المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في إفلاس الحر ودينه - الموطأ كتاب القضاء في البيوع

[ابن وهب]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ فِي الْبُيُوعِ

- ‌الْعُهْدَةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ

- ‌فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ فِي الرَّقِيقِ

- ‌فِي بَيْعِ الْمِيرَاثِ بِالْبَرَاءَةِ

- ‌فِي الْبَيِّعَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ

- ‌فِي بَيْعِ الْوَلِيِّينَ

- ‌فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ بِشَرْطٍ

- ‌فِي اشْتِرَاءِ الْوَلِيدَةِ مِنَ السُّوقِ، ثُمَّ تَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ

- ‌فِي اشْتِرَاءِ الْعَبْدِ الآبِقِ

- ‌فِي إِفْلاسِ الْحُرِّ وَدَيْنِهِ

- ‌الْحَبْسُ فِي الدَّيْنِ

- ‌فِي إِفْلاسِ الْعَبْدِ وَدَيْنِهِ

- ‌فِي الَّذِي يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ

- ‌الْحِمَالَةُ بِالْمَالِ وَبِالْوَجْهِ

- ‌فِي السَّلَفِ وَالدَّيْنِ إِلَى أَجَلٍ

- ‌فِي دَيْنِ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَعَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَتْبَعُ الْوَرَثَةَ الْمَالُ

- ‌فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لامْرَأَتِهِ

- ‌فِي الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ

- ‌فِي الْعُرْبَانِ وَمَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ مِنْهُ

- ‌فِي الْبَيِّنَاتِ وَالأَيْمَانِ وَالاسْتِحْلافِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌الاسْتِحْلافُ عِنْدَ الْمَنَابِرِ

- ‌فِي الرَّجُلِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ فَيَفْتَدِي مِنْهَا

- ‌فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ، ثُمَّ تَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ

- ‌فِي الْيَهُودِيِّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ثُمَّ يَحْلِفُ

- ‌فِيمَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ

- ‌فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالْعُمَّالِ

- ‌فِي الأَجِيرِ الرَّاعِي وَغَيْرِهِ

- ‌فِي الْمُتَكَارِي يَتَعَدَّى

- ‌فِي الَّذِي يَتَكَارَى الدَّابَّةَ بِعَيْنِهَا

- ‌فِيمَا يَلْزَمُ الْكِرَاءَ

- ‌فِي عَقْرِ الشَّجَرِ وَالْقَضَاءِ فِيهِ

- ‌الْقَضَاءُ فِي الْبَضَائِعِ

- ‌فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ وَالْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ

- ‌فِي الصُّلْحِ

الفصل: ‌في إفلاس الحر ودينه

‌فِي إِفْلاسِ الْحُرِّ وَدَيْنِهِ

ص: 22

105 -

وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ»

ص: 23

106 -

وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي السِّلْعَةِ يَبْتَاعُهَا الرَّجُلُ فَيُفْلِسُ وَهِيَ عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا، لَمْ يَقْضِ صَاحِبُهَا مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا، أَنْ يَرُدَّ إِلَى صَاحِبِهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ

ص: 24

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ وَعِنْدَهُ سِلْعَةُ رَجُلٍ بِعَيْنِهَا لَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهَا.

وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ نَحْوَ ذَلِكَ

- وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنْ كَانَ انْتَقَدَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا أَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِذَلِكَ.

- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ أَدَّى إِلَيْهِ بَعْضَ ثَمَنِ مَا بَاعَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، فَأَرَى أَنْ يُقَاسِمَهُ الْغُرَمَاءُ بِالْحِصَّةِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ.

فَذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ يَتَأَسَّوْنَ فِيهِ بِحِصَصِهِمْ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا حَتَّى أَفْلَسَ فَهِيَ لِلَّذِي بَاعَهَا بِعَيْنِهَا، لا يَشْرَكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ.

- وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ، فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا، إِلا أَنْ يَقْضِيَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ كَامِلا، لَيْسَ لَهُ النَّمَاءُ.

وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ ذَلِكَ.

- وَقَالَ لِي مَالِكٌ: أَمَّا مَا ابْتِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُشْتَرِي شَيْئًا إِلا أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفِقَتْ وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا، فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَالْغُرَمَاءُ يَرَوْنُ إِمْسَاكَهَا؛ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ، وَلا يَنْقُصُونَهُ شَيْئًا، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ السِّلْعَةَ؛ وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا، فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ، وَلا تِبَاعَةَ لَهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ، وَلا يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ، فَذَلِكَ لَهُ.

وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ ذَلِكَ.

- وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: الأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ أَكْثَرَ وَفَرَّقَهُ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ، لا يَمْنَعُهُ مَا بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ.

- قَالَ لِي مَالِكٌ فِيمَنْ وَجَدَ نِصْفَ سِلْعَتِهِ بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ؛ قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْخُذَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَيُحَاصَّ الْغُرَمَاءُ بِنِصْفِ الْبَاقِي، إِلا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَيَأْخُذُوهَا.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ ابْتَاعَ غَنَمًا فَتَوَالَدَتْ عِنْدَ مُشْتَرِيهَا، أَوْ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ أَوْلادًا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا، ثُمَّ أَفْلَسَ صَاحِبُهَا؛ إِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ الْغَنَمَ بِأَوْلادِهَا، أَوِ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا، إِلا أَنْ يَرْغَبَ فِي ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ، فَيُعْطُوهُ حَقَّهُ كُلَّهُ كَامِلا، وَيَأْخُذُوهَا.

وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ ذَلِكَ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ بَاعَ أَمَةً فَاعْوَرَّتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا أَوْ عَمِيَتْ، ثُمَّ أَفْلَسَ، إِنَّ بَائِعَهَا يَأْخُذُهَا فِي حَقِّهِ كُلِّهِ، أَوْ يُسَلِّمُهَا، وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ.

وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ ذَلِكَ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ بَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهَا، ثُمَّ بَاعَهَا، وَحَبَسَ وَلَدَهَا، ثُمَّ أَفْلَسَ؛ أَرَى أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُهَا وَلَدَهَا بِحِصَّتِهِمْ مِنَ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ كَانَ رَأْسَيْنِ بَاعَهُمَا فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا عِنْدَهُ وَقَدْ أَفْلَسَ، أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ، إِلا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُوَفُّوهُ حَقَّهُ، وَيَأْخُذُوا ذَلِكَ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ، فَخَلَقَ عِنْدَهُ أَوْ وَهَى أَوْ دَخَلَهُ فَسَادٌ، أَوْ بَاعَ عَدْلَيْنِ مِنْ بَزٍّ فَاحْتَرَقَ أَحَدُهُمَا وَسَلِمَ الآخَرُ، ثُمَّ أَفْلَسَ، مِثْلَ مَا قَالَ فِي الأَمَةِ تَعْوَرُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْعَدْلَيْنِ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الرَّأْسَيْنِ.

- وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ أَوِ الْمَتَاعَ أَوِ الْغَزْلِ يَوْمًا، ثُمَّ يُمَاكِسُ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ الْمَتَاعَ أَوِ الْبُقْعَةَ، ثُمَّ يُحْدِثُ فِي ذَلِكَ عَمَلا يَبْنِي الْبُقْعَةَ دَارًا أَوْ يَنْسِجُ الْغَزْلَ ثَوْبًا، ثُمَّ يُفْلِسُ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ الْمَتَاعَ، فَيَقُولُ رَبُّ الْبُقْعَةِ: آخُذُ الْبُقْعَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ؛ قَالَ مَالِكٌ: تَقُومُ الدَّارُ كُلُّهَا، الْبُقْعَةُ، وَالْبُنْيَانُ، وَمَا فِيهَا مِمَّا أَصْلَحَ، ثُمَّ يَنْظُرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ، ثُمَّ يَكُونُونَ شُرَكَاءَ فِي ذَلِكَ؛ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَلِلْغُرَمَاءِ حِصَّةُ الْبُنْيَانِ.

وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ جَمِيعًا أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ، فَكَانَتِ الْبُقْعَةُ قِيمَةَ خَمْسِ مِائَةٍ، وَالْبُنْيَانُ ثَمَنَ أَلْفٍ، كَانَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ وَلِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.

وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ إِذَا نُسِجَ وَغَيْرُهُ إِذَا دَخَلَهُ مِثْلُ هَذَا؛ وَهَكَذَا الْعَمَلُ فِيهِ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ رَوَايَا زَيْتٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَا فَصَبَّهَا فِي جِرَارٍ لَهُ فِيهَا زَيْتٌ كَثِيرٌ، وَمَعَهُ شُهُودٌ يَنْظُرُونَ حَتَّى أَفْرَغَهَا فِي زَيْتِهِ، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ يَطْلُبُهُ بِحَقٍّ بَانَ فِيهِ إِفْلاسُهُ؛ فَقَامَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ، فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ: لَيْسَ هُوَ زَيْتُكَ بِعَيْنِهِ، قَدْ خَلَطَّهَ بِزَيْتٍ غَيْرِهِ؛ قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ وَهُوَ عِنْدِي بِعَيْنِهِ، لَيْسَ خَلْطُهُ إِيَّاهُ بِالَّذِي يَمْنَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ.

وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى صَرَّافٍ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فَصَبَّهَا فِي كِيسِهِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ بَانَ فَلَسُهُ مَكَانَهُ؛ أَوِ الْبَزُّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ فَيُرَقِّمُهُ وَيَخْلِطُهُ بِبَزٍّ غَيْرِهِ؛ فَلَيْسَ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ بِالَّذِي يَقْطَعُ عَنِ النَّاسِ أَخْذَ مَا وَجَدُوا مِنْ مَتَاعِهِمْ إِذَا أَفْلَسَ مَنِ ابْتَاعَهَا، إِذَا كَانُوا عَلَى هَذَا.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ دَنَانِيرَ وَطَعَامٍ وَعُرُوضٍ، فَأَفْلَسَ؛ إِنَّهُ يَقُومُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ يَوْمَ أَفْلَسَ، فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ قِيمَةَ عُرُوضِهِمْ، فَيَتَحَاصُّونَ بِهَا، ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُمْ شَرْطَهُمْ عَلَى الْمُفْلِسِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ تَبِعُوهُ بِهِ عَلَى قِيمَةِ مَا كَانُوا يَسَلُونَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ.

- وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَلَهُ حُلِيٌّ عِنْدَ صَائِغٍ قَدْ صَاغَهُ لَهُ، كَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَجْرِهِ، وَلَمْ يُحَاصِّهِ الْغُرَمَاءُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدَيْهِ.

- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنِ اسْتُؤْجِرَ فِي زَرْعٍ أَوْ حَائِطٍ، فَقَامَ فِيهِ فَزَرَعَ حَتَّى بَلَغَ، ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ أَوِ الْحَائِطِ أَفْلَسَ؛ إِنَّ الأَجِيرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الزَّرْعِ وَالْحَائِطِ حَتَّى يَقْتَضِيَ إِجَارَتَهُ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ، وَإِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ حَاصَّ بِهِ الْغُرَمَاءَ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ؛ فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَالأَجِيرُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

- قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا الأَجِيرُ الَّذِي يَبِيعُ لَهُ فِي الْحَانُوتِ أَوْ يَخْدِمُ، فَأَرَاهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ وَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ فِي الزَّرْعِ وَالْحَائِطِ، فَإِنِّي أَرَاهُ تَبَعًا فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ؛ قَالَ: وَإِنْ مَاتَ الْمُفْلِسُ فَكُلٌّ أُسْوَةٌ.

ص: 25

123 -

وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْمِهِ بَنِي سَلَمَةَ، كَثُرَ دَيْنُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ غُرَمَاءَهُ عَلَى أَنْ خَلَعَ لَهُمْ مَالَهُ

ص: 26

124 -

وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غُزَيَّةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِأَنْ خَلَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِبَيْعِهِ؛ وَفِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

ص: 27

125 -

وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ» ؛ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ»

ص: 28

126 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلا مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ فَيُغَالِي بِهَا، ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ؛ فَأَفْلَسَ؛ فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ، وَإِنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيَأْتِنَا نَقْسِمْ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْغَدَاةِ؛ ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ

- وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي رَجُلٍ غَرِقَ فِي دَيْنٍ، أَنْ يُقْسَمَ مَالُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيُتْرَكَ حَتَّى يَرْزُقَهُ اللَّهُ.

وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَيُحَاصُّ غُرَمَاؤُهُ مَالَهُ، فَمَنْ بَايَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا بَايَعَهُ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ فَلَّسُوهُ، وَإِنَّمَا بَايَعُوهُ فِي ذِمَّتِهِ، فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَإِفَادَتِهِ؛ فَإِنْ أُعْدِمَ الثَّانِيَةَ فَالَّذِينَ بَايَعَهُمْ بَعْدَ عُدْمِهِ الأَوَّلِ أَحَقُّ بِمَالِهِ فَيَتَحَاصُّونَ بِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ الأَوَّلِينَ، إِلا أَنْ يَكُونَ عَقِلَ فِي دَمِهِ أَوْ مِيرَاثٍ وَرِثَهُ.

فَأَمَّا كُلُّ عَمَلٍ أَدَارَهُ أَوْ كَانَ مِمَّا رَجَعَتْ بِهِ الأَرْزَاقُ عَلَيْهِ، فَهُوَ لِلَّذِينَ بَايَعُوهُ بَعْدَ عُدْمِهِ، لأَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ خَاصَّةً لِمَا خَرَجَتْ فِيهِ أَمْوَالُهُمْ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ إِلا بِمُعَايَشَةِ مَنْ عَايَشَهُ وَمُدَايَنَةِ مَنْ دَايَنَهُ، وَابْتِغَائِهِ الرِّزْقَ مِنْ رَبِّهِ بِالإِدَارَةِ وَالتِّجَارَةِ.

فَأَمَّا الَّذِينَ يُفْلِسُونَ غَرِيمَهُمْ فَإِنَّ حُقُوقَهُمْ تَدْخُلُ فِي فُضُولٍ إِنْ كَانَتْ بِيَدَيْهِ بَعْدَ قَضَاءِ حُقُوقِ الآخَرِينَ.

- وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَخْلَعُ لِغُرَمَائِهِ، فَإِنْ ثَابَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذُوهُ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَثِبْ لَهُ مَالٌ حَتَّى تَدَايَنَ آخَرُونَ فَيُفْلِسُ أَيْضًا بِأَمْوَالِهِمْ، فَيَقُومُونَ بِهِ؛ إِنَّ الأَوَّلِينَ لا يَدْخُلُونَ عَلَى هَؤُلاءِ فِيمَا دَايَنُوهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ، لأَنَّ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي دَايَنُوهُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَصْحَابُ الدَّيْنِ الآخَرُونَ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ مِنْ مِيرَاثٍ، أَوْ تُفْقَأَ لَهُ عَيْنٌ فَيُقْضَى لَهُ بِعَقْلِهَا، تَحَاصَّ أَصْحَابُ الدَّيْنِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ فِيمَا كَانَ بِيَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ أَوِ الْعَقْلِ.

ص: 29