المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إخلاص النية: - المقومات الشخصية لمعلم القرآن الكريم

[حازم حيدر]

فهرس الكتاب

-

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: المقومات الذاتية

- ‌التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد

- ‌ إخلاص النية:

- ‌ التدين الصادق:

- ‌ حسن الخلق

- ‌الفصل الثاني: المقومات العلمية

- ‌التأهل بأساسيات العلم الشرعي

- ‌ الإلمام بعلوم التخصص:

- ‌ الاستمرار في طلب العلم:

- ‌الفصل الثالث: المقومات التربوية

- ‌مدخل

- ‌ وضوح الغاية من التعليم:

- ‌ التدرج في التعليم:

- ‌ مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب:

- ‌ الرفق في التعليم:

- ‌ الصبر على المتعلِّم:

- ‌ استخدام الوسائل التوضيحية:

- ‌ العدل بين الطلاب:

- ‌ القدرة على إدارة الحلقة القرآنية:

-

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: المقومات الذاتية

- ‌التمسك بمنهج السلف في الإعتقاد

- ‌ إخلاص النية:

- ‌ التدين الصادق:

- ‌ حسن الخلق

- ‌الفصل الثاني: المقومات العلمية

- ‌التأهل بأساسيات العلم الشرعي

- ‌ الإلمام بعلوم التخصص:

- ‌ الاستمرار في طلب العلم:

-

- ‌الفصل الثالثالمقومات التربوية

- ‌ وضوح الغاية من التعليم:

- ‌ التدرج في التعليم:

- ‌ مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب:

- ‌ الرفق في التعليم:

- ‌ الصبر على المتعلِّم:

- ‌ استخدام الوسائل التوضيحية:

- ‌ العدل بين الطلاب:

- ‌ القدرة على إدارة الحلقة القرآنية:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ إخلاص النية:

القراء وإيضاح الأدوات التي بني عليها الإقراء) - ألف كتابه (المختار في أصول السنة)(1) الذي اختصر فيه كتاب (الشريعة) للآجري، وكتاب التوحيد من صحيح البخاري.

ونجد الإمام الحافظ المقرئ الحسن بن أحمد بن الحسن، أبا العلاء الهمذاني العطار (ت: 569 هـ) ، صاحب كتاب (غاية الاختصار في قراءات العشرة أئمة الأمصار) - ألَّف (فتيا في الاعتقاد وذم الاختلاف)(2) .

ولا أطيل بذكر الأمثلة في هذا، وإنما قصدت الإلماع إلى منهج هؤلاء الأئمة، ليكونوا نبراساً على الطريق لمعلم القرآن الكريم، فيتبع آثارهم.

(1) حققه الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، وصدر عن مكتبة العلوم والحكم بالمدينة في طبعته الأولى عام (1413 هـ) .

(2)

حققه عبد الله بن يوسف الجديع، وصدر عن دارالعاصمة بالرياض عام (1409 هـ) .

ص: 12

2 -

‌ إخلاص النية:

إن أهم الأمور التي يجب على كل مكلف أن يأخذ نفسه بها، ويقيم أعماله عليها، هو إخلاص القصد لله في سائر أحواله الظاهرة والباطنة، فكيف بمن انتصب لتعليم كتاب الله العزيز؟

قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة: 5)، وقال صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(3) .

(3) رواه البخاري (1)(الفتح: 1 / 15)، ومسلم (1907) صحيح مسلم: 3 / 1515 بلفظ: (إنما الأعمال بالنية) ، وغيرهما.

ص: 12

وقد ابتلى الله تعالى العباد بالشريعة، ليظهر منهم حسن العمل، فقال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك: 2) وفسر الفضيل بن عياض حسن العمل بقوله: (أخلصه وأصوبه)، وقال: العمل لايقبل حتى يكون خالصاً صواباً، الخالص: إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة (1) .

لذلك يعد العمل الخالي من النية الصالحة كالجثة الهامدة، التي لا روح فيها، وقد فرض الله تعالى عبودية على المسلم في كل عمل يعمله، ومما لامراء فيه أن تعليم القرآن الكريم من أجل القرب وأعظمها أجراً، حتى فضله بعض السلف على الجهاد في سبيل الله (2) ، فمن مقتضى هذه العبودية في هذا العمل أن تُجرد النية لله في تعليمه، ويُفرد بحسن الطاعة والقصد، ويُصفَّى عن ملاحظة المخلوقين، كما قال القشيري:(الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين)(3) .

وكلما أخلص المرء لله لم يتعثر في سيره، وأُعطي توفيقاً بقدر ما في قلبه من الصدق والإخلاص، قال الإمام الرباني محمد بن واسع البصري:(إذا أقبل العبد بقلبه على الله، أقبل الله بقلوب العباد عليه)(4) .

وهذه معلمة مهمة لمدرس القرآن الكريم، ينبغي له ترسمها والحرص عليها، ليمسِّك الناس بالكتاب، ويحببهم إليه، ويحملهم على حسن الأدب معه، وجودة تلاوته.

(1) معالم التنزيل للبغوي: 8 / 176.

(2)

انظر النشر: 1 / 4.

(3)

التبيان في آداب حملة القرآن: 24.

(4)

سير أعلام النبلاء: 6 / 121.

ص: 13

وقد رأيت من بعض مشايخي في تعليمهم القرآن صدقاً وإخلاصاً ظاهراً؛ بحيث بورك لهم في أعمالهم وأعمارهم، وصرف الله قلوب الناس إليهم، وازدحم عليهم الطلاب من كل أفق، لأنهم عاملوا ربَّهم بهذه الخصلة، فأعطاهم بحسن قصدهم وطهارة نفوسهم أفضل عطاء، وجعلهم بحق من أهل الخيرية التي أشار لها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه"(1) .

ولعظم هذا الأمر وأهميته في مقاصد المكلفين، وفيما يتعبدون به ربهم، تمنّى ابن أبي جمرة الأندلسي (ت: 695 هـ) على أهل العلم أن يتفرغ بعضهم لهذا الموضوع، كي يعلم الناس مقاصدهم، فقال:(وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتي على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك)(2) .

ومما ينبغي التنبيه عليه في هذه الصفة لمعلم القرآن الكريم، أن بعض القراء يكره قراءة طلابه على غيره من القراء ممن ينتفع بهم.

قال النووي رحمه الله (وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته، وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم، فإنه لو أراد الله تعالى بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم، فلا عتب عليه.

(1) سبق تخريجه ص: 5.

(2)

المدخل لابن الحاج: 1 / 3.

ص: 14

القراء وإيضاح الأدوات التي بني عليها الإقراء) - ألف كتابه (المختار في أصول السنة)(1) الذي اختصر فيه كتاب (الشريعة) للآجري، وكتاب التوحيد من صحيح البخاري.

ونجد الإمام الحافظ المقرئ الحسن بن أحمد بن الحسن، أبا العلاء الهمذاني العطار (ت: 569 هـ) ، صاحب كتاب (غاية الاختصار في قراءات العشرة أئمة الأمصار) - ألَّف (فتيا في الاعتقاد وذم الاختلاف)(2) .

ولا أطيل بذكر الأمثلة في هذا، وإنما قصدت الإلماع إلى منهج هؤلاء الأئمة، ليكونوا نبراساً على الطريق لمعلم القرآن الكريم، فيتبع آثارهم.

(1) حققه الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، وصدر عن مكتبة العلوم والحكم بالمدينة في طبعته الأولى عام (1413 هـ) .

(2)

حققه عبد الله بن يوسف الجديع، وصدر عن دارالعاصمة بالرياض عام (1409 هـ) .

ص: 12

2 -

‌ إخلاص النية:

إن أهم الأمور التي يجب على كل مكلف أن يأخذ نفسه بها، ويقيم أعماله عليها، هو إخلاص القصد لله في سائر أحواله الظاهرة والباطنة، فكيف بمن انتصب لتعليم كتاب الله العزيز؟

قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة: 5)، وقال صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(3) .

(3) رواه البخاري (1)(الفتح: 1 / 15)، ومسلم (1907) صحيح مسلم: 3 / 1515 بلفظ: (إنما الأعمال بالنية) ، وغيرهما.

ص: 12

وقد ابتلى الله تعالى العباد بالشريعة، ليظهر منهم حسن العمل، فقال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك: 2) وفسر الفضيل بن عياض حسن العمل بقوله: (أخلصه وأصوبه)، وقال: العمل لايقبل حتى يكون خالصاً صواباً، الخالص: إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة (1) .

لذلك يعد العمل الخالي من النية الصالحة كالجثة الهامدة، التي لا روح فيها، وقد فرض الله تعالى عبودية على المسلم في كل عمل يعمله، ومما لامراء فيه أن تعليم القرآن الكريم من أجل القرب وأعظمها أجراً، حتى فضله بعض السلف على الجهاد في سبيل الله (2) ، فمن مقتضى هذه العبودية في هذا العمل أن تُجرد النية لله في تعليمه، ويُفرد بحسن الطاعة والقصد، ويُصفَّى عن ملاحظة المخلوقين، كما قال القشيري:(الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين)(3) .

وكلما أخلص المرء لله لم يتعثر في سيره، وأُعطي توفيقاً بقدر ما في قلبه من الصدق والإخلاص، قال الإمام الرباني محمد بن واسع البصري:(إذا أقبل العبد بقلبه على الله، أقبل الله بقلوب العباد عليه)(4) .

وهذه معلمة مهمة لمدرس القرآن الكريم، ينبغي له ترسمها والحرص عليها، ليمسِّك الناس بالكتاب، ويحببهم إليه، ويحملهم على حسن الأدب معه، وجودة تلاوته.

(1) معالم التنزيل للبغوي: 8 / 176.

(2)

انظر النشر: 1 / 4.

(3)

التبيان في آداب حملة القرآن: 24.

(4)

سير أعلام النبلاء: 6 / 121.

ص: 13

وقد رأيت من بعض مشايخي في تعليمهم القرآن صدقاً وإخلاصاً ظاهراً؛ بحيث بورك لهم في أعمالهم وأعمارهم، وصرف الله قلوب الناس إليهم، وازدحم عليهم الطلاب من كل أفق، لأنهم عاملوا ربَّهم بهذه الخصلة، فأعطاهم بحسن قصدهم وطهارة نفوسهم أفضل عطاء، وجعلهم بحق من أهل الخيرية التي أشار لها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه"(1) .

ولعظم هذا الأمر وأهميته في مقاصد المكلفين، وفيما يتعبدون به ربهم، تمنّى ابن أبي جمرة الأندلسي (ت: 695 هـ) على أهل العلم أن يتفرغ بعضهم لهذا الموضوع، كي يعلم الناس مقاصدهم، فقال:(وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتي على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك)(2) .

ومما ينبغي التنبيه عليه في هذه الصفة لمعلم القرآن الكريم، أن بعض القراء يكره قراءة طلابه على غيره من القراء ممن ينتفع بهم.

قال النووي رحمه الله (وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته، وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم، فإنه لو أراد الله تعالى بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم، فلا عتب عليه.

(1) سبق تخريجه ص: 5.

(2)

المدخل لابن الحاج: 1 / 3.

ص: 14