الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صورة فتوى الشيخ عبد الله الجزار
(1) ]
وقد أُرْسِلَتْ هذه الفتوى إلى الفاضل الشيخ عبد الله الجزار، مفتي عكا، وسئل عن رأيه في ذلك، فأجاب بما يلي:
الحمد لله ملهم الصَّواب، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيدنا محمد، والآل، والأصحاب، أما بعد:
فأقول: إنَّ إطلاق الكراهة التَّحريمية في رفع الصوت أمام الجنائز بالذِّكر وخلافه خلاف ما ذكره العلامة ابن عابدين في «حاشيته رد المحتار» (2) ، من كون كراهة ما ذكر، قيل: تنزيهية، وقيل: تحريمية (3)، وكذلك ذكر القهستاني في «شرح الرُّموز» ما نصه: لا بأس لمشيع الجنازة بالجهر بالقرآن والذكر، وقيل: إنه مكروه كراهة التَّحريم، فإنَّ ظاهره صريح في أنَّ المعتمد فيه الكراهة التنزيهية لذكره كراهة التحريم بما يشعر بالضَّعف. وذكر مثل ذلك -أيضاً- في «شرح ملتقى الأبحر على مجمع الأنهر» (4) ،
(1) وهو شيخ خزيران المردود عليه، وقد ولد في عكا سنة 1855م، من أسرة قدمت من المغرب، ودرس في عكا، واتبع الطريقة الشاذلية، ثم درس في الأزهر، وعيّن خطيباً وإماماً في جامع أحمد باشا، والتحق في القضاء الشرعي، كاتباً في المحكمة الشرعية في العهد العثماني، وأصبح قاضياً شرعياً لمحكمة عكا، فمفتياً لها، وبقي مفتياً فيها زمن الانتداب البريطاني حتى آخر حياته، حقق رسالة الربيع بن ليث، وطبعها في عكا سنة 1928م، توفي سنة 1939م، ترجمته في «من أعلام الفكر والأدب في فلسطين» (ص 89-90) .
(2)
(2/233) .
(3)
الفرق بينهما: أن التنزيهية فيها عتاب، والأخرى فيها عقاب، والفرق بينهما وبين الحرام: أن الحرام ثبت بدليل قطعي دونها، وهذا على مصطلح الحنفية دون غيرهم. انظر:«تيسير التحرير» (2/135) ، «مسلّم الثبوت» (1/58) ، «التلويح على التوضيح» (2/126) .
(4)
(1/274) ..
على أنه قد ذكر العلامة الشيخ عبد القادر أفندي الرافعي (1) مفتي الديار المصرية سابقاً في تقريره (2)
(1) هو الشيخ عبد القادر الرافعي، وهو أول من لقّب بالرافعي، الفاروقي الحنفي، وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولد في طرابلس، الشام، سنة 1248هـ - 1832م، ونشأ بها، وتلقى مبادئ العلم، ولما ترعرع، سافر إلى مصر، والتحق بالأزهر، ثم اشتغل بالتدريس فيه، وتخرج عليه عدد كبير من أفاضل العلماء، وتولى مشيخة رواق الشوام، وإفتاء ديوان الأوقاف، وعيِّن عضواً في مجلس الأحكام، ثم رئيساً للمجلس العلمي في المحكمة الشرعية، وفي سنة 1323هـ عيّن مفتياً للديار المصرية قبل وفاته بثلاثة أيام، وتوفي فجأة سنة 1323هـ - 1905م بمصر، ودفن في قرافة المجاورين، ورثاه كثير من الشعراء والكتاب، له ترجمة مطولة في:«تراجم علماء طرابلس وأدبائها» (ص 88-91) لعبد الله حبيب نوفل، «الأعلام الشرقية» (1/337 رقم 440) ، «الأعلام» (4/46) ، وجمع ابنه محمد رشيد كتاباً في ترجمته وهو مطبوع، وعنوانه «ترجمة حياة الشيخ عبد القادر الرافعي» .
(2)
قال عنه صاحب «تراجم علماء طرابلس» (ص 90) : «ملأه بالتحقيق الدقيق، وبالانتقاد، كما يظهر لمن يقرأه، مطبوعاً في مصر، وزاد على المطبوع تكملة ما برحت مخطوطة» .
قال أبو عبيدة: اسم التكملة «ذخيرة الأخبار بتتمة رد المحتار على الدر المختار» ، وهي بخطه في المكتبة الأزهرية، 1961 رافعي، فقه حنفي 26800، وله -أيضاً- «جدول الأغلاط الواقعة في كتاب قرة عيون الأخيار تكملة رد المحتار على الدر المختار» ، وما أجدر الكتاب الأول بالطباعة؛ لعنايته بالنوازل وتخريجها على الأصول، فضلاً عن التحقيق والتذييل والتذنيب.
على «حاشية المحقق السيد محمد عابدين» ، نقلاً عن السِّندي ما نصّه: «ونقل عن السَّيِّد الطَّاهر الأهدل أنه قال: السُّنة -وإن كانت هنا السُّكوت-يعني: وراء الجنازة- لكن قد اعتاد الناسُ كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع أصواتهم بذلك، وهم إن مُنِعُوا أبتْ نفوسُهم عن السُّكوت والتفكر، فيقعون في كلام دنيويّ، ربما وقعوا في غيبة، وإنكار المنكر إذا أفضى إلى ما هو أعظم منكراً كان تركُه أحبَّ ارتكاباً؛ لأخف المفسدتين، كما هي القاعدة الشرعية (1) . انتهى.
(1) هدي السلف المنقول خلاف هذا، وهو مقدم على تخريج القواعد، فالمسائل ينبغي أن تقرر أحكامها بالنقل، فإن تعذر فبالاستنباط والتخريج على القواعد والمقاصد، وهكذا. وانظر لقاعدة (ارتكاب أخف الضررين) :«فتاوى قاضي خان» (1/172) ، «القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير» (149، 168) ، «القواعد الفقهية» للنَّدْوي (147) ، «موسوعة القواعد الفقهية» (2/82) .
وذكر الإمامُ الكبير العالم الربانيُّ سيدي عبد الوهاب الشَّعراني في (عهد تشييع موتى المسلمين) في كتابه «العهود المحمدية» نقلاً عن شيخه العارف بالله سيدي علي الخواص رضي الله عنهما ما نصه: «وكان سيِّدي علي الخواص يقول: إذا علم من الماشين مع الجنازة أنهم لا يتركون اللغو في الجنازة، ويشتغلون بأحوال الدنيا، ينبغي أن نأمرهم بقول:(لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ، فإن ذلك أفضل من تَرْكه، ولا ينبغي لفقيه أنْ ينكر ذلك إلا بنصٍّ أو إجماع، فإن مع المسلمين الإذن العام (1) من الشَّارع بقول:(لا إله إلا الله، محمد رسول الله) صلى الله عليه وسلم كل وقت شاؤوا، ويا للعجب من عمى قلب من ينكر مثل هذا!! وربما غرم عند الحكَّام الفلوس، حتى يبطل قول المؤمنين:(لا إله إلا الله، محمد رسول الله) صلى الله عليه وسلم في طريق الجنازة، وهو يرى الحشيشَ يباع، فلا يكلِّف خاطره أن يقول للحشَّاش: حرام عليك
…
إلى آخر ما ورد فيه، فراجعه» ، وعليه؛ فإنَّ البلوى قد كثُرت، والغفلةُ في هذه الأوقات قد استولت على قلوب الخلق أجمع، وذهلوا عن التّفكّر في أحوال الآخرة، وانصرفت هممُهم ووجهتُهم إلى الدنيا في جميع الأزمان، فضلاً عما يقع منهم أثناء تشييع الجنائز، من اللغو والغيبة، فلا بأس من العمل بقول هذا العارف (2) ، وقد نقل في «الحواشي المدنيَّة» عن بعض أفاضل علماء السَّادة الشافعية (3) ما يؤيد ذلك، وذكر المدابغي في «حاشيته» على قول الخطيب الشربيني على شرح (وكره اللغط في الجنازة)(4)
(1) انظر لزاماً رد المصنِّفَين على هذه الشبهة في (ص 92) .
(2)
هذا مردود، بما قرر المؤلِّفان فيما سبق، والله الموفّق.
(3)
انظر: «حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج» (3/187) ، «حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج» (3/23) .
(4)
«الإقناع» (1/178) ..
ما نصه: «أي: رفع الصَّوت، ولو بقرآن، أو ذكر، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا باعتبار ما كان في الصَّدر الأول، وإلا فالآن لا بأس بذلك؛ لأنه شعار الميت؛ لأنَّ تركه مزرٍ بالميت، ولو قيل بوجوبه لم يبعد» (1) انتهى نقلاً عن بعض مشايخه.
هذا ما تيسر لنا تحريره في هذا الموضوع، ونسأله -تعالى- أن يهدينا إلى سواء السبيل، ويوفِّقنا إلى ما فيه رضاه، ورضا نبيِّه صلى الله عليه وسلم، واتِّباع الحقّ أسلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
…
مفتي عكَّا
في 19 رجب عام 1343
عبد الله الجزار (2)
فأرسل المستفتي - وهو: الحاج عبد الواحد الحسن، نائب رئيس الجمعية الخيرية (3) بحيفا- صورة الفتويَين إلى الأُستاذين: الشيخ محمود محمد خطاب السُّبكي (4) ، والشيخ علي سرور الزَّنكلوني مِن كبار علماء الأزهر.
فأجاب حضرة الأستاذ العلاّمة الشيخ علي سرور الزَّنكلوني بما يأتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) انظر: «المنح السامية في النوازل الفقهية» (1/163-166) و «النوازل الجديدة الكبرى» (2/39) كلاهما للمهدي بن محمد بن الخضر الوزاني المالكي (ت 1342هـ - 1923م) ، وله «تقييد في جواز الذكر» رد فيه على العلامة الرهوني، ولعله ما في «النوازل الصغرى» المسماة «المنح السامية» ، انظر:«معلمة الفقه المالكي» (186) ، «المطبوعات الحجرية في المغرب» (78) ، ولأبي العباس أحمد بن أبي المحاسن بن يوسف الفاسي الفهري رسالة في جواز الذكر بالجهر مع الجنازة، انظر «المطبوعات الحجرية في المغرب» (78) .
(2)
كان مديراً للمدرسة الأحمدية بعكا، وكانت تابعة لأزهر فلسطين. انظر:«من تاريخنا» للأستاذ محمود العابدي (2/152-153) ، «بلادنا فلسطين» (الجزء السابع - القسم الثاني)(في ديار الجليل)(ص 303) ، ومضت ترجمته قريباً.
(3)
انظر عنها كتاب عبد الله الحوراني «الجمعيات الخيرية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة» صادر عن دار الكرمل.
(4)
سبقت ترجمته (ص 24) .
الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد: فإنَّ تشييع الجنائز في نظر الإسلام من المسائل الدينية، التي لا يجوز شرعاً أن يذهب بها العرف، أو تتحكّم فيها العادة، وليس الدِّين الإسلامي إلا ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بيَّنتْ السُّنةُ العمليَّةُ الصَّحيحة حُكمَ الله في هذه المسألة، وأنه الصَّمتُ والتَّفكير في الموت، وفيما بعد الموت، وقد سار الصَّحابة -رضوان الله عليهم-، والتَّابعون، والسَّلفُ الصالح على هذا الحكم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (1) ،
ولم يحدث فيه تغيير، فكان ذلك إجماعاً منهم على ما قررته السّنة، من أنَّ الصَّمت والتفكير هو المطلوب، ولم يخالف أحد من المجتهدين في هذا الحكم؛ لأنَّ المذاهب الفقهية المعوَّل عليها لا تعتمد إلا على الدلائل الشرعية، وليس لنا دليل شرعي يخالف حكم هذه المسألة؛ ولأنَّ الغرض الذي يرمي إليه الدِّين من التّشييع هو التَّأدب والتَّفرغ للخشوع واستحضار ما يؤول إليه الإنسان، وأنَّ المنتهى إلى الله، كما كان منه المبدأ، مع ما في رفع الصَّوت من الجلبة والضَّوضاء، وصرف النفس عن التّفكر في الموت، وهو أمسُّ شيء بسعادة الإنسان في تلك الحالة، وقد شرع الله العبادات كلها في صورها المختلفة، وأشكالها المتعددة، لترمي إلى غاية واحدة، هي: السعادة الأبديَّة، إلا أنه -جلَّ شأنُه- جعل لكل عبادة شكلاً خاصاً، وروحاً خاصة، يتناسبان مع كل طريق موصل إلى تلك السعادة، وقد أمرنا بالتفكر في الموت في أكثر شؤوننا، وأن حالة تشييع الجنازة أعون على الامتثال، وأدعى إلى تأكّد الطّلب، حيث المشيعون قد تفرَّغوا إلى توديع واحد منهم -وقد كان معهم بالأمس- ليذهبوا به إلى مقرِّه في دار الجزاء، فالوقت إذاً: وقت العظات البالغات، والتَّفكير العميق، ومن هذا يتبين لنا: حكم الله في هذه المسألة.
(1) انظر ما علقناه (ص 11-14) ..
أما القول بجواز رفع الصَّوت في الجنازة بالقراءة والذِّكر وغيرهما، وأنه لا بأس به، وأن من قال بوجوبه لا يبعد، فغير معروفٍ في دين الله، ولا قيمة له، ما دامت السُّنَّة وعمل الصَّدر الأول على خلافه، وما دام لم يقم دليلٌ شرعيٌّ آخر على طلب الجهر أو جوازه جوازاً مستوي الطرفين، وأما ما نقل عن بعض المتأخرين من العلماء -إن صحَّ الأخذ بآرائهم- فمحمولٌ على حالة خاصة، لا يتعدَّى الحكم فيها ظروفها الخاصة؛ مثال ذلك: أن يتمكَّن الجهلُ بالدِّين من الناس ويتحاكموا إلى العصبية والجاهلية الأولى، إذا استحكم الخلاف بينهم، ويخشى إذا فُوجئوا وقت تشييع الجنازة بطلب العمل بالسُّنَّة أن تحدث فتنة، تعود على المسلمين بالضَّعف والتَّفرّق، خصوصاً إذا كان الداعي فاقد الحكمة، أو سيّء النية؛ ففي مثل تلك الحالة، يجوز أن يترك الناس على ما هم عليه فراراً من الفتنة، لا غير (1) ،
(1) على وفق المقرر عند الفقهاء، ودرجات تغيير المنكر خمسة؛ فإن زال أو نقص: فالنهي واجب، وإن زال بعضه وظهر منكر مثله: فمحل نظر، وإن لم يزل: فهو سنّة مرغَّب= =فيه، وإن ترتب عليه منكر مثله أو أشد: فإنكاره منكر. وانظر -لزوماً-: «إعلام الموقعين» (3/339-340 - بتحقيقي) ..
حيث الأمر بالمندوب قد يؤدي بالناس إلى الوقوع في المحرم، وليس معنى هذا: إن ما هم عليه هو الجائز، أو المطلوب شرعاً، بل هو مخالف للسُّنَّة الشَّرعية في كل حال، فهذه الحالة الخاصة لا تغيِّر حكم الله في المسألة، فلا ترفع عن المسلمين العالمين القادرين حرج إهمال الدَّعوة إلى الله سراً وجهراً عند أمن الفتنة، أما ما يقال من أن المشيِّعين إذا لم يشتغلوا بالذكر والقراءة وغيرها، فإنهم يشتغلون بأحاديث الدنيا، ويقعون في محرَّمات القول، فلا يغيِّر من حكم الله شيئاً، إذ المسلمون جميعاً مطالبون في كل شأن من شؤونهم، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا لضاع الدِّينُ، وانطمست معالِمُه، بتحكّم الفوضى والعادات، والله -تعالى- يقول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59] .
أما كون الذكر مطلوباً في ذاته، ومأذوناً فيه من جهة الشَّارع، إذناً عاماً، فلا يتنافى مع كراهته في وقت شرع الله فيه عبادةً خاصة، لحكمة يعلمها، تعود على المسلمين بالخير الكثير.
وفَّقنا الله جميعاً لفهم دينه فهماً صحيحاً، ورزقنا العملَ به، والسَّلام.
علي سرور الزَّنكلوني (1)
من علماء الأزهر
وأجاب حضرة الأستاذ العلَاّمة الشيخ محمود محمد خطاب السّبكي (2) بما يأتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) له ذكر في كلام أحمد الغماري في كتابه «دَرّ الغمام الرقيق» (187) ، ولا تأبه به!!
(2)
مضت ترجمته (ص 24) .
الحمد لله رب العالمين القائل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 27]، والصَّلاة والسلام على سيدنا محمد القائل:«من عمل بسنتي فهو مني، ومن رغب عن سنتي فليس مني» (1) ، وعلى من كان بشرعه من العاملين النَّاصرين.
من محمود خطاب إلى حضرة الأمجد عبد الواحد الحسن لا يزال موفقاً للصَّواب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى كل من اتبع الهدى، أما بعد: فأقول لحضرتكم: قد وصل خطابكم مستفهمين عن حكم رفع الصَّوت حال السير مع الجنازة.
(والجواب) :
إنَّ الحكم الوارد في الشَّرع الشَّريف هو السُّكوت في تلك الحال، كما كان عليه رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- وأصحابه -رضي الله تعالى عنهم-، وسلف الأمة (2) ، وعليه إجماع الأئمة المجتهدين، فهذا هو الحق الذي يطلب المصير إليه، والعمل به، ولا عبرة بما يخالفه من عادة الناس، أو أقوال المجازفين والجاهلين، أو العلماء المتساهلين، في أعمالهم، أو أقوالهم، أو تأليفهم، أو إفتائهم. وهذا من الوضوح بمكان فلا يحتاج إلى دليل غير ما ذكر.
(1) أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم 5063) ، ومسلم في «صحيحه» (رقم 1401)، بلفظ:«من رغب عن سنتي فليس مني» .
(2)
انظر ما قدمناه في التعليق على (ص 11-14) .