الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هذه الدعوى كما يقتضيه قوله، ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله وسنة رسوله، فما وافق فهو عني سواء قلته أم لم أقله، وما خالف فليس عني سواء قلته أم لم أقله، ومن كان معظما له محسنا للظن به لابد أن ينفي عنه تلك الأباطيل والله المستعان.
وليكن هذا الاستدراك (المسألة الثانية عشرة)
المسألة الثالثة عشرة
قال صاحب الرماح في صفحة (30) نقلا عن شيخه أنه قال: (أعطاني الله في السبع المثاني ما لم يعطه إلا للأنبياء) قال محمد تقي الدين، ماذا أعطاه الله في السبع المثاني فالسبع المثاني هي الفاتحة على الراجح من أقوال المفسرين، بل على ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، كما في البخاري ومسلم فهل هذا الذي أعطاه الله بزعمكم من العلوم النافعة أو من العلوم الضارة أو من العلوم التي لا نفع فيها ولا ضرر، فإن كان من العلوم النافعة فهو علمكم إياه أو كتمه عنكم فإن علمكم إياه فما هو؟ وإن لم يعلمكم إياه بل كتمه عنكم فإنكم جعلتموه داخلا في من كتم العلم النافع وفي ذلك وعيد شديد، وهو لعن الله تعالى للكاتم والملائكة والناس أجمعين كما في سورة البقرة رقم 159:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) } وروى أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعا (من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وإن كان من القسمين الآخرين فلا ينبغي أن يُتَبجح به لأن الجهل به خير من معرفته.
المسالة الرابعة عشرة
ونقل صاحب الرماح عن شيخه التجاني أنه قال في صفحة 30 ما نصه (أعطاني الله تعالى الشفاعة في أهل عصري من حين ولادتي إلى حين مماتي) ثم نقل ذلك عن مؤلف "جواهر المعاني" علي حرازم وفيه: وزيادة عشرين سنة بعد وفاته اهـ.
قال محمد تقي الدين، تقدم أن الشيخ أحمد التجاني ولد سنة (1150) وتوفي سنة (1230) للهجرة وبزيادة عشرين سنة يكون الحاصل أن جميع بني آدم الموجودين
في الدنيا من سنة ألف ومائة وخمسين إلى سنة ألف ومائتين وخمسين كلهم يدخلون الجنة بلا عذاب بشفاعة الشيخ التجاني ومدة هذه الشفاعة مائة سنة، ولم يشترط صاحب الرماح ولا من نقل عنه أن يكونوا مسلمين، فلا ندري هل الشرط معتبر عندهم أو غير معتبر، وأظن أنه يبعد أن يراد جميع الناس مسلمهم وكافرهم، لما يلزم عليه من تعطيل الشريعة ومن الشناعة العظيمة، وإذا فرضنا أن المراد بهم المسلمون فقط، يكون ذلك في غاية البطلان لأن هذا الفضل لم يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو سيد الشفعاء على الإطلاق وبيان ذلك ما أخرجه البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه، عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يعدبان وما يعدبان في كبير، ثم قال بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة) ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين فوضع على كل قبر منها كسرة، فقيل له يا رسول الله لم فعلت هذا قال:(لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا) ، ومن ذلك تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُشفِّعه الله تعالى في أهل عصره لا في كافرهم ولا في مسلمهم، وعمره الشريف (63) سنة، وعمر الشيخ التجاني كان نحو (80) سنة، وزعموا أن الله زاد عشرين سنة فبلغت مائة سنة، لا نعلم أن الله أعطى هذه المزية خير خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم، وهي الشفاعة في جميع الناس على التفصيل المتقدم ولو ليوم واحد فكيف بشهر؟ فكيف بسنة؟ فكيف بمائة سنة؟ إن هذه الدعوة مناقضة لقواعد الإسلام، وفيها جرأة عظيمة على الله، وبعد عن خشيته، ولم يسبق إليها أحد من خلق الله، وسيجيء إن شاء الله حديث: (يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت وأنقذي نفسك من
النار لا أغني عنك من الله شيئا) ؛ يأتي ذلك أن شاء الله تعالى في الفصل الذي نعقده في فضل المتعلقين بالشيخ التجاني.
لا يقال أن الإنسانين الذين سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوتهما كانا كافرين، لأن نقول قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه (وأما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين)، ففي رواية ابن ماجة (مر بقبرين جديدين) فانتفى كونهما في الجاهلية وفي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه صلى الله عليه وسلم مر بالبقيع قال:(من دفنتم اليوم ههنا) ، فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين، لأن البقيع مقبرة المسلمين والخطاب للمسلمي، مع جريان العادة بأن كل فريق يتولاه من هو منهم، ويقوي كونهما مسلمين رواية أبي بكرة عند أحمد والطبراني بإسناد صحيح (يعذبان وما