المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فرع:في حكم سب الصحاب - النظم المفيد الحاوى عقيدة التوحيد للطحاوى

[محمود أبو سريع]

الفصل: ‌فرع:في حكم سب الصحاب

‌فرعٌ:

في حُكْمِ سَبِّ الصَّحَابَ

ةِ، وَأنَّه قَدْ يَكُونُ فيهِ الكُفْرُ.

1644 -

إِيَّاكَ أَنْ تَسُبَّهُمْ بِطَعْنِ

في دِينِهِمْ وَلا تَكُنْ ذَا لَعْنِ

1645 -

فَإِنَّ سبَّهُمْ غَدَا خَطِيرَا

وَبعْضُهُ يَسْتَوْجِبُ التَّكْفِيرَا

1646 -

وَاعْلَمْ بِأَنَّ سَبَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفْ

في حُكْمِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفْ

1647 -

فبَعْضُهُمْ كَفَّرَ أوْ قَدْ فَسَّقَا

مَنْ سَبَّهُمْ وَبعْضُهُمْ قَدْ أَشْفَقَا

1648 -

وَالمَذْهَبُ الذِي أَنَا أَمِيلُ

إِلَيْهِ دَائِمًا هُوَ التَّفْصِيلُ

1649 -

فمَنْ يُكَفِّرْ صَحْبَهُ أوْ فَسَّقَا

فاحْكُمْ بِكُفْرِهِ لَدَيَّ مُطْلَقَا

1650 -

إِذْ يقْتَضِي التَّفْسِيقُ وَالتَّكْفِيرُ

أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَطِيرُ

1651 -

فَيَقْتَضِي لِرَبِّنَا التَّكْذِيبَا

وَأَنَّ رَبِّي لمْ يَكُنْ مُصِيبَا

1652 -

أَيَشْهَدُ اللهُ بخَيْرٍ لهُمُ

وَأنْتَ بالكُفْرِ لهُمْ مُتَّهِمُ؟

1653 -

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذَا رَدُّ

لحُكْمِ رَبِّنا وَفِيهِ الحَدُّ

1654 -

وَيُبْطِلُ الدِّينَ لأنَّ النَّاقِلا

لهُ بهَذا لا يَكُونُ عَادِلا

1655 -

أَمَّا الذِي يَلْعَنُ أوْ يُقَبِّحُ

وُجُوهَهُمْ فهُوَ كَلْبٌ يَنْبَحُ

1656 -

وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ فَقِيلا

بكُفْرِهِ وَقَتْلِهِ تَنْكِيلا

1657 -

وَقِيلَ لا وَاجْلِدْهُ جَلْدًا مُوجِعَا

مَعْ حَبْسِهِ لمَوْتِهِ أوْ يَرْجِعَا

1658 -

وَمَنْ يَسُبَّهُمْ بمَا لا يَقْدَحُ

في الدِّينِ لمْ يَكْفُرْ وَهَذا أرْجَحُ

1659 -

لَكِنَّهُ يَسْتَوْجِبُ التَّحْذِيرَا

وَيَسْتَحِقُّ الضَّرَبَ وَالتَّعْزِيرَا

1660 -

وَقِيلَ بَلْ سَبُّ الصَّحَابِ مُطْلَقَا

كُفْرٌ وَهَذَا الرَّأْيُ عِنْدِي مُتَّقَى

1661 -

لا يَسْتَوِي التَّكْفِيرُ وَالتَّفْسِيقُ

وَغَيْرُهُ فيَلْزَمُ التَّفْرِيقُ

1662 -

لَكِنَّ هَذَا القَوْلَ لا يُبِيحُ

تجْرِيحَهُمْ فإنَّهُ قَبِيحُ

ص: 149

1663 -

وَإِنمَا القَصْدُ بِهِ التَّدْقِيقُ

في الحُكْمِ والتَّفْصِيلُ والتَّحْقِيقُ

1664 -

وَالوَاجِبُ الأوْلى بِنَا أَنْ يَنْشَغِلْ

كُلٌّ بمَا قَدَّمَهُ مِمَّا عَمِل

1665 -

وَلا يَكُونُ شَاتمًا أوْ لاعِنَا

لهُمْ وَلا يَكُونُ فِيهِمْ طَاعِنَا

1666 -

وَلْيرْعَ فِيهِمْ صُحْبَةَ المُخْتَارِ

وَنَصْرَهُمْ لَهُ مِنَ الكُفَّارِ

1667 -

وَأَنْ يَرُدَّ لهُمُ الجَمِيلا

فيَدْعُوَ اللهَ لهُمْ طَوِيلا

ص: 150

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُثْبِتُ الخِلافةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أوَّلا لأبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه تفْضِيلا لهُ وَتقْدِيمًا على جَمِيعِ الأمَّةِ، ثمَّ لعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، ثمَّ لعُثمَانَ رضي الله عنه ُـ، ثمَّ لعَليِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَهُمُ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَالأئِمَّةُ المُهْتَدُونَ.

1668 -

هَذَا وَأَوْلى النَّاسِ بالخِلافَةِ

بَعْدَ النَّبيِّ ابْنُ أَبي قُحَافَةِ

1669 -

إِذْ هُوَ أَوْلى الصَّحْبِ أَنْ يُسْتَخْلَفَا

وَأَفْضَلُ الأمَّةِ بَعْدَ المُصْطَفَى

1670 -

أَلمْ يَؤُمَّ النَّاسَ فِيمَا فُرِضَا

بأمْرِ خَيْرِ الرُّسْلِ لمَّا مَرِضَا؟

1671 -

ثمَّ ألَيْسَ المُصْطَفَى قَدْ أَلمَحَا

إِلَيْهِ مِنْ خَلِيفَةٍ بَلْ صَرَّحَا؟

1672 -

أَلمْ يَقُلْ لامْرَأَةٍ أَنْ تَفِيَا

صَاحِبَهُ في الغَارِ إنْ تُوُفِّيَا؟

1673 -

تُوُفِّيَ النَّبيُّ فَارْتَدَّ العَرَبْ

وَمَنعُوا مِنَ الزَّكَاةِ مَا وَجَبْ

1674 -

وَكَادَ هَذَا يُضْعِفُ الإِسْلامَا

مُسَبِّبًا في رُكْنِهِ انْثِلامَا

1675 -

فَقَامَ للهِ وَشَدَّ الشَّدَّةْ

وَقَالَ لَنْ أَتْرُكَ أَهْلَ الرِّدَّةْ

1676 -

لَوْ مَنَعَ القَوْمُ وَلوْ عِقَالا

أَوْ دُونَهُ لَنْ أَدَعَ القِتَالا

1677 -

وَخَاضَها الصِّدِّيقُ حَرْبًا ضَارِيَة

وَأَشْعَلَ القِتَالَ نَارًا وَارِيَةْ

1678 -

فَعَادَ للدِّينِ بِهِ قُوَّتُهُ

بَلْ إنَّهُ اشْتَدَّتْ بِهِ شَوْكَتُهُ

1679 -

وَهَكَذَا الإِسْلامُ زَادَ نَصْرَا

لمَّا أبُو بَكْرٍ تَوَلَّى الأَمْرَا

1680 -

ثمَّ اسْتَحَقَّها أبُو حَفْصٍ عُمَرْ

عَهْدًا مِنَ الصِّدِّيقِ وَالكُلُّ أَقَرّْ

1681 -

تَاللهِ قَدْ قَامَ بها وَاضْطَلَعَا

بَلْ كَانَ خَيرَ مَنْ توَلَّى وَرَعَى

1682 -

في عَهْدِهِ فتَْحٌ تَلاهُ فَتْحُ

فذَاكَ عُنْوَةٌ وَهَذَا صُلْحُ

1683 -

وَنَشَرَ الأَمَانَ والسَّلامَا

وَالأمْنَ لمَّا حَكَّمَ الإِسْلامَا

ص: 151

1684 -

ثمَّ تَوَلَّاهَا بِلا مُنَازَعَةْ

عُثْمَانُ بالشُّورَى وَبِالمُبَايَعَةْ

1685 -

في عَهْدِهِ كِتَابَةُ القُرْآنِ

تمَّتْ بهَذا المُصْحَفِ العُثمَانِي

1686 -

وَبالشَّهَادَةِ النَّبيُّ بَشَّرَهْ

فَنَالهَا قَتْلا بأَيْدِي الفَجَرَةْ

1687 -

وَبَعْدَ قَتْلِهِ تَوَلَّاهَا عَلِي

فكَانَ بَعْدَ الشَّيْخِ خَيرَ مَنْ يَلِي

1688 -

وَهَؤُلاءِ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونْ

وَهُمْ مَصَابِيحُ الظَّلامِ المُهْتَدُونْ

1689 -

ترْتِيبُهُمْ في الفَضْلِ كالخِلافَةْ

وَرُدَّ رَأْيَ مَنْ رَأَى خِلافَهْ

ص: 152

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَأنَّ العَشَرَةَ الذِين سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَشَّرَهُمْ بالجَنَّةِ، نَشْهَدُ لهُمْ بالجَنَّةِ على مَا شَهِدَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقوْلُهُ الحَقُّ، وَهُمْ: أبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثمَانُ، وَعليٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْفٍ، وَأبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، وَهُوَ أمِينُ هَذِهِ الأمَّةِ، رضي الله عنهم أجْمَعِينَ.

1690 -

وَمَنْ يَكُنْ نَبِيُّنا قَدْ بَشَّرَهْ

بجَنَّةٍ نَشْهَدْ لَهُ كَالعَشَرَةْ

1691 -

وَهَؤُلاءِ الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةْ

ثمَّ ابْنُ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرُ تَبِعَهْ

1692 -

أَبُو عُبَيْدَةٍ أَمِينُ الأُمَّةِ

ثمَّ أبُو إِسْحَقَ عَالِي الهِمَّةِ

1693 -

ثمَّ أَبُو الأعْوَرِ أَيْ سَعِيدُ

وَابْنُ عُبَيْدٍ طَلْحَةُ الشَّهِيدُ

1694 -

وَغَيْرُ هَؤُلاءِ مِمَّنْ شَهِدَا

لهُمْ رَسُولُ اللهِ فِيمَا وَرَدَا

1695 -

مِثْلُ الحُسَيْنِ وَأَخِيهِ الحَسَنِ

سِبْطَيْهِ مَعْ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنِ

1696 -

وَجَعْفَرٍ وابْنِ الفَتى رَبَاحِ

بِلالٍ الدَّاعِي إلى الفَلاحِ

1697 -

وَابْنَتِهِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ

وَسَائِرِ الأزْوَاجِ والنِّسَاءِ

1698 -

فهَؤُلاءِ القَوْمُ يا بُشْرَاهُمْ

بالجَنَّةِ العُليَا وَمَا أَحْرَاهُمْ

1699 -

وَكَيْفَ لا نَقْضِي بما يقُولُ

في حَقِّهِمْ وَيَشْهَدُ الرَّسُولُ؟

1700 -

ألَيْسَ يقضِي المُصْطَفَى بالحَقِّ

وَفُوهُ لمْ يَنْطِقْ بِغَيْرِ الصِّدْقِ؟

ص: 153

فصْلٌ:

في نظْمِ قَوْلِهِ: وَمَنْ أحْسَنَ القَوْلَ فِي أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَذُرِّيَّاتِهِ المُقدَّسِينَ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ.

1701 -

مَنْ أحْسَنَ الكَلامَ في الصَّحَابَةْ

وَلمْ يَقَعْ في صَاحِبٍ أوْ عَابَهْ

1702 -

وَأَحْسَنَ القَوْلَ بأَزْوَاجِ النَّبي

وَأَهْلِهِ كَحَفْصَةٍ وَزَيْنَبِ

1703 -

وَلمْ يَكُنْ مِمَّنْ غَدَا بالفَاحِشَةْ

يَقْذِفُ أمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةْ

1704 -

وَأَحْسَنَ المَقَالَ في ذُرِّيَّةِ

وَآلِ بَيْتِ أَفْضَلِ البَرِيَّةِ

1705 -

مَنْ قَدْ تَطَهَّرُوا مِنَ الأرْجَاسِ

وَقَدْ تَقَدَّسُوا عَنِ الأَدْنَاسِ

1706 -

فَذَلِكَ الذِي مِنَ النِّفَاقِ

وَدَائِهِ يَبْرَأُ باتِّفَاقِ

1707 -

وَهَذِهِ البَرَاءَةُ اسْتَحَقَّها

لأنَّهُ أدَّى وَوَفَّى حَقَّهَا

1708 -

وَكَيْفَ لا ولمْ يَكُنْ بِقَلْبِهِ

غِلٌّ لآلِ المُصْطَفَى وَصَحْبِهِ؟

ص: 154

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَعُلمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابعِينَ، أهْلُ الخَيْرِ وَالأثَرِ، وَأهْلُ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ، لا يُذْكَرُونَ إلا بالجَمِيلِ، ومَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فهُوَ عَلى غَيْرِ السَّبِيلِ.

1709 -

وَعُلمَاءُ السَّلَفِ الكِبَارُ

وَالتَّابِعُونَ لهُمُ الأخْيَارُ

1710 -

أَهْلُ الصَّلاحِ وَالحَدِيثِ والأثَرْ

وَالفِقْهِ في شَرْعِ الإِلَهِ وَالنَّظَرْ

1711 -

لا يُذْكَرُونَ بِسِوَى الجَمِيلِ

وَالخَيْرِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّفْضِيلِ

1712 -

وَمَنْ رَمَى الشُّيُوخَ بالجَهَالَةِ

أَوْ نَالَ مِنْهُمْ كَانَ في ضَلالَةِ

1713 -

وَكَيْفَ لا وَهُمْ نجُومُ الأُمَّةِ

بِنُورِهِمْ جَلاءُ كُلِّ ظُلْمَةِ

1714 -

هُمْ خُلَفَاءُ المُصْطَفَى مِنْ أُمَّتِهْ

وَالوَارِثُونَ بَعْدَهُ لسُنَّتِهْ

1715 -

مَا مَاتَ مِنْ سُنَّتِهِ أَحْيَوْهُ

وَأَبْطَلُوا الدَّخِيلَ أَوْ نَفَوْهُ

1716 -

قَدْ وَضَّحُوا لِلنَّاسِ كُلَّ مُشْكَلِ

وَاسْتَنْبَطُوا بالعَقْلِ كُلَّ مُعْضَلِ

1717 -

وَاتَّفَقُوا عَلى قَبُولِ خَبرِهْ

مَعَ اقْتِفَاءِ نهْجِهِ وَأَثَرِهْ

1718 -

وَمَنْ يُخَالِفْ مِنهُمُ مَأْثُورا

يَكُنْ بمَا قَامَ بهِ مَعْذُورَا

1719 -

مِثْلُ اعْتِقَادِهِمْ بأنَّ المُصْطَفَى

مَا قَالَهُ أَوْ أنَّهُ قَدْ ضُعِّفَا

1720 -

أَوْ أنَّهُ أَرَادَ حُكْمًا آخَرَا

غَيْرَ الذِي مِنْ قَوْلِهِ تبَادَرَا

1721 -

وَرُبَّمَا يَعْتَقِدُ الشُّيُوخُ

أَنَّ الحَدِيثَ حُكْمُهُ مَنْسُوخُ

1722 -

لَكِنْ إذا النَّقْلُ أَتَى صَحِيحَا

وَالحُكْمُ كَانُ مُحْكَمًا صَرِيحَا

1723 -

فَحَاشَ أنَّ تَظُنَّ بالوَرِيثِ

أَنْ يَتْرُكَ العَمَلَ بالحَدِيثِ

1724 -

وَرَبُّنا يَسْقِي قُبُورَ القَوْمِ

سَحَائِبَ الرَّحْمَةِ كُلَّ يَوْمِ

ص: 155

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُفَضِّلُ أَحَدًا مِنَ الأوْلِيَاءِ عَلى أَحَدٍ مِنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام، وَنقُولُ: نبيٌّ وَاحِدٌ أفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الأَوْلِيَاءِ.

1725 -

ثمَّ مَقَامُ الأَوْلِيَاءِ مَا ارْتَقَى

إلى مَقَامِ الأنْبِيَاءِ مُطْلَقَا

1726 -

فلا تُفَضِّلْ أبَدًا َوَلِيَّا

عَليْهِمُ مَهْمَا يَكُنْ عَلِيَّا

1727 -

إِذْ لا يَكُونُ مَنْ إِلهِي فَضَّلَهْ

بالوَحْيِ مِنْ هَذَا أَقَلَّ مَنْزِلَةْ

1728 -

بَلْ إنَّ أَدْنى الأنْبِيَاِء ذِكْرَا

يَفْضُلُ كُلَّ الأوْلِيَاءِ قَدْرَا

1729 -

وَلا تَكُنْ مِمَّنْ رَأَى الوَلِيَّا

يَقْدِرُ أَنْ يُخَالِفَ النَّبِيَّا

1730 -

وَأنَّهُ يأْخُذُ دُونَ وَاسِطَةْ

فكُلُّ هَذِهِ دَعَاوَى سَاقِطَةْ

1731 -

فمَا تَلَقَّى عَنْهُ بالمُبَاشَرَةْ

إلا نَبيٌّ ثمَّ هَذَا لمْ يَرَهْ

1732 -

إِذْ لمْ يُكَلِّمْ رَبُّنا إِنْسَانَا

بلا حِجَابٍ وَاقرَءُوا القُرْآنَا

1733 -

ثمَّ ألَيْسَ الوَحْيُ حَبْلُهُ انْقَطَعْ

بَعْدَ وَفَاةِ المُصْطَفَى أوِ ارْتفَعْ؟

1734 -

فكَيْفَ أَخْذُهُ إِذَنْ عَنْ رَبِّهِ

وَكَيْفَ نَدْرِي صِدْقَهُ مِنْ كِذْبِهِ؟

1735 -

هلْ كَانَ هَذَا الأخْذُ بالإِلهَامِ

أمْ أنَّ مَا يَرَى مِنَ الأوْهَامِ؟

1736 -

أَوْ أنَّهُ كَانَ بِرُؤْيَا صَادِقَةْ

إِذَا العُيُونُ في النُّعَاسِ غَارِقَةْ

1737 -

لَكِنْ رُؤَى المَنَامِ لا تُعَدُّ

أَصْلا مِنَ الأُصُولِ بَلْ تُرَدُّ

1738 -

إِذْ يَكْثُرُ الخَلْطُ بهَذَا الجَانِبِ

مَعَ الْتِبَاسِ صَادِقٍ بكَاذِبِ

1739 -

إِذَنْ فَفِيها كَذِبٌ وَصِدْقُ

وَيعْتَرِيهَا بَاطِلٌ وَحَقُّ

1740 -

وَطَالمَا أَنَّ بهَا احْتِمَالا

فَلا أَرَى إِذَنْ بها اسْتِدْلالا

1741 -

فَلا تُعَوِّلْ مُطْلَقًا عَلَيْها

وَلا تَكُنْ مُسْتَنِدًا إِلَيْهَا

ص: 156

1742 -

لَكِنَّ رُؤْيَا الأنْبِيَاءِ حَقُّ

وَلَيْسَ فِيها كَذِبٌ بَلْ صِدْقُ

1743 -

فأَوْجَبُوا عَلَيْها الاعْتِمَادَا

وَصَحَّحُوا إِلَيْها الاسْتِنَادَا

1744 -

يا كُلَّ مَنْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءِ

لا تَدَّعُوا الأَخْذَ عَنِ السَّمَاءِ

1745 -

وَلايَقُلْ شَيْطَانُكُمْ أخْبَرَنِي

قَلْبي عَنِ الإِلَهِ أوْ حَدَّثَني

1746 -

أَوْ تأْخُذُونَ عِلْمَكُمْ عَنْ هَالِكِ

عَنْ هَالِكٍ كأحْمَدٍ وَمَالِكِ

1747 -

وَقَدْ أَخَذْنا العِلْمَ بالمُبَاشَرَةْ

عَنْهُ وَلا سمَاعَ أوْ مُعَاصَرَةْ

1748 -

كَلامُهُمْ تمُجُّهُ العُقُولُ

وَاللهُ لا يَرْضَاهُ وَالرَّسُولُ

1749 -

وَاسمَعْ لقَوْلِ ذَلِكَ الغَبيِّ

يحُطَّ مِنْ مَنْزِلَةِ النَّبيِّ

1750 -

يَقُولُ خُضْنا لجَّةَ المَنَازِلِ

وَالأنْبِيَاءُ لمْ تَزَلْ بالسَّاحِلِ

1751 -

أَعُوذُ باللهِ مِنَ الضَّلالِ

وَمِنْ هَوَى النُّفُوسِ والجِدَالِ

1752 -

قَدْ صَادَهُمْ إِبْلِيسُ في حَبَائِلِهْ

وَجَرَّهُمْ بمَكْرِهِ لبَاطِلِهْ

ص: 157

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بمَا جَاءَ مِنْ كرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ.

1753 -

وَاعْلَمْ بأنَّا نُثْبِتُ الكَرَامَةْ

للأوْلِيَاءِ أَهْلِ الاسْتِقَامَةْ

1754 -

قَدْ جَوَّزَتْ وُجُودَهَا العُقُولُ

وَأيَّدَتهَا هَذِهِ النُّقُولُ

1755 -

أمُّ الَمَسِيح حَمَلَتْ بلا ذَكَرْ

وَالرِّزْقُ دُونَ سَبَبٍ لهَا حَضَرْ

1756 -

وَنَوْمُ أهْلِ الكَهْفِ ذَلِكَ الزَّمَنْ

وَلمْ تُصِبْهُمْ آفَةٌ مِنَ الوَسَنْ

1757 -

ثمَّ ألَيْسَ أمْرُهَا قدْ ذَاعَا

في الصَّحْبِ حَتى مَلأَ الأسْمَاعَا؟

1758 -

عَلى المِيَاهِ مَشَتِ الصَّحَابَةْ

وَعَطِشُوا فأمْطَرَتْ سَحَابَةْ

1759 -

ألمْ يُنادِ عُمَرٌ يَا سَارِيَةْ

وَبَلغَ الصَّوْتُ بِلادًا نَائِيَةْ؟

1760 -

ثمَّ ألَيْسَ ابْنُ الوَلِيدِ لمْ يُصَبْ

إِذْ شَرِبَ السُّمَّ بِسُوءٍ أوْ عَطَبْ

1761 -

وَغَيرُهَا وَغَيْرُهَا كَثِيرُ

وَلا أَقُولُ إِنَّهُ يَسِيرُ

1762 -

إْذْ كَثُرَتْ خَوَارِقُ العَادَاتِ

في سَائِرِ الأزْمَانِ وَالأوْقَاتِ

1763 -

وَنحْنُ مُؤْمِنُونَ بِالذِي أتَى

مِنْها بِنَقْلٍ صَحَّ أوْ قَدْ ثَبَتَا

1764 -

وَمَا أتَى مِنهَا بلا دَلِيلِ

فمَا عَلَى النَّافِينَ مِنْ سَبِيلِ

1765 -

وَأْنْ يَكُونَ مَا أَتَى لصَالِحِ

مُتَّبِعٍ للشَّرْعِ لا لِطَالِحِ

1766 -

ثمَّ ظُهُورُهَا بلا اسْتِقَامَةْ

عِنْدَ امْرِئٍ لا تُرْتضَى كَرَامَةْ

1767 -

بَلْ إنهَا شَعْوَذَةٌ أوْ حِيلَةْ

يُعِينُ إِبْلِيسُ بها خَلِيلَهْ

1768 -

إِنَّ الوَلِيَّ الحَقَّ مَنْ تمَسَّكَا

بِسُنَّةِ النَّبيِّ حَيْثُ سَلَكَا

1769 -

وَلِيُّهُ سُبْحَانَهُ مَنِ اقْتَدَى

بالمُصْطَفَى وَبالشَّرِيعَةِ اهْتَدَى

1770 -

وَلِيُّهُ مَنْ سَارَ في الوُصُولِ

لَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّسُولِ

ص: 158

1771 -

ثمَّ اسْتَقَامَ عِنْدَها مَا مَالا

عَنْ حَدِّها يمِينًا اوْ شِمَالا

1772 -

أمَّا الذِي يُخالِفُ النَّبِيَّا

فلا يَكُونُ أَبَدًا وَلِيَّا

1773 -

حَتَّى وَلوْ يَطِيرُ في الهَوَاءِ

أوْ كَانَ يمْشِي فَوْقَ سَطْحِ المَاءِ

1774 -

فالشَّرْطُ في الوَليِّ أَنْ يُطِيعَهْ

وَأَنْ يَكُونَ وَافَقَ الشَّرِيعَةْ

1775 -

وَأَنْ يُجِلَّ اللهَ أوْ يَخْشَاهُ

إنَّ الوَليَّ مَنْ قَدِ اتَّقَاهُ

1776 -

وَالوَقْفُ عَنْ حُكْمٍ بها لأَحَدِ

مُعَيَّنٍ يَلْزَمُ في مُعْتَقَدِي

1777 -

فلا تُزَكِّ أَحَدًا فاللهُ

هُوَ الذِي يَعْلَمُ مَنْ وَالاهُ

1778 -

وَقُلْ إذَا بَدَتْ لَهُ كَرَامَةْ

أَحْسَبُهُ بِشَرْطِ الاسْتِقَامَةْ

ص: 159

فصْلٌ:

في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بأَشْرَاطِ السَّاعَةِ: مِنْ خُرُوج الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام مِنَ السَّمَاءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوع الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا.

1779 -

نُؤْمِنُ بِالأَشْرَاطِ للقِيَامَةْ

وَأَنهَا لِقُرْبها عَلامَةْ

1780 -

وَهَذِهِ الآيَاتُ إِمَّا صُغْرَى

قَدِ انْقَضَى مُعْظَمُهَا أوْ كُبْرَى

1781 -

وَلَسْتُ مُهْتَمًّا بمَا تَعَجَّلا

مِنْها وإِنمَا بمَا تأَجَّلا

1782 -

لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ صَحِيحَا

لا طَعْنَ فِيهْ لا وَلا تجْرِيحَا

1783 -

مِنْهَا خُرُوجُ الأعْوَرِ الدَّجَّالِ

وَمَنْبَعِ الكُفْرِ مَعَ الضَّلالِ

1784 -

مِنْهُ اسْتَعَاذَ المُصْطَفَى وَحَذَّرَا

كَالأنْبِيَاءِ صَحْبَهُ وَأَنْذَرَا

1785 -

أَخْبَرَ عَنْهُ بالنُّعُوتِ الظَّاهِرَةْ

وَجَاءَنا عَنْهُ الصِّفَاتُ البَاهِرَةْ

1786 -

حتَّى غَدَا الدَّجِّالُ غَيرَ خَافِي

بهذِهِ الآيَاتِ وَالأَوْصَافِ

1787 -

فهْوَ فَتىً كَمَا يَقُولُ قَطَطُ

مُجْتَمِعٌ في الخَلْقِ لا مُنْبَسِطُ

1788 -

وَعَيْنُهُ طَافِيَةٌ كالعِنَبَةْ

وَبْينَ عَيْنَيْهِ (كَفَرْ) مُكْتَتَبَةْ

1789 -

يَقُولُ للنَّاسِ أَنَا رَبُّ الوَرَى

إِفْكًا فإِنَّ اللهَ لَيْسَ أعْوَرَا

1790 -

يخْرُجُ بَينَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ

ثمَّ يَعِيثُ بَعْدُ في الآفَاقِ

1791 -

لَكِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ

مَكَّةَ مَعْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ

1792 -

يأتِي بمِثْلِ جَنَّةٍ وَنَارِ

وَالأمْرُ عَكْسُ ما لَدَى الأنْظَارِ

1793 -

فنَارُهُ التي لَدَيْهِ جَنَّةُ

وَالجَنَّةُ النَّارُ وَتِلْكَ الفِتْنَةُ

1794 -

يتبَعُهُ مِنْ هُودِ أَصْفهَانِ

سَبْعُونَ ألْفًا مِنْ ذَوِي السِّيجَانِ

1795 -

يَلْبَثُ فِينا قَدْرَ أرْبَعِينَا

يَفتِنُنَا فيهَا ويَبْتَلِينَا

ص: 160

1796 -

وَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ أيَّامَا

أمْ أَشْهُرًا تَكُونُ أمْ أَعْوَامَا؟

1797 -

قَدْ قَالَ فيها المُصْطَفَى لا أَدْرِي

كمَا أتَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَمْرِو

1798 -

وَقَالَ في رِوَايَةِ النَّوَّاسِ

يَوْمًا بلا شَكٍّ وَلا الْتِبَاسِ

1799 -

لَكِنْ ثَلاثَةٌ مِنَ الأيَّامِ

كالشَّهْرِ وَالأُسْبُوعِ ثمَّ العَامِ

1800 -

وَسَائِرُ الأيَّامِ عِنْدَهُ كَمَا

تَكُونُ عِنْدَنا كَمَا قَدْ جَزَمَا

1801 -

يَفِرُّ فِيها النَّاسُ في الجِبَالِ

ليَحْتَمُوا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ

1802 -

وَهَكَذَا نَظَلُّ مِنْهُ في حَرَجْ

حَتى يجِىءَ اللهُ ـ جَلَّ ـ بالفَرَجْ

1803 -

أَعْني الذِي قَدْ جَاءَ في الصَّحِيحِ

مِنَ النُّزُول بَعْدُ للمَسِيح

1804 -

إذ ينْزِلُ ابْنُ مَرْيَمَ العَذْرَاءِ

فينا لَدَى المنَارَةِ البَيْضَاءِ

1805 -

هُنَاكَ شَرْقِيَّ دِمَشْقِ الشَّام

عَلَيْهِ مِنَّا أَفْضَلُ السَّلامِ

1806 -

فَيَطْلُبُ الدَّجَّالَ ثمَّ يُدْرِكُهْ

بِبَابِ لُدٍّ وَهُنَاكَ يُهْلِكُهْ

1807 -

وَبَعْدَهَا يَقُومُ فِينا حَكَمَا

عَدْلا فلا يَظْلِمُ فِيمَا حَكَمَا

1808 -

يُحَقِّرُ الصَّلِيبَ بالتَّكْسِيرِ

وَيَقْتُلُ القِرْدَ مَعَ الخِنْزِيرِ

1809 -

ثمَّ لِكَوْنِ المَالِ فِينا فَائِضَا

فلا يَكُونُ للزَّكَاةِ قَابِضَا

1810 -

يُوَحِّدُ الدِّينَ فلا مَعْبُودَا

ثَمَّ عَدا مَنْ خَلَقَ الوُجُودَا

1811 -

وَالشَّرْعُ شَرْعُ المُصْطَفَى الرَّسُولِ

لا شِرْعَةُ ابْنِ مَرْيَمَ البَتُولِ

1812 -

بَلْ في الصَّلاةِ رَبُّنا إِكْرَامَا

لمْ يجْعَلِ ابْنَ مَرْيَمَ الإِمَامَا

1813 -

وَهَكَذَا نَعِيشُ في سَلامِ

في ظِلِّهِ بِشِرْعَةِ الإسْلامِ

1814 -

وَحَاقَ بالعِبَادِ مَا كَانَ اقْتَرَبْ

مِنْ شَرِّ يأْجُوجَ فيَا وَيْلَ العَرَبْ

1815 -

ذَا سَدُّ ذِي القَرْنَيْنِ يَنقُبُونَهُ

ثمَّ بإذْنِ اللهِ يُخْرِبُونَهُ

1816 -

وَيَنْسِلُونَ بَعْدَ فَتْحِ السَّدِّ

مِنَ الحِدَابِ مَا لهُمْ مِنْ عَدِّ

1817 -

غَشُوا الوَرَى كأنهُمْ جَرَادُ

وَكَثُرَ الخَرَابُ والفَسَادُ

ص: 161

1818 -

حتَّى يَقُولَ قَائِلٌ قَضَيْنَا

عَلَى أَهَالي الأرْضِ وانْتَهَيْنَا

1819 -

وَمَا تبَقَّى بَعْدَ هَذَا إِلِّا

مَنْ كَانَتِ السَّمَا لَهُ مَحِلَّا

1820 -

فَصَوَّبَ السَّهْمَ إلى السَّمَاءِ

فَارْتدَّ كالمَخْضُوبِ بالدِّمَاءِ

1821 -

زِيَادَةً مِنْ ربِّنا فِي الفِتْنَةِ

وَالابْتِلاءِ للوَرَى وَالمِحْنَةِ

1822 -

وَجَاءَ عِيسَى الوَحْيُ حتَّى تَسْلَمُوا

حَرِّزْ إلى الطُّورِ الذِينَ أَسْلَمُوا

1823 -

فامْتَثَلَ الأَمْرَ وَقَالَ الطُّورَا

يقِيكُمُ الفِتْنَةَ وَالشُّرُورَا

1824 -

وَحُصِرُوا في الطُّورِ حتَّى ابْتَاعُوا

بالشَّيْءِ رَأْسَ الثَّوْرِ مِمَّا جَاعُوا

1825 -

هُنَالِكُمْ عِيسَى إِلى مَوْلاهُ

يَرْغَبُ في أَنْ يَرْفَعَ ابْتِلاهُ

1826 -

فيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ دُودَا

لمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا مَوْجُودَا

1827 -

يُصِيبُ كَلَّ وَاحِدٍ في أَنْفِهِ

حتَّى يَكُونَ سَبَبًا في حَتْفِهِ

1828 -

ثمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبها

خِلافَ مَا اعْتَادَتْ بإذْنِ رَبِّها

1829 -

وَيَوْمَهَا يُغْلَقُ بَابُ التَّوْبَةِ

فَلَيْسَ للعَبْدِ إِذَنْ مِنْ أَوْبَةِ

1830 -

ثمَّ يُرِينَا آيَةً عَظِيمَةْ

إِذْ تخْرِجُ الأرْضُ لنَا بَهِيمَةْ

1831 -

وَكَيْفَ لا وَهْيَ تُكَلِّمُ الوَرَى

وَتَسِمُ المُؤْمِنَ ثمَّ الكَافِرَا؟

1832 -

وَهَلْ تكُونُ تِلْكَ قَبْلَ السَّابِقَةْ

أمْ أنهَا حَقًّا تَكُونُ اللاحِقَةْ؟

1833 -

لا عِلْمَ إلا أنَّ أيَّمَا ظَهَرْ

قَبْلُ فأُخْتُهَا تجِيءُ في الأثَرْ

1834 -

وَبَعْدَهَا خَسْفٌ يُرَى بالمَغْرِبِ

وَمَشْرِقٍ ثمَّ بأَرْضِ العَرَبِ

1835 -

ثمَّ تجِي السَّمَاءُ بالدُّخَانِ

فيَجْعَلُ الكَافِرَ كالسَّكْرَانِ

1836 -

وَآخِرُ الأشْرَاطِ تِلْكَ وَالفِتنْ

خُرُوجُ تِلْكَ النَّارِ مِنْ أَرْضِ اليَمَنْ

1837 -

أمَامَهَا نُسَاقُ كالأغْنَامِ

لأوَّلِ الحَشْرِ بِأَرْضِ الشَّامِ

1838 -

أَنَّى لَنَا مِنْ وَجْهِهَا الفِرَارُ

وَحَيْثُمَا بِتْنا تَبِيتُ النَّارُ؟

1839 -

وَمَا لَنَا مِنْ دُونهَا حَيْلُولَةْ

وَمَعَنا تَقِيلُ في القَيْلُولَةْ

ص: 162

1840 -

وَهَذِهِ الآيَاتُ جَاءَتْ عَشَرَةْ

وَكُلُّهَا ثَابِتَةٌ مُشْتَهَرَةْ

1841 -

ثمَّ وُقُوفِي عِنْدَ مَا قَدْ ذُكِرَا

لمْ يَعْنِ أنَّ غَيْرَهَا قَدْ أُنْكِرَا

1842 -

فمَا أَشُكُّ قَبْلَهَا في المَهْدِي

حَيْثُ تَوَاتَرَ الحَدِيثُ عِنْدِي

1843 -

لَكِنْ وَقَفْتُ عِنْدَها لأنها

آخِرُ مَا يَكُونُ مِنْهَا دُونها

1844 -

وَلوْ فَتَحْتُ بَابَها مَا انْغَلَقَا

لِكَثْرَةِ الذِي بهَا تعَلَّقَا

ص: 163

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُصَدِّقُ كَاهِنًا وَلا عَرَّافًا، وَلا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الأمَّةِ.

1845 -

وَلمْ نُصَدِّقْ كَاهِنًا كَذَّابَا

قَدِ ادَّعَى العِلمَ بمَا قَدْ غَابَا

1846 -

قَدْ حَجَبَ اللهُ الغُيُوبَ عَنَّا

فكَيْفَ يَدْرِي الغَيْبَ فَرْدٌ مِنَّا؟

1847 -

لا تَنْخَدِعْ إنْ صَدَقُوا أَحْيَانَا

وَطَابَقَتْ دَعْوَاهُمُ مَا كَانَا

1848 -

فكُلُّ كَاهِنٍ مِنَ الكُهَّانِ

لَهُ رَئِيُّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ

1849 -

إذَا دَرَى بالسَّمْعِ أَمْرًا كَائِنَا

وَفَاتَهُ الشِّهَابُ أدْرَى الكَاهِنَا

1850 -

لَكِنَّهُ يخْلِطُ أوْ يَزِيدُ

مِائَةَ كِذْبَةٍ كَمَا يُرِيدُ

1851 -

وَمَا عَسَى يَكُونُ بَعْدَ هَذَا

صَاحِبُهُ أكَاذِبٌ أمْ مَاذَا؟

1852 -

ثمَّ بِبِعْثَةِ النَّبيِّ المُجْتَبَى

قَدْ مُلِئَتْ تِلْكَ السَّمَاءُ شُهُبَا

1853 -

فَكَيْفَ للشَّيْطَانِ أَنْ يَلتَمِسَا

أَمْرًا بها وَقَدْ مَلاهَا حَرَسَا؟

1854 -

لا تَسْأَلِ العَرَّافَ أيَّ أمْرِ

وَلا تُصَدِّقْهُ فليْسَ يَدْرِي

1855 -

اللهُ لا يَقْبَلُ مِمَّنْ سَاءَلَهْ

صَلاةً ارْبَعِينَ يَوْمًا كَامِلَةْ

1856 -

وَمَنْ يُصَدِّقْهُ فهَذَا قَدْ كَفَرْ

بمَا أتَى بِهِ النَّبيُّ مِنْ خَبَرْ

1857 -

لا تَقْرَأِ الكَفَّ وَلا الفِنْجَانَا

فتَلْحَقَ العَرَّافَ وَالكُهَّانَا

1858 -

وَلا تخُطَّ في الرِّمَالِ وَلْتَدَعْ

مَنْ يَضْرِبُونَ بالحَصَى أوِ الوَدَعْ

1859 -

إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ نجَّمَا

وَلا تُصَدِّقْ أَبَدًا مُنَجِّمَا

1860 -

يَا صَاحِ إِنَّ هَذِهِ النُّجُومَا

لِكُلِّ شَيْطَانٍ غَدَتْ رُجُومَا

1861 -

وبَعْضُها بالنُّورِ وَالضِّيَاءِ

تَكُونُ حَقًّا زِينَةَ السَّمَاءِ

1862 -

وَبَعْضُها في اللَّيْلِ تهْدِي السَّائِرَا

وَتُرْشِدُ الذِي يكُونُ حَائِرَا

ص: 164

1863 -

وَاللهِ مَا بَعْدَ كَلامِ المَوْلى

يَصِحُّ أنْ نقُولَ فيهَا قَوْلا

1864 -

وَمَنْ رَأَى بها خِلافَ ذَلِكْ

فإنَّهُ بمَا رَآهُ هَالِكْ

1865 -

كَمَنْ يَظُنُّ أنَّهُ سَيَهْتدِي

بها لعِلْمِ مَا يَكُونُ في غَدِ

1866 -

وَمَنْ يَكُنْ قدْ صَادَفَ الحَقِيقَةْ

فإنَّ ذَا لا يَقْتَضِي تصْدِيقَهْ

1867 -

إِذْ لا يَكُونُ صِدْقُهُ بالكَائِنِ

إلا كَمَا يَكُونُ صِدْقُ الكَاهِنِ

1868 -

يَصْدُقُ فِيما قَالَهُ يَسِيرَا

وَيكْذِبُ الكَثِيرَ وَالكَثِيرَا

1869 -

إِذْ قَوْلُهُ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ

وَلَيْسَ عَنْ عِلْمٍ وَلا يَقِينِ

1870 -

وَالدِّينُ مَبْنيٌّ عَلى المَنْقُولِ

مِنَ النُّصُوصِ لا عَلَى المَعْقُولِ

1871 -

فَذَلِكَ القُرْآنُ والآثَارُ

في دَينِنَا الأَصْلُ أوِ المِعْيَارُ

1872 -

فَمَنْ يَكُنْ قَدِ ادَّعَى المُخَالَفَةْ

فمَا لَهُ وَزْنٌ لَدَيْنا أوْ صِفَةْ

1873 -

وَلْيَتَّهِمْ مَنْ خَالَفَ المَنْقُولا

بسَنَدٍ صَحَّ لهُمْ عُقُولا

1874 -

حَيْثُ صَحِيحُ النَّقْلِ لا يُعَارِضُهْ

عَقْلٌ صَرِيحٌ لا وَلا يُناقِضُهْ

1875 -

فلا تَكُنْ بنَاصِبِ الخِلافِ

وَاسْعَ إلى الجَمْعِ في الاخْتِلافِ

1876 -

فإِنْ تَعَذَّرَ فَلا تُغَالِطْ

وَاضْرِبْ برَأْيِ العَقْلَ عُرْضَ الحَائِطْ

1877 -

الدِّينُ قَوْلُ اللهِ وَالرَّسُولِ

بفَهْمِ أَصْحَابٍ لَهُ عُدُولِ

1878 -

وَمَنْ يُخَالِفْ قَوْلَ ربِّي والنَّبي

فَرُدَّ مَا قَدِ ادَّعَى وَاجْتَنِبِ

1879 -

وَكُلُّ مَنْ يُخَالِفُ الإِجمَاعَا

فلا نَرَى لِقَوْلهِ سَمَاعَا

1880 -

إِذْ أُمَّةُ المَبْعُوثِ بالرِّسَالَةْ

لمْ تجْتَمِعْ يَوْمًا عَلَى ضَلالَةْ

1881 -

وَليْسَ بعْدَ السَّلَفِ انْضِبَاطُ

لأَيِّ إجْمَاعٍ وَلا يُحَاطُ

1882 -

لأنَّهُ قَدْ كَثُرَ الخِلافُ

بينَ الوَرَى لمَّا قضَى الأسْلافُ

1883 -

مِنْ ثَمَّ لا تَصِحُّ فيهِ الدَّعْوَى

مَا دَامَ عَمَّتْ بالخِلافِ البَلْوَى

1884 -

لِذَاكَ قِيلَ وَهْوَ قَوْلٌ صَائِبُ

مَنِ ادَّعَى الإجْمَاعَ فَهْوَ كَاذِبُ

ص: 165

1885 -

لأنَّ هَذَا الشَّخْصَ مَا يُدْرِيهِ

لعَلَّهُ جَاءَ خِلافٌ فِيهِ

1886 -

هَذَا وَلا إجْمَاعَ مَعْ وُجُودِ

أَيِّ خِلافٍ سَابِقٍ مَوجُودِ

1887 -

كَمَا لَدَى تحَقُّقِ الإِجْمَاعِ

فَلا اعْتِبَارَ بَعْدُ بالنِّزَاعِ

ص: 166

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: وَنرَى الجَمَاعَة حَقًّا وَصَوَابًا، وَالفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا.

1888 -

نَرَى مَعَ الجَمَاعَةِ الصَّوَابا

وَالزَّيْغَ في الفُرْقَةِ وَالعَذَابَا

1889 -

لَكِنَّهَا أَيُّ جَمَاعَةٍ تُرَى

مَعْ كَثْرَةِ الفِرَقِ فِيمَا قَدْ نَرَى

1890 -

لَقَدْ تَنَوَّعَتْ لَدَيْنا الطُّرُقُ

وَانْتَشَرَتْ بَينَ العِبَادِ الفِرَقُ

1891 -

بَلْ بَلَغُوا الثَّلاثَ وَالسَّبْعِينا

كمَا عَنِ النَّبيِّ قَدْ رُوِينَا

1892 -

وَكُلُّهَا في النَّار إلا وَاحِدَةْ

وَهْىَ التي عَلَى الطَّرِيقِ رَاشِدَةْ

1893 -

تَلْتَزِمُ الكِتَابَ ثمَّ السُّنَّةْ

فإِنَّ فِيهِمَا طَرِيقَ الجَنَّةْ

1894 -

وَلا تَرَى غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينْ

صَحْبِ النَّبيِّ المُصْطَفَى الهَادِي الأَمِينْ

1895 -

فلا تُفَارِقْ هَذِهِ الجَمَاعَةِ

فَهْىَ عَلَى الرَّشَادِ حَتى السَّاعَةِ

1896 -

وَاحْذَرْ مِنَ المذَاهِبِ المُضِلَّةِ

فَإِنهَا لاتنْتَمِي للْمِلَّةِ

1897 -

لا تمْشِيَنَّ خَلْفَ كُلِّ نَاعِقِ

يجْهَلُ شَرْعَ اللهِ أوْ مُنَافِقِ

1898 -

وَاهْجُرْ إِذَا اسْتَطَعْتَ كُلَّ دَاعِي

إِلى ضَلالٍ أَوْ إِلى ابْتِدَاعِ

1899 -

بَلْ كُلُّ مَنْ أَضَرَّكَ اصْطِحَابُهُ

في دِينِنَا فالوَاجِبُ اجْتِنَابُهُ

ص: 167

فصْلٌ:

في نظْمِ قَوْلِهِ: وَدِينُ اللهِ في الأرْضِ والسَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الإسْلامِ، قالَ اللهُ تعَالى:(إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ)، وَقالَ:(وَرَضِيتُ لكُمُ الإسْلامَ دِينًا) ، وَهُوَ بَيْنَ الغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ، وَبَيْنَ الجَبْرِ والقَدَرِ، وَبَيْنَ الأمْنِ وَالإيَاسِ.

1900 -

وَلا اخْتِلافَ عِنْدَنا في الدِّينِ

في الأرْضِ وَالسَّمَاءِ خُذْ تَبْيِينِي

1901 -

فالأنْبِيَاءُ أَفضَلُ الصَّلاةِ

عَلَيْهِمُ كُانُوا بَنِي عَلَّاتِ

1902 -

فالدِّينُ وَاحِدٌ لَدَى الجَمِيعِ

وَإِنمَا التَّنْوِيعُ في التَّشْرِيعِ

1903 -

حَيْثُ شَرِيعَةُ الرَّسُولِ اللَّاحِقِ

غَيرُ شَرِيعَةِ الرَّسُولِ السَّابِقِ

1904 -

وَدِينُهُ الإِسْلامُ لا سِوَاهُ

بِذَلِكَ الرَّحْمَنُ قَدْ سَمَّاهُ

1905 -

وَأمَرَ العِبَادَ باتِّبَاعِ

لَهُ عَلَى لِسَانِ كُلِّ دَاعِي

1906 -

أَلْزَمَهُمْ رَبِّي بِهِ يَقِينَا

وَمَا ارْتَضَى لهُمْ سِوَاهُ دِينَا

1907 -

بَلْ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ لَنْ أقْبَلا

دِينًا سِوَى الإسْلامِ فِيمَا أَنْزَلا

1908 -

وَأَنَّ مَنْ أَتى بِدِينٍ آخَرَا

يَكُونُ في يَوْمِ الحِسَابِ خَاسِرَا

1909 -

وَأَصْلُهُ الإِخْلاصُ في العِبَادَةْ

للهِ بالشَّرْعِ الذِي أَرَادَهْ

1910 -

فلا يَكُونُ المَرْءُ مِمَّنْ أَشْرَكَا

وَلا يَجِئْ بِبِدْعَةٍ فيَهْلِكَا

1911 -

شَرْطَا قَبُولِ الدِّينِ أَنْ تَتَّبِعَا

وَتخْلِصَ النِّيَّةَ للهِ مَعَا

1912 -

وَهُوَ في التَّشْرِيعِ ذُو تَيْسِيرِ

بَيْنَ الغُلُوِّ فِيهِ وَالتَّقْصِيرِ

1913 -

ففِي القِصَاصِ نحْنُ بَيْنَ القوَدِ

وَبَينَ أنْ نعْفَوَ عَنْهُ أوْ نَدِي

1914 -

وَقَدْ أَحَلَّ رَبُّنَا أَنْ نَطْعَمَا

ما يُسْتَطَابُ وَالخَبِيثَ حَرَّمَا

1915 -

وَنَغْسِلُ الثَّوْبَ مِنَ القَذَارَةِ

ثمَّ نُصَلِّي فِيهِ ذَا طَهَارَةِ

ص: 168

1916 -

في حِين أنَّ تِلْكَ قَدْ تسَاهَلَتْ

فِيها النَّصَارَى واليَهُودُ قدْ غَلَتْ

1917 -

وَهُوَ بَينَ الأمْنِ مِنْ نِقْمَتِهِ

وَمَكْرِهِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَحْمَتِهِ

1918 -

أيْ هُوَ بيْنَ الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ

فَلْتَخْشَ وَارْجُ اللهَ في الجَزَاءِ

1919 -

ثمَّ كَمَا الشَّرْعُ تَوَسَّطَ المِلَلْ

فالسَّلفيُّونَ توَسَّطُوا النِّحَلْ

1920 -

فَفِي صِفَاتِ الوَّاحِدِ الجَلِيلِ

نَكُونُ بيْنَ النَّفْيِ وَالتَّمْثِيلِ

1921 -

فَنُثْبِتُ الوَصْفَ مَعَ التَّنْزِيهِ

للهِ عَنْ تمْثِيلٍ اوْ تَشْبِيهِ

1922 -

أَيْ أنَّنَا بَيْنَ الذِينَ عَطَّلُوا

صِفَاتِهِ وَبَينَ مَنْ قدْ مَثَّلُوا

1923 -

ونَحْنُ بَينَ القَوْل بالإِجْبَارِ

وَنَفْيِ مَا للهِ مِنْ أَقْدَارِ

1924 -

فَرَبُّنا الخَالِقُ للأفْعَالِ

وَالمَرْءُ ذُو كَسْبٍ بِكُلِّ حَالِ

1925 -

وَفي وَعِيدِ رَبِّنا المُقْتَدِرِ

نَكُونُ بَينَ مُرْجِئٍ وَقَدَرِي

1926 -

وَفي أَسَامِي الدِّينِ خَيْرُ فِئَةِ

بَينَ الحَرُورِيِّةِ وَالمُرْجِئَةِ

1927 -

وَهَكَذا مَعَ النَّبيِّ المُصْطَفَى

نحْنُ فَلا غُلُوَّ فِيهِ أوْ جَفَا

1928 -

إيِّاكَ أنْ تَكُونَ فِيهِ غَالِيَا

وَلا تَكُنْ كَذَاكَ عَنْهُ جَافِيَا

1929 -

نَبِيُّنا عَبْدٌ قَدِ اصْطَفَاهُ

رَبِّي مِنَ العِبَادِ وَاجْتَبَاهُ

1930 -

قَدْ خَصَّهُ بالوَحْيِ وَالرِّسَالَةْ

لِيُنْقِذَ النَّاسَ مِنَ الضَّلالَةْ

1931 -

فَكَانَ فِينَا بَشَرًا رَسُولا

وَمَا ادَّعَى اتحَادًا اوْ حُلُولا

1932 -

فلا تجَاوِزْ فِيهِ هَذا الحَدَّا

وَتَدَّعِي حُبًّا لهُ وَوُدَّا

1933 -

إيَّاكَ والتَّأْلِيهَ وَالتَّقْدِيسَا

لَهُ كَتَأْلِيهِ النَّصَارَى عِيسَى

1934 -

فمَا يُحِبُّ المُصْطَفَى أَنْ نُنْزِلَهْ

في القَدْرِ فَوْقَ مَا لَهُ مِنْ مَنْزِلَةْ

1935 -

وَنحْنُ لا الشِّيعَةُ في قَرَابَتِهْ

وَلا خَوَارِجٌ لَدَى صَحَابَتِهْ

1936 -

وَهَكَذَا بَالوَسَطِيَّةِ اتَّصَفْ

شَرْعُ النَّبيِّ ثمَّ مَذهَبُ السَّلَفْ

1937 -

فالمُسْلِمُونَ وَسَطٌ في المِلَلِ

وَالسَّلَفِيُّ وَسَطٌ في النِّحَلِ

ص: 169

فصْلٌ:

في نظْمِ قوْلِهِ: فَهَذا دِينُنا واعْتِقَادُنا ظَاهِرًا وبَاطِنًا، وَنحْنُ بُرَاءُ إلى اللهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الذِي ذَكَرْنَاهُ وَبَيَّنَاهُ، وَنَسْألُ اللهَ تعَالى أنْ يُثبِّتَنا على الإيمَانِ، وَيخْتِمَ لَنا بِهِ، وَيَعْصِمَنا مِنَ الأهْوَاءِ المُخْتَلِفَةِ، وَالآرَاءِ المُتَفَرِّقَة ِ، وَالمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ مِثْلِ: المُشَبِّهَةِ، وَالمُعْتزلةِ، وَالجَهْمِيَّةِ، وَالجَبْريَّةِ، وَالقَدَرَيَّةِ وَغَيْرِهمْ مِنَ الذِينَ خَالفوا السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ، وَحَالَفُوا الضَّلالَةَ، وَنحْنُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وَهُمْ عِنْدَنا ضُلَّالٌ وَأرْدِيَاءُ، وَبِاللهِ العِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ.

1938 -

فَذَلِكَ اعْتِقَادُنا يَقِينَا

وَلا نَرَى خِلافَ هَذَا دِينَا

1939 -

نبْرَأُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يخَالِفُهْ

وَلا نُوَالِي غَيرَ مَنْ يُحَالِفُهْ

1940 -

فَدِنْ بهَذا ظَاهِرًا وبَاطِنَا

وَلا تَكُنْ بَما سِوَاه دَائِنَا

1941 -

يَا رَبِّ ثَبِّتْنا على الإِيمَانِ

وَاخْتِمْ لنَا بِهِ مَعَ الإحْسَانِ

1942 -

يَا رَبِّ واعْصِمْنَا مِنَ الأهْوَاءِ

وَهَذِهِ الأوْهَامِ وَالآرَاءِ

1943 -

وَكَرِّهْ المَذَاهِبَ الرَّدِيَّةْ

رَبِِّي إلى القُلُوبِ كالجَعْدِيَّةْ

1944 -

وَمَذْهَبِ الجَهْمِيَّةِ المُعَطِّلَةْ

ثمَّ المُشَبِّهَةِ وَالمُعْتَزِلَةْ

1945 -

وَالقَدَرِيِّينَ مَعَ الجَبْرِيَّةِ

وَأَهْلِ إِرْجَاءٍ وَأَشْعَرِيَّةِ

1946 -

وَغَيْرِ هَؤُلاءِ مِمَّنْ خَالَفُوا

سَبِيلَنا ثمَّ الضَّلالَ حَالَفُوا

1947 -

مِنْهُمْ جمِيعًا نحْنُ أَبْرِيَاءُ

إِذْ هُمْ مُضِلُّونَ وأَرْدِيَاءُ

1948 -

قَدِ ادَّعَوْا في العِلْمِ الاجْتِهَادَا

وَضَلَّلُوا بِذَلِكَ العِبَادَا

1949 -

وَهُمْ ببُعْدِهِمْ عَنِ الرِّسَالَةْ

قَدْ نَشَرُوا الضَّلالَ وَالجَهَالَةْ

ص: 170

1950 -

ألا تَرَاهُمْ أَحْدَثُوا وَشَرَعُوا

مَا اللهُ لمْ يأْذَنْ بِهِ وَابْتَدَعُوا

1951 -

وَكُلُّ بِدْعَةٍ غَدَتْ ضَلالَةْ

كمَا أتَى عَنْ صَاحِبِ الرِّسَالَةْ

1952 -

وَكَيْفَ لا تَكُونُ بِالضَّلالَةْ

وَرَبُّنا قَدْ أكْمَلَ الرِّسَالَةْ

1953 -

وَبَلَّغَ المَوْصُوفُ بالأمِينِ

مَا جَاءَهُ مِنْ رَبِّهِ مِنْ دِينِ

1954 -

أَيَدَّعِي البِدْعِيُّ أنَّ المُصْطَفَى

قَدْ خَانَنَا فِي دِينِنَا وَمَا وَفى؟

1955 -

أمْ هَلْ يَقُولُ أَنَّهُ تَعَالى

لمْ يُكْمِلِ الدِّينَ كَمَا قَدْ قَالا؟

1956 -

فَهْوَ إِذَنْ يَدُورُ لا مَحَالَةْ

في فَلَكٍ قُطْبَاهُ مِنْ ضَلالَةْ

1957 -

ألَيْسَ وَصْفُ رَبِّنا بالكَذِبِ

ضَلالَةً وَبِالخِيَانَةِ النَّبي

1958 -

فلا تَكُنْ باللَّوْمِ ذَا اسْتِعْجَالِ

إِذَا وَصَفْتُ القَوْمَ بالضَّلالِ

1959 -

فَإِنهُمْ قَدْ هَجَرُوا الآثَارَا

وَاعْتَمَدُوا الأهْوَاءَ وَالأفْكَارَا

ص: 171