المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد: 1 - فضل تعلم القرآن وتعليمه، وعناية السلف به: إن الاشتغال - المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم

[حازم حيدر]

فهرس الكتاب

-

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: المقومات الذاتية

- ‌التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد

- ‌ إخلاص النية:

- ‌ التدين الصادق:

- ‌ حسن الخلق

- ‌الفصل الثاني: المقومات العلمية

- ‌التأهل بأساسيات العلم الشرعي

- ‌ الإلمام بعلوم التخصص:

- ‌ الاستمرار في طلب العلم:

- ‌الفصل الثالث: المقومات التربوية

- ‌مدخل

- ‌ وضوح الغاية من التعليم:

- ‌ التدرج في التعليم:

- ‌ مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب:

- ‌ الرفق في التعليم:

- ‌ الصبر على المتعلِّم:

- ‌ استخدام الوسائل التوضيحية:

- ‌ العدل بين الطلاب:

- ‌ القدرة على إدارة الحلقة القرآنية:

-

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: المقومات الذاتية

- ‌التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد

- ‌ إخلاص النية:

- ‌ التدين الصادق:

- ‌ حسن الخلق

- ‌الفصل الثاني: المقومات العلمية

- ‌التأهل بأساسيات العلم الشرعي

- ‌ الإلمام بعلوم التخصص:

- ‌ الاستمرار في طلب العلم:

-

- ‌الفصل الثالثالمقومات التربوية

- ‌ وضوح الغاية من التعليم:

- ‌ التدرج في التعليم:

- ‌ مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب:

- ‌ الرفق في التعليم:

- ‌ الصبر على المتعلِّم:

- ‌ استخدام الوسائل التوضيحية:

- ‌ العدل بين الطلاب:

- ‌ القدرة على إدارة الحلقة القرآنية:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ ‌تمهيد: 1 - فضل تعلم القرآن وتعليمه، وعناية السلف به: إن الاشتغال

‌تمهيد:

1 -

فضل تعلم القرآن وتعليمه، وعناية السلف به:

إن الاشتغال بكتاب الله العظيم حفظاً، وفهماً، وعملاً، وتعليماً من أفضل القربات وأزكاها عند الله، وقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً يتلو آيات الله، معلماً ومزكياً لنفوس الصحب الكرام، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الجمعة: 2) .

وحث عليه الصلاة والسلام على الوصاة بكتاب الله (1)، وقال:" خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه"(2) .

قال أبو عبد الرحمن السلمي - راوي الحديث عن عثمان رضي الله عنه: (فذلك الذي أقعدني مقعدي هذا) ، فكان يعلِّم من خلافة عثمان إلى إمرة الحجاج (3) .

(1) كما في حديث طلحة بن مصرِّف قال: (سألت عبد الله بن أبي أوفى أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، فقلت: كيف كتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟، قال: أوصى بكتاب الله) رواه البخاري (5022)(فتح الباري: 8 / 685) .

(2)

رواه البخاري (5027)(الفتح: 8 / 692)، وأبو داود (1452) سنن أبي داود: 2 / 147، والترمذي (تحفة الأحوذي: 8 / 222) والنسائي في فضائل القرآن: 87، وغيرهم.

(3)

أخلاق حملة القرآن للآجري: 19. ويرى ابن كثير أن مدة تعليمه القرآن استمرت سبعين سنة، وذهب ابن الجزري إلى أنها أكثر من أربعين سنة. انظر فضائل القرآن لابن كثير: 64، والنشر في القراءات العشر: 1 / 3. وقال الحافظ ابن حجر: (بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة

أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة، ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن وآخره، فالله أعلم بمقدار ذلك) . فتح الباري: 8 / 695.

ص: 4

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، فقال:"أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان (1) ، أو إلى العقيق (2) ، فيأتي منه بناقتين كوماوين (3) ، في غير إثم ولا قطع رحم؟ "، فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال:"أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل"(4) .

ومما يدل على حرص السلف على تعلم القرآن وعنايتهم به ما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه لما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة الفطر، وسرقة الشيطان منها ثلاث ليال، من قول الشيطان له:(دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها) يقصد آية الكرسي، قال الراوي:

(وكانوا أحرص شيء على الخير)(5) .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن)(6) .

(1) من أودية المدينة الرئيسة، يسيل من جنوبها، ويلتقي مع وادي العقيق شمالاً. انظر المعالم الأثيرة في السنة والسيرة: 49 - 50.

(2)

أشهر أودية المدينة الشريفة، وهو واد مبارك.

(3)

الناقة الكوماء: مشرفة السنام عاليته، (النهاية لابن الأثير: 4 / 211) .

(4)

رواه مسلم (803) صحيح مسلم: 1 / 552 - 553.

(5)

فتح الباري: 4 / 568.

(6)

رواه أحمد (الفتح الرباني: 18 / 9) .

ص: 5

قال أبو الفضل الرازي: (وعلى الحفظ والتحفظ (1) كان الصدر الأول ومن بعدهم، فربما قرأ الأكبر منهم على الأصغر سناً وسابقة، فلم يكن الفقهاء منهم، ولا المحدِّثون، والوعَّاظ يتخلفون عن حفظ القرآن والاجتهاد على استظهاره، ولا المقرَّبون منهم عن العلم بما لم يسعهم جهله منه) (2) .

2 -

نشأة التخصص في الإقراء:

ظهر التخصص في القراءة من عصر النبوة، بقوله صلى الله عيه وسلم:"استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب"(3)، وقال عن أبي رضي الله عنه:(أقرؤهم أبي بن كعب)(4)، وقال عمر:(أقضانا علي، وأقرؤنا أبي)(5) .

وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى رِعل وذكوان وعصية وبني لحيان سبعين رجلاً من الأنصار، قال أنس رضي الله عنه (كنا نسميهم القراء في زمانهم)(6) .

(1) وهو بذل الجهد في حفظ القرآن، طائفة بعد طائفة.

(2)

فضائل القرآن وتلاوته وخصائص تلاته وحملته: 33.

(3)

رواه البخاري (3758)(الفتح: 7 / 127)، والحاكم في المستدرك: 3 / 225، وصححه ووافقه

الذهبي، وغيرهما.

(4)

رواه الترمذي (تحفة الأحوذي: 10 / 294)، وابن ماجه (154) في السنن: 1 / 55.

(5)

رواه البخاري (4481)(الفتح: 8 / 17)، وأحمد في المسند: 5 / 113.

(6)

رواه البخاري (4090)(الفتح: 7 / 445) .

ص: 6

قال الحافظ ابن حجر: (قد بيَّن قتادة في روايته (أي عن أنس) أنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل، وفي رواية ثابت: ويشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل ويتعلمون) (1) .

وكان أخذ الصحابة القرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم على طبقتين:

أ - طبقة أخذت عنه مباشرة كابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأُبيّ، وزيد، وغيرهم من المكثرين.

ب - طبقة أخذت عن الصحابة كابن عباس، وعبد الله بن السائب، وغيرهم من صغار الصحابة رضي الله عن الجميع.

ومضى الأمر في المئة الأولى الهجرية على أن عامة الناس يقرؤون بما في المصاحف الموجهة إليهم، وَفق ما أقرأهم الصحابة والتابعون.

ثم اشتهر بعد ذلك طائفة من القراء تجردوا للقراءة، واعتنوا بضبطها أتم عناية، وداوموا عليها فنسبت لهم، وأضيفت إليهم، قال الداني:(وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم، لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد)(2) .

ثم كان عمل أبي بكر أحمد بن موسى المعروف بابن مجاهد البغدادي

(ت: 324 هـ) ، معلماً بارزاً في تاريخ الإقراء، إذ انتخب قراءة سبعة من قراء الأمصار - وهي مكة والمدينة، والكوفة والبصرة، والشام - وهي

(1) فتح الباري: 7 / 447.

(2)

مقدمة (جامع البيان في القراءات السبع) : 61، ونحوه في النشر لابن الجزري: 1 / 52.

ص: 7

الأمصار التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره، والحديث، والفقه كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (1) .

وقد استقلت بعض البلدان بكتب خاصة في علم القراءة، فبعد المائة الخامسة الهجرية، اشتهرت الشاطبية في الشام، واشتهر كتاب (العنوان في القراءات السبع) لأبي طاهر إسماعيل بن خلف الأنصاري (ت: 455 هـ) ، بمصر، وانتشر كتاب (الإرشاد) للقلانسي (ت: 521 هـ) في العراق، ونظمه كثير من أهل بغداد وواسط (2) .

ويظهر أن أهل المغرب والأندلس لم يعتنوا إلا بالقراءات السبع تأليفاً، وتعليماً.

وتنوع مستوى حلقات تعليم القرآن على مر العصور، فمنها ما كان خاصاً بتعليم أولاد الخلفاء والأمراء، والخاصة (3) .

ومنها ما كان خاصاً بتعليم عموم الصبيان (4) .

ومنها حلق جمعت بين أصناف المتعلمين من فقهاء، ومتأدبين من أهل التجارة (5) .

(1) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 13 / 390.

(2)

انظر منجد المقرئين ومرشد الطالبين: 178.

(3)

، (3) انظر القراءات القرآنية في بلاد الشام: 18، 23.

(4)

انظر منجد المقرئين: 62 - 63.

ص: 8

‌تمهيد:

1 -

فضل تعلم القرآن وتعليمه، وعناية السلف به:

إن الاشتغال بكتاب الله العظيم حفظاً، وفهماً، وعملاً، وتعليماً من أفضل القربات وأزكاها عند الله، وقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً يتلو آيات الله، معلماً ومزكياً لنفوس الصحب الكرام، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الجمعة: 2) .

وحث عليه الصلاة والسلام على الوصاة بكتاب الله (1)، وقال:(خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)(2) .

قال أبو عبد الرحمن السلمي - راوي الحديث عن عثمان رضي الله عنه: (فذلك الذي أقعدني مقعدي هذا) ، فكان يعلِّم من خلافة عثمان إلى إمرة الحجاج (3) .

(1) كما في حديث طلحة بن مصرِّف قال: (سألت عبد الله بن أبي أوفى أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، فقلت: كيف كتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟، قال: أوصى بكتاب الله) رواه البخاري (5022)(فتح الباري: 8 / 685) .

(2)

رواه البخاري (5027)(الفتح: 8 / 692)، وأبو داود (1452) سنن أبي داود: 2 / 147، والترمذي (تحفة الأحوذي: 8 / 222) والنسائي في فضائل القرآن: 87، وغيرهم.

(3)

أخلاق حملة القرآن للآجري: 19. ويرى ابن كثير أن مدة تعليمه القرآن استمرت سبعين سنة، وذهب ابن الجزري إلى أنها أكثر من أربعين سنة. انظر فضائل القرآن لابن كثير: 64، والنشر في القراءات العشر: 1 / 3. وقال الحافظ ابن حجر: (بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة

أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة، ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن وآخره، فالله أعلم بمقدار ذلك) . فتح الباري: 8 / 695.

ص: 4

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، فقال:"أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان (1) ، أو إلى العقيق (2) ، فيأتي منه بناقتين كوماوين (3) ، في غير إثم ولا قطع رحم؟ "، فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال:"أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل"(4) .

ومما يدل على حرص السلف على تعلم القرآن وعنايتهم به ما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه لما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة الفطر، وسرقة الشيطان منها ثلاث ليال، من قول الشيطان له:(دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها) يقصد آية الكرسي، قال الراوي:

(وكانوا أحرص شيء على الخير)(5) .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن)(6) .

(1) من أودية المدينة الرئيسة، يسيل من جنوبها، ويلتقي مع وادي العقيق شمالاً. انظر المعالم الأثيرة في السنة والسيرة: 49 - 50.

(2)

أشهر أودية المدينة الشريفة، وهو واد مبارك.

(3)

الناقة الكوماء: مشرفة السنام عاليته، (النهاية لابن الأثير: 4 / 211) .

(4)

رواه مسلم (803) صحيح مسلم: 1 / 552 - 553.

(5)

فتح الباري: 4 / 568.

(6)

رواه أحمد (الفتح الرباني: 18 / 9) .

ص: 5

قال أبو الفضل الرازي: (وعلى الحفظ والتحفظ (1) كان الصدر الأول ومن بعدهم، فربما قرأ الأكبر منهم على الأصغر سناً وسابقة، فلم يكن الفقهاء منهم، ولا المحدِّثون، والوعَّاظ يتخلفون عن حفظ القرآن والاجتهاد على استظهاره، ولا المقرَّبون منهم عن العلم بما لم يسعهم جهله منه) (2) .

2 -

نشأة التخصص في الإقراء:

ظهر التخصص في القراءة من عصر النبوة، بقوله صلى الله عيه وسلم:"استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب"(3)، وقال عن أبي رضي الله عنه:(أقرؤهم أبي بن كعب)(4)، وقال عمر:(أقضانا علي، وأقرؤنا أبي)(5) .

وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى رِعل وذكوان وعصية وبني لحيان سبعين رجلاً من الأنصار، قال أنس رضي الله عنه (كنا نسميهم القراء في زمانهم)(6) .

(1) وهو بذل الجهد في حفظ القرآن، طائفة بعد طائفة.

(2)

فضائل القرآن وتلاوته وخصائص تلاته وحملته: 33.

(3)

رواه البخاري (3758)(الفتح: 7 / 127)، والحاكم في المستدرك: 3 / 225، وصححه ووافقه

الذهبي، وغيرهما.

(4)

رواه الترمذي (تحفة الأحوذي: 10 / 294)، وابن ماجه (154) في السنن: 1 / 55.

(5)

رواه البخاري (4481)(الفتح: 8 / 17)، وأحمد في المسند: 5 / 113.

(6)

رواه البخاري (4090)(الفتح: 7 / 445) .

ص: 6

قال الحافظ ابن حجر: (قد بيَّن قتادة في روايته (أي عن أنس) أنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل، وفي رواية ثابت: ويشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل ويتعلمون) (1) .

وكان أخذ الصحابة القرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم على طبقتين:

أ - طبقة أخذت عنه مباشرة كابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأُبيّ، وزيد، وغيرهم من المكثرين.

ب - طبقة أخذت عن الصحابة كابن عباس، وعبد الله بن السائب، وغيرهم من صغار الصحابة رضي الله عن الجميع.

ومضى الأمر في المئة الأولى الهجرية على أن عامة الناس يقرؤون بما في المصاحف الموجهة إليهم، وَفق ما أقرأهم الصحابة والتابعون.

ثم اشتهر بعد ذلك طائفة من القراء تجردوا للقراءة، واعتنوا بضبطها أتم عناية، وداوموا عليها فنسبت لهم، وأضيفت إليهم، قال الداني:(وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم، لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد)(2) .

ثم كان عمل أبي بكر أحمد بن موسى المعروف بابن مجاهد البغدادي

(ت: 324 هـ) ، معلماً بارزاً في تاريخ الإقراء، إذ انتخب قراءة سبعة من قراء الأمصار - وهي مكة والمدينة، والكوفة والبصرة، والشام - وهي

(1) فتح الباري: 7 / 447.

(2)

مقدمة (جامع البيان في القراءات السبع) : 61، ونحوه في النشر لابن الجزري: 1 / 52.

ص: 7

الأمصار التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره، والحديث، والفقه كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (1) .

وقد استقلت بعض البلدان بكتب خاصة في علم القراءة، فبعد المائة الخامسة الهجرية، اشتهرت الشاطبية في الشام، واشتهر كتاب (العنوان في القراءات السبع) لأبي طاهر إسماعيل بن خلف الأنصاري (ت: 455 هـ) ، بمصر، وانتشر كتاب (الإرشاد) للقلانسي (ت: 521 هـ) في العراق، ونظمه كثير من أهل بغداد وواسط (2) .

ويظهر أن أهل المغرب والأندلس لم يعتنوا إلا بالقراءات السبع تأليفاً، وتعليماً.

وتنوع مستوى حلقات تعليم القرآن على مر العصور، فمنها ما كان خاصاً بتعليم أولاد الخلفاء والأمراء، والخاصة (3) .

ومنها ما كان خاصاً بتعليم عموم الصبيان (4) .

ومنها حلق جمعت بين أصناف المتعلمين من فقهاء، ومتأدبين من أهل التجارة (5) .

(1) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 13 / 390.

(2)

انظر منجد المقرئين ومرشد الطالبين: 178.

(3)

، (3) انظر القراءات القرآنية في بلاد الشام: 18، 23.

(4)

انظر منجد المقرئين: 62 - 63.

ص: 8