الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سابعاً: كتب مصنفة في المدلسين:
1 -
المدلسين لأبي أحمد الحاكم ت (378) هـ.
2 – جامع التحصيل في أحكام المراسيل، لأبي سعيد العلائي ت (761) هـ.
3 -
أسماء المدلسين لحسين بن علي الكرابيسي.
4 – التبيين في أسماء المدلسين لسبط ابن العجمي ت (841) هـ.
5 -
تعريف ذوي التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر ويسمى طبقات المدلسين.
المطلب السادس: مراتب الرواة من حيث الاحتجاج أو عدمه
يجدر بنا توضيح مراتب الرواة من حيث الاحتجاج بهم من عدمه وذكر ألفاظ كل مرتبة، وحق هذا المبحث ضمن المطلب السابق (ترجمة رجال الإسناد) ولكن لسعة الكلام فيه وفي المبحث الذي يليه آثرنا تأخيرهما أضف إلى إننا خشينا أن إرباك للقارئ ولاسيما المبتدئ في حالة تأخير مطلب الحكم على الحديث بعد هذين المبحثين، فنقول:
من يتتبع أقوال أئمة الحديث ونقادهم في أقسام الرواة يجدها تدور في أربع مراتب (1): رواة مرتبة الاحتجاج، ورواة مرتبة الاختبار، ورواة مرتبة الاعتبار، ورواة مرتبة الترك.
وكل أقوال أئمة النقد في مراتب الرواة تدور بين ذلك، فمثلاً: قال سفيان الثوري:" إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه أسمع الحديث من الرجل أتخذه دينا وأسمع الحديث من الرجل أوقف حديثه وأسمع من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته"(2).وقال محمد بن المثنى لعبد الرحمن بن مهدي:" يا أبا سعيد هم يقولون: إنك تحدث عن كل أحد؟ قال: عمن أحدث؟ فذكرت له محمد بن راشد المكحولي، فقال لي: أحفظ عني: الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن فهذا لا
(1) ذهب الشيخ الجديع في تحرير علوم الحديث 2/ 565 إلى أنها ثلاث مراتب حسب، ومن يتتبع أقوال الأئمة وصنيعهم يجدها كما قلنا، والله أعلم.
(2)
الجرح والتعديل 2/ 37،والضعفاء الكبير 1/ 15،ومعرفة علوم الحديث، الحاكم ص 204.
يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه؛ ولو ترك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس، وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه" (1).
وقال مسلم في مقدمة صحيحه:" إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك ..... فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم، فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة، فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم، كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني، وعمرو بن خالد، وعبد القدوس الشامي، ومحمد بن سعيد المصلوب، وغياث بن إبراهيم، وسليمان بن عمرو أبي داود النخعي، وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم "(2).
(1) الضعفاء الكبير 1/ 15،والكفاية ص 143،والجامع لأخلاق الراوي 2/ 193.
(2)
مقدمة الصحيح 1/ 4 - 6 بتصرف يسير.
وقال ابن أبي حاتم:" وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، وإذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن ثبت: فهو ممن يحتج بحديثه، وإذا قيل له إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به: فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية، وإذا قيل شيخ: فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية، وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار، وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا، وإذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأولى في كتب حديثه إلا انه دونه، وإذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه يعتبر به، وإذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة "(1).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي:" رواة الحديث أربعة أقسام:
من هو متهم بالكذب.
ومن هو صادق لكن يغلب على حديثه الغلط والوهم لسوء حفظه، وهذان القسمان متروكان.
ومن هو صادق ويغلط أحياناً، وهذا القسم هو المحتج بحديثه.
ومن هو صادق ويخطئ كثيراً ويهم، لكن لا يغلب الخطأ عليه، وهؤلاء مختلف في الرواية عنهم والاحتجاج بهم. وسبق الكلام على ذلك كله مستوفى.
وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام هو؟ فمنهم من يختلف فيه هل هو متهم بالكذب أم لا، ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن غلب على حديثه الغلط أم لا.
ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن كثر غلطه وفحش، أم ممن قل خطؤه وندر.
(1) الجرح والتعديل 2/ 37.
وقد ذكر الترمذي هنا بعض من اختلف في ترك حديثه وفي الرواية عنه. ونحن نذكر أمثلة هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها إن شاء الله تعالى:. .... " (1).
فهكذا يتبين أن مراتب الرواة تدور على أربع مراتب:
*-مرتبة الاحتجاج: وراويها يحتج بحديثه انفرد أم توبع.
*-مرتبة الاختبار: وهم ثقات ولكن لا يحتج بحديثهم مطلقاً إلا بعد اختباره كأن يكون له أوهام أو تغير أو طرأ عليه طارئ فهو ليس ممن جُزم بضعفه مطلقاً أو توثيقه مطلقاً، كما ذكر ابن رجب رحمه الله بقوله:(وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام .. ،فراويها يختبر حديثه إما أنْ يوثق أو يضعف بحسب القرائن، ودائما تكون هناك علة ما تمنع من توثيق الرجل، فان انتفت العلة المانعة احتج بحديثه منفرداً أو متابعاً، وإن رجحت العلة نزل الراوي إلى الاعتبار أو ربما رد أصلاً بسب تلك العلة كالمخالفة مثلاً، وإن كانت القرائن غير جلية ولا ترجح أحد الطرفين على الآخر يبقى في دائرة الاختبار (التوقف) حتى تأتي القرينة.
ومن ذلك مثلاً: قول ابن أبي حاتم: "وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ؛ رَوَاهُ الأَنْصَارِيّ، عَن بَهز بْن حكيم، عَن زرارة، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ كَانَ يوضع لَهُ وضوؤهُ وسواكه من الليل".
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَن بهز، عَنْ سَعْدِ بْنِ هشام، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أيهما أصح؟ قَالَ أَبِي: إن كَانَ حفظ حَمَّاد فهذا أشبه" (2).
(1) شرح علل الترمذي1/ 324.
(2)
العلل 1/ 25.
وقال:" سألتُ أبي وأبا زُرْعَةَ عن حديثٍ رواه الثوري، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير أَنه سئل عن النجاسة تصيب الثوب، قال: اقرأ على آية في غسل الثياب. فقلت لهما: من أبو هاشم هذا؟ قال أبي: هو إِسماعيل ابن كثير المكي وليس هو أبو هاشم الرماني قال أبو زُرْعَةَ الذي عندي أَنه الرماني قلت رواه محمد بن كثير فقال إِسماعيل بن كثير قال: إِن حفظ ابن كثير فهو كما يقول"(1).
*-مرتبة الاعتبار: ورواة هذه المرتبة لا يحتج بحديثهم مطلقاً، ولا يقبل حديث الراوي منهم ما لم يتابع فحديثه يصلح في المتابعات والشواهد (الاعتبار).
*مرتبة الترك: ورواتها لا يحتج بهم لا في الاحتجاج ولا في الاعتبار ولا يستشهد بحديثهم أصلاً.
ولذا فإن الحافظ ابن حجر العسقلاني جعل أحوال الرواة باعتبار المراتب اثنتي عشرة مرتبة، فقال:" أما المراتب:
فأولها: الصحابة: فأصرح بذلك لشرفهم.
الثانية: من أكد مدحه: إما: بأفعل: كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظا: كثقة ثقة، ومعنى: كثقة حافظ.
الثالثة: من أفرد بصفة: كثقة، أو متقن، أو ثبت، أو عدل.
الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلا وإليه الإشارة، بصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
(1) المصدر نفسه 1/ 26.
الخامسة من قصر عن (درجة) الرابعة قليلا، وإليه الإشارة بصدوق سيئ الحفظ، أو صدوق يهم، أو: له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة، ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة: كالتشيع، والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره.
السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مستور، أو مجهول الحال، الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف، ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف.
التاسعة: من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مجهول.
العاشرة: من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة بمتروك، أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط.
الحادية عشرة: من اتهم بالكذب.
الثانية عشرة: من أطلق عليه اسم الكذب، والوضع" (1).
وهذه المراتب في حقيقتها تدور في المراتب الأربع التي ذكرتها، فالمرتبة (الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة): هم رواة مرتبة الاحتجاج.
و (الخامسة):هم رواة مرتبة الاختبار.
و (السادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة):هم رواة مرتبة الاعتبار.
و (العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة)،رواة مرتبة الترك.
ومما يجدر التنبيه عليه هو أنّ الحافظ ابن حجر لم يكتف بالعبارات التي ذكرها في مقدمته بل زاد عليها ألفاظاً أخرى يمكن للمتمرس أن يعرف في أية مرتبة من المراتب، فمن ذلك: ثقة
(1) مقدمة التقريب 1/ 24.