المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: بدعية طريقة المتكلمين في الاستدلال على وجود الخالق عز وجل وذم العلماء لها - الموسوعة العقدية - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌المطلب الأول: تعريف العقيدة لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف العقيدة في الاصطلاح العام

- ‌المطلب الثالث: تعريف العقيدة الإسلامية

- ‌المطلب الرابع: تعريف التوحيد لغة واصطلاحا

- ‌المطلب الخامس: العلاقة بين التوحيد والعقيدة

- ‌المبحث الثاني: أسماء علم العقيدة والتوحيد

- ‌الفرع الأول: العقيدة

- ‌الفرع الثاني: التوحيد

- ‌الفرع الثالث: السنة

- ‌الفرع الرابع: أصول الدين

- ‌الفرع الخامس: الفقه الأكبر

- ‌الفرع السادس: الشريعة

- ‌الفرع السابع: الإيمان

- ‌الفرع الأول: علم الكلام

- ‌الفرع الثاني: الفلسفة

- ‌الفرع الثالث: التصوف

- ‌الفرع الرابع: الإلهيات

- ‌الفرع الخامس: ما وراء الطبيعة

- ‌المبحث الثالث: موضوعات علم العقيدة

- ‌المبحث الرابع: حكم تعلم علم التوحيد

- ‌المبحث الخامس: فضل علم التوحيد

- ‌المبحث السادس: واضع علم التوحيد

- ‌المبحث السابع: فوائد التوحيد

- ‌المبحث الثامن: الغاية المطلوبة من دراسته

- ‌المبحث التاسع: مسائل علم التوحيد

- ‌المبحث العاشر: وجوب التزام العقيدة الصحيحة

- ‌المبحث الأول: تاريخ عقيدة التوحيد ومتى طرأ الانحراف عنها

- ‌المبحث الثاني: عقيدة التوحيد في دعوة الرسل عامة

- ‌المبحث الثالث: عقيدة التوحيد في دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: ما يعتبر من الأصول في الاعتقاد

- ‌المبحث الثاني: ضوابط التمييز بين الأصول والفروع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: سلامة المصدر

- ‌المبحث الثاني: قيامها على التسليم لله ولرسوله

- ‌المبحث الثالث: اتصال سندها بالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة الهدى قولاً وعملاً وعلماً واعتقاداً

- ‌المبحث الرابع: الوضوح والبيان

- ‌المبحث الخامس: سلامتها من الاضطراب والتناقض واللبس

- ‌المبحث السادس: أنها سبب الظهور والنصر والفلاح في الدارين

- ‌المبحث السابع: هي عقيدة الجماعة والاجتماع

- ‌المبحث الثامن: البقاء والثبات والاستقرار

- ‌المبحث التاسع: التوقيفية (الربانية)

- ‌المبحث العاشر: الغيبية

- ‌المبحث الحادي عشر: العقلانية

- ‌المبحث الثاني عشر: الفطرية

- ‌المبحث الثالث عشر: الشمولية

- ‌المبحث الرابع عشر: الوسطية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النقل الصحيح

- ‌المبحث الثاني: الإجماع

- ‌المبحث الثالث: العقل الصريح

- ‌المبحث الرابع: الفطرة السوية

- ‌الفصل الأول: الأصول المقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: انضباط مصادر أدلة الاعتقاد والاعتماد على ما صح منها

- ‌المبحث الثاني: حجية فهم السلف الصالح لنصوص الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: الإيمان والتسليم والتعظيم لنصوص الوحيين

- ‌المبحث الرابع: جمع النصوص في الباب الواحد، وإعمالها بعد تصحيحها

- ‌المبحث الخامس: اشتمال الوحي على مسائل التوحيد بأدلتها

- ‌المبحث السادس: الإيمان بالنصوص على ظاهرها ورد التأويل

- ‌المبحث السابع: درء التعارض بين صحيح النقل وصريح العقل

- ‌المبحث الثامن: السكوت عما سكت عنه الله ورسوله وأمسك عنه السلف

- ‌المبحث التاسع: موافقة النصوص لفظا ومعنى أولى من موافقتها في المعنى دون اللفظ

- ‌المبحث العاشر: الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة

- ‌المبحث الحادي عشر: لا نسخ في الأخبار ولا في أصول الدين

- ‌المبحث الثاني عشر: رد التنازع إلى الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث عشر: ظواهر النصوص مفهومة لدى المخاطبين

- ‌المبحث الرابع عشر: الإيمان بالمتشابه والعمل بالمحكم

- ‌المطلب الأول: ذكر إجماع الصحابة، والتابعين، وأهل السنة، وأصحاب الحديث، والفقهاء على نبذ التأويل

- ‌المطلب الثاني: أقوال بعض العلماء في التأويل

- ‌المبحث الثاني: موقف أهل السنة والجماعة من التعطيل

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل السنة والجماعة من التكييف

- ‌المبحث الرابع: موقف أهل السنة والجماعة من التمثيل

- ‌المطلب الأول: حقيقة مذهب أصحاب التفويض

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على بطلان مذهب التفويض

- ‌المطلب الأول: التعريف بالمنطق الأرسطي

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: الأسباب الشرعية لرفض المنطق الأرسطي

- ‌المسألة الثانية: الأسباب العقلية لرفض المنطق الأرسطي

- ‌المطلب الثالث: حكم الاشتغال بالمنطق الأرسطي

- ‌المطلب الأول: التعريف بالكشف والرؤى

- ‌المطلب الثاني: موقف أهل السنة والجماعة من ذلك

- ‌القاعدة الأولى: إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل

- ‌القاعدة الثانية: موافقة النصوص لفظاً ومعنى أولى من موافقتها في المعنى دون اللفظ:

- ‌القاعدة الثالثة: لا ينبغي بتر الدليل، والاستدلال بجزئه

- ‌القاعدة الرابعة: الحق يقبل من أي جهة جاء

- ‌القاعدة الخامسة: الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف رجاله

- ‌القاعدة السادسة: حكم كلام غير الشارع

- ‌القاعدة السابعة: السكوت عما سكت الله عنه ورسوله

- ‌القاعدة الثامنة: الامتناع عن مناظرة أهل السفسطة

- ‌القاعدة التاسعة: الباطل لا يرد بالباطل، بل بالحق

- ‌القاعدة العاشرة: عدم العلم بالدليل ليس علماً بالعدم

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في لازم المذهب

- ‌القاعدة الثانية عشرة: الاستدلال بالدليل المتفق عليه على المسألة المتنازع فيها

- ‌القاعدة الثالثة عشرة: الجمع بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات

- ‌القاعدة الرابعة عشرة: المعارضة الصحيحة هي التي يمكن طردها

- ‌القاعدة الخامسة عشرة: في مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم الخاص

- ‌القاعدة السادسة عشرة: التوقف عند الإيهام، والاستفصال عند الإجمال

- ‌القاعدة السابعة عشرة: طالب الحق يستفيد من رد أهل البدع، بعضهم على بعض

- ‌القاعدة الثامنة عشرة: القطعية والظنية من الأمور النسبية الإضافية

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: الاصطلاحات الحادثة لا تغير من الحقائق شيئاً

- ‌القاعدة العشرون: الحيدة عن الجواب ضرب من الانقطاع

- ‌الفصل الأول: خصائص منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد

- ‌الفصل الثاني: نتائج الالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد

- ‌الفصل الثالث: حكم من خالف منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد

- ‌الفصل الأول: فطرية المعرفة بوجود الله

- ‌الفصل الثاني: وصف الله تعالى بالوجود

- ‌الفصل الثالث: معرفة الله

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: توحيد الربوبية

- ‌المبحث الثاني: توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثالث: توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الرابع: مشروعية هذا التقسيم

- ‌المبحث الخامس: العلاقة بين هذه الأقسام للتوحيد

- ‌المبحث الأول: مدلول كلمة الرب من حيث الاشتقاق اللغوي:

- ‌المبحث الثاني: معنى كلمة الرب من حيث هي اسم لله تعالى

- ‌المبحث الثالث: تعريف توحيد الربوبية اصطلاحاً

- ‌المبحث الرابع: منزلة توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: فطرية الإقرار بالربوبية

- ‌المبحث الثاني: عدم كفاية الإقرار بالربوبية للبراءة من الشرك

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين مجرد الإقرار بالربوبية وبين توحيد الربوبية

- ‌المبحث الرابع: مقتضيات الإقرار لله تعالى بالربوبية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: مسلك الإلزام والرد على من انحرفت فطرهم

- ‌المبحث الثاني: مسلك ذكر الآيات الدالة على الربوبية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: دلالة الفطرة

- ‌المبحث الثاني: دلالة الحس

- ‌المبحث الثالث: دلالة الآيات الكونية

- ‌المبحث الرابع: دلالة الشرع

- ‌المبحث الخامس: دلالة العقل

- ‌المبحث الأول: مضادة توحيد الربوبية

- ‌المبحث الثاني: إنكار الربوبية

- ‌الفصل السادس: حدود العذر بالجهل بتوحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: بدعية طريقة المتكلمين في الاستدلال على وجود الخالق عز وجل وذم العلماء لها

- ‌المبحث الثاني: خطأ المتكلمين في إيجابهم النظر على المكلف ودعواهم أن المعرفة موقوفة عليه

- ‌المبحث الثالث: المتكلمون يعتنون بتقرير الربوبية، ويسكتون عن الألوهية

- ‌المبحث الأول: المعنى اللغوي لكلمة (الإِلَه)

- ‌المبحث الثاني: اشتقاق لفظ الجلالة (الله)

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الرب والإله في المعنى

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثاني: منزلة توحيد الألوهية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: إلزام المشركين باعترافهم بتوحيد الربوبية ليقروا بتوحيد الألوهية الذي ينكرونه

- ‌المطلب الثاني: بيان حال الآلهة التي تعبد دون الله في الدنيا والآخرة بصفة تقرر عدم استحقاقها للعبادة

- ‌المطلب الثالث: تذكير المشركين بما يكمن في نفوسهم من التوحيد وأنه لا حجة ولا برهان لهم في شركهم

- ‌المطلب الرابع: بيان أن الحكم لله وحده شرعاً وجزاء:

- ‌المطلب الخامس: إجماع الكتب السماوية على استحقاق الله للعبادة وحده:

- ‌المطلب السادس: دلالة العقل والنقل على توحيد الألوهية

- ‌المطلب السابع: دلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية

- ‌المبحث الرابع: عقد الإسلام، وبم يثبت

- ‌المبحث الخامس: تأثير عارض الجهل على توحيد الألوهية

- ‌المبحث السادس: تحديد دائرة ما يُعذر به في توحيد الألوهية وما لا يعذر به

- ‌المطلب الأول: معنى شهادة لا إله إلا الله

- ‌المطلب الثاني: فضل شهادة لا إله إلا الله

- ‌المطلب الثالث: أقوال العلماء في المراد من الأحاديث الواردة في فضل كلمة التوحيد

- ‌تمهيد:

- ‌مرتبة العلم

- ‌مرتبة التكلم والخبر

- ‌مرتبة الإعلام والإخبار

- ‌مرتبة الأمر والإلزام

- ‌المطلب الخامس: شروط لا إله إلا الله

- ‌المطلب السادس: نواقض لا إله إلا الله

- ‌المطلب الأول: معنى شهادة أن محمداً رسول الله

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: وجوب الإيمان بنبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الأولى: المعنى الصحيح لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وانقسام الناس فيها

- ‌المسالة الثانية: التحذير من المحبة البدعية

- ‌المسألة الأولى: معنى التعزير، والتوقير، والتعظيم

- ‌المسألة الثانية: وجوب توقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم والأدلة على ذلك

- ‌المطلب السادس: نواقض الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: تعريف العبادة

- ‌المبحث الثاني: إطلاقات العبادة

- ‌المطلب الأول: الركن الأول كمال الخضوع والذل

- ‌المطلب الثاني: الركن الثاني كمال المحبة

- ‌المبحث الرابع: بيان مُستَحِقِّها

- ‌المبحث الأول: تعريف الولاء والبراء

- ‌المبحث الثاني: أهمية الولاء والبراء

- ‌المبحث الثالث: عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء

- ‌المبحث الرابع: التشبه بالكفار

- ‌المبحث الخامس: العلاقة بين التشبه والولاء

- ‌المبحث السادس: الفرق بين الموالاة وبين المعاملة بالحسنى

- ‌المبحث السابع: أمور نهى عنها الشارع مخالفة للكفار

- ‌المبحث الثامن: شبهات وجوابها حول التشبه

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب الثاني: شرح مفردات التعريف

- ‌المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته إجمالا

- ‌المطلب الأول: العلم بأسماء الله وصفاته هو الطريق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى

- ‌المطلب الثاني: تزكية النفوس وإقامتها على منهج الله

- ‌المطلب الثالث: العلم بأسماء الله وصفاته أشرف العلوم

- ‌المطلب الرابع: العلم بأسماء الله وصفاته أصل للعلم بكل ما سواه

- ‌المطلب الخامس: العلم بأسماء الله وصفاته من أسباب زيادة الإيمان

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: هل المراد بالحديث حصر الأسماء الحسنى في هذا العدد

- ‌المسألة الثانية: معنى إحصاء أسماء الله

- ‌المسألة الثالثة: ضعف الطرق التي فيها سرد الأسماء

- ‌المطلب السابع: تعظيم الله وتمجيده ودعاؤه بأسمائه وصفاته

- ‌المطلب الثامن: العلم بأسماء الله وصفاته دليل على كماله سبحانه وتعالى في تشريعه للأحكام

- ‌المطلب التاسع: التعبد بمقتضى أسماء الله

- ‌المطلب الأول: معنى الاسم والصفة والفرق بينهما

- ‌المطلب الثاني: اشتقاق أسماء الله وصفاته ودلالتها على الوصفية

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الأسماء والصفات

- ‌المطلب الرابع: اقتضاء الصفات والأسماء لآثارهما

- ‌المطلب الخامس: اعتبارات إطلاق الأسماء

- ‌المبحث الخامس: أنواع المضاف إلى الله

- ‌المبحث السادس: اتصافه تعالى بالأفعال في الأزل

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان والتسليم بما جاء في الكتاب والسنة في باب الأسماء والصفات

- ‌المسألة الأولى: حكم اشتقاق المصدر والفعل والإخبار بهما عن الله

- ‌المسألة الثانية: بيان عدم التلازم بين الإخبار بالفعل مقيدا والتسمية به

- ‌المسألة الثالثة: بيان ما يوصف به الله تعالى من فعل لا يشتق منه اسم

- ‌المطلب الثالث: حكم الألفاظ المجملة نفيا وإثباتا

- ‌المطلب الرابع: أحكام التسلسل نفياً وإثباتاً

- ‌المطلب الأول: القاعدة الأولى الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته

- ‌المطلب الثاني: القاعدة الثانية إجراء نصوص القرآن والسنة على ظاهرها دون تحريف لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها

- ‌المطلب الثالث: القاعدة الثالثة ظاهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر

- ‌المطلب الرابع: القاعدة الرابعة ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام

- ‌المطلب السادس: الاستدلال بقياس الأولى دون غيره من أنواع القياس

- ‌المطلب الأول: حكم استعمال الأقيسة في حق الرب سبحانه وتعالى

- ‌المطلب الثاني: حكم تعميم دلالة النص على الاسم والصفة والذات

- ‌المطلب الثالث: حكم الاستدلال بالتشبيه نفيا وإثباتا

- ‌المطلب الرابع: حكم التجسيم نفيا وإثباتا

- ‌المطلب الأول: تأثير عارض الجهل على توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل ببعض أسماء الله وصفاته وأدلته

- ‌المبحث الأول: مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء الحسنى

- ‌المبحث الثاني: مسألة الاسم عين المسمى أو غيره

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌ الله

- ‌ الإله

- ‌ الأكبر

- ‌ الأول، والآخر، والظاهر، والباطن

- ‌ البر، الوهاب

- ‌ البصير

- ‌ التواب

- ‌ الحسيب

- ‌ الحفيظ

- ‌ الحق

- ‌ الحكم

- ‌ الحليم

- ‌ الحميد

- ‌ الحي، القيوم

- ‌ الجبار

- ‌ الجميل

- ‌ الحيي، الستير

- ‌ الخالق، الخلاق، البارئ، المصوِّر

- ‌ الرب

- ‌ الرحمن، الرحيم، الكريم، الأكرم

- ‌ الرؤوف

- ‌ الرزاق، الرازق

- ‌ الرفيق

- ‌ الرقيب

- ‌ السبوح

- ‌ السميع

- ‌ السيد، الصمد

- ‌ الشافي

- ‌ الشاكر، الشكور

- ‌ الشهيد

- ‌ الطيب

- ‌ العزيز

- ‌ القدير، القادر، المقتدر

- ‌ القوي

- ‌ المتين

- ‌ العظيم

- ‌ العفو، الغفور، الغفار

- ‌ العلي، الأعلى، المتعال

- ‌ العليم

- ‌ الخبير

- ‌ الغني

- ‌ الفتاح

- ‌ القابض، الباسط، المعطي

- ‌ القاهر، القهار

- ‌ القدوس، السلام

- ‌ القريب

- ‌ الكبير

- ‌ اللطيف

- ‌ المبين

- ‌ المتكبر

الفصل: ‌المبحث الأول: بدعية طريقة المتكلمين في الاستدلال على وجود الخالق عز وجل وذم العلماء لها

‌المبحث الأول: بدعية طريقة المتكلمين في الاستدلال على وجود الخالق عز وجل وذم العلماء لها

أن الإيمان به تعالى والإقرار بوجوده أمر فطرت عليه القلوب، أعظم من فطرتها على الإقرار بغيره من الموجودات، فهو سبحانه أبين وأظهر من أن يجهل، فيطلب الدليل على وجوده.

يقول الحافظ العلامة ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية – قدس الله روحه – يقول: كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟ وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:

وليس يصح في الأذهان شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

ومعلوم أن وجود الرب تعالى أظهر للعقول والفطر من جود النهار، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما" (1).

لذلك لم يكن إثبات وجود الله تبارك وتعالى من حيث هو موجود من الأهداف القرآنية، ولم يكن ذلك هدفاً من أهداف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا قالت الرسل لأممهم: أَفِي اللهِ شَكٌّ [إبراهيم: 10]. إلا أن القرآن الكريم لم يتجاهل هذه القضية بل نبه إليها، وأشار إلى دلائلها؛ إذ الفطر قد تتغير وتفسد، والإيمان واليقين قد يضعف، فأقام الله عز وجل من الدلائل الباهرة، والبراهين القاطعة ما يبهر العقول، ويقود القلوب إلى التسليم والانقياد، فكل شيء يدل على وجود الله تعالى؛ إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه، وما ثم إلا خالق ومخلوق، والمخلوق يدل على خالقه فطرة وبداهة، إذ ما من أثر إلا وله مؤثر، كما اشتهر في قول الأعرابي الذي سئل: كيف عرفت ربك؟ فقال – بفطرته السليمة – البعرة تدل على البعير؛ والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، أرض ذات فجاج، وجبال وبحار وأنهار، أفلا تدل على السميع البصير؟ (2).

فهذه المسألة – مع منتهى وضوحها وجلائها – تخبط الناس فيها خبط عشواء، وأكثروا فيها القيل والقال، واشتد بينهم النزاع، وطال الجدال.

ويعتبر المتكلمون أكثر من اشتغل بتقرير وجود الخالق عز وجل والاستدلال له، غير أنهم لم يسيروا في ذلك على منهج الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، وإنما أتوا بطريقة مخترعة مستمدة من الفلسفة والمنطق اليوناني، فترتب على ذلك مفاسد عديدة في أبواب الاعتقاد. سلك المتكلمون في الاستدلال على إثبات وجود الله تعالى، طريقة مبتدعة، مذمومة في الشرع، كما أنها مخطرة، مخوفة في العقل، ألا وهي ما يسمونه (دليل الأعراض وحدوث الأجسام).

واعتمدوا فيما نهجوه على الجواهر والأعراض (3) وما يتعلق بها من الإمكان أو الحدوث أو غير ذلك مما ذكروه، لكون العالم مؤلفاً من أجزاء حادثة، والمؤلف من أجزاء حادثة حادث، والحادث جائز الوجود؛ إذ يجوز تقديره عدماً قبل الوجود، فلما اختص العالم بالوجود الممكن بدلاً عن العدم الجائز احتاج إلى موجد وافتقر إلى صانع وهو الله تعالى (4).

قال الإيجي: "قد علمت أن العالم إما جوهر أو عرض، قد يستدل على إثبات الصانع بكل واحد منهما إما بإمكانه أو بحدوثه، بناء على أن علة الحاجة عندهم إما الحدوث وحده أو الإمكان مع الحدوث شرطاً أو شطراً فهذه وجوه أربعة:

(1)((مدارج السالكين)) لابن القيم (1/ 60).

(2)

انظر: ((ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان)) لابن الوزير (ص: 83).

(3)

انظر: ((الإرشاد)) للجويني (ص: 39)، و ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 79)، (ص: 149).

(4)

انظر على سبيل المثال والمختصر في ((أصول الدين)) لعبد الجبار (ص: 172 - 173)، ((التوحيد)) للماتريدي (ص: 129، 231، 233)، و ((الإرشاد)) للجويني (ص: 39)، و ((تهافت الفلاسفة)) للغزالي (ص: 39) و ((نهاية الإقدام)) للشهرستاني (ص: 5 - 6)، ((المحصل)) للرازي (ص: 147)، ((التمهيد)) للباقلاني (ص: 37).

ص: 200

الأول: الاستدلال بحدوث الجواهر، قيل: هذه طريقة الخليل صلوات الرحمن وسلامه عليه، حيث قال: قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [الأنعام: 76]، وهو أن العالم الجوهري أي المتحيز بالذات حادث كما مر، وكل حادث فله محدث كما تشهد بذلك بديهة العقل (1).

وأما إدعاؤهم أن طريقتهم في الاستدلال على وجود الله تعالى بدليل الجواهر والأعراض الدال على حدوث العالم هي طريقة إبراهيم الخليل فيما حكى الله عنه في قوله: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [الأنعام: 76] فادعاء باطل مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول وللغة العربية التي نزل بها القرآن واستدلال في غير محله، فإن أحداً من سلف الأمة وأئمتها أهل العلم والإيمان لم يقل بذلك، كما ذكر الإمام الدارمي، وغيره من علماء أهل السنة؛ بل وبينوا أن هذا من التفاسير المبتدعة (2).

وقد فسر أئمة المفسرين: الأفول بـ (المغيب)(3). وكذا فسره أهل اللغة وغريب القرآن بذلك (4).

ثم إن إبراهيم عليه السلام لم يكن يقصد الاستدلال بمجرد الحركة على نفي الربوبية، ولو كان يقصد ذلك لكفاه تحرك هذه الكواكب من مشرقها إلى مغربها دليلاً على ما أراد، وإنما استدل بأفولها ومغيبها عن عين عابديها على عدم استحقاقها للعبادة، لأن الذي يستحق العبادة لا ينبغي أن يغيب عن عين عابدة لحظة واحدة، وهذه الكواكب لا تملك لنفسها أن تمنعها من الإحتجاب والمغيب عن أعين عابديها فلا تصلح أن تكون آلهة تعبد من دون الله.

فهذه طريقة إبراهيم عليه السلام في نفي ألوهية الكواكب، وهذا هو مقصوده مما يناقض ما ذهب إليه المتكلمون في تأويلهم الأفول بالحركة والتغير واستدلالهم بذلك لتقرير منهجهم العقلي في إثبات وجود الله المبني على دليل الإمكان والوجوب أو الجواهر والأعراض (5).

وهكذا نجد المتكلمين يستدلون على حدوث العالم بحدوث الأعراض التي هي صفات الأجسام القائمة بها إما الأكوان وإما غيرها، وتقرير المقدمات التي يحتاج إليها هذا الدليل من إثبات الأعراض التي هي الصفات أولاً، أو إثبات بعضها كالأكوان التي هي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق، وإثبات حدوثها ثانيا، بإبطال ظهورها بعد الكون وإبطال انتقالها من محل إلى محل ثم إثبات امتناع خلو الجسم ثالثاً، إما عن كل جنس من أجناس الأعراض بإثبات أن الجسم قابل لها، وأن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، وإما عن الأكوان وإثبات امتناع حوادث لا أول لها رابعاً، وهو مبني على مقدمتين:

أحدهما: أن الجسم لا يخلو عن الأعراض التي هي الصفات.

(1)((شرح المواقف))، ومعه ((شرح الجرجاني)) (2/ 2 - 3) وما بعدها.

(2)

انظر: ((رد الإمام الدارمي على بشر المريسي)) (ص: 55)، و ((درء التعارض)) لابن تيمية (1/ 314).

(3)

انظر: ((تفسير الطبري)) (5/ 246)، و ((تفسير البغوي)) (2/ 90)، و ((تفسير ابن كثير)) (2/ 156).

(4)

انظر: ((الصحاح)) للجوهري (4/ 623)، و ((معجم مقاييس اللغة العربية)) لابن فارس (1/ 119)، و ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 18) (مادة: الأفل) و ((المفردات في غريب القرآن)) للراغب الأصفهاني (ص: 23).

(5)

انظر: ((درء التعارض)) (1/ 314 - 315)، (8/ 355 - 356)، (9/ 82 - 84)، و ((منهاج السنة)) (1/ 44 - 145)، (2/ 141 - 143)، و ((الرد على المنطقيين)) (ص: 304 - 305)، و ((بغية المرتاد)) (ص: 360 - 374).

ص: 201

والثانية: أن ما لا يخلو عن الصفات التي هي الأعراض فهو محدث؛ لأن الصفات التي هي الأعراض لا تكون إلا محدثة، وقد يفرضون ذلك في بعض الصفات التي هي الأعراض كالأكوان، وما لا يخلو عن جنس الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا تتناهى (1).

ومن خلال ما سبق عرضه لا يخالج أحداً شك في صعوبة هذا الدليل، وشدة غموضه وتعقيده، واشتماله على مقدمات عسيرة عويصة، مما لا يؤمن معه على سالكه ومقتفيه التعثر وسوء المغبة وبعد التيه، فهي كما قيل: لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل.

وليعلم أن الاستدلال بحدوث أشياء وتغيرها وتحولها من حال إلى حال في حد ذاته استدلال صحيح، نبه عليه القرآن الكريم وأشار إليه في أكثر من موضع، غير أن الأمر الذي هو محل النقد في هذا الدليل هو طريقتهم في إثبات حدوث العالم، ومن ثم زعمهم أن طريقتهم تلك هي طريقة إبراهيم الخليل عليه السلام.

وعلى كل، فقد اشتد نكير أهل العلم من أهل السنة والجماعة، بل وحتى المحققين من المتكلمين على مسلك هذه الطريقة، وحصر الدليل على إثبات وجود الله تعالى فيها.

نص ما حكاه شيخ الإسلام من الإجماع: ناقش شيخ الإسلام استدلال المتكلمين بهذا الدليل في كثير من رسائله ومؤلفاته، وأوضح بطلان هذا الدليل بالمنقول والمعقول، وكان من جملة ما استدل به على بطلانه، واحتج به اتفاق السلف رحمهم الله، وانعقاد إجماعهم على بدعية هذه الطريقة التي سلكها المتكلمون في إثبات الصانع، وذمهم لها، حيث قال:(المقصود هنا أن كثيراً من أهل النظر صار ما يوجبونه من النظر والاستدلال ويجعلونه أصل الدين والإيمان هو هذه الطريقة المبتدعة في الشرع المخالفة للعقل الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمها وذم أهلها)(2).

وقال أيضاً: (ولكن الاستدلال على ذلك بالطريقة الجهمية المعتزلة، طريقة الأعراض والحركة والسكون، التي مبناها على أن الأجسام محدثة لكونها لا تخلو عن الحوادث، وامتناع حوادث لا أول لها، طريقة مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة مخوفة في العقل، بل مذمومة عند طوائف كثيرة)(3).

وذكر (أن هذا الدليل لم يستدل به أحد من الصحابة والتابعين ولا من أئمة المسلمين، فلو كانت معرفة الرب عز وجل والإيمان به موقوفة عليه للزم أنهم كانوا غير عارفين بالله ولا مؤمنين به، وهذا من أعظم الكفر باتفاق المسلمين؛ بل إن الأنبياء والمرسلين لم يأمروا واحداً بسلوك هذا السبيل، فلو كانت المعرفة موقوفة عليه وهي واجبة لكان واجباً، وإن كانت مستحبة كان مستحباً، ولو كان واجباً أو مستحباً لشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان مشروعاً لنقلته الصحابة)(4).

قال: (الإقرار بالصانع فطري ضروري بديهي لا يجب أن يتوقف على النظر والاستدلال؛ بل قد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن معرفة الله والإقرار به لا يقف على هذه الطرق التي ذكرها أهل طريقة النظر)(5).

وقال أيضا: (أن أصل المعرفة والإقرار بالصانع لا يقف على النظر والاستدلال؛ بل يحصل بديهة وضرورة؛ ولهذا يقر بالصانع جميع الأمم مع عظيم شركهم وكفرهم وأنهم لا يسلكون من هذه الطرق المشهورة عند النظار مثل الاستدلال بالحدوث على المحدث، وبالإمكان على الواجب)(6).

ونقل كلاماً لأبي الحسن الأشعري ضمنه اتفاق السلف على الاستغناء عن هذه الطريقة، وأقره على ذلك (7).

(1) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (3/ 303 - 304).

(2)

((النبوات)) (ص: 85).

(3)

((منهاج السنة النبوية)) (1/ 303).

(4)

انظر: ((نقض التأسيس)) (1/ 619).

(5)

انظر: ((نقض التأسيس)) (2/ 473).

(6)

انظر: ((نقض التأسيس)) (2/ 473).

(7)

انظر: ((درء التعارض)) (7/ 224).

ص: 202

وبين (أن طريقة الاستدلال بما يشاهد حدوثه قد جاء به القرآن، واتفق عليها السلف والأئمة، ولكن تمشيا مع الضرورة والحس، ولا يحتاج مع ذلك إلى إقامة دليل على حدوث ما يحدث من الأعيان، بل يستدل بذلك على وجود المحدث تعالى)(1).

وفي ذلك يقول: (طريقة الاستدلال بما يشاهد حدوثه جاء بها القرآن، واتفق عليها السلف والأئمة)(2).

ذكر من حكى الإجماع أو نص على المسألة ممن سبق شيخ الإسلام: (لقد أنكر أهل العلم – رحمهم الله – على المتكلمين سلوكهم هذه المسالك المعقدة، فوسموهم بالبدعة والضلالة، وبينوا فساد طريقتهم عقلاً، وتحريمها شرعاً، وأقوال أهل العلم – رحمهم الله – في بيان عظم خطر هذه الطريقة وصعوبتها كثيرة، ومن ذلك إجابة أبي حنيفة حينما سأله السائل عما أحدثه الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة؛ فإنها بدعة)(3).

وقد سئل القاضي ابن سريج عن التوحيد، فذكر توحيد المسلمين، وقال:(وأما توحيد أهل الباطل فهو الخوض في الجواهر والأعراض، وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بإنكار ذلك)(4).

وعقب شيخ الإسلام على هذا القول بقوله: (ولم يرد بذلك أنه أنكر هذين اللفظين، فإنهما لم يكونا قد أحدثا في زمنه، وإنما أراد إنكار ما يعنى بها من المعاني الباطلة؛ فإنه أول من أحدثهما الجهمية والمعتزلة)(5).

ويقول أبو الحسن الأشعري: (وإذا ثبت بالآيات صدقه صلى الله عليه وسلم، فقد علم صحة كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وصارت أخباره عليه السلام أدلة على صحة سائر ما دعانا إليه من الأمور الغائبة عن حواسنا وصفات فعله، وصار خبره عليه السلام عن ذلك سبيلاً إلى إدراكه، وطريقاً إلى العلم بحقيقته، وكان ما يستدل به من أخباره عليه السلام على ذلك أوضح دلالة من دلالة الأعراض التي اعتمد على الاستدلال بها الفلاسفة، ومن اتبعها من القدرية، وأهل البدع المنحرفين عن الرسل عليهم السلام (6).

وبين صعوبة هذا الدليل، وشدة خفائه، وكثرة مقدماته، وأشار إلى أن السلف الصالح ومن تبعهم من الخلف قد عدلوا عن هذه الطرق المعقدة الغامضة. وأعرضوا عما صارت إليه الفلاسفة ومن اتبعهم من القدرية وغيرهم من أهل البدع من الاستدلال بذلك، لاستغنائهم بالأدلة الواضحة في ذلك عنه (7).

وممن قرر اتصاف هذه الطريقة بالاعوجاج والخطورة، ووجود الغنية فيما استدل به السلف – رحمهم الله؛ لما فيه من الوضوح والسلامة أبو سليمان الخطابي حيث قال: (فإن قال هؤلاء القوم: فإنكم قد أنكرتم الكلام، ومنعتم استعمال أدلة العقول، فما الذي تعتمدون عليه في صحة أصول دينكم؟ ومن أي طريق تتوصلون إلى معرفة حقائقها؟ وقد علمتم أن الكتاب لم يعلم حقه، وأن الرسول لم يثبت صدقه إلا بأدلة العقول، وأنتم قد نفيتموها؟!

(1) انظر: ((درء التعارض)) (7/ 223).

(2)

انظر: ((درء التعارض)) (5/ 294).

(3)

ذكره ابن قدامة المقدسي في ((ذم التأويل)) (ص: 32، 33).

(4)

نقله عنه شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (17/ 305).

(5)

نقله عنه شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (17/ 305).

(6)

((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 184، 185).

(7)

((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 186 - 191).

ص: 203

قلنا: إننا لا ننكر أدلة العقول والتوصل بها إلى المعارف، ولكننا لا نذهب في استعمالها إلى الطريقة التي سلكتموها في الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر، وانقلابها فيها على حدوث العالم وإثبات الصانع، ونرغب إلى ما هو أوضح بياناً وافصح برهاناً

– إلى أن قال – فأما مثبتوا النبوات فقد أغناهم الله تعالى عن ذلك، وكفاهم كلفة المؤونة في ركوب هذه الطريقة المنعرجة التي لا يؤمن العنت على راكبها، والابتداع والانقطاع على سالكها) (1).

وقال – بعد ما ذكر جملة من الأدلة على إثبات الصانع عز وجل ومال إلى الأدلة الشرعية منها -: (وقد أبى متكلموا زماننا هذا، إلا الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها، وزعموا أنه لا دلالة أقوى من ذلك ولا أصح منه. ونحن وإن كنا لا ننكر الاستدلال بهذا النوع من الدلالة، فإن الذي نختاره ونؤثره هو ما قدمنا ذكره؛ لأنه أدلة اعتبار وطريق السلف من علماء أمتنا، وإنما سلك المتكلمون في الاستدلال بالأعراض مذهب الفلاسفة وأخذوه عنهم)(2).

وقد تنبه أبو حامد الغزالي إلى بدعية هذا الدليل، وأنه ليس من طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته رضوان الله عليهم، فأعلن ذلك رغم سلوكه له حيث يقول:(فليت شعري متى نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة رضي الله عنهم إحضار أعرابي أسلم، وقوله له: الدليل على أن العالم حادث: أنه لا يخلو عن الأعراض، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث)(3).

أما أبو الحسن الآمدي – فقد قلل من شأن هذا الدليل، فقال بعد أن نقله بطوله:(وهو عند التحقيق سراب غير حقيقة)(4).

وكذا يرى ابن رشد الحفيد عدم صحة هذا الدليل، أو جدواه، ويرى أن في غيره من الطرق الشرعية غنية عنه، ويظهر ذلك بوضوح من خلال نقده لطريقة الأشعرية في إثبات وجود الخالق بهذا الدليل حيث قال:(وطريقتهم التي سلكوا في بيان حدوث الجزء الذي لا يتجزأ، وهو الذي يسمونه الجوهر الفرد: طريقة معتاضة، تذهب عن كثير من أهل الرياضة في صناعة الجدل، فضلا عن الجمهور، ومع ذلك فهي طريقة غير برهانية، ولا مفضية بيقين إلى وجود الباري)(5).

واستدل ابن عبد البر على فساد هذه الطريقة وبدعيتها، بعدم سلوك الصحابة لها، مع ما نطق به القرآن من تزكيتهم وتقديمهم، والإطناب في مدحهم وتعظيمهم، فلو كانت هذه الطريقة لديهم مشهورة، أو من أخلاقهم معروفة لاستفاض عنهم النقل، ولتواترت بها الرواية والخبر، وفي ذلك يقول:(ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجباً، وفي الجسم ونفيه، والتشبيه ونفيه لازماً، ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم. ولو كان ذلك من علمهم مشهوراً، أو من أخلاقهم معروفاً لاستفاض عنهم، ولشهروا به كما شهروا بالقرآن والروايات)(6).

(1)((الغنية عن الكلام وأهله)) للخطابي نقلا عن ((نقض التأسيس)) (1/ 254)، و ((درء التعارض)) (7/ 292 - 294).

(2)

كتاب ((شعار الدين)) للخطابي، نقلا عن ((نقض التأسيس)) (1/ 249 - 250)، و ((درء التعارض)) (7/ 294).

(3)

((فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة)) للغزالي (ص: 127، 202، 203).

(4)

((غاية المرام في علم الكلام)) للآمدي (ص: 260).

(5)

((الكشف عن مناهج الأدلة)) لابن رشد (ض: 43).

(6)

((التمهيد)) لابن عبد البر (7/ 152).

ص: 204

وبنحو ما استدل به ابن عبد البر استدل أبو المظفر السمعاني حيث يقول: (وقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعهم في هذه الأمور إلى الاستدلال بالأعراض والجواهر وذكر ماهيتهما، ولا يمكن لأحد من الناس أن يروي في ذلك عنه ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم من هذا النمط حرفاً واحداً فما فوقه، لا في طريق تواتر ولا آحاد، فعلمنا أنهم ذهبوا خلاف مذهب هؤلاء وسلكوا غير طريقهم، وأن هذا طريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم، وسلوكه يعود عليهم بالطعن والقدح ونسبتهم إلى الجهل وقلة العلم في الدين واشتباه الطريق عليهم)(1).

وما أصدق عبارة ابن عقيل في هذه القضية: (أنا أقطع أن الصحابة ماتوا ولم يعرفوا لا الجوهر ولا العرض. فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن. وإن رأيت طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت)(2).

وأشار العمراني إلى تصريح العلماء بتحريم الكلام، وبدعية هذا الطريق بقوله:(قد صرح العلماء من أهل الحديث والفقهاء المشهورون بتحريم الكلام، وقالوا هو محدث وبدعة في الدين، وقالوا لو كان طريقاً صحيحاً لمعرفة الله سبحانه لنبه الله سبحانه في القرآن ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم به وتكلمت به الصحابة رضي الله عنهم. وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الاستنجاء ودلهم على جميع الأحكام فلو كان الكلام من مهمات الدين لنبه النبي صلى الله عليه وسلم عليه)(3).

مستند الإجماع: استند العلماء في إجماعهم في هذه المسألة على ما ورد من نصوص كثيرة في الكتاب والسنة من النهي عن الابتداع في الدين، ولا سيما في مسألة مهمة كهذه، تتعلق بعقيدة المسلم وأصل دينه.

فقد تتبع أهل العلم آي الكتاب، وكلام رب الأرباب، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تواتر منها وما كان من أحاديث الآحاد، وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم من الأئمة المتبوعين، فلم يقفوا على حرف واحد يدل على تلك الطريقة المذمومة، فانعقد على الحكم ببدعيتها إجماعهم، واتفقت على ذم أهلها أقوالهم.

وإنما جاء التنبيه على دلالة الخلق والإبداع في القرآن الكريم في عدة مواضع كقوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: 35 - 36]، وقوله تعالى: أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [مريم: 67]، وقوله تعالى: وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [مريم: 9].

والمتأمل في كتاب الله يجده مملوءاً بالآيات التي تدعو الإنسان إلى النظر والتفكر تلك الدلائل القاطعة المبثوثة في الآفاق وفي الأنفس، لا النظر الذي سلكه المتكلمون في استدلالهم بدليل الأعراض وحدوث الأجسام.

فالاستدلال بالآيات الكونية وما هو مشاهد ومحسوس وما تدل عليه الضرورة والفطر والحس منهج قويم من مناهج أهل السنة والجماعة، فقد عقد أهل العلم – رحمهم الله تعالى – فصولاً كثيرة في كتبهم ساقوا تحتها عدداً كبيراً من الآيات والأحاديث وأقوال السلف للدلالة على وحدانية الله عز وجل بدليل خلق السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والجبال والهواء والماء وخلق الإنسان وانتقاله من طور النطفة إلى العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم إنشائه خلقا آخر.

ولعل من أبلغ الأدلة الحاثة على الاستدلال بما هو مشاهد ومحسوس من الآيات الكونية المبثوثة في الآفاق وفي الأنفس قول الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53].

وقوله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 20 - 21].

وعلى كل؛ فلم يرد في كتاب الله ولا سنة رسول الله ولا أقوال السلف الصالح ما يشير إلى مسلك المتكلمين في هذه المسألة، بل جاء التحذير منه والحكم ببدعيته، واشتد نكير أهل العلم على من سكله وقرره. المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين – ص: 237

(1)((الانتصار لأهل الحديث)) للسمعاني (ص: 69، 70، 71).

(2)

((تلبيس إبليس)) لابن الجوزي (ص: 85).

(3)

((الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار)) للعمراني (1/ 129).

ص: 205