الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْع الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
355 -
(قَوْله) وَمِمَّنْ روينَا عَنهُ كَرَاهَة ذَلِك عمر (3 4 5 عَمه عَمْرو بن أبي سُفْيَان أَنه سمع عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ يَقُول قَالَ وَكَذَلِكَ الرِّوَايَة عَن أنس بن مَالك صَحِيح من قَوْله وَقد أسندت من وَجه غير مُعْتَمد (1) قلت قد أسندها ابْن شاهين فِي كِتَابه من حَدِيث ثُمَامَة ابْن أنس (2) عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قيدوا الْعلم بِالْكِتَابَةِ (3) وَسَاقه الْخَطِيب فِي كِتَابه من طرقه وَقَالَ هَذَا حَدِيث مَوْقُوف
لَا يَصح رَفعه وهم فِي رَفعه عبد الحميد بن سُلَيْمَان (1) وَقد حدث بِهِ مرّة مَوْقُوفا (2) وَقَوله بِالْكتاب أَي بِالْكِتَابَةِ وهما مصدران لكتب
356 -
(قَوْله) وروينا عَن أبي سعيد (4 5 6 7) الْقُرْآن بِغَيْرِهِ وَالْإِذْن حِين أَمن ذَلِك
وَيدل للْأولِ مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن (د / 104) الْخَلِيل بن مرّة (1) عَن يحيى (2) ابْن أبي (3) صَالح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كَانَ رجل من الْأَنْصَار يجلس إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لأسْمع مِنْك الحَدِيث فَيُعْجِبنِي وَلَا أحفظه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَعِنْ بيمينك وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْخط قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن عَمْرو وَهَذَا حَدِيث لَيْسَ إِسْنَاده بِذَاكَ الْقَائِم سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول الْخَلِيل مُنكر الحَدِيث (4) انْتهى وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَصَححهُ (5)
وَذكر غير المُصَنّف وُجُوهًا أخر فِي الْجمع بَين الْأَحَادِيث
أَحدهَا أَن النَّهْي عَن الْكِتَابَة مَخْصُوص بحياة [سيد الْبشر (6) ] النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَن النّسخ يطْرَأ فِي كل وَقت فيختلط النَّاسِخ بالمنسوخ وَيشْهد لَهُ حَدِيث أبي شاه (7) لما
أذن لَهُ فِي كِتَابَة الْخطْبَة الَّتِي خطب بهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا كَانَت مواعظ ووصايا لَا تنسخ وَكَانَت على نَحْو من أنحاء الْكَلَام الَّذِي يخْتَلط مِنْهُ بِالْقُرْآنِ
وَالثَّانِي أَن النَّهْي مَنْسُوخ وَهُوَ الَّذِي جنح إِلَيْهِ ابْن شاهين فِي كِتَابه النَّاسِخ وَاحْتج عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ أَن أهل مَكَّة يَكْتُبُونَ (1)
الثَّالِث أَن النَّهْي لِئَلَّا يتكل الْكَاتِب على مَا يكْتب وَلَا يحفظ فيقل الْحِفْظ كَمَا قَالَ الْخَلِيل
(لَيْسَ الْعلم (2) مَا حوى القمطر
…
مَا الْعلم إِلَّا مَا حواه الصَّدْر (3))
الرَّابِع أَلا يتَّخذ مَعَ الْقُرْآن كتابا يضاهى بِهِ
ذكر هذَيْن الْأَخيرينِ ابْن عبد الْبر فِي كتاب جَامع الْعلم قَالَ وَمن ذكرنَا قَوْله (أ / 186) فِي هَذَا الْبَاب فِي الْحَث على الْحِفْظ فَإِنَّمَا هُوَ على مَذْهَب الْعَرَب لأَنهم كَانُوا مطبوعين على الْحِفْظ مخصوصين بِهِ وَلَيْسَ أحد الْيَوْم على هَذَا (4)
وَفِي الْمَسْأَلَة مَذْهَب ثَالِث لم يحكه المُصَنّف وَحَكَاهُ الرامَهُرْمُزِي (1) والخطيب (2) وَهُوَ جَوَاز الْكِتَابَة (3) للْحِفْظ (4) فَإِذا حفظ محاه رُوِيَ ذَلِك عَن مُحَمَّد بن سِيرِين وَعَاصِم بن ضَمرَة وَغَيرهمَا وَفِي سُؤَالَات البغداديين للْحَاكِم أبي عبد الله أَن جمَاعَة دفنُوا كتبهمْ مِنْهُم مُحَمَّد بن يحيى (5) وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَيحيى بن يحيى (6) وَعبد الله بن الْمُبَارك (7)
وَفِي كتاب تَقْيِيد الْعلم للخطيب كَانَ غير وَاحِد من السّلف إِذا حَضرته الْوَفَاة أتلف كتبه أَو أوصى بإتلافها خوفًا من أَن تصير إِلَى من لَيْسَ من أهل الْعلم فَلَا يعرف أَحْكَامهَا وَيحمل جَمِيع مَا فِيهَا على ظَاهره وَرُبمَا زَاد فِيهَا وَنقص فَيكون ذَلِك مَنْسُوبا إِلَى كاتبها (8) فِي الأَصْل ثمَّ حكى ذَلِك عَن طَاوس وَعبيدَة (9) وَشعْبَة (10) وَأبي قلَابَة (11) ثمَّ سَاق إِلَى الْمَرْوذِيّ سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول لَا أعلم لدفن الْكتب معنى قَالَ الْخَطِيب لَا معنى فِيهَا إِلَّا مَا ذكرنَا (12)
قَالَ ثمَّ اتَّسع النَّاس فِي كتب الْعلم وتدوينه بعد الْكَرَاهَة [لضَرُورَة بَقَائِهِ](1) وَصَارَ علم الْكَاتِب (2) فِي هَذَا الزَّمَان أثبت من علم الْحَافِظ (3) ثمَّ أسْند إِلَى الرّبيع قَالَ خرج علينا الشَّافِعِي رحمه الله ذَات يَوْم فَقَالَ لنا اعلموا رحمكم الله أَن هَذَا الْعلم يند كَمَا تند الْإِبِل فاجعلوا الْكتب لَهُ حماة والأقلام عَلَيْهِ رُعَاة وَقَالَ ابْن الْمُبَارك لَوْلَا الْكتاب مَا حفظنا (4)
وَقَالَ أَبُو الْمليح الرقي (5) يعيبون علينا أَن نكتب الْعلم أَو ندونه وَقد قَالَ تَعَالَى {قَالَ علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب} (6) وَهَذَا إِنَّمَا يحفظ عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ (7) وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة (8) وَقيل لِابْنِ الْمُبَارك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن لَو خرجت فَجَلَست مَعَ أَصْحَابك وَقَالَ إِنِّي إِذا كنت فِي الْمنزل جالست أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي النّظر فِي الْكتب (9)
وَقيل لبَعْضهِم أما (1) تستوحش فَقَالَ يستوحش من (2) مَعَه الْأنس كُله يَعْنِي (3) الْكتب ثمَّ أسْند (4) إِلَى (أبي) الْقَاسِم بن أبي بكر الْقفال الشَّاشِي (5) قَالَ [أنشدنا](6) أبي لنَفسِهِ (7)
(خليلي كتابي لَا يعاف وصاليا
…
وَإِن قل مَالِي وَولى جمالِيًّا)
(وَفِي لي على حَالي شباب وكبرة
…
وَلم يجهمني (8) لشيب قذاليا (9))
(على حِين خانتني الحسان عهودها
…
وقطعن من بعد اتِّصَال حباليا)
(تجافين عني إِذْ تجافت شبيبتي
…
وأنكرنني لما تنكرت حاليا)
(كتابي عشيقي حِين لم يبْق معشق
…
إغازله لَو كَانَ يدْرِي غزاليا)
(كتابي أَب بر وَأم شفيقة هما
…
هُوَ (10) إِذْ لَا أم أَو لَا أَبَا ليا)
(كتابي جليسي لَا أَخَاف ملاله
…
مُحدث صدق لَا يخَاف ملاليا)
(مُحدث أَخْبَار الْقُرُون الَّتِي مَضَت
…
كَأَنِّي أرى تِلْكَ الْقُرُون الخواليا)
(فهم (1) جلسائي لَا بهائم رقع
…
حمير سدى مَا يخطرون بباليا)
(كتابي بَحر لَا يغيض عطاؤه
…
يفِيض عَليّ المَال إِن غاض (2) ماليا)
((أ / 187) وتلفظ لي إفلاذ أكباد كنزه
…
لجينا (3) وعقيانا ودرا لآليا)
(أدل بعلمي أَن أذلّ لجَاهِل
…
وَيعْقل عَقْلِي (4) أَن يحل عقاليا)
(كتابي دَلِيل [لي] (5) على خير غَايَة
…
فَمن ثمَّ إدلالي وَمِنْه دلاليا)
(إِذا زِغْت عَن قصد السَّبِيل أقامني (6)
وَإِن ضل ذهني ردني عَن ضلاليا)
(فَهَذَا خليلي لَا أَزَال خَلِيله
…
وَخير خلالي أَن أَدِيم خلاليا)
فَائِدَة احْتج ابْن فَارس فِي كتاب مآخذ الْعلم على الْكِتَابَة بقوله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه} (7) فَجعل كِتَابَة الدّين فِي أَجله وَكتبه من الْقسْط عِنْده وَجعل ذَلِك قيَاما للشَّهَادَة ونفيا للارتياب قَالَ وَأَعْلَى مَا يحْتَج بِهِ فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى (8 ن والقلم)(8) قَالَ الْحسن الدواة
والقلم - الْعلم (1)
وَاعْلَم أَنه لَا يَنْبَغِي الِاقْتِصَار على الْكِتَابَة حَتَّى لَا يصير لَهُ قُصُور وَلَا يحفظ شَيْئا وَهَذَا وَجه مَا رُوِيَ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ (2) إِذا أردْت أَن تكون عَالما فاكسر الْقَلَم
358 -
(قَوْله) وَأول نَاس (4 5) إِلَى آخِره
قد ذكر القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب أدب الدُّنْيَا وَالدّين فصلا نَافِعًا فِي الْكِتَابَة يَنْبَغِي ذكره هُنَا لِكَثْرَة فَوَائده فَقَالَ يجب على من حفظ الْعلم بالخط أَمْرَانِ
أَحدهمَا يقوم الْحُرُوف على أشكالها الْمَوْضُوعَة لَهُ
وَالثَّانِي ضبط مَا اشْتبهَ مِنْهَا بالنقط والأشكال المميزة لَهَا ثمَّ مَا زَاد على هذَيْن
من تَحْسِين الْخط وملاحظة نظمه فَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة حذق لصنعته وَلَيْسَت بِشَرْط فِي صِحَّته وَيحل مَا زَاد على ذَلِك مَحل مَا زَاد على الْكَلَام الْمَفْهُوم من فصاحة الْأَلْفَاظ وَلذَلِك قَالَت الْعَرَب حسن الْخط إِحْدَى الفصاحتين
قَالَ وَمِنْهُم من يصرف الْعِنَايَة إِلَى هَذَا حَتَّى صَارَت صناعَة برأسها لَكِن [الْعلمَاء](1) اطرحوه لم يقطعهم ذَلِك عَن التوفر على الْعلم وَلذَلِك تَجِد خطوط الْعلمَاء فِي الْأَغْلَب رَدِيئَة لَا تلحظ إِلَّا من أسعده الْقَضَاء
وَقَالَ الْفضل بن سهل (2) من سَعَادَة الْمَرْء أَن يكون رَدِيء الْخط ليَكُون الزَّمَان الَّذِي يفنيه بِالْكِتَابَةِ يشْغلهُ بِالْحِفْظِ وَالنَّظَر وَلَيْسَت رداءة الْخط هِيَ السَّعَادَة وَإِنَّمَا السَّعَادَة أَلا يكون لَهُ صَارف عَن الْعلم
قَالَ وَقد تعرض لِلْخَطِّ مَوَانِع لفهم مَا تضمنه وَذَلِكَ من ثَمَانِيَة أوجه
أَحدهَا إِسْقَاط الفاظ من أثْنَاء الْكَلَام يصير الْبَاقِي مِنْهَا مبتورا (د / 105) لَا يعرف استخراجه وَلَا يفهم مَعْنَاهُ وَهَذَا إِمَّا من سَهْو الْكَاتِب أَو فَسَاد نَقله وَهَذَا يسهل استنباطه (أ / 188) بِأَن يسْتَدلّ بجواشي الْكَلَام وَمَا سلم مِنْهُ على مَا سقط أَو فسد لَا سِيمَا إِذا قل لِأَن الْكَلِمَة تستدعي ثَانِيهَا
وَالثَّانِي زِيَادَة الفاظ فِي أثْنَاء الْكَلَام يشكل مِنْهَا معرفَة الصَّحِيح غير الزَّائِد من معرفَة السقيم الزَّائِد فَيصير الْكل مُشكلا وَهَذَا لَا يكَاد يُوجد كثيرا إِلَّا أَن يقْصد الْكَاتِب تعمية كَلَامه فَيدْخل فِي أَثْنَائِهِ مَا يمْنَع من فهمه فَيصير رمزا يعرف بالمواضعة فَأَما وُقُوعه سَهوا فقد يكون بِالْكَلِمَةِ والكلمتين وَذَلِكَ لَا يمْنَع من فهمه على المرياض (1) وَغَيره
الثَّالِث إِسْقَاط حرف من الْكَلِمَة يمْنَع من استخراجها على الصِّحَّة ثمَّ قد يكون سَهوا فيقل وَقد يكون من ضعف الهجاء فيكثر
الرَّابِع زِيَادَة حرف فِي الْكَلِمَة ثمَّ قد يكون سَهوا فيقل وَلَا يمْنَع من اسْتِخْرَاج الصَّحِيح وَقد يكون لتعمية ومواضعة يقْصد بهَا الْكَاتِب إخفاء غَرَضه فيكثر كالتراجم وَهُوَ كالثاني
الْخَامِس وصل الْحُرُوف المفصولة وَفصل الموصولة مِمَّا يَدْعُو إِلَى الْإِشْكَال ثمَّ [هَذَا](2) قد يكون سَهوا فيقل ويسهل استخراجه إِلَّا على المرياض وَلذَلِك قَالَ عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ شَرّ الْكِتَابَة الْمشق (3) كَمَا شَرّ الْقِرَاءَة الْهَذْرَمَةُ (4)
السَّادِس تَغْيِير الْحُرُوف عَن أشكالها [الْمَوْضُوعَة لَهَا](5) وإبدالها بغَيْرهَا كالمعمي فَلَا يتَوَقَّف (6) عَلَيْهِ إِلَّا بالتوقيف
السَّابِع ضعف الْخط عَن تَقْوِيم الْحُرُوف على أشكالها الصَّحِيحَة حَتَّى تتَمَيَّز عَن غَيرهَا حَتَّى تصير الْعين الموصولة كالفاء والمفصولة كالحاء وَهَذَا من رداءة الْخط وَضعف الْيَد واستخراجه مُمكن وَلذَلِك قيل الْخط الْحسن يزِيد الْحق وضوحا (1)
الثَّامِن إِسْقَاط النقط والأشكال الَّتِي تتَمَيَّز بهَا الْحُرُوف عَن أشكالها الصَّحِيحَة حَتَّى تتَمَيَّز عَن غَيرهَا وَهَذَا أمره سهل لِإِمْكَان استخراجه بل قد استقبح ذَلِك فِي المكاتبات وداؤه من نقص الْكَاتِب لَا سِيمَا مُكَاتبَة الرؤساء أما غير المكاتبات من الْعُلُوم فَلم يروه قبيحا بل استحسنوه وَلَا سِيمَا فِي كتب الْأَدَب الَّتِي يقْصد بهَا حفظ الْأَلْفَاظ وَكَيْفِيَّة مخارجها وكما افْتَرقَا فِي هَذَا يفترقان فِي أَن مشق الْخط فِي المكاتبات مستحسن (2) وَإِن كَانَ فِي سَائِر الْعُلُوم مستقبحا وَسبب ذَلِك أَنهم لفرط إدلالهم بالصنعة يكتفون بِالْإِشَارَةِ ويقتصرون على التَّلْوِيح (3) انْتهى
360 -
(قَوْله) أَو يحصلونه بِخَط الْغَيْر (11 إِدْخَال الْألف وَاللَّام على غير (4)
361 -
(قَوْله) وَقد أحسن من قَالَ إِنَّمَا يشكل مَا يشكل ثمَّ قَالَ وَحكي عَن قوم أَنه يَنْبَغِي أَن يشكل مَا يشكل وَمَا لَا يشكل (3 4 5 6 7 8 لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة (4) الْجَمَاعَة يَرْوُونَهُ بِرَفْع صَدَقَة
(أ / 189) على أَنه خَبرا لمبتدأ لِأَن الْأَنْبِيَاء عليهم السلام لَا تورث والإمامية يَرْوُونَهُ بِالنّصب على التَّمْيِيز لما تَرَكُوهُ صَدَقَة وَلَو كَانَ كَمَا قَالُوا لم يكن فرق بَينهم وَبَين غَيرهم وَلم يكن لتخصيص الْأَنْبِيَاء عليهم السلام فَائِدَة وَأَيْضًا مَا للنصب وَجه غير مَا ذَكرُوهُ وَهُوَ الحالية كَمَا قَالَه النّحاس
وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الحَدِيث هُوَ لَك عبد بن زَمعَة (1) رِوَايَة الْجَمَاعَة رفع عبد على النداء أَو إتباع ابْن لَهُ على وَجْهَيْن فِي نعت المنادى الْمُفْرد من الضَّم وَالْفَتْح وَبَعض الْحَنَفِيَّة يرويهِ بتنوين عبد على الِابْتِدَاء أَي هُوَ لَك عبد وَيرْفَع ابْن على النداء الْمُضَاف (3)
وترده رِوَايَة هُوَ لَك يَا عبد (1) بالتصريح بِحرف النداء
362 -
(قَوْله) يَنْبَغِي أَن يكثر اعتناؤه بأسماء النَّاس (3 4 5)
قَالَ صَاحب الاقتراح تبعا للْقَاضِي فِي الإلماع من عَادَة المتقنين أَن يبالغوا فِي إِيضَاح الْمُشكل فيفرقوا حُرُوف الْكَلِمَة فِي الْحَاشِيَة ويضبطوها حرفا حرفا حَتَّى لَا يبْقى (1) بعده إِشْكَال (2)
364 -
(قَوْله) الثَّالِث يكره الْخط الدَّقِيق من غير عذر انْتهى (5 6 7)
بِفتْحَتَيْنِ مَا يخلف من بعد يُشِير إِلَى أَن داعيته الْحِرْص على مَا عِنْده من الكاغد إِذْ لَو كَانَ يعلم أَنه مستخلف لوسع (4)
366 -
(قَوْله) دون الْمشق (9 الْمشق فِي اللُّغَة الخفة يُقَال مشقه بِالرُّمْحِ ومشق الرَّغِيف إِذا أكله أكلا
خَفِيفا قَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب معنى مشق الْكَاتِب خفف يَده واستثني من ذَلِك السِّين والشين فَيحسن (1) فِيهَا الْمشق إِلَّا فِي أَوَاخِر الْكَلم نَحْو النَّاس والبأس قَالَ وَهَذَا اخْتِيَار مُحدث فاما رُؤَسَاء الْكتاب الْمُتَقَدِّمين فَكَانُوا (2) يكْرهُونَ الْمشق كُله وإرسال الْيَد مِنْهُ وَيَقُول بَعضهم هُوَ للمبتدئ مُفسد (3) وللمنتهي دَال على تهاونه بِمَا يكْتب وَقَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب يُقَال لمن حسن كِتَابَته زينها وحبرها ونمقها (4) وذهبها وريشها (5) فَإِن أفسد كِتَابَته قيل سرحها (6) وهلهلها (7)[ولهلهها](8) فَإِن لم يبين كتَابَتهَا قيل دحمسها (9) فَإِن (10)
جمع الْحُرُوف وقارب السطور بَعْضهَا من بعض قيل قرمطها (1)(2)(3)
367 -
(قَوْله) فَيجْعَل النقط الَّذِي فَوق المعجمات (3 4 5)
هِيَ بتَشْديد الثَّاء وَقد تخفف جمع أثفية وَهِي الْحِجَارَة الَّتِي تنصب وَيجْعَل الْقدر عَلَيْهَا والهمزة فِيهَا زَائِدَة كَذَا قَالَه صَاحب نِهَايَة الْغَرِيب (1) وَكَلَام الْجَوْهَرِي يَقْتَضِي أَنَّهَا أصيلة (2)
369 -
(قَوْله) الثَّامِن يكره لَهُ فِي مثل عبد الله بن فلَان (4 5 6 7 8 الْمُحَافظَة على كتبه الصَّلَاة والستليم على
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد ذكره (2 3 4 5 6 7 الْكتاب (3) وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ
رَضِي الله عَنهُ لَو لم يكن لصَاحب الحَدِيث فَائِدَة إِلَّا الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يُصَلِّي [عَلَيْهِ](1) مَا دَامَ فِي ذَلِك الْكتاب ثمَّ حكى منامات بالبشارات عَن مُحَمَّد بن أبي سُلَيْمَان (2)
وَعَن عبيد الله الْفَزارِيّ (1)(2) وَعَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعَن عبد الله بن عبد الحكم لما رأى الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمَنَام وَقد جَاءَ بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن ابْن شهَاب عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يرفعهُ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جَاءَ أَصْحَاب الحَدِيث وبأيديهم المحابر فَيُرْسل الله عز وجل إِلَيْهِم جِبْرِيل عليه السلام فيسألهم من أَنْتُم - وَهُوَ أعلم - فَيَقُولُونَ أَصْحَاب الحَدِيث فَيَقُول الرب جل جلاله وَعلا ادخُلُوا الْجنَّة فطالما كُنْتُم تصلونَ على نبيي فِي دَار الدُّنْيَا صلى الله عليه وسلم (3)
وَهَذَا يعم صلَاتهم بلسانهم وبنانهم (1)
371 -
(قَوْله) وَهَكَذَا الْأَمر فِي الثَّنَاء على الله سبحانه وتعالى (3 4 5 6 7 8 وَالرِّوَايَات وَقَالَ إِذا ذكر الصَّلَاة [لفظا من غير أَن يكون فِي
الأَصْل] (1) فَيَنْبَغِي أَن يصحبها قرينَة تدل على ذَلِك من كَونه يرفع رَأسه عَن النّظر فِي الْكتاب وَيَنْوِي بِقَلْبِه أَنه هُوَ الْمُصَلِّي لَا حاكيا عَن غَيره (1)
373 -
(قَوْله) الْعَاشِر (2) على الطَّالِب مُقَابلَة كِتَابه بِأَصْل سَمَاعه (4 5 6 الْمهرِي (5)
عَن عقيل (1) حَدثنِي سعيد بن سُلَيْمَان (2)(3) عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن زيد (4) عَن جده زيد ابْن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كنت أكتب الْوَحْي عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأكتب وَهُوَ يملي (5) عَليّ فَإِذا فرغت قَالَ اقرأه [فأقرؤه](6) فَإِن كَانَ فِيهِ سقط أَقَامَهُ ثمَّ أخرج بِهِ إِلَى النَّاس (7)
وَالثَّانِي ذكره ابْن السَّمْعَانِيّ فِي أدب الاستملاء من حَدِيث عَطاء بن يسَار
قَالَ كتب رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ كتبت قَالَ نعم قَالَ عرضت قَالَ لَا قَالَ لم تكتبه (1) حَتَّى تعرضه فَيصح (2) وَهَذَا مُرْسل
قَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب (1 / 191) وَيُقَال قَابل بِالْكتاب قبالا ومقابلة أَي جعله قبالته وَجعل فِيهِ كلما فِي الآخر وَمِنْه منَازِل الْقَوْم تتقابل أَي يُقَابل بَعْضهَا بَعْضًا (3)[وَهُوَ بِمَعْنى الْمُعَارضَة يُقَال عارضت بِالْكتاب الْكتاب](4)
أَي جعلت مَا فِي آخرهَا مثل مَا فِي الآخر مَأْخُوذ من عارضته (5) بِالثَّوْبِ إِذا أَعْطيته وَأخذت غَيره
374 -
(قَوْله) عَن الشَّافِعِي وَيحيى بن أبي كثير من كتب وَلم يُعَارض كمن دخل الْخَلَاء وَلم يسْتَنْج (8
هَذَا أسْندهُ القَاضِي عِيَاض فِي الإلماع عَن الْأَوْزَاعِيّ وَيحيى بن أبي كثير فَلْينْظر (6)
375 -
(قَوْله) ثمَّ أفضل الْمُعَارضَة أَن يُعَارضهُ مَعَ الشَّيْخ حَال تحديثه إِيَّاه (3 4 5 6 7 8 9 عِنْد نظره فمقابلته مَعَ الْغَيْر أولى أَو
أوجب (1)(2)
377 -
(قَوْله) وَقد رُوِيَ عَن يحيى بن معِين أَنه سُئِلَ عَمَّن [لم](3) ينظر فِي الْكتاب (3 4 5 6 7 8 ترك النّظر إِذا كَانَ من تقدم مقابلها
بِأَصْل الرَّاوِي (1)
378 -
(قَوْله) وَكَذَلِكَ إِذا قَابل بِأَصْل أصل الشَّيْخ الْمُقَابل بِهِ أصل الشَّيْخ (3 4 5 6 7 8 9
379 -
(قَوْله) وَلَا بُد من شَرط ثَالِث وَهُوَ أَن يكون ناقل النُّسْخَة من
الأَصْل غير سقيم النَّقْل (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 عَلَيْهِ كَأَنَّهُ جعله اسْما لَا ظرفا
وَهُوَ كَرِوَايَة بَعضهم وفوقه عرش الرَّحْمَن 382 - (قَوْله) أما التضبيب وَيُسمى التمريض (2 3 4 5 6 جدا (5) وَهَذَا الَّذِي قَالَه المُصَنّف بلاغا عَنهُ ذكره
الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن فَاضل بن صمدون الصُّورِي (1) فِي جُزْء جمعه فَقَالَ كتب إِلَيّ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد لله بن مَيْمُون الْقُرْطُبِيّ (2) أَن أَبَا مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ (3) أنباهم قَالَ أجَاز لنا أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن زِيَادَة (4) التَّمِيمِي الطبني (5) أنبأهم سَمِعت أَبَا الْقَاسِم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الزُّهْرِيّ الإفليلي يَقُول كَانَ شُيُوخنَا يتعالمون أَن الْحَرْف إِذا كتب عَلَيْهِ صَحَّ بصاد وحاء أَن ذَلِك عَلامَة لصِحَّة الْحَرْف لِئَلَّا يتَوَهَّم عَلَيْهِ خلل وَلَا نقص فَوضع حرف كَامِل على حرف صَحِيح وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ صَاد ممدودة دون حاء كَانَ عَلامَة بِأَن الْحَرْف سقيم إِذا (6) وضع عَلَيْهِ حرف غير تَامّ ليدل نقص الْحُرُوف (7) على اختلال (8)
الْحَرْف ويمسي ذَلِك الْحَرْف ضبة أَي أَن الْحَرْف مقفل (1) لَا يتَّجه لقِرَاءَة كَمَا أَن الضبة ينقفل (2) بهَا (3) انْتهى
384 -
(قَوْله) فِي الضَّرْب إِنَّه خير من الحك والمحو (3 4 5 6 ابْن الْعَرَبِيّ وَهَكَذَا أَخْبرنِي (6) أَصْحَاب الشَّيْخ الْفَقِيه أبي إِسْحَاق
الشِّيرَازِيّ أَن بنانه كَأَنَّهَا أمْطرت مدادا وَجَاء عَن ابْن الْمسيب بن وَاضح (1) قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول (أ / 193) إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة وزن حبر الْعلمَاء وَدم الشُّهَدَاء فرجح حبر الْعلمَاء على دم الشُّهَدَاء (2)(3) وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي الْأَدَب أَن عبيد الله بن سُلَيْمَان (4) رأى على ثوبة أثر صفرَة فَأخذ من مداد الدواة وطلى [بِهِ](5) ثمَّ قَالَ المداد أحسن من الزَّعْفَرَان وَأنْشد
(إِنَّمَا الزَّعْفَرَان عطر العذارى
…
ومداد الدوى عطر الرِّجَال)
وللأديب أبي الْحسن الفنجكردي (1)(2)
(مداد الْفَقِيه على ثَوْبه
…
أحب إِلَيْنَا من الغالية)
(وَمن طلب الْفِقْه ثمَّ الحَدِيث
…
فَإِن لَهُ همة عالية)
(وَلَو يَشْتَرِي النَّاس هَذِه (3 4 5 6 بِالسَّوَادِ
ثمَّ بالحبر خَاصَّة دون المداد لِأَن السوَاد اصبغ الألوان والحبر أبقاها على ممر الدهور (1) والأزمان (2) قَالَ وَقد سَأَلَ رجل أَبَا عبيد (3) أَن يكْتب كتاب الْأَمْوَال تصنيفه بِمَاء الذَّهَب فَقَالَ [اكتبه](4) بالحبر فَإِنَّهُ أبقى (5) وَقَالَ الْحسن بن سهل (6) إِنَّمَا سمي الحبر حبرًا لِأَن البليغ إِذا حبر الفاظه ونمنم (7) بَيَانه أحضرك (8) من مَعَاني الحكم آنق (9) من حبرات الْبَز (10) ومفوفات الوشي (11)
(1)
وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى من حضر مجْلِس الْعلم بِلَا محبرة (2) كَانَ كمن حضر الطاحونة بِلَا طَعَام (3) قَالَ وَأما الْقَلَم (4) فَلَا يَنْبَغِي أَن يكون قلم صَاحب الحَدِيث أَصمّ صلبا فَإِن هَذِه الصّفة تمنع سرعَة الجري وَلَا يكون رخوا فيسرع إِلَيْهِ الحفا (5) يتَّخذ أملس (6) الْعود مزال الْعُقُود وَتوسع فَتحته وتطال جلفته (7) وتحرف قطته (8)(9)
وَذكر الْغَزالِيّ فِي كِتَابه نصيحة الْمُلُوك تكون براية الْقَلَم على شكل منقار
الكركي (1) محرفا من الْجَانِب الْأَيْمن (2)
وَحكى صَاحب تَارِيخ أريل أَنه حضر بعض مشايخه وَمَعَهُ قلم فِي آخِره عقدَة فَقَالَ احذفها من الْقَلَم فقد قيل إِنَّه يُورث الْفقر قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ وَيَنْبَغِي أَلا يسْتَعْمل سكين الأقلام إِلَّا فِي بريها وَتَكون رقيقَة الشَّفْرَة (3) مَاضِيَة الْحَد صَافِيَة الْحَدِيد (4)(5) وَقد أهْدى الْحسن بن وهب (6) سكينا وَكتب مَعهَا
قد أهديت لَك سكينا أَمْلَح من الْوَصْل (7) وأقطع من الْبَين (8)(9) وَيَنْبَغِي أَن يكون الحبر براقا جَارِيا والقرطاس نقيا صافيا (10)
386 -
(قَوْله) وَرُبمَا اقْتصر على الضَّمِير مِنْهَا وَهُوَ النُّون وَالْألف (2) بَينهمَا (1)
387 -
(قَوْله) وَإِذا كَانَ للْحَدِيث إسنادان فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ عِنْد الِانْتِقَال من إِسْنَاد إِلَى آخر مَا صورته ~ إِلَى آخِره
وجدت بِخَط بعض الْفُضَلَاء عَن شَيْخه الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي أَنه قَالَ لَفْظَة (ح) يستعملها المحدثون عِنْد فرَاغ السَّنَد والشروع فِي سَنَد آخر ويعنون بهَا التَّحْوِيل (2) من سَنَد إِلَى سَنَد ويريدون حاجز (د / 108) قَالَ وَقد قَرَأَ على بعض الْحفاظ المغاربة فَصَارَ كلما وصل إِلَى (ح) قَالَ حاجز هَذَا فِي (ح) مُهْملَة وَقَالَ (أ / 194) إِن بعض الْمُحدثين يستعمها بِالْخَاءِ المنقوطة يُرِيد بهَا أخبر أَو خبر قَالَ الدمياطي وَأول من تكلم فِي هَذَا الْحَرْف فِيمَا علمت ابْن الصّلاح
388 -
(قَوْله) روينَا أَن رجلا أدعى على رجل بِالْكُوفَةِ سَمَاعا مَنعه إِيَّاه فتحاكما إِلَى قاضيها إِلَى قَوْله لِأَن خطّ صَاحب الْكتاب دَال على رِضَاهُ
باستماع صَاحبه مَعَه (2 3 4 5 6 7 8) إِلَى آخِره
قلت وَذكر الْحَافِظ محب الدّين بن النجار (1) فِي ذيل التَّارِيخ بِسَنَدِهِ إِلَى الْأَمِير أبي مُحَمَّد عبد الله بن عُثْمَان بن عمر بن عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن الواثق بِاللَّه بن المعتصم بِاللَّه بن الرشيد بن الْمُهْتَدي بن الْمَنْصُور قَالَ سَمِعت جدي (2) يَقُول قدم إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي (3) رجلَانِ فَادّعى أَحدهمَا على الاخر سمعا لَهُ فِي كتاب وَأَنه يلتمسه مِنْهُ ليكتبه فيمنعه عَنهُ فَسَأَلَ القَاضِي الْمُدعى عَلَيْهِ فاعترف بِسَمَاعِهِ وَامْتنع من إِخْرَاج الْكتاب إِلَيْهِ فَقَالَ إِسْمَاعِيل القَاضِي إِن كَانَ سَمَاعه فِي كتابك بِخَطِّهِ فَأَنت بِالْخِيَارِ فِي دَفعه وَمنعه وَإِن كَانَ سَمَاعه فِي كتابك بخطك فَعَلَيْك أَن تخرجه إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّه يُعَذِّبنِي فِي كتبي إِذا دفعتها إِلَيْهِ فَقَالَ أخرج إِلَيْهِ مَا لزمك بالحكم وَقَالَ للْآخر إِذا أعارك أَخُوك كتبه لتنسخها فَلَا تعذبه فَإنَّك تطرق على نَفسك مَنعك مِمَّا تسْتَحقّ فرضيا بذلك وطابا (4)
قلت وَهَذِه الرِّوَايَة تخَالف مَا حَكَاهُ المُصَنّف من جِهَة أَن قَول المُصَنّف بِخَط غَيره يَشْمَل صُورَتَيْنِ مَا إِذا كَانَ السماع بِخَط الْمُدَّعِي وبخط غَيرهمَا والمدرك فيهمَا مُخْتَلف وَيَنْبَغِي إِلْحَاق مَا إِذا كَانَ بِخَط غَيرهمَا بِمَا (1) إِذا كَانَ بِخَط صَاحب الْكتاب فَإِن سَماع الطَّالِب مَتى كَانَ بِخَطِّهِ أمكنة اعْتِقَاد التُّهْمَة فَلَا يظْهر (2) اسْتِحْقَاقهَا لما يَدعِيهِ من ذَلِك بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ بِخَط [غَيرهمَا (3) لانْتِفَاء التُّهْمَة إِذْ ذَاك وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يفصل فِيمَا إِذا كَانَ السماع بِخَط](4) غَيرهمَا بَين خطّ (5) الثِّقَة وَخط غَيره فَيلْزم الْإِعْطَاء فِي الأول دون الثَّانِي كَمَا إِذا كَانَ السماع بِخَط صَاحب الْكتاب لظُهُور الِاسْتِحْقَاق
390 -
(قَوْله) وَقد كَانَ لَا يتَبَيَّن لي وَجهه ثمَّ وَجهه (9 ذَلِك من الْمصَالح الْعَامَّة الْمُحْتَاج إِلَيْهَا مَعَ وجود علقَة
بَينهمَا تَقْتَضِي إِلْزَامه بإسعافه فِي مقْصده أَصله إِعَارَة الْجِدَار لوضع جُذُوع الْجَار (أ / 195) بالعارية مَعَ دوَام الْجُذُوع فِي الْغَالِب فَلِأَن يلْزم صَاحب الْكتاب مَعَ عدم دوَام الْعَارِية أولى (1) وَقد ذكر ابْن الصّلاح فِي النَّوْع الثَّامِن وَالْعِشْرين التَّرْغِيب فِي الْعَارِية والتحذير من منعهَا (2)
391 -
(قَوْله) ثمَّ إِذا نسخ الْكتاب فَلَا ينْقل سَمَاعه إِلَّا بعد مُقَابلَته (6 بلغ فِي الْمجْلس الأول أَو الثَّانِي هَكَذَا
النَّوْع السَّادِس [و](1) الْعشْرُونَ
392 -
(قَوْله) ذكر عَن يحيى بن حسان إِلَى آخِره (3 4 5 عَنهُ عدل فَهُوَ جيد وَإِلَّا كَانَ غير عدل فالبلاء مِمَّن أَخذه (3) عَنهُ (4)
393 -
(قَوْله) وَمثل هَذَا وَقع فِي شُيُوخ زَمَاننَا (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 غير أَنه لَا يحفظ مَا تَضَمَّنت قَالَ الْخَطِيب فَمن احتاط (2) فِي حفظه
وَسلم من أَن يدْخل عَلَيْهِ غير سَمَاعه جَازَت رِوَايَته (1)
395 -
(قَوْله) ثمَّ وجدت الْخَطِيب قد حكى مصداق ذَلِك (3 4 5)
أَي بِشَرْط أَن يكون مَحْفُوظًا عِنْده (1) وَسَوَاء فِي هَذَا مَا اخْتلف مَعْنَاهُ أَو (2) لم يخْتَلف وَاخْتلف اللَّفْظ
وَقد روى همام حَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اشْترى حلَّة بِسبع وَعشْرين نَاقَة وَقَالَ هَكَذَا فِي حفظي (أ / 196) وَفِي كتابي ثوبا (3)(4) وَاحْترز المُصَنّف بقوله أَولا الْحَافِظ عَمَّن لم يحفظ وَإِن كَانَ نسي الْحِفْظ فَلَا يعْتَمد إِلَّا اصل كِتَابه الموثوق بِهِ
397 -
(قَوْله) هَكَذَا فعل شُعْبَة (6 7 8) إِلَى آخِره
أعلم أَن الرَّاوِي إِمَّا أَن يتَذَكَّر الْمَرْوِيّ بِنَفسِهِ سَمَاعا وَقِرَاءَة وَلَا إِشْكَال فِي جَوَازه وَرِوَايَته (1) كَمَا قَالَه أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ فِي الْمُعْتَمد وَإِمَّا أَن يظنّ أَنه سمع مَا فِي الْكتاب أَو يجوز سَمَاعه ونفيه على السوَاء فَلَيْسَ لَهُ التحديث (2) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يخبر بِمَا يُعلمهُ أَنه كَاذِب فِي كِتَابه أَي إِمَّا بِخَطِّهِ أَو بِخَط شَيْخه أَو خطّ موثوق بِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْن فَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون مَوضِع الْخلاف (3) وَقد حكى المُصَنّف فِيهِ مذهبين
أَحدهمَا الْمَنْع وَنسبه لأبي حنيفَة وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَكَأَنَّهُ يُرِيد بِهِ الصيدلاني وَقد سبق مِنْهُ فِي أول الْبَاب حكايته عَنهُ وَعَن مَالك أَيْضا (5) وَقَالَ الْخَطِيب سَأَلت القَاضِي أَبَا الطّيب الطَّبَرِيّ عَمَّن وجد سَمَاعه فِي كِتَابه من شيخ قد سمي وَنسب فِي الْكتاب غير أَنه لَا يعرفهُ فَقَالَ لَا يجوز لَهُ رِوَايَة ذَلِك الْكتاب (6)
وَبَلغنِي عَن الشَّيْخ زين الدّين الكشاني (7) من الْمُتَأَخِّرين أَنه اخْتَارَهُ وَكَانَ يَقُول أَنا لَا يحل لي أَن أروي إِلَّا حَدِيث
(أَنا النَّبِي لَا كذب
…
أَنا ابْن عبد الْمطلب)
لِأَنِّي من حِين سمعته لم أنسه (1)
وَالثَّانِي الْجَوَاز وَقَالَ إِنَّه مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى أَي الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابه وَنَقله أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد صَاحِبي أبي حنيفَة (2) وَإِن كَانُوا لَا يعتمدون الْخط فِي الشَّهَادَة لِأَن بَاب الرِّوَايَة أوسع لَكِن شَرط أَن يكون الْخط مَحْفُوظًا عِنْده كَمَا سَيَأْتِي وَنقل القَاضِي حُسَيْن (2) فِي فَتَاوِيهِ عَن الْمُحدثين الْجَوَاز ثمَّ قَالَ وَلَا يجوز من طَرِيق الْفِقْه مَا لم يذكر سَمَاعه قَالَ وَعَكسه لَو تحقق وَعلم سَماع ذَلِك الْخَبَر لَكِن اسْمه غير مَكْتُوب عَلَيْهِ لم يجوز المحدثون رِوَايَته وَيجوز من طَرِيق الْفِقْه كَالشَّهَادَةِ
وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد فِي شرح العنوان (4) إِن الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ عمل الْمُحدثين جَوَاز ذَلِك إِذْ لم تظهر مِنْهُ قرينَة التَّعْبِير لَكِن الضَّرُورَة دعت إِلَى ذَلِك بِسَبَب (5) انتشار الْأَحَادِيث وَالرِّوَايَة انتشارا يتَعَذَّر مَعَ (10 11 12 درءا
لأعظم المفسدتين ثمَّ مِنْهُم من يتحَرَّى بِزِيَادَة شَرط آخر وَهُوَ أَلا يخرج الْكتاب عَن يَده بعارية أَو غَيرهَا وَهُوَ احْتِيَاط حسن وَقد كَانَ المتقدمون إِذا كتبُوا أَحَادِيث بِالْإِجَازَةِ إِلَى غَائِب عَنْهُم يختمونه بالخاتم إِمَّا كلهم أَو بَعضهم (أ / 167)
399 -
(قَوْله) لَكِن هَذَا لَهُ شَرط وَهُوَ أَن يكون السماع بِخَطِّهِ أَو بِخَط من يَثِق بِهِ (5 6 7 8 9 10 11) وَإِن لم يكن فِيهِ سَماع غَيره فنيظر فَإِن كَانَ الْكتاب كَبِيرا بِحَيْثُ لَا يُمكن قِرَاءَته فِي مجْلِس اعْتبر فِيهِ مَوَاضِع البلاغات وشق الدارات والتصحيح والإلحاقات لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل قِرَاءَته فِي مجْلِس وَاحِد وَأَن يسلم مَعَ كبره من الْغَلَط والتصحيف والإسقاط وَإِن كَانَ صَغِيرا بِحَيْثُ يُمكن قِرَاءَته فِي
مجْلِس وَاحِد اعْتبر بِهِ (1) أَيْضا الدَّلَائِل الْمَذْكُورَة لِأَن الْفُرُوع وَإِن صحت ولطفت لَا بُد لَهَا أَن تعجز عَن الْأُصُول وَلَو بِحرف أَو إِعْرَاب قَالَ فَإِن كَانَ الرَّاوِي مَشْهُورا (2) بكتب الحَدِيث والرحلة إِلَى الْمَشَايِخ وَكَانَ حَافِظًا أَخذ عَنهُ مَا أوردهُ من حفظه لاشتهاره بذلك وَكَذَا مَا يحدث بِهِ من أصل إِذا كَانَ ذَلِك تَعْلِيق حديثين أَو ثَلَاثَة وَكَانَ بِخَطِّهِ بعد أَن يَقُول علقته عَن الشَّيْخ
الثَّالِث قَضيته أَنه لَو تحقق سَمَاعه وَلم يُوجد بِخَطِّهِ وَلَا خطّ غَيره أَنه لَا يرويهِ وَقد سبق عَن القَاضِي حُسَيْن نَقله عَن الْمُحدثين وَأَن مُقْتَضى الْفِقْه الْجَوَاز وَقَالَ الفرغاني الدّيانَة لَا توجب رِوَايَته وَالْعقل لَا يُجِيز إذاعته لِأَنَّهُ فِي صُورَة كَذَّاب وَإِن كَانَ صَادِقا فِي نفس الْأَمر قَالَ وللراوي أَن يقلده فِيهِ إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَعلم حفظه لما فِيهِ إِلَّا انه يجوز لَهُ أَن يكْتب سَمَاعه على كِتَابه لِئَلَّا يُوهم الْجَزْم بِصِحَّتِهِ
400 -
(قَوْله) وَهَذَا إِذا لم يتشكك وَإِلَّا لم يجز (11 12 13 14 متذكر وَلَكِن أَصله نَاس (5)
401 -
(قَوْله) الْخَامِس إِذا أَرَادَ رِوَايَة (1) مَا سَمعه على مَعْنَاهُ دون لَفظه (3 4 5 6 7 8 وَإِنَّمَا نقل إِلَيْنَا (أ / 198) ذَلِك (7)
بِالْمَعْنَى (1)
وَفِي الْمَسْأَلَة حَدِيث أخرجه ابْن مَنْدَه فِي معرفَة الصَّحَابَة من جِهَة مُحَمَّد بن عبد الله بن إِسْحَاق بن سُلَيْمَان بن أكيمَة اللَّيْثِيّ (2) عَن أَبِيه عَن جده أَنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع مِنْك الحَدِيث لَا أَسْتَطِيع أَن أرويه كَمَا أسمع مِنْك (د / 110) يزِيد حرفا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا لم تحلوا حَرَامًا وَلَا تحرموا حَلَالا وأصبتم الْمَعْنى فَلَا بَأْس (3) قَالَ فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ بن أبي الْحسن
فَقَالَ لَوْلَا هَذَا (1) مَا حَدثنَا وَقَالَ ابْنه (2) فِي كتاب الْوَصِيَّة حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق أخرجه أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه فِي كتاب الْعلم وَحَدِيث إِسْحَاق بن يَعْقُوب ابْن عبد الله بن أكيمَة عَن أَبِيه عَن جده بِهِ أخرجه إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن دَاوُد الْمُسْتَمْلِي الْبَلْخِي (4) فِي كِتَابه وَقد نَقله (5) النَّاس للْإيمَان بِهِ والاستعمال وَتَركه بَعضهم لاخْتِلَاف الْإِسْنَاد والألفاظ وَأما الجوزقاني فَذكره فِي الموضوعات وَقَالَ إِنَّه حَدِيث بَاطِل وَفِيه اضْطِرَاب (6)
وَقد فَاتَ المُصَنّف حِكَايَة مَذَاهِب
أَحدهَا أَنه يجوز للصحابي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دون غَيره حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ
وَالثَّانِي يجوز للصحابي والتابعي دون غَيرهمَا وَبِه جزم حفيد القَاضِي أبي بكر (7) فِي كتاب أدب الرِّوَايَة قَالَ وَلَيْسَ ذَلِك لمن بعدهمْ فَإِن الحَدِيث إِذا قَيده الْإِسْنَاد وَجب أَلا يخْتَلف لَفظه فيدخله الْكَذِب والحفيد هَذَا كَانَ معاصرا للخطيب
وَالثَّالِث إِن كَانَ يحفظ اللَّفْظ لم يجز أَن يرويهِ بِغَيْرِهِ (2 3 4 5 6) إِلَى آخِره
ذكر ابْن دَقِيق الْعِيد كَلَام المُصَنّف هَذَا ثمَّ قَالَ وَهَذَا فِيهِ ضعف وَأَقل مَا فِيهِ أَنه يَقْتَضِي تَجْوِيز هَذَا فِيمَا ينْقل من المصنفات إِلَى أجزائنا وتخاريجنا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِير التصنيف الْمُتَقَدّم قَالَ وَلَيْسَ هَذَا جَارِيا على الِاصْطِلَاح على أَن تغير (3)
الْأَلْفَاظ بعد الِانْتِهَاء إِلَى الْكتب المصنفة سَوَاء رويناها فِيهَا أَو نقلناها مِنْهَا
403 -
(قَوْله)(1) السَّابِع هَل يجوز اخْتِصَار الحَدِيث (3 4 5 6 7 8 9 تحري البُخَارِيّ (وَهُوَ تحري
مُسلم (1) وَيُؤَيِّدهُ قَوْله بعده وعَلى هَذَا كَافَّة النَّاس ومذاهب الْأَئِمَّة وَعَلِيهِ صنف المصنفون كتبهمْ فِي الحَدِيث على الْأَبْوَاب وفصلوا الحَدِيث عَلَيْهَا (2) وَأحسن (أ / 199) ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصره حَيْثُ قَالَ حذف بعض الْخَبَر جَائِز عِنْد الْأَكْثَرين (3) إِلَّا فِي الْغَايَة وَالِاسْتِثْنَاء وَنَحْوه (4)
وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك صَاحب الْمُسْتَصْفى فَقَالَ رِوَايَة بعض (5 6 7 8 9 10 (6)
الثَّانِي مَا نَقله عَن الْخَطِيب وَغَيره ذكره (1) فِي الْمُسْتَصْفى فَإِنَّهُ شَرط للْجُوَاز أَن يرويهِ مرّة بعد أُخْرَى بِتَمَامِهِ ثمَّ قَالَ [أما](2) إِذا روى الحَدِيث مرّة تَاما وَمرَّة نَاقِصا نُقْصَانا لَا يضر فَجَائِز بِشَرْط أَلا يتَطَرَّق إِلَيْهِ سوء الظَّن بالتهمة فَإِن علم أَنه مُتَّهم باضطراب النَّقْل وَجب الِاحْتِرَاز عَنهُ (3)
الثَّالِث قد احْتج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي كِتَابه أدب الْمُحدث على الْجَوَاز بِحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَامَ لَيْلَة بِآيَة يُرَدِّدهَا حَتَّى أصبح (4) قَالَ فَإِذا كَانَ سيد النَّاس قد فعل هَذَا فِي سيد الحَدِيث وَهُوَ الْقُرْآن ففصل بعضه من بعض - كَانَ غَيره بذلك أولى وَفِي حَدِيث عبد الله بن السَّائِب أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى صَلَاة ابتدأها بِسُورَة حَتَّى بلغ ذكر مُوسَى أَو عِيسَى أَخَذته سعلة فَرَكَعَ (5) وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذَا
نظر لِأَن عِلّة الْمَنْع فِي مَسْأَلَتنَا الإلباس (1) بِحَذْف الْبَاقِي وَهَذَا مَأْمُون فِي الْقُرْآن لحفظه فِي الصُّدُور
الرَّابِع أَنه يلْتَحق بِمَا يخل بِالْمَعْنَى عِنْد الْحَذف مَا إِذا [لم](2) يكن للمحذوف تعلق بالمذكور أصلا وَلَكِن يخَاف من عدم ذكره تَغْيِير الحكم الشَّرْعِيّ وَمن أمثلته مَا ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي خبرين
أَحدهمَا أَن ابْن مَسْعُود روى أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة يستنجي بهَا فَألْقى الروثة وَقَالَ إِنَّهَا رِجْس (3) زَاد بعض الروَاة عَن ابْن مَسْعُود أَنه [قَالَ](4) ابغ لي ثَالِثا (5) قَالَ فالسكوت عَن ذكر الثَّالِث لَا يخل برمي
الروثة وَأَنَّهَا رِجْس وَلَكِن يُوهم الِاكْتِفَاء بحجرين وَقَالَ الإِمَام إِن قصد الرَّاوِي الِاحْتِجَاج على منع اسْتِعْمَال الروث سَاغَ لَهُ الِاقْتِصَار وَإِن استفتح الرِّوَايَة غير مُتَعَلق بغرض خَاص فَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَار لِئَلَّا يُوهم الِاكْتِفَاء بحجرين
وَخَالفهُ الشَّارِح الْأَنْبَارِي وَقَالَ يجب نقل الثُّلُث لَا بِالنّظرِ إِلَى إفتقار الْمَرْوِيّ إِلَيْهِ لَكِن بِالْإِضَافَة إِلَى الْحَاجة إِلَى ذكر الْخَبَر ليتلقى مِنْهُ الحكم
الثَّانِي مَا رُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا وَلم يذكر الْجلد (3) وَفِي حَدِيث آخر الثّيّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم (4)
قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا مَنْسُوخ بِحَدِيث مَاعِز قيل فَلَعَلَّهُ جلد وَلم ينْقل فَمَا كل مفصل يجب نَقله (5) وَلَا يُقَابل التَّصْرِيح بِالسُّكُوتِ فَإِن الْحق أَحَق أَن يتبع نعم لَا يُعَارض السُّكُوت التَّصْرِيح (أ / 200) وَلَوْلَا أَنه قد رُوِيَ أَنه رجم وَلم يجلد لم نقل بالنسخ
قَالَ القَاضِي وَالْإِجْمَاع على ترك الْجلد وَقَالَ الإِمَام بل فِي السّلف [من جمع](1) بَين الْجلد وَالرَّجم قَالَ القَاضِي من روى الْجلد مَعَ الرَّجْم غلط إِذْ لَا معنى للجلد مَعَه قَالَ الإِمَام لَا يسوغ تغليط الثِّقَة (2) بالاستبعاد (3)
404 -
(قَوْله) وَأما تقطيع المُصَنّف متن الحَدِيث الْوَاحِد وتفريقه فِي الْأَبْوَاب (5 6 7 8 9 10 لَهُ وَلَا اخْتِصَار إِذا لم يقل فِيهِ مثل حَدِيث فلَان وَنَحْوه
وَاعْلَم أَن مَالِكًا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فعل ذَلِك فِي الْمُوَطَّأ فِي حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي الْحَج (1) قَالَ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فَصله فِي مَوَاضِع وَترك مِنْهُ أَكْثَره فَلم يذكرهُ وَذكر مِنْهُ فصلا آخر خَارج الْمُوَطَّأ (2) انْتهى وَكَذَلِكَ فعل البُخَارِيّ فرقه على الْأَبْوَاب (3) وَأما مُسلم فساقه وَاحِدَة
الثَّانِي أَن مَا قَالَه من الْكَرَاهَة نازعه فِيهِ النَّوَوِيّ فِي مُخْتَصره قَالَ وَمَا أَظن ابْن الصّلاح يُوَافق على الْكَرَاهَة (4) وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقد بَالغ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي كِتَابه أدب الْمُحدث وَكَاد أَن يَجعله مُسْتَحبا وَالتَّحْقِيق التَّفْصِيل فَإِن قطع بِأَنَّهُ لَا يخل الْمَحْذُوف بعضه بِبَعْض وخفائه وجلائه لاحْتِمَال أَن يكون من بَاب الْجمع فِي الْإِخْبَار أَو من بَاب الْإِخْبَار عَن الْجمع وَبَينهمَا فرق تعرض لَهُ شَارِح الْإِلْمَام
وَأما مَا فعله مَالك وَالْبُخَارِيّ فَيسلم لَهما لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا فعلاه لقصد صَحِيح يظْهر رجحانه (5)
الثَّالِث أهمل أمورا مِنْهَا حذف زِيَادَة مَشْكُوك فِيهَا وَهُوَ سَائِغ كَانَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى يَفْعَله (1) كثيرا بل كَانَ يقطع إِسْنَاد الحَدِيث إِذا شكّ فِي وَصله وَنَقله عبد الْغَنِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن علية وَمحل حذف الزِّيَادَة الْمَشْكُوك فِيهَا زِيَادَة لَا تعلق للمذكور بهَا فَإِن تعلق ذكرهَا مَعَ الشَّك ليعلم (2) كَقَوْل دَاوُد بن الْحصين (3) فِي حَدِيث الرُّخْصَة فِي الْعَرَايَا فِي خَمْسَة أوسق أَو دون خَمْسَة أوسق (4) فَشك وَلَكِن لما كَانَ الْمَشْكُوك فِيهِ مِمَّا لَا يسوغ حذفه ذكره على الشَّك (5)
وَمِنْهَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَقد بوب لَهُ عبد الْغَنِيّ بن سعيد وَحكى فِيهِ الْجَوَاز - إِذا لم يتَغَيَّر الْمَعْنى - عَن الْحسن والمعتمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه
405 -
(قَوْله) يَنْبَغِي أَلا يروي حَدِيثه بِقِرَاءَة لحان (4 5 6 7 8 9 وَفِي الحَدِيث لَعَلَّ بَعْضكُم أَلحن بحجته من بعض (4)
(1)
وَذكر الْخطابِيّ مثله و [قَالَ](2) يُقَال فِي لحن - بِكَسْر الْحَاء - وَفِي الزيغ عَن الْإِعْرَاب لحن إِلَى آخِره (3)
فِيهِ أُمُور
أَحدهَا مَا حَكَاهُ من التَّعْبِير بالإصلاح وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة فِي كتاب الْإِعْرَاب لَهُ سُئِلَ الشّعبِيّ وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن وَعَطَاء وَالقَاسِم عَن الرجل يحدث بِالْحَدِيثِ فيلحن أأحدث كَمَا سَمِعت أَو أعربه قَالُوا لَا بل أعربه (4) وَقَالَ الْآجُرِيّ فِي سؤالاته سَمِعت أَبَا دَاوُد يَقُول كَانَ أَحْمد بن صَالح يقوم كل لحن فِي الحَدِيث (5)
الثَّانِي أهمل فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ غريبين
أَحدهمَا حَكَاهُ الْقَابِسِيّ فِي الملخص قَالَ وَأما اللّحن فِي الحَدِيث فشديد وَقد سَمِعت أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن هَاشم الْبَصْرِيّ (1) وَكَانَ من عُلَمَاء النَّاس وخيارهم رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول سُئِلَ أَبُو عمرَان - يَعْنِي النسوي (2) - عَن اللّحن يُوجد فِي الحَدِيث فَقَالَ إِن كَانَ شَيْئا يَقُوله الْعَرَب وَلَو كَانَ فِي غير لُغَة قُرَيْش فَلَا يُغير لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يكلم النَّاس بلسانهم وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يُوجد فِي كَلَام الْعَرَب فَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يلحن (3) انْتهى
وَاخْتَارَهُ ابْن حزم فِي كتاب الإحكام قَالَ وَأما اللّحن فَإِن كَانَ يجوز وَلَو على بعض لُغَة الْعَرَب أَدَّاهُ كَمَا سَمعه وَإِن كَانَ لَا وَجه لَهُ فِي الْكَلَام إِلَيْهِ حرم عَلَيْهِ تأديته ملحونا لتيقننا أَنه صلى الله عليه وسلم لم يلحن قطّ (4)
الثَّانِي حَكَاهُ صَاحب الاقتراح عَن شَيْخه الشَّيْخ عز الدّين فَقَالَ سَمِعت أَبَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام (5) - وَكَانَ أحد سلاطين الْعلمَاء - كَانَ يرى فِي الْمَسْأَلَة بِمَا لم أره (6) لأحد أَن هَذَا اللَّفْظ المختل لَا يرْوى على الصَّوَاب وَلَا على الْخَطَأ وَأما على الصَّوَاب فَإِنَّهُ (7) لم يسمع من الشَّيْخ كَذَلِك وَأما على الْخَطَأ فَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لم يقلهُ كَذَلِك (8) انْتهى وَهَذَا نَظِير قَول أَصْحَابنَا فِيمَا لَو وَكله بِبيع فَاسد أَنه لَا يَسْتَفِيد
الْفَاسِد لِأَن الشَّرْع لم يَأْذَن فِيهِ وَلَا الصَّحِيح لِأَن الْمَالِك لم يَأْذَن فِيهِ
الثَّالِث أَنه يشْتَرط فِي رِوَايَته على الصَّوَاب الْعلم بِالْعَرَبِيَّةِ كَمَا قَالَه ابْن فَارس فِي كتاب مآخذ الْعلم [وَيحْتَاج](1) لترو فِي ذَلِك وَبحث شَدِيد فَإِن اللُّغَة وَاسِعَة وَاخْتَارَ الْجَوَاز قَالَ وَأما قَوْله صلى الله عليه وسلم نضر الله امْرَءًا سمع مَقَالَتي فبلغها كَمَا سمع فَالْمُرَاد كَمَا سمع من صِحَة الْمَعْنى واستقامته من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَاحْتج ابْن الْمُنِير أَيْضا على الْجَوَاز بقوله فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ
406 -
(قَوْله) وَأما إصْلَاح ذَلِك وتغييره فِي كِتَابه (8 9 10 11 يسع (3) الْمُحدث جَهله صوب بعض الْمَشَايِخ هَذَا وَأَنا أستحسنه وَبِه (4) آخذ
407 -
(قَوْله) وَهَكَذَا (1) الحكم فِي استثبات الْحَافِظ مَا شكّ فِيهِ (2 3 4) إِلَى آخِره
مِثَاله قَول البُخَارِيّ ثَنَا يحيى بن بكير ثَنَا اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاء قبل أَن يفْرض رَمَضَان وَكَانَ يَوْمًا تستر فِيهِ الْكَعْبَة فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من شَاءَ فليصم وَمن شَاءَ أَن يتْركهُ فليترك (1) فخلط السندين وَلم يقل عِنْد انْتِهَاء سَنَد ابْن أبي حَفْصَة (2) قَالَا وَإِنَّمَا اخْتَصَرَهُ لكَون اللَّفْظ للثَّانِي وَهُوَ وَالْأول اشْتَركَا فِي الْمَعْنى وَقد أفْصح مُسلم بن الْحجَّاج فِي الصَّحِيح فَقَالَ - (3) إِذا روى مثل هَذَا - وَاللَّفْظ لفُلَان (4)
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَيْسَ فِي (د / 112) حَدِيث عقيل ستر الْكَعْبَة وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيث ابْن أبي حَفْصَة (5) والإسماعيلي حَافظ فَلَا يَقُول هَذَا إِلَّا بعد تتبع وَالْبُخَارِيّ أحفظ مِنْهُ وَأكْثر تثبتا فَيحْتَمل أَن رُوِيَ من طَرِيق البُخَارِيّ السّتْر فِي رِوَايَة أُخْرَى (6)
409 -
(قَوْله) فإعادته ثَانِيًا وَذكر أَحدهمَا مشْعر بِأَن اللَّفْظ لَهُ قبل (2 3 4 5 6 7 8 9) إِلَى آخِره
فِي الْإِرْشَاد للخليلي ذاكرت يَوْمًا بعض الْحفاظ فَقلت البُخَارِيّ لم يخرج
حَمَّاد بن سَلمَة (1) فِي الصَّحِيح وَهُوَ زاهد ثِقَة قَالَ لِأَنَّهُ يجمع بَين حَدِيث أَصْحَاب أنس فَيَقُول انا قَتَادَة وثابت وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب وَرُبمَا يُخَالف فِي بعض ذَلِك فَقلت أَلَيْسَ ابْن وهب اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يجمع بَين أَسَانِيد فَيَقُول حَدثنَا مَالك وَعَمْرو بن الْحَارِث وَاللَّيْث بن سعد وَالْأَوْزَاعِيّ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِم فِي أَحَادِيث وَيجمع بَين غَيرهم فَقَالَ ابْن وهب أتقن لما يرويهِ وأحفظ لَهُ (2) انْتهى وَفِي هَذَا مَا يُجَاب بِهِ عَمَّا ذكره ابْن الصّلاح أَنه عيب على البُخَارِيّ
412 -
(قَوْله) وَإِذا سمع كتابا مصنفا من جمَاعَة (8 9 10 11 12 13 أوعى لَهُ من بعض الَّذِي
حَدثنِي بِهِ عُرْوَة عَن عَائِشَة وسَاق الحَدِيث وَهُوَ فِي الصَّحِيح وَهَذَا يَسْتَعْمِلهُ أهل الْمَغَازِي وَالسير وَلَا يعلم مِنْهُ الْقدر الَّذِي رَوَاهُ عَن كل وَاحِد من الَّذين حدثوه طَائِفَة مِنْهُم
وَأغْرب من ذَلِك مَا صنعه البُخَارِيّ فِي كتاب الرقَاق فِي بَاب كَيفَ كَانَ عَيْش النَّبِي صلى الله عليه وسلم وتخليهم من الدُّنْيَا ثَنَا أَبُو نعيم بِنَحْوِ من نصف هَذَا الحَدِيث (1) ثَنَا عَمْرو بن ذَر ثَنَا مُجَاهِد أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول فساق حَدِيث أهل الصّفة وَشرب اللَّبن وَلم يذكر من روى عَنهُ النَّص الآخر وَيحْتَمل أَن المُرَاد بِمَا سَاقه بالسند أَوَائِل الْكَلَام دونه آخِره (2)(3)
413 -
(قَوْله) الثَّالِث عشر قَوْلهم قَالَ لَا بُد من ذكره حَالَة الْقِرَاءَة لفظا (8 9 10 1 (5) وَقد أنكر الشَّيْخ شهَاب الدّين المرحل (6) النَّحْوِيّ
اشْتِرَاط الْمُحدثين التَّلَفُّظ ب قَالَ فِي أثْنَاء الْإِسْنَاد لِأَن القَوْل يحذف كثيرا وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن (1)
414 -
(قَوْله) فِي آخر الرَّابِع عشر - وَهَكَذَا فعل كثير من المؤلفين (4 5 6 7 8 9 10 11 حَدِيث الْبَوْل فَأوردهُ كَمَا سَمعه وَلَو ذكر حَدِيث الْبَوْل بالسند
لأوهم أَنه سَمعه بالسند وَلم يَقع ذَلِك وَيدل لهَذَا أَنه ذكر حَدِيث نَحن السَّابِقُونَ فِي بَاب الْجُمُعَة بالسند من غير أَن يذكر حَدِيث الْبَوْل فِي المَاء الدَّائِم (1) إِذْ لَا حَاجَة لَهُ بِهِ هُنَاكَ وَهَذَا الِاحْتِيَاط يحْتَمل أَن يكون للورع وَالْخُرُوج من الْخلاف الْمَذْكُور وَيحْتَمل أَن يكون مَذْهَب البُخَارِيّ أَنه لَا يجوز (2) وَمثله فِي عَلَامَات النُّبُوَّة أخرج حَدِيث شبيب بن غرقدة (3) عَن الْحَيّ فِي قصَّة الشَّاة وَالدِّينَار (4) وَلَيْسَت من شَرطه (5)
415 -
(قَوْله) فِي الْخَامِس عشر - فَيَنْبَغِي أَن يكون (أ / 204) فِيهِ خلاف من الْخلاف فِي تَقْدِيم بعض متن الحَدِيث إِلَى آخِره
وَفِيه أَمْرَانِ
أَحدهمَا قَضيته أَنه الْخلاف فِي جَوَاز تَقْدِيم بعض الحَدِيث على بعض وَلم يتَقَدَّم لَهُ ذَلِك (1)
الثَّانِي أَن هَذَا التَّخْرِيج مَرْدُود لظُهُور الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن تَقْدِيم [بعض](2) الْأَلْفَاظ على بعض يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَال بِالْمَقْصُودِ فِي الْعَطف وعود الضَّمِير وَنَحْوه بِخِلَاف السَّنَد فَإِن تَأَخّر بعضه أَو كُله عَن الْمَتْن فِي حكم الْمُقدم فَلذَلِك جَازَ تَقْدِيمه وَلم يتَخَرَّج [على (3) الْخلاف](4) وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك الشَّيْخ محيي الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي مُخْتَصره فقا ل الصَّحِيح أَو الصَّوَاب جَوَاز هَذَا فَلَيْسَ كتقديم الْمَتْن على بعض فَإِنَّهُ قد يتَغَيَّر بِهِ الْمَعْنى [بِخِلَاف (5) هَذَا](6)
416 -
(قَوْله) - فِي السَّادِس عشر - فَلَا يظْهر الْمَنْع من ذَلِك انْتهى
وَالظَّاهِر خلاف مَا رَجحه لَا سِيمَا إِذا قَالَ كَمَا يَقُول مُسلم سَوَاء وَيدل لذَلِك أَن الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قد صنع ذَلِك حَتَّى فِي الْموضع الْمُحْتَمل [وَذَلِكَ أَن](1) الدَّارَقُطْنِيّ خرج فِي سنَنه من طَرِيق أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حَدِيث تَقول الْمَرْأَة أنْفق عَليّ وَإِلَّا طَلقنِي ثمَّ خرج من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة فِي الرجل لَا يجد مَا ينْفق على زَوجته قَالَ يفرق بَينهمَا ثمَّ أخرج من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثله (2) فَهَذَا مَعَ احْتِمَال أَن يكون مثل الْمَوْقُوف وَأَن يكون (د / 113) مثل الْمَرْفُوع قبله (3) خرجه الْبَيْهَقِيّ بطرِيق الدَّارَقُطْنِيّ وَفِيه لفظ الْمَرْفُوع فروى بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أعْسر الرجل بِنَفَقَة امْرَأَته يفرق بَينهمَا (4) وَلم يَقع ذَلِك فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا فِي كتاب من أَخذ عَن الدَّارَقُطْنِيّ إِلَّا بِلَفْظَة مثله المحتملة وَحِينَئِذٍ فَإِذا زَالَ الِاحْتِمَال جَازَ أَن يَأْتِي بذلك اللَّفْظ بالسند الَّذِي فِيهِ لَفْظَة مثله (5) لَكِن الَّذِي فعله الْبَيْهَقِيّ معترض كَمَا بَينته فِي الذَّهَب الإبريز
417 -
(قَوْله) الثَّامِن عشر الظَّاهِر أَنه لَا يجوز تَغْيِير عَن النَّبِي - لَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (3 4 5 6 7 8 قيل يرد عَلَيْهِ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي الصَّحِيح لما قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت ثمَّ استعاده فَقَالَ وَرَسُولك الَّذِي ارسلت فقا ل لَا وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت (1) فَإِنَّهُ يدل على أَنه لَا يُبدل النَّبِي بالرسول فعكسه أولى قلت لَا حجَّة (أ / 205) فِيهِ لِأَن أَلْفَاظ الْأَذْكَار توقيفية وَرُبمَا كَانَ فِي اللَّفْظ معنى لَا يحصل لغيره أَو لما فِي الْجمع بَين النُّبُوَّة والرسالة أَو لاخْتِلَاف الْمَعْنى لِأَن رَسُولك الَّذِي أرْسلت يدْخل فِيهِ جِبْرِيل وَغَيره من الْمَلَائِكَة الَّذين لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء
الثَّانِي أَن مَا قَالَه المُصَنّف من أَن الْمَعْنى يخْتَلف فِي هَذَا لَا يمْنَع الْجَوَاز لِأَنَّهُ وَإِن اخْتلف مَعْنَاهُمَا فَلَا يخْتَلف الْمَعْنى فِي نِسْبَة ذَلِك القَوْل لقائله بِأَيّ وصف وَصفه إِذا كَانَ يعرف بِهِ
418 -
(قَوْله) إِذا كَانَ السماع على صفة فِيهَا بعض الوهن فَعَلَيهِ أَن يذكر (9 10 11 الْإِعْلَام بِأَنَّهُ رَوَاهُ عَن رجلَيْنِ وَأَن الْمَذْكُور لم ينْفَرد وَفِيه تتبع الطّرق (4)
421 -
(قَوْله) - فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين - (2 3
النَّوْع السَّابِع وَالْعشْرُونَ (1) معرفَة آدَاب [الْمُحدث](2)
422 -
(قَوْله) يُنَاسب مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الشيم وينافر مساوئ الْأَخْلَاق (3 4 5 مرَّتَيْنِ بِاللَّفْظِ وَمرَّة بِالْمَعْنَى وَهُوَ الْأَخْلَاق لَكِن
قيل الشيم الطبائع (1)
وَقَوله ومساوئ قَالَ صَاحب تثقيف اللِّسَان وَيَقُولُونَ ظَهرت مساويه وَالصَّوَاب مساوئه بِالْهَمْز (2) وَقد استدرك أَبُو إِسْحَاق الأجدابي (3) عَلَيْهِ قَالَ الأَصْل الْهَمْز كَمَا ذكرته وَترك الْهمزَة جَائِز على لُغَة من يَقُول فِي الخاطئين الخاطين وَهِي لُغَة مَعْرُوفَة قَالَ حبيب بن أَوْس
(محَاسِن مَا زَالَت بمسامر النَّوَى
…
يُعْطين أَو مسَاوٍ من الصد (4))
423 -
(قَوْله) وَهُوَ من عُلُوم الْآخِرَة لَا من عُلُوم الدُّنْيَا (7) الْحَافِظ شمس الدّين الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ لقد صدق فِيمَا قَالَ لِأَن طلب الحَدِيث شَيْء غير الحَدِيث وَطلب الحَدِيث اسْم عرفي لأمور زَائِدَة على تَحْصِيل مَاهِيَّة الحَدِيث وَكثير مِنْهَا (6) مراقي إِلَى الْعلم وأكثرها أُمُور يشغف بهَا
الْمُحدث من تَحْصِيل النّسخ المليحة وتطلب الْإِسْنَاد العالي وتكثير الشُّيُوخ والفرح بِالْأَلْقَابِ وتمني الْعُمر الطَّوِيل ليروي وَحب التفرد إِلَى أُمُور عديدة لَازِمَة للأغراض النفسانية لَا للأعمال الربانية فَإِذا كَانَ طَلَبك للْحَدِيث النَّبَوِيّ محفوفا بِهَذِهِ الْآفَات فَمَتَى خلاصك مِنْهَا إِلَى الْإِخْلَاص فَإِذا كَانَ علم الْآثَار مَدْخُولا فَمَا ظَنك بعلوم الْأَوَائِل الَّتِي تنكس (7 8 9) انْتهى
وَظَاهره أَنه وَقع ذَلِك لغَيرهم وَقد رَأَيْت فِي فَوَائِد رحْلَة المُصَنّف بِخَطِّهِ أَخْبرنِي بنيسابور الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن مُحَمَّد الطوسي (2) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ عَن الْحَافِظ أبي سعد (3) عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ الْمروزِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَا يعرف فِي الْإِسْلَام مُحدث حدث (4) بعد اسْتِيفَاء مائَة إِلَّا أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ (5) وَأَبُو إِسْحَاق الهُجَيْمِي (6)
وَأَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ (1) قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو قلت هَذَا الْحصْر مَرْدُود فَهَذَا الْحسن ابْن عَرَفَة (2) عَاشَ مائَة وَعشرا وَكتب [عَنهُ](3) خَمْسَة قُرُون (4) وَسَمَاع إِسْمَاعِيل الصفار (5) مِنْهُ بِمُقْتَضى سنه لَا يكون إِلَّا بعد الْمِائَة من سنّ الْحسن وَأما قَول ابْن خَلاد فِي كِتَابه لَا يعرف رجل فِي الْإِسْلَام حدث بعد اسْتِيفَائه مائَة سنة إِلَّا أَبُو إِسْحَاق الهُجَيْمِي (6) فَإنَّا لَا نستدرك عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه أَرَادَ من حدث بعد الْمِائَة وَلم يحدث قبلهَا وَذَلِكَ لَا يعرف لغير الهُجَيْمِي فَإِنَّهُ آلى إِلَّا يحدث بعد الْمِائَة إِن يَسْتَوْفِي الْمِائَة فتم لَهُ ذَلِك وَلم يُشَارِكهُ فِي ذَلِك الْبَغَوِيّ والطبري وَغَيرهمَا انْتهى كَلَام الشَّيْخ
وَمَا ذكره من أَن الْحسن بن عَرَفَة عَاشَ مائَة (1) وَعشرا هُوَ قَول بَعضهم وَالْمَشْهُور أَن مولده سنة خمسين وَمِائَة ووفاته سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَوَافَقَهُ فِي المولد الشَّافِعِي وَأَشْهَب (2) على قَول
وَقَالَ شَيخنَا عماد الدّين بن كثير حدث جمَاعَة بعد استكمال الْمِائَة لَكِن إِذا كَانَ الِاعْتِمَاد على حفظ الشَّيْخ الرَّاوِي فَيَنْبَغِي الِاحْتِرَاز من اخْتِلَاطه إِذا طعن فِي السن وَأما إِذا كَانَ الِاعْتِمَاد على حفظه وتمييزه وَضَبطه وخطه فها هُنَا كلما كَانَ السن عَالِيا كَانَ النَّاس أَرغب فِي السماع عَلَيْهِ كَمَا اتّفق (د / 114) لشَيْخِنَا الحجار (3) فَإِنَّهُ جَاوز الْمِائَة محققا سمع عَليّ الزبيدِيّ (4) سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة صَحِيح البُخَارِيّ وأسمعه فِي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ شَيخا (5) كَبِيرا عاميا لَا يضْبط شَيْئا وَلَا يتعقل كثيرا وَمَعَ هَذَا تداعى (6) النَّاس إِلَى السماع مِنْهُ عِنْد تفرده
على الزبيدِيّ فَسمع مِنْهُ نَحْو الْمِائَة ألف أَو يزِيدُونَ وَالله أعلم
وَمن الْفَوَائِد أَن ابا إِسْحَاق الهُجَيْمِي كَانَ رأى فِي مَنَامه أَنه قد تعمم ورد على رَأسه مائَة وَثَلَاث دورات فَعبر لَهُ أَنه يعِيش سِنِين بعْدهَا فَحدث بعد مجاوزته الْمِائَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَارئ يَوْمًا شعرًا وَهُوَ
(إِن الجبان حتفه من فَوْقه
…
كَالْكَلْبِ يحمي جلده بروقه (1))
وأبدل الْقَارئ لفظ الثور بالكلب ليختبر بذلك ذهنه (أ / 207) وحسه فَقَالَ لَهُ الهُجَيْمِي قل يَا ثَوْر كالثور فَإِن الْكَلْب لَا روق لَهُ ففرح النَّاس بِصِحَّة عقله وَحُضُور فهمه (2)
وَقد عَاشَ حَكِيم بن حزَام من الصَّحَابَة مائَة وَعشْرين سنة وَالظَّاهِر أَنه لم يتَوَقَّف عَن التحديث بعد مُجَاوزَة الْمِائَة وَكَذَلِكَ من التَّابِعين شريك بن عبد الله النمري (3) وَمن غَيرهم الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي وَقد صنف الذَّهَبِيّ جُزْءا فِيمَن عَاشَ الْمِائَة فَصَاعِدا (4)
425 -
(قَوْله) ثمَّ لَا يَنْبَغِي أَن يحدث بِحَضْرَة من هُوَ أولى مِنْهُ (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13)
قلت قَالَ الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء هَذِه الْكَلِمَة اعتبرها قوم فِي تعلم الْعلم لغير الله ثمَّ رجوعهم إِلَى الله قَالَ وَإِنَّمَا الْعلم الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هَذَا الْقَائِل هُوَ علم الحَدِيث وَتَفْسِير الْقُرْآن وَمَعْرِفَة سير الْأَنْبِيَاء عليهم السلام وَالصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَإِن فِيهِ التخويف والتحذير وَهُوَ سَبَب لإثارة الْخَوْف من الله تَعَالَى فَإِن لم يُؤثر فِي الْحَال أثر فِي الْمَآل فَأَما الْكَلَام وَالْفِقْه الْمُجَرّد الَّذِي يتَعَلَّق بفتاوى الْمُعَامَلَات وَفصل الْخُصُومَات الْمَذْهَب مِنْهُ وَالْخلاف فَلَا يرد الرَّاغِب فِيهِ للدنيا إِلَى الله تَعَالَى بل لَا يزَال متماديا فِي حرصه إِلَى آخر عمره وَقَالَ فِي مَوضِع آخر قَالَ بعض الْمُحَقِّقين قَوْلهم فَأبى أَن يكون إِلَّا لله حصل لنا حَدِيثه وَأَلْفَاظه
وَاعْلَم أَن هَذَا أسْندهُ القَاضِي عِيَاض فِي الإلماع من جِهَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن سماك بن حَرْب قَالَ طلبنا هَذَا الْأَمر لَا نُرِيد بِهِ الله فَلَمَّا بلغت مِنْهُ حَاجَتي دلَّنِي على مَا يَنْفَعنِي وحجزني عَمَّا يضرني قَالَ القَاضِي وَرُوِيَ نَحوه فِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمُجاهد وَالْحسن وَمعمر وَغَيرهم بِمَعْنَاهُ (1) وروى عبد الله بن أَحْمد فِي زياداته من طَرِيق مَالك بن مغول عَن الشّعبِيّ قَالَ عَليّ تعلمُوا الْعلم صغَارًا تنتفعوا بِهِ كبارًا تعلمُوا الْعلم لغير الله يصير لذات الله تَعَالَى (2)
وَاعْلَم أَن مَا قَالَه المُصَنّف أَولا فِيهِ إِجْمَال
وَقَالَ (أ / 208) القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ فِي أدب الدُّنْيَا وَالدّين إِن كَانَ الْبَاعِث للطلب دنيا وَجب على الشَّيْخ إسعافه وَإِن لم يكن فَإِن كَانَ مُبَاحا لرجل دَعَاهُ إِلَى
الطّلب حب النباهة وَطلب الرياسة فَهُوَ قريب مِمَّا قبله لِأَن الْعلم يعطفه إِلَى الدّين فِي ثَانِي الْحَال وَقد حُكيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ تعلمنا الْعلم لغير الله فَأبى أَن يكون إِلَّا لله (1) وَإِن [كَانَ](2) الدَّاعِي مَحْظُورًا كَرجل دَعَاهُ إِلَى طلب الْعلم (3) شَرّ كَأَن يُرِيد أَن يَسْتَعْمِلهُ فِي شبه دنية وحيل فقهية لَا يجد أهل السَّلامَة مِنْهُمَا مخلصا وَلَا عَنْهُمَا مدفعا فَيَنْبَغِي للشَّيْخ أَن يمنعهُ من طلبته ويصرفه عَن بغيته وَلَا يُعينهُ على إِمْضَاء مكره وَلَا إِكْمَال شَره فَفِي الحَدِيث وَاضع الْعلم فِي غير أَهله كمقلد الْخَنَازِير اللُّؤْلُؤ والجوهر وَالذَّهَب (4) انْتهى (5)
427 -
(قَوْله) كَانَ مَالك إِذا (1) أَرَادَ أَن يحدث تَوَضَّأ إِلَى آخِره (2 3 4 5 6 7)
قلت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكن يسْرد الحَدِيث كَسَرْدِكُمْ (5) زَاد التِّرْمِذِيّ لكنه كَانَ يتَكَلَّم بِكَلَام بَين وَفصل يحفظه من جلس إِلَيْهِ وَتَفْسِير السرد بِهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف وَقَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب قَوْلهم سرد الْكَاتِب قِرَاءَته مَعْنَاهُ أحكمها مُشْتَقّ من سرد الدرْع إِذا أحكمها وَجعل حلقها وَلَاء غير مُخْتَلفَة وَأحسن صنة المسامر وَلَا
يكن دَقِيقًا فيسلس وَلَا غليظا فيقصمها (1)
429 -
(قَوْله) وَمن أبلغ مَا يفْتَتح بِهِ أَن يَقُول الْحَمد لله (3 4 5 6 7 8 9 عَبدِي (6)
430 -
(قَوْله) وَيسْتَحب للمحدث الْعَارِف عقد مجْلِس (د / 115)
لإملاء الحَدِيث فَإِنَّهُ من أَعلَى مَرَاتِب الراوين (2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 إملاء الحَدِيث طَريقَة مسلوكة
قي الْقَدِيم والْحَدِيث ويشيبه نبل فضل التَّبْلِيغ وَالرِّوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بلغُوا عني وَلَو آيَة
وَفِيه فَائِدَة أُخْرَى وَهِي تَقْيِيد الْعلم بِالْكتاب قَالَ وَهَاتَانِ الفائدتان الجسيمتان تحصلان بالإملاء متعاونين لَا كالتبليغ وَالسَّمَاع بِلَا كِتَابَة أَو الْكِتَابَة بِلَا سَماع
ثمَّ يخْتَص الْإِمْلَاء بفوائد أُخْرَى أَحدهَا وَهِي الْعُظْمَى صِحَة السماع وَبعده عَن الْخَطَأ والتحريف وَقد يصحف فِيمَا يقْرَأ إِمَّا عَن خطأ أَو جهل
وَالثَّانيَِة إِن الْإِمْلَاء يشْتَمل بعد رِوَايَة الحَدِيث على تصرف إِمَّا من جمع طرقه وشواهده أَو ذكر أَحْوَال (1) رُوَاته والفوائد الْمُتَعَلّقَة بمتنه فَيكون نشاط النَّفس لَا حد لَهَا (2) وَالِانْتِفَاع [بهَا](3) أَكثر وَأتم
الثَّالِثَة مَا فِيهِ من زِيَادَة التفهيم والتفهم للمذاكرة (4) والمراجعة فِي تضاعيف الْإِمْلَاء وَالْكِتَابَة والمقابلة وَيَدْعُو إِلَيْهِمَا التَّأَمُّل والفكر فِي تِلْكَ المهلة هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ (5)
فَائِدَة
قَالَ النّحاس فِي صناعَة الْكتاب يُقَال أمليت الْكتاب إملاء وأمللت إملالا جَاءَ الْقُرْآن بهما جَمِيعًا قَالَ تَعَالَى {فليملل} (6)(7) فَهَذَا من
أمل وَقَالَ تَعَالَى {فَهِيَ تملى عَلَيْهِ} (1) فَهَذَا من أمْلى فَيجوز أَن تكون اللغتان يمعنى وَاحِد وَيجوز أَن يكون أصل أمليت أمللت فاستثقلوا الْجمع بَين حرفين على لفظ وَاحِد فأبدلوا من أَحدهمَا يَاء كَمَا قَالُوا تظنيت وَكَأَنَّهُ من قَوْلهم أمْلى الله لَهُ أَي طَال عمره فَمَعْنَى أمليت الْكتاب على فلَان أطلت قراءتي عَلَيْهِ (2)
431 -
(قَوْله) مثل مَا روينَا أَن يزِيد بن هَارُون (6 7 8)
قيد (7) ابْن السَّمْعَانِيّ ذَلِك بِمَا إِذا كثر عدد من يحضر السماع وَكَانُوا بِحَيْثُ لَا
يرَوْنَ وَجه الْمُسْتَمْلِي فَيُسْتَحَب أَن يجلس على مِنْبَر أَو غَيره حَتَّى (أ / 210) ترى الْجَمَاعَة وَجهه ويبلغهم صَوته (1)
433 -
(قَوْله) وَعَلِيهِ أَن يتبع لفظ الْمُحدث فيؤديه (2) على وَجهه (4 5 6 7)
أسْندهُ ابْن السَّمْعَانِيّ عَن أبي نَضرة (7)(8) قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِذا اجْتَمعُوا تَذَاكَرُوا الْعلم قرؤوا سُورَة (1)
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي رياضة المتعلمين وَرَوَاهُ أَيْضا من جِهَة أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قعدوا يتحدثون فِي الْفِقْه كَانُوا يأمرون أَن يقْرَأ رجل سُورَة (2) وَظَاهر كَلَام المُصَنّف أَن الْقَارئ غير الْمُسْتَمْلِي وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي آخر أَمَالِيهِ استحبوا لململي أَن يقْرَأ قبل الْإِمْلَاء سُورَة خَفِيفَة من الْقُرْآن ويخفها فِي نَفسه واستحبه ابْن السَّمْعَانِيّ للمستملي (3) أَيْضا (4)
435 -
(قَوْله) فَإِذا فرغ استنصت الْمُسْتَمْلِي أهل الْمجْلس (7 8 9 أمره أَن يستنصت لَهُ النَّاس رَوَاهُ البُخَارِيّ (7) رَحمَه الله تَعَالَى
436 -
(قَوْله) ثمَّ يبسمل ويحمد وَيُصلي [على النَّبِي صلى الله عليه وسلم](1)(2 3 4 5 6 7 8 9) [انْتهى
وَهَكَذَا قَالَ الرَّافِعِيّ ثمَّ يَقُول من ذكرت رَحِمك الله] (6) وَلَا يَقُول من
حَدثَك أَو أخْبرك أَو من سَمِعت فَإِنَّهُ لَا يدْرِي بِأَيّ لَفْظَة يَبْتَدِئ انْتهى لَكِن قَالَ صَاحب الاقتراح الْأَحْسَن أَن يَقُول من حَدثَك أَو من أخْبرك إِن لم يقدم الشَّيْخ ذكر أحد (1) وَكَذَا قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول من ذكرت أَو من حَدثَك رَحِمك الله فَيَقُول المملي فلَان وينسب (2) شَيْخه الَّذِي [يُرِيد أَن] يروي (3)[عَنهُ](4) حَتَّى يبلغ بنسبه منتهاه (5)
438 -
(قَوْله) وَذكر الْخَطِيب أَنه يسمع صَوته بذلك (6 7) انْتهى
فَإِن كَانَ أَبوهُ صحابيا كَابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَإِن كَانَ أَبوهُ وجده صحابيين وذكرهما كعائشة قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قَالَ ابْن
السَّمْعَانِيّ وَالْأَصْل فِي ذَلِك حَدِيث جَابر كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَالْتَفت إِلَى أبي بكر فَقَالَ يَا أَبَا بكر أَعْطَاك الله الرضْوَان الْأَكْبَر (1)
440 -
(قَوْله) وَلَا بَأْس بِذكر من يروي عَنهُ بِمَا يعرف من لقب كغندر (4 5 6 لَهُ فديد (4) فلقب بلوين قَالَ لوين لقبتني أُمِّي
لوينا وَقد رضيت بِهِ (1)
وَإِنَّمَا قيل لَهُ المصِّيصِي لِأَنَّهُ انْتقل إِلَيْهَا وَنسب إِلَيْهَا وَهُوَ كُوفِي الأَصْل يروي عَن مَالك بن أنس وطبقته وروى عَنهُ من البغداديين (2) يحيى بن صاعد وَمَات بأذنه محلّة فِيهَا وَدفن بِالْمصِّيصَةِ والمصيصي بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف فَمن فتح الْمِيم خفف الصَّاد (3)
441 -
(قَوْله) أَو نسب إِلَى أم عرف بهَا كيعلى بن منية (5 6 7 8 9 10 فِيهِ التَّأْنِيث والعلمية إِلَّا مَا نكرهه من ذَلِك كَمَا فِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم (6)
قلت وَكَذَلِكَ سعيد بن الْمسيب وَكَذَلِكَ أَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان كنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن وَأَبُو الزِّنَاد لقب ذكره الْحَافِظ أَبُو الْفضل الفلكي فِي الألقاب فَقَالَ إِنَّه كَانَ يغْضب من أبي الزِّنَاد وَكَانَ عَالما مفتيا (1)
وَمِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه ولد (2) أَبوهُ فِي طَرِيق مَكَّة فَقَالَ المراوزة راهوي لِأَنَّهُ ولد فِي الطَّرِيق فَقَالَ إِسْحَاق كَانَ أبي يكره هَذَا وَأما أَنا فلست أكرهه وَقَالَ أَحْمد بن جَعْفَر الْجَعْدِي (3) ذكر لِأَحْمَد أَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فكره أَحْمد أَن يُقَال لَهُ رَاهَوَيْه (4)
وَمِنْهُم مسلمة بن عَليّ الْخُشَنِي (5) لَيْسَ فِي الرِّوَايَة وَقد يصغر اسْم أَبِيه فَيُقَال عَليّ وَكَانَ يكره ذَلِك وَمِنْهُم عَليّ بن رَبَاح (6) الإِمَام التَّابِعِيّ قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْوَلِيد الْقرشِي أَدخل البُخَارِيّ على بن رَبَاح فِي بَاب عَليّ مكبرا وَيُقَال عَليّ وَالصَّحِيح عَليّ وَالْأَشْهر فِي اسْمه على من سَمَّاهُ عليا بِالتَّصْغِيرِ وَابْنه مُوسَى بن عَليّ (7) كَانَ أَيْضا يحتد إِذا قيل لَهُ ابْن عَليّ بِالتَّصْغِيرِ وَقَالَ اللَّيْث بن سعد رَحمَه الله تَعَالَى سمعته يَقُول لَا أجعله فِي حل وَمِنْهُم (8) الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ (9)
قوام السّنة يُقَال لَهُ جوزي (1) وَكَانَ يكره ذَلِك حَكَاهُ ابْن السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب (2) وَمِنْهُم أَبُو سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي (3) سمي بِهِ لِأَنَّهُ اشْترى دَارا بتبوذك (4)(5) وَكَانَ يَقُول لَا جزى الله خيرا من سماني تبوذكيا إِنَّمَا نزل دَاري قوم من تبوذك (6)
442 -
(قَوْله) وَكَانَ من عَادَة غير وَاحِد ختم الْإِمْلَاء بِشَيْء من الحكايات (5 6 وَأَن
يُفَسر مَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِيره وَبَيَانه فَعَن أبي أُسَامَة (1) أَن تَفْسِير الحَدِيث ومعرفته خير من سَمَاعه (2) وَأَن يخْتم الْمجْلس بالحكايات والإنشادات المرققة وَألا يُطِيل الْإِمْلَاء إِلَّا إِذا عرف أَن الْحَاضِرين لَا يتبرمون (3) بِهِ وَأَن يَدْعُو ويستغفر عِنْد تَمَامه سرا وجهرا انْتهى وَذكر (أ / 212) ابْن السَّمْعَانِيّ مثله (4) وَرُوِيَ عَن بَعضهم المستمع أسْرع ملالة من الْمُتَكَلّم (5) وَقَالَ الزُّهْرِيّ إِذا طَال الْمجْلس كَانَ للشَّيْطَان فِيهِ نصيب (6) وَلَا يروي مَا لَا تحتمله عقول الْعُمُوم (7)
وَمن أَنْفَع مَا يملي الْأَحَادِيث الْفِقْهِيَّة الَّتِي تفِيد معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من الْعِبَادَات وَمَا يتَعَلَّق بِحُقُوق الْمُعَامَلَات فَفِي الحَدِيث مَا عبد الله بِشَيْء أفضل من فقه فِي دين (8)
وَيسْتَحب إملاء التَّرْغِيب فِي فَضَائِل الْأَعْمَال والحث على الْخَيْر وَالذكر والتزهيد فِي الدُّنْيَا (1)
قَالَ وَلَا يحدث إِلَّا من كِتَابه فَإِن الْحِفْظ خوان قَالَ ابْن درسْتوَيْه (2) أقعد عَليّ ابْن الْمَدِينِيّ بسامراء على مِنْبَر فَقَالَ يقبح لمن جلس هَذَا الْمجْلس أَن يحدث من كتاب فَأول حَدِيث حدث من حفظه غلط فِيهِ
وَقَالَ يحيى بن معِين دخلت على أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى فَقلت أوصني فَقَالَ لَا تحدث الْمسند إِلَّا من كتاب (3) وَفِي جَامع الْخَطِيب عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ لي سَيِّدي أَحْمد بن حَنْبَل لَا تحدث (4) إِلَّا من كتاب وَقَالَ مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم بن مرتع الْحَافِظ (5) قدم علنيا أَبُو بكر بن أبي شيبَة فَانْقَلَبت بِهِ بَغْدَاد وَنصب لَهُ الْمِنْبَر فِي مَسْجِد الرصافة فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَقَالَ من حفظه ثَنَا شريك ثمَّ
قَالَ هِيَ بَغْدَاد وأخاف أَن تزل قدم بعد ثُبُوتهَا يَا أَبَا شيبَة هَات الْكتاب (1)
قَالَ السَّمْعَانِيّ وَيسْتَحب أَن يكون المملي فِي حَال الْإِمْلَاء على أكمل حَال (2) وَأفضل زِينَة ويتعاهد نَفسه قبل ذَلِك بإصلاح أُمُوره الَّتِي تجمله عِنْد الْحَاضِرين كالتطهير والتنظيف والتطيب وتسريح اللِّحْيَة وَليكن جُلُوسه فِي الْمَسْجِد تجاه الْقبْلَة (3) قَالَ وليبكر الْمُسْتَمْلِي الْحُضُور قيل لِشَرِيك مَا بَال حَدِيثك منتقد قَالَ لتركي العصائد بالغدوات قَالَ السَّمْعَانِيّ والتبكير إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الصَّيف فَأَما فِي الشتَاء فَالْأولى أَن يصبر سَاعَة حَتَّى يرْتَفع النَّهَار (4)
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ رَحمَه الله تَعَالَى من غَابَ خَابَ وَأكل نصيب الْأَصْحَاب وَلم يعد لَهُ حَدِيث (5) وَدخل بعض أَصْحَاب الحَدِيث على الشَّيْخ رحمه الله وَقت الِانْصِرَاف فَأَنْشَأَ الشَّيْخ (6) يَقُول
(وَلَا يردون المَاء إِلَّا عَشِيَّة
…
إِذا صدر الوراد (7) عَن كل منهل (8))
443 -
(قَوْله) وَإِذا نجز الْإِمْلَاء (11 كَمَا يَقُول الْعَامَّة فَمَعْنَاه حضر وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه (9)