيلَ فَاعْتَذَرَ بِمَا قَدْ سَمِعْتَ وَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ.

فَقَالَ: ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهًا مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الأَوَّلِ فَاسْتَشَارَ الْمَلأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى فَقَالُوا لَهُ:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه: 63]- يَعْنِي مُلْكِهِمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ - فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَنَا السَّحَرَةَ فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُهُمْ سِحْرَهُمَا، فَأَرْسَلَ فِي الْمَدِينَةِ فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا: بِمَا يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ؟

ص: 102

قَالُوا: يَعْمَلُ بِالْحَيَّاتِ.

قَالُوا: فَلا وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ أَحَدٌ يَعْمَلُ السِّحْرَ بِالْحَيَّاتِ وَالْعِصِيَّ الَّذِي نَعْمَلُ فَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي وَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كَمَا أَحْبَبْتُمْ.

فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59] .

قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ يَوْمَ الزِّينَةِ الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةِ وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ.

فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الأَمْرَ {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الشعراء: 40] يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ اسْتِهْزَاءً بِهِمَا.

فَقَالُوا: يَا مُوسَى ، لِقُدْرَتِهِمْ بِسِحْرِهِمْ {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} [الأعراف: 115] .

قَالَ: بَلْ أَلْقُوا.

{فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء: 44] .

فَرَأَى مُوسَى مِنْ سِحْرِهِمْ مَا أَوْجَسَ مِنْ نَفْسِهِ خِيفَةً، فَأَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِ {أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [الأعراف: 117] فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ ثُعْبَانًا عَظِيمًا فَاغِرَةً فَاهَا فَجَعَلَتْ الْعِصِيُّ بِدَعْوَةُ مُوسَى تَلْتَبِسُ بِالْحِبَالِ حَتَّى صَارَتْ جُرُزًا إِلَى الثُّعْبَانِ تَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى مَا أَبْقَتْ عَصًا وَلا حَبْلا إِلا ابْتَلَعَتْهُ، فَلَمَّا عَرَفَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا لَمْ يَبْلُغْ مِنْ سِحْرِنَا هَذَا وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تبارك وتعالى آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَنَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ فَكَسَرَ اللَّهُ ظَهْرَ فِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَأَشْيَاعِهِ وَأَظْهَرَ

ص: 103

الْحَقَّ {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {118} فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ {119} } [الأعراف: 118-119] وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَارِزَةٌ مُبْتَذِلَةٌ تَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى بِالنَّصْرِ لِمُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ فَمَنْ رَآهَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ظَنَّ أَنَّهَا ابْتَذَلَتْ لِلشَّفَقَةِ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ.

وَإِنَّمَا كَانَ حُزْنُهَا وَهَمُّهَا لِمُوسَى فَلَمَّا طَالَ مَكْثُ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوَاعِيدَهُ وَقَالَ: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ يَصْنَعُ غَيْرَ هَذَا.

فَأُرْسِلَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ: الطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقَمْلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ آيَاتٌ مُفَصَّلاتٌ كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى وَيَطْلُبُ إِلَى مُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ وَيُوَافِقُهُ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَنَكَثَ عَهْدَهُ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلا؛ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ فَتَبِعَهُمْ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى الْبَحْرِ أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرَقَ اثْنَيْ عَشَرَ فِرْقًا حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ، فَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِالْعَصَى فَانْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ وَلَهُ تَطَرُّقٌ مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ وَهُوَ غَافِلٌ فَيَصِيرُ عَاصِيًا فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ وَتَقَارَبَا قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61] افْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ فَإِنَّكَ لَنْ تَكْذِبَ وَلَنْ يَكْذِبَ.

فَقَالَ: وَعَدَنِي رَبِّي إِذَا أَتَيْتُ الْبَحْرَ أَنْ يَفْرُقَ لِي اثْنَى عَشَر فِرْقًا حَتَّى أُجَاوِزَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصَى فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَانْفَرَقَ لَهُ حِينَ دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَاخِرِ جُنْدِ مُوسَى، فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ وَكَمَا وَعَدَ مُوسَى فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ وَدَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ الْتَقَى عَلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ.

فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْرَ قَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ لا يَكُونَ فِرْعَوْنُ غَرِقَ فَلا نُؤْمِنُ بِهَلاكِهِ.

ص: 104

فَدَعَى رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ لَهُ بِبَدَنِهِ حَتَّى اسْتَيْقَنُوا بِهَلاكِهِ، ثُمَّ مَرُّوا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ {138} إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {139} } [الأعراف: 138-139] .

قَدْ رَأَيْتُمْ مِنَ الْعِبَرِ وَسَمِعْتُمْ مَا يَكْفِيكُمْ وَمَضَى فَأَنْزَلَهُمْ مُوسَى مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَطِيعُوا هَارُونَ فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُهُ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي وَأَجَّلَهُمْ ثَلاثِينَ يَوْمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ.

فَلَمَّا أَتَى رَبَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي ثَلاثِينَ وَقَدْ صَامَهُنَّ لَيْلَهُنَّ وَنَهَارَهُنَّ كَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ رَبَّهُ وَيَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ رِيحُ فَمِ الصَّائِمِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الأَرْضِ فَمَضَغَهُ.

فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَ أَتَاهُ: أَفَطَرْتَ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالَّذِي كَانَ.

قَالَ: رَبِّ كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمُكَ إِلا وَفَمِي طَيِّبُ الرِّيحِ.

قَالَ: أَوَ مَا عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ارْجِعْ حَتَّى تَصُومَ عَشْرًا ثُمَّ ائْتِنِي.

فَفَعَلَ مُوسَى مَا أُمِرَ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ لِلأَجَلِ قَالَ: سَاءَهُمْ ذَلِكَ وَكَانَ هَارُونُ قَدْ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ وَلِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عَوَارٌ وَوَدَائِعُ وَلَكُمْ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَأَنَا أَرَى أَنْ تَحْتَسِبُوا مَا لَكُمْ عِنْدِي وَلا أَحُلُّ لَكُمْ وَدِيعَةً وَلا عَارِيَةً، وَلَسْنَا بِرَادِّينَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلا مُمْسِكِيهِ لأَنْفِسِنَا فَحَفَرَ حَفِيرًا وَأَمَرَ كُلَّ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَحْرَقَهُ وَقَالَ: لا يَكُونُ لَنَا وَلا لَهُمْ.

وَكَانَ السَّامِرِيُّ رَجُلا مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ جِيرَانٍ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا فَقُضِيَ لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً فَمَرَّ بِهَارُونَ فَقَالَ لَهُ: يَا سَامِرِيُّ أَلا تُلْقِي مَا فِي يَدِكَ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهُ وَلا يَرَاهُ أَحَدٌ طَوَالَ ذَلِكَ قَالَ: هَذِهِ قَبْضَةٌ مُنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكُمُ الْبَحْرَ فَمَا أُلْقِيهَا

ص: 105

بِشَيْءٍ إِلا أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ إِذَا أَلْقَيْتُهَا أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ؛ فَأَلْقَاهَا وَدَعَا لَهُ هَارُونُ وَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُكَوِّنَ عِجْلا فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نَحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ لَهُ خُوَارٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلا وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَا سَامِرِيُّ مَا هَذَا فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ.

قَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ! وَلَكِنَّ مُوسَى ضَلَّ الطَّرِيقَ.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ بِرَبِّنَا وَلا نُؤْمِنُ بِهِ وَلا نُصَدِّقُ.

وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ مِنْ قُلُوبِهِمُ التَّصْدِيقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ بِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} [طه: 90] لَيْسَ هَكَذَا.

قَالُوا: فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَنَا ثَلاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا فَهَذِهِ الأَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ؟ فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: أَخْطَأَ رَبَّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتَّبِعُهُ.

فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: 86] فَقَالَ لَهُمْ: مَا سَمِعْتُمُ الْقُرْآنَ {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150] وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ ثُمَّ أَنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ.

قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ لَهَا وَعَمِيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي {96} قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا {97} } [طه: 96-97] وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ تَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ.

فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلُ رَأْيِ هَارُونَ وَقَالُوا جَمَاعَتُهُمْ لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا فَتُكَفِّرُ لَنَا مَا عَمِلْنَا.

فَاخْتَارَ قَوْمُهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِذَلِكَ لإِتْيَانِ الْجَبَلِ مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ

ص: 106

فَانْطَلَقَ بِهِمْ لِيَسْأَلَ لَهُمُ التَّوْبَةَ فَرَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ فَاسْتَحْيَا نَبِيُّ اللَّهِ مِنْ قَوْمِهِ وَوَفْدِهِ حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فَعِلَ فَقَالَ: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155] وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مَا أُشْرِبَ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ إِيمَانًا بِهِ فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ.

فَقَالَ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {156} الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف: 156-157] .

فَقَالَ: رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ لِقَوْمِي فَقُلْتَ: إِنَّ رَحْمَتَكَ كَتَبْتَهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي، فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي حَيًّا مِنْ أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ.

فَقَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُ: إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ فَيَقْتُلَهُ بِالسَّيْفِ لا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَيَأْتِي أُولَئْكَ الَّذِينَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونُ مَا اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَغَفَرَ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ.

ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَخَذَ الأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَنَ عَنْهُ الْغَضَبُ، فَأَمَرَهُمْ بِهِ أَنْ يُبْلِغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا فَنَتَقَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْغُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالأَرْضِ وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَوَجَدُوا فِيهَا مَدِينَةً فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ خُلُقُهُمْ خُلُقٌ مُنْكَرٌ وَذَكَرُوا مِنْ ثِمَارِهِمْ أَمْرًا عَجِيبًا.

فَقَالُوا: {يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: 22] لا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَلا نَدْخُلُهَا مَا دَامُوا فِيهَا {فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22] .

ص: 107

{قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [المائدة: 23] مِنَ الْجَبَّارِينَ: آمَنَّا بِمُوسَى.

فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ فَقَالا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِقَوْمِنَا إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَخَافُونَ مِنَ الْجَبَّارِينَ مَا تَرَوْنَ مِنْ أَجْسَامِهِمْ وَعِدَّتِهِمْ فَإِنَّهُمْ لا قُلُوبَ لَهَمْ وَلا مَنْعَةَ عِنْدَهُمْ فَادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة: 23] .

وَيَقُولُ نَاسٌ: إِنَّهُمَا مِنْ قَوْمِ مُوسَى.

وَزُعِمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا مِنَ الْجَبَابِرَةِ آمَنَا بِمُوسَى يَقُولُ: {مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [المائدة: 23] إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] فَأَغْضَبُوا مُوسَى، فَدَعَا عَلَيْهِمْ وَسَمَّاهُمْ فَاسِقِينَ وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَإِسَاءَتِهِمْ حَتَّى كَانَ يَوْمَئِذٍ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فَسَمَّاهُمْ كَمَا سَمَّاهُمْ مُوسَى فَاسِقِينَ وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ مِنَ التِّيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لا تَبْلَى وَلا تَتَّسِخُ وَجَعَلَ بَيْنَ ظُهُورِهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60] فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلاثَةُ أَعْيُنٍ وَأَعْلَمَ كُلَّ سَبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهَا لا يَرْتَحِلُوا مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ فِيهِمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالأَمْسِ.

رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِدْقُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْفِرْعَوْنِيَّ هَذَا الَّذِي أَفْشَى عَلَى مُوسَى أَمْرَ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَ.

قَالَ: فَكَيْفَ يُفْشِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ لا ظَهَرَ عَلَيْهِ إِلا الإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ.

وَشَهِدَهُ؟

ص: 108