الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاطعات والبراهين الساطعات، لما رجع عن غيه ولا تاب إلى رشده، ومن يضلل الله فما له من هاد، وإنما اخترت من الجزء الثاني ذكر هذه الأبيات لأنها كانت تُنغص علي عيشي وتكدر صفوي حين كنت مؤمنا بالطريقة، لأن روائح الكذب كانت تفوح منها لأمور كثيرة لا تخفى على من له أدنى علم فمن ذلك ركاكة ألفاظها، فإن كل من يعرف شيئا يعتد به من اللغة العربية يجزم أن هذه الأبيات وشرحها يستحيل أن يتكلم به أحد من المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم أو من بعدهم من القرون التي كانت اللغة العربية فيها صحيحة فصيحة، ثانيها: أن هذا الإنشاء لا يصدر عن أحد له نصيب من اللغة العربية ولا في هذا الزمان، ثالثها: تفاهة معانيها، رابعها: تسميتها شعرا وليست من الشعر في شيء فإنها لا توفق أي بحر من البحور التي نظم عليها العرب، أو المولدون الذين جاءوا من بعدهم، كما لا توافق أي وزن يمكن أن يحدث، خامسها: أنها مناسبة لإنشاء راويها لأنه من العوام الذين يعرفون القراءة والكتابة ولا علم لهم بالكلام الفصيح السالم من الخطأ، وإنما نقلتُ من الشرح نموذجا ليطلع عليه القراء فمن شاء أن يقف عليه فليقرأه في الكتاب المذكور.
وقد بدأ ظل الطريقة التجانية يتقلص في البلاد العربية فقد نبذها خلق كثير ممن كانوا متمسكين بها، أما في إفريقيا غير العربية فلا تزال منتشرة فقد سمعت أن عدد المتمسكين بها في نيجيريا اثنا عشر مليونا، وفي سينكال مليونان وقس على ذلك؟ واليوم أخبرني طالب من تشاد أن ثلث المسلمين في تلك البلاد أو أكثر تجانيون، فنسأل الله جلت عظمته أن يخرج أهل هذه الطريقة وغيرها من الطرق الضالة من ظلمات الشرك والبدعة إلى نور التوحيد والسنة، ويهدينا جميعا صراطه المستقيم.
تفشي الشرك الأكبر عند التجانيين
لا أقول إن الشرك خاص بالتجانيين بل هو عام في جميع الطرقيين وغيرهم من الجهال الذين يأكلون خير الله، ويعبدون غير الله، ولم يقدروا الله حق قدره؛ إذ اتخذوا من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم فضلا عن غيرهم نفعا ولا ضرا يدعونهم لقضاء الحاجات ويستغيثون بهم لتفريج الكربات وأكثرهم غلب عليهم الجهل بتوحيد الله تعالى وإفراده بالربوبية والعبادة، لكني لما كنت تجانيا وعرفت أهل هذه الطريقة أكثر من غيرهم خصصتهم بالذكر ومن المصائب أن الشرك فاش في خاصتهم وعامتهم، عالمهم وجاهلهم، وهذه القصيدة نظمها أجل علماء القرويين في زمانه كما حدثني بذلك شيخنا أبو مصطفى محمد
ابن العربي العلوي ألا وهو محمد كَنُّون تشهد بصحة ما ذكرته، قال محمد كنون من بحر الكامل:
إن شئت أن تحظى بكل مؤمل
…
وتفوز بالإسعاد والإيناس
وتجار من ضيم الزمان وضيقه
…
ومن المضرة والبلاء والباس
فعليك بالحبر الهمام المنتقى
…
غوث الورى أعني أبا العباس
ذاك التجاني حاز كل فضيلة
…
بالختم ميزه إله الناس
أصحابه مغفورة زلاتهم
…
سيان في ذا عامد والناسي
ومقامهم أعلى وأعظم مفخرا
…
من رتبة الأقطاب والأجراس
خير الورى المختار يحضر ذكرهم
…
ووضيفة مع حضرة الأكياس
وأجور طاعة غيرهم تكتب لهم
…
أضعافا وهم بحال نعاس
قد بشر الهادي النبي المصطفى
…
بجميع ذا الشيخ الهمام الآسي
فاعلق به لا تعد عن أعتابه
…
تظفر بفضل لم يقاس بقياس
وإذا تصبك خصاصة فبه استغث
…
متضرعا ينجيك من إفلاس
واهتف به مستعطفا ومناديا
…
إني ببابك يا أبا العباس
أنقذ غريقا في بحار ذنوبه
…
وامنن عليه بعطفك يا آسي
يا سيد السادات يا غوث الورى
…
عالج بفضل منك قلبي القاسي
وأنل عبيدك نفحة تجلو الصدا
…
لا تتركنه عرضة الأدناس
ثم الصلاة على النبي وآله
…
وصحابه أهل التقى والباس
فانظر إلى أي حد بلغ الإغراق في الشرك والضلال بعلمائهم، فكيف بعامتهم، وهذه أبيات من بحر الرجز، كنا ننشدها جماعة بلسان واحد عند ختم الوظيفة وهي:
يا أحمد التجاني يا نور القلوب
…
أما ترى ما نحن فيه من كروب
أما ترى الضيم الذي أصابنا
…
وأنت غوث لم تزل مجابا
العجل العجل بالإغاثة
…
يا من له كل العلا وراثة
قال محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني السجلماسي: هذا آخر ما يسر
الله إملاءه نصيحة للمسلمين، وحرصا على إنقاذ المتورطين وفكاك الأسارى المكبولين، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع به كل من قرأه، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وموجبا لرضوانه الأكبر في جنات النعيم، ربنا اغفر لنا ذنوبنا ولا تجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
وكان الفراغ منه بين العشاءين لليلة بقيت من شهر
شعبان سنة تسع وثلاثمائة وألف بالمدينة
النبوية على من شرفها الله به أفضل
الصلاة والسلام وأزكى التحية.