الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرْعٌ:
في دَحْضِ حُجَّتِهمْ بخُرُوج الخَضِرِ عَنْ شَرِيعَةِ مُوسَى
.
483 -
وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنَا مَا أرْسَلا
…
مُوسَى إلى الخِضْرِ نَبيًّا مُرْسَلا
484 -
وَالخِضْرُ لم يُؤْمَرْ بأنْ يُطِيعَهْ
…
فَلَمْ تكُنْ تلزَمُهُ الشَّرِيعَةْ
485 -
أمَّا نَبِيُّنا فإنَّ الطَّاعَةْ
…
تلْزَمُ مَنْ أسْلَمَ حتَّى السَّاعَةْ
486 -
فَإنَّ رَبَّ العَالمِينَ فضَّلَهْ
…
بِأنَّهُ للثَّقَلَيْنِ أَرْسَلَهْ
487 -
وَلا نبيَّ بَعْدَهُ حَيْثُ انْتَظَمْ
…
بِالمُصْطَفَى عِقْدُ النَّبِيِّينَ وَتمْ
488 -
نَبيُّنا للمُرْسَلِينَ خَاتمَةْ
…
لَكِنَّهُ في فضْلِهِ مُقدِّمَةْ
489 -
وَشرْعُهُ قدْ نسَخَ الشَّرَائِعَا
…
فَلا تكُنْ لِغَيْرِهِ مُتابِعَا
490 -
لَوْ كَانَ مُوسَى حَاضِرًا في عَهْدِهِ
…
لَكَانَ مِنْ أتبَاعِهِ وَجُنْدِهِ
491 -
بَلْ إنَّ عِيسَى عَقِبَ النُّزُولِ
…
يَدْعُو إلى شَرِيعَةِ الرَّسُولِ
492 -
فيَترُكُ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلا
…
وَيتبَعُ السُّنةَ وَالتَّنْزِيلا
493 -
فَهَلْ يَجُوزُ بَعْدَ هَذا أنْ نَدَعْ
…
نَبيَّنا وَنَتْبَعَ الذِي ابْتَدَعْ؟
494 -
أَقْسَمْتُ بالإِلَهِ أنْ لنْ نتْرُكَا
…
نهْجَ النَّبيِّ المُصْطَفَى أَوْ نهْلِكَا
فصْلٌ:
في نظمِ قَوْلِهِ: وَكُلُّ دَعْوَى النُّبُوَّةِ بَعَدَهُ صلى الله عليه وسلم فَغَيٌّ وَهَوَى، وَهُوَ المَبْعُوثُ إلى عَامَّةِ الجنِّ وَكافَّةِ الوَرَى، بالحَقِّ وَالهُدَى، وَبالنُّور وَالضِّيَاءِ.
495 -
مَنِ ادَّعَى نُبُوَّة مِنْ بَعْدِهِ
…
فذَاكَ غَيٌّ وَهَوىً مِنْ عِنْدِهِ
496 -
وَاحْكُمْ عَلَيْهِ أنَّهُ قدْ كَفَرَا
…
وَكُلِّ مَنْ صَدَّقَهُ فِيمَا افْتَرَى
497 -
وَهْوَ الذِي إلى جَمِيعِ الخَلْقِ
…
بُعِثَ بالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ
498 -
قَدْ جَاءَ بالنُّورِ وبالضِّيَاءِ
…
للإنْسِ وَالجِنِّ عَلَى السَّوَاء
499 -
أمَا تلاشَى عَنْهُمُ الظَّلامُ
…
لمَّا بَدَا في الأُفُقِ الإِسْلامُ؟
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَإنَّ القُرْآنَ كلامُ اللهِ، مِنْهُ بَدَأ بلا كيْفِيَّةٍ قَوْلا، وَأنزَلهُ على رَسُولِهِ وَحْيًا، وَصَدَّقهُ المُؤْمِنونَ على ذلِكَ حَقًّا، وَأيْقنوا أنهُ كلامُ اللهِ تعَالى بالحَقِيقةِ، لْيَس بمَخْلوقٍ كَكَلام البَريَّةِ، فمَنْ سَمِعَهُ فزَعَمَ أنهُ كلامُ البَشَرِ فقدْ كَفَرَ، وَقدْ ذمَّهُ اللهُ وَعَابَهُ وَأوْعَدَهُ بسَقَرَ، حَيْثُ قالَ تعَالى:(سُأصْلِيهِ سَقَرَ) فلمَّا أوْعَدَ اللهُ بسَقرَ لمَنْ قالَ: (إنْ هَذا إلا قولُ البَشَرِ) عَلِمْنا وَأيْقنَّا أنهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ، وَلا يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ.
500 -
وَالقَوْلُ في قُرْآنِهِ المَتْلُوِّ
…
بِأنَّهُ كَلامُ ذِي العُلُوِّ
501 -
أَوْدَعَهُ في لَوْحِهِ مَحْفُوظَا
…
ثمَّ تكَلَّمَ بِهِ مَلفُوظَا
502 -
وَاللهُ بالكَلامِ لا يَزَالُ
…
مُتَّصِفًا هَذا هُوَ الكَمَالُ
503 -
فَلَمْ يَزَلْ رَبِّي يَقُولُ الحَقَّا
…
إِذا يَشَاءُ ويُنادِي الخَلْقَا
504 -
مُوسَى ألمْ نُسَمِّهِ الكَلِيمَا
…
إِذْ رَبُّنا كَلَّمَهُ تكْلِيمَا؟
505 -
أَمَا اصْطَفَاهُ اللهُ بِالكَلامِ
…
وَبالرِّسَالاتِ عَلى الأنَامِ؟
506 -
أمَا يُنادِي اللهُ في القِيَامَةْ
…
جَهْرًا فيَسْمَعُ الوَرَى كَلامَهْ؟
507 -
وَهَكَذا كَلامُهُ تعَلَّقَا
…
بمَا يَشَاءُ أوْ أرَادَ مُطْلَقَا
508 -
فهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ الفِعْلِيَّةْ
…
مَتى اقْتَضَتْهُ الحِكْمَةُ العَلِيَّةْ
509 -
لذَا رَآهُ أَهْلُ الاعْتِقَادِ
…
قَدِيمَ نَوْعٍ حَادِثَ الآحَادِ
510 -
وَهَكَذَا نقُولُ في كِتَابِنا
…
حَرْفًا وَصَوْتًا ذا كَلامُ رَبِّنَا
511 -
مِنْهُ ابْتَدَا قَوْلا بِلا كَيْفيَّةِ
…
نعْلَمُها عَنْ خَالِقِ البَرِيَّةِ
512 -
أنزَلَهُ وَحْيًا عَلَى الرَّسُولِ
…
مُنجَّمًا مُفَرَّقَ النُّزُولِ
513 -
ليْسَ بمَخْلُوقٍ كأقْوَالِ الوَرَى
…
وَمَنْ يُشبِّهْهُ بقَوْلِنا افْتَرَى
514 -
مَنْ قَالَ هَذا القَوْلَ أوْ قَدْ أوْرَدَهْ
…
فَاللهُ ذَمَّهُ بِهِ وَأوْعَدَهْ
515 -
قالَ الوَلِيدُ إنَّهُ قَوْلُ البَشَرْ
…
فَقَالَ رَبُّنا سَأُصْلِيهِ سَقَرْ
516 -
وَمِنْ هُنا نعْلَمُ لا مَحَالَةْ
…
بأنَّهُ كَلامُ ذِي الجَلالَةْ
517 -
وَأنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلِ البَشَرِ
…
كَمَا نَفاهُ رَبُّنا في الخَبَرِ
518 -
ألمْ يَقُلْ بذَلِكَ الوَلِيدُ
…
فجَاءَهُ مِنْ رَبِّنا الوَعِيدُ؟
519 -
بَلْ هُوَ حتَّى بمُجَرَدِ النَّظَرْ
…
لَيْسَ مُشَابهًا لأقْوَالِ البَشَرْ
520 -
في الشَّكْلِ وَالألفَاظِ والمَعَاني
…
وَالنَّظْمِ وَالتَّأثِيرِ في الوُجْدَانِ
521 -
في الصِّدْق فيمَا فِيهِ مِنْ أخْبَار
…
وَكَيْفَ لا وَهْوَ كَلامُ البَارِي
522 -
هُوَ إِذَنْ بالنَّصِّ ثمَّ بالنَّظَرْ
…
كَلامُ رَبِّ النَّاسِ لا قَوْلُ البَشَرْ
523 -
فَمَنْ رَأَى القُرْآنَ مِنْ قَوْلِ البَشَرْ
…
أَوْ قَدْ رَأى القُرْآنَ مَخْلُوقًا كَفَرْ
اسْتِدْرَاكٌ:
524 -
وَنَفْيُنا الخَلْقَ عَنِ القُرْآنِ
…
لمْ ينْفِ عَنْهُ الوَصْفَ بالحِدْثَانِ
525 -
جِنْسُ كَلامِ رَبِّنا العَظِيمِ
…
هُوَ الذِي يُوصَفُ بالقَدِيمِ
526 -
وَلَكِنِ الآحَادُ كالقُرْآنِ
…
مُحْدَثةٌ بالنَّصِّ وَالبُرْهَانِ
527 -
فَاللهُ بالقرْآن مَا تكَلَّمَا
…
إلا لَدَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَا
528 -
ثمَّ أَلا يَكْفِيكَ دُونَ نُكْرِ
…
وَصْفٌ لهُ بمُحْدَثٍ في الذِّكْرِ
529 -
فَإِنْ تقُلْ أَليْسَ في اللوْحِ حُفِظْ؟
…
قُلْتُ كِتابَةً وَلمْ يَكُنْ لُفِظْ
530 -
وَاللَّوْحُ مَخْلوقٌ وَمَا قَدْ سُطِّرَا
…
فِيهِ فَبِالعِلْمِ القَدِيمِ قَدْ جَرَى
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بمَعْنىً مِنْ مَعَانِي البَشَر فقدْ كَفَرَ، فمَنْ أبْصَرَ هَذا اعْتبَرَ، وَعَنْ مِثْلِ قوْلِ الكُفَّارِ انزَجَرَ، وَعَلِمَ أنَّهُ بصِفاتِهِ ليْسَ كالبَشَرِ.
531 -
وَمَنْ يَصَِفْ رَبِّي بمَعنىً للبَشَرْ
…
فإنَّهُ يكُونُ مِمَّنْ قدْ كَفَرْ
532 -
أوْ مَنْ يكُنْ مُمَثِّلا لرَبِّهِ
…
بخَلْقِهِ فهُوَ كَافِرٌ بِهِ
533 -
فاللهُ رَبِّي لمْ يَكُنْ كَمِثْلِهِ
…
شَيْءٌ بوَصْفِهِ وَلا بفِعْلِهِ
534 -
فَمَنْ يَكُنْ أبْصَرَ هَذا اعتبَرَا
…
وَعَنْ كَلامِ الكَافِرينَ انْزَجَرَا
535 -
وَلمْ يَخُضْ مِنْ بَعْدُ في التَّشْبِيهِ
…
بَلْ يُثْبِتُ الوَصْفَ مَعَ التَّنْزِيهِ
536 -
أَثْبِتْ لرَبِّي كُلَّ وَصْفٍ قدْ أتى
…
عَنْهُ وَعَنْ نَبيِّنا إِنْ ثَبَتَا
537 -
وَلا تكُنْ مُحَرِّفًا مُعَطِّلا
…
وَلا مُكَيِّفًا وَلا مُمَثِّلا
538 -
بَلْ مُرَّهَا صَرِيحَةً ولْترْتضِي
…
في اللهِ مَا هَذِي الصِّفاتُ تقْتَضِي
539 -
لاتخْشَ مِنْ تجْسِيمٍ اوْ تشْبيهِ
…
وَأنْتَ ترْوِي مَا أتَاكَ فِيهِ
540 -
فَرَبُّنا بمَا يَجُوزُ فيهِ
…
أدْرَى مِنَ المُؤَوِّلِ السَّفِيهِ
541 -
وَقُلْ كَلامُنا الذِي في الذَّات
…
هُوَ دَلِيلُ القوْلِ في الصِّفَاتِ
542 -
صِفَاتُهُ لا تُشْبِهُ الصِّفاتِ
…
كَذَاتِهِ لا تُشْبِهُ الذَوَاتِ
543 -
وَهَكَذا أفعَالُهُ تَعَالى
…
كَذَاتِهِ لا تُشْبِهُ الأفْعَالا
544 -
وَالقَوْلُ في بَعْضِ الصِّفَاتِ يُعْتبَرْ
…
كَالقَوْلِ في بَعْضٍ كَعِلْمٍ وَبَصَرْ
545 -
فَكُلُّ مُثْبِتٍ لِوَصْفٍ يلزَمُهْ
…
أَنْ يُثْبِتَ البَاقيَ فِيمَا نَعْلَمُهْ
546 -
وَمَا الذِي يَمْنعُ مِنْ إثبَاتِ
…
وَصْفَ الرِّضَا يا مُثْبِتَ الحَيَاةِ؟
547 -
وَلا يَلِيقُ بامْرِئٍ أنْ ينْفِي
…
وَصْفا لرَبِّي مُثْبِتًا لِوَصْفِ
548 -
فمَا لأجْلِهِ نفَى وَفَرَّا
…
مِنْهُ يُرَى بمَا بهِ أَقَرَّا
549 -
وَاعْلَمْ بأنَّنا عَلى خِلافِ
…
مَا فَرَّ مِنْهُ وَادَّعَاهُ النَّافِي
550 -
فمَا لَدَى النُّفَاةِ والمُعَطِّلَةْ
…
في النَّفْيِ إلا شُبَهٌ وَأخْيَلَةْ
551 -
وَنحْنُ في الإِثْبَاتِ ما شبَّهْنا
…
رَبَّ الوَرَى بالخَلْق بلْ نزَّهْنا
552 -
فَليْسَ في الإِثْبَاتِ مِنْ تَشْبِيهِ
…
كَمَا ادَّعَى فِيهِ أُولُو التَّمْوِيهِ
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَالرُّؤْيَةُ حَقٌّ لأهْلِ الجنَّةِ، بغَيْر إحَاطةٍ وَلا كيْفِيَّةٍ، كَمَا نطقَ بِهِ كِتَابُ رَبِّنا:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وَتفْسِيرُهُ على مَا أرَادَهُ اللهُ تعَالى وَعَلِمَهُ، وَكلُّ مَا جَاءَ في ذلِكَ مِنَ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَعْناهُ على مَا أرَادَ، لا نَدْخُلُ في ذلِكَ مُتأوِّلِينَ بآرَائِنا، وَلا مُتوَهِّمِينَ بأهْوَائِنا، فإنهُ مَا سَلِمَ في دينِهِ إلا مَنْ سَلَّمَ للهِ عز وجل، وَلرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَدَّ عِلمَ مَا اشْتبَهَ عَلَيهِ إلى عَالِمِهِ.
553 -
وَرُؤْيَةُ اللهِ لأهْلِ الجَنَّةْ
…
جَاءَتْ بها الآيَاتُ ثمَّ السُّنَّةْ
554 -
فَلا يَجُوزُ مُطْلَقًا إنكَارُها
…
مِنْ بَعْدِ مَا صَحَّتْ لنا أَخْبَارُها
555 -
لَكِنْ إِحَاطَةٌ بهِ مَنْفيَّةْ
…
وَهَكَذَا التَّشْبيهُ وَالكيْفيَّةْ
556 -
ألمْ يقُلْ إنَّ وُجُوهًا ناضِرَةْ
…
لوَجْهِ رَبِّها تكُونُ ناظِرَةْ؟
557 -
رُؤْيَةُ حَقٍّ لا نُضَامُ فيها
…
كَالشَّمْسِ لا سَحَابةٌ تخْفِيها
558 -
تَشْبِيهُ رُؤْيَةٍ برُؤْيَةٍ فقَطْ
…
لا أنَّهُ كالشَّمْسِ فاحْذَرِ الغَلَطْ
559 -
هَذا الذِي أرَادَهُ النَّبيُّ
…
لا مِثْل مَا يَفْهَمُهُ الغَبيُّ
560 -
ظنُّوهُ تَشْبِيهًا لمَرْئِيَّينِ
…
فأنْكَرُوا رُؤْيَتَهُ بالعَيْنِ
561 -
وَأوَّلُوا النَّظَرَ بانْتِظَارِ
…
ثوَابِهِ لا رُؤْيَةِ الأنْظَارِ
562 -
يَا رَبِّ فاحْرِمْهُمْ مِنَ النَّعِيمِ
…
وَلْيُحْجَبُوا عَنْ وَجْهِكَ الكَرِيمِ
563 -
وَكُلُّ ما أتى بهَذِي الرُّؤْيةِ
…
مِنْ خَبَرٍ صَحَّ بها أَوْ آيَةِ
564 -
فَهْوَ كَمَا رَبُّ الوَرَى يَقُولُ
…
وَهْوَ كمَا يَقُولُهُ الرَّسُولُ
565 -
تَفْسِيرُهُ يَكُونُ أوْ مَعْنَاهُ
…
عَلَى الذِي أرَادَهُ الإِلَهُ
566 -
وَنحْنُ لا ندْخُلُ فيمَا قالا
…
مُعَطِّلِينَ وَصْفهُ تعَالى
567 -
وَلا مُؤَوِّلِينَ بالآرَاءِ
…
أَوْ مُتَوَهِّمِينَ بالأهْوَاءِ
568 -
فإنَّهُ في دينِهِ ما سَلِمَا
…
إلا الذِي للوَحْي حَقًّا سَلَّمَا
569 -
وَرَدَّ عِلْمَ مَا عليْهِ اشْتَبَها
…
إلى الذِي يَكُونُ عَالمًا بهَا
احْتِرَازٌ:
570 -
وَلا تكُنْ بالشَّيْخِ ذا تعْرِيضِ
…
مُتَّهِمًا إيَّاهُ بالتَّفْوِيضِ
571 -
حَيْثُ يُحِيلُ العِلْمَ بالمَعَاني
…
إلى مُرَادِ رَبِّنا الرَّحْمَنِ
572 -
فليْسَ مَعْنى القَوْلِ بالتَّسْلِيمِ
…
مَعْ رَدِّ عِلْمِهَا إلى العَلِيمِ
573 -
أَنَّ مَعَانيَ الصِّفاتِ غامِضَةْ
…
مَجْهُولةٌ كَمَا تَرَى المُفَوِّضَةْ
574 -
وَأَنَّ ظاهِرَ الصِّفاتِ البَادِي
…
لَيْسَ بمَقصُودٍ وَلا مُرَادِ
575 -
وَأنَّهُ لا ينبَغِي السُّؤَالُ
…
عَنهَا إِذِ العِلْمُ بهَا مُحَالُ
576 -
فَإِنَّ رَبَّ العَالمِينَ اسْتأْثَرَا
…
بها فَلا يُمْكِنُ أنْ تُفَسَّرَا
577 -
كَلا فمَعْنى الوَصْفِ لَسْنا نجْهَلُهْ
…
وَإِنمَا الكَيْفُ الذِي لا نعْقِلُهْ
578 -
فَالاسْتِوَاءُ ليْسَ بالمَجْهُولِ
…
مَعْنىً وَليْسَ الكيْفُ بالمَعْقُولِ
579 -
وَقُلْ بسَائِرِ الصِّفاتِ ذَلِكْ
…
كَمَا أفادَهُ الإمَامُ مَالِكْ
580 -
هَذَا الذِي أظنُّهُ يَقِينا
…
بشَيْخِنَا عَقِيدَةً وَدِينا
581 -
وَإِنْ يكُنْ رَأَى خِلافَ ما سَلَفْ
…
فَهْوَ مُخَالِفٌ لمَذْهَبِ السَّلَفْ
582 -
وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ فِيمَا ظَنَّا
…
تكَرُّمًا مِنْ رَبِّنا وَمَنَّا
583 -
فَمَا يَرَى القَوْمُ سِوَى التَّقْوِيضِ
…
لهَذِهِ النُّصُوصِ بالتَّفْوِيضِ
فَصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَلا يَثبُتُ قَدَمُ الإسْلامِ إِلا عَلَى ظهْرِ التَّسْلِيمِ وَالاسْتِسْلامِ، فمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عنهُ عِلمُهُ وَلمْ يَقنعْ بالتَّسْليمِ فهْمُهُ، حَجَبَهُ مَرامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ، وَصَافِي المَعْرِفةِ، وَصَحِيحِ الإيمَانِ، فيَتَذَبْذَبُ بَيْن الكُفْرِ وَالإيمَانِ، وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَالإقرَارِ وَالإنكَارِ، مُوَسْوَسًا تائِهًا زَائِغًا شَاكًّا، لا مُؤْمِنًا مُصَدِّقًا، وَلا جَاحِدًا مُكَذِّبًا.
584 -
وَمَا ثُبُوتُ قَدَمِ الإِسْلامِ
…
إِلا عَلَى ظُهُورِ الاسْتِسْلامِ
585 -
وَمَا ارْتِفَاعُ دِينِنَا القَوِيمِ
…
إِلا عَلَى أَعْمِدَةِ التَّسْلِيمِ
586 -
فَسَلِّمِ الأمْرَ لهُ تَسْلِيمَا
…
وَكُنْ مُحَكِّمًا لهُ تحْكِيمَا
587 -
وَلا تُعَارِضِ النُّصُوصَ بالهَوَى
…
وَلا بِشُبْهَةٍ كفِعْلِ مَنْ غَوَى
588 -
وَلا بمَعْقُولٍ ولا قِيَاسِ
…
ترُدُّ مَا يَقُولُ رَبُّ النَّاسِ
589 -
وَاقْنَعْ بمَا أتَاكَ مِنْهُ وَاكْتَفِي
…
وَلا تحَاوِلِ الْتِمَاسَ مَا خَفِي
590 -
مَنْ رَامَ عِلْمَ مَا عَلَيْهِ يمْتَنِعْ
…
وَالعَقْلُ بالتَّسْلِيمِ لمَّا يقْتَنِعْ
591 -
يحْجُبُهُ عَنْ خالِصِ التَّوْحِيدِ
…
مَرَامُهُ النَّاظِرُ للبَعِيدِ
592 -
وَعَدَمُ التَّسْلِيمِ والإِذْعَانِ
…
يحْجُبُهُ عَنْ صِحَّةِ الإيمَانِ
593 -
وَبُعْدُهُ عمَّا لهُ أنْ يَعْرِفهْ
…
يحْجُبُ هَذا عَنْ صَحِيحِ المَعْرِفَةْ
594 -
فَيَا لهُ مِنْ تائِهٍِ حَيْرَانِ
…
يَدُورُ بيْنَ الكُفِرِ وَالإيمَانِ
595 -
وَيَا لهُ مُوَسْوَسًا مُذبْذَبَا
…
لَيْسَ مُصَدِّقًا وَلا مُكَذِّبَا
596 -
يَكُونُ تارَةً بذِي إقْرَارِ
…
وَتَارَةً يَكُونُ ذَا إنْكَارِ
597 -
رَبِّي نَعُوذُ بكَ أنْ نَضِلا
…
كَمَا نعُوذ بكَ أنْ نَزِلا
598 -
تَوَفَّنا وَنحْنُ مُسْلِمُونا
…
مُسْتسْلِمُونَ وَمُسَلِّمُونا
فصْلٌ:
في نظم قوْلِهِ: وَلا يَصِحُّ الإيمَانُ بالرُّؤْيَةِ لأهْل دَارِ السَّلامِ لمَنْ اعْتبَرَهَا مِنهُمْ بوَهْمٍ، أَوْ تأوَّلهَا بفهَمٍ إذ كَانَ تأويلُ الرُّؤْيَةِ وَتأويلُ كُلِّ مَعْنىً يُضَافُ إلى الرُّبُوبيَّة بترْكِ التأويلِ، وَلُزُوم التسْلِيمِ، وَعَليْهِ دِينُ المُسْلِمِينَ، وَمَنْ لمْ يتوَقَّ النفيَ والتَّشْبِيهَ
زَلَّ وَلمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ، فإنَّ رَبَّنا جَلَّ وَعَلا مَوْصُوفٌ بصِفاتِ الوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الفرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ في مَعْناهُ أحَدٌ مِنَ البَريَّةِ.
599 -
مَنْ يَعْتَبرْ رُؤْيَتَهُ بوَهْمِ
…
أَوْ خَاضَ في تأْوِيلِها بفَهْمِ
600 -
فَإِنَّهُ برُؤْيةِ الرَّحْمَنِ
…
مَا صَحَّ أنْ يَكُونَ ذا إيمَانِ
601 -
إِذِ السَّبِيلُ الحَقُّ في تأْوِيلِها
…
بتَرْكِ ما يُفْضِي إلى تعْطِيلِها
602 -
ثمَّ لُزُومِ جَانِبِ التسْلِيمِ
…
مَعْ رَدِّ كُنْهِهَا إلى العَليمِ
603 -
فَلَيْسَ مِنْ تعْطِيلٍ او تحْرِيفِ
…
وَلَيْسَ مِنْ تمثِيلٍ اوْ تكْيِيفِ
604 -
هَذَا هُوَ الطَّرِيقُ في الإثبَاتِ
…
لِسَائِرِ الأَسمَاءِ والصِّفَاتِ
605 -
فَالدِّينُ إِثْبَاتٌ مَعَ التَّنْزِيهِ
…
أَيْ بِتَوَقِّي النَّفْيِ والتَّشْبِيهِ
606 -
وَزَلَّ ثمَّ لمْ يُصِبْ تَنْزِيها
…
مَنْ لمْ يَدَعْ نَفْيًا ولا تَشْبِيها
607 -
فَلْتَدَعِ التَّحْرِيفَ والتَّعْطِيلا
…
وَلْتَتْرُكِ التَّكْيِيفَ والتَّمْثِيلا
608 -
فاللهُ فرْدٌ وَاحِدٌ في ذَاتِهِ
…
وَفي فِعَالِهِ وَفي صِفَاتِهِ
609 -
وَليْسَ في مَعْناهُ مَنْ مَاثَلَهُ
…
وَلمْ يكُنْ في الخَلْقِ مَنْ عَادَلَهُ
610 -
تقَدَّسَ اللهُ عَنِ التَّشْبِيهِ
…
وَمَا يَقُولُ الظَّالِمُونَ فِيهِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَتعَالى عَنِ الحُدُودِ والغَايَاتِ، وَالأرْكانِ وَالأعْضَاءِ وَالأدَوَاتِ، وَلا تحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُ كسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ.
611 -
وَقَدْ تعَالى اللهُ في الصِّفَاتِ
…
عَنْ تلْكُمُ الحُدُودِ وَالغَايَاتِ
612 -
ثمَّ عَنِ الأعْضَاءِ وَالأرْكَانِ
…
وَالأدَوَاتِ جَلَّ ذُو السُّبْحَانِ
613 -
ثمَّ الجِهَاتُ السِّتُّ لا تحْوِيهِ
…
كالخَلْقِ بلْ يَكُونُ ذا تَنْزِيهِ
614 -
وَالشَّيْخُ لمْ يقْصِدْ سِوَى التَّنْزِيهِ
…
مِنْ قوْلِهِ وَعَدَمِ التَّشْبِيهِ
615 -
لَكِنْ عِبَارَاتُ الطَّحَاوِي مُجْمَلَةْ
…
قَدْ تُسْتغَلُّ لمَعَانِي باطِلَةْ
616 -
إذ تحْمِلُ الألْفَاظُ وَالمَبَاني
…
حَقًّا وَبَاطِلا مِنَ المَعَاني
617 -
وَالوَاجِبُ التَّفْصِيلُ وَالمقْصُودُ
…
أنْ يُعْرَفَ المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ
618 -
فنفيُهُ للحَدِّ ليْسَ يُنْكَرُ
…
إنْ يَعْنِ أنَّ اللهَ لَيْسَ يُحْصَرُ
619 -
فَليْسَ مِنْ حَدٍّ وَلا مِنْ غَايَةِ
…
تَكُونُ للرَّحمَنِ كالنِّهَايَةِ
620 -
لَكِنَّ ذا لا يَعْني الاتِّصَالا
…
بخلْقِهِ أوْ حَصْرِهِ تعَالى
621 -
فاللهُ فوْقَ عَرْشِهِ مُنْفَصِلُ
…
عَنْ خَلْقِهِ قَدْ بَانَ لا مُتَّصِلُ
622 -
وَالنَّفْيُ للأعْضَاءِ وَالأرْكَانِ
…
حَقٌّ مَعَ التَّشْبِيهِ بالإِنْسَانِ
623 -
لَكِنْ إذا أرَادَ نفْيًا مُطْلَقَا
…
بِغَيْرِ تَشْبِيهٍ فَهَذا يُتَّقَى
624 -
فالوَجْهُ وَاليَدَانِ ثَابِتَانِ
…
لِرَبِّنا وَهَكَذا العَيْنانِ
625 -
لَكِنْ مَعَ التَّنْزِيهِ للجَلِيلِ
…
فِيهَا عَنِ الشَّبِيهِ وَالمَثِيلِ
626 -
وَنَفْيُهُ الجِهَاتِ أوْ إنكَارُهُ
…
حَقٌّ إذا يُنْفَى بها انحِصَارُهُ
627 -
وَإِنْ أرَادَ أنَّ ربِّي لَيْسَ في
…
أَيِّ الجِهَاتِ بَلْ يرَاهَا تنْتفِي
628 -
نقُولُ مَا أبْطَلَ هَذَا القَوْلا
…
لأنَّهُ ينْفِي وُجُودَ المَوْلى
629 -
لأنَّ هَذِهِ صِفَاتُ العَدَمِ
…
لا مَنْ نَرَى وُجُودَهُ في القِدَمِ
630 -
وَجِهَةُ العُلُوِّ ليْسَتْ تنْتَفِي
…
عَنْهُ وَإِلا بالعُلا لمْ يُوصَفِ
631 -
وَهَكَذَا الحَقُّ أوِ البَاطِلُ فِي
…
قَوْلِ الطَّحَاوي إنْ يُفَصَّلْ قَدْ يَفِي
632 -
وَليْتَ هَذا الشَّيْخَ ما تكَلَّمَا
…
بهَذِهِ إِذَنْ لكَانَ أسْلَمَا
مَسْألةٌ:
في إِثبَاتِ صِفةِ النُّزُولِ لله ِعَزَّ وجَلَّ.
633 -
نَشْهَدُ للإِلَهِ بالنُّزُولِ
…
عَلَى مُرَادِ اللهِ وَالرَّسُولِ
634 -
فَرَبُّنَا إلى السَّمَاءِ يَنْزِلُ
…
في ثُلُثِ اللَّيْلِ الأخِيرِ يَسْألُ
635 -
إِني إليْكُمْ يَا عِبَادِي نازِلُ
…
فَهَلْ لديْكُمْ رَاغِبٌ أوْ سَائِلُ؟
636 -
أثَمَّ فِيكُمْ مَنْ غَدَا مُسْتغْفِرَا
…
فَأَغْفِرَ الذُّنُوبَ أوْ أُكَفِّرَا؟
637 -
لكِنَّهُ لا يقْتَضِي انتِقَالا
…
وَلا خُلُوَّ عَرْشِهِ تعَالى
638 -
وَقَالَ قَوْمٌ غَيْرُنا بَلْ يَخْلُو
…
وَالوَقْفُ عِنْدَ آخَرِينَ يحْلُو
639 -
وَلا أُحِبُّ الخَوْضَ في المُبْتَدَعِ
…
مِنْ هَذِهِ الأمُورِ وَالمُخْتَرَعِ
640 -
كَمَا يَجيءُ اللهُ يوْمَ الحَقِّ
…
للفَصْلِ وَالقَضَاءِ بَيْنَ الخَلْقِ
641 -
وَهَكَذَا نُثْبِتُ كُلَّ مَا وَرَدْ
…
وَلا نقُولُ كيْفَ ذا وَلا يُرَدّْ
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَالمِعْرَاجُ حَقٌّ، وَقدْ أُسْرِيَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وَعُرِجَ بشَخْصِهِ في اليَقَظَةِ إلى السَّمَاءِ، ثمَّ إلى حَيْثُ شَاءَ اللهُ مِنَ العُلا، وَأَكْرَمَهُ اللهُ بمَا شَاءَ، وَأَوْحَى إِليهِ مَا أوْحَى (مَا كَذَبَ الفؤَادُ مَا رَأَى) فصَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ في الآخِرَةِ وَالأُولى.
642 -
نُؤْمِنُ بالمِعْرَاجِ وَالإِسْرَاءِ
…
بالرُّوحِ وَالجِسْمِ بلا امْتِرَاءِ
643 -
لأنَّهُ لوْ كَانَ بالرُّوحِ سَرَى
…
مَا شَكَّ فيهِ كَافِرٌ وَلا امْتَرَى
644 -
ثمَّ أَليْسَ رَبُّنا قَدْ صَدَّرَا
…
إيَّاهُ بالتَّسْبِيحِ حِينَ أخبَرَا؟
645 -
فَقَالَ سُبْحَانَ الذِي قدْ أسْرَى
…
بعَبْدِهِ مُفخِّمًا ذا الأمْرَا
646 -
فَهَلْ يكُونُ الأمْرُ رُؤَيا حُلْمِ
…
أَمْ أنَّهُ يقَظَةٌ بالجِسْمِ
647 -
وَأيُّ إعْجَازٍ بهِ لوْ وقَعَا
…
وَلمْ يَكُنْ بالرُّوحِ وَالجِسْمِ مَعَا؟
648 -
مِنْ بيتِهِ الحَرَامِ مَهْوَى الأنْفُسِ
…
أَسْرَى بهِ ليْلا لِبَيْتِ المَقْدِسِ
649 -
عَلى بُرَاقٍ دُونَ بَغْلٍ حَافِرُهْ
…
يُوضَعُ عِنْدَ مُنتَهَى مَا يُبْصِرُهْ
650 -
وَالأنْبِيَاءُ قدْ أَتَوْا إكْرَامَا
…
لَهُ وَقَدْ صَلَّى بهمْ إمَامَا
651 -
وَجِىءَ باللَّبَنِ ثمَّ الخَمْرَةْ
…
فاخْتَارَ مِنْهُمَا الرَّسُولُ الفِطْرَةْ
652 -
ثمَّ بهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَرَجَا
…
إِلى السَّمَاءِ وَارْتقَاها دَرَجَا
653 -
وَلمْ يَزَلْ إلى أنِ انْتهَى إلى
…
مَا شَاءَ رَبُّ العَالمِينَ مِنْ عُلا
654 -
قَدِ ارْتقَى ليْلتَها حتَّى انْتَهى
…
لِسِدْرَةٍ هُنَاكَ حَيْثُ المُنْتهَى
655 -
إِذْ ينْتَهِي عِلْمُ العِبَادِ عِنْدَها
…
وَليْسَ يدْرِي أَحَدٌ مَا بَعْدَها
656 -
ثمَّ بمَا قدْ شَاءَ رَبِّي أكْرَمَهْ
…
حَيْثُ بلا وَاسِطَةٍ قدْ كَلَّمَهْ
657 -
أَوْحَى إليهِ اللهُ مَا أوْحَاهُ
…
وَالمُصْطَفَى بِقُرْبِهِ نَاجَاهُ
658 -
وَفُرِضَتْ في ذلِكَ المَقَامِ
…
فَرِيضَةُ الصَّلاةِ في الإِسْلامِ
659 -
وَالمُصْطَفَى لمَّا عَلَيْنا قدْ فَرَضْ
…
في اليَوْمِ خَمْسِينَ صَلاةً مَا اعْتَرَضْ
660 -
لَكِنْ أخُو هَارُونَ لمَّا عَرَّفَهْ
…
نَبِيُّنا بمَا الإِلَهُ كَلَّفَهْ
661 -
قَالَ لهُ ارْجِعْ وَاسْأَلِ التَّخْفِيفَا
…
إذ لا تُطِيقُ الأُمَّةُ التَّكْلِيفَا
662 -
فلَمْ يَزَلْ يُراجِعُ الرَّسُولُ
…
رَبَّ الوَرَى فجَاءَهُ القَبُولُ
663 -
فَخُفِّفَتْ للخَمْسِ في الأدَاءِ
…
وَأُبْقِيَتْ خمسِينَ في الجَزَاءِ
664 -
وَرَغْمَ أنَّهُ دَنَا مِنْ رَبِّهِ
…
فَلَمْ يرَ اللهَ سِوَى بقَلْبِهِ
665 -
وَإنمَا رَأَى فقَطْ جِبْرِيلا
…
كَمَا بِهِ قَدْ فَسَّرَ التَّنْزِيلا
666 -
فَهْوَ كَمَا بَرَاهُ رَبِّي أبْصَرَهْ
…
نَبِيُّنا سُبْحَانَ مَنْ قَدْ صَوَّرَهْ
667 -
رَآهُ بالجَنَاحِ سَدَّ الأُفُقَا
…
وَهْوَ بسِتِّمِائةٍ قَدْ خُلِقَا
668 -
كَمَا رَأَى عَجَائِبَ الآيَاتِ
…
كَالبَيْتِ وَالسِّدْرَةِ وَالجَنَّاتِ
669 -
وَالمُصْطَفى بمَا رَأى مَا أخْطَأَ
…
وَلمْ يُكَذِّبِ الفُؤَادُ مَا رَأَى
670 -
وَمَا طَغَى ولمْ يزِغْ أو مَالا
…
بَصَرُهُ يَمِينًا اوْ شِمَالا
671 -
فَهَلْ يجُوزُ أنْ يُمَارَى المُصْطَفَى
…
بَعْدُ عَلى مَا قدْ رَأى أوْ وَصَفَا؟
672 -
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يا شَمْسَ الهُدَى
…
وَالآلِ والصَّحْبِ دَوَامًا سَرْمَدَا
673 -
ثمَّ سَلامُ رَبِّنا مَا أعْطَرَهْ
…
عَليْكَ فِي الأُولى كَذَا في الآخِرَةْ
فصلٌ:
في نظم قوْلِهِ: وَالحَوْضُ الذي أكرَمَهُ اللهُ تعَالى بهِ غِيَاثًا لأمَّتِهِ حَقٌّ.
674 -
وَحَوْضُهُ حَقٌّ بهِ الأخْبَارُ
…
توَاتَرَتْ وَفاضَتِ الآثَارُ
675 -
أعْطَاهُ رَبُّهُ لَهُ كرَامَةْ
…
غَوْثًا لنا مِنْ ظَمَأِ القِيَامَةْ
676 -
لَكِنْ يُذَادُ عَنهُ كُلُّ مُبْتَدِعْ
…
وَمُحْدِثٍ أمْرًا خِلافَ مَا شُرِعْ
677 -
وَاعْلمْ بأنَّ حَوْضَهُ تقْدِيرَا
…
طُولا وعَرْضًا قَدْرَ شَهْرٍ سِيرَا
678 -
يَصُبُّ فيهِ المَاءَ ميزَابَانِ
…
مِنْ كَوْثَرِ النَّبيِّ نازِلانِ
679 -
ثمَّ الأوَاني فيهِ كالنُّجُومِ
…
قدْ جَاءَنا هَذَا عَنِ المَعْصُومِ
680 -
وَماءُ هَذَا الحَوْضِ دُونَ شَكِّ
…
أَطْيَبُ مِنْ شَذَا وَرِيحِ المِسْكِ
681 -
وَلوْنُهُ سُبْحَانَ وَاهِبِ المِنَنْ
…
أَشَدُّ في بَيَاضِهِ مِنَ اللَّبَنْ
682 -
وَطَعْمُهُ وَالمَرْءُ يَوْمَها ظِمِي
…
أَحْلى مِنَ العَسَلِ طعْمًا في الفَمِ
683 -
وَمَنْ يُصِبْ منهُ إذا مَا وَرَدَا
…
فهُوَ لا يَظمَأُ بَعْدُ أبَدَا
684 -
وَاختلفوا هَلْ الصِّرَاطُ قدْ تَلا
…
حَوْضَ النَّبيِّ أمْ يكُونُ أَوَّلا
685 -
وَالرَّاجِحُ المَعْقُولُ أنَّ وِرْدَهُ
…
قَبْلَ الصِّرَاطِ يوْمَها لا بَعْدَهُ
686 -
يَا رَبِّ وَفِّقْنا إلى وُرُودِ
…
حَوْضِ النَّبيِّ المُصْطَفى المَوْرُودِ
687 -
وَلْتَسْقِنا مِنْ يَدِهِ النَّقيَّةْ
…
مَا يُذْهِبُ الظَمَأَ بالكُلِّيَّةْ
688 -
وَلا نكُنْ يَا رَبِّ مِمَّنْ حَرَّفا
…
وَحِيلَ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ المُصْطفى
689 -
وَقِيلَ بُعْدًا لهُمُ وَسُحْقا
…
بدَّلْتُمُ بَعْدَ النَّبيِّ الحَقَّا
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَالشَّفاعَةُ التي ادَّخَرَهَا لهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُويَ فِي الأخْبَارِ.
690 -
ثمَّ الشَّفَاعَةُ التي قَدِ ادَّخَرْ
…
نَبيُّنا حَقٌّ بها صَحَّ الخَبَرْ
691 -
لَكِنْ بإذْنَ اللهِ للذِي ارْتضَى
…
رَبِّي مِنَ العِبَادِ أوْ نالَ الرِّضَا
692 -
وَليْسَ يرْضَى بِسِوَى التَّوْحِيدِ
…
وَالبُعْدِ عَنْ شِرْكٍ وَعَنْ تنْدِيدِ
693 -
بهَا عُصَاةُ المُسْلِمِينَ أُخْرِجُوا
…
مِنْ نَارِهِ وَفي الجِنَانِ أُولِجُوا
694 -
وَرُبَّمَا قبْلَ دُخُولِ النَّارِ
…
تُدْرِكُهُمْ هَذِي بفَضْلِ البَارِي
695 -
بَلْ ليْسَ يُقضَى بيننا ويُفصَلُ
…
إِلا بأِنْ يَشْفَعَ فينا المُرْسَلُ
696 -
في مَوْقِفٍ أرْعَدَتِ الخُطُوبُ
…
بهِ وَقدْ أبْرَقَتِ الكُرُوبُ
697 -
تَدْنُو بِهِ الشَّمْسُ مِنَ الرُّءُوسِ
…
وَتَعْصِفُ الهُمُومُ بالنُّفُوسِ
698 -
تَقَطَّعَتْ بَيْنهُمُ الأسْبَابُ
…
وَلمْ يَعُدْ بَينَهُمُ أنْسَابُ
699 -
فَكُلُّ وَاحِدٍ بشَأْنِهِ اشْتَغَلْ
…
وَعَنْ ذَوِيهِ كُلِّهِمْ قَدِ انْشَغَلْ
700 -
فَيَا لَهُ يَوْمًا غَدَا عَصِيبا
…
قَدْ صَارَتِ الوِلْدَانُ مِنْهُ شِيبَا
701 -
ضَاقَتْ بهمْ إلى الخَلاصِ الحِيلَةْ
…
وَمَا إلى النَّجَاةِ مِنْ وَسِيلَةْ
702 -
حَتَّى إِذا ارْتكَمَتِ الأهْوَالُ
…
وَلمْ يعُدْ صَبْرٌ وَلا احْتِمَالُ
703 -
وَأَلجَمَ العِبَادَ فيهِ العَرَقُ
…
وَاشْتَدَّ فِيهِ الخوْفُ ثمَّ القَلَقُ
704 -
فيُلْهَمُ العِبَادُ للتَّوَسُّلِ
…
بأَنْبِيَاءِ رَبِّنا والرُّسُلِ
705 -
يَأْتُونَ آدَمًا ونُوحًا مُوسَى
…
مِِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ ثمَّ عِيسَى
706 -
وَاسْتشْفَعُوا بهِمْ إلى رَبِّهِمُ
…
حَتَّى يُرِيحَ النَّاسَ مِمَّا بهِمُ
707 -
لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمْ أبَى
…
مُعْتَذِرًا بأنَّهُ قدْ أذْنَبا
708 -
حتَّى إِذا جَاءُوا النَّبيَّ قَالهَا
…
كَلِمَةً أنا لهَا أنَا لهَا
709 -
يقُومُ تحْتَ عَرْشِهِ وَيَسْجُدُ
…
يُثْني عَلى رَبِّ الوَرَى وَيحْمَدُ
710 -
فَيَأْذَنُ اللهُ لَهُ أنْ يَرْفَعَا
…
مِنَ السُّجُودِ رَأسَهُ وَيشْفَعَا
711 -
فيَسْأَلُ الكَرِيمَ أَنْ يُخَفِّفا
…
بفَضْلِهِ عَنِ العِبَادِ المَوْقِفَا
712 -
وَيَرْتجِي بخَالِصِ الرَّجَاءِ
…
مَجِيئَهُ للفَصْلِ وَالقَضَاءِ
713 -
فَيَحْمَدُ النَّاسُ لهُ جَمِيعَا
…
مَقَامَهُ هَذَا لهُمْ شَفِيعَا
714 -
فذَلِكُمْ مَقامُهُ المَحْمُودُ
…
كَمَا أتى وَهْوَ بهِ مَوْعُودُ
715 -
دَلَّ عَليهِ النَّقْلُ وَالسَّمَاعُ
…
وَكادَ فيه يُعْقَدُ الإجْمَاعُ
716 -
وَقِيلَ بَلْ مَقَامُهُ القُعُودُ
…
مَعْهُ عَلى العَرْشِ وَذا مَرْدُودُ
717 -
قَدْ رَدَّهُ الأَئِمَّةُ الأجِلَّةْ
…
لأنَّهُ يُخَالِفُ الأدِلَّةْ
718 -
رَآهُ رَهْطٌ مِنهُمُ مُجَاهِدْ
…
وَمَا أَتَوْا لِرَأْيِهِمْ بِشَاهِدْ
719 -
يَا رَبِّ آتِ المُصْطَفَى الوَسِيلَةْ
…
وَذلِكَ المَقَامَ وَالفَضِيلَةْ
720 -
بَلْ إنَّهُ مِنِ اكْتِمَالِ المِنَّةِ
…
أنْ يَفْتَحَ النَّبيُّ بَابَ الجَنَّةِ
721 -
فَيَشْفَعُ النَّبيُّ في دُخُولِهَا
…
بإِذْنِ رَبِّهِ لكُلِّ أهْلِهَا
722 -
وَرُبَّمَا للبَعْضِ كَانَ شَافِعَا
…
مُعَلِّيًا لِلدَّرَجَاتِ رَافِعَا
723 -
ثمَّ تكُونُ بَعْدَهُ الشَّفاعَةْ
…
لِلأنبيَاءِ ثمَّ أهْلِ الطَّاعَةْ
724 -
حتَّى إذا مَا فَرَغَ الجَمِيعُ
…
وَلمْ يَعُدْ بيْنَ الوَرَى شَفِيعُ
725 -
تبْقَى شَفاعَةُ الذِي قَدْ كََََتَبا
…
أَنْ تَسْبِقَ الرَّحْمَةُ مِنهُ الغَضَبَا
726 -
فيُخْرِجُ اللهُ مِنَ النِّيرَانِ
…
قَوْمًا عَصَوْا مَاتُوا عَلَى الإيمَانِ
727 -
بفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَرَحْمَتِهْ
…
لمَنْ يشَاءُ مِنهُمُ وَنِعْمَتِهْ
فرْعٌ:
728 -
وَلا تكُنْ مُسْتَشْفِعًا بمَنْ تَرَى
…
مِنَ العِبَادِ تحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى
729 -
إذ لا يَجُوزُ طَلَبُ الشَّفَاعَةِ
…
مِنْ مَيِّتٍ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ
730 -
فلا تقلْ للمَيْتِ أيُّها الوَلِي
…
أرْجُوكَ أنْ تشْفَعَ أَوْ تدْعُوَ لي
731 -
وَإنمَا تقُولُ رَبِّي شَفِّعِ
…
فِينَا فُلانًا يَا أبَرَّ مَنْ دُعِي
732 -
فهَذِهِ تُرْجَى مِنَ المَوْلى فقَطْ
…
وَمِنْ سِوَى رَبِّي سُؤَالها غَلَطْ
733 -
أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أنْ تشَفِّعَا
…
فِينا النَّبيَّ يا مُجِيبَ مَنْ دَعَا
734 -
وَجَازَ الاسْتِشْفَاعُ بالأَحْيَاءِ
…
وَذلِكُمْ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ
735 -
اسْتَشْفَعَ الأصْحَابُ بالعَبَّاسِ
…
لمَّا تَوَفَّى اللهُ خَيْرَ النَّاسِ
736 -
وَقدْ أجَابَ رَبُّنا دُعَاءَهُ
…
وَلمْ يُخَيِّبْ في الوَرَى رَجَاءَهُ
اسْتِدْرَاكٌ:
737 -
لا تتَّكِلْ يَوْمًا عَلَى الشَّفاعَةِ
…
وَأَنْتَ تَارِكٌ فرُوضَ الطَّاعَةِ
738 -
قَدْ خَابَ مَنْ عَلى الوَسَائِطِ اتَّكَلْ
…
مُتَّخِذًا وَسِيلَةً غَيْرَ العَمَلْ
739 -
فَاعْمَلْ وَحَاذِرْ يَا أَخِي أنْ تخْدَعَا
…
فَلَيْسَ للإنْسَانِ إلا مَا سَعَى
740 -
وَالمُصْطَفَى قَالَ لآلِهِ اعْمَلُوا
…
فَلَيْسَ يُنْجِي المَرْءَ إلا العَمَلُ
741 -
لا يأْتِنِي النَّاسُ غَدًا بالقُرَبِ
…
وَأنْتُمُ تأتُونَني بالنَّسَبِ
742 -
فَلا اعْتِبَارَ سَاعَةَ الحِسَابِ
…
بهَذهِ الأنْسَابِ وَالأحْسَابِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَالمَيثاقُ الذِي أخذَهُ اللهُ تعَالى مِنْ آدَمَ وَذرِّيَّتِهِ حَقٌّ.
743 -
وَعَهْدُهُ عَلى الوَرَى في ظَهْرِ
…
آدَمَ بالتَّوْحِيدِ غيْرُ نُكْرِ
744 -
أخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِهِ ليشْهَدُوا
…
بأنَّهُ الرَّبُّ الإِلَهُ الأحَدُ
745 -
قَالَ أَلَسْتُ ربَّكُمْ بالحَقِّ؟
…
قَالُوا بَلَى فأنْتَ رَبُّ الخَلْقِ
746 -
وَأخَذَ المِيثاقَ ألا يُعْبَدَا
…
في الكَوْنِ غَيْرُهُ وَأنْ يُوَحَّدَا
747 -
وَمَعَ هَذا رَبُّنا للمَعْذِرَةْ
…
قدْ أرْسَلَ الرُّسْلَ لنا كَتَذْكِرَةْ
748 -
مَا مِنْ رَسُولٍ جَاءَ إلا ذَكَّرَا
…
بِعَهْدِهِ مُبَشِّرًا وَمُنْذِرَا
749 -
فَهَلْ تَرَى بعَْدُ لعَبْدٍ حُجَّةْ
…
وَمَرَّتيْنِ رَبُّنا قَدْ حَجَّهْ؟
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَقدْ عَلِمَ اللهُ تعَالى فيمَا لمْ يَزَلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ، وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ جُمْلةً وَاحِدَةً، فلا يُزَادُ فِي ذلِكَ العَدَدِ، وَلا يُنقَصُ مِنهُ.
750 -
وَاللهُ فِيمَا لمْ يَزَلْ قَدْ عَلِمَا
…
مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ قَدْ سَلِمَا
751 -
وَعَلِمَ الأعْدَادَ فيها مُجْمَلَةْ
…
كَمَا لَدَيْهِ عِلْمُها مُفَصَّلَةْ
752 -
فلا تَقِلُّ هَذِهِ الأعْدَادُ
…
عَمَّا عَلَيْهِ العِلْمُ أَوْ تَزْدَادُ
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَكذلِكَ أفْعَالهُمْ فيمَا عَلِمَ مِنهُمْ أنْ يفعَلُوهُ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لهُ، وَالأعْمَالُ بالخَوَاتِيمِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بقضَاءِ اللهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بقَضَاء اللهِ.
753 -
وَهَكَذَا يَعْلَمُ مُنْذُ الأَزَلِ
…
مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ لهُمْ أوْ عَمَلِ
754 -
لكِنَّ عِلْمَ اللهِ هَذَا مَا اقْتَضَى
…
أَنْ يتْرُكُوا أعَمَالهمْ لمَا قَضَى
755 -
فَكُلُّ عَبْدٍ رَبُّنا قَدْ يَسَّرَهْ
…
لمَا لَهُ خَلَقَهُ وَقَدَّرَهْ
756 -
أَيْ أنَّ رَبِّي هَيَّأَ الأسْبَابَا
…
للعَبْدِ كَيْ يُوافِقَ الكِتَابا
757 -
فمَنْ قَضَى رَبِّي لهُ السَّعَادَةْ
…
وَفَّقَهُ لأحْسَنِ العِبَادَةْ
758 -
وَمَنْ قَضَى بكَوْنِهِ شَقِيَّا
…
فَلا يَكُونُ في الوَرَى تَقِيَّا
759 -
وَإِنمَا الأعْمَالُ لا بمَا ابْتَدَا
…
بَلْ بالخَوَاتِيمِ كمَا قدْ وَرَدَا
760 -
أيْ لا اعْتِبَارَ قطُّ بالبِدَايَةِ
…
وَإِنمَا العِبْرَةُ بالنِّهايَةِ
761 -
فالعَبْدُ قدْ يكْفُرُ ثمَّ يُؤْمِنُ
…
وَرُبَّمَا أسَاءَ ثمَّ يُحْسِنُ
762 -
وَرُبَّمَا يُؤْمِنُ فِيمَا يَبْدُو
…
للنَّاسِ ثمَّ بَعْدَهُ يَرْتَدُّ
763 -
خُلاصَةُ القَوْلِ السَّعِيدُ وَالشَّقِي
…
مَنْ بالقَضَا يَسْعَدُ وَالذِي شَقِي
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَأصْلُ القَدَرِ سِرُّ اللهِ تعَالى في خَلْقِهِ، لمْ يَطَّلِعْ عَلى ذلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نبيٌّ مُرْسَلٌ، وَالتعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذلِكَ ذَرِيعَةُ الخِذلانِ، وَسُلَّمُ الحِرْمَانِ، وَدَرَجَة الطغْيَانِ، فَالحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ ذلِكَ نظَرًا وَفِكْرًا وَوَسْوَسَةً، فإنَّ اللهَ تعَالى طَوَى عِلْمَ القَدَرِ عَنْ أنَامِهِ، وَنهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ، كَمَا قالَ اللهُ تعَالى فِي كِتَابِهِ:(لا يُسْأَلُ عَمَّا يُفعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) فمَنَ سَألَ: لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ.
764 -
وَاعْلَمْ بأنَّ القَدَرَ المَقْدُورَا
…
سِرٌّ غَدَا في خَلْقِهِِِ مَسْتُورَا
765 -
لمْ يَطَّلِعْ مِنْ مُرْسَلٍ عليْهِ
…
أَوْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ لدَيْهِ
766 -
وَمَنْ يُفكِّرْ فيهِ مِنْ إنْسَانِ
…
فَفِكْرُهُ ذَرِيعَةُ الخِذْلانِ
767 -
وَمَنْ يَكُنْ بأمْرِهِ تعَمَّقَا
…
بسُلَّمِ الحِرْمَانِ حَقًّا ارْتقَى
768 -
دَرَجَةُ الطُّغْيَانِ عِنْدِي في النَّظَرْ
…
فِيهِ لإدْرَاكِ حَقِيقةِ القَدَرْ
769 -
فَاحْذَرْ مِنَ الأفْكَارِ والهَوَاجِسِ
…
وَلْتبْتَعِدْ فِيهِ عَنِ الوَسَاوِسِ
770 -
أَمْسِكْ عَنِ القَدَرِ عِنْدَ ذكْرِهِ
…
فلا بُلُوغ مُطْلَقًا لِسِرِّهِ
771 -
فقَدْ طَوَاهُ اللهُ عَنْ أَنَامِهِ
…
كَمَا نهَى العِبَادَ عَنْ مَرَامِهِ
772 -
فَقَالَ لا أُسْألُ عَمَّا أفعَلُ
…
وَالنَّاسُ عَنْ أفْعَالِهِمْ سَتُسْأَلُ
773 -
فَمَنْ يَسَلْ رَبِّي لمَاذَا فَعَلا
…
يَرُدَّ حُكْمَ اللهِ جَلَّ وَعَلا
774 -
وَمَنْ يَرُدَّ حُكْمَهُ تعَالى
…
فَلا أَرَى في كُفْرِهِ جِدَالا
775 -
تَنَزَّهَتْ أَفْعَالُهُ عَنِ العَبَثْ
…
فلا تلُمْ رَبَّكَ فِيمَا قدْ حَدَثْ
776 -
قَدْ وَضَعَ الأشْيَاءَ كُلا فِيمَا
…
نَاسَبَهُ لِكَوْنِهِ حَكِيمَا
777 -
وَهَكَذَا أرْزَاقُنا يقْسِمُهَا
…
بِقَدَرٍ لحِكْمَةٍ يَعْلمُهَا
778 -
وَالمَرْءُ لا يُصِيبُ إلا مَا قضَى
…
رَبِّي لهُ فلا تكُنْ مُعْتَرِضَا
779 -
إِيَّاكَ أنْ تَقُولَ بَعْدَ هَذَا
…
تَفَاوَتَتْ أَرْزَاقُنا لمَاذَا؟
780 -
فَكُلُّ أفْعَالِ الإِلَهِ صَادِرَةْ
…
عَنْ حِكْمَةٍ قَدْ لا تكُونُ ظَاهِرَةْ
781 -
ففَوِّضِ الأمْرَ إلى الحَكِيمِ
…
وَكُنْ لمَا قَدَّرَ ذا تَسْلِيمِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: فَهَذا جُمْلةُ مَا يَحْتاجُ إليهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قلْبُهُ مِنْ أوْلِيَاءِ اللهِ تعَالى، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلمِ لأنَّ العِلمَ علمَانِ: عِلمٌ في الخَلقِ مَوْجُودٌ، وَعِلمٌ في الخَلقِ مَفقُودٌ، فإنكَارُ العِلم المَوْجُودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العِلْمِ المَفقُودِ كُفْرٌ، وَلا يثْبُتُ الإيمَانُ إلا بقَبُولِ العِلْمِ المَوْجُودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ العِلْمِ المَفقُودِ.
782 -
فَذَاكَ جُمْلةُ الذِي يَكْفِينا
…
مِنْ عِلْمِ أقْدَارِ الإِلَهِ فِينا
783 -
وَمَنْ يُنوِّرْ رَبُّنا فؤَادَهْ
…
لمْ يَلْتَمِسْ في عِلمِهِ زيَادَةْ
784 -
وَإِنمَا يَكُونُ فِيهِ وَاقِفَا
…
عِنْدَ حُدُودِ مَا ذكَرْتُ آنِفا
785 -
فَهَذِهِ دَرَجَةُ اليَقِينِ
…
وَالرَّاسِخِينَ في عُلُومِ الدِّينِ
786 -
فالعِلْمُ نَوْعٌ في الوَرَى مَوْجُودُ
…
وَآخَرٌ في خلْقِهِ مَفقُودُ
787 -
فَالأوَّلُ المَوْجُودُ في أيْدِينا
…
مَا كَانَ شَرْعًا بيننا أوْ دِينا
788 -
وَالآخَرُ المَفقُودُ رَبِّي اسْتأْثرَا
…
بعِلْمِهِ كالغَيْبِ أَوْ مَا قَدَّرَا
789 -
وَطَلَبُ المَوْجُودِ فينا يُشْرَعُ
…
وَالبَحْثُ في المَفْقُودِ مِمَّا يُمْنَعُ
790 -
ثمَّ كلا العِلْمَيْنِ جَحْدًا وادِّعَا
…
للكُفْرِ بالرَّحْمَنِ صَارَ مَوْضِعَا
791 -
فَالكُفْرُ في أَنْ يُنْكِرَ المَوْجُودَا
…
أوْ يَدَّعِي أنْ يعْلَمَ المَفْقُودا
792 -
وَيَثبُتُ الإيمَانُ باجْتِمَاعِ
…
أمْرَيْنِ بالسَّمَاعِ وَالإجْمَاعِ
793 -
أعْني قَبُولَ ذَلِكَ المَوْجُودِ
…
وَعَدَمَ البَحْثِ عَنِ المَفْقُودِ
794 -
وَكُلُّ مَنْ لمْ يجْمَعِ القِسْمَيْنِ
…
فهُوَ كَافرٌ بدُونِ مَيْنِ
795 -
فَيَا أَخِي قِفْ عِنْدَ حَدِّ الشَّرْعِ
…
وَألْزِمِ النَّفْسَ بحُسْنِ السَّمْعِ
796 -
وَلْتَتِّخِذْ مِنْ هَدْيِهِ سَبيلا
…
مِنْ غَيْرِ أَنْ تحِيدَ أَوْ تمِيلا
797 -
وَلا يَكُنْ همُّكَ في أَنْ تعْرِفا
…
مَا غَابَ عَنَّا عِلْمُهُ أوِ اخْتَفَى
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنؤْمِنُ باللَّوْح وَالقَلَمِ، وَبجَمِيعِ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ، فَلَو اجْتمَعَ الخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلى شَيْءٍ كَتبَهُ اللهُ تعَالى فِيهِ أنهُ كَائِنٌ ليَجْعَلوهُ غيْرَ كَائِنٍ لمْ يقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَلَو اجْتمَعُوا كُلُّهُمْ على شَيْء لمْ يَكتبْهُ اللهُ تعَالى فيهِ ليَجْعَلُوهُ كائِنًا لمْ يَقْدِرُوا عَليهِ، جَفَّ القلَمُ بمَا هُوَ كَائِنٌ إلى يَوْم القِيَامَةِ، وَمَا أخْطَأَ العَبْدَ لمُ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أصَابَهُ لمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ.
798 -
بِلَوْحِهِ المَحْفُوظِ إنَّا نَشْهَدُ
…
حَقًّا وَبالقَلَمِ لَسْنا نجْحَدُ
799 -
وَهَكَذَا نُؤْمِنُ أنَّ القَلَمَا
…
فيهِ مَقَادِيرَ الوَرَى قدْ رَقَمَا
800 -
حَيْثُ أحَاطَ عِلْمُهُ بالغَيْبِ
…
بمَا يَكُونُ بَعْدُ دُونَ رَيْبِ
801 -
وَأَمَرَ القَلَمَ أنْ يُسَطِّرَا
…
في لَوْحِهِ المَحْفُوظِ مَا قَدْ قُدِّرَا
802 -
فَكَتَبَ القَلَمُ كُلَّ مَا يَكُونْ
…
في الكَوْنِ مِنْ حَرَكَةٍ أوْ مِنْ سُكُونْ
803 -
وَكَانَ مَا سَطَّرَهُ مُطابِقَا
…
لعِلْمِهِ بمَا يَكُونُ سَابِقَا
804 -
وَجَفَّتِ الأقْلامُ والصُّحْفُ انْطَوَتْ
…
فَلا يكُونُ بَعْدُ إلا مَا حَوَتْ
805 -
لوْ حَاوَلَ العِبَادُ أنْ يُغيِّرُوا
…
شَيْئًا بهِ فإنهُمْ لنْ يقْدِرُوا
806 -
ما كانَ غَيرَ وَاقِعٍ وَاجْتَمَعُوا
…
لِيَجْعلُوهُ وَاقعًا لا يَقَعُ
807 -
هلْ يَسْتطِيعُ أحَدٌ مِنَ الوَرَى
…
إيجَادَ شَيْءٍ لمْ يَكُنْ مُقَدَّرَا
808 -
وَمَا بِهِ مِنْ كَائِنٍ مَنْ يَمْنَعُهْ
…
أوْ مَا بِهِ مِنْ وَاقِعٍ مَنْ يَدْفَعُهْ؟
809 -
مَنْ يَسْتطِيعُ أنْ يَحُولَ دُونا
…
وُقُوعِ مَا قُدِّرَ أنْ يَكُونا
810 -
وَالعَبْدُ لا يُجَاوِزُ المَسْطُورَا
…
أَوْ يَتخَطَّى القَدَرَ المَقْدُورَا
811 -
وَلمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ مَا أخْطَأَهْ
…
وَمَا أصَابَ لمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهْ
فَصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ:
وَعَلى العَبْدِ أنْ يَعْلمَ أنَّ اللهَ قدْ سَبَقَ عِلْمُهُ في كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا مُحْكَمًا مُبْرَمًا، لَيْسَ فيهِ ناقِضٌ، وَلا مُعَقِّبٌ وَلا مُزِيلٌ وَلا مُغَيرٌ، وَلا نَاقِصٌ وَلا زَائِدٌ مِنْ خَلقِهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأرْضِهِ، وَذَلِكَ مِنْ عَقدِ الإيمَان وَأصُولِ المَعْرفة، وَالاعْتِرَافِ بتوْحِيدِ اللهِ تعالى وَرُبُوبيَّتِهِ، كمَا قالَ تَعَالى فِي كِتَابِهِ:(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فقدَّرَهُ تقْدِيرًا) وَقَالَ تعالى: (وَكانَ أمْرُ اللهِ قدَرًا مَقدُورًا) فوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ للهِ تعَالى فِي القَدَرِ خَصِيمًا، وَأحَضَرَ للنَّظَرِ فيهِ قلبًا سَقِيمًا، لَقَدِ الْتمَسَ بوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيمًا، وَعَادَ بمَا قَالَ فيهِ أفَّاكًا أَثِيمًا.
812 -
وَاعْلَمْ بِأَنَّ عِلْمَ رَبِّي سَبَقَا
…
في كُلِّ مَا يَكُونُ مِمَّا خَلقَا
813 -
أَحَاطَ قبْلَ الخَلقِ وَالإيجَادِ
…
بِكُلِّ كائِنٍ مِنَ العِبَادِ
814 -
ثمَّ قَضَى هَذَا قَضَاءً مُحْكَمَا
…
لانقْضَ فيهِ بَلْ يَكُونُ مُبْرَمَا
815 -
وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِ رَبِّنا
…
وَمَا قَضَاهُ فهْوَ نَافِذٌ بنا
816 -
فلا إزَالةٌ وَلا تَغْيِيرُ
…
لهُ وَلا تَقْدِيمٌ اوْ تأْخِيرُ
817 -
بَلْ كُلُّ شَيْءٍ طِبْقَ ما أرَادَهْ
…
يَكُونُ دُونَ نقْصٍ اوْ زِيَادَةْ
818 -
فكُنْ بهَذا مِنْ أُولي اليَقِينِ
…
كيْ يسْتَقِيمَ فِيكَ أمْرُ الدِّينِ
819 -
فهُوَ مِنْ لَوَازِمِ الإِيمَانِ
…
وَمِنْ أُصُولِ العِلْمِ وَالعِرْفَانِ
820 -
وَهُوَ مِنْ لوَازِمِ الإقرَارِ
…
بِالرَّبِّ مِنْ مُدَبِّرٍ وَبَارِي
821 -
أَدِلَّةُ القَدَرِ لا مَحَالَةْ
…
قَطْعِيَّةُ الثُّبُوتِ وَالدِّلالَةْ
822 -
فاقْرَأْ وَكانَ أمْرُهُ مَقْدُورَا
…
في سُورَةِ الأحْزَابِ جَا مَسْطُورَا
823 -
كَمَا أتى فِي سُورَةِ الفُرْقانِ
…
نَصٌّ غَدَا فِي غَايَةِ البَيَانِ
824 -
يَقُولُ إنَّ رَبَّنا القَدِيرا
…
قَدَّرَ مَا خَلَقَهُ تَقْدِيرا
825 -
فَهَلْ تَرَى أصْدَقَ منهُ قِيلا
…
وَهَلْ تُرِيدُ بَعْدَهُ دَلِيلا؟
826 -
إِذَنْ فكُلُّ أمْرِنَا مُسَطَّرُ
…
في لَوْحِهِ المَحْفُوظِ أوْ مُقَدَّرُ
827 -
لَكِنَّ ذا لا يُوجِبُ اتِّكَالا
…
أَوْ يقْتَضِي أنْ نتْرُكَ الأعْمَالا
828 -
فلْيَلْزَمِ الإنْسَانُ مِنَّا العَمَلا
…
وَلْيَدَعِ المِرَاءَ ثمَّ الجَدَلا
829 -
وَهَلْ دَرَى الإنْسَانُ مَا قدْ قَدَّرَهْ
…
رَبُّ الوَرَى عَلَيْهِ أوْ قَدْ سَطَّرَهْ؟
830 -
إِيَّاكَ أنْ تحْتَجَّ بالأقْدَارِ
…
فأنْتَ ذُو كَسْبٍ اوِ اخْتِيَارِ
831 -
وَاللهُ لم يُجْبِرْ على المَعَاصِي
…
أَوِ الذُّنُوبِ أَحَدًا يَا عَاصِي
832 -
كلا وَلمْ يَضْطَرَّ مِنْ إنسَانِ
…
يَوَمًا إلى الطاعَةِ وَالإحْسَانِ
833 -
فَكَيْفَ تَغْدُو يا أَخِي مَعْذُورا
…
وَأنْتَ حَقًّا لمْ تكُنْ مَجْبُورا؟
834 -
وَاعْلَمْ بأنَّ الاحْتِجَاجَ بالقَدَرْ
…
يَصْلُحُ حِينمَا نُصَابُ بالضَّرَرْ
835 -
أمَّا إِذَا احْتَجَّ بِهِ المَرْءُ عَلى
…
عِصْيَانِهِ اللهَ فَلا وَأَلْف لا
836 -
ثمَّ أليْسَ رَبُّنا قَدْ أَنْذَرا
…
فَكَيْفَ للعَبْدِ إِذَنْ أَنْ يُعْذَرَا؟
837 -
قَدْ أَنْزَلَ الكُتْبَ وَأرْسَلَ الرُّسُلْ
…
تَدْعُو إِلى سَبِيلِهِ خَيْرِ السُّبُلْ
838 -
وَوَضَّحُوا الطَّرِيقَ والمَحَجَّةْ
…
فلَيْسَ للنَّاسِ عَلَيْهِ حُجَّةْ
839 -
وَيلٌ لمَنْ خَاصَمَ رَبِّي في القَدَرْ
…
وَفِيهِ بالقَلْبِ السَّقِيمِ قَدْ نَظَرْ
840 -
وَخَاضَ في أقْدَارِ رَبِّي وَاهِمَا
…
كَأنَّهُ بالغَيْبِ صَارَ عَالِمَا
841 -
مُلْتَمِسًا سِرًّا غَدَا كَتِيما
…
لَيْسَ سِوَى اللهِ بهِ عَلِيما
842 -
وَيْلٌ لهُ مَنْ خَائِضٍ بوَهْمِهِ
…
وَوَيْحَهُ مِنْ كَاذِبٍ في زَعْمِهِ
843 -
إِذْ مَا طَوَاهُ اللهُ مَنْ يَكشِفُهُ
…
وَمَا بغَيْبِ اللهِ مَنْ يعْرِفُهُ؟
844 -
يَا أيُّهَا الأفَّاكُ أقْصِرْ إنهَا
…
حَقِيقَةٌ يفْنى العِبَادُ دُونها
845 -
بُؤْتَ بإِثمٍ قَدْ غَدَا عَظِيما
…
لا غَرْوَ إنْ عُدْتَ إِذَنْ أَثِيما