الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: المقومات الذاتية
التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد
…
الفصل الأول
المقومات الذاتية
تعتبر الصفات الذاتية لمدرس القرآن الكريم عماد شخصيته - بعد توفيق الله له -، لأنها تشير إلى مكنون ضميره، ومسلكه بوجه عام.
وسوف أقتصر في هذا الفصل على ذكر أربع منها، لما لها من دور مهم في صقل شخصية المدرس.
1 -
التمسك بمنهج السلف في الاعتقاد:
يعد الالتزام بأصل الاعتقاد الذي كان عليه السلف الصالح، وبراءة المرء من المحدثات والبدع من أكبر منن الله عليه.
وسلامة الاعتقاد مطلب شرعي، ومن أول المهام التي ينبغي أن يتحقق بها المعلم، ومدرس القرآن الكريم.
ذلك أن رجل العقيدة سهم يندفع في تحقيق أهدافه، وهو إنسان ملأت عقيدته نفسه، فهو يعيش من أجلها، ويرضى بكل أذى في سبيلها، ويبذل جهده وكل غال ورخيص في ظلها، فرجل العقيدة أعظم ذخر نقدمه للعقيدة، وأكبر رصيد نعده في سبيل نصرتها (1) .
(1) انظر المسؤولية للدكتور محمد أمين المصري: 40.
إن سلامة الاعتقاد من المقوِّمات الأساسية للمعلم، الذي يتصدَّى للتعليم والتربية في حلقات القرآن، لأن ذلك يثمر الاستقرار القلبي، فيصبح اعتقاده القلبي متوافقاً مع قوله اللفظي، وسلوكه العملي (1) ، ومن كانت هذه سيرته فإنه يستطيع أن يحقق أبرز أهداف الحلقات القرآنية، بغرس بذرة الإيمان في نفوس الناشئة، وبناء لبنة عقيدة التوحيد الباسقة المظللة، بحيث يقع القرآن على أصل الإيمان مع نقاء الفطرة، فتنمو الثمرة، وتأتي أكلها، فيحصل النفع بإذن الله.
ولا يفوتني وأنا أتحدّث عن هذه الصفة، والسمة البارزة لمعلمي الخير أن أشير إلى أن أئمة القراءة الأوائل كانوا على هذا المنهج الواضح الذي لم يتكدر ولم يرنُق. فنجد الإمام الحافظ المقرئ أحمد بن محمد بن عبد الله، أبا عمر الطلمنكي (ت: 429 هـ) - وهو أول من أدخل القراءات إلى الأندلس كما يرى ابن الجزري (2) - على هذه الطريقة التالدة، وألَّف في هذا المهيع كتابه (أصول السنة)(3) ، وقد نقل عنه ابن تيمية وابن القيم نقولاً وافرة في كتبهما.
ونجد الإمام المقرئ عثمان بن سعيد، أبا عمرو الداني:(ت: 444هـ) ، ألَّف (الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات) ،
(1) مهارات التدريس في الحلقات القرآنية (بتصرف) : 68.
(2)
غاية النهاية: 1 / 120، والنشر: 1 / 34.
(3)
يعتبر هذا الكتاب من المفقود من مؤلفات الطلمنكي. والمراد بكتب (السنة) : الكتب الحاضَّة على اتباعها والعمل بها، وترك ما حدث بعد الصدر الأول من البدع والأهواء. انظر الرسالة المستطرفة للكتاني:37.
التي تنضح بمعتقد أهل السنة والجماعة، وتمتاز بسبك الأدلة في مواضعها، كما أنها خلت من مصطلحات علم الكلام (1) .
كما أنه رحمه الله مزج في منظومته الموسومة بـ (الأرجوزة المنبِّهة) - وهي قصيدة رجزية تقع في نحو (1300) بيت - بين أصول القراءة ومتعلقاتها، وبين أصول الدين، فذكر من صفات الشيوخ الذين يؤخذ عنهم العلم ما يلي (2) :
فاقصد شيوخ العلم والرواية
…
ومن سما بالفهم والدراية
واتَّبع السنة والجماعة
…
وقام لله بحسن الطاعة
وقال (3) :
وجانبِ الأراذِل المبتدعة
…
واعمَلْ بقول الفرقة المتَّبِعة
وقال في بيان بعض مسائل العقيدة (4) :
ومن عقود السنة الإيمان
…
بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المرويِّ
…
عن الأيمَّة عن النبيِّ
فمن صحيح ما أتى به الأثر
…
وشاع في الناس قديماً وانتشر
نزول ربنا بلا امتراءِ
…
في كل ليلة إلى السماء
من غير ما حدٍّ ولا تكييف
…
سبحانه من قادر لطيف
ونجد الإمام المقرئ الحسن بن أحمد بن عبد الله، أبا علي البغدادي الحنبلي (ت: 477 هـ) ، - صاحب كتاب (بيان العيوب التي يجب أن يجتنبها
(1) انظر من مقدمة المحقق: ص 8.
(2)
الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة وأصول القراءات وعقد الديانات بالتجويد والدلالات: 168.
(3)
المصدر السابق: 174.
(4)
المصدر السابق: 178، 194.
الفصل الأول: المقومات الذاتية
التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد
…
الفصل الأول
المقومات الذاتية
تعتبر الصفات الذاتية لمدرس القرآن الكريم عماد شخصيته - بعد توفيق الله له -، لأنها تشير إلى مكنون ضميره، ومسلكه بوجه عام.
وسوف أقتصر في هذا الفصل على ذكر أربع منها، لما لها من دور مهم في صقل شخصية المدرس.
1 -
التمسك بمنهج السلف في الاعتقاد:
يعد الالتزام بأصل الاعتقاد الذي كان عليه السلف الصالح، وبراءة المرء من المحدثات والبدع من أكبر منن الله عليه.
وسلامة الاعتقاد مطلب شرعي، ومن أول المهام التي ينبغي أن يتحقق بها المعلم، ومدرس القرآن الكريم.
ذلك أن رجل العقيدة سهم يندفع في تحقيق أهدافه، وهو إنسان ملأت عقيدته نفسه، فهو يعيش من أجلها، ويرضى بكل أذى في سبيلها، ويبذل جهده وكل غال ورخيص في ظلها، فرجل العقيدة أعظم ذخر نقدمه للعقيدة، وأكبر رصيد نعده في سبيل نصرتها (1) .
(1) انظر المسؤولية للدكتور محمد أمين المصري: 40.
إن سلامة الاعتقاد من المقوِّمات الأساسية للمعلم، الذي يتصدَّى للتعليم والتربية في حلقات القرآن، لأن ذلك يثمر الاستقرار القلبي، فيصبح اعتقاده القلبي متوافقاً مع قوله اللفظي، وسلوكه العملي (1) ، ومن كانت هذه سيرته فإنه يستطيع أن يحقق أبرز أهداف الحلقات القرآنية، بغرس بذرة الإيمان في نفوس الناشئة، وبناء لبنة عقيدة التوحيد الباسقة المظللة، بحيث يقع القرآن على أصل الإيمان مع نقاء الفطرة، فتنمو الثمرة، وتأتي أكلها، فيحصل النفع بإذن الله.
ولا يفوتني وأنا أتحدّث عن هذه الصفة، والسمة البارزة لمعلمي الخير أن أشير إلى أن أئمة القراءة الأوائل كانوا على هذا المنهج الواضح الذي لم يتكدر ولم يرنُق. فنجد الإمام الحافظ المقرئ أحمد بن محمد بن عبد الله، أبا عمر الطلمنكي (ت: 429 هـ) - وهو أول من أدخل القراءات إلى الأندلس كما يرى ابن الجزري (2) - على هذه الطريقة التالدة، وألَّف في هذا المهيع كتابه (أصول السنة)(3) ، وقد نقل عنه ابن تيمية وابن القيم نقولاً وافرة في كتبهما.
ونجد الإمام المقرئ عثمان بن سعيد، أبا عمرو الداني:(ت: 444هـ) ، ألَّف (الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات) ،
(1) مهارات التدريس في الحلقات القرآنية (بتصرف) : 68.
(2)
غاية النهاية: 1 / 120، والنشر: 1 / 34.
(3)
يعتبر هذا الكتاب من المفقود من مؤلفات الطلمنكي. والمراد بكتب (السنة) : الكتب الحاضَّة على اتباعها والعمل بها، وترك ما حدث بعد الصدر الأول من البدع والأهواء. انظر الرسالة المستطرفة للكتاني:37.
التي تنضح بمعتقد أهل السنة والجماعة، وتمتاز بسبك الأدلة في مواضعها، كما أنها خلت من مصطلحات علم الكلام (1) .
كما أنه رحمه الله مزج في منظومته الموسومة بـ (الأرجوزة المنبِّهة) - وهي قصيدة رجزية تقع في نحو (1300) بيت - بين أصول القراءة ومتعلقاتها، وبين أصول الدين، فذكر من صفات الشيوخ الذين يؤخذ عنهم العلم ما يلي (2) :
فاقصد شيوخ العلم والرواية
…
ومن سما بالفهم والدراية
واتَّبع السنة والجماعة
…
وقام لله بحسن الطاعة
وقال (3) :
وجانبِ الأراذِل المبتدعة
…
واعمَلْ بقول الفرقة المتَّبِعة
وقال في بيان بعض مسائل العقيدة (4) :
ومن عقود السنة الإيمان
…
بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المرويِّ
…
عن الأيمَّة عن النبيِّ
فمن صحيح ما أتى به الأثر
…
وشاع في الناس قديماً وانتشر
نزول ربنا بلا امتراءِ
…
في كل ليلة إلى السماء
من غير ما حدٍّ ولا تكييف
…
سبحانه من قادر لطيف
ونجد الإمام المقرئ الحسن بن أحمد بن عبد الله، أبا علي البغدادي الحنبلي (ت: 477 هـ) ، - صاحب كتاب (بيان العيوب التي يجب أن يجتنبها
(1) انظر من مقدمة المحقق: ص 8.
(2)
الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة وأصول القراءات وعقد الديانات بالتجويد والدلالات: 168.
(3)
المصدر السابق: 174.
(4)
المصدر السابق: 178، 194.