الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ:
988 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: أَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ.
قَالَ: قُلْتُ: فِيمَ فَارَقُوهُ؟ وَفِيمَ اسْتَحَلُّوهُ؟ وَفِيمَ دَعَاهُمْ؟ وَفِيمَ فَارَقُوهُ؟ وَبِمَ اسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ؟ قَالَ: إِنَّمَا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي الشَّامِ بِصِفِّينَ اعْتَصَمَ مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ بِحِيَلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَرْسِلْ إِلَيْهِ بِالْمُصْحَفِ فَلا وَاللَّهِ لا يَرُدُّهُ عَلَيْكَ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ يَحْمِلُهُ يُنَادِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 23] الآية.
قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ إِنَّا أَوْلَى بِهِ.
فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ وَكُنَّا نُسَمِّيهِمْ يَوْمَئِذٍ الْقُرَّاءَ وَجَاءُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَقَالِوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلا تَمْشِي إِلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.
فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالا قَاتَلْنَا، وَذَاكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فَجَاءَهُمُ ابْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: «بَلَى» .
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: «بَلَى» .
قَالَ: فَعَلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمْ يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا» فَانْطَلَقَ عُمَرُ وَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَعَلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمْ يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا.
فَنَزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» .
قَالَ: فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ وَرَجَعَ النَّاسُ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا بَحْرًا وَرَاءَ أُولَئِكَ الْعِصَابَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ يُنْشِدُهُمُ اللَّهَ.
فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَتَاهُمْ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَأَنْشَدَهُمْ.
وَقَالَ: عَلامَ تُقَاتِلُونَ خَلِيفَتَكُمْ؟ قَالُوا: مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
قَالَ: فَلا تُعَجِّلُوا ضَلالَةَ الْعَامِ مَخَافَةَ فِتْنَةِ عَامٍ قَابِلٍ.
فَرَجَعُوا وَقَالُوا: نَسِيرُ عَلَى مَا جِئْنَا، فَإِنْ قَبِلَ عَلِيٌّ الْقَضِيَّةَ قَاتَلْنَا عَلَى مَا قَاتَلْنَا يَوْمَ صِفِّينَ وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ.
فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا النَّهْرَوَانَ فَافْتَرَقَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ فَجَعَلُوا يَهْدُونَ النَّاسَ لَيْلا.
قَالَ أَصْحَابُهُمْ: وَيْلَكُمْ.
مَا عَلَى هَذَا فَارَقْنَا عَلِيًّا، فَبَلَغَ عَلِيًّا أَمْرُهُمْ فَقَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ أَنَسِيرُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ أَمْ نَرْجِعُ إِلَى هَؤُلاءِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إِلَى ذَرَارِيِّكُمْ؟ قَالُوا: فَلِمَ تَرْجِعُ فَذَكَرَ أَمْرَهُمْ فَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِمَا قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِرْقَةً تَخْرُجُ عِنْدَ اخْتِلافٍ مِنَ النَّاسِ تَقْتُلُهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ عَلامَتُهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ» .
فَسَارُوا حَتَّى الْتَقَوْا بِالنَّهْرَوَانِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، فَجَعَلَتْ خَيْلُ عَلِيٍّ لا تَقِفُ لَهُمْ فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ لِي فَوَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أَجْزِيكُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ لِلَّهِ فَلا يَكُونُ هَذَا فِعَالَكُمْ.
فَحَمَلَ النَّاسُ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَانْجَلَتِ الْخَيْلُ عِنْدَهُمْ وَهُمْ مُنْكَبُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: اطْلُبُوا الرَّجُلَ فِيهِمْ.
فَطَلَبَ النَّاسُ الرَّجُلَ فَلَمْ يَجِدُوهُ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: غَرَّنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ إِخْوَانِنَا حَتَّى قَتَلْنَاهُمْ.
قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنُ عَلِيٍّ.
قَالَ: فَدَعَى بِدَابَّتِهِ فَرَكِبَهَا فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى وَهْدَةً فِيهَا قَتْلَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلَ يَجُرُّ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى وَجَدَ الرَّجُلَ تَحْتَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَرِحَ وَفَرِحَ النَّاسُ وَرَجَعُوا.
وَقَالَ عَلِيٌّ: لا أَغْزُو الْعَامَ، وَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ.
وَقُتِلَ رحمه الله وَاسْتُخْلِفَ حَسَنٌ وَسَارَ سَيْرَةَ أَبِيهِ ثُمَّ بَعَثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: لَيْسَ هُوَ بِهَذَا السِّيَاقِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَفِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ مِنْ قَوْلِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَبَعْضُ قَوْلِ عَلِيٍّ.
989 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي: أَنَّهُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ؛ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعُهُمْ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِي قَتْلِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ شَدَّادَ بْنَ الْهَادِ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ حَدِّثْنِي عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ.
قَالَ: وَمَا لِي لا أَصْدُقُكِ؟ قَالَتْ: فحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ.
قَالَ: فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمْ الْحَكَمَانِ وَخَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالَ لَهَا: حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ كَسَاكَهُ اللَّهُ وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهِ بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ فَحَكَمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلا حَكَمَ إِلا اللَّهُ؛ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ؛ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا مَنْ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ.
فَلَمَّا امْتَلأَتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفِ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ عَلِيٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَفِقَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ.
فَنَادَاهُ النَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْنَاهُ فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَصْحَابُكُمْ أُولاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ.
يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] .
فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ حُرْمَةً أَوْ ذِمَّةً مِنِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ، وَنَقِمُوا عَلَيَّ أَنِّي كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ.
كَتَبْتُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
قَالَ: لا تَكْتُبْ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
قَالَ: «وَكَيْفَ نَكْتُبُ» ؟ قَالَ سُهَيْلٌ: اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» .
فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أُخَالِفْكَ.
فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا.
يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21] .
فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَيَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَلْيِعْرِفْهُ، فَأَنَا أَعْرِفُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ:{قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] .
فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَلا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللَّهِ.
قَالَ: فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ الْكِتَابَ، فَإِنْ جَاءَنَا بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ، وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلٍ وَلَنَرُدَّنَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ.
فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ الْكِتَابَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ كُلُّهُمْ تَائِبٌ فِيهِمْ ابْنُ الْكَوَّاءِ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلِيٌّ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَبَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى بَقِيَّتِهِمْ.
قَالَ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ؛ فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: أَنْ لا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلا، أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ:{إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] .
قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ فَقَدْ قَتَلَهُمْ؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السُّبُلَ وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ وَاسْتَحَلُّوا
الذِّمَّةَ.
فَقَالَتْ: اللَّهُ قَالَ: اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، لَقَدْ كَانَ.
قَالَتْ: فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ: ذَا الثُّدَيَّةِ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا، فَمَا أَكْثَرُ مَنْ جَاءَ يَقُولُ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلانٍ يُصَلِّي وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بَثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلا ذَلِكَ.
قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ .
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَتْ: فَهَلْ رَأَيْتَهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لا.
قَالَتْ: أَجَلْ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
يَرْحَمُ اللَّهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلامِهِ لا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلا قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
فَذَهَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ.
990 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ السَّلَمَانِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَ حَيْثُ أُصِيبَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهَا حَسَدَتْهُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ عَوْفٌ: عَمْدًا أَمْسَكْتُ عَنْهَا.
991 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعُرْيَانِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَوْمَ قَتْلِ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ.
فَذَكَرَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَوْ خَرَجَتْ رُوحُ إِنْسَانٍ مِنَ الْفَرَحِ لَخَرَجَتْ رُوحُ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ