الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
العدل بين الطلاب:
لا بد للمعلِّم والمربي أن يأخذ بمبدأ العدل والمساواة بين طلابه، لأنهم أبناؤه، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "(1) ، فالعدل بين الطلاب لازم، كما هو الحال بين أبناء الصلب.
ويحتاج تطبيق مبدأ العدل بين المتعلمين إلى مهارة ودربة، لأنهم قدموا من بيئات مختلفة، وتلقوا تربيات متباينة، فمن ثم مراعاة نفسياتهم ونظراتهم لمعاني التصرفات مهم للغاية، حتى في أيسر الأمور وأسهلها، نحو التحية، والنظرة، والكلمة، والابتسامة، ووضع اليد على الكتف تشجيعاً، ونحوها من الأقوال والأفعال التي تثير حفائظ الشببة المتقاربين، أو تدعو لوهي العلاقات الاجتماعية فيما بينهم؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم "يعطي كل جلسائه بنصيبه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه"(2) ، وهو أمر لا يقدر عليه إلا من أخلص النية، وصدق في تعامله مع الناس، وراعى نفسياتهم.
وكما أن ترك العدل بين الطلاب يثير بينهم كمائن النفوس، كذلك قد ينتج عنه الكره والبغض للمعلِّم؛ لذا يتوجب عليه أن يكون حصيفاً في تعامله فلا " يُظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض في مودة، أو اعتناء مع تساويهم في الصفات، من سن، أو فضيلة، أو تحصيل، أو ديانة؛ فإن ذلك ربما يوحش منه الصدر، وينفر القلب"(3) .
(1) رواه مسلم (1623) في صحيحه: 3 / 1243 - 1244، وفي رواية (قاربوا بين أولادكم) .
(2)
رواه الترمذي في الشمائل: 168 عن علي رضي الله عنه، وبنحوه أبو الشيخ الأصبهاني (18) في
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه: 22.
(3)
تذكرة السامع والمتكلم: 59.
أما إن كان لبعض الطلاب مزية تقدم في الاجتهاد وطلب العلم، أو حسن الخلق والأدب، فلا حرج على المدرس أن يبرز هذه المزية بتلطف؛ لأنه مما يدعو النظراء إلى الاتصاف بتلك المزية (1) .
ومن صور العدل التي ينبغي لمدرس القرآن مراعاتها، أن يقدم في القراءة الأول فالأول؛ لأنه من جانب راعى العدل بين الطلاب، وفي المقابل شجع المتأخر على البكور، لينال القراءة الأولى.
ومن لطيف ما يذكر في هذه الصورة التعليمية "أن الشاطبي كان يصلي الصبح بغلس (2) بالفاضلية (3) ، ثم يجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون السُّرى (4) إليه ليلاً، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله: من جاء أولاً فليقرأ، ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق، فاتفق في بعض الأيام أن بعض
أصحابه سبق أولاً، فلما استوى الشيخ قاعداً قال: من جاء ثانياً فليقرأ، فشرع الثاني في القراءة، وبقي الأول لا يدري حاله؟ وأخذ يتفكر ما وقع منه بعد مفارقة الشيخ من ذنب أوجب حرمان الشيخ له، ففطن أنه أجنب تلك الليلة، ولشدة حرصه على النوبة نسي ذلك لما انتبه، فبادر إلى الشيخ، فاطلع الشيخ على ذلك، فأشار للثاني بالقراءة، ثم إن ذلك الرجل بادر إلى حمام جوار المدرسة فاغتسل به، ثم رجع قبل فراغ الثاني، والشيخ قاعد أعمى على حاله، فلما فرغ الثاني، قال الشيخ: من جاء أولاً فليقرأ، فقرأ" (5) .
(1) انظر المصدر السابق: 59.
(2)
وهو ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، (المعجم الوسيط (غلس) : 658) .
(3)
وهي مدرسة بناها القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني بدرب الملوخية في القاهرة، وجعل الشاطبي
شيخها، (غاية النهاية: 2 / 20) .
(4)
وهو سير عامة الليل، (المعجم الوسيط (سرى) : 428) .
(5)
غاية النهاية: 2 / 21 - 22.
7 -
العدل بين الطلاب:
لا بد للمعلِّم والمربي أن يأخذ بمبدأ العدل والمساواة بين طلابه، لأنهم أبناؤه، وقد قال عليه الصلاة والسلام:" اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "(1) ، فالعدل بين الطلاب لازم، كما هو الحال بين أبناء الصلب.
ويحتاج تطبيق مبدأ العدل بين المتعلمين إلى مهارة ودربة، لأنهم قدموا من بيئات مختلفة، وتلقوا تربيات متباينة، فمن ثم مراعاة نفسياتهم ونظراتهم لمعاني التصرفات مهم للغاية، حتى في أيسر الأمور وأسهلها، نحو التحية، والنظرة، والكلمة، والابتسامة، ووضع اليد على الكتف تشجيعاً، ونحوها من الأقوال والأفعال التي تثير حفائظ الشببة المتقاربين، أو تدعو لوهي العلاقات الاجتماعية فيما بينهم؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم "يعطي كل جلسائه بنصيبه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه"(2) ، وهو أمر لا يقدر عليه إلا من أخلص النية، وصدق في تعامله مع الناس، وراعى نفسياتهم.
وكما أن ترك العدل بين الطلاب يثير بينهم كمائن النفوس، كذلك قد ينتج عنه الكره والبغض للمعلِّم؛ لذا يتوجب عليه أن يكون حصيفاً في تعامله فلا " يُظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض في مودة، أو اعتناء مع تساويهم في الصفات، من سن، أو فضيلة، أو تحصيل، أو ديانة؛ فإن ذلك ربما يوحش منه الصدر، وينفر القلب"(3) .
(1) رواه مسلم (1623) في صحيحه: 3 / 1243 - 1244، وفي رواية (قاربوا بين أولادكم) .
(2)
رواه الترمذي في الشمائل: 168 عن علي رضي الله عنه، وبنحوه أبو الشيخ الأصبهاني (18) في
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه: 22.
(3)
تذكرة السامع والمتكلم: 59.
أما إن كان لبعض الطلاب مزية تقدم في الاجتهاد وطلب العلم، أو حسن الخلق والأدب، فلا حرج على المدرس أن يبرز هذه المزية بتلطف؛ لأنه مما يدعو النظراء إلى الاتصاف بتلك المزية (1) .
ومن صور العدل التي ينبغي لمدرس القرآن مراعاتها، أن يقدم في القراءة الأول فالأول؛ لأنه من جانب راعى العدل بين الطلاب، وفي المقابل شجع المتأخر على البكور، لينال القراءة الأولى.
ومن لطيف ما يذكر في هذه الصورة التعليمية "أن الشاطبي كان يصلي الصبح بغلس (2) بالفاضلية (3) ، ثم يجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون السُّرى (4) إليه ليلاً، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله: من جاء أولاً فليقرأ، ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق، فاتفق في بعض الأيام أن بعض
أصحابه سبق أولاً، فلما استوى الشيخ قاعداً قال: من جاء ثانياً فليقرأ، فشرع الثاني في القراءة، وبقي الأول لا يدري حاله؟ وأخذ يتفكر ما وقع منه بعد مفارقة الشيخ من ذنب أوجب حرمان الشيخ له، ففطن أنه أجنب تلك الليلة، ولشدة حرصه على النوبة نسي ذلك لما انتبه، فبادر إلى الشيخ، فاطلع الشيخ على ذلك، فأشار للثاني بالقراءة، ثم إن ذلك الرجل بادر إلى حمام جوار المدرسة فاغتسل به، ثم رجع قبل فراغ الثاني، والشيخ قاعد أعمى على حاله، فلما فرغ الثاني، قال الشيخ: من جاء أولاً فليقرأ، فقرأ" (5) .
(1) انظر المصدر السابق: 59.
(2)
وهو ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، (المعجم الوسيط (غلس) : 658) .
(3)
وهي مدرسة بناها القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني بدرب الملوخية في القاهرة، وجعل الشاطبي
شيخها، (غاية النهاية: 2 / 20) .
(4)
وهو سير عامة الليل، (المعجم الوسيط (سرى) : 428) .
(5)
غاية النهاية: 2 / 21 - 22.