المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ منهجه في تفسير الألفاظ: - الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) و «النهاية» لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌أولاً: التعريف المختصر ب‌‌ الزمخشري

- ‌ الزمخشري

- ‌اسمه وكنيته ولقبه:

- ‌مولده:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌عقيدة:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌قيل عنه:

- ‌وفاته:

- ‌ عنوان الكتاب:

- ‌«الفائق في غريب الحديث»

- ‌ معلومات الطباعة:

- ‌ الخدمات حول الكتاب:

- ‌ سبب تأليفه، ووقته:

- ‌ تأثره بمن قبله:

- ‌ تأثيره فيمن بعده:

- ‌ قيمة الكتاب العلمية:

- ‌ ترتيب مواد الكتاب، ومنهجه في عرض المادة:

- ‌ منهجه في اختيار ألفاظ الغريب:

- ‌ منهجه في تفسير الألفاظ:

- ‌ مذهبه العقدي وأثره في الكتاب:

- ‌ مذهبه الفقهي وأثره في الكتاب:

- ‌ المآخذ على الكتاب:

- ‌ثانياً: التعريف المختصر ب‌‌ابن الأثيروكتابه «النهاية»:

- ‌ابن الأثير

- ‌اسمه وكنيته ولقبه:

- ‌مولده:

- ‌من مؤلفاته:

- ‌عقيدته:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌قيل عنه:

- ‌ عنوان الكتاب:

- ‌«النهاية في غريب الحديث والأثر»

- ‌ معلومات الطباعة:

- ‌ قيل فيه:

- ‌ الخدمات حول الكتاب:

- ‌ سبب تأليفه:

- ‌ مقدمة الكتاب:

- ‌ تأثره بمن قبله:

- ‌ تأثيره فيمن بعده:

- ‌ قيمة الكتاب العلمية:

- ‌ ترتيب مواد الكتاب، ومنهجه في عرض المادة:

- ‌ منهجه في اختيار ألفاظ الغريب:

- ‌ منهجه في تفسير الألفاظ:

- ‌ مذهبه العقدي وأثره في الكتاب:

- ‌ مذهبه الفقهي، وأثره في الكتاب:

- ‌ المآخذ على الكتاب:

- ‌ معالم‌‌ الاتفاق

- ‌ الاتفاق

- ‌الاختلاف

- ‌ الترجيح:

- ‌ نموذج من الكتابين:

- ‌في «الفائق»

- ‌في «النهاية»

الفصل: ‌ منهجه في تفسير الألفاظ:

وهَلُمّي وهَلُمَّا وهَلُمُّوا».

وكقوله (1): «تكرر ذكر التوكل في الحديث، يقال: تَوَكَّل بالأمر إذا ضَمن القيام به، ووكَلْتُ أمري إلى فلان أي: ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه.

وكقوله (2): (قد تكرر ذكر «المُزْن» وهو الغيم والسَّحاب، واحدته مُزْنة. وقيل: هي السحابة البيضاء). (3)

•‌

‌ منهجه في اختيار ألفاظ الغريب:

منهج كتب الغريب في هذا المطلب واحد، وقد سبق بيان ذلك في الحديث عن منهج الزمخشري (ص 8).

•‌

‌ منهجه في تفسير الألفاظ:

يُعنى بضبط الفعل في الماضي والمضارع، ويُورد مصدره، كقوله في مادة «أَبق»:(أبَقَ العبدُ يأبَقُ ويأبِقُ إباقاً إذا هرب، وتأبَّق إذا استتر).

ويضبط بالحروف، كأن يقول (4) في حديث:«إنكم سَتَلْقَوْنَ بعدي أَثَرَة» . الأَثَرة ـ بفتح الهمزة والثاء ـ الاسم من: آثَرَ يُؤْثِر إيثاراً، إذا أعطى، والاستئثار: الانفراد بالشيء.

ويبين لغات العرب أحياناً، من ذلك قوله في الحديث (5): «أَصْبح بحمد الله

(1)«النهاية» (5/ 221).

(2)

«النهاية» (4/ 325).

(3)

«منهج ابن الأثير في النهاية» للخراط (ص 28).

(4)

«النهاية» (1/ 22).

(5)

«النهاية» (1/ 111).

ص: 24

بارئاً»، أي: مُعافى. يقال: بَرَأتُ من المرض أبْرَأُ بَرْءاً بالفتح، فأنا بارِئٌ، وأبرأني الله من المرض. وغير أهل الحجاز يقولون بَرِئْتُ ـ بالكسرـ بُرْءاً.

ويبين الفصيح من اللغات أحياناً، يقول في حديث (1) «آمِرُوا النساءَ في أنفسهن» أي: شاوِروهُنَّ في تزويجهن. ويقال فيه: وامَرْتُه، وليس بفصيح.

يورد في شرح المادة الغريبة:

الشواهد القرانية، وقد يركن إلى بعض القراءات المتواترة أو الشاذة؛ ليُجلي المعنى الذي يذهب إليه في شرح غريبه (2)

والشواهد الحديثية فيشرح الحديث بالحديث، مثاله: في مادة (حثل) يورد حديث (3): «لا تقوم الساعة إلا على حُثالةٍ من الناس» ثم يقول: (الحُثالة الرديء من كل شيء). ومنه الحديث: «كيف أنت إذا بَقِيتَ في حُثالة من الناس» يريد: أراذلهم، ومنه الحديث:«أعوذ بك من أن أبقى في حَثْلٍ من الناس» .

وفي مادة (دأل) يورد حديث خزيمة (4): «إنَّ الجنة محظورٌ عليها بالدآليل» . ويقول: (أي: بالدواهي والشدائدِ. وهذا كقوله: «حُفَّت الجنةُ بالمكاره»).

والشواهد الشعرية من ذلك قوله في مادة (بدر) في حديث المبعث «فرجَعَ بها ترجُفُ بوادِرُه» . (5) هي جمع بادِرَة، وهي: لَحْمَةٌ بين المَنكِب والعنق، والبادِرَة من الكلام الذي يسبق الإنسان إليه في الغضب. ومنه قول النابغة:

(1)«النهاية» (1/ 66).

(2)

«النهاية» (3/ 153)، (4/ 274).

(3)

«النهاية» (1/ 339).

(4)

«النهاية» (2/ 95).

(5)

«النهاية» (1/ 106).

ص: 25

ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لم تكن له

بوادِرُ تَحْمي صَفْوَه أن يُكَدَّرا

ويستطرد أحياناً بفوائد لها علاقة قوية بالمادة، ففي حديث (1):«فهذا أوان قطعتْ أَبْهَري» ، يذكر:(أنَّ الأَبْهرَ عرقٌ منشؤه من الرأس ويمتد إلى القدم، وله شرايينُ تتصل بأكثرِ الأطراف والبدن، فالذي في الرأس منه يسمَّى النَّأْمة، ويمتد إلى الحلق فيسمّى فيه الوريد، ويمتد إلى الصدر فيسمّى الأبهر، ويمتد إلى الظهر فيسمَّى الوَتين، ويمتد إلى الفخذ فيسمَّى النَّسَا، ويمتد إلى الساق فيسمَّى الصافِنَ).

ويبين المعرب والدخيل، ففي الحديث (2):«من لعب بالأَسْبَرَنج والنرد فقد غمس يده في دم خنزير» . يقول: هو اسم الفَرَس الذي في الشطرنج، واللفظة فارسية مُعَرَّبة. ويعتني بمسائل التأنيث والتذكر، في قصة حنين (3):«كإمرار الحديد على الطَّسْت الجديد» . يقول: وصف الطَّسْت وهي مؤنثة بالجديد وهو مذكَّر: إمَّا لأنَّ تأنيثها غير حقيقي، فأوَّله على الإناء والظرف، أو لأنَّ فَعِيلاً يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث نحوُ: امرأة قتيل، وكفٌّ خَضيب.

ويبين الأمكنة ويحددها، ورد في الحديث (4):«الأبْواء» . يقول: هو بفتح الهمزة وسكون الباء والمد: جبل بين مكة والمدينة، وعنده بلد ينسب إليه. وورد «بَرْثان» فيقول (5): بفتح الباء وسكون الراء، وادٍ في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وقيل في

(1)«النهاية» (1/ 18).

(2)

«النهاية» (1/ 47).

(3)

«النهاية» (1/ 246).

(4)

«النهاية» (1/ 20).

(5)

«النهاية» (1/ 113).

ص: 26

ضبطه غير ذلك.

يبين اللحن الشائع العامة وتصحيفهم، أورد الحديث (1):«فَضْلُ عائشة على النساء، كفضل الثَّريد على سائر الطعام» أي: باقيه، ويقول: والناس يستعملونه في معنى الجميع، وليس بصحيح، وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث، وكلها بمعنى باقي الشيء.

وفي حديث عثمان (2): «وأنا أشرب ماء المِلْح» . يقول: ماء مِلْح إذا كان شديد الملوحة، ولا يقال: مالح، إلا على لغةٍ ليست بعالية.

ويبين الأضداد، ومن ذلك حديث (3):«كان يبدو إلى هذه التِّلاع» ، فيقول: التِّلاع: مسايل الماء من عُلْوٍ إلى سُفْل، واحدها تَلْعَة. وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الماء وأشرف منها.

ويبين أحياناً المعنى العام للحديث الذي ورد فيه اللفظة الغريبة: ففي الحديث (4)«الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالح جزء من خمسةٍ وعشرين جزءاً من النبوَّة» . يقول: أي إنَّ هذه الخِلال من شمائل الأنبياء، ومن جملة الخصالِ المعدودةِ من خصالِهم، وأنها جزءٌ معلومٌ من أجزاء أفعالهم، فاقتَدوا بهم فيها، وتابِعوهم عليها. وليس أنَّ المعنى أنَّ النبوَّة تتجزَّأُ، ولا أنَّ من جَمَعَ هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوَّة، فإنَّ النبوَّةَ غيرُ مكتسَبة ولا مجتلَبَةٍ بالأسباب، وإنما هي كرامة من الله تعالى، ويجوز أن يكون أراد

(1)«النهاية» (2/ 327).

(2)

«النهاية» (4/ 355).

(3)

«النهاية» (1/ 194).

(4)

«النهاية» (1/ 265).

ص: 27

بالنبوَّة هاهنا ما جاءت به النبوةُ ودَعَتْ إليه من الخيرات.

وله براعة في النحو، والصرف، واللغة عموماً، ومن شواهدِ المسائل النحوية، قوله في الحديث (1) «فهذا أوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري»: يجوز في «أوان» الضمُّ والفتح، فالضمُّ لأنه خبر المبتدأ، والفتحُ على البناء، لإضافته إلى مبني كقوله:

على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصِّبا

وقلتُ ألمَّا تَصْحُ والشيبُ وازعُ

وذكر حديث لقيط (2)«لَعَمْرُ إلهكِ» فقال: وهو رفعٌ بالابتداءِ، والخبر محذوفٌ تقديره: لَعَمْرُ الله قسمي، واللام للتوكيد، فإن لم تأت باللام نصَبْتَه نَصْبَ المصادرِ، أي بإقرارِك لله وتعميرك له بالبقاء.

ومن المسائل الصرفية، قوله: ففي الحديث (3): «فأدخلتُها الدَّوْلَجَ» . يقول: أصله وَوْلَج لأنه فَوْعَلٌ، من وَلَجَ يَلِجُ إذا دخل، فأبدلوا من الواو تاء فقالوا: تَوْلَج، ثم أبدلوا من التاء دالاً فقالوا: دَوْلج، والواو فيه زائدة.

ومن اهتمامه ببيان الوجه البلاغي، أنه يشير إلى التشبيه ووجهه، والاستعارة، والكناية، وغير ذلك من فنونِ البلاغة، ومن ذلك قوله في حديث الحسن في ابن عباس (4):«إنه كان مِثَجا» . أي: كان يصبُّ الكلام صَبا، شبَّه فصاحته وغزارةَ منطقه بالماء المثجُوج، والمِثَجُّ من أبنية المبالغة.

وفي حديث الحديبية (5): «قد لبسوا لك جلودَ النّمور» . يقول: هو كناية عن شدَّة

(1)«النهاية» (1/ 18).

(2)

«النهاية» (3/ 298).

(3)

«النهاية» (2/ 141).

(4)

«النهاية» (1/ 207).

(5)

«النهاية» (5/ 118).

ص: 28

الحقد والغضبِ، تشبيهاً بأخلاق النِمر وشراسته.

ويذكر الاحتمالاتِ المختلفةَ لمعاني اللفظ الغريب، وفي حديث (1):«فجعل المشركون يُرْبِسُون به العبَّاس» يقول: يَحتمل أن يكون من الإرْباس وهو المراغَمَةُ، أي: يُسْمِعونه ما يُسْخِطُه ويَغيظُه، ويحتمل أن يكونَ من قولِهم: جاؤوا بأمورٍ رُبْسٍ أي: سُود، ويحتمل أن يكون من الرَّبيس، وهو المُصاب بمالٍ أو غيره أي: يُصيبون العباس بما يَسُوءُه.

ويذكر فوائد ولطائف في معنى الحديث، ففي الحديث (2):«احثُوا في وجوه المدَّاحين الترابَ» . يقول: أراد بالمدَّاحين الذين اتخذوا مدحَ الناسِ عادةً، وجعلوه صناعة يستأكلون به الممدوح، فأمَّا من مدح على الفعل الحسنِ والأمرِ المحمود؛ ترغيباً في أمثاله، وتحريضاً للناس على الاقتداء به، في أشباهه، فليس بمَدَّاح، وإن كان قد صار مادحاً بما تكلَّم به من جميل القول. وفي الحديث (3):«أشدُّ الناسِ عذاباً يومَ القيامة من قَتَلَ نبياً، أو قتله نبيٌّ» يقول: أراد من قتله ـ وهو كافرٌ ـ كَقَتْلِه أُبَيَّ بن خَلَفٍ يوم بدر، لا كمن قَتَله تطهيراً له في الحدِّ كماعِزٍ». وفي الحديث (4):«لا يُعَذِّبُ اللهُ قلباً وعى القرآن» . يقول: أي: عَقَلَه إيماناً به وعَمَلاً. فأمَّا من حَفِظَ ألفاظه وضَيَّع حدودَه فإنَّه غيرُ واعٍ له.

وله تعقبات على من سبقه: مثاله يقول: قال الجوهري: تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلاً، فإذا جاوزت لفظ العشر لا تقول: بضع وعشرون، وهذا يخالف

(1)«النهاية» (2/ 184).

(2)

«النهاية» (1/ 184).

(3)

«النهاية» (4/ 13).

(4)

«النهاية» (5/ 208).

ص: 29