الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية عمرَ بنِ الخطاب لابنه
كتب عمرُ بنُ الخطابِ أميرُ المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، وأحدُ العشرةِ المُبَشَّرين إلى ابنه عبد الله رضي الله عنهما فى غَيْبَةٍ غابها:
((أما بعد: فإنه مَن اتقى الله وَقَاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكره زاده، ومن أقرضه جَزَاه. فاجعل التقوى (*) جِلاءَ بصرك، وعِمَادَ ظهرك، فإنه لا عمل لمن لا نِيَّة له، ولا أَجْرَ لمن لا حسنة له، ولا خير لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خَلَقَ له)) {"الأمالي" لأبي علي القالي، و"العِقد الفريد " لابن عبد ربه، و"مناقب عمر بن الخطاب " لابن الجوزي} .
(*) حاشية:
أصل التقوى: وَِقوى - بكسر أوله وقد يفتح - من الوقاية، أبدلت الواو تاء كـ"تراث"، و"تخمة". وهي: ما يستر الرأس، فهي اتخاذ وقاية تقيك مما تخافه وتحذره، فتقوى العبد لله أن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقيه منه، وهي امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه بفعل كل مأمور به، وترك كل منهي عنه، بحسب الطاقة، مَن فعل ذلك فهو من المتقين. ا. هـ من "دليل الفالحين".
وقال الإمام أحمد: ((التقوى: ترك ما تهوى لما تخشى)).
ولله در من قال: ((التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك)).
وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صححه العماد ابن كثير في "التفسير"(2/ 51)، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح والآخر ضعيف - كما قال الهيثمي في "المجمع" (6/ 326) - عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قال: ((أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر)).
وقد روى الإمام ابن أبي شيبة في كتاب "الإيمان"(ص39رقم99)، والإمام المبارك عبد الله بن المبارك في "الزهد"(1343)، والإمام هناد بن السري في "الزهد"(520)، والإمام البيهقي في "الزهد الكبير" (965) عن عاصم الأحول قال: لما وقعت فتنة ابن الأشعث قال طلق بن حبيب: ((اتقوا الفتنة بالتقوى)).
فقال بكر بن عبد الله: أجمل لنا التقوى في يسير.
فقال: ((التقوى: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء رحمة الله. والتقوى: ترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله)) ا. هـ.
وقد روى الإمام البيهقي في "الزهد الكبير" قبل هذا الأثر أثرين:
الأول:
بسند فيه نظر عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: قال رجل لأبي هريرة: ما التقوى؟ فقال أبو هريرة: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟
قال الرجل: نعم.
قال: فكيف صنعت؟
قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه.
فقال: ((ذاك التقوى)) ا. هـ
وقد أخذ ابن المعتز هذا المعنى من أبي هريرة، فقال:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.
الأثر الثاني: رواه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، أن عمر بن عبد العزيز كان يقول:((ليس تقوى الله بصيام الدهر ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رُزق بعد ذلك خيرًا؛ فهو خير إلى خير)).