الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْع الثَّالِث وَالْعشْرُونَ معرفَة من تقبل رِوَايَته
234 -
(قَوْله) وخوارم الْمُرُوءَة (3 4 5 6 بِهِ أَمْثَاله وَهِي لَا تقدح فِي الْعَدَالَة كَمَا لَا يقْدَح فِيهَا وجود التُّهْمَة بل إِنَّمَا يقْدَح
فِي الشَّهَادَة ((وَقد أطلق الْعِرَاقِيُّونَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي أَن من وجد فِيهِ بعض مَا هُوَ خلاف الْمُرُوءَة قبلت شَهَادَته إِلَّا أَن يكون الْأَغْلَب عَلَيْهِ ذَلِك فَيرد
وَحكى شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ فِي رَوْضَة الْحُكَّام وَجْهَيْن فِي أَنه هَل يشْتَرط الْمُرُوءَة فِي الشَّهَادَة وجريانها فِي الرِّوَايَة أولى
الثَّانِي لم يبين المُرَاد بالمروءة المشترطة وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي فِي الْبَاب الثَّانِي من كتاب الشَّهَادَات الْمُرُوءَة على ثَلَاثَة أضْرب أَحدهَا أَن يكون شرطا فِي الْعَدَالَة بمجانبة مَا يستخف من الْكَلَام المؤذي والضحك وَترك مَا قبح من الْفِعْل الَّذِي يلهو بِهِ ويستقبح بمعرته فمجانبة ذَلِك شَرط فِي الْعَدَالَة وارتكابه مفض إِلَى الْفسق (2) وَمِنْه نتف اللِّحْيَة وخضابها يَعْنِي بِالسَّوَادِ
وَالثَّانِي مَا لَيْسَ بِشَرْط كالإفضال بِالْمَاءِ وَالطَّعَام والمساعدة بِالنَّفسِ والجاه
الثَّالِث (3) مُخْتَلف فِيهِ وَهُوَ نَوْعَانِ عادات وصنائع ثمَّ حكى فِي مُخَالفَة الْعَادة أَرْبَعَة أوجه أَحدهَا لَا تقدح مُطلقًا وَالثَّانِي تقدح مُطلقًا وَالثَّالِث إِن كَانَ قد نَشأ عَلَيْهَا فِي صغره لم تقدح فِي عَدَالَته وَإِن استحدثها فِي كبره قدحت لِأَنَّهُ يصير مطبوعا بهَا وَالرَّابِع إِن اخْتصّت بِالدّينِ قدحت كالبول قَائِما (4) وَفِي المَاء الراكد وكشف الْعَوْرَة إِذا خلا وَأَن يتحدث بمساوئ [النَّاس](5) وَإِن
اخْتصّت بالدنيا لم تقدح كَالْأَكْلِ فِي الطَّرِيق وكشف الرَّأْس بَين النَّاس وَالْمَشْي حافيا لِأَن مُرُوءَة الدّين مَشْرُوعَة ومروءة الدُّنْيَا مُسْتَحبَّة
الْقسم الثَّانِي الصَّنَائِع الدِّينِيَّة وفيهَا أوجه ثَالِثهَا يرد مَا استرذل فِي الدّين كمباشرة الأنجاس (أ 131) من (1) الكناس والحجام والزبال ومشاهدة العورات كالقيم والمزين وَنَحْوهمَا (2)
الثَّالِث لم يذكر من شُرُوطهَا الْحُرِّيَّة وَإِن ذكره الْفُقَهَاء فِي الشَّهَادَات لِأَن العَبْد (3) مَقْبُول الرِّوَايَة ب (4)[الشُّرُوط الْمَذْكُورَة](5) إِجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيب (6) وَلَا يشْتَرط الذُّكُورَة خلافًا لما نَقله الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي عَن أبي حنيفَة قَالَ وَاسْتثنى أَخْبَار عَائِشَة وَأم سَلمَة وَلَا يشْتَرط الْبَصَر وَلَا الْعدَد وَلَا الْعلم بالفقه أَو الْغَرِيب أَو معنى الحَدِيث وَشرط أَبُو حنيفَة فقه (7) الرَّاوِي إِن خَالف الْقيَاس (8)
235 -
(قَوْله) عَدَالَة الرَّاوِي تثبت بتنصيص عَدْلَيْنِ على عَدَالَته وَتارَة بالاستفاضة
فِيهِ أَمْرَانِ
أَحدهمَا ظَاهره الْحصْر فِي ذَلِك فَيخرج بِهِ مَا لَو عمل بحَديثه (1) فَلَا يَقْتَضِي تعديله وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْده كَمَا سَيَأْتِي
وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعَدَالَة تثبت بِرِوَايَة جمَاعَة من الجلة عَن الشَّخْص وَهَذِه طَريقَة الْبَزَّار فِي مُسْنده وجنح إِلَيْهَا ابْن الْقطَّان أَيْضا فِي الْكَلَام على حَدِيث قطع السدر (2) فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام (3)
الثَّانِي مَا ذكره من اشْتِرَاط ذَلِك هُوَ الْمَشْهُور وَنقل فِي طبقاته عَن ابْن
عَبْدَانِ (1) أَنه حكى فِي كتاب شَرَائِط الْأَحْكَام عَن بعض أَصْحَابنَا أَنه لم يعْتَبر فِي ناقل الْخَبَر مَا يعْتَبر فِي الدِّمَاء والفروج من التَّزْكِيَة بل إِذا كَانَ ظَاهره الدّين والصدق قبل خَبره ثمَّ استغربه الشَّيْخ وَهُوَ كَذَلِك (2) وَهُوَ قريب من توسع ابْن عبد الْبر الْآتِي
وَاعْلَم أَنه يجوز تَقْلِيد الْأَئِمَّة (د 79) فِي التَّعْدِيل لَا سِيمَا فِي مثل هَذِه الْأَعْصَار قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي شرح الْبُرْهَان فِي بَاب الِاجْتِهَاد وَصَارَ بعض الْأُصُولِيِّينَ إِلَى جَوَاز الِاكْتِفَاء بتعديل الْأَئِمَّة كَمَا ثَبت عِنْد الكافة الانقياد إِلَى تَعْدِيل من روى عَنهُ (3) البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَإِن كَانَ الروَاة عِنْد أهل الْعَصْر مستورين وَهَذَا اخْتَارَهُ الْغَزالِيّ (4) وَأَشَارَ إِلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ (5) أَيْضا
قَالَ وَيبعد فِي حق الرَّاوِي أَن يعرف حَاله كل من روى لَهُ خَبرا فيكتفي بتعديل الْأَئِمَّة بعد أَن يعرف مَذْهَبهم (6) فِي التَّعْدِيل مَذْهَب مُسْتَقِيم فَإِن النَّاس قد اخْتلفُوا فِيمَا يعدل بِهِ ويجرح قَالَ الْأَنْبَارِي
وَالصَّحِيح عندنَا خلاف ذَلِك وَهَذَا تَقْلِيد مَحْض وَلَا يكون الْمُحدث على بَصِيرَة من هَذَا الْحَال
وَرَأَيْت فِي جملَة مسَائِل سُئِلَ عَنْهَا الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي أَنه إِذا ورد تَعْدِيل وَاحِد من الْحفاظ وتجريحه كيحيى بن معِين وَغَيره فَإِن كَانَ الرجل من أهل النَّقْد
والمعرفة فَعَلَيهِ أَن ينظر فِيهِ ويتأمله بعده ويختار من أَقْوَال النَّاس وَمن (1) لم يكن من هَذِه الْمنزلَة فَلهُ تَقْلِيد يحيى وَغَيره
236 -
(قَوْله) وَتوسع ابْن عبد الْبر فَقَالَ كل حَامِل علم إِلَى آخِره (4 5 6 7 8 9 10 النَّاس لست ارى مَا قَالَه أَبُو عمر إِلَّا مرضيا
قَالَ وَقد جعل ذَلِك إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي (1) تعديلا جَائِزا فِي قبُول الشَّهَادَة وَهِي أضيق من الْخَبَر (أ 132) وَاكْتفى فِي قبُول الشَّهَادَة بِطَلَبِهِ الْعلم مَعَ السَّلامَة من الْجرْح ثمَّ سَاق ذَلِك بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ من عدله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أولى مِمَّن عدلته قَالَ الشَّيْخ وَلَو أَن مستوري الْحَال فِي دينهما تَعَارضا فِي نقل خبر وَأَحَدهمَا مَعْرُوف بِطَلَب الحَدِيث وكتابته وَالْآخر لَيْسَ كَذَلِك لكَانَتْ النَّفس إِلَى قبُول خبر الطَّالِب اميل وَلَا معنى لهَذِهِ الْمعرفَة إِلَّا مزية طلبا لعلم انْتهى
وَقد يتَوَقَّف فِي الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث على مَا قَصده ابْن عبد الْبر من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن قَوْله يحمل وَإِن كَانَ لَفظه لفظ الْخَبَر إِلَّا أَن مَعْنَاهُ الْأَمر وَلَا يجوز أَن يكون خَبرا مَحْضا وَإِلَّا لتطرق إِلَيْهِ الْخلف وَهُوَ مُخَالف لِأَنَّهُ قد يحملهُ غير عدل فِي الْوَاقِع وَلِأَن كثيرا من الْعُدُول لَا يحملونه وَحِينَئِذٍ فَلَا حجَّة فِيهِ لَا سِيمَا على الرِّوَايَة الَّتِي سيحكيها عَن كتاب الرحلة للْمُصَنف
الثَّانِي أَن ابْن عبد الْبر نَفسه قَالَ فِي كتاب جَامع بَيَان الْعلم إِن هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن أُسَامَة وَأبي هُرَيْرَة بأسانيد كلهَا مضطربة غير مُسْتَقِيمَة (2) هَذَا لَفظه وَكَذَا
قَالَ أَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة وَلَو اعْترض بِهِ على الشَّيْخ لَكَانَ أولى
الثَّانِي أَن هَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ مَرْفُوعا من من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب وَأبي هُرَيْرَة وَابْن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو وَابْن عمر وَأبي أُمَامَة وَجَابِر بن سَمُرَة وَأُسَامَة بن زيد وأسانيدها ضَعِيفَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا يَصح مَرْفُوعا إِنَّمَا هُوَ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري (1) عَن (2) النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ ابْن عدي رَوَاهُ الثِّقَات عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري قَالَ ثَنَا الثِّقَة من أَصْحَابنَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فَذكره (3)
وَأوردهُ الْعقيلِيّ (4) فِي الضفعاء فِي تَرْجَمَة معَان بن رِفَاعَة (5) وَقَالَ لَا يعرف إِلَّا بِهِ (6) انْتهى وَهُوَ مُرْسل أَو معضل (7) ضَعِيف وَإِبْرَاهِيم الَّذِي أرْسلهُ قَالَ فِيهِ
ابْن الْقطَّان لَا نعرفه الْبَتَّةَ فِي شَيْء من الْعلم غير هَذَا وَلم يضعوا اسْمه فِي تواريخهم
قلت ذكره الْحسن بن عَرَفَة (1) فِي الصَّحَابَة حَكَاهُ عَنهُ أَبُو نعيم لكنه قَالَ لم يُتَابع عَلَيْهِ (2)
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي صحبته نظر
وَذكره ابْن حبَان فِي ثِقَات التَّابِعين (3) فَحصل أَنه إِمَّا تَابِعِيّ ثِقَة (أم)(4) مَشْكُوك فِي صحبته بل فِي كتاب الْعِلَل للخلال أَن أَحْمد بن حَنْبَل سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث فَقيل لَهُ كَأَنَّهُ كَلَام مَوْضُوع فَقَالَ لَا هُوَ صَحِيح فَقيل لَهُ مِمَّن سمعته فَقَالَ من غير وَاحِد فَقيل من هم فَقَالَ حَدثنِي بِهِ مِسْكين إِلَّا أَنه يَقُول عَن معَان عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ أَحْمد وَمَعَان لَا بَأْس بِهِ ووثقة ابْن الْمَدِينِيّ (5)
قَالَ ابْن الْقطَّان وخفي على أَحْمد من أمره مَا علمه غَيره ثمَّ ذكر تَضْعِيفه عَن
ابْن معِين وَابْن أبي حَاتِم وَالسَّعْدِي وَابْن عدي وَابْن حبَان وَقَالَ عبد الْحق حَدِيث أبي هُرَيْرَة أحسن من عبد الله بن عَمْرو ونازعه ابْن الْقطَّان فِي ذَلِك وَفِيمَا صَار إِلَى من تَضْعِيفه نظر فَإِنَّهُ يتقوى بِتَعَدُّد طرقه وَمن شواهده كتاب عمر إِلَيّ أبي مُوسَى الْمُسلمُونَ عدُول بَعضهم على بعض إِلَّا مجلودا فِي حد أَو مجربا عَلَيْهِ شَهَادَة زور (1) أَو ظنينا فِي وَلَاء أَو نسب (2)
الثَّالِث الْمَشْهُور فِي لفظ هَذَا الحَدِيث يحمل بِفَتْح الْفَاء وَضم الْعين من عدوله على أَنه جمع عدل وَرَأَيْت فِي رحْلَة ابْن الصّلاح [بِخَطِّهِ](3) مِمَّا نَقله
من كتاب مَنَاقِب مُحَمَّد بن كرام جمع مُحَمَّد الهيصم وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث قَالَ سَمِعت أَبَا جَعْفَر بن أَحْمد بن جَعْفَر (1) يَقُول سَمِعت أَبَا عَمْرو مُحَمَّد (2) بن أَحْمد التَّمِيمِي (3) يروي هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فيضم الْيَاء من قَوْله يحمل على أَنه فعل لم يسم فَاعله وَيرْفَع الْمِيم من الْعلم وَيَقُول عدولة وبالتاء (4) وَمَعْنَاهُ أَن الْخلف هُوَ العدولة بِمَعْنى أَنه عَادل كَمَا نقُول شكور بِمَعْنى شَاكر وَتَكون الْهَاء للْمُبَالَغَة (أ 133) وَالْمعْنَى أَن الْعلم يحمل عَن (5) كل خلف كَامِل فِي عَدَالَته وَأما أَبُو بكر الْمُفِيد (6) فَقَالَ حفظت عَنهُ يحمل بِفَتْح الْيَاء من كل خلف عدوله بِضَم الْعين وَاللَّام وَذكر أَنه رِوَايَة انْتهى
وَأما قَوْله خلف فِي الرِّوَايَة بتحريك اللَّام وَيسْتَعْمل فِي الْخَيْر يُقَال فلَان خلف صدق وَأما فِي الشَّرّ فَيُقَال خلف (7) قَالَ لبيد (وَبقيت فِي خلف كَجلْد الأجرب (8)
قَالَ الْخطابِيّ وَمن روى الحَدِيث بِسُكُون اللَّام فقد أحَال (1) 237 - (قَوْله) الثَّانِيَة يعرف كَون الرَّاوِي ضابطا إِلَى آخِره (2 3 4 5 6 7 8 عَن أَكثر الصَّحَابَة لتعذر
هَذَا الْمَعْنى قَالَ (1) وَهَذَا الشَّرْط وَإِن كَانَ على مَا بَينا فَإِن أَصْحَاب الحَدِيث قل مَا يعتبرونه فِي حق الطِّفْل دون الْمُغَفَّل فَإِنَّهُ مَتى صَحَّ عِنْدهم سَماع الطِّفْل أَو حُضُوره أَجَازُوا رِوَايَته وَالْأول أحوط اللدين وَأولى (2)
238 -
(قَوْله) التَّعْدِيل مَقْبُول من غير ذكر سَببه إِلَى آخِره (5 6 7 سَببهَا للمعنيين السَّابِقين
وَثَالِثهَا لَا يجب فيهمَا لِأَن الْمُزَكي إِن كَانَ بَصيرًا قبل جرحه وتعديله وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ قَول القَاضِي أبي بكر وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِن كَانَ الْمُزَكي عَالما بِأَسْبَاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل اكتفينا بِإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا فَلَا (1) وَالْمُخْتَار مَا قَالَه الْغَزالِيّ أَنه ينظر فِي مَذَاهِب الجارحين والمزكين فَإِن كَانَت مُخْتَلفَة توقفنا عَن قبُول الْجرْح حَتَّى يتَبَيَّن وَجهه وَمَا كَانَ مُطلقًا أَو غير مُقَيّد فَلَا يجرح بِهِ وَمَا يَنْبَغِي فِي الْجَارِح والمعدل أَن يكون عَالما باخْتلَاف الْمذَاهب فِي ذَلِك فيجرح عِنْد كل حَاكم بِمَا يرَاهُ ذَلِك الْحَاكِم جرحا فيجرح عِنْد الْمَالِكِي بِشرب النَّبِيذ متأولا لِأَنَّهُ يرَاهُ قادحا دون غَيره وَإِذ لَو لم يعْتَبر ذَلِك لَكَانَ الْجَارِح أَو الْمعدل عَار لبَعض الْحُكَّام حَتَّى يحكم بقول من لَا يرى قبُول قَوْله وَهُوَ نوع من الْغِشّ محرم (2)
239 -
(قَوْله) وَلذَلِك احْتج البُخَارِيّ بِجَمَاعَة إِلَى آخِره
مَا ذكره من أَن احتجاجه بهؤلاء لِأَنَّهُ لم يُفَسر جرحهم مَرْدُود بل الصَّوَاب أَن يُقَال إِنَّمَا احْتج بهم لِأَنَّهُ لم يثبت عِنْده الْجرْح وَإِن فسر لِأَنَّهُ قد جَاءَ التَّفْسِير فيهم (أ 134) أما عِكْرِمَة فَقَالَ ابْن عمر لنافع لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس (3)
وَفِي الْأَنْسَاب لمصعب الزبيرِي أَن سَبَب ذَلِك فِي عِكْرِمَة أَنه (1)
إِلَى ابْن عَبَّاس فَقيل ذَلِك (2)
وَأما عَاصِم (3) فَقَالَ ابْن معِين كَذَّاب كَذَّاب وَقَالَ مُسلم كثير الْمَنَاكِير وَقَالَ ابْن سعد لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ كثير الْخَطَأ فِي حَدِيثه (4)
وَأما عَمْرو بن مَرْزُوق فنسبه أَبُو الْوَلِيد (5) الطَّيَالِسِيّ إِلَى الْكَذِب (6)
وَأما ابْن سعيد (1) فمعروف بالتلقين وَقَالَ ابْن معِين كَذَّاب سَاقِط (2)
وَأما إِسْمَاعِيل (3) فَيُقَال إِنَّه أقرّ على نَفسه بِالْوَضْعِ كَمَا حَكَاهُ النَّسَائِيّ عَن
سَلمَة بن شبيب عَنهُ وَقَالَ النَّضر بن سَلمَة كَذَّاب (1)
إِلَى غير ذَلِك من كَلَام الْأَئِمَّة فِي الرِّجَال الْوَاقِعَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالَّذِي يزيح الْإِشْكَال مَا قدمْنَاهُ من أَنه لم يثبت عِنْده الْجرْح (2) وَلِهَذَا قَالَ إِسْحَاق بن عِيسَى الطباع (3) سَأَلت مَالك بن أنس قلت أبلغك أَن ابْن عمر قَالَ لنافع لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس قَالَ لَا وَلَكِن بَلغنِي أَن سعيد بن الْمسيب قَالَ ذَلِك لبرد مَوْلَاهُ (4) وعَلى تَقْدِير ثُبُوت التَّفْسِير فَلَا شكّ أَن فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل ضَرْبَيْنِ (5) من الِاجْتِهَاد وأئمة النَّقْل يَخْتَلِفُونَ فِي الْأَكْثَر فبعضهم يوثق الرجل إِلَى
الْغَايَة وَبَعْضهمْ يوهنه إِلَى الْغَايَة وهما إمامان إِلَيْهِمَا الْمرجع فِي هَذَا الشَّأْن قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف الْأَئِمَّة من أهل الْعلم فِي تَضْعِيف الرِّجَال كَمَا اخْتلفُوا فِيمَا سوى ذَلِك من الْعلم فَذكر عَن شُعْبَة أَنه ضعف أَبَا (1) الزبير الْمَكِّيّ (2) وَعبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان (3) وَحَكِيم بن جُبَير (4) وَترك الرِّوَايَة عَنْهُم ثمَّ حدث شُعْبَة عَمَّن هُوَ
دونهم فِي الْحِفْظ وَالْعَدَالَة كجابر (1) الْجعْفِيّ (2) وَإِبْرَاهِيم بن مُسلم الهجري (3) وَمُحَمّد بن عبيد ال (4) لَهُ الْعَرْزَمِي (5)
وَحِينَئِذٍ (1) فَلَا يكون إِمَام مِنْهُم حجَّة على الآخر فِي قبُول رِوَايَة راو أوردهُ (2) فَهَذَا [مُحَمَّد بن](3) إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي قَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل يروي مَنَاكِير (ذكر)(4) ذَلِك الْبَاجِيّ فِي رجال البُخَارِيّ (5) وَكَذَا الْعقيلِيّ (6) وَقَالَ فِيهِ ابْن
الْحذاء تكلم فِيهِ أهل الحَدِيث وَمَعَ هَذَا فاتفق أَئِمَّة الْإِسْلَام كمالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهم على الرِّوَايَة عَنهُ (1) وَحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ إِنَّمَا مَدَاره عَلَيْهِ وَقد تَلَقَّتْهُ الْأمة بِالْقبُولِ لموافقته الْأُصُول فَلَا يَجْعَل قَول أَحْمد - وَإِن كَانَ إِمَام هَذَا الشَّأْن - حجَّة على مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهم من الْأَئِمَّة (2) كَمَا لَا يكون قَول بعض الْأَئِمَّة حجَّة على بعض فِي الْمسَائِل الاجتهادية وَلَو ذهب الْعلمَاء إِلَى ترك كل من تكلم فِيهِ لم يبْق بأيدي أهل هَذَا (3) الشَّأْن من الحَدِيث إِلَّا
الْيَسِير بل لم يبْق شَيْء وَمن الَّذِي ينجو من النَّاس سالما وَلِلنَّاسِ قَالَ بالظنون وَقيل (1)
وَأَيْضًا فللبخاري أَن يَقُول إِنَّمَا شرطي صِحَة الحَدِيث للاتفاق على عَدَالَة الروَاة فقد يكون الحَدِيث لَهُ طرق بَعْضهَا أرفع من بعض فيعدل عَن الطَّرِيق الْأَصَح لنزوله (2) أَو لقصد تكْرَار الطّرق أَو غَيرهَا وَقد صرح مُسلم بِنَحْوِ ذَلِك فَقَالَ أَبُو عُثْمَان سعيد بن عَمْرو (3) سَمِعت (4) أَبَا زرْعَة الرَّازِيّ - وَقد ذكر لَهُ كتاب الصَّحِيح الَّذِي أَلفه مُسلم - فَقَالَ هَؤُلَاءِ قوم أَرَادوا التَّقَدُّم قبل أَوَانه فعملوا فِيهِ شيئايتشرفون بِهِ وألفوا كتبا لم يسْبقُوا إِلَيْهَا ليقيموا لأَنْفُسِهِمْ رئاسة قبل وَقتهَا وَأَتَاهُ ذَات (أ 135) يَوْم وَأَنا شَاهد رجل بِكِتَاب الصَّحِيح رِوَايَة مُسلم فَجعل ينظر فِيهِ فَإِذا هُوَ قد حدث عَن أَسْبَاط بن نصر (5) فَقَالَ أَبُو زرْعَة مَا أبعد (6) هَذَا من
الصَّحِيح يدْخل فِي كِتَابه أَسْبَاط بن نصر ثمَّ رأى فِيهِ قطن بن نسير (1) فَقَالَ لي هَذَا أَطَم (2) من الأول قطن بن نسير وصل أَحَادِيث عَن ثَابت (3) جعلهَا عَن أنس ثمَّ نظر وَقَالَ يروي عَن أَحْمد بن عِيسَى (4) فِي كتاب الصَّحِيح قَالَ لي أَبُو زرْعَة مَا رَأَيْت أهل مصر يَشكونَ فِي أَن أَحْمد بن عِيسَى وَأَشَارَ أَبُو زرْعَة إِلَى لِسَانه - كَأَنَّهُ يَقُول الْكَذِب ثمَّ قَالَ لي يحدث عَن هَؤُلَاءِ وَيتْرك مُحَمَّد بن عجلَان ونظراءه
قَالَ ورأيته يذم من وضع هَذَا الْكتاب فَلَمَّا رجعت (5) إِلَى نيسابور فِي الْمرة الثَّانِيَة ذكرت لمُسلم بن الْحجَّاج إِنْكَار أبي زرْعَة عَلَيْهِ فَقَالَ لي مُسلم إِنَّمَا قلت صَحِيح وَإِنَّمَا أدخلت من حَدِيث اسباط بن نصر وقطن بن نسير وَأحمد مَا قد رَوَاهُ الثِّقَات عَن شيوخهم إِلَّا أَنه رُبمَا وَقع إِلَيّ عَنْهُم بارتفاع وَيكون عِنْدِي من رِوَايَة من هُوَ أوثق مِنْهُم بنزول فأقتصر على الأول (6) وَاصل الحَدِيث مَعْرُوف من رِوَايَة
الثِّقَات (1) انْتهى
وَهَذِه فَائِدَة جليلة أزالت الْإِشْكَال وَعرف بهَا عذر الرجل بالتنصيص لَا بالتخرص وَعلم أَن إِلْزَام من ألزمهما تَخْرِيج (2) أَحَادِيث تركاها من رِوَايَة رجال رووا عَنْهُم وَقع فيهم الْكَلَام غير لَازم لما ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ قد لَا يصحبها (3) من أصل الصِّحَّة مَا صَحَّ (4) ب مَا أَخْرجَاهُ من حَدِيث أُولَئِكَ الرِّجَال
وَهَا هُنَا فَائِدَة جليلة وَهُوَ مَا جرت بِهِ عَادَة كثير من الْمُتَأَخِّرين فِي الرجل إِذا روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَقد تكلم فِيهِ أَن يعتمدوه ويقولوا قد جَازَ القنطرة قَالَ الشَّيْخ وَهَكَذَا نعتقده (5) وَبِه نقُول وَجرى على ذَلِك الْحَافِظ أَبُو الْحجَّاج (د 81) الْمزي والذهبي وَغَيرهم مِمَّا يظْهر من تصرفهم
وَنَازع فِي ذَلِك الإِمَام النَّاقِد شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي (6) وَقَالَ
الْحق أَن هَذَا القَوْل غير مَقْبُول على الْإِطْلَاق بل الْكَلَام فِي الرجل من رجال الصَّحِيح تَارَة لَا يكون مؤثرا فِيهِ ككلام النَّسَائِيّ فِي أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ (1) وَتارَة يكون مؤثرا كيحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ (2) ونعيم بن حَمَّاد (3) وسُويد بن
سعيد (1) وَغَيرهم فَإِذا انْفَرد وَاحِد مِنْهُم واشتهر الْكَلَام فِيهِ أَو ضعفه أَكثر الْأَئِمَّة
بِحَدِيث فِي الْحَلَال وَالْحرَام لم يحْتَج بِهِ وَأَصْحَاب الصَّحِيح إِذا رووا لمن تكلم فِيهِ وَضعف فَإِنَّهُم يثبتون من حَدِيثه مَا لم ينْفَرد بِهِ بل وَافق فِيهِ الثِّقَات وَقَامَت شَوَاهِد صدقه قَالَ وَفِي هَذَا الْموضع يعرض الْغَلَط لطائفتين من النَّاس إِحْدَاهمَا (1) يرَوْنَ الرجل قد أخرج لَهُ فِي الصَّحِيح فيحكمون بِصِحَّة كل مَا رَوَاهُ حَيْثُ رَأَوْهُ (2) فِي حَدِيث قَالُوا هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الصَّحِيح
وَهُوَ غلط فَإِن ذَلِك الحَدِيث قد يكون مِمَّا أنكر عَلَيْهِ من حَدِيثه أَو يكون شاذا أَو مُعَللا فَلَا يكون من شَرط أَصْحَاب الصَّحِيح بل وَلَا يكون حسنا وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث جمَاعَة ونكب (3) على بضعهَا خَارج الصَّحِيح
وَالثَّانيَِة يرَوْنَ الرجل قد تكلم فِيهِ وَقد ضعف فيجعلون مَا قيل فِيهِ من كَلَام الْحفاظ مُوجبا لترك جَمِيع مَا رَوَاهُ ويضعفون مَا صَحَّ من حَدِيثه لطعن من طعن فِيهِ كَمَا يَقُول ابْن حزم ذَلِك فِي إِسْرَائِيل (4)(أ 136) وَغَيره من الثِّقَات وَكَذَلِكَ ابْن
الْقطَّان يتَكَلَّم فِي أَحَادِيث كَثِيرَة قد أخرجت فِي الصَّحِيح لطعن من طعن فِي رواتها
وَهَذِه طَريقَة ضَعِيفَة وسالكها قَاصِر فِي معرفَة الحَدِيث وذوقه عَن معرفَة
الْأَئِمَّة وذوقهم انْتهى
وَيشْهد لَهُ الْحِكَايَة الَّتِي أوردناها عَن مُسلم - رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (1)
ويلتحق بذلك أَمر ثَالِث وَهُوَ أَن يرَوْنَ الرجل ترك الشَّيْخَانِ حَدِيثه فيجعلون ذَلِك قدحا فِيهِ وَهَذَا ظَاهر تصرف الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه السّنَن والمعرفة كثيرا مَا يُعلل الْأَحَادِيث بِأَن رواتها لم يخرج لَهُم الشَّيْخَانِ
وَالْحق أَنه لَا يدل على ذَلِك كَمَا لَا يدل تَركهمَا مَا لم يخرجَا من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة على ضعفها وَبِه صرح الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الْمدْخل وَقَالَ تَركه الرِّوَايَة عَن حَمَّاد بن سَلمَة وَنَحْوه كتركه كثيرا من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة على شَرطه لَا لِضعْفِهَا وإسقاطها وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه الْمدْخل أَيْضا وعَلى مصنفاتهم فِي الْعِلَل وسؤالاتهم يعْتَمد فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل لَا على كتاب بنوا فِيهِ على أصل وشرطوا لأَنْفُسِهِمْ فِيهِ شُرُوطًا انْتهى
240 -
(قَوْله) فَقَالَ مَا يصنع بِصَالح (11 هَكَذَا فِي اصل موثوق بِهِ فِيهِ سَماع الْخَطِيب (2)
241 -
(قَوْله) وَلقَائِل أَن يَقُول إِلَى آخِره (2 3 4 5 6 7 8 9 10 ذَلِك بِنَاء على أَنه فِي نفس الْأَمر قَادِح على مَا عرف
242 -
(قَوْله) فَمنهمْ من قَالَ لَا يثبت ذَلِك إِلَّا بِاثْنَيْنِ كَمَا فِي الشَّهَادَات (3 4 5 6 7 أُمُور
أَحدهَا مَا جزم بِهِ من تَقْدِيم الْجرْح يَقْتَضِي تَخْصِيص الْقطع بِمَا إِذا اسْتَوَى الْجَارِح والمعدل بِدَلِيل قَوْله بعد فَإِن كَانَ عدد المعدلين أَكثر فقد قيل إِلَى آخِره فَدلَّ على أَن الأول لَا خلاف فِيهِ وَكَذَا ذكره ابْن عَسَاكِر (1) أَيْضا فَقَالَ فِي حَدِيث الأطيط (2) أجمع أهل الْعلم على تَقْدِيم قَول من جرح رَاوِيا على قَول
من عدله انْتهى
وَيَنْبَغِي تَنْزِيل كَلَام ابْن عَسَاكِر على ذَلِك (1)
الثَّانِي فَاتَهُ من (أ 137) الْخلاف حِكَايَة قَول أَنه إِذا لم يزدْ يتعارضان وَلَا يرجح أَحدهمَا إِلَّا بمرجح حَكَاهُ ابْن الْحَاجِب (1) وَقيل يرجح بالأحفظ
الثَّالِث أَن تَقْدِيم الْجَارِح مَشْرُوط عِنْد الْفُقَهَاء بِأَن يُطلق القَوْل فَإِن قَالَ الْمعدل عرفت السَّبَب الَّذِي ذكره الْجَارِح لكنه تَابَ وَحسنت حَالَته (2) فَإِنَّهُ يقدم الْمعدل وَكَذَلِكَ لَو عين (3) الْجَارِح سَببا فنفاه الْمعدل بطرِيق مُعْتَبر كَمَا إِذا قَالَ قتل فلَانا ظلما وَقت كَذَا فَقَالَ الْمعدل رَأَيْته حَيا بعد ذَلِك أَو كَانَ الْقَتِيل فِي ذَلِك الْوَقْت عِنْدِي لَكِن هُنَا يتعارضان فيتساقطا وَيبقى أصل الْعَدَالَة ثَابتا وَيحْتَمل أَن يُقَال بِتَقْدِيم قَول الْمعدل لِأَن السَّبَب الَّذِي اسْتندَ إِلَيْهِ الْجَارِح قد تبين بُطْلَانه فَكَأَنَّهُ لم يكن وَيبقى التَّعْدِيل (مُسْتقِلّا وَالْحكم)(4) وَاحِدًا غير (5) أَن على هَذَا الِاحْتِمَال يكون ثُبُوت عَدَالَته بِالْأَصَالَةِ وَذكر ابْن الرّفْعَة (6) مَسْأَلَة أُخْرَى وَهِي مَا لَو شَهدا بجرحه بِبَلَد ثمَّ انْتقل إِلَى غَيره فعدله آخرَانِ فها هُنَا يقدم التَّعْدِيل كَذَا أطلقهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيده بِمَا إِذا كَانَ بَين انْتِقَاله من الأول إِلَى الثَّانِي مُدَّة الِاسْتِبْرَاء وَإِلَّا فَلَا يقدم
الرَّابِع هَذَا كُله إِذا فسر الْجرْح فَأَما لَو تعَارض الْجرْح وَالتَّعْدِيل غير مفسرين فالمقدم التَّعْدِيل قَالَه الْحَافِظ الْمزي وَغَيره (7)
الْخَامِس أَن تَقْدِيم الْجرْح مَحَله - كَمَا قَالَه أَبُو الْحسن الخزرجي (1) فِي كتاب تقريب المدارك - إِذا كَانَ الْجَارِح قد علم مَا لم يعلم الْمعدل قَالَ فَأَما إِذا اخْتلفُوا فِيمَا ينْسب إِلَى الرَّاوِي كَقَوْل النَّسَائِيّ فِي سماك (2) إِنَّه يقبل التَّلْقِين وَقَالَ غَيره قد عرضت حَدِيثه على رِوَايَة غَيره من الثِّقَات فوافقها فَلَا يكون أَحدهمَا حجَّة على الآخر بل هَذَا الَّذِي عرض حَدِيثه وَنظر فِيهِ قد علم مَا لم يعلم المجرح وَقَالَ وَلِهَذَا احْتج مُسلم بسماك فَلَا يكون النَّسَائِيّ حجَّة عَلَيْهِ (3) قَالَ وَكَذَلِكَ إِذا اخْتلفُوا فِيمَا يظْهر من الرَّاوِي هَل هُوَ جرح أم لَا لَا يقدم أَحدهمَا على الاخر
السَّادِس هَذَا فِيمَا إِذا تَعَارضا (1) من قائلين فَأَما إِذا تَعَارضا من قَائِل وَاحِد فَلم أر من تعرض لَهُ وَهَذَا يتَّفق ليحيى بن معِين وَغَيره يرْوى عَنهُ تَضْعِيف الرجل مرّة وتوثيقه أُخْرَى وَكَذَا ابْن حبَان يذكرهُ فِي الثِّقَات مرّة ويدخله فِي الضُّعَفَاء (أُخْرَى)(2)(3)
قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الْمدْخل وَهَذَا لِأَنَّهُ قد يخْطر على قلب المسؤول (د / 82) عَن الرجل من حَاله فِي الحَدِيث وقتا مَا يُنكره قلبه فَيخرج جَوَابه على حسب الفكرة الَّتِي فِي قلبه ويخطر لَهُ مَا يُخَالِفهُ فِي وَقت آخر فيجيب عَمَّا يعرفهُ فِي الْوَقْت مِنْهُ قَالَ وَلَيْسَ ذَلِك بتناقض وَلَا إِحَالَة وَلكنه صدر عَن حَالين مُخْتَلفين عرض أَحدهمَا فِي وَقت والاخر فِي غَيره
قلت وَالظَّاهِر فِي هَذِه الْحَالة أَنه إِن ثَبت تَأَخّر أحد الْقَوْلَيْنِ عَن الْأُخَر فَهُوَ الْمَعْمُول (بِهِ)(4) وَإِلَّا وَجب التَّوَقُّف كَمَا سبق (5)
244 -
(قَوْله) فَإِن كَانَ عدد المعدلين أَكثر فقد قيل التَّعْدِيل (6) أولى (11 وَاجِب كَمَا فِي تعَارض
الْحَدِيثين والأمارتين (أ 138) وَالصَّحِيح تَقْدِيم الْجرْح لما ذكرنَا يَعْنِي لِأَن تَقْدِيم الْجرْح إِنَّمَا هُوَ لتَضَمّنه زِيَادَة خفيت على الْمعدل وَذَلِكَ مَوْجُود مَعَ زِيَادَة عدد الْمعدل ونقصه ومساواته فَلَو جرحه وَاحِد وعدله (1) مائَة قدم قَول الْوَاحِد لذَلِك (2)
245 -
(قَوْله) فِي السَّادِسَة إِذا قَالَ حَدثنِي الثِّقَة لم يكتف (5 6 بالِاتِّفَاقِ عِنْد الشَّافِعِي وَأَصْحَابه فَإِذا قَالَ
شَاهد الْفَرْع أشهدني شَاهد أصل أشهد بعدالته وثقته أَنه شهد بِكَذَا لم يسمع ذَلِك وفَاقا حَتَّى يُعينهُ الْحَاكِم ثمَّ الْحَاكِم إِن علم عَدَالَة شَاهد الأَصْل عمل بِمُوجب الشَّهَادَة وَإِن جهل حَاله اشْتَركَا (1)(2)
346 -
(قَوْله) فَإِن كَانَ الْقَائِل لذَلِك عَالما أَجْزَأَ ذَلِك فِي حق من يُوَافقهُ فِي مذْهبه على مَا اخْتَارَهُ بعض الْمُحَقِّقين (5 6 7 بن أبي يحيى (4)(5)
وبمن لَا يتهم يحيى (1) بن حسان (2)
فَصَارَت (1) الْكِنَايَة كالتسمية قَالَ وَقيل إِن الشَّافِعِي قَالَ ذَلِك احتجاجا لنَفسِهِ وَلم يقلهُ احتجاجا على خَصمه وَله فِي حق نَفسه أَن يعْمل بِمَا يَثِق بِصِحَّتِهِ هَذَا كَلَامه فِي القواطع (2) وَالصَّوَاب الْقبُول إِن كَانَ من عَادَته لَا يروي إِلَّا عَن عدل وَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا - شهد عِنْدِي رجال مرضيون وأرضاهم عِنْدِي عمر (3) وَنَظِيره قَول مُسلم بن الْحجَّاج فِي صَحِيحه حَدثنَا غير وَاحِد وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ بلغ عِنْده مبلغ الاشتهار الَّذِي لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى تعْيين الْوَاسِطَة
وَهنا فَائِدَة ذكرهَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن عَاصِم الآبري السجْزِي (4) فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي سَمِعت بعض أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ يَقُول إِذا
قَالَ الشَّافِعِي فِي كتبه أخبرنَا الثِّقَة عَن ابْن أبي ذِئْب (1) فَهُوَ ابْن أبي فديك (2) وَإِذا قَالَ أخبرنَا الثِّقَة عَن اللَّيْث بن سعد [فَهُوَ يحيى بن حسان](3) وَإِذا قَالَ أخبرنَا الثِّقَة عَن الْوَلِيد بن كثير (4) فَهُوَ ابو أُسَامَة (5) وَإِذا قَالَ أخبرنَا الثِّقَة عَن الْأَوْزَاعِيّ [فَهُوَ عَمْرو بن أبي سَلمَة](6)(7)
وَإِذا قَالَ أخبرنَا الثِّقَة عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة (8) فَهُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى (5) انْتهى
وَذكر الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي أَمَالِيهِ عَن عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ مَا حدث بِهِ الشَّافِعِي فِي كِتَابه فَقَالَ حَدثنِي الثِّقَة فَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ أبي قَالَ الرَّافِعِيّ وَهَذَا فِي الْكتب الْقَدِيمَة أَكثر (1) انْتهى
وَسُئِلَ يحيى بن معِين إِن مَالِكًا يَقُول حَدثنِي الثِّقَة فَمن هُوَ قَالَ مخرمَة ابْن بكير (2) قيل لَهُ لم قل حَدِيث مَالك
قَالَ لِكَثْرَة تَمْيِيزه (3)
247 -
(قَوْله)(أ 139) السَّابِعَة إِذا روى الْعدْل عَن رجل وَسَماهُ لم تجْعَل رِوَايَته عَنهُ تَعْدِيل مِنْهُ (7 8 9 10 11 وَهُوَ الصَّحِيح
عِنْد الْأُصُولِيِّينَ (1) وَجمع من أَئِمَّة الحَدِيث (2) وَقد قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين لَا نبالي أَلا نسْأَل عَن رجل حدث عَنهُ مَالك حَكَاهُ الخليلي (3)
وَيخرج من كَلَام أبي حَاتِم الرَّازِيّ مَذْهَب آخر فَإِنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَن رِوَايَة الثِّقَات عَن رجل غير ثِقَة مِمَّا يقويه فَقَالَ إِذا كَانَ مَعْرُوفا بالضعف لم يقوه رِوَايَته عَنهُ وَإِذا كَانَ مَجْهُولا لَا تَنْفَعهُ رِوَايَة الثِّقَة عَنهُ ثمَّ قَالَ ابْن أبي حَاتِم سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن رِوَايَة الثِّقَات عَن الرجل مِمَّا يُقَوي حَدِيثه قَالَ إِي لعمري قلت الْكَلْبِيّ روى عَنهُ الثَّوْريّ قَالَ إِنَّمَا ذَاك إِذا لم يتَكَلَّم فِيهِ الْعلمَاء
وَكَانَ الْكَلْبِيّ يتَكَلَّم فِيهِ قَالَ أَبُو زرْعَة أخبرنَا (4) أَبُو نعيم (5) أَنا سُفْيَان أَنا مُحَمَّد بن السَّائِب هُوَ الْكَلْبِيّ وَتَبَسم الثَّوْريّ قَالَ ابْن أبي حَاتِم قلت لأبي مَا معنى رِوَايَة الثَّوْريّ عَن الْكَلْبِيّ وَهُوَ غير ثِقَة عِنْده قَالَ كَانَ الثَّوْريّ يذكر الرِّوَايَة عَن الرجل على الْإِنْكَار والتعجب فيعلقون عَنهُ رِوَايَته وَلم تكن رِوَايَته عَن