الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت" (1) .
(1) المدارس والكتاتيب القرآنية: 17.
2 -
التدرج في التعليم:
لا ريب أن البداءة بتعليم الأصول والكليات قبل الفروع والجزئيات، يعد السلَّم السوي في مراتب التعليم، وأدعى لثبات العلم ورسوخه لدى المتعلم.
وقد قرر المنهج النبوي هذه الطريقة في التعليم، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن فتيان حَزاوِرة (2) ، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن، ثم تعلمنا القرآن، فازددنا به إيماناً"(3) .
ودلَّ حديث ابن عمر - وهو من صغار الصحابة - أن هذا المنهج سرى على الصحابة عموماً، فقال رضي الله عنه:"لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها"(4) ، ثم بيَّن أن هذا المنهج طرأ عليه تغيير في جيل التابعين، فيقول عن بعض من شاهد طريقة تعلمهم القرآن:
(2) جمع حَزْور وحَزوَّر، وهو الفتى الذي قارب البلوغ، (النهاية لابن الأثير: 1 / 380) .
(3)
رواه ابن ماجه في مقدمة سننه: 1 / 23.
(4)
سبق تخريجه ص: 28.
"ولقد رأيت اليوم رجالاً، يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدَّقَل"(1) .
وهذا الذي يتحدث عنه رضي الله عنه حقيقة مرة نلحظها اليوم في بعض روَّاد حلق القرآن، فتجد الواحد منهم من أبعد الناس خلقاً وأدباً وسلوكاً عما يدعو إليه القرآن، وما ذلك إلا لتحوُّل المنهج الصحيح في الأخذ والتلقي، فأصبح الأمر مجرد ألفاظ يرددها ويحفظها، فلا تجد لها مسلكاً إلى القلب، فلا ينتفع بهذا الكلام المبارك.
ومن هذا المبدأ يجب على كل معلم لكتاب الله أن يكون حكيماً في تعليمه، متفهماً لما يعطيه، فقد جاء عن الضحاك في معنى قوله تعالى:{ِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (آل عمران: 79)، قال:"حق على من تعلَّم القرآن أن يكون فقيهاً"(2) .
وقال البخاري: "ويقال: الرباني الذي يربّي الناس بصغار العلم قبل كباره"(3) ، أي يبدأ بالقضايا الواضحة السهلة، قبل المسائل الدقيقة والكبيرة (4) .
لذلك على المعلم أن يراعي مدارك الطلاب، ومستوياتهم، وأعمارهم، ويعطي كلاً بما يقدر عليه.
(1) تتمة الحديث السابق، والدَّقَل: رديء التمر.
(2)
تفسير ابن كثير: 1 / 385.
(3)
كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل (فتح الباري: 1 / 192) .
(4)
انظر فتح الباري: 1 / 195.
عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت" (1) .
(1) المدارس والكتاتيب القرآنية: 17.
2 -
التدرج في التعليم:
لا ريب أن البداءة بتعليم الأصول والكليات قبل الفروع والجزئيات، يعد السلَّم السوي في مراتب التعليم، وأدعى لثبات العلم ورسوخه لدى المتعلم.
وقد قرر المنهج النبوي هذه الطريقة في التعليم، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن فتيان حَزاوِرة (2) ، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن، ثم تعلمنا القرآن، فازددنا به إيماناً"(3) .
ودلَّ حديث ابن عمر - وهو من صغار الصحابة - أن هذا المنهج سرى على الصحابة عموماً، فقال رضي الله عنه: "لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده
منها" (4) ، ثم بيَّن أن هذا المنهج طرأ عليه تغيير في جيل التابعين، فيقول عن بعض من شاهد طريقة تعلمهم القرآن:
(2) جمع حَزْور وحَزوَّر، وهو الفتى الذي قارب البلوغ، (النهاية لابن الأثير: 1 / 380) .
(3)
رواه ابن ماجه في مقدمة سننه: 1 / 23.
(4)
سبق تخريجه ص: 28.
"ولقد رأيت اليوم رجالاً، يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدَّقَل"(1) .
وهذا الذي يتحدث عنه رضي الله عنه حقيقة مرة نلحظها اليوم في بعض روَّاد حلق القرآن، فتجد الواحد منهم من أبعد الناس خلقاً وأدباً وسلوكاً عما يدعو إليه القرآن، وما ذلك إلا لتحوُّل المنهج الصحيح في الأخذ والتلقي، فأصبح الأمر مجرد ألفاظ يرددها ويحفظها، فلا تجد لها مسلكاً إلى القلب، فلا ينتفع بهذا الكلام المبارك.
ومن هذا المبدأ يجب على كل معلم لكتاب الله أن يكون حكيماً في تعليمه، متفهماً لما يعطيه، فقد جاء عن الضحاك في معنى قوله تعالى {ِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (آل عمران: 79) ، قال:"حق على من تعلَّم القرآن أن يكون فقيهاً"(2) .
وقال البخاري: "ويقال: الرباني الذي يربّي الناس بصغار العلم قبل كباره"(3) ، أي يبدأ بالقضايا الواضحة السهلة، قبل المسائل الدقيقة والكبيرة (4) .
لذلك على المعلم أن يراعي مدارك الطلاب، ومستوياتهم، وأعمارهم، ويعطي كلاً بما يقدر عليه.
(1) تتمة الحديث السابق، والدَّقَل: رديء التمر.
(2)
تفسير ابن كثير: 1 / 385.
(3)
كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل (فتح الباري: 1 / 192) .
(4)
انظر فتح الباري: 1 / 195.