الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْع الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
281 -
(قَوْله) فَتقبل رِوَايَة من تحمل قبل الْإِسْلَام وروى بعده (3 4 5 هِرقل (4) ويلتحق بِهِ من تحمل فِي
حَالَة الْفسق ثمَّ روى بعد الْعَدَالَة بل أولى
وَمن الْغَرِيب والعجيب رِوَايَة أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم (وجدت بِخَط) (3 4 مَنْصُور بن عبد الله الخالدي ثَنَا أَبُو أَحْمد إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن عَليّ
الْكُوفِي (1) ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد الْعقيلِيّ (2) ثَنَا جَعْفَر بن أبان (3) ثَنَا حسن بن عَليّ الموافقي (4) عَن يُونُس بن إِبْرَاهِيم (5) عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة (6) عَن عُرْوَة بن عَمْرو الثَّقَفِيّ (7) سَمِعت أَبَا طَالب قَالَ سَمِعت ابْن أخي الْأمين يَقُول اشكر ترزق وَلَا تكفر فتعذب (8)
282 -
(قَوْله) وَكَذَا رِوَايَة من سمع قبل الْبلُوغ وروى بعده وَمنع من ذَلِك قوم فأخطأوا انْتهى
وَهَذَا الْمَنْع هُوَ وَجه للشَّافِعِيَّة وَلَهُم (1) وَجه أَنه يجوز رِوَايَة الصَّبِي قبل بُلُوغه وَالْمَشْهُور الأول وَيدل لما قَالَه المُصَنّف سَماع صبيان الصَّحَابَة ثمَّ روايتهم بعد الْبلُوغ وَقبلت بالاجماع وَقد سلمت أم أنس أنسا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَبيا للْخدمَة فخدمه عشر سِنِين وَكَذَلِكَ كثرت رِوَايَته عَنهُ
وَأم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة - رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا - دخلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي بنت تسع وروت عَنهُ الْكثير
وَشرط الأصوليون كَونه عِنْد التَّحَمُّل مُمَيّزا (2) وَإِلَّا لم تصح رِوَايَته بعد الْبلُوغ قَالَ ابْن الْقشيرِي وَحكي فِيهِ الْإِجْمَاع
283 -
(قَوْله) وَقيل لمُوسَى بن إِسْحَاق كَيفَ لم تكْتب عَن أبي نعيم (8 بن دُكَيْن الْكُوفِي مر بِأبي جَعْفَر الْحَضْرَمِيّ
الملقب بمطين (1) صَغِيرا يلْعَب مَعَ الصّبيان وَقد تلطخ بالطين وَكَانَ بَينه وَبَين أَبِيه مَوَدَّة فَنظر إِلَيْهِ وَقَالَ يَا مطين قد آن لَك أَن تحضر مجْلِس السماع ذكره الْحَاكِم فِي النَّوْع الْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ (أ 160) من كِتَابه (2)
وَهَذَا لَا يرد فَلَعَلَّهُ رأى فِيهِ من النجابة مَا يسْتَحق ذَلِك وَلِأَن فِيهِ الْأَمر بِحُضُور مجَالِس الحَدِيث لَا الرحلة إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالة فَإِن ذَلِك يَسْتَدْعِي مزِيد فهم وَقُوَّة وَقد قَالَ أَبُو الْحسن سعد الْخَيْر الْأنْصَارِيّ (3) فِي كتاب شرف الحَدِيث كَانَ الْأَمر المواظب عَلَيْهِ فِي عصر التَّابِعين وقريبا مِنْهُم لَا يكْتب الحَدِيث إِلَّا من جَاوز حد الْبلُوغ وَصَارَ فِي عداد من يصلح لمجالسة الْعلمَاء ومذاكرتهم وَقد قيل إِن أهل الْكُوفَة لم يكن الْوَاحِد مِنْهُم يسمع الحَدِيث إِلَّا بعد استكمال عشْرين سنة (4)
284 -
(قَوْله) الثَّالِث اخْتلفُوا فِي أول زمَان يَصح فِيهِ سَماع الصَّغِير (10 إِلَى آخِره
وَحَاصِله حِكَايَة أَرْبَعَة أَقْوَال إِذا ميز أدنى تَمْيِيز وَإِذا عقل وَضبط وَإِذا بلغ خمْسا وَإِذا بلغ الْبلُوغ الشَّرْعِيّ
وَفِي الْمَسْأَلَة قَول آخر وَهُوَ التَّفْصِيل بَين الْعَرَبِيّ والعجمي وَهُوَ الْمَذْكُور فِي كتاب الْوَجِيز فِي ذكر الْمجَاز والمجيز لِلْحَافِظِ أبي الطَّاهِر السلَفِي فَقَالَ إِن الْأَكْثَرين على أَن الْعَرَبِيّ يَصح سَمَاعه إِذا بلغ سنتَيْن لحَدِيث مَحْمُود (1) وَأَن العجمي يَصح إِذا بلغ سبع سِنِين (6 7 8 9 10 بن يزِيد والمسور (2) بن مخرمَة وروى مسلمة بن مخلد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَ لَهُ حِين قبض عشر سِنِين وَقيل ارْبَعْ عشرَة وَتزَوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَائِشَة وَهِي بنت سِتّ وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع وروت عَنهُ مَا حفظت فِي ذَلِك الْوَقْت وروى عمر بن أبي سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (1) لَهُ يَا غُلَام سم الله وكل مِمَّا يليك (2)(3)
قَالَ وَالْمُعْتَبر فِيهِ الْحَرَكَة والتيقظ والضبط عِنْد أَكثر أهل الحَدِيث
وَحكي عَن بعض أهل الْعلم أَن السماع يَصح بِحُصُول التَّمْيِيز والإصغاء فَحسب (4) وَلِهَذَا بَكرُوا بالأطفال فِي السماع من الشُّيُوخ الَّذين علا إسنادهم قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ مَاتَ عبد الرَّزَّاق وللدبري (5)(6) سِتّ (7) سِنِين (8) أَو سبع وَقد
روى الدبرِي عَن عبد الرَّزَّاق عَامَّة (1) كتبه ونقلها النَّاس عَنهُ وسمعوها مِنْهُ قَالَ وَسمع القَاضِي أَبُو عمر الْقَاسِم (2) بن جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي (3) كتاب سنَن أبي دَاوُد من اللؤْلُؤِي وَله خمس سِنِين واعتد النَّاس بذلك السماع وَنقل عَنهُ الْكتاب عَامَّة أهل الْعلم من حفاظ الحَدِيث وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم (4) انْتهى
وَمَا ذكره المُصَنّف عَن القَاضِي عِيَاض أَن أهل الصَّنْعَة حدوه بِخمْس أهمل مِنْهُ قَول القَاضِي وليعلم إِنَّمَا أَرَادوا أَن هَذَا السن أقل مَا يحصل بِهِ الضَّبْط وعقل مَا يسمع وَحفظه وَإِلَّا فمرجوع ذَلِك للعادات فَرب (5) بليد الطَّبْع غبي (6) الْفطْرَة (7) لَا يضْبط شَيْئا فَوق هَذَا السن قَالَ وَرِوَايَة مَحْمُود بن الرّبيع فِي الْخمس ذكرهَا البُخَارِيّ من طَرِيق أبي مسْهر (8) وَتَابعه ابْن الْمُصَفّى وَغَيره وَخَالفهُم غَيرهم فَقَالُوا أَربع سِنِين (9) قلت وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى تَعْلِيل الحَدِيث بِالِاضْطِرَابِ (10)
(أ 161) وَقد يستشهد لرِوَايَة الْأَرْبَع بِمَا رَوَاهُ مُسلم فِي الْفَضَائِل من ضبط ابْن الزبير وَهُوَ ابْن أَربع سِنِين وَقَوله كنت يَوْم الخَنْدَق أَنا وَعمر بن أبي سَلمَة مَعَ النسْوَة فِي أَطَم حسان نَنْظُر فَكنت أعرف أبي إِذا مر على فرسه فِي السِّلَاح إِلَى بني قُرَيْظَة (1) بل روى أَحْمد فِي الْمسند عَن أبي الجوزاء (2) قلت لِلْحسنِ بن عَليّ مَا تذكر من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أذكر أَنِّي أخذت تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة فجعلتها فِي فِي فنزعها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فَجَعلهَا فِي التَّمْر (3)
وروى مثله عَن الْحُسَيْن أَيْضا (4) وَفِي رِوَايَة غَيره فَقَالَ كخ كخ وَمثل
ذَلِك لَا يُقَال إِلَّا للطفل الْمُرْضع أَو قريب مِنْهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيث مصرحة بِمَا دون الْخمس فَكيف يَجْعَل الْخمس تحديدا
285 -
(قَوْله) وَيَنْبَغِي اعْتِبَار كل بِحَسب عقله وفهمه (4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 وفوض إِلَه اخْتِيَار أَحدهمَا
وَإِنَّمَا قدر - بذلك لسن (1) التَّمْيِيز لِأَنَّهَا السن الَّتِي يفهم فِيهَا الْوَلَد حَال أَبَوَيْهِ ثمَّ قدرهَا أَصْحَاب الشَّافِعِي بِسبع لِأَنَّهَا السن الَّتِي أَمر فِيهَا بِالصَّلَاةِ لفهم الْخطاب على الْجُمْلَة
قَالَ وَأما حَدِيث مَحْمُود بن الرّبيع فَلَعَلَّ تَمْيِيزه فِي هَذَا السن وإدراكه فِيهَا ببركة رُؤْيَته لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبركة المَاء الَّذِي مجه فِي وَجهه وَأصَاب بَشرته من فَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا يبعد أَن يكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم قصد بذلك إِصَابَة بركته فَإِن وجد صبي على الندور إِدْرَاكه (2) مثل إِدْرَاك (3) مَحْمُود بن الرّبيع فِي سنه صَحَّ سَمَاعه حالتئذ انْتهى
وَكَذَا قَالَ غَيره (4) لَيْسَ فِي حَدِيث مَحْمُود مَا يدل على التَّحْدِيد بِهَذَا لكل أحد إِذْ لَيْسَ تَمْيِيز كل أحد كتمييز مَحْمُود بل قد ينقص عَنهُ وَقد يزِيد وَلَا يلْزم مِنْهُ أَلا يعقل قبل ذَلِك وسنه أقل من ذَلِك وَلَا يلْزم من عقل المجة أَن يعقل غير ذَلِك (5) على أَن الْمَنْصُوص للشَّافِعِيّ اعْتِبَار السَّبع فروى الْحَافِظ السلَفِي بِسَنَدِهِ إِلَى الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ كنت عِنْد الشَّافِعِي - رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ - وَقد أَتَاهُ رجل يطْلب الْإِجَازَة لِابْنِهِ فَقَالَ كم لابنك فَقَالَ سِتّ سِنِين فَقَالَ لَا يجوز الْإِجَازَة لمثله حَتَّى يتم (6) لَهُ سبع سِنِين (7) انْتهى
وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْإِجَازَة فَفِي السماع بطرِيق الأولى وَهَذَا هُوَ قَضِيَّة كَلَام الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي كِتَابه أدب (أ 162)[الْمُحدث](1) فَإِنَّهُ صدر الْبَاب بِحَدِيث مروا أَوْلَادكُم بِالصَّلَاةِ وهم أَبنَاء سبع (2) وَبِحَدِيث عبد الله بن الزبير أَنه جِيءَ بِهِ ليبايع النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْن سبع فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ بَايعه (3)
وَحكى قَول الْمُزنِيّ قلت للشَّافِعِيّ قد سمع ابْن الزبير من النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ نعم وَحفظ عَنهُ وَكَانَ يَوْم سمع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم ابْن سبع سِنِين (4) وَقَول عَمْرو بن سَلمَة أممت على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا ابْن سبع أَو سِتّ (5)
286 -
(قَوْله) وبلغنا عَن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي أَنه قَالَ رَأَيْت صَبيا ابْن ارْبَعْ سِنِين إِلَى آخِره
هَذِه الْحِكَايَة رَوَاهَا الْخَطِيب فِي الْكِفَايَة (1) بِإِسْنَادِهِ وَطعن بَعضهم (2) فِي صِحَّتهَا بِأَن فِي سندها أَحْمد بن كَامِل القَاضِي (3) وَكَانَ يعْتَمد على حفظه فيهم (4) وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ متساهلا
قلت قد ذكر صَاحب الْمِيزَان أَن [غير](5) الدَّارَقُطْنِيّ مَشاهُ وَكَانَ من أوعية الْعلم (6)
287 -
(قَوْله) الأول السماع من لفظ الشَّيْخ وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى إملاء وتحديث إِلَى قَوْله وَهَذَا الْقسم أرفع الْأَقْسَام
قَضيته مُسَاوَاة الْإِمْلَاء والتحديث فِي أَنَّهُمَا أَعلَى الْأَقْسَام [وَذكر أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي أدب الْإِمْلَاء والاستملاء أَن أَعلَى (1) الْأَقْسَام (2) أَن يملي عَلَيْك وتكتب من لَفظه لِأَنَّك إِذا قَرَأت عَلَيْهِ رُبمَا يغْفل أَو لَا يسمع وَإِن قَرَأَ عَلَيْك رُبمَا تشتغل (د 93) بِشَيْء عَن سَمَاعه وَإِن قرئَ عَلَيْهِ ويحضر (3) سَمَاعه فَكَذَلِك
ثمَّ أسْند عَن إِسْحَاق بن عِيسَى الطباع (4) أَنه قَالَ لَا أعد الْقِرَاءَة شَيْئا بَعْدَمَا رَأَيْت مَالِكًا يقْرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْعس (5) قَالَ وَقد روى عَن يحيى بن يحيى قَرِيبا من هَذَا ثمَّ أسْند إِلَى أبي عَليّ الزنجاني (6) قَالَ قَرَأَ (7) يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي (8) الْحَافِظ كتاب الْمُوَطَّأ على مَالك فَلَمَّا فرغ مِنْهُ [قَالَ لمَالِك مَا سكن قلبِي إِلَى هَذَا السماع قَالَ وَلم قَالَ لِأَنِّي خشيت أَنه سقط مِنْهُ](9) شَيْء (10) فَقَرَأَ مَالك فَلَمَّا فرغ قَالَ مَا سكن قلبِي إِلَى هَذَا السماع لِأَنِّي خشيت أَنه سقط من أُذُنِي [شَيْء](11) قَالَ اقرؤه أَنا ثَانِيًا فتسمعه فقرأه وَتمّ لَهُ السماع ثَلَاث مَرَّات (12)
288 -
(قَوْله) نقلا عَن القَاضِي عِيَاض أَنه لَا خلاف فِيمَا نَسْمَعهُ أَن نقُول حَدثنَا (3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 رَاوِي الْكتاب أَنه
قَالَ يُقَال إِن هَذَا الرجل الْخضر (1) وَلَا يبعد أَن يكون الْخضر تلقى ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْن الْمواق وَلَا أَقُول إِن حَدثنَا صَرِيح فِي السماع بل ظَاهر قوي حَتَّى يعلم خِلَافه (2)(أ 163)
289 -
(قَوْله) مُعْتَرضًا على مَا نَقله عَن عِيَاض - فِيهِ نظر (5 6 7 8 9 10 11 1)
هَذَا فِيهِ مُوَافقَة لما قُلْنَاهُ عَن ابْن الْقطَّان آنِفا وَرَأَيْت فِي كتاب أصُول الْفِقْه لأبي الْحُسَيْن بن الْقطَّان من قدماء أَصْحَابنَا ذَلِك أَيْضا فَقَالَ سَمِعت آكِد من حَدثنَا لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون ثَنَا أَي حدث قَومنَا لقَوْل الْحسن خَطَبنَا ابْن عَبَّاس انْتهى
وينازع فِيهِ قَول المُصَنّف بعد ذَلِك أَن ثَنَا وَأَنا أرفع من سَمِعت من وَجه آخر وَهُوَ أَن قَوْله حَدثنَا وَأخْبرنَا فِيهِ على مخاطبته لَهُ بِهِ وَأَنه رَوَاهُ لَهُ
وَذكر عبد الْغَنِيّ فِي أدب الْمُحدث عَن الْأَصْمَعِي (1) قَالَ سَمِعت مُعْتَمر بن سُلَيْمَان (2) يَقُول سَمِعت أسهل عَليّ من حَدثنَا وَأخْبرنَا وحَدثني واخبرني لِأَن الرجل قد يسمع وَلَا يحدث (3)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس بن الْقُسْطَلَانِيّ (1) فِي كِتَابه الْمنْهَج الْأَحْسَن التَّفْصِيل فَإِن كَانَ الْمجْلس محصورا لإسماع قوم مُعينين وَلم يكن فيهم وسَمعه يَقُول فَقَالَ سَمِعت فَهُوَ دون ثَنَا إِذْ لم يَقْصِدهُ بِالتَّحْدِيثِ فَإِن (4 5 6) إِلَى أَخّرهُ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح الْقشيرِي وَهَذَا إِذا لم يقم دَلِيل قَاطع على أَن الْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة لم يجز أَن يُصَار إِلَيْهِ (2)
قلت قَالَ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم من قَالَ عَن الْحسن حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة فقد أَخطَأ (3) يُشِير إِلَى أَنه لم يسمع مِنْهُ وَهُوَ قَول الْجُمْهُور مِنْهُم عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيُونُس بن عبيد (4)(5)
وَزِيَاد الأعلم (1) وَأَيوب بن أبي تَمِيمَة وَابْن جدعَان (2) والبرديجي وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ - زَاد يُونُس مَا رَآهُ قطّ - وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي علله وَالْبَزَّار فِي مُسْنده (3)
وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ عَن الْفضل بن عِيسَى الرقاشِي (4) عَن الْحسن قَالَ خَطَبنَا أَبُو هُرَيْرَة فَذكره (5)
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده ثَنَا عباد بن رَاشد (6) ثَنَا الْحسن ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة - وَنحن إِذْ ذَاك بِالْمَدِينَةِ - قَالَ يَجِيء الْإِسْلَام يَوْم الْقِيَامَة (7) الحَدِيث
وَهُوَ على رسم الشَّيْخَيْنِ (1) وَفِيه دلَالَة على أَنه سمع مِنْهُ قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير فِي بَاب المحمدين وَقد اخْرُج حَدِيثا عَن الْحسن قَالَ خَطَبنَا أَبُو هُرَيْرَة على منبره (2) فَذكر حَدِيثا ثمَّ قَالَ وَهَذَا الحَدِيث يُؤَيّد قَول من قَالَ إِن الْحسن قد سمع من أبي هُرَيْرَة بِالْمَدِينَةِ وَقد رأى الْحسن عُثْمَان بن عَفَّان يخْطب على الْمِنْبَر (3)(أ 164)
292 -
(قَوْله) وَسَأَلَ الْخَطِيب شَيْخه (4) البرقاني (6 7 8 9 فَلذَلِك تورع وتحرى
293 -
(قَوْله) وَأما قَوْله قَالَ لنا فلَان (2 3 4 5 6 7 8 الْجَوَاز وَحكى الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن البُخَارِيّ أَنه كَانَ حكى عَن
أبي سعيد الْحداد (1) أَنه قَالَ عِنْدِي خبر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْقِرَاءَة على الْعَالم فَقيل لَهُ فَقَالَ قصَّة ضمام بن ثَعْلَبَة آللَّهُ أَمرك بِهَذَا قَالَ نعم (2)(3)
295 -
(قَوْله) فَنقل عَن أبي حنيفَة وَغَيره تَرْجِيح الْقِرَاءَة على الشَّيْخ على السماع من لَفظه (4 5 6 قلبا وشغل الْقلب وتوزع الْفِكر إِلَى الْقَارئ أسْرع فَلذَلِك رجح (4)
296 -
(قَوْله) وَرُوِيَ عَن مَالك وَغَيره أَنَّهُمَا سَوَاء (2 3 4 5 6 7 قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قراءتك على الْعَالم وَقِرَاءَة الْعَالم عَلَيْك سَوَاء (8)
297 -
(قَوْله) وَالصَّحِيح تَرْجِيح السماع (2 3 4) إِلَى آخِره
لم يستثنوا مِمَّا يجوز فِي الْقسم الأول إِلَّا لَفْظَة سَمِعت فَلم يجوزوها فِي الْعرض وَقد صرح بذلك أَحْمد بن صَالح فَقَالَ لَا يجوز أَن يَقُول سَمِعت
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر بن الطّيب إِنَّه الصَّحِيح قَالَ وَقَالَ بَعضهم يجوز قَالَ القَاضِي عِيَاض وَهُوَ قَول رُوِيَ عَن مَالك وَالثَّوْري (1)
وَالصَّحِيح مَا تقدم وَقَالَ ابْن أبي الدَّم طرد الْخلاف هُنَا فِي قَوْله سَمِعت بعيد جدا فَلَا يَنْبَغِي أَن يجوز للراوي أَن يَقُول (أ 165) سَمِعت إِذا لم يسمع لَفظه قولا وَاحِدًا لِأَنَّهَا صَرِيحَة فِي سَماع اللَّفْظ من الشَّيْخ وَلم يصطلح الْعلمَاء بِالْحَدِيثِ على إِطْلَاقهَا على التحديث وَالرِّوَايَة من غير السماع (2)
299 -
(قَوْله) وَأما إِطْلَاقه حَدثنَا وَأخْبرنَا فِي الْقِرَاءَة على
الشَّيْخ (2 3 4 5 6)
هَذَا حَكَاهُ الْخَطِيب فِي جَامعه عَن أَكثر أهل الْعلم (3) وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصره إِنَّه الصَّحِيح وَنقل عَن الْحَاكِم أَنه مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة (4) وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن مَالك وَأبي حنيفَة وَحَكَاهُ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي أدب الْمُحدث عَن مَالك قَالَ وَسمعت إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القَاضِي (5) يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي (6) - وَسَأَلَهُ رجل مَا الْفرق بَين حَدثنَا وَأخْبرنَا -
فَقَالَ سَوَاء الْخلق (1)(2)
وَاحْتج عبد الْغَنِيّ على التَّسْوِيَة بَينهمَا بقوله تَعَالَى {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} (3) قَالَ فَجمع بَينهمَا
وَقَالَ ابْن فَارس فِي كتاب مآخذ الْعلم ذهب أَكثر عُلَمَائِنَا إِلَى أَنه لَا فرق بَين قَول الْمُحدث حَدثنَا وَأخْبرنَا وَقَالَ آخَرُونَ حَدثنَا دَال على أَنه سَمعه لفظا وَأخْبرنَا دَال على سمع قِرَاءَة عَلَيْهِ وَهَذَا عندنَا بَاب من التعمق وَالْأَمر فِي ذَلِك كُله وَاحِد وَلَا فرق بَينهمَا عِنْد الْعَرَب ثمَّ اسْتشْهد على ذَلِك بأشعارهم (4)
وَكَذَلِكَ صنف أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ جُزْءا فِي إِثْبَات التَّسْوِيَة بَين حَدثنَا وَأخْبرنَا وَاحْتج بقوله تَعَالَى {تحدث أَخْبَارهَا} (5) وَقَوله تَعَالَى {قد نبأنا الله من أخباركم} (6) و {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} (7) قَالَ فَسمى بَعْضهَا خَبرا وَبَعضهَا حَدِيثا
وَفِي الحَدِيث أخبروني عَن شَجَرَة مثلهَا مثل الْمُؤمن (1) فَهُوَ فِي معنى حَدثُونِي وَقَالَ حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل (2) فَسمى مَا يذكر عَنْهُم حَدِيثا لَا أَخْبَارًا وَذكر نَحْو ذَلِك مِمَّا اسْتعْمل فِيهِ الْأَخْبَار بِمَعْنى التحديث وَعَكسه
وَاحْتج غَيره بقوله تَعَالَى {وَإِذ أسر} النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ) (4) فَاسْتعْمل التحديث والإنباء بِمَعْنى وَاحِد
وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ فِي المسالك (5) أَن بَعضهم قَالَ حَدثنَا أبلغ من أخبرنَا لِأَن أخبرنَا قد تكون صفة للموصوف والمخبر من لَهُ الْخَبَر
301 -
(قَوْله) وَالْمذهب الثَّالِث الْفرق إِلَى آخِره
مَا ذكر (1) أَنه مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حَكَاهُ الْخَطِيب فِي الْجَامِع عَن الرّبيع قَالَ قَالَ الشَّافِعِي إِذا قَرَأَ عَلَيْك الْمُحدث فَقل (2) حَدثنَا وَإِذا قَرَأت عَلَيْهِ فَقل أخبرنَا (3)
قَالَ الْخَطِيب وَهَذَا الَّذِي قَالَه الشَّافِعِي مَذْهَب جمَاعَة من أهل الْعلم مِنْهُم الْأَوْزَاعِيّ وَابْن جريج وَكَانَ حَمَّاد بن سَلمَة وهشيم بن بشير وَابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَيزِيد بن هَارُون وَيحيى بن يحيى وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَغَيرهم يَقُولُونَ فِي غَالب حَدِيثهمْ الَّذِي يَرْوُونَهُ (4) أخبرنَا وَلَا يكادون يَقُولُونَ حَدثنَا (5)
302 -
(قَوْله) وَمن أحسن مَا يحْكى عَمَّن ذهب هَذَا الْمَذْهَب (8 9 حبيب بن أبي ثَابت (أ 166) على مَحَله من الْعلم لَا تقوم
بحَديثه حجَّة لأمر (1) كَانَ يذهب إِلَيْهِ وَكَانَ (2) مذْهبه مَا قَالَ إِذا حَدثنِي رجل عَنْك بِحَدِيث ثمَّ حدثت بِهِ عَنْك كنت صَادِقا (3) فَانْظُر إِلَى حِكَايَة أبي حَاتِم الْهَرَوِيّ (4) وتشديده (5) وحكاية حبيب وتساهله وَمَعَ ذَلِك فقد خرج لحبيب فِي الصَّحِيح فَكَأَن هَذِه الْحِكَايَة لم تصح (6)
303 -
(قَوْله) وَإِن كَانَ الشَّيْخ لَا يحفظ مَا يقرا عَلَيْهِ فَرَأى بعض أَئِمَّة الْأُصُول أَن هَذَا السماع غير صَحِيح (6 إِمَام الْحَرَمَيْنِ (7) والمازري فِي
شرح الْبُرْهَان وَالْعجب من المُصَنّف فِي عزوه ذَلِك لبَعض الْأُصُولِيِّينَ وَقد نَقله الْحَاكِم عَن مَالك وَأبي حنيفَة (1) وَأخرج فِي مُسْتَدْركه عَن أبي مُوسَى الغافقي (2) قَالَ آخر مَا عهد إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن قَالَ عَلَيْكُم بِكِتَاب (3) الله وسترجعون إِلَى قوم يحبونَ الحَدِيث عني - أَو كلمة تشبهها - فَمن حفظ [عني](4) شَيْئا فليحدث بِهِ قَالَ وَقد جمع هَذَا الحَدِيث لفظتين غريبتين إِحْدَاهمَا يحبونَ الحَدِيث وَثَانِيهمَا قَوْله فَمن حفظ عني شَيْئا فليحدث بِهِ
وَقد ذهب جمَاعَة من أَئِمَّة الْإِسْلَام إِلَى أَنه لَيْسَ للمحدث أَن يحدث بِمَا لم يحفظ (5) انْتهى
وَابْن الصّلاح أَخذ (6) ذَلِك من كَلَام القَاضِي عِيَاض فَإِنَّهُ حكى ذَلِك (7) عَن القَاضِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَقَط ثمَّ قَالَ وَاخْتَارَهُ (8) بَعضهم وَصَححهُ وَبِه عمل كَافَّة الشُّيُوخ وَأهل الحَدِيث (9) وَفِي كتاب السلَفِي الَّذِي سَمَّاهُ شَرط الْقِرَاءَة على الشُّيُوخ هَل على التلميذ أَن يري (10) الشَّيْخ صُورَة سَمَاعه فِي الْجُزْء أَو يقْتَصر
على إِعْلَامه قَالَ أَبُو الطَّاهِر هما سيان على هَذَا عهدنا علماءنا عَن آخِرهم وَلم يزل الْحفاظ قَدِيما وحديثا يخرجُون للشيوخ من الْأُصُول فَتَصِير تِلْكَ الْفُرُوع بعد الْمُقَابلَة أصولا وَهل كَانَت الْأُصُول أَولا إِلَّا فروعا (1) انْتهى
304 -
(قَوْله) قَالَ أَبُو نصر لَيْسَ لَهُ أَن يَقُول حَدثنِي أَو أَخْبرنِي (5 6 7 8 9 نقُول فِي الْأَدَاء حَدثنِي وَلَا أَخْبرنِي وَلَا سَمِعت (5) وَفِيه نظر
305 -
(قَوْله) الثَّالِث فِيمَا نرويه عَن الْحَاكِم (2 3) فسوى بَين مَسْأَلَتَيْنِ التحديث وَالْأَخْبَار وَهُوَ الْقيَاس (3)
وَمثل ذَلِك مَا حَكَاهُ الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس الْوَلِيد بن بكر (4) فِي كتاب الوجازة فِي صِحَة القَوْل بِالْإِجَازَةِ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا حَدثَك الْعَالم وَحدك فَقل حَدثنِي وَإِذا حَدثَك فِي ملإ فَقل حَدثنَا وَإِذا قَرَأت عَلَيْهِ فَقل قَرَأت عَلَيْهِ وَإِذا قرئَ عَلَيْهِ فَقل قرئَ عَلَيْهِ وَأَنا أسمع (5) قَالَ أَبُو عبد الله ابْن الْحَاج (6) وَأَنا اسْتحْسنَ مَا قَالَه ابْن حَنْبَل لِأَنَّهُ أبلغ فِي التَّحَرِّي
قَالَ حفيد القَاضِي (1) فِي كتاب أدب (2) الرِّوَايَة إِذا حدث الحَدِيث عَن الرَّاوِي سَمَاعا من لَفظه إِن كنت مُفردا أَو فِي جمَاعَة فَقل حَدثنَا (أ / 167) وَإِن حَدثَك وَحدك فَقل حَدثنِي فقولك حَدثنَا أَعم وَجَاز لفظ الْجَمَاعَة تجوزا
306 -
(قَوْله) فَإِن شكّ فِي شَيْء عِنْده أَنه من قبيل حَدثنَا أَو أخبرنَا (5 6 7 8 9 10 11 12 على فلَان (7) وَهَذَا
حسن فَإِن إِفْرَاد الضَّمِير يَقْتَضِي قِرَاءَته وَجمعه يُمكن حمله على قِرَاءَة بعض من حضر
307 -
(قَوْله) ثمَّ إِن هَذَا التَّفْصِيل من أَصله مُسْتَحبّ وَلَيْسَ بِوَاجِب حَكَاهُ الْخَطِيب عَن أهل الْعلم كَافَّة (4 5 6 7 8 9 صلى الله عليه وسلم وَأَحَادِيثه بِالْمَعْنَى فَأولى أَن
يجوز إِبْدَال لفظ حَدثنَا وَأخْبرنَا وعَلى الْعَكْس وَلَكِن فِيمَا إِذا علم أَن الشَّيْخ لَا يفرق بَين اللَّفْظَيْنِ وَأَن مَعْنَاهُمَا وَاحِد كَنَظِيرِهِ فِي رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى فَإِن علم من الشَّيْخ أَنه لم يفرق أَو لَا يرى هَذَا حصل الْفرق بَينه وَبَين الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى (1) وَمَا حمل ابْن الصّلاح كَلَام الْخَطِيب عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ فِي الاقتراح إِنَّه ضَعِيف قَالَ [وَأَقل مَا فِيهِ](2) أَنه يَقْتَضِي تَجْوِيز هَذَا فِيمَا ينْقل من المصنفات الْمُتَقَدّمَة إِلَى أجزائنا وتخاريجنا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِير التصنيف الْمُتَقَدّم
قَالَ وَلَيْسَ هَذَا جَارِيا على الِاصْطِلَاح بل الِاصْطِلَاح أَلا تَتَغَيَّر (3) الْأَلْفَاظ بعد الِانْتِهَاء إِلَى الْكتب المُصَنّف فَسَوَاء رويناها فِيهَا أَو نقلناها مِنْهَا (4)
وَفِي كَلَام بَعضهم مَا يدل على امْتِنَاعه وَفِيه ضعف لم يُخبرهُ (5) قَالَ وَبَعض الْمُحدثين لَا يلْتَزم عدم الزِّيَادَة وَالنَّقْص وَيزِيد تَارِيخ السماع وَتَعْيِين الْقَارئ والمخرج وَلَا يجْرِي ذَلِك على قانون (6) الأَصْل (7)
وَقبل الِانْتِهَاء إِلَيْهَا يَنْبَغِي أَن يتحفظ فِي أَسمَاء رواتها إِذا تصرف فِيهَا بِشَرْط الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَلَا يزِيد فِي تَعْرِيف الرَّاوِي مَا لَو عرض عَلَيْهِ (8)
309 -
(قَوْله) الْخَامِس حَاصله حِكَايَة خلاف فِي جَوَاز السماع وَقت النّسخ (2 3 4 5 6 7 8 9 10 رَاكِبًا إِلَى الْجَبَل وَحَوله اثْنَان وَثَلَاثَة يقرؤون عَلَيْهِ دفْعَة
وَاحِدَة فِي أَمَاكِن مُخْتَلفَة من الْقُرْآن وَيرد على الْجَمِيع (1) قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي كِتَابه معرفَة الْقُرَّاء مَا أعلم أحدا من المقرئين ترخص فِي إقراء آيَتَيْنِ فَصَاعِدا إِلَّا الشَّيْخ علم الدّين وَفِي النَّفس من صِحَة تحمل الرِّوَايَة على هَذَا الْفِعْل شَيْء قَالَ الله تَعَالَى {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} وَلَا ريب فِي أَن ذَلِك ايضا خلاف السّنة لِأَن الله تَعَالَى يقو ل {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن} فَاسْتَمعُوا [لَهُ](3) وأنصتوا] ) (4) وَإِذا كَانَ هَذَا يقْرَأ فِي سُورَة وَهَذَا فِي سُورَة فِي آن وَاحِد فَفِيهِ مفاسد
أَحدهَا زَوَال بهجة الْقُرْآن عِنْد السامعين
وَثَانِيها أَن كل وَاحِد يشوش على الاخر مَعَ كَونه مَأْمُورا بالإنصات
وَثَالِثهَا أَن الْقَارئ مِنْهُم لَا يجوز لَهُ أَن يَقُول قَرَأت الْقُرْآن كُله على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع ويعي مَا أتلو عَلَيْهِ كَمَا لَا يسوغ للشَّيْخ أَن يَقُول لكل فَرد مِنْهُم قَرَأَ [عَليّ](5) الْقُرْآن جَمِيعه وَأَنا أسمع قِرَاءَته وَمَا هَذَا فِي قُوَّة الْبشر بل فِي قُوَّة الربوبية قَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سُبْحَانَ من وسع سَمعه الْأَصْوَات (6) وَإِنَّمَا يَصح
فِي التَّحَمُّل إجَازَة الشَّيْخ التلميذ وَلَكِن تصير الرِّوَايَة بِالْقِرَاءَةِ إجَازَة لَا سَمَاعا من كل وَجه (1) هَذَا كَلَامه
310 -
(قَوْله) مَا روينَا عَن الْحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ (3 4 5 6 7 8 لَا
تعرف بعض حُرُوفه فيجيزه بعض أَصْحَابه قَالَ إِن كَانَ يعلم أَنه كَمَا فِي (د / 96) الْكتاب فَلَا بَأْس بِهِ كَذَا قَالَ انْتهى
وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ كَانَ شَيخنَا ابْن أبي الْفَتْح (1) يسْرع فِي الْقِرَاءَة ويعرب لكنه يدغم بعض أَلْفَاظه وَمثله ابْن أبي حبيب وَكَانَ شَيخنَا أَبُو الْعَبَّاس (2) يسْرع وَلَا يدغم إِلَّا نَادرا وَكَانَ الْمزي يسْرع وَيبين وَرُبمَا يتمتم يَسِيرا (3)
312 -
(قَوْله) يسْتَحبّ للشَّيْخ أَن يُجِيز لجَمِيع السامعين جَمِيع الْجُزْء (6 7 8 9 10 السماع بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَله أَن يعرف أَن جَمِيع الْكتاب قِرَاءَة عَلَيْهِ (5)
الثَّانِي وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لكاتب السماع أَن يكْتب إجَازَة الشَّيْخ عقب كِتَابَة السماع (أ / 169) وَيُقَال إِن أول من كتب الْإِجَازَة فِي طباق السماع [أَبُو الطَّاهِر](1) إِسْمَاعِيل بن عبد المحسن الْأنمَاطِي (2) وَمَا نَقله عَن ابْن عتاب (3) ذكره الْحَافِظ أَبُو عمر بن عَاتٍ (4) فِي (5) كِتَابه رَيْحَانَة النَّفس (6) فِي شُيُوخ أهل
الأندلس (1) عَن الْحَافِظ أبي عَليّ الغساني قَالَ قَالَ لنا مُحَمَّد بن عتاب الَّذِي أَقُول إِنَّه لَا غنى لطَالب الْعلم عَن الْإِجَازَة وَلَو سمع الحَدِيث أَو الدِّيوَان قِرَاءَة من الْمُحدث أَو قِرَاءَة عَلَيْهِ لجَوَاز السَّهْو أَو الْغَفْلَة أَو التَّشْبِيه عَلَيْهِمَا أَو على أَحدهمَا
313 -
(قَوْله) يَصح السماع من وَرَاء حجاب (5 6 7 8 9 10 11 1 (2)
314 -
(قَوْله) من سمع من شيخ حَدِيثا ثمَّ قَالَ لَهُ لَا تروه عني (1) غير مُبْطل لسماعه
هَذَا ذكره الْأَئِمَّة مِنْهُم ابْن خَلاد فِي كتاب الْفَاصِل (2) وَقَالَ القَاضِي عِيَاض رَحمَه الله تَعَالَى لَا يَقْتَضِي النّظر سواهُ لِأَن مَنعه أَلا يحدث بِمَا حَدثهُ [بِهِ](3) لَا لعِلَّة وَلَا لريبة فِي الحَدِيث لَا تُؤثر لِأَنَّهُ قد حَدثهُ فَهُوَ شَيْء لَا يرجع فِيهِ قَالَ وَلَا أعلم من قَالَ بِخِلَاف هَذَا إِلَّا أَن صَاحب طَبَقَات عُلَمَاء إفريقية (4)[روى](5) عَن شيخ من جلة شيوخها أَنه أشهد بِالرُّجُوعِ عَمَّا حَدثهُ لبَعض أَصْحَابه [لأمر نقمه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فعل الْفَقِيه الْمُحدث أَبُو بكر ابْن عَطِيَّة (6) فَإِنَّهُ أشهد
بِالرُّجُوعِ عَمَّا حدث بِهِ بعض أَصْحَابه] (1) لهوى ظهر لَهُ مِنْهُ وَلَعَلَّ هَذَا صدر مِنْهُم تأديبا لَا لأَنهم اعتقدوا صِحَة تَأْثِيره وَقِيَاس من قَاس الْإِذْن فِي الحَدِيث (2) وَعَدَمه على الْإِذْن فِي الشَّهَادَة وَعدمهَا غير صَحِيح لِأَن الشَّهَادَة على الشَّهَادَة لَا تصح إِلَّا مَعَ الْإِشْهَاد وَالْإِذْن فِي الحَدِيث لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى ذَلِك بِاتِّفَاق (3)