الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرْعٌ:
في حُكم الرِّضَا بالقضَاءِ
.
886 -
ثمَّ رِضَانا بالقَضَاءِ قَدْ وَجَبْ
…
وَرُدَّ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ يُسْتَحَبّْ
887 -
حَيْثُ القَضَاءُ فِعْلُهُ تعَالى
…
فَالوَاجِبُ الرِّضَا بهِ امْتِثالا
888 -
أَمَّا الرِّضَا بِكُلِّ مَقْضِيٍّ فلا
…
بَلْ إنَّهُ لابُدَّ أنْ يُفَصَّلا
889 -
إِنْ يكُنِ المقْضِيُّ شَرْعِيًّا فمَا
…
عَلَيْكَ فِيه غَيْر أنْ تُسَلِّمَا
890 -
إِذْ عَدَمُ الرِّضَا به يُنَافِي
…
كَوْنَكَ بالإيمَانِ ذا اتِّصَافِ
891 -
وَإِنْ يَكُنْ مَقْضِيُّهُ كَوْنِيَّا
…
أيْ لَيْسَ شَرْعيًّا وَلا دِينِيَّا
892 -
فذاكَ مِنْهُ ما الرِّضَا بهِ وَجَبْ
…
وَمِنهُ غيرُ جَائِزٍ ومُسْتَحَبْ
893 -
فَالوَاجِبُ الرِّضَا بمِثْلِ النِّعَمِ
…
إذْ ذَاكَ مِنْ تمَامِ شُكْرِ المُنْعِمِ
894 -
وَكيْفَ لا يرْضَى الفَتى وُجُوبا
…
بمَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحْبُوبا؟
895 -
وَيُسْتَحَبُّ الصَّبرُ والرِّضَا إذا
…
أَصَابَهُ القضَاءُ يَوْمًا بالأذَى
896 -
إِذْ لا يُحِبُّ العَبْدُ أنْ يُصَابا
…
وَلمْ يكُنْ هَذا لهُ اكْتِسَابا
897 -
وَهَلْ جَرَى هَذا على مُرَادِهِ
…
وَكانَ قدْ حَصَلَ بِاجْتِهَادِهِ؟
898 -
وَلا يجُوزُ أبَدًا لعَاصِي
…
رِضَاهُ بالذُّنُوبِ والمَعَاصِي
899 -
لأنهَا تَقَعُ باخْتِيَارِ
…
مِنْهُ وَعَنْهَا قدْ نهَاهُ البَارِي
900 -
وَكَيْفَ يَرْضَى بالذْي رَبُّ الوَرَى
…
يَسْخَطُهُ وَإِنْ يَكُنْ مُقَدَّرَا
فرع: فِي بَيَان مُخَالفِينا في القَضَاءِ.
901 -
مُخَالِِفُونا في القَضَاءِ وَالقَدَرْ
…
صِنْفَانِ خَالَفَا الكِتَابَ وَالأثَرْ
902 -
فأوَّلُ الصِّنفيْنِ فالغُلاةُ
…
فِيهِ وَغَيرُهُمْ هُمُ النُّفَاةُ
903 -
أمَّا الغُلاةُ فَهُمُ الجَبرِيَّةْ
…
لِقَوْلِهِمْ بِالجَبْرِ للبرَيَّةْ
904 -
بجَهْلِهِمْ قَدْ أَسْنَدُوا الأفْعَالا
…
جمِيعَها لِرَبِّنا تَعَالى
905 -
فَالعَبْدُ في أفْعَالِهِ مَجْبُورُ
…
وَهْوَ عَلَيْها أبَدًا مَقْهُورُ
906 -
وَمَا لَهُ في فِعْلِهَا اقْتِدَارُ
…
وَلا إِرَادَةٌ وَلا اخْتِيَارُ
907 -
ثمَّ غَلا غُلاتُهُمْ فقَالُوا
…
بَلْ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ ذِي الأفْعَالُ
908 -
إِسْنَادُهَا للعَبْدِ مَا قَدْ جَازَا
…
حَقِيقَةً وَإنمَا مَجَازَا
909 -
أمَّا النُّفَاةُ للقَضَاءِ والقَدَرْ
…
فهُمْ مَجُوسٌ قَالها خَيْرُ البَشَرْ
910 -
إِذْ بَالَغُوا في قُدْرَةِ العِبَادِ
…
في الخَلْقِ للأفْعَالِ وَالإيجَادِ
911 -
وَنازَعُوا في أَنْ يكُونَ البَارِي
…
لَهُ مَشِيئَةٌ وَذا اخْتِيَار
912 -
قالُوا وَلَيْسَ رَبُّنا بخَالِقِ
…
شَيْئًا مِنَ الأفْعَالِ للخَلائِقِ
913 -
فَهِىَ لا تَدْخُلُ تحْتَ قُدْرَتِهْ
…
وَخَرَجَتْ كَذَاكَ عَنْ مَشِيئَتِهْ
914 -
وَالعَبْدُ في أفْعَالِهِ اسْتَقَلَّا
…
بخلْقِهَا أطَاعَ أمْ توَلَّى
915 -
بَلْ إنَّ بعْضَهُمْ غَلا فأنْكَرَا
…
عِلْمَ الإِلَهِ سَابِقًا بمَا جَرَى
916 -
أَيْ رَبُّنَا قَبْلَ حُصُولِ العَمَلِ
…
لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِهِ فِي الأزَلِ
917 -
وَإنمَا يعْلَمُهُ مِنْ بَعْدِ
…
وُقُوعِهِ أَيْ بَعْدَ فِعْلِ العَبْدِ
918 -
فلا كِتَابَةٌ وَلا تَسْطِيرُ
…
فِي اللَّوْحِ بلْ قَدِ انْتَفى التَّقْدِيرُ
919 -
وَإنمَا الأمْرُ كمَا قدْ قالُوا
…
مُسْتأْنَفٌ وَذَا هُوَ الضَّلالُ
920 -
بَلْ إنَّ مَنْ غَلا فأنْكَرَ القَدَرْ
…
فإنَّهُ يَكُونُ مِمَّنْ قَدْ كَفَرْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌّ.
921 -
وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌّ مَا امْتَرَى
…
في ذَلِكَ الأمْرِ سِوَى مَنِ افْتَرَى
922 -
وَرَبُّنا حَقًّا عَلى العَرْشِ اسْتَوَى
…
خِلافَ ما يَرَاهُ أصْحابُ الهَوَى
923 -
رَدُّوا بجَهْلِهِمْ كَلامَ المَوْلى
…
وَأوَّلُوا لَفْظَ اسْتَوَى باسْتَوْلى
924 -
لوْ كَانَ هَذا في اللِّسَان جَائِزا
…
لَكَانَ رَبُّ العَرْشِ عَنْهُ عَاجِزا
925 -
لَكِنَّنَا قُلْنَا كَقَوْلِ المَوْلى
…
وَمَنْ يُرَى أصْدَقَ مِنْهُ قَوْلا؟
926 -
نُثْبِتُ الاسْتِوَا بلا تأْوِيلِ
…
وَدُونَ تكْيِيفٍ وَلا تمْثِيلِ
927 -
أَوْ هُوَ إِثْبَاتٌ بلا تمْثِيلِ
…
وَهُوَ تَنْزِيهٌ بلا تَعْطِيلِ
فصْلٌ:
في نظمِ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُسْتغْنٍ عَنِ العَرْشِ وَمَا دُونهُ.
928 -
وَرَغْمَ كَوْنِهِ اسْتَوَى عَلَيْهِ
…
مَا احْتَاجَ رَبِّي أبَدًا إِلَيْهِ
929 -
إيَّاكَ أنْ تَظُنَّ ظَنًّا بَاطِلا
…
في اللهِ أوْ تَرَى خَيَالا عَاطِلا
930 -
كأَنْ تظُنَّ عَرْشَهُ يُقِلُّهُ
…
أَوْ أَنْ تَرَى سمَاءَهُ تظِلُّهُ
931 -
فَرَبُّنا سُبْحَانَهُ قدْ وَسِعَا
…
كُرْسيُّهُ السَّمَاءَ وَالأرْضَ مَعَا
932 -
وَلا تقُومُ الأرْضُ والسَّمَاءُ
…
إلا بأمْرِهِ كَمَا يَشَاءُ
933 -
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أنْ تَزُولا
…
فَهَلْ يكُونُ بالسَّمَا مَحْمُولا؟
934 -
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذا وَهْمُ
…
يُصَانُ عَنْهُ رَبُّنا وَزَعْمُ
935 -
فَرَبُّنا هُوَ الغَنيُّ مُطْلَقَا
…
فَكَيْفَ يَحْتَاجَ إلى مَنْ خَلَقَا؟
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفوْقَهُ، وَقدْ أعْجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلْقَهُ.
936 -
قدْ أَعْجَزَ العِبَادَ أنْ يُحِيطُوا
…
عِلْمًا بِهِ وَهْوَ بهِمْ مُحِيطُ
937 -
وَهُوَ فوْقهُمْ بكُلِّ مَعْنى
…
ذَاتًا وَقَهْرًا لهُمُ وَشَأْنا
938 -
وَالوَصْفُ بالعُلُوِّ والفَوْقِيَّةْ
…
لَيْسَ يُنافِي القُرْبَ وَالمَعِيَّةْ
939 -
فَرَبُّنا بِعِلْمِهِ يَكُونُ
…
مَعَ العِبَادِ أَيْنَمَا يَكُونُوا
940 -
أَحَاطَ عِلْمُ اللهِ بالوُجُودِ
…
وَهُوَ في السَّمَا بِلا حُدُودِ
941 -
مَنْ قَالَ رَبِّي في جمِيعِ الأمْكِنَةْ
…
بِالذَّاتِ فهْوَ في العَمَى ما أمْكَنَهْ
942 -
بَلْ إِنَّ قَوْلَ ذلِكَ الجَهُولِ
…
يَكُونُ عيْنَ القَوْلِ بالحُلُولِ
943 -
مَا حَلَّ رَبُّ النَّاسِ في مَكَانِ
…
كلا وَلمْ يَحِلَّ في إنْسَانِ
944 -
فكَيْفَ قالَ الكَلْبُ: مَا في الجُبَّةِ
…
وَهْيَ عَلَيْهِ غَيرُ رَبِّ الكَعْبَةِ؟
945 -
وَكَيْفَ قالَ بَعْضُهُمْ سُبْحَاني
…
أنَا الإِلَهُ مَا أَجَلَّ شَاني؟
946 -
أمَا دَرَى الأعْمَى بلِ العَمِيُّ
…
بأنَّ رَبِّي مَا لهُ سَمِيُّ؟
947 -
وَكُفْرُ هَؤُلاءِ بالمَعْبُودِ
…
كَكُفْرِ أَهْلِ وَحْدَةِ الوُجُودِ
948 -
فالرَّبُّ عَبْدٌ عِنْدَهُمْ وَالعَبْدُ
…
رَبٌّ فلا تفْرِيقَ فِيمَا يَبْدُو
949 -
بَلْ كُلُّ مَرْبُوبٍ لدَيْهِمْ رَبُّ
…
حَتى الخَنَازِيرُ وَحَتى الكَلْبُ
950 -
فهلْ تَرَى إفْكًا كَهَذَا الإفْكِ
…
وَهَلْ تَرَى شِرْكًا كهَذَا
الشِّرْكِ؟
951 -
وهلْ تَرَى في الكُفْرِ وَالإلحَادِ
…
كُفْرًا غَدَا كَهَذَا الاعْتِقَادِ؟
فرْعٌ:
في جَامِعِ الإلحَادِ في أسْمَاءِ اللهِ تعَالى وَصِفاتِهِ، وَحُكْمِ ذلِكَ.
952 -
إيَّاكَ وَالإلحَادَ في أَسْمَائِهِ
…
فتُغْضِبَ الإِلَهَ في سَمَائِهِ
953 -
كَأَنْ يُسَمِّي المَرْءُ دُونَ حَقِّ
…
بهذِهِ الأسْمَاءِ بَعْضَ الخَلْقِ
954 -
أَوْ خَلْعِ ما يُشْتَقُّ مِنْ أَسَامِي
…
للهِ كالعُزَّى عَلَى الأصْنَامِ
955 -
وَكَاشْتِقَاقِ اللاتِ مِنْ إِلَهِ
…
قَوْلا مِنِ اثْنيْنِ لِغيْرِ اللهِ
956 -
أَوْ أنْ يُسَمَّى رَبُّنا بما لا
…
يَلِيقُ باللهِ أوِ اسْتَحَالا
957 -
كَأَنْ يُسَمَّى ربُّنا جَلَّ أبَا
…
أوْ فَاعِلا مُؤَثِّرًا أوْ مُوجَبا
958 -
وَمِنْهُ وَصْفُ عَالمِ الغُيُوبِ
…
بهذِهِ الآفَاتِ وَالعُيُوبِ
959 -
كَالقَوْلِ أَنَّ الخَالِقَ الفَتَّاحَا
…
قَدْ مَسَّهُ اللُّغُوبُ فَاسْتَرَاحا
960 -
أَوْ أَنْ تحُرَّفَ بهَا المَبَاني
…
بِالزَّيْدِ وَالتَّغْيِيرِ وَالنُّقْصَانِ
961 -
كَقَوْلِهِمْ في الاسْتِوَاءِ اسْتوْلى
…
وَفي المَجِيءِ جَاءَ أَمْرُ المَوْلى
962 -
وَقَدْ يُرَى التحْرِيفُ في المعَاني
…
وَتُتْرَكُ الألفَاظُ وَالمبَاني
963 -
وَذَا بإِعْطَاءِ الصِّفَاتِ مَعْنى
…
لا يَحْتَويهِ اللَّفْظُ ثمَّ المَبْنى
964 -
كَقَوْلهم وَجَلَّ عَمَّا زعَمُوا
…
في سَمْعِهِ سُبْحَانَهُ أَيْ يَعْلَمُ
965 -
وَهَكَذَا يُفسِّرُونَ البَصَرَا
…
بعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بمَا جَرَى
966 -
أَوْ أنْ تُعَطَّلَ الصِّفَاتُ جَحْدَا
…
مِنْهُمْ وَتَكْذِيبًا لهَا وَرَدَّا
967 -
بَلْ بالَغُوا فِي النَّفْيِ والإنْكَارِ
…
مُكَذِّبِينَ نَاقِلَ الأخْبَارِ
968 -
فَمَا لرَبِّنا وَلا قَدْ جَازَا
…
يَدٌ حَقِيقَةً وَلا مَجَازَا
969 -
وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ التعْطِيلُ
…
لها بَأَنْ يُنْفَى بها المَدْلُولُ
970 -
يُمَرِّرُونها بلا إِيمَانِ
…
بمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَعَاني
971 -
فرَبُّنا البَصِيرُ لكِنْ لا يَرَى
…
كَمَا يَقُولُ مَنْ تعَدَّى وَافْتَرَى
972 -
وَتارَةً يُؤَوِّلُونَ الظَّاهِرَا
…
وَيَصْرِفُونَهُ لمَعْنىً آخَرَا
973 -
وَيدَّعُونَهُ مِنَ التَّنْزِيهِ
…
للهِ مِنْ تجْسِيمٍ اوْ تَشْبِيهِ
974 -
وَهَكَذَا أسْمَاؤُهُ مُعَطَّلَةْ
…
بنَفْيِها أوْ كَوْنِهَا مُؤَوَّلَةْ
975 -
وَكُلُّهُ عِنْدِي مِنَ الإِلحَادِ
…
وَالميْلِ عَنْ نهْجِ أُولِي الرَّشَادِ
976 -
أَوْ أنْ يَرَوْا صِفاتِهِ مُكيَّفَةْ
…
بذِكْرِ هَيْئةٍ عَليْهَا أوْ صِفَةْ
977 -
كَوَصْفِهِمْ هَيْئةَ الاسْتِوَاءِ
…
أَوْ هَيْئَةَ النُّزُولِ للسَّمَاءِ
978 -
وَفِيهِ ما فِيهِ مِنَ التَّحْدِيدِ
…
لرَبِّنا ـ جَلَّ ـ مَعَ التَّجْسِيدِ
979 -
أَوْ أنْ يُشَبَّهَ الإِلَهُ بالوَرَى
…
في صِفَةٍ مِمَّا لهُ قدْ أخْبَرَا
980 -
كَقَوْلِهِمْ يَسْمَعُ مِثْلَ البَشَرِ
…
أَوْ أنَّ وَجْهَهُ كَوَجْهِ القَمَرِ
981 -
وَهَكَذَا الإلحَادُ ذُو أشْكَالِ
…
وَقدْ مَضَتْ بالحَدِّ والمِثَالِ
982 -
فلْتَذَرِ الذِينَ يُلحِدُونا
…
فيها وَكُنْ مِمَّنْ يُوَحِّدُونا
983 -
فَلا تمِلْ بها لمعْنىً باطِلِ
…
أَوْ تَنْفِ ما بها مِنَ الدَّلائِلِ
984 -
فمَنْ يُعَطِّلْ وَصْفَهُ أوْ أنْكَرَا
…
حَتى وَلوْ إِحْدَى الصِّفَاتِ كَفَرَا
985 -
وَمَنْ يُشبِّهْ رَبَّنا أو جَسَّمَا
…
لمْ يعْبُدِ اللهَ ولَكِنْ صَنَمَا
986 -
وَاحْكُمْ عَلَيْهِ أنَّهُ قدْ صَارا
…
مُشَابهًا بشِرْكِهِ النَّصَارى
987 -
وَمَنْ يُؤَوِّلها بحُسْنِ نِيَّةْ
…
مُجْتَهِدًا في هَذِهِ القَضِيَّةْ
988 -
وَكَانَ للتَّأْويلِ وَجْهٌ في اللُّغَةْ
…
وَعَادَ للحَقِّ بها إِنْ بَلغَهْ
989 -
فاللهُ يَعْفُو عَنْهُ في اعْتِقَادِهِ
…
بلْ رُبَّمَا يُثَابُ لاجْتِهَادِهِ
990 -
وَمَنْ يُؤَوِّلْ تِلْكَ عَنْ تعَصُّبِ
…
وَكَانَ وَجْهًا فِي لِسَان العَرَبِ
991 -
فَالحَقُّ أنَّهُ يكُونُ فاسِقَا
…
بفِعْلِهِ وَلا يكُونُ مَارِقا
992 -
إلا إذا تَضَمَّنَ التَّأْوِيلُ
…
نقْصًا فَذَا لِكُفْرِهِ أَمِيلُ
993 -
وَمَنْ يُؤَوِّلْ دُونَ أنْ يكُونَ لَهْ
…
وَجْهٌ لَدَى اللِّسَانِ فِيمَا أوَّلَهْ
994 -
وَكَانَ تأْويلُ الصِّفَاتِ صَادِرا
…
عَنِ الهَوَى وَالرَّأيِ كانَ كَافِرا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنقُولَ إنَّ اللهَ اتخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلا، وَكلَّمَ اللهُ مُوسَى تكْلِيمًا، إيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَتَسْلِيمًا.
995 -
وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا الحَلِيمَا
…
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تكْلِيما
996 -
وَأَنَّ إبْرَاهِيمَ رَبِّي اتخَذَا
…
مِنهُ الخَليلَ وَالرَّسُولُ هَكَذَا
997 -
نقُولُ هَذا مُؤْمِنِينَ حَقَّا
…
بِهِ وَتسْلِيمًا لهُ وَصِدْقا
998 -
وَمَنْ بِهِ كَذَّبَ كابْنِ دِرْهَم
…
فإنَّهُ حَلالُ مَالٍ وَدَمِ
فصْلٌ:
في نظم قوْلِهِ: وَنؤْمِنُ بالمَلائِكةِ وَالنبيِّينَ، وَالكتبِ المُنَزَّلةِ عَلى المُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أنهُمْ كَانُوا عَلى الحَقِّ المُبِينِ.
999 -
وَبمَلائِكَةِ ذِي الجَلالِ
…
نُؤْمِنُ بالتَّفْصِيلِ والإِجْمَالِ
1000 -
نُؤْمِنُ إِجمَالا بمَا قَدْ أَجْمَلَهْ
…
رَبِّي وَلَمْ يُسُمَّ فِيما أَنْزَلَهْ
1001 -
وَمَا أتَى في الذِّكْرِ بالتَّفْصِيلِ
…
نُؤْمِنْ بِهِ نَصًّا كَجِبرَائِيلِ
1002 -
وَالرُّسْلُ آمَنَّا بِكُلِّ مَا لا
…
نَعْلَمُ شَيْئًا عَنْهُمُ إِجْمَالا
1003 -
ثمَّ بِتَفْصِيلٍ بمَا قَدْ قَصَّا
…
رَبِّي عَلَيْنا ذِكْرَهُ أوْ نَصَّا
1004 -
وَالوَحْيُ وَالتَّبْلِيغُ للنَّاسِ مَعَا
…
لَدَى النَّبيِّ وَالرَّسُولِ اجْتَمَعَا
1005 -
وَلَكِنِ النَّبيُّ قدْ أرْسَلَهُ
…
رَبِّي بِشَرْعِ مَنْ يكُونُ قبْلَهُ
1006 -
فمَا اسْتَقَلَّ الأنْبِيَاءُ مُطْلَقَا
…
بِشِرْعَةٍ بَلْ قرَّرُوا مَا سَبَقَا
1007 -
وَالرُّسْلُ مَنْ رَبِّي إِلَيهِمْ يُوحِي
…
بِشِرْعَةٍ جَدِيدَةٍ كَنُوحِ
1008 -
أَوَّلهُمْ مَنْ صَنَعَ السَّفِينَةْ
…
آخِرُهُمْ مَنْ سَكَنَ المَدِينَةْ
1009 -
وَقِيلَ بلْ آدَمُ كَانَ أَوَّلا
…
مَنْ رَبُّنا إلى الوَرَى قدْ أرْسَلا
1010 -
وَذَاكَ أَوَّلٌ عَلى أَسَاسِ
…
إرْسَالِهِ بَعْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ
1011 -
وَرَأْيُهُمْ هَذا مَعَ التَّأْوِيلِ
…
يَكُونُ مُحْتاجًا إلى الدَّلِيلِ
1012 -
فمَا أتى قَبْلُ هُوَ الصَّحِيحُ
…
حَيْثُ أتَى نَصٌّ به صَرِيحُ
1013 -
ذُو العَزْمِ نُوحٌ وَالخَلِيلُ ذُو الكَرَمْ
…
مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ خَتَمْ
1014 -
وَكُلُّهُمْ كَانُوا عَلى الحَقِّ المُبِينْ
…
صَلَّى عَلَيْهِمْ رَبُّنا في العَالمِينْ
1015 -
مَا لمْ يُسَمِّهِ لَنَا تَعَالى
…
مِنْ كُتْبِهِ نُؤْمِنْ بِهِ إِجْمَالا
1016 -
وَبالذِي سَمَّاهُ بِالتَّفْصِيلِ
…
كَالذِّكْرِ وَالتَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنسَمِّي أهْلَ قبْلتِنا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ مَا دامُوا بمَا جَاءَ بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَرفِينَ، وَلهُ بِكُلِّ مَا قالهُ وَأخَبَرَ مُصَدِّقِينَ.
1017 -
وَمَنْ يُصَلِّ مِثْلَنا واسْتَقْبَلا
…
قِبْلَتَنا وَإِنْ ذبَحْنا أَكَلا
1018 -
وَقَدْ أَقرَّ صَادِقًا واعْتَرَفا
…
بمَا أتى بهِ النَّبيُّ المُصْطَفَى
1019 -
وَصَدَّقَ الرَّسُولَ فِيمَا أخْبَرَا
…
بِهِ وَمَا كَذَّبَهُ وَلا امْتَرَى
1020 -
فَذَاكَ بالإسْلامِ وَالإيمَانِ
…
يُوصَفُ مَهْما لجَّ في العِصْيَانِ
1021 -
وَلمْ يَجُزْ تَكْفِيرُهُ بمَا ارْتكَبْ
…
مِنَ الذُّنُوبِ أَوْ بإِثمٍ اكْتَسَبْ
1022 -
مَا لمْ يَكُنْ بالقَلْبِ يَسْتَبِيحُ
…
مَعْصِيَةً فكُفْرُهُ صَرِيحُ
1023 -
إِذَنْ نُسَمِّي كُلَّ أهْلِ القِبْلَةْ
…
بمُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ جُمْلَةْ
1024 -
مَا لمْ يكُنْ إيمَانهُمْ قدِ انْتَقَضْ
…
بمُبْطِلٍ أَوْ ناقِضٍ لَهُ عَرَضْ
1025 -
وَالشَّيخُ قَالَ بالتَّرَادُفِ اعْلَمِ
…
مَا بَينَ لفْظَيْ: مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمِ
1026 -
وَقِيلَ كُلُّ واحِدٍ قَدْ غايَرَا
…
مَعْنىً وَمَفْهُومًا أَخَاهُ الآخَرَا
1027 -
وَعِنْدَنا إنْ أُفْرِدَ اللَّفْظَانِ
…
يدْخُلُ كُلُّ وَاحِدٍ في الثَّانِي
1028 -
وَإِنْ يكُونا اقْتَرَنا فِي حَالَةْ
…
فالوَاجِبُ التَّفْرِيقُ في الدِّلالَةْ
1029 -
فاخْتَصَّ مُسْلِمٌ بما قَدْ ظَهَرَا
…
مِنْ عَمَلٍ لا مَا يَكُونُ اسْتَتَرَا
1030 -
وَاخْتَصَّ مُؤْمِنٌ بمَا قَدْ بَطَنا
…
مِنْ عَمَلٍ لا مَا يَكُونُ عَلَنَا
1031 -
أوْ عَمَلُ القَلْبِ هُوَ الإيمَانُ
…
وذَاكَ مَا تعْمَلُهُ الأرْكَانُ
1032 -
وَمَا يَكُونُ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَا
…
فَيَشْمَلُ العَمَلَ وَالمُعْتَقَدَا
1033 -
هُمَا إِذَنْ إنْ أُفْرِدَا تجمَّعَا
…
وَافْتَرَقَا إنْ يَجْمَعُوهُمَا مَعَا
1034 -
وَالدِّينُ إِسْلامٌ كَذَا إيمَانُ
…
وَفِيهِ أَيْضًا يَدْخُلُ الإحْسَانُ
1035 -
وَاقْرَأْ بهِ حَدِيثَ جِبْرَائِيلا
…
إِنْ رُمْتَ للثَّلاثَةِ التَّفْصِيلا
فصْلٌ:
في نظمِ قَوْلِهِ: وَلا نخُوضُ فِي اللهِ، وَلا نمَارِي فِي دِينِ اللهِ.
1036 -
وَلا نخُوضُ أبَدًا فِي البَارِي
…
وَلا بِدِينِ رَبِّنا نمَارِي
1037 -
مَنْ ذا الذِي يُدْرِكُ ذَاتَ المَوْلى
…
حتَّى يَقُولَ المَرْءُ فيها قَوْلا؟
1038 -
وَهَلْ يَجُوزُ دُونَ عِلْمٍ أنْ نَصِفْ
…
رَبِّ الوَرَى بمَا بِهِ لمْ يتَّصِفْ؟
1039 -
وَهَلْ لوَصْفٍ عِنْدَنا اعْتِبَارُ
…
مَا لمْ تَرِدْ بذِكْرِهِ الأخْبَارُ؟
1040 -
وَكيْفَ نُلْقِي شُبُهَاتِ المُفْتَرِي
…
فِي دِينِنا عَلَى امْرِئٍ ليَمْتَرِي
1041 -
مَنْ شَكَّكَ امْرَأً بمَا قدْ أَلْقَى
…
مِنْ شُبْهَةٍ لَهُ أَضَاعَ الحَقَّا
1042 -
وَصَارَ بالدَّعْوَةِ والتَّزْيِينِ
…
للشُّبُهَاتِ مُفْسِدًا للدِّينِ
1043 -
وَكَيفَ لا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةْ
…
بمثْلِهَا تلْتَبِسُ الحَقِيقَةْ؟
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نجَادِلُ فِي القرْآنِ، وَنشْهَدُ أنهُ كَلامُ رَبِّ العَالمِينَ، نزَلَ بهِ الرُّوحُ الأمِينُ، فعَلمَهُ سَيِّدَ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ كَلامُ اللهِ تعَالى لا يُسَاويهِ شَيْءٌ مِنْ كَلام المَخْلوقِينَ، وَلا نقُولُ بخَلقِهِ، وَلا نخُالِفُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ.
1044 -
وَلا نَرَى الجِدَالَ فِي القُرْآنِ
…
بالرَّأيِ وَالهَوَى بلا بُرْهَانِ
1045 -
فَهْوَ كَلامُ اللهِ قدْ تحَمَّلَهْ
…
مِنْهُ سمَاعًا ضَابِطٌ مَا أعْدَلَهْ
1046 -
ثمَّ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ نَزَلا
…
مُعَلِّمًا خَيرَ نبيٍّ أُرْسِلا
1047 -
وَجَمَّعُوا في المُصْحَفِ الشَّريفِ
…
حُرُوفَهُ خَوْفًا مِنَ التَّحْرِيفِ
1048 -
نتْلُوهُ كُلَّ سَاعَةٍ وَآنِ
…
نرْجُو ثوَابَ قَارِئِ القُرْآنِ
1049 -
وَاعْلَمْ بأنَّ الصَّوْتَ صَوْتُ القَارِئِ
…
لكنَّمَا المَتَلُوُّ قَوْلُ البَارِئِ
1050 -
وَالرَّقُّ وَالمِدَادُ مَخْلُوقَانِ
…
لَكِنَّمَا المكْتُوبُ للرَّحْمَنِ
1051 -
فهْوَ كَلامُ اللهِ في الحَقِيقَةْ
…
وَإِنْ تلَتْهُ أَلْسُنُ الخَلِيقَةْ
1052 -
وَلا يُسَاوِيهِ كَلامُ خَلْقِهِ
…
وَلا نقُولُ أبَدًا بخَلْقِهِ
1053 -
وَلا نقُولُ إِنَّهُ عِبَارَةْ
…
عَمَّا بِنَفْسِ اللهِ أوْ إِشَارَةْ
1054 -
وَلا نَرَى رَأْيًا يُخَالِفُ السَّلَفْ
…
حتَّى نكُونَ لهمُ خَيْرَ خَلَفْ
1055 -
وَالوَقْفُ فِي القُرْآنِ والسُّكُوتُ
…
رَأيٌ خَبِيثٌ باطِلٌ ممقُوتُ
1056 -
فلا تَقِفْ وَتدِّعِي السَّلامَةْ
…
فَليْسَ في الوَقْفِ سِوَى النَّدَامَةْ
1057 -
كُنْ كالإمَامِ أحْمَدَ الشَّيْبَاني
…
يَوْمَ امْتِحَانِ النَّاسِ في القُرْآنِ
1058 -
أَصَرَّ لا يَقُولُ إلا الحَقَّا
…
وَأَنَّهُ كَلامُ رَبِّي حَقَّا
1059 -
وَلمْ يَهِنْ مَعْ شِدَّةِ التَّعْذِيبِ
…
قَطُّ فيَا لَصَبْرِهِ العَجِيبِ
1060 -
قَدْ أُلهِمَ الثَّبَاتَ يَوْمَ الشِّدَّةْ
…
فَكَانَ كالصِّدِّيقِ يَوْمَ الرِّدَّةْ
1061 -
حَتَّى انجَلَتْ عَنِ العِبَادِ المِحْنَةْ
…
وَانخَمَدَتْ في الأَرْضِ نَارُ الفِتْنَةْ
1062 -
فَلْتَجْزِ يا رَبِّ الإِمَامَ أحْمَدَا
…
خَيرًا فَكَمْ أَسْدَى إِلى النَّاسِ يَدَا
1063 -
قَامَ مَقَامًا فِيكَ لمْ يَقُمْهُ
…
سِوَاهُ فلْتَغْفِرْ لَهُ وارْحَمْهُ
1064 -
وَاجْعَلْ بمَا أصَابَهُ مِنْ بأْسِ
…
فِيكَ جَزَاءً جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ
فصْلٌ:
في نظمِ قوْلِهِ: وَلا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لمَ يَسْتحِلَّهُ.
1065 -
وَلمْ نُكَفِّرْ مُسْلِمًا بِذَنْبِ
…
إِلا إِذَا اسْتَحَلَّهُ بالقَلْبِ
1066 -
لَكِنْ بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ مَا ارْتكَبْ
…
شِرْكًا فإنَّ الكُفْرَ بالشِّرْكِ وَجَبْ
1067 -
وَلا يَكُونَ الشِّركُ مِنْ لوَازِمِهْ
…
كَالسِّحْرِ أَوْ تَرْكِ الصَّلاةِ اللازِمَةْ
1068 -
وَمَعْنى الاسْتِحْلالِ أَنْ يَعْتَقِدَا
…
حِلَّ المعَاصِي والجَزَاءَ جَحَدَا
1069 -
فَلا تكُونُ عِنْدَهُ حَرَامَا
…
وَالمرْءُ لا يَلْقَى بهَا أثَامَا
1070 -
كَأَنْ يَرَى الخَمْرَ حَلالا طَيِّبَا
…
أَوِ اسْتَحَلَّ القَتْلَ أوْ أَكْلَ الرِّبا
1071 -
أَوِ اسْتَبَاحَ الفَرْجَ لا نِكَاحَا
…
وَإِنمَا اسْتَبَاحَهُ سِفَاحَا
1072 -
فهَذَا الاسْتِحْلالُ للذُّنُوبِ
…
مُكَفِّرٌ مَا دَامَ بالقُلُوبِ
1073 -
وَيسْتَوِي اسْتِحْلالُهُ الكَبِيرَةْ
…
في الحُكْمِ وَاسْتِحْلالُهُ الصَّغِيرَةْ
1074 -
حَتى وَإِنْ كَانَ الذِي اسْتَحَلَّها
…
وَالمُسْتَبِيحُ غَيرَ فاعِلٍ لهَا
1075 -
أمَّا مُجَرَّدُ ارْتِكَابِ الإِثمِ
…
فَليْسَ كُفْرًا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ
1076 -
حَتَّى وَإِنْ كَانَ الفَتى مُصِرَّا
…
عَلَيْهِ مَا دَامَ بِهِ مُقِرَّا
فصْلُ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نقُولُ لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمَنْ عَمِله ُ.
1077 -
وَلا نقُولُ لا تَضُرُّ سَيِّئَةْ
…
مَعْ ذَلِكَ الإيمانِ مِثْلَ المُرْجِئَةْ
1078 -
فَهَذِهِ الذُّنُوبُ وَالمعَاصِي
…
يَغْدُو بها الإِيمَانُ في انْتِقَاصِ
1079 -
بَلْ رُبَّمَا الإِيمَانُ مِنْ أَصْحَابها
…
يَذْهَبُ أوْ يُرْفَعُ مِنْ أَسْبَابها
1080 -
فَفِي الحَدِيثِ ليْسَ يزْنِي الزَّانِي
…
حِينَ الزِّنا وَهُوَ ذُو إِيمَانِ
1081 -
ثمَّ (مَعَ الإيمَانِ لا تَضُرُّ
…
مَعْصِيَةٌ) قَوْلٌ خَبِيثٌ شَرُّ
1082 -
لأنَّهُ يَدْعُو إلى الذُّنُوبِ
…
وَيُضْعِفُ الخَشْيَةَ فِي القُلُوبِ
1083 -
بَلْ إنَّهُ يَدْعُو إلى إِنْكَارِ
…
مَا جَاءَ في الوَعِيدِ مِنْ أَخْبَارِ
1084 -
وَفي ثَنَايَا القَوْلِ هَذَا تَسْوِيَةْ
…
لأَهْلِ طَاعَةٍ بأهْلِ المَعْصِيَةْ
1085 -
فيَسْتَوِي مِثْلِي مَعَ الصِّدِِّيقِ
…
مَا دُمْتُ مُؤْمِنًا بلا تَفْرِيقِ
1086 -
فهَلْ ترَى كَذَلِكَ القَوْلِ سَفهْ
…
وَهَلْ لَهُ وَزْنٌ يُقَامُ أوْ صِفَةْ؟
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: نَرْجُو للمُحْسِنِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْ يعْفُوَ عَنهُمْ، وَيُدْخِلهُمْ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلا نأمَنُ عَليْهِمْ، وَلا نشْهَدُ لهُمْ بالجَنَّةِ، وَنسْتَغْفِرُ لمُسِيئِهِمْ، وَنخَافُ عَليْهِمْ، وَلا نُقَنِّطُهُمْ.
1087 -
نَرْجُو لمَنْ أَحْسَنَ مِمَّنْ آمَنا
…
عَفْوًا مِنَ اللهِ بمَا قدْ أحْسَنَا
1088 -
وَأنْ يكُونَ دَاخِلا فِي جَنَّتِهْ
…
بِفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَمِنَّتِهْ
1089 -
لَكِنَّنا عَلَيْهِمُ لا نأْمَنُ
…
مِنْ مَكْرِهِ مَهْمَا يَكُونُوا آمَنُوا
1090 -
لِذَا فلا نَكُونُ شَاهِدِينا
…
لهُمْ بجَنَّةٍ مُعيِّنِينَا
1091 -
وَمَنْ يَكُنْ خَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ
…
نَسْتَغْفِرِ اللهَ لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ
1092 -
وَمَعَ خَوْفِنا عَلَيْهِ النَّارَا
…
فَرَبُّنا لمَّا يَزَلْ غَفَّارَا
1093 -
فَلا يُقَنَّطْ أبَدًا مِنْ رَحْمَتِهْ
…
مَهْمَا نخَفْ مِنْ عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالأمْنُ وَالإيَاسُ ينْقُلانِ عَنْ مِلَّةِ الإسْلامِ، وَسَبِيلُ الحَقِّ بيْنَهُمَا لأَهْلِ القِبْلَةِ.
1094 -
وَالأمْنُ وَالإِيَاسُ مُبْطِلانِ
…
لِدِينِنا وَعَنْهُ يَنْقُلانْ
1095 -
فلا تَكُنْ بيَائِسٍ فتَكْفُرَا
…
أَوْ تأْمَنَنَّ مَكْرَهُ فتَخْسَرَا
1096 -
ثمَّ سَبِيلُ الحَقِّ ما قَدْ جَمَعَا
…
بَيْنَهُمَا خَوْفًا وَرَغْبَةً مَعَا
1097 -
اُعْبُدْهُ جَلَّ اللهُ في السَّمَاءِ
…
بَالجَمْعِ بَينَ الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ
1098 -
وَلا تَقُلْ إِنى عَبَدْتُ الرَّبَّا
…
لارَغْبَةً وَرَهْبَةً بَلْ حُبَّا
1099 -
قَدِ ادَّعَى الحُبَّ قَدِيمًا طَائِفَةْ
…
لمْ تَرْجُ جَنَّةً وَلَيْسَتْ خَائِفَةْ
1100 -
ظَنُّوا بِهِ الإِخْلاصَ وَالتَّجْرِيدَا
…
وَأَنهُمْ قدْ حَقَّقُوا التَّوْحِيدَا
1101 -
وَقَدْ رَأَوْهُ غَايَةَ الكَمَالِ
…
وَأنَّهُ هُوَ المَقَامُ العَالي
1102 -
يَا قَوْمُ إنَّ الرُّسْلَ أعَلى مَنْزِلَةْ
…
وَلا تُسَاوُونَ لَدَيْهِمْ خَرْدَلَةْ
1103 -
وَإِنهُمْ يَدْعُونَ رَبِّي رَغَبَا
…
كَمَا يَقُولُ رَبُّنا وَرَهَبَا
1104 -
ألمْ يخَفْ رَسُولُنا العَذَابَا
…
إِذَا عَصَى وَقدْ رَجَا الثَّوَابَا؟
1105 -
مَنْ ذا الذِي ليْسَ يَخَافُ النَّارَا
…
وَلمْ يَسَلْ دَارَ النَّعِيمِ دَارَا؟
1106 -
فَهَلْ تقُولُ بَعْدَ هَذَا رَابِعَةْ
…
لَسْتُ أخَافُهُ وَلَسْتُ طَامِعَةْ
1107 -
وَأَيُّ حُبٍّ تَدَّعِيهِ الزَّاهِدَةْ
…
أَوِ التي يَدْعُونها بالعَابِدَةْ؟
1108 -
عِبَادَةُ اللهُ مدَارُهَا عَلَى
…
قُطْبَيْنِ مِنْ حُبٍّ وَذُلٍّ جُعِلا
1109 -
ثمَّ جَنَاحَا هَذِهِ المَحَبَّةْ
…
تَشَكَّلا مِنْ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةْ
1110 -
فَمَنْ رَجَا اللهَ وَخَافَهُ مَعَا
…
فَحُبُّهُ صِدْقٌ وَليْسََ مُدَّعَى
1111 -
وَكُلُّ حُبٍّ مِنْهُمَا تجرَّدَا
…
فهُوَ دَعْوَى لا تَصِحُّ أَبَدَا
1112 -
رَجِّحْ عَلى الخَوْفِ الرَّجَاءَ في المَرَضْ
…
وَلا تكُنْ عَلَيْهِ مِمَّنْ اعْتَرَضْ
1113 -
وَلا تمُتْ إلا وَقَدْ أَحْسَنْتا
…
ظَنًّا بِهِ إِنْ كُنْتَ قَدْ آمَنْتا
1114 -
فاللهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ
…
كَمَا رَوَانَا المُصْطَفَى عَنْ رَبِّهِ
1115 -
وَإِنْ تكُنْ مُعَافىً او صَحِيحَا
…
فلا أَرَى لوَاحِدٍ تَرْجِيحَا
1116 -
وَقِيلَ رَجِّحْ فِي المَعَاصِي الرَّهْبَةْ
…
وَإِنْ تُطِعْ فرَجِّحَنَّ الرَّغْبَةْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا يخْرُجُ العَبْدُ مِنَ الإيمَانِ إلا بجُحُودِ مَا أدْخَلَهُ فِيهِ، وَالرَّدُ عَلَيْهِ في ذلِكَ.
1117 -
وَالعَبْدُ مِنْ إِيمَانِهِ مَا خَرَجَا
…
إلا بجَحْدِ مَا بِهِ قَدْ وَلجَا
1118 -
وَذَاكَ رَأْيٌ ما لَهُ اعْتِبَارُ
…
عِنْدِي وَيَنْبَغِي لَهُ الإِنْكَارُ
1119 -
فلَيْسَ بالتَّكْذِيبِ أوْ بالجَحْدِ
…
فقَطْ يكُونُ المرْءُ بالمُرْتَدِّ
1120 -
بَلْ إِنَّهُ يَكُونُ ذا ارْتِدَادِ
…
بِالْقَوْلِ وَالعَمَلِ وَاعْتِقَادِ
1121 -
وَكُلُّهَا بالْفِعْلِ أوْ بالتَّرْكِ
…
تَنْقُضُ هَذَا الدِّينَ دُونَ شَكِّ
1122 -
كجَحْدِ مَا أَدْخَلَهُ في الدِّينِ
…
وَسَبِّهِ للمُصْطَفَى الأَمِينِ
1123 -
وَنَقْضِهِ لمُقْتَضَى الشَّهَادَةْ
…
وَصَرْفِهِ لغَيْرِهِ العِبَادَةْ
1124 -
أَوْ كَانَ بالدِّينِ أوِ الجَزَاءِ
…
يَسْخَرُ أوْ يكُونُ ذَا اسْتِهْزَاءِ
1125 -
أوْ عَطَّلَ الصِّفَاتِ أوْ قدْ أنْكَرَا
…
أَوْ شَبَّهَ اللهَ العَظِيمَ بالوَرَى
1126 -
أَوْ كَانَ هَذَا المرْءُ مِمَّنْ أظْهَرَا
…
كَرَاهَةً لِسُنَّةٍ أوْ أَضْمَرَا
1127 -
أَوْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ أعَانَ الكَافِرَا
…
عَلى أَخِيهِ نَاصِرًا مُظَاهِرَا
1128 -
أَوْ أنْ يكُونَ قَدْ نَأَى بجَانِبِهْ
…
عَنْ دِينِنا وَلمْ يَقُمْ بِوَاجِبِهْ
1129 -
أَوِاسْتَبَاحَ المرْءُ أيَّ ذَنْبِ
…
بِشَرْطِ أنْ يكُونَ ذَا بالقَلْبِ
1130 -
أَوْ فَوَّتَ الصَّلاةَ يَوْمًا عَامِدَا
…
حَتى وَلوْ لمْ يَكُ هَذَا جَاحِدَا
1131 -
وَهَكَذا فالْكُفْرُ بالقَوْلِ حَصَلْ
…
كَمَا يَكُونُ بالجُحُودِ وَالعَمَلْ
فصْلٌ:
في نظمِ قَوْلِهِ: وَالإيمَانُ: هُوَ الإقرَارُ باللِّسَانِ، وَالتَّصْدِيقُ بالجنَانِ.
1132 -
إِيمَانُنَا الإِقْرَارُ باللِّسَانِ
…
لَكِنْ مَعَ التَّصْدِيقِ بالجَنَانِ
1133 -
وَالشَّيْخُ في دَعْوَاهُ هَذِهِ انحَرَفْ
…
وَمَالَ في الإِيمَانِ عَنْ قَوْلِ السَّلَفْ
1134 -
لأنَّهُ في حَدِّهِ مَا أَدْرَجَا
…
أَعْمَالَنَا في جِنْسِهِ بَلْ أَخْرَجَا
1135 -
وَهْوَ بهذا الصُّنْعِ مِمَّنْ أَخْطَأَ
…
بَلْ إنَّهُ يكُونُ مِمَّنْ أَرْجَأَ
1136 -
أَعْمَالُنَا جُزْءٌ مِنَ الإِيمَانِ
…
فلا يُقَالُ إِنَّهُ قِسْمَانِ
1137 -
وَلا يُقَالُ أَبَدًا إنَّ العَمَلْ
…
شَرْطٌ بِهِ الإِيمَانُ تمَّ وَاكْتَمَلْ
1138 -
فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّرُوطِ
…
إذ الشُّرُوطُ خَارِجَ المَشْرُوطِ
1139 -
وَإِنمَا رُكْنٌ إِذَا تخَلَّفَا
…
مَا صَحَّ إِيمَانٌ لَنَا بَلِ انْتَفَى
1140 -
وَهَلْ يَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ تَرَكَا
…
مِثْلَ الصَّلاةِ أمْ يكُونُ أَشْرَكَا؟
1141 -
فَكَيْفَ لا يَكْفُرُ دُونَ جَدَلِ
…
مَنْ كَانَ تَارِكًا لجِنْسِ العَمَلِ؟
1142 -
حَتى وَلوْ يَكُونُ ذَا قَدْ صَدَّقا
…
بِقَلْبِهِ وَبِاللسَانِ نَطَقَا
1143 -
إِذَنْ فمَا التَّصْدِيقُ بالجَنَانِ
…
وَالْقَوْلُ فِي الإِيمَانِ يَكْفِيَانِ
1144 -
وَإِنمَا يكُونُ ذَا تحْقِيقِ
…
بالقَوْلِ وَالعَمَلِ وَالتَّصْدِيقِ
1145 -
لَكِنْ بِتَرْكِ بعْضِهِ لا كُلِّهِ
…
لا يَنْتَفِي إِيمَانُهُ مِنْ أَصْلِهِ
1146 -
وَلا يَكُونُ خَالِدًا فِي النَّارِ
…
إِلا إِذَا صَارَ مِنَ الْكُفَّارِ
1147 -
ذَاكَ بِأَنَّ مُطْلَقَ الإيمَانِ
…
لا يَنْتَفِي عَنْ صَاحِبِ العِصْيَانِ
1148 -
وَلَكِنِ الإِيمَانُ هَذَا المُطْلَقُ
…
لَيْسَ عَلَى أَهْلِ المَعَاصِي يُطْلَقُ
1149 -
حَيْثُ بِقَدْرِ ذَلِكَ العِصْيَانِ
…
إِيمانهُمْ يكُونُ فِي نُقْصَانِ
1150 -
كَمَا نَرَى الإيمَانَ فِي زيَادَةْ
…
بِطَاعَةٍ للمَرْءِ أوْ عِبَادَةْ
1151 -
إِذَنْ بمَا يعْمَلُهُ العَبِيدُ
…
إيمَانُهُمْ يَنْقُصُ أو يَزِيدُ
1152 -
وَهَكَذَا فالنَّقْصُ والزِّيَادَةْ
…
في دِينِنَا مِمَّا نَرَى اعْتِقَادَهْ
اسْتدْرَاكٌ:
1153 -
فَإِنْ تَقُلْ شَابَهْتُمُ المُعْتَزِلَةْ
…
مَعَ الخَوَارِجِ بِتِلْكَ المَسْأَلَةْ
1154 -
حَيْثُ تَرَوْنَ مِثْلَهُمْ أَنَّ العَمَلْ
…
بِدُونِهِ الإِيمَانُ حُكْمًا قدْ بَطَلْ
1155 -
قُلْنَا إِذَا أرَدْتمُ الحَقِيقَةْ
…
ثَمَّ فُرُوقٌ بيْنَنَا دَقِيقَةْ
1156 -
لِصِحَّةِ الإِيمَانِ قالُوا نَشْتَرِطْ
…
آحَادَ الاعْمَالِ وَإِلا قَدْ حَبِطْ
1157 -
وَأَصْلُ ذَا الإِيمَانِ عِنْدَنا حَصَلْ
…
بالْقَوْلِ وَالتَّصْدِيقِ مَعْ جِنْسِ العَمَلْ
1158 -
فتَرْكُ جِنْسِهِ لَدَيْنا يَنْقُضُهْ
…
وَعِنْدَهُمْ آحَادُهُ تُقَوِّضُهْ
1159 -
لَذَاكَ يَسْلُبُونَ بالعِصْيَانِ
…
وَبالذُّنُوبِ مُطْلَقَ الإِيمَانِ
1160 -
وَافْتَرَقُوا فَقَالَتِ الخوَارِجُ
…
هُوَ عَنِ الإيمَانِ حَقًّا خَارِجُ
1161 -
وَأَنَّهُ صَارَ مِنَ الكُفَّارِ
…
وَصَارَ أَيْضًا خَالِدًا فِي النَّارِ
1162 -
وَلمْ تَقُلْ بِكُفْرِهِ المُعْتَزِلَةْ
…
وَمَا قَضَتْ كَذَاكَ بالإِيمَانِ لَهْ
1163 -
وَإِنمَا تجْعَلُهُ المُعْتَزِلَةْ
…
فِيمَا ادَّعَوْا بَيْنَهُمَا مِنْ مَنْزِلَةْ
1164 -
وَمَعَ هَذَا الحُكْمِ أَوْعَدُوهُ
…
بالنَّارِ فِي الأُخْرَى وَخَلَّدُوهُ
1165 -
وَنحْنُ مِنْ إيمَانِهِ لا نخْرِجُهْ
…
بِذَنْبِهِ بَلْ لا نَزَالُ نُدْرِجُهْ
1166 -
وَإِنمَا نَنْفِي فَقَطْ كَمَالا
…
إِيمانِهِ وَلا نَقُولُ زَالا
1167 -
حَيْثُ زَوَالُ بَعْضِهِ لا يَقْتَضِي
…
نَقْضًا لَهُ مَا دَامَ ذا تبَعُّضِ
1168 -
إِذَنْ فَهَذَا مُؤْمِنٌ قدْ نَقَصَا
…
إِيمَانُهُ بِذَنْبِهِ لمَّا عَصَى
1169 -
أَوْ هُوَ بالإِيمَانِ مُؤْمِنٌ فَسَقْ
…
بِذَنْبِهِ إِنْ رُمْتَ وَصْفَهُ بحَقّْ
1170 -
وَهْوَ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الوَعِيدَا
…
فَعَنْهُ نَنْفِي في اللَّظَى تخْلِيدَا
1171 -
بَلْ في مَشِيئَةِ الإِلَهِ النَّافِذَةْ
…
يَكُونُ فالْعَفْوُ أوِ المُؤَاخَذَةْ
1172 -
وَهَكَذا تلْقَى بِتِلْكَ المَسْأَلَةْ
…
فِي الدِّينِ بَيْنَنَا خُطُوطًا فاصِلَةْ
1173 -
فلَمْ نُكَفِّرْ أَحَدًا بِزَلَلِ
…
وَإِنمَا بِتَرْكِ كُلِّ العَمَلِ
1174 -
وَهَؤُلاءِ فَاعِلُ الكَبِيرَةْ
…
تَرَى الخَوَارِجُ بها تَكْفِيرَهْ
1175 -
وَبَعْضُ أهْلِ العِلْمِ قَالَ قَوْلا
…
أَرَاهُ بالصَّوَابِ مِنْ ذَا أَوْلى
1176 -
يَقُولُ إنَّ تَرْكَ جِنْسِ العَمَلِ
…
مُكَفِّرٌ ليْسَ بِهِ مِنْ جَدَلِ
1177 -
وَتَرْكُ بعْضٍ مِنْهُ فِيهِ نَظَرُ
…
فَرُبَّمَا يَكْفُرُ أوْ لا يَكْفُرُ
1178 -
فتَرْكُهُ فَرْضَ الصَّلاةِ كُفْرُ
…
وَلَيْسَ كُفْرًا في الصِّيامِ الفِطْرُ
1179 -
وَهَكَذَا قدْ وَجَبَ التَّفْصِيلُ
…
ثمَّ الذِي يقْضِي هُوَ الدَّلِيلَ
فرْعٌ:
1180 -
وَجَازَ في الإِيمَانِ أَنْ يَسْتَثْني
…
إِنْ لم يَشُكَّ ذَلِكَ المسْتَثْني
1181 -
كَأَنْ يَقُولَ المَرْءُ إني مُؤْمِنُ
…
إِنْ شَاءَ أو إنْ يَشَأِ المُهَيْمِنُ
1182 -
لَكِنَّهُ إنْ شَكَّ بِاسْتِثْنَائِهِ..
…
فاحْكُمْ عَلَى الإِيمَانِ بانْتِفَائِهِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَجَمِيعُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّرْع وَالبَيَان كُلُّهُ حَقٌّ.
1183 -
وَكُلُّ مَا صَحَّ عَنِ الرَّسُولِ
…
حَقٌّ تلَقَّيْنَاهُ بالقَبُولِ
1184 -
سِيَّانِ مَا قَدْ جَاءَ مِنْ بَيَانِهِ
…
للذِّكْرِ أَوْ شَرْعٍ عَلى لِسَانِهِ
1185 -
حتَّى وَإِنْ يَكُنْ مِنَ الآحَادِ
…
وَإِنْ يَكُنْ في بَابِ الاعْتِقَادِ
1186 -
إذْ يُوجِبُ العِلْمَ على التَّحْقِيقِ
…
عِنْدَ قِيَامِ مُوجِبِ التَّصْدِيقِ
1187 -
كَمْ أرْسَلَ النَّبىُّ مِنْ آحَادِ
…
إلى الوَرَى في سَائِرِ البِلادِ
1188 -
يُبَلِّغُونَ دَعْوَةَ التَّوْحِيدِ
…
وَشِرْعَةَ الإِسْلامِ للعَبِيدِ
1189 -
وَأَلزَمَ المُبَلَّغِينَ الحُجَّةْ
…
بهمْ وَبَانَتْ لهُمُ المَحَجَّةْ
1190 -
فَهَلْ يُرَدُّ بَعْدَ هَذَا الوَارِدُ
…
عَنِ النَّبيِّ إِنْ رَوَاهُ الوَاحِدُ
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَالإِيمَانُ وَاحِدٌ، وَأهْلُهُ فِي أَصْلِهِ سَوَاءٌ، وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بالخَشْيَةِ وَالتُّقَى، وَمُخَالَفَةِ الهَوَى، وَمُلازَمَةِ الأَوْلى.
1191 -
وَقَدْ رَأى الإيمَانَ شَيْئًا وَاحِدَا
…
فلا يَكُونُ ناقِصًا أوْ زَائِدَا
1192 -
وَأَهْلُهُ في أَصْلِهِ سَوَاءُ
…
فَلا تفَاوُتٌ بلِ اسْتِوَاءُ
1193 -
وَإِنمَا الفَضْلُ بتَقْوَى المَوْلى
…
بَيْنهُمُ وَفي لُزُومِ الأَوْلى
1194 -
ثمَّ بِأَنْ يخَالِفُوا هَوَاهُمُ
…
وَأَنْ يخَافُوا اللهَ مَنْ سَوَّاهُمُ
1195 -
وَرَأْيُهُ هَذَا على اعْتِبارِ
…
رُكْنَيْهِ في التَّصْدِيقِ وَالإِقْرَارِ
1196 -
وَهُوَ رَأْيٌ بَيِّنُ البُطْلانِ
…
إِذْ يُخْرِجُ السَّعْيَ مِنَ الإِيمَانِ
1197 -
فالحَقُّ أنْ لَسْنَا عَلى تَسَاوِي
…
فِيهِ كَمَا يَعْتَقِدُ الطَّحَاوِي
1198 -
وَجَعْلهُ الإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدَا
…
أرَاهُ قَوْلا وَاعْتِقَادًا فَاسِدَا
1199 -
لأنَّهُ كَمَا أتَانَا النَّصُّ
…
تَلْحَقُهُ زيَادَةٌ وَنقْصُ
1200 -
وَقَوْلُهُ زَادَتهُمُ إيمَانَا
…
يُعَدُّ لازْدِيَادِهِ بُرْهَانَا
1201 -
وَمَا رَأَيْتُ نَاقِِصَاتِ دِينِ
…
دَلِيلُ نَقْصِ الدِّينِ باليَقِينِ
1202 -
وَإِنْ تُرِدْ أَدِلَّةً عَقْلِيَّةْ
…
لِنَقْصِهِ تُؤَكِّدُ النَّقْلِيَّةْ
1203 -
قُلْنَا ازْدِيَادُهُ مَعَ الإِحْسَانِ
…
يقْضِي بنقْصِهِ مَعَ العِصْيَانِ
1204 -
وَهَكَذا الإِيمَانُ بالسَّعْي اخْتَلَفْ
…
زَيْدًا وَنُقْصَانًا كَمَا عِنْدَ السَّلَفْ
1205 -
بَلْ رَأْيُهُ حَتى عَلى الإِقْرَارِ
…
يَكُونُ سَاقِطًا في الاعْتِبَارِ
1206 -
أَلا تَرَى العِبَادَ في التَّصْدِيقِ
…
بِالمُتَفَاوتِِينَ في التَّحْقِيقِ
1207 -
أَكُلُّ مَنْ باللهِ لمْ يُكَذِّبِ
…
يَكُونُ في تصْدِِيقِهِ مِثْلَ النَّبي
1208 -
فَكَيْفَ لا نَقُولُ بالتَّفَاوُتِ
…
في أَصْلِهِ بالضَّعْفِ أوْ بالْقُوَّةِ؟
1209 -
وَكيْفَ لا نَقُولُ بالمُفَاضَلَةْ
…
بَينَ ذَوِيهِ فِيهِ لا المُمَاثَلَةْ؟
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالمَؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ، وَأَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُمْ وَأَتْبَعُهُمْ للقُرْآنِ.
1210 -
وَعِنْدَنا وَلايَةُ الرَّحْمَن
…
تُنَالُ بالتَّقْوَى مَعَ الإيمَانِ
1211 -
وَقِيلَ بالإِيمَانِ قَامَ أَصْلُها
…
فَقَطْ وَبِالتَّقَى تَكُونُ كُلُّها
1212 -
فالمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ قدْ نَالُوا
…
وَلايَةَ اللهِ كَمَا قَدْ قَالُوا
1213 -
ثمَّ يَكُونُ خَيْرُهُمْ أطْوَعَهُمْ
…
وَمَنْ غَدَا لوَحْيِهِ أَتْبَعَهُمْ
فَصْلٌ:
في نظْمِ قولِهِ: وَالإيمَانُ: هُوَ الإِيمَانُ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ تعَالى.
1214 -
وَعِنْدَنا الإيمَانُ ذُو أَرْكَانِ
…
أَوَّلهَا الإيمَانُ بالرَّحْمَنِ
1215 -
وَبَعْدَهُ الإيمَانُ بالمَلائِكَةْ
…
ثمَّ بِكُتْبِ رَبِّنَا المُبَارَكَةْ
1216 -
ثمَّ بِرُسْلِ رَبِّنا الأَخْيَارِ
…
نَكُونُ حَقًّا مِنْ ذَوِي الإِقْرَارِ
1217 -
وَبَعْدَهُ إيمَانُنَا بالآخِرَةْ
…
وَبَعْثُنَا بَعْدَ العِظَامِ النَّاخِرَةْ
1218 -
وَبَالقَضَاءِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ
…
وَحُلْوِ مَا قَدَّرَهُ وَمُرِّهِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، وَنُصَدِّقُهُمْ كُلَّهُمْ عَلى مَا جَاءُوا بِهِ.
1219 -
وَنحْنُ آمَنَّا بهَذَا كُلِّهِ
…
وَلمْ نُفَرِّقْ قَطُّ بَينَ رُسْلِهِ
1220 -
نُصَدِّقُ الرُّسْلَ بلا اسْتِثْنَاءِ
…
فِيمَا أَتَوْا بِهِ عَنِ السَّمَاءِ
1221 -
وَلا نَقُولُ بَعْضُهُمْ قَدْ صَدَقَا
…
فِيمَا أَتَى بِهِ وَهَذَا اخْتَلَقَا
1222 -
فكُلُّهُمْ شَرْعًا أُولُو أَمَانَةْ
…
وَفِيهُمُ الصِّدْقُ مَعَ الفَطَانَةْ
1223 -
وَكُلُّهُمْ قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةْ
…
وَاسْتَنْقَذَ النَّاسَ مِنَ الضَّلالَةْ
1224 -
وَهُمْ جَمِيعًا باتِّفَاقِ الأُمَّةِ
…
قَدْ خَصَّهُمْ رَبُّ الوَرَى بالعِصْمَةِ
1225 -
فَلا تَظُنَّ أنهُمْ قدْ خَانُوا
…
أَوْ كَتَمُوا أوْ بَدَّلُوا أوْ مَانُوا
1226 -
ثمَّ الرَّسُولُ بَشَرٌ حُرٌّ ذَكَرْ
…
يجُوزُ فيهِ مَا يَجُوزُ في البَشَرْ
1227 -
فَجَازَ في حَقِّ الرَّسُولِ الأَكْلُ
…
وَالنَّوْمُ وَالنِّكَاحُ ثمَّ القَتْلُ
1228 -
وَيعْتَرِي الرَّسُولَ كُلُّ عَرَضِ
…
قَدْ يَعْتَرِينَا كالأَذَى وَالمَرَضِ
1229 -
لَكِنَّهُ عَمَّا غَدَا مُنَفِّرَا
…
لمَنْ يَكُونُ حَوْلَهُ تَطَهَّرَا
1230 -
وَهْوَ كَذَا مُنَزَّهٌ مُقَدَّسُ
…
عَنِ الذِي عَافَتْهُ مِنَّا الأَنْفُسُ
1231 -
وَمِنْ مُبَاحٍ هُوَ مُزْرٍ سَلِمَا
…
فَكَيْفَ بالمكْرُوهِ أوْ مَا حُرِّمَا؟
فَصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَأَهْلُ الكبَائِرِ مِنْ أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي النَّارِ لا يُخَلَّدُونَ، إِذا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ، وَإنْ لمْ يكُونُوا تائِبِينَ، بَعْدَ أنْ لَقُوا اللهَ عَارفِينَ مُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي
مَشِيئَتِهِ وحُكْمِهِ: إنْ شَاءَ غَفَرَ لهُمْ وعَفَا عَنهُمْ بفَضْلِهِ، كمَا ذكَرَ ـ عَزَّ
وَجَلَّ ـ في كِتَابِهِ: (ويغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يشَاءُ) وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّار بعَدْلِهِ، ثمَّ يُخْرجُهُمْ منها برَحْمَتِهِ وشَفاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أهْلِ طَاعَتِهِ، ثمَّ يبْعَثُهُمْ إلى جَنَّتِهِ، وَذَلِكَ بأنَّ اللهَ تعَالى توَلَّى أَهْلَ مَعْرفتِهِ، وَلمْ يجْعَلْهُمْ فِي الدَّاريْنِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ، الذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ، وَلمْ ينَالُوا مِنْ وَلايَتِهِ، اللهُمَّ يا وَليَّ الإسْلام وَأْهْلِهِ، ثبِّتْنا عَلى الإسْلامِ حَتى نَلْقَاكَ بِهِِ.
1232 -
مُرْتَكِبُ الكَبَائِرِ المُوَحِّدُ
…
لوْ لمْ يَتُبْ في النَّارِ لا يُخَلَّدُ
1233 -
بَلْ إنَّهُ مَا دَامَ مَاتَ مُؤْمِنَا
…
فَأَمْرُهُ لِرَبِّهِ فِيمَا جَنى
1234 -
يَكُونُ تحْتَ الحُكْمِ والمَشِيئَةِ
…
بِالخُلْفِ للمَذَاهِبِ الرَّدِيئَةِ
1235 -
فَإِنْ يَشَأْ يَغْفِرْ لَهُ بِفَضْلِهِ
…
وَإِنْ يَشَأْ عَذَّبَهُ بعَدْلِهِ
1236 -
لَكِنْ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ يُؤَاخِذُهْ
…
وَبَعْدَهَا رَبِّي تعَالى يُنقِذُهْ
1237 -
برَحْمَةٍ للهِ أوْ شَفَاعَةْ
…
مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ لأهْلِ الطَّاعَةْ
1238 -
فيَخْرُجُ العَاصِي بها مِنْ نَارِ
…
وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ لا تمَارِي
1239 -
ذَلِكَ أنَّ اللهَ قَدْ تَوَلَّى
…
مَنْ كَانَ بالإِيمَانِ قَدْ تحَلَّى
1240 -
وَلمْ يُسَوِّ صَاحِبَ الإِقْرَارِ
…
وَإِنْ عَصَى بِصَاحِبِ الإِنْكَارِ
1241 -
أَهُمْ كمَنْ ضَلَّ عَنِ الهِدَايَةِ
…
وَلمْ يَنَلْ شَيْئًا مِنَ الوَّلايَةِ؟
1242 -
أَيَجْعَلُ اللهُ الذِينَ أسْلَمُوا
…
لَهُ تَعَالى كالذِينَ أجْرَمُوا؟
1243 -
لا يَسْتَوُونَ رَغْمَ أَنَّ عَبْدَهُ
…
لَيْسَ لَهُ حَقٌّ وُجُوبًا عِنْدَهُ
1244 -
مَا لِلْعِبَادِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
…
وَلا يَضِيعُ سَعْيُهُمْ لَدَيْهِ
1245 -
إِذْ أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ الأَجْرَا
…
لِلْمُؤْمِنِينَ العَامِلِينَ الخَيرَا
1246 -
أَجْرَ امْتِنَانٍ مِنْهُ لا مُعَاوَضَةْ
…
وَأْجْرَ فَضْلٍ عَمَّ لا مُقَايَضَةْ
1247 -
وَمَنْ رَأَى فِي الأَجْرِ حَقًّا صَدَقَا
…
لَكِنْ بمَا قَيَّدْتُهُ لا مُطْلَقَا
1248 -
فَالحَقُّ رَبُّنا عَلَيْهِ أَوْجَبَهْ
…
لا غَيرُهُ وَالأَجْرُ فَضْلا وَهَبَهْ
1249 -
وَرَبُّنا حَاشَاهُ أنْ يُعَذِّبا
…
مِنَ الوَرَى مَنْ لا يَكُونُ مُذْنِبا
1250 -
لأنَّ رَبِّي في الجَزَاءِ حَرَّمَا
…
عَلَيْهِ أنْ نهْضَمَ أوْ أنْ نُظْلَمَا
1251 -
يَتْرُكُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ قَادِرُ
…
فالحَمْدُ وَالشُّكْرُ لرَبِّي وَافِرُ
1252 -
يَا رَبِّ ثبِّتْنَا عَلى الإِسْلامِ
…
مِنَ البِدَايَةِ إلى الخِتَامِ
1253 -
فأَنْتَ يا رَبَّ الوَرَى مَوْلانَا
…
أنْتَ وَليُّنَا وَمَنْ وَالانَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنرَى الصَّلاة خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ مِنْ أهْلِ القِبْلَةِ، وَنُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ مِنهُمْ.
1254 -
وَنَشْهَدُ الصَّلاةَ خَلْفَ كُلِّ
…
بَرٍّ وفَاجِرٍ إِذَا يُصَلِّى
1255 -
وَالأَفْضَلُ الصَّلاةُ خَلْفَ البَرَرَةْ
…
فَإِنْ عَدِمْتَهُمْ فَخَلْفَ الفَجَرَةْ
1256 -
وَلا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِطْلاقا
…
تَقُولُ قَدْ رَأَيْتُهُمْ فُسَّاقَا
1257 -
إذْ فِعْلُهَا جمَاعَةً لا يُنْدَبُ
…
في الخَمْسَةِ الفُرُوضِ لَكِنْ يَجِبُ
1258 -
إِذْ صَحَّ في الحَدِيثِ أَنَّ المُصْطَفَى
…
هَمَّ بحَرْقِ بَيْتِ مَنْ تخَلَّفَا
1259 -
وَلمْ يُرَخِّصْ لابْنِ أُمٍّ أَنْ يَذَرْ
…
حُضُورَهَا لمَّا أَتَاهُ وَاعْتَذَرْ
1260 -
قَالَ: أَنا أعَمَى وإَنَّ دَارِي
…
بَعِيدَةٌ يا سَيَّدَ الأبْرَارِ
1261 -
وَفي الطَّرِيقِ النَّخْلُ وَالأَشْجَارُ
…
وَقَدْ تُصِيبُني بها الأَضْرَارُ
1262 -
وَتَكْثُرُ الهَوَامُ فِيها فإِذَا
…
أَتَيْتُها فَقَدْ أُصَابُ بالأذَى
1263 -
وَلمْ أَجِدْ صَدِيقًا اوْ رَفِيقَا
…
أَرَى بِهِ وَأُبْصِرُ الطَّرِيقَا
1264 -
فَهَلْ تَرَى لي رُخْصَةً أوْ عُذْرَا
…
في تَرْكِهَا أمْ أسْتَحِقُّ الوِزْرَا؟
1265 -
قَالَ لَهُ: أَتَسْمَعُ المُنَادِي
…
يَدْعُو إلى الفَلاحِ وَالرَّشَادِ؟
1266 -
قَالَ: نَعَمْ قالَ: أَجِبْ فالسَّامِعْ
…
تَلْزَمُهُ صَلاتهَا في الجَامِعْ
1267 -
فَاحْرِصْ عَلَى الصَّلاةِ في جمَاعَةْ
…
سَمْعًا لأمْرِ المُصْطَفَى وَطَاعَةْ
1268 -
وَمَنْ يَكُنْ لِدِينِنَا مُتَّبِعَا
…
إِنْ مَاتَ كَبَّرْنَا عَلَيْهِ أرْبَعَا
1269 -
إِلا مُنَافِقًا نِفَاقًا أَكْبَرَا
…
فمَا لنَا عَلَيْهِ أَنْ نُكَبِّرَا
1270 -
ثمَّ إِمَامُ النَّاسِ لا يُصَلِّي
…
عَلَى الذِي يَغُلُّ بلْ يُوَلِّي
1271 -
وَمِثْلُهُ المَرْءُ الذِي قَدِ انْتَحَرْ
…
وَكُلُّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ اسْتَقَرْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُنَزِّلُ أَحَدًا مِنْهُم جَنَّة وَلا نَارًا، وَلا نشْهَدُ عَليْهمْ بكُفْرٍ وَلا بِشِرْكٍ ولا بِنِفَاقٍ، مَا لمْ يظْهَرْ مِنهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُمْ إلى اللهِ تعَالى.
1272 -
وَلمْ نُنَزِّلْ أَحَدًا في الجَنَّةْ
…
إِلا بِنَصٍّ ثَابِتٍ فِي السُّنَّةْ
1273 -
كلا وَلَمْ نَشْهَدْ لُهُ بالنَّارِ
…
إِلا بمَا صَحَّ مِنَ الأَخْبَارِ
1274 -
إِذْ مِثْلُ هَذَا لمْ يَجُزْ في الدِّينِ
…
عَلَى سَبيلِ القَطْعِ وَالتَّعْيِينِ
1275 -
كلا وَلَمْ نَشْهَدْ بلا بُرْهَانِ
…
بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالكُفْرَانِ
1276 -
وَنأْخُذُ النَّاسَ بحُكْمِ الظَّاهِرْ
…
مِنْهُمْ لَنَا وَنَتْرُكُ السَّرَائِرْ
1277 -
فَلا يُكَفِّرْ مُسْلِمٌ أَخَاهُ
…
إِنْ قَالَ لا إِلهَ إِلا اللهُ
1278 -
مَا لَمْ يَجِدْ لِكُفْرِهِ دَلِيلا
…
وَلا إِلى تَأْوِيلِهِ سَبِيلا
1279 -
وَليْسَ فِعْلُ الكُفْرِ بالمُسْتَوْجِبِ
…
تَكْفِيرَ فَاعِلٍ لَهُ مُرْتَكِبِ
1280 -
وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالَةْ
…
بمُقْتَضٍ تَكْفِيرَ مَنْ قَدْ قَالَهْ
1281 -
فرُبَّمَا لَمْ يَكُ بالمُخَالَفَةْ
…
مِمَّا اقْتَضَى تكْفِيرَهُ ذَا مَعْرِفَةْ
1282 -
وَرُبَّمَا مَوَانِعُ التَّكْفِيرِ
…
لَدَيْهِ كالإِغْلاقِ في التَّفْكِيرِ
1283 -
وَمِثْلُ هَذَا أنْ يَكُونَ مُكْرَهَا
…
عَلَيْهِ وَالأمْرُ عَلَيْهِ اشْتبَهَا
1284 -
أوْ أَنْ يكُونَ المَرْءُ مِمَّنْ أَوَّلا
…
فَلا يُكَفَّرْ وَلْيُحَجَّ أَوَّلا
1285 -
إِذَنْ فللتَّكْفِيرِ للإِنْسَانِ
…
عِنْدِي ثَلاثَةٌ مِنَ الأرْكَانِ
1286 -
وَهَذِهِ هِىَ الدَّلِيلُ القَاطِعْ
…
عَلَيْهِ وَالْعِلْمُ وَنفْيُ المَانِعْ
1287 -
فَلا تُكَفِّرْ مَنْ بِهِ تخَلَّفَا
…
مِنْ هَذِهِ الأرْكَانِ رُكْنٌ وَانْتَفَى
1288 -
فَمَنْ يُكَفِّرْ دُونَ بُرْهَانٍ ظَهَرْ
…
أَخَاهُ كَانَ عِنْدَنا مِمَّنْ كَفَرْ
1289 -
وَمَنْ يَقُلْ لمُسْلِمٍ يا كَافِرُ
…
فَالكُفْرُ إِنْ يَكْذِبْ عَلَيْهِ حَائِرُ
1290 -
وَاعْلَمْ بأنَّ الكُفْرَ نَوْعٌ أَصْغَرُ
…
لا يَنْقُضُ الدِّينَ وَنَوْعٌ أَكْبرُ
1291 -
لا تجْعَلِ الأوَّلَ مِثْلَ الثَّانِي
…
فمَا هُمَا سِيَّانِ في المِيزَانِ
1292 -
لا تُعْطِ مَنْ أتى بِكُفْرٍ أَصْغَرَا
…
حُكْمَ الذِي أتَى بِكُفْرٍ أَكْبَرَا
1293 -
وَمَعْ جَوَازِ الحُكْمِ بالتَّكْفِيرِ
…
عَلى مُعَيَّنٍ بلا تَنْكِيرِ
1294 -
لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قَدْ وَفَتْ
…
فِيهِ الشُّرُوطُ وَالمَوَانِعُ انْتَفَتْ
1295 -
لاسِيَّمَا عِنْدَ الأمُورِ الظَّاهِرَةْ
…
كَمُنْكِرٍ للْبَعْثِ أَوْ للآخِرَةْ
1296 -
فلا أَرَى أَوْلى بِنَا وأَخْلَقَا
…
في الحُكْمِ إِلا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَا
1297 -
اُحْكُمْ بِكُفْرِ مَنْ أَتَى مُكَفِّرَا
…
مُعَمِّمًا فِيما تَقُولُ أَوْ تَرَى
1298 -
تقُولُ في تَرْكِ الصَّلاةِ كُفْرُ
…
وَهَكَذا التَّنْجِيمُ ثمَّ السِّحْرُ
1299 -
وَلا يُقَالُ إنَّ زَيْدًا كَافِرُ
…
لأنَّهُ مُنَجِّمٌ أوْ سَاحِرُ
1300 -
فَقَدْ يَكُونُ جَاهِلَ الأحْكَامِ
…
لِقُرْبِ عَهْدٍ مِنْهُ بالإِسْلامِ
1301 -
وَقَدْ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَيْهِ
…
وَقَدْ تكُونُ شُبْهَةٌ لَدَيْهِ
1302 -
وَهَكَذَا أَفَضِّلُ الإِطْلاقَا
…
فِي الحُكْمْ خَوْفًا مِنْهُ أوْ إِشْفَاقَا
1303 -
مَعَ اعْتِبَارِ القَطِعِ وَالتَّعْيِينِ
…
مِنِ اخْتِصَاصِ عُلَمَاءِ الدِّينِ
1304 -
إيَّاكَ أَنْ تكُونَ مِمَّنْ اسْتَمَعْ
…
لِكُلِّ مَنْ يُكَفِّرُونَ المُجْتَمَعْ
1305 -
فإِنهُمْ قَدْ خَالَفُوا الطَّرِيقَا
…
وَاتخَذُوا مِنَ الهَوَى رَفِيقَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نرَى السَّيْفَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّد ٍـ صلى الله عليه وسلم إلا مَنْ وَجَبَ عَلَيهِ السَّيْفُ.
1306 -
لا نَرْفَعُ السَّيْفَ عَلى مَنْ أَسْلَمَا
…
إِلا بحَقِّهِ كَسَفْكِهِ دَمَا
1307 -
أوْ كَانَ مِنْ دِينِ النَّبيِّ مَارِقَا
…
وَللْجَمَاعَةِ غَدَا مُفَارِقَا
1308 -
بأَنْ نَرَى كُفْرًا بَوَاحًا دَلَّا
…
عَلَيْهِ بُرْهَانٌ فَقَتْلٌ حَلَّا
1309 -
أوْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ سَعَى فَسَادَا
…
وَحَارَبَ الإِسْلامَ وَالعِبَادَا
1310 -
وَحَلَّ بالرَّجْمِ دَمٌ للزَّاني
…
إِنْ ثَيِّبًا أَيْ كَانَ ذَا إِحْصَانِ
1311 -
وَمَنْ زَنى وَلمْ يَكُنْ قدْ أَحْصَنا
…
فَجَلْدُهُ لا قَتْلُهُ تَعَيَّنَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نَرَى الخُرُوجَ عَلى أَئِمَّتِنا وَوُلاةِ أمُورِنا، وَإنْ جَارُوا، وَلا نَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَلا نَنْزِع يَدًا مِنْ طاعَتِهِمْ، وَنَرَى طاعَتَهُمْ مِنْ طاعَةِ اللهِ عز وجل فرِيضَة، مَا لمْ يأمُرُوا بمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لهُمْ بالصَّلاحِ وَالمُعَافَاةِ.
1312 -
لَسْنَا عَلى الإِمَامِ وَالوُلاةِ
…
نخْرُجُ مَا دَامُوا أُولِي صَلاةِ
1313 -
حَتى وَإِنْ جَارُوا عَلى العِبَادِ
…
وَأَوْغَلُوا في البَغْيِ وَالفَسَادِ
1314 -
مِنْ طَاعَةِ الوُلاةِ لَسْنَا نَنْزِعُ
…
يَدًا وَلا مِنْ بَيْعَةٍ نَنْخَلِعُ
1315 -
طَاعَتُهُمْ سِيمَا أُولِي الإِيمَانِ
…
لأَنها مِنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ
1316 -
وَاقْرَأْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولا
…
ثمَّ أُولي الأَمْرِ لهَا دَلِيلا
1317 -
ثمَّ ألَيْسَ الُمصْطَفَى قَدْ قَالا
…
أَطِعْ لهُمْ وَلْوْ سُلبْتَ المَالا؟
1318 -
أَمَا أَتَاكَ أَمْرُهُ أَنْ تَسْمَعَا
…
لهُمْ وَلَوْ ضُرِبْتَ ضَرْبًا مُوجِعَا؟
1319 -
ألَيْسَ بالسَّمْعِ لهُمْ قَدْ أَمَرَهْ
…
في مَنْشَطٍ وَمَكْرَهٍ وَأَثَرَةْ؟
1320 -
أَلَيْسَ مَنْ يُطِعْ أَمِيرَهُ فَقَدْ
…
أَطَاعَني عَنِ النَّبيِّ قَدْ وَرَدْ؟
1321 -
وَمَنْ عَصَى أَمَيرَهُ عَصَانِي
…
كمَا أتَى فِيمَا رَوَى الشَّيْخَانِ
1322 -
وَهَكَذا في اليُسْرِ أوْ في العُسْرِ
…
نُطِيعُ لابُدَّ وُلاةَ الأَمْرِ
1323 -
لَكِنَّهُمْ إِنْ أَمَرُوا بمَعْصِيَةْ
…
فلا يُطَاعُونَ بِتِلْكَ المَعْصِيَةْ
1324 -
فإِنَّهُ لا سَمْعَ للسُّلْطَانِ
…
إِذَا دَعَا إِلى رِضَا الشَّيْطَانِ
1325 -
بَلْ لَيْسَ في مَعْصِيَةٍ للْخَالِقِ
…
يُطَاعُ مَخْلُوقٌ مِنَ الخَلائِقِ
1326 -
وَفي عَدَا هَذا فلا نِزَاعَا
…
في أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُطَاعَا
1327 -
لا نَرْفَعُ الأَيْدِيَ بالدُّعَاءِ
…
عَلَيْهِمُ بالشَّرِّ وَالبَلاءِ
1328 -
وَإِنمَا نَدْعُو لهُمْ بالعَافِيَةْ
…
وَبِالصَّلاحِ وَصَلاحِ الحَاشِيَةْ
1329 -
نَدْعُو لهُمْ بالرُّشْدِ وَالسَّدَادِ
…
وَالسَّعْيِ في مَصَالِحِ العِبَادِ
1330 -
نَدْعُو لهُمْ في الحُكْمِ بالتَّوْفِيقِ
…
وَبِالهُدَى لأَقْوَمِ الطَّرِيقِ
فصْلٌ:
فِي نظْمِ قَوْلِهِ: وَنتبَعُ السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ، وَنجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلافَ وَالفُرْقَةَ.
1331 -
وَنتْبَعُ السُّنَّةَ والجَمَاعَةْ
…
في دِينِنَا مُلْتَزِمِينَ الطَّاعَةْ
1332 -
نجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلافَا
…
مُتَّبِعِينَ الصَّحْبَ وَالأسْلافَا
1333 -
فإِنَّ مَنْ شَذَّ عَنِ الرَّكْبِ انْقَطَعْ
…
وَصَارَ مِنْ أهْلِ الضَّلالِ وَالبِدَعْ
1334 -
ومَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ بَعْدَمَا
…
بَانَ الهُدَى عَضَّ يَدَيْهِ نَدَمَا
1335 -
ثمَّ لأنَّا نُؤْثِرُ الوِفَاقَا
…
فَلا نَرَى في الدِّينِ الافْتِرَاقَا
1336 -
حَيْثُ يَشُقُّ الافْتِرَاقُ الصَّفَّا
…
وَيقْلِبُ القُوَّةَ فِينا ضَعْفَا
1337 -
وَلا نَرَى جَوازَ الاعْتِزَالِ
…
عَنِ العِبَادِ في ذُرَا الجِبَالِ
1338 -
مَا دَامَتِ السُّنَّةُ فِيهِمْ ظَاهِرَةْ
…
وَكَانَتِ البِدْعَةُ غَيْرَ سَافِرَةْ
1339 -
لَكِنَّهُ إِنْ حُرِّمَ الحَلالُ
…
وَعَكْسُهُ أُبِيحَ الاعْتِزَالُ
1340 -
وَهَكَذا يَجُوزُ الانْفِرَادُ
…
إِذَا فَشَا وَانْتَشَرَ الفَسَادُ
1341 -
كَأَنْ نَرَى النَّاسَ أطَاعُوا الشُّحَّا
…
وَاتَّبَعُوا الهَوَى كَمَا قَدْ صَحَّا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ والأمَانَةِ ونبْغَضُ أَهْلَ الجَوْرِ وَالخِيَانَةِ.
1342 -
نحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ وَالأمَانَةْ
…
مَعْ بُغْضِ أَهْلِ الجَوْرِ وَالخِيَانَةْ
1343 -
نحِبُّ ذَا الطَّاعَةِ وَالإِخْلاصِ
…
دُونَ أُولِي النِّفَاقِ وَالمَعَاصِي
1344 -
نحِبُّ كُلَّ صَادِقٍ بِوَعْدِهِ
…
وَلا نحِبُّ غَادِرًا بعَهْدِهِ
1345 -
نأَمُرُ بالمَعْرُوفِ وَالفَضِيلَةْ
…
نَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَالرَّذِيلَةْ
1346 -
نَدْعُو إلى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ
…
كَالصِّدْقِ وَالوَفَاءِ بالمِيثَاقِ
1347 -
نأمُرُ بالصَّبْرِ عَلى البَلاءِ
…
ثمَّ بِشُكْرِ اللهِ في الرَّخَاءِ
1348 -
ثمَّ بمُرِّ مَا إِلهُنَا قَضَى
…
نَنْدُبُ كُلَّ مُبْتلىً إلى الرِّضَا
1349 -
نَدْعُو إِلى البرِِّ بأُمٍّ وَأَبِ
…
وَصِلَةِ الأَرْحَامِ وَالأقَارِبِ
1350 -
ثمَّ إلى الإِحْسَانِ باليَتِيمِ
…
وَالرِّفْقِ بالمَمْلُوكِ وَالبَهِيمِ
1351 -
ثمَّ إِلى حُسْنِ الجِوَارِ مُطْلَقَا
…
نَدْعُو لِكَيْ يَكُونَ فِينا خُلُقَا
1352 -
نَنْهَى عَنِ الفَخْرِ وَالاسْتِطَالَةْ
…
عَلى الوَرَى وَالبَغْيِ وَالجَهَالَةْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: ونقُولُ: اللهُ أعْلَمُ فيمَا اشْتبَهَ عَلَيْنا عِلْمُهُ.
1353 -
وَمَا عَلَيْنا عِلْمُهُ قَدْ يَشْتَبِهْ
…
نَقُولُ فِيهِ رَبُّنا أَعْلَمُ بِهْ
1354 -
وَلَفْظُ: لا نعْلَمُ فِيما نجْهَلُ
…
لا نَسْتَحِي مِنْ قَوْلِهِ أوْ نخْجَلُ
1355 -
فالعِلْمُ نَصٌّ في الكِتَابِ مُحْكَمُ
…
أَوْ أثرٌ قَدْ صَحَّ أوْ لا نَعْلَمُ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنرَى المَسْحَ على الخُفيْنِ فِي السَّفَرِ والحَضَرِ، كمَا جَاءَ في الأَثَرِ.
1356 -
وَعِنْدَنا لاتمْسَحُ الرِّجْلانِ
…
لَدَى الوُضُوءِ بلْ تُغَسَّلانِ
1357 -
لَكِنْ بمَسْحِ الخُفِّ قَدْ صَحَّ الخَبرْ
…
تَرَخُّصًا في حَضَرٍ وَفِي سَفَرْ
1358 -
مَعَ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ وَالنَّواقِضِ
…
مُخَالِفِينَ مَنْهَجَ الرَّوَافِضِ
1359 -
فَشَرْطُهُ أَلا يَكُونَ نجِسَا
…
ثمَّ عَلَى طَهَارةٍ قَدْ لُبِسَا
1360 -
وَأَنْ يَكُونَ الخُفُّ أَيْضًا سَاتِرَا
…
مَحَلَّ فَرْضٍ باطِنًا وَظَاهِرَا
1361 -
وَزَادَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ صَالِحَا
…
للمَشْيِ فِيهِ كيْ تكُونَ مَاسِحَا
1362 -
وَلْيَمْسَحِ المقِيمُ يَوْمًا كَامِلا
…
مَعْ كَوْنِهِ للَّيْلِ أَيْضًا شَامِلا
1363 -
وَمُدَّةُ المُسَافِرِ المُوالي
…
ثَلاثَةُ الأيَّامِ وَالليَالي
1364 -
وَمَنْ رَأَى أَنَّ ابْتِدَاءَ المُدَّةْ
…
بِلُبْسِهِ فَرَأْيُ هَذَا رُدَّهْ
1365 -
فَمُدَّةُ المَسْحِ بمَسْحٍ تُبْتَدَا
…
وَلَيْسَ بالحَدَثِ أَوْ بالارْتِدَا
1366 -
هَذِي شرُوطُ المَسْحِ إِنْ توَافَرَتْ
…
فافْعَلْهُ فالأخْبَارُ قَدْ تَوَاتَرَتْ
1367 -
وَمُبْطِلاتُ المَسْحِ خَلْعُ خُفِّهِ
…
ذَا عَنْ مَحَلِّ الفَرْضِ أَوْ بِكَشْفِهِ
1368 -
ثمَّ انْقِضَاءُ مُدَّةِ المَسْحِ لَهُ
…
وَكُلُّ مَا أوَجَبَ حَتْمًا غُسْلَهُ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالحَجُّ وَالجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولي الأمْرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، بَرِّهمْ وَفاجِرِهِمْ، إلى قيَامِ السَّاعَةِ، لا يُبْطِلُهُمَا شَيْءٌ وَلا يَنْقُضُهُمَا.
1369 -
وَالحَجُّ والجِهَادُ مَاضِيَانِ
…
لآخِر الزَّمَانِ باقِيَانِ
1370 -
لمْ نمْتَنِعُ عَنْهُ لجَوْرِ جَائِرِ
…
مِنَ الوُلاةِ أوْ فُجُورِ فَاجِرِ
1371 -
جِهَادُ أَهْلِ الكُفْرِ لا يُقوِّضُهْ
…
شَيْءٌ وحَجُّ البَيْتِ مَاذا ينقضُهْ؟
1372 -
وَرُبَّمَا يُقَالُ تِلْكَ المَسْأَلَةْ
…
ليْسَ لهَا بالاعْتِقَادِ مِنْ صِلَةْ
1373 -
قُلْتُ نَعَمْ مَسَائِلُ الجِهَادِ
…
في الفِقْهِ تُلْفَى لا فِي الاعْتِقَادِ
1374 -
لَكِنَّ شَيْخِي سَاقَهَا مُنَاقَضَةْ
…
مِنْهُ لأَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الرَّافِضَةْ
1375 -
إِذْ أَبْطَلُوا الجِهَادَ حتى يَخْرُجَا
…
إِمَامُهُمْ مُسْتَعْجِلِينَ الفَرَجَا
1376 -
إِذْ لا جِهَادَ مَعْ إِمَامٍ فَاجِرِ
…
عِنْدَهُمُ أوْ فَاسِقٍ أوْ جَائِرِ
1377 -
بَلْ رَايَةُ الجِهَادِ لَنْ تقُومَا
…
إِذَا الإمَامُ لمْ يَكُنْ مَعْصُومَا
1378 -
وَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَزْعُومُ
…
كمَا الإِمَامُ عِنْدَهُمْ مَعْصُومُ
1379 -
فلَيْسَ لاشْتِرَاطِهَا دَلِيلُ
…
وَعِصْمَةُ الإِمَام تسْتَحِيلُ
1380 -
فالمُصْطَفَى دُونَ جَمِيعِ الأُمَّةِ
…
قَدْ خُصَّ وَحْدَهُ بتِلْكَ العِصْمَةِ
1381 -
وَهَكَذَا فالشَّيْخُ سَاقَ المَسْأَلَةْ
…
حتَّى يَرُدَّ أَصْلَهُمْ أوْ يُبْطِلَهْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بالكِرَامِ الكَاتِبِينَ؛ فإنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنا حَافِظِينَ.
1382 -
نُؤْمِنُ بالمَلائِكِ الكِرَامِ
…
الكَاتِبِينَ عَمَلَ الأَنَامِ
1383 -
إذْ يعْلَمُونَ كُلَّ ما نَفْعَلُهُ
…
وَيَكْتُبُونَهُ كمَا نعْمَلُهُ
1384 -
يُحْصُونَ حَتى ما الفَتى قَدْ لَفَظَهْ
…
لِذَاكَ سمَّاهُمْ إِلهِي حَفَظَةْ
1385 -
لَكِنَّهُمْ بمَا لَدَى الضَمَائِرِ
…
لا يَعْلَمُونَ بخِلافِ الظَّاهِرِ
1386 -
وَاللهُ وَحْدَهُ الذِي لا يَخْفَى
…
عَلَيْهِ مِنْ سِرٍّ لنَا وَالأخْفَى
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: ونُؤْمِنُ بمَلَكِ المَوْتِ المُوَكَّلِ بقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالمِينَ.
1387 -
آِمنْ بهَذَا المَلَكِ المُوَكَّلِ
…
بِقَبْضِ رُوحِ العَبْدِ عِنْدَ الأجَلِ
1388 -
وَلمْ يَرِدْ في الذِّكْرِ والتَّنْزِيلِ
…
بأنَّهُ يُدَعَى بِعِزْرَائِيلِ
1389 -
وَمَا أَتَانا أثرٌ صَحِيحُ
…
فيهِ اسْمُ هَذَا المَلَكِ الصَّرِيحُ
1390 -
وَكُلُّ مَا جَاءَ بهَذا البَابِ
…
فَقَدْ أَتَانَا عَنْ أُولي الكِتَابِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَبعَذابِ القبْرِ لمَنْ كَانَ لَهُ أهْلا، وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنكِيرٍ في قَبْرهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنبيِّهِ، عَلَى مَا جَاءَتْ بهِ الأخبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنِ الصَّحَابَةِ ـ رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ـ، وَالقَبرُ إمَّا رَوْضَةٌ مِنْ ريَاضِ الجَنَّةِ، أَوْ حُفرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِيرَانِ.
1391 -
وَبِعَذَابِ القَبْرِ قَدْ آمَنَّا
…
لمَنْ لَهُ يَكُونُ أَهْلا مِنَّا
1392 -
نَصَّ عَلَيْهِ رَبُّنَا المُهَيْمِنُ
…
فكَيْفَ لا نَكُونُ مِمَّنْ يُؤمِنُ
1393 -
فَاقْرَأْ عَلَى مَنْ كَانَ ذَا تَكْذِيبِ
…
بمَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ
1394 -
فِرْعَوْنُ ثمَّ آلُهُ الأشْرَارُ
…
حَاقَ بهِمْ سُوءُ العَذَابِ النَّارُ
1395 -
لهُمْ عَلَيْها عَقِبَ المَمَاتِ
…
عَرْضٌ لَدَى العَشِيِّ والغَدَاةِ
1396 -
ثمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابِ
…
أَشَدَّ يَوْمَ العَرْضِ والحِسَابِ
1397 -
فَذِكْرُهُ العَذَابَ فِي الدَّارَيْنِ
…
يُزِيلُ كُلَّ شُبْهَةٍ أوْ رَيْنِ
1398 -
وَالْيَوْمَ تجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ
…
عِنْدَ توَفِّي الظَّالِمِ المَفْتُونِ
1399 -
اِدْرَأْ بها مِنْ حُجَّةٍ في نحْرِ
…
مَنْ كَانَ مُنْكِرًا عَذَابَ القَبْرِ
1400 -
ثمَّ أَمَا في السُّنَّةِ المُطَهَّرَةْ
…
تَوَاتَرَتْ أَخْبَارُهُ مُفَسَّرَةْ
1401 -
فقَالَ فِي القُبُورِ هَذِي الأُمَّةْ
…
سَتُبْتَلَى فيَا لهَا مِنْ غُمَّةْ
1402 -
وَجَاءَ في الحَدِيثِ أَني أَسْمَعُ
…
مِنْ ذَلِكَ العَذَابِ مَا لمْ تسْمَعُوا
1403 -
وَالدَّفْنُ لوْلا خَوْفُهُ أَنْ نمْنَعَهْ
…
لَكَانَ يَدْعُو رَبَّهُ لِنَسْمَعَهْ
1404 -
ثمَّ أمَا مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ
…
يُعَذَّبَانِ ثَمَّ فِي أَمْرَينِ
1405 -
وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرِ
…
بَلْ إِنَّهُ في الهيِّنِ اليَسِيرِ
1406 -
وَأَمْرُهُ أنْ نَسْتَعِيذَ عَقِبَا
…
تَشَهُّدِ الصَّلاةِ مِنْهُ وَجَبَا
1407 -
وَمَا رَأْتْهُ أمُّنا يُصَلِّي
…
إِلا اسْتَعَاذَ مِنْهُ بالأَجَلِّ
1408 -
وَكُلُّ هَذَا فِي الصَّحِيحِ قَدْ وَفى
…
مُتَّصِلا عَنِ النبيِّ المُصْطَفَى
1409 -
وَهُوَ نَصٌّ فِيهِ أيْ صَرِيحُ
…
لَيْسَ بِهِ تَعْرِيضٌ اوْ تَلْمِيحُ
1410 -
فلا تَكُنْ بِذَلِكَ العَذَابِ
…
لأَهْلِهِ في القَبْرِ ذا ارْتِيَابِ
1411 -
ثمَّ سُؤَالُ المَلَكَينِ مُنْكَرِ
…
مَعَ نكِيرٍ فيهِ لَسْنَا نمْتَرِي
1412 -
إِذْ يُقْعِدَانِ الميْتَ يَسْأَلانِهِ
…
عَنْ رَبِّهِ نَبِيِّهِ إِيمَانِهِ
1413 -
نُثْبِتُ كُلَّ ذَاكَ للأدِلَّةِ
…
عَنِ النَّبيِّ وَشُيُوخِ المِلَّةِ
1414 -
وَاللهَ نَسْأَلُ الثَّبَاتَ وَالهَدَى
…
وَأَنْ نكُونَ فِيهِ مِمَّنِ اهْتَدَى
1415 -
وَالقَبرُ إمَّا رَوْضَةُ الجِنَانِ
…
أوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ
1416 -
أَيْ قَدْ نَكُونُ فِيهِ في نَعِيمِ
…
وَقَدْ نَكُونُ فِيهِ في جَحِيمِ
1417 -
فمَنْ يَكُنْ لِرَبِّهِ قَدْ أَسْلَمَا
…
وَمَاتَ تَائِبًا يَكُنْ مُنعَّمَا
1418 -
وَمَنْ عَصَى وَلمْ يَكُنْ قَدْ تَابَا
…
يَكُنْ عَلَيْهِ قَبرُهُ عَذَابَا
فصْلٌ:
فِي نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بالبَعْثِ وَجَزَاءِ الأعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالعَرْضِ وَالحِسَابِ، وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَالصِّرَاطِ وَالمِيزَانِ.
1419 -
نُؤْمِنُ بالبَعْثِ وَبِالنُّشُورِ
…
بِنَفْخِ إِسْرَافِيلَ فِي النَّاقُورِ
1420 -
وَقَبْلَهَا تَكُونُ نَفْخَتَانِ
…
كَمَا أتَى فِي مُحْكَمِ القُرْآنِ
1421 -
فالنَّفْخَةُ الأُولى تُثِيرُ الفَزَعَا
…
للْخَلْقِ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ مَعَا
1422 -
وَكَيْفَ لا وَحِينَذَاكَ الرَّاجِفَةْ
…
تَرْجُفُ فالقُلُوبُ مِنهَا وَاجِفَةْ
1423 -
وَالنَّفْخَةُ الأُخْرَى تكُونُ الصَّاعِقَةْ
…
إِلا لمَنْ شَاءَ كمَا في السَّابِقَةْ
1424 -
ثمَ يُمِيتُ اللهُ كُلَّ مَنْ بَقِي
…
مِمَّنْ قَدِ اسْتَثْنى فلمَّا يُصْعَقِ
1425 -
وَلا يَكُونُ اليَوْمَ إلا مَنْ مَلَكْ
…
وَكَيْفَ لا وَمَا سِوَاهُ قَدْ هَلَكْ؟
1426 -
ثمَّ إِذَا أَرَادَ إحْيَاءَ الوَرَى
…
يأْمُرُ رَبُّنَا السَّمَا أَنْ تمْطِرَا
1427 -
تَظَلُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُمْطِرَةْ
…
وَرَبُّنَا بِدُونِهِ ذُو مَقْدِرَةْ
1428 -
فَتَنْبُتُ الأجْسَادُ مِثْلَ البَقْلِ
…
بَأَمْرِ رَبِّنا كَمَا في النَّقْلِ
1429 -
ثمَّ يَرُدُّ اللهُ للأشْبَاحِ
…
مَا فَارَقَتْها قَبْلُ مِنْ أرْوَاحِ
1430 -
ثمَّ تَكُونُ نَفْخَةٌ في الصُّورِ
…
فَيَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ القُبُورِ
1431 -
كَأَنهُمْ في الانْتِشَارِ نحْلُ
…
وَهُمْ حُفَاةٌ وَعُرَاةٌ غُرْلُ
1432 -
يحْشُرُنا سُبْحَانَهُ للْعَرْضِ
…
يوْمَ تكُونُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ
1433 -
يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ بَنِيهِ
…
فَشَأنُهُ يَوْمَئِذٍ يُغْنِيهِ
1434 -
بَلْ تَذْهَلُ المرْضِعُ عمَّا أرْضَعَتْ
…
وَذَاتُ حَمْلٍ حَمْلَهَا قَدْ وَضَعَتْ
1435 -
وَالنَّاسُ مِمَّا شَاهَدُوا حَيَارَى
…
كَأنهُمْ مِنْ هَوْلِهِ سُكَارَى
1436 -
وَشَابَ رَأْسُ الطِّفْلِ وَالوَلِيدِ
…
لِشِدَّةِ العَذَابِ وَالوَعِيدِ
1437 -
وَيَشْفَعُ النَّبيُّ للْعِبَادِ فِي
…
فَصْلِ القَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ المَوْقِفِ
1438 -
وَيَتَلَقَّى اللهُ بالقَبُولِ
…
وَبِالرِّضَا شَفَاعَةَ الرَّسُولِ
1439 -
وَجَاءَ والمَلَكُ صَفَّا صَفَّا
…
للعَرْضِ مَا عَلَيْهِ شَيْءٌ يخْفَى
1440 -
وَهَكَذَا لابُدَّ أنْ نحَاسَبَا
…
حَتى يُثَابَ المَرْءُ أوْ يُعَاقَبَا
1441 -
فَهَذِهِ صَحَائِفُ الأعْمَالِ
…
تُؤْخَذُ باليَمِينِ وَالشِّمَالِ
1442 -
فيَا لَبُشْرَى المَرْءِ يَوْمَ الدِّينِ
…
إنْ أُوتِيَ الكِتَابَ باليَمِينِ
1443 -
وَإنْ تَلَقَّاهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ
…
بِيَدِهِ اليُسْرَى فيَا لخُسْرِهِ
1444 -
وَيَقْرَأُ الإنْسَانُ لا سِوَاهُ
…
كِتَابَهُ وَكُلَّ مَا حَوَاهُ
1445 -
وَهُوَ لا يُغَادِرُ الصَّغِيرَةْ
…
مِنْ سَعْيِهِ فكَيفَ بالْكَبِيرَةْ؟
1446 -
وَمَنْ تلا بِنَفْسِهِ مَا اقْتَرَفا
…
فَقَدْ كَفَى بِهِ حَسِيبًا وَكَفَى
1447 -
وَيُوضَعُ المِيزَانُ بالقِسْطِ فَلا
…
ظُلْمٌ وَلا يُضِيعُ رَبِّي عَمَلا
1448 -
فمَنْ يَكُنْ مِيزَانُهُ قَدْ رَجَحَا
…
فَذَلِكَ الذِي بحَقٍّ رَبحَا
1449 -
وَمَنْ يَكُنْ مِيزَانُهُ قَدْ خَفَّا
…
فَذَلِكَ الذِي يُسَامُ الخَسْفَا
1450 -
وَهَكَذَا بِسَعْيِنا سَنُجْزَى
…
فيُكْرَمُ البَعْضُ وَبَعْضٌ يُخْزَى
1451 -
وَيُنْصَبُ الصِّرَاطُ فَوْقَ النَّار
…
كَمَا أَتى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ
1452 -
وَيُدْفَعُ النَّاسُ إلى جَوَازِهِ
…
وَمَا لهُمْ بُدٌّ مِنِ اجْتِيَازِهِ
1453 -
أَحْوَالهُمْ عَلى الصِّرَاطِ اخْتَلَفَتْ
…
بِقَدْرِ أعْمَالٍ لهُمْ قَدْ سَلَفَتْ
1454 -
فَبيْنَ مُجْتَازٍ كَرِيحٍ مُرْسَلَةْ
…
وَبيْنَ مَنْ يَهْوِي بمَا قَدْ عَمِلَهْ
1455 -
وَقدْ يَكُونُ مَنْ يَجُوزُ أَسْرَعَا
…
مِنْ ذَلِكُمْ أوْ دُونَهُ بمَا سَعَى
1456 -
وَبَعْضُهُمْ يُخْدَشُ ثمَّ يَنْجُو
…
بفَضْلِهِ وَفَضْلَ رَبِّي نَرْجُو
1457 -
وَآخِرُ الأُلى نجَوْا إِنْسَانُ
…
قَدْ لوَّحَتْهُ النَّارُ وَالدُّخَانُ
1458 -
وَيُحْبَسُ النَّاجُونَ عِنْدَ قَنْطَرَةْ
…
تَكُونُ لِلصِّرَاطِ كالمُؤَخِّرَةْ
1459 -
وَقِيلَ بَلْ هِيَ صِرَاطٌ آخَرُ
…
وَأوَّلُ القَوْلَيْنِ عِنْدِي الظَّاهِرُ
1460 -
يَحْبِسُهُمْ رَبُّكَ كَيْ يَقْتَصُّوا
…
مِنْ بَعْضِهِمْ كمَا أَتَانَا النَّصُّ
1461 -
حتَّى إِذا نُقُّوا هُناكَ تُفْتَحُ
…
أبْوَابُ جَنَّاتٍ لهُمْ وَتفْسَحُ
1462 -
وَهَكَذَا نمُوتُ ثمَّ نُقْبَرُ
…
وَبَعْدَهُ نُبْعَثُ ثمَّ نحْشَرُ
1463 -
وَبعْدَ هَذَا العَرْضُ وَالحِسَابُ
…
وَذَلِكَ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أبَدًا، وَلا تَبِيدَانِ، وَإنَّ اللهَ تعَالى خَلَقَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ قبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لهُمَا أَهْلا، فمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلى الجَنَّةِ فَضْلا مِنْه ُ، وَمَنْ شَاءَ مِنهُمْ إلى النَّار عَدْلا مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لمَا قدْ فُرِغَ لَهُ، وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ.
1464 -
وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا قَدْ خَلَقَا
…
النَّارَ وَالجَنَّةَ فِيمَا سَبَقَا
1465 -
إِذْ كَانَ خَلْقُ كُلِّ دَارٍ سَابِقَا
…
لأَهْلِهَا الذِينَ جَاءُوا لاحِقَا
1466 -
بَناهُمَا دَارَيْنِ ثمَّ قَدْ بَرَى
…
لِكُلِّ دَارٍ أهْلَهَا وَقَدَّرَا
1467 -
مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لدُخُولِ جَنَّتِهْ
…
فَذَا بِفَضْلِّ رَبِّنا وَمِنَّتِهْ
1468 -
وَمَنْ يَشَأْ مِنْهُمْ لِسُكْنى النَّارِ
…
فَذَا بِعَدْلِ رَبِّنا الجَبَّارِ
1469 -
أُعِدَّتِ الجَنَّةُ للأبْرَارِ
…
وَالنَّارَ للعُصَاةِ وَالكُفَّارِ
1470 -
وَالْعَبْدُ عَامِلٌ لمَا قَدْ قَدَّرَهْ
…
رَبِّي لَهُ وَفِي الكَتَابِ سَطَّرَهْ
1471 -
وَهُوَ صَائِرٌ إلى مَا خُلِقَا
…
لَهُ مِنَ الدَّارَيْنِ فيمَا سَبَقَا
1472 -
وَإِنْ يَشَأْ هَدَاهُمُ جَمِيعَا
…
وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمُ مُطِيعَا
1473 -
لَكِنْ أرَادَ مُؤْمِنًا وَكَافِرَا
…
كَمَا أرَادَ صَالِحًا وَفَاجِرَا
1474 -
إرَادَةً كَوْنِيَّةً قُلنَاهَا
…
لأنهَا كَشَاءَ في مَعْنَاهَا
1475 -
وَرَبُّنا قَدْ كَتَبَ البَقاءَا
…
للنَّارِ وَالجَنَّةِ لا الفَنَاءَا
1476 -
فلا يَبِيدَانِ كَمَا قَدْ وَرَدَا
…
وَلا هُمَا بفانِيَيْنِ أبَدَا
1477 -
بَلْ يَبْقَيَانِ لا بِطَبْعٍ بهِمَا
…
لَكِنْ بإبْقَاءِ الإِلَهِ لهُمَا
1478 -
وَقِيلَ بَلْ نَارُ العُصَاةِ فانِيَةْ
…
وَنَارُ أَهْلِ الكُفْرِ حَقًّا بَاقِيَةْ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالخَيْرُ وَالشَّرُ مُقدَّرَانِ عَلى العِبَادِ.
1479 -
وَالخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقدَّرَانِ
…
عَلى عِبَادِ اللهِ مَكْتُوبَانِ
1480 -
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ قُلْ كُلُّ
…
مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ يُسْتَدَلُّ
1481 -
ألمْ يَقُلْ نبْلُوكُمُ بالشَّرِّ
…
وَالخَيْرِ فِتْنَةً كَمَا في الذِّكْرِ
1482 -
يَبْلُوهُمُ بالخَيْرِ حَتَّى يَشْكُرُوا
…
وَيَبْتَلِي بالشَّرِّ حَتى يَصْبرُوا
1483 -
فَمَنْ يَكُنْ وَفَّى بِهِ فَنِعْمَةْ
…
أَوْ كَانَتِ الأُخُرَى فَتِلَكَ نِقْمَةْ
1484 -
هُمَا إِذَنْ للْخَلْقِ فِتْنَتَانِ
…
فَنِعْمَتَانِ أَوْ فَنِقْمَتَانِ
1485 -
فَالخيْرُ وَالشَّرُّ إِذَنْ كمَا تَرَى
…
مِمَّا قَضَاهُ رَبُّنا وَقَدَّرَا
1486 -
كِلاهُمَا للهِ مَقْدُورَانِ
…
كِلاهُمَا للهِ مَخْلُوقَانِ
1487 -
فإِنْ تَقُلْ هَلْ لَكَ أنْ تُفَسِّرَا
…
وُقُوعَ هَذَا الشَّرِّ فِيمَا قَدَّرَا
1488 -
وَعَزْوُهُ الشَّرَّ إلى اللهِ انْتَفَى
…
كَمَا أَتَانَا في حَدِيثِ المُصْطَفَى
1489 -
قُلْتُ بمَعْنى كَوْنِهِ مَقْدُورَا
…
قَدْ وَقعَ الشَّرُّ بِهِ مَذْكُورَا
1490 -
وَالشَّرُّ خَيْرٌ فيهِ باعْتِبَار
…
تَقْدِيرِ رَبِّنا وَفِعْلِ البَارِي
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالاسْتِطَاعَةُ التي يَجِبُ بهَا الفِعْلُ مِنْ نحْوِ التَّوْفِيقِ الذِي لا يَجُوزُ أنْ يُوصَفَ المَخْلوقُ بِهِ فهِيَ مَعَ الفِعْلِ، وَأمَّا الاسْتِطاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصِّحَةِ وَالوُسْعِ وَالتَّمَكُنِ وَسَلامَةِ الآلاتِ فَهِيَ قَبْلَ الفِعْل، وَبهَا يَتعَلَّقُ الخِطَابُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ تعَالى:(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) .
1491 -
وَالاسْتِطَاعَةُ لهَا حَالانِ
…
كَمَا لهَا لَدَيَّ مَعْنَيَانِ
1492 -
فَهِيَ مِنْ حَيْثُ وُجُودِ الآلَةْ
…
تَكُونُ قَبْلَ الفِعْل لا مَحَالَةْ
1493 -
وَهَكَذا مِنْ جِهَةِ الإِمْكَانِ
…
وَالوُسْعِ وَالقُدْرَةِ للإنْسَانِ
1494 -
وَهَذِهِ تعَلَّقَ الخِطَابُ
…
بهَا كَمَا قَدْ صَرَّحَ الكِتَابُ
1495 -
فلَمْ يُكَلِّفْ غَيْرَ مُسْتَطِيعِ
…
حَتى يَكُونَ المَرْءُ بالمُطِيعِ
1496 -
أَمَّا التي تَكُونُ كالتَّوفِيق
…
وَعَدَمِ الخِذْلان وَالتَّعْوِيقِ
1497 -
فلَيْسَ عِنْدَ المَرْءِ مِنْ أسْبَابهَا
…
شَيْءٌ فلا يَكُونُ مُوْصُوفًا بها
1498 -
وَهَذِهِ خِلافَ أَهْلِ الاعْتِزَالِ
…
تَكُونُ عِنْدَنَا مَعَ الأفْعَالِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَأفعَالُ العِبَادِ خْلقُ اللهِ، وَكسْبٌ مِنَ العِبَادِ.
1499 -
أَفْعَالُنَا خَلَقْتَهَا يَا رَبُّ
…
لَكِنَّهَا مِنَ العِبَادِ كَسْبُ
1500 -
إِذْ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلهِي خَلَقَهْ
…
مُدَبِّرًا شُئُونَهُ وَرَزَقَهْ
1501 -
أَعْطَى لَهُ إِرَادَةً وَخِيَرَةْ
…
في الفِعْلِ وَاسْتَوْدَعَ فِيهِ المَقْدِرَةْ
1502 -
فهُوَ جَلَّ خَالِقٌ للسَّبَبِ
…
إِذَنْ يَكُونُ خَالِقَ المُسَبَّبِ
1503 -
ثمَّ ألَيْسَ الفِعْلُ وَصْفَ الفاعِلِ
…
ألَيْسَتِ الأعْمَالُ نَعْتَ العَامِلِ؟
1504 -
فَكَيْفَ لا نَقُولُ ذُو الجَلالِ
…
خَالِقُنَا وَخَالِقُ الأفْعَالِ
1505 -
مَا دَامَ أنَّهُ غَدَا مَعْرُوفَا
…
أَنَّ الصِّفَاتِ تَتْبَعُ المَوْصُوفَا
1506 -
ثمَّ أَليْسَ خَالِقَ الأشْيَاءِ
…
جَمِيعِهَا رَبِّي بلا اسْتِثْنَاءِ
1507 -
فَكَيْفَ لا نقْضِي بخَلْقِ العَمَلِ
…
وَهْوَ مِنَ الأشْيَاءِ يا مُعْتَزِلي
1508 -
إِذَنْ فرَبِّي خَالِقٌ مَا نَعْمَلُهْ
…
وَنحْنُ نخْتارُ فَقَطْ مَا نَفْعَلُهْ
1509 -
أوْ أَنَّنا نَعْمَلُ بِاخْتِيَار
…
وَقُدْرَةٍ لَكِنْ بإِذْنِ البَارِي
1510 -
فَكَانَتِ الأفْعَالُ كَسْبًا للوَرَى
…
مَخْلُوقَةً حَقًّا لِمَنْ قَدْ قَدَّرَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَلمْ يُكَلِّفْهُمْ اللهُ تعَالى إلا مَا يُطِيقُونَ، وَلا يُطِيقُونَ إلا مَا كَلَّفَهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرُ:(لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) نَقُولُ: لا حِيلَةَ لأحَدٍ، وَلا حَرَكَةَ لأحَدٍ، وَلا تحَوُّلَ لأحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إلا بمَعُونَةِ اللهِ، وَلا قُوَّةَ لأَحَدٍ عَلى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْها إلا بِتَوْفِيقِ اللهِ.
1511 -
وَاللهُ مَا كَلَّفَنَا مِنَ العَمَلْ
…
إِلا الذِي يُطَاقُ أوْ مَا يُحْتَمَلْ
1512 -
فلَمْ يُكَلِّفْ رَبُّنا إنْسَانَا
…
إلا بمَا في وُسْعِهِ قَدْ كَانا
1513 -
وَلا يُطِيقُ النَّاسُ فَوْقَ مَا
…
كَلَّفَهُمْ رَبِّي بِهِ وَأَلْزَمَا
1514 -
هَذَا كَلامُ الشَّيْخِ لَكِنْ قَدْ نَأَى
…
فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ أوْ قَدْ أَخْطَأَ
1515 -
فإِنَّنا نُطِيقُ فِي العِبَادَةِ
…
فَوْقَ التَّكَالِيفِ مِنَ الزِّيَادَةِ
1516 -
فَكُلُّ مَا فَرَضَهُ مَيْسُورُ
…
وَمَا يَكُونُ فَوْقَهُ مَقْدُورُ
1517 -
لَكِنَّ رَبِّي لمْ يَزَلْ لَطِيفَا
…
بخَلْقِهِ فيَسَّرَ التَّكْلِيفَا
1518 -
فِي الدِّينِ لمْ يجْعَلْ عَلى الإِنْسَانِ
…
مِنْ حَرَجٍ بالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ
1519 -
وَالعَبْدُ فاعْلَمْ لا يُقِيمُ الدِّينَا
…
إنْ لمْ يَكُنْ باللهِ مُسْتَعِينَا
1520 -
فمَا لنَا مِنْ قُوَّةٍ أوْ حَوْلِ
…
إِلا بِعَوْنِ رَبِّنا ذِي الطَّوْلِ
1521 -
أيْ لا تحَوُّلَ عَنِ العِصْيَانِ
…
إلا بعَوْنِ رَبِّنا الدَّيَّانِ
1522 -
وَالخَيْرُ لا يَقْوَى الفَتى عَلَيْهِ
…
إِلا إِذَا وَفَّقَهُ إِلَيْهِ
1523 -
وَمَا عَلى عِبَادَةِ الإِلَهِ
…
مِنْ قُوَّةٍ لَهُ بِدُونِ اللهِ
1524 -
وَمَا ثَبَاتُهُ عَلى الإيمَانِ
…
إِلا بِتَوْفِيقٍ مِنَ الرَّحْمَنِ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بمَشِيئةِ اللهِ تعَالى وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، غَلبَتْ مَشِيئَتُهُ المَشِيئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قضَاؤُهُ الحِيَلَ كُلَّهَا، يَفعَلُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ ظالِمٍ أبَدًا، تقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَحَيْنٍ، وَتنَزَّهَ عَنْ كلِّ عَيْبٍ وَشَيْنٍ، (لا يُسْأَلُ عَمَّا يفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) .
1525 -
بمَا يَشَاءُ وَقَضَى وقَدَّرَا
…
وَعِلْمِ رَبِّي كُلُّ شَيْءٍ قَدْ جَرَى
1526 -
مَشِيئَةُ الإِلَهِ فينا تَغْلِبُ
…
كُلَّ المَشِيئَاتِ وَليْسَتْ تُغْلَبُ
1527 -
أوْ قُلْ مَشِيئَةُ الإِلَهِ قَاضِيَةْ
…
عَلَى المَشِيئَاتِ وَفِينا مَاضِيَةْ
1528 -
قَضَاؤُهُ يَغْلِبُ كُلَّ حِيلَةْ
…
وَمَا لنَا في دَفْعِهِ وَسِيلَةْ
1529 -
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ غَيْرَ ظَالِمِ
…
لأحَدٍ في هَذِهِ العَوَالِمِ
1530 -
فَلا تَقُلْ عَلَيْهِ فِعْلُ الأصْلَحِ
…
أَوِ الصَّلاحِ وَمِنَ اللهِ اسْتَحِي
1531 -
فَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ في الوَرَى
…
فَضْلا وَبالعَدْلِ يُضِلُّ مَنْ يَرَى
1532 -
وَمَنْ هَدَاهُ اللهُ فهْوَ المُهْتَدِي
…
وَمَنْ أَضَلَّهُ فكَيْفَ يَهْتَدِي؟
1533 -
وَإِنْ يَشَأْ يُعْطِ وإِنْ يَشَأْ مَنَعْ
…
وَإِنْ يَشَأْ ضَرَّ وإِنْ يَشَأْ نَفَعْ
1534 -
إِنْ شَاءَ يُرْسِلِ السَّمَا مِدْرَارَا
…
وَإنْ يَشَأْ يُمْسِكْ فلا أمْطَارَا
1535 -
وَهَكَذا يفْعَلُ مَا يَشَاؤُهُ
…
وَلا يُرَدُّ مُطْلَقًا قَضَاؤُهُ
1536 -
مَنْ ذَا الذِي يَسْأَلُهُ عَمَا فَعَلْ
…
فِينا تَعَالى رَبُّنا عز وجل
1537 -
قَدْ جَلَّ عَنْ سُوءٍ بِهِ وَحَيْنِ
…
وَجَلَّ عَنْ عَيْبٍ بِهِ وَشَيْنِ
1538 -
حَاشَاهُ أنْ يَعْجَزَ أوْ يَحُولا
…
حَاشَاهُ أنْ يَبِيدَ أوْ يَزُولا
1539 -
حَاشَاهُ أنْ يغْفُلَ أوْ يَنَامَا
…
حَاشَاهُ أَنْ يُشَابِهَ الأَنَامَا
1540 -
سُبْحَانَهُ لا آفةٌ تُصِيبُهُ
…
سُبْحَانَهُ لا صِفَةٌ تعِيبُهُ
1541 -
صِفَاتُهُ جَمِيعُها كَمَالُ
…
وَالنَّقْصُ في أَوْصَافِهِ مُحَالُ
1542 -
وَكَيْفَ لا وَهْوَ الإِلَهُ الأعْلَى
…
ذَاتًا وَأَعْلَى صِفَةً وَفِعْلا؟
1543 -
فمَنْ يَصِفْ بنَقْصٍ اَوْ بِعَيْبِ
…
رَبِّي فكَافِرٌ بدُونِ رَيْبِ
1544 -
كالْقَوْلِ أنَّ رَبَّنا يَنامُ
…
أَوِ اغْتَنى عَنْ فَضْلِهِ الأَنَامُ
1545 -
أَوْ يَظْلِمُ العِبَادَ أوْ يَجُورُ
…
فَلا تُوَفَّى لهُمُ الأجُورُ
1546 -
وَالقَوْلِ أَنَّ رَبُّنا تَوَلَّدَا
…
أَوْ أنَّ للهِ وَحَاشَا وَلَدَا
1547 -
أَوْ مَنْ يقُولُ رَبُّنا المَلِيكُ
…
لَهُ نَظِيرٌ أوْ لَهُ شَريكُ
1548 -
أَوْ مَنْ يَقُولُ وَاصِفًا مِنْهُمْ يَدَهْ
…
بأَنها مَغْلُولَةٌ مُقَيَّدَةْ
1549 -
حَاشَاهُ مِنْ غُلٍ وَمِنْ قُيُودِ
…
وَجَلَّ عَنْ مَزَاعِمِ اليَهُودِ
1550 -
حَلَّتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَةٌ وَغُلَّتِ
…
أَيْدِيهُمُ بقَوْلِهِمْ وَشُلَّتِ
1551 -
فرَبُّنا يَدَاهُ للوُجُودِ
…
مَبْسُوطَتَانِ بالنَّدَى وَالجُودِ
1552 -
سُبْحَانَهُ لَهُ الكَمَالُ الخَالِصُ
…
وَليْسَ في أَوْصَافِهِ نَقَائِصُ
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَفِي دُعَاءِ الأحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ للأمْوَاتِ.
1553 -
ثَلاثةٌ بالمَوْتِ لَيْسَ ينْقَطِعْ
…
للمَرْءِ مِنْهَا عَمَلٌ كمَا سُمِعْ
1554 -
وَهَذِهِ ابْنٌ صَالحٌ يَدْعُو لَهْ
…
وَبَعْدَهُ صَدَقَةٌ مَوْصُولةْ
1555 -
وَهَكَذَا العِلْمُ الذِي قَدْ خَلَّفَهْ
…
وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ وَالمَعْرِفَةْ
1556 -
هَذَا الذِي لاشَكَّ في أَنْ يَصِلا
…
إِلَيْهِ أَجْرُهُ كَمَا لوْ عَمِلا
1557 -
لأنَّهُ مَا دَامَ قَدْ تَسَبَّبَا
…
فِيهِ فَلا خِلافَ في أَنْ يُكْتَبَا
1558 -
وَإنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أوْ دَعَا
…
غَيرُ ابْنِهِ كَانَ بِهُ مُنْتَفِعَا
1559 -
لَكِنْ قِرَاءَةُ القُرَانِ لا تَصِلْ
…
إِذْ لمْ يَرِدْ نَصٌّ بها فِيمَا نُقِلْ
1560 -
وَلمْ تكُنْ مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ النَّبي
…
مَعَ قِيَامِ المُقْتَضَى وَالسَّبَبِِ
1561 -
أَضِفْ إلى هَذَا انْتِفَاءَ المَانِعِ
…
مِنْ ذَلِكَ الأمْرِ اليَسِيرِ النَّافِعِ
1562 -
مِنْ ثَمَّ كَانَ الأمْرُ هَذَا مُحْدَثا
…
وَالشَّرُّ كُلُّ الشَّرِّ فِيمَا أُحْدِثَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَاللهُ تعَالى يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَيقْضِي الحَاجَاتِ.
1563 -
وَرَبُّنا يُجِيبُ مَنْ دَعَاهُ
…
إنْ أَخْلَصَ الدُّعَاءَ وَارْتجَاهُ
1564 -
فَادْعُ بجَوْفِ اللَّيْلِ رَبًّا سَامِعَا
…
مُبَالِغًا فيمَا دَعَوْتَ ضَارِعَا
1565 -
وَمُدَّ كَفَّ الفَقْرِ للْقَرِيبِ
…
وَادْعُ بِقَلْبٍ حَاضِرٍ مُنِيبِ
1566 -
تحَرَّ وَقْتًا فِيهِ يُسْتَجَابُ
…
وَمَوْضِعًا بِهِ الدُّعَا يُجَابُ
1567 -
وَاعْلَمْ بأنَّ اللهَ قَدْ يُؤَخِّرُ
…
إِجَابَةَ الدُّعَاءِ أوْ يَدَّخِرُ
1568 -
فلا تَكُنْ إِنْ تَدْعُ ذا اسْتِعْجَالِ
…
تقُولُ رَبِّي لمْ يُجِبْ سُؤَالِي
1569 -
فاللهُ يَقْضِي للفَتى مَا سَأَلَهْ
…
مِنْ حَاجَةٍ مَا لمْ يكُنْ ذا عَجَلَةْ
1570 -
كُنْ وَاثِقًا أنَّ الإِلَهَ عَاجِلا
…
سَيَسْتَجِيبُ للدُّعَا أَوْ آجِلا
1571 -
وَأنَّ كُلَّ حَاجَةٍ سَتُقْضَى
…
إِنْ شَاءَ رَبُّنا وَسَوْفَ ترْضَى
فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَيَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلا يَمْلِكُهُ شَيْءٌ، وَلا غِنىً عَنِ اللهِ تعَالى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنِ اسْتَغْنى عَنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَقَدْ كَفَرَ، وَصَارَ مِنْ أهْلِ الحَيْن.
1572 -
وَرَبُّنَا ـ جَلَّ ـ هُوَ المَلِيكُ
…
لِكُلِّ شَيْءٍ مَا لَهُ شَرِيكُ
1573 -
وَليْسَ في الوُجُودِ شَيْءٌ يَمْلِكُهْ
…
وَكَيْفَ والوُجُودُ ليْسَ يُدْرِكُهْ؟
1574 -
وَمَا لمَخْلُوقٍ عَنِ اللهِ غِنى
…
طَرْفَةَ عَيْنٍ في الوُجُودِ وَالدُّنى
1575 -
وَكَيْفَ ذَا وَرِزْقُنا عَلَيْهِ
…
وَكُلُّنا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
1576 -
وَمَنْ لنَا بالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ
…
غَيْرُ الإِلَهِ المَالِكِ الكَبِيرِ؟
1577 -
فَفَقْرُنَا إِلَيْهِ وَصْفٌ ذَاتي
…
يَلْزَمُ للوُجُودِ وَالحَيَاةِ
1578 -
كَمَا الغِنى وَصْفٌ لرَبِّي أَبَدَا
…
فَلَيْسَ يَرْجُو اللهُ مِنَّا أَحَدَا
1579 -
وَمِنْ هُنَا قالَ الإِلَهُ للوَرَى
…
أْنْتُمْ إليَّ يا عِبَادِي فُقَرَا
1580 -
فمَنْ يَكِلْهُ رَبُّنا أَوْ تَرَكَهْ
…
لِنَفْسِهِ فَإنَّهُ قَدْ أَهْلَكَهْ
1581 -
فَلا يَظُنَّ وَاحِدٌ مَهْمَا اغْتَنى
…
أنَّ لَهُ عَنْ رَبِّهِ يَوْمًا غِنى
1582 -
وَمَنْ يَكُنْ قَدْ ظَنِّ هَذَا الظَّنَّا
…
في لحْظَةٍ يَكْفُرْ بمَا قَدْ ظَنَّا
1583 -
وَمَنْ يَكُنْ بِذَلِكَ الكُفْرِ ارْتدَى
…
فَهُوَ أهْلٌ للهَلاكِ وَالرَّدَى
فصْلٌ:
في نظْم قوْلِهِ: وَاللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لا كأحَدٍ مِنَ الوَرَى.
1584 -
وَرَبُّنا يغْضَبُ بانْتِهَاكِ
…
مَحَارِمٍ لَهُ وَبالإِشْرَاكِ
1585 -
كَمَا يَكُونُ رَاضِيًا عَنْ عَبْدِهِ
…
إذْ يَلْزَمُ الوُقُوفَ عِنْدَ حَدِّهِ
1586 -
وَاللهُ إْنْ يغْضَبْ وَيَرْضَ لا يُرَى
…
فِي وَصْفِهِ كَأحَدٍ مِنَ الوَرَى
1587 -
كَمَا يُحِبُّ رَبُّنا وَيَكْرَهُ
…
وَليْسَ فِينا مَنْ بِهِ يُشَبَّهُ
1588 -
جَلَّ عَنِ الشَّبِيهِ وَالنَّظِيرِ
…
فِي وَصْفِهِ العَلِيِّ وَالكَبِيرِ
1589 -
فلا تُعَطِّلْ وَصْفهُ تَنْزِيهَا
…
تحْسِبُ فِي ثُبُوتِهِ تَشْبِيها
1590 -
صِفَاتُهُ كَذَاتِهِ العَلِيَّةِ
…
جَلَّتْ عَنِ التَّكْيِيفِ وَالمِثْلِيَّةِ
1591 -
فالمِثْلُ وَالتَّكْيِيفُ مَنْفِيَّانِ
…
يا مُثْبِتَ الأوْصَافِ للدَّيَّانِ
1592 -
إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ عَطَّلا
…
وَلا تَكُنْ فِي الوَصْفِ مِمَّنْ مَثَّلا
1593 -
فَمَنْ يَكُنْ عَطَّلَ يَعْبُدْ عَدَمَا
…
وَمَنْ يكُنْ شَبَّهَ يَعْبُدْ صَنَمَا
1594 -
وَمَنْ عَنِ التَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ
…
خَلا فَذَاكَ صَاحِبُ التَّنْزِيهِ
1595 -
وَذلِكَ الذِي بحَقٍّ عَبَدَا
…
وَوَحَّدَ الرَّبَّ الإِلَهَ الصَّمَدَا
فصْلٌ:
في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنحِبُّ أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا نُفْرِطُ فِي حُبِّ أحَدٍ مِنهُمْ، وَلا نتبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنهُمْ، وَنَبْغَضُ مَنْ يَبْغَضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلا نَذْكُرُهُمْ إلا بخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإيمَانٌ وَإحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَان.
1596 -
نحِبُّ أصْحَابَ النَّبيِّ المُصْطَفَى
…
وَآلَهُ المُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا
1597 -
وَكَيْفَ لا نحِبُّ هَؤُلاءِ
…
وَهُمْ لنَا كالمَاءِ وَالهَوَاءِ؟
1598 -
اِخْتَارَهُمْ رَبِّي لِنَصْرِ الدِّينِ
…
وَخَصَّهُمْ بِصُحْبَةِ الأمِينِ
1599 -
فَقَدَّمُوا للدِّينِ كُلَّ غَالي
…
وَجَاهَدُوا بالنَّفْسِ وَالأمْوَالِ
1600 -
لمْ يَعْبَئُوا بالْقَتْلِ وَالجِرَاحِ
…
وَاشْتَرَوُا الجَنَّةَ بالأرْوَاحِ
1601 -
تَحَمَّلُوا الأذَى مِنَ الكُفَّارِ
…
وَاسْتَعْذَبُوا المَوْتَ بذَاتِ البَارِي
1602 -
قَدْ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةٍ فِرَارَا
…
بالدِّينِ كَيْ لا يَرْجِعُوا كُفَّارَا
1603 -
وَوَجَدُوا في يَثْرِبٍ أَنْصَارَا
…
وَاتَّسَعَتْ لهُمْ جَمِيعًا دَارَا
1604 -
عَاشُوا جَمِيعًا إخْوَةً فِي الدِّينِ
…
وَاعْتَصَمُوا بحَبْلِهِ الَمَتِينِ
1605 -
قَدْ بَايَعُوا النَّبيَّ تحْتَ الشَّجَرَةْ
…
عَلَى الثَّبَاتِ في قِتَالِ الكَفَرَةْ
1606 -
فكَانَتِ البُشْرَى رِضَا الرَّحْمَنِ
…
فَسُمِّيَتْ ببَيْعَةِ الرِّضْوَانِ
1607 -
قَدْ أَحْسَنُوا بالبَيْعَةِ الصَّنِيعَا
…
فغَفَرَ اللهُ لهُمْ جَمِيعَا
1608 -
أمَا غَدَا وَرَاحَ جِبْرَائِيلُ
…
بَيْنَهُمُ وَنَزَلَ التَّنْزِيلُ؟
1609 -
أمَا تحَمَّلُوا وَهُمْ عُدُولُ
…
كُلَّ الذِي جَاءَ بهِ الرَّسُولُ؟
1610 -
وَبَلَّغُوا بالضَّبْطِ كُلَّ نَصِّ
…
بِلا زِيَادَةٍ وَغَيْرِ نَقْصِ
1611 -
فحَفِظُوا للأمَّةِ الإِسْلامَا
…
وَبيَّنُوا الحَلالَ والحَرَامَا
1612 -
أَثْنى عَلَيْهِمْ رَبُّنا كَثِيرَا
…
إذْ كَانَ عَالِمًا بهمْ خَبِيرَا
1613 -
فهَلْ يُقَاسُ فَضْلُهُمْ بفَضْلِ
…
وَهَلْ يُقَاسُ فِعْلُهُمْ بفِعْلِ؟
1614 -
وَهَلْ لنَا عَنْ هَؤُلاءِ الثُّلَّةِ
…
غِنىً وَهُمْ رِجَالُ هَذِي المِلَّةِ؟
1615 -
أليْسَ هَؤُلاءِ حَامِلِيها
…
عَنِ النَّبيِّ ثمَّ نَاقِلِيهَا؟