الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قراءة فاتحة الكتاب بنية الإسم الأعظم
قال في الرماح (ج 2 ص90) : قال في جواهر المعاني سألته يعني التجاني عمن احتلم في السفر ولم يقدر على الاغتسال بوجه من الوجوه، هل يذكر جمع ما عنده من الأوراد فأجاب: أنه يتيمم ويذكر جميع أذكاره كالسيفي وغيره إلا فاتحة الكتاب بنية الإسم فلا يقرأها ولو طال الحال إلى الأبد إلا بالطهارة مائية كاملة.
قال محمد تقي الدين: يا أيها المحدِّثون ويا أيها الأصوليون ويا أيها الفقهاء انظروا واعجبوا هل سمعتم في الشريعة الإسلامية مثل هذا فاتحة الكتاب إذا نوى بقراءتها الإسم الأعظم لا يجوز له أن يقرأها إلا بطهارة مائية، وإذا قرأها دون أن ينوي الاسم الأعظم جازت قراءتها بطهارة ترابية، وقد تقدم الدليل على أن لا فرق بين الطهارة المائية والطهارة الترابية لمن كان فرضه التيمم، والدليل هو الكتاب والسنة والإجماع. وليس اللوم على من اخترع هذه الأكاذيب على الله ورسوله ودينه، ولكن اللوم على شرار الدواب الصم البكم العمي الذين تجوز عليهم هذه الترهات، فنحمدك اللهم على العافية.
ثم قال التجاني وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أذكر الإسم الأعظم بالتيمم للمرض إذا أصابني ولم أقدر على الوضوء، قال لا إلا أن تذكر بالقلب دون اللسان. اهـ
الخاتمة نسأل الله حسنها في مسائل متفرقة
اعلم أيها القارئ الذي أنجاه الله من الوقوع في حبائل الطرق، وأنت أيها القارئ المسكين الأسير العاني المكبول بكبل الطريقة إذا وفقك الله لقراءة هذا الكتاب أنَّنِي وجدت في جوهر المعاني وغيره من كتب الطريقة ضلالات وموبقات كثيرة جدا يضيق الوقت عن وضعها في الميزان، فأردت أن أختار منها نبذة أرجو أن تكون كافية بتحذير الناس من الطريقة إن كانوا سالمين من الدخول فيها ولإنقاذ من أراد الله به خيرا ممن ابتلوا بها، وسأقتصر في هذه الخاتمة على جواهر المعاني الذي زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هو كتابي وأنا ألفته للأحباب يعني التجانيين، فأقول وبالله التوفيق وهو الهادي بمنه إلى أقوم طريق.
المسألة الأولى ما يسمى بقطب الأقطاب والغوث الجامع:
تقدم بطلان وجود القطب وأنه من عقيدة الجهال وأريد هنا أن أذكر ما نسبه صاحب جوهر المعاني إلى شيخه التجاني في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) } ليطلع القراء ويعلموا إلى أي حد بلغ الضلال ببعض الناس قال صاحب الجوهر (ج 2 ص 181) ما نصه: وسألته عن معنى قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية، فأجاب بما نصه قال الأمانة هي القيام بحقوق مرتبة الحق في كلية معانيها خلقية وإلاهية فلم تطق حمل هذه الأمانة السماوات والأرض، فأشفقن منها، وحملها الإنسان الكامل الذي يحفظ الله به نظام الوجود وبه يرحم جميع الوجود وبه صلاح جميع الوجود وهو حياة جميع الوجود، وبه قيام جميع الوجود، ولو زال عن الوجود طرفة عين واحد لصار الوجود كله عدما في أسرع من طرفة عين، وهو المعبر عنه بلسان العامة (بقطب الأقطاب والغوث الجامع) ومعنى قوله ظلوما جهولا يعني ظلوما بتخطيه حدود البشرية وحدود الخلقية وخروجه إلى القيام بحقوق مرتبة الحق حيث لا أين ولا كيف ولا صورة ولا حد، فإن هذا لا قدرة لأحد عليه إلا الله وحده فهذا معنى ظُلْمِه لكونه تخطى مرتبة البشرية من الخلقية وهو لا يقدر لأن الأمر الذي تخطى إليه لا غاية له ولا نهاية، لكون الإحاطة مستحيلة فيه قال سبحانه:{وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} فهذا معنى الجهل والظلم الذي نسب إليه هو نفي الإحاطة بكنه جلاله، وذلك غاية المعرفة بالله فإن معرفته من وراء خطوط الدوائر كلها يعني دوائر الصديقية. اهـ
فانظر كيف خلع هؤلاء الضالون على الشخص الخيالي المسمى بالقطب صفة الحي القيوم، الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهن من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ولولا حلمه سبحانه لخسفت الأرض تحت من يقول هذا القول ويعتقد هذه العقيدة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى.
والآن دونك التفسير الصحيح للآية: ذكر الإمامان ابن جرير وابن كثير في تفسير هذه الآية أقوالا وأحاديث مروية بالأسانيد إلى الصحابة والتابعين، بعضها مرفوعا، وبعضها موقوف، وقد لخص الجمل في حاشيته على الجلالين الموقوف منها فأحببت أن أنقله مختصرا كراهية التطويل. ونص تفسير الجلالين:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الصلوات وغيرها مما في فعلها من الثواب وتركها من العقاب {عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} بأن خلق فيها فهما ونطقا، {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ} خِفن {مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} آدم بعد
عرضها عليه {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا} لنفسه بما حمله جَهُولًا {} به {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ} اللام متعلقة بعرضنا المترتب عليه حمل آدم {الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} المضيعين الأمانة {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} المؤدين الأمانة {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} للمؤمنين {رَحِيمًا} بهم. اهـ قال الجمل في حاشيته على هذا الكلام قوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} قال ابن عباس: أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله تعالى، على عباده عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم، وقال ابن مسعود: الأمانة أداء الصلوات وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وصدق الحديث وقضاء الدين والعدل في المكيال، وأشد من هذا كله الودائع، وقيل هي جميع ما أمروا
به ونهوا عنه وقيل هي الصوم وغسل الجنابة، وفي رواية ابن عباس هي أمانات الناس والوفاء بالعهود، فحق على كل مؤمن ألا يغش مؤمنا ولا معاهدا لا في قليل ولا في كثير، فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال، وهذا قول جماعة من التابعين وأكثر السلف فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها فقلن: وما فيها قال: إن أحسنتن جوزيتن، وإن عصيتن عوقبتن، قلن: لا يا رب نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله تعالى لئلا يقوموا بها لا معصية ومخالفة لأمره، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما، ولو الزمهن لم يمتنعن من حملها، والجمادات كلها خاضعة لله تعالى مطيعة لأمره ساجدة له.
ثم قال: وفي القرطبي واللام متعلقة بحملها أي حملها ليعذب العاصي ويثيب المطيع، وقيل متعلقة بعرضنا أي عرضنا الأمانة على الجميع ثم قلدناها الإنسان ليظهر شرك المشرك ونفاق المنافق ليعذبهم الله وإيمان المؤمن ليثيبه الله. اهـ
قال محمد تقي الدين: ولم يزل يظهر لي أن المراد بالإنسان هنا الجنس، كما قال تعالى:{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) } وكقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) } ، ولكني تهيَّبت أن أُحدث قولا لم ينقل عن السلف حتى وقفت على كلام القرطبي فرأيته يشير إلى ذلك كما ترى، واتصاف جنس الإنسان بكثرة الجهل والظلم أولى من قصره أحد أفراده، وإبعاد الأنبياء والصديقين واستثناؤهم من الظلم والجهل مستحسن عندي جدا، كما وقع في آية العصر وآية التين، ويا لله العجب كيف يستطيع رجل من بني آدم أن يمسك السماوات والأرض، ويدبر شؤونها بحيث لو غفل عنهما طرفة
عين لصرنا عدما ولا تلاشينا ولم يبق لهن أثر، سبحانك هذا بهتان عظيم، أرأيت لو حبس هذا القطب في مكان لا يجد فيه سبيلا لقضاء الحاجة فهل يستطيع أن يخرج من ذلك الحبس الضيق إلى عالم من العوالم التي يدبر شؤونها ويقضي حاجته أم يبقى في (حيص بيص) حتى يتغوط على ثيابه ويبول عليها وحينئذ، يسخر منه الشيطان الذي أغواه وأمره بادعاء ذلك الأمر العظيم، الذي لا يقدر عليه إلا الله، ليس اللوم على هؤلاء الدجاجلة إذا ما ادعوا مثل هذه الدعوى ليسلبوا بها عقول الناس وأديانهم وأموالهم وأعراضهم، ولكن اللوم كل اللوم على شرار الدواب الذين يصدقونهم، وأذكر هنا والأسف يحز في نفسي أن في بلادنا سجلماسة، في الوقت الحاضر، دجالا يبتز أموال الناس ويهتك أعراضهم بدعوى أنه من آل البيت ومن الأولياء الذين رفع عنهم القلم يفعلون ما يشاءون من المحرمات ويتركون كل الفرائض ومنها الصلوات وهم محبوبون عند الله، وأخبرني أمير المنطقة محمد بن المهدي العلوي رحمه الله وحاكم السدد السيد الكبير الذي كان بالريصاني ثم نقل أنهما وجدا عند هذا الدجال خمس عشرة امرأة، عقد عليهن كلهن عقد النكاح الفاسد، وجمعهن في بيت، فقبضا عليه وسجناه، حكم بسجنه حاكم السدد السيد الكبير
ونفذه الأمير السيد محمد بن المهدي. قال لي حاكم السدد أن الدجال عندما حُبس، وجئت أتفقده قال لي أبيت كل ليلة في بيتي، قال: فأخذت مفتاح السجن وجعلته في جيبي، وقلت للدجال إن كنت تستطيع الخروج فقد سمحت لك به فاخرج وابق في بيتك ولا ترجع فإنني لا أبعث أحدا في طلبك أبدا، ثم جاءنا الخبر بأن الدجال قد مات وأراح الله العباد من شره.
وأخبرني السلطان السابق مولاي عبد العزيز رحمه الله قال في معرض شيوع الخرافات ورواج التدجيل، لا على العامة فقط بل على الخاصة من العلماء قال: جاءني فقيه مشهور اسمه الخصاصي فقال لي: يا سيدي قد ظهرت كرامة عظيمة في ضريح الوالي الصالح أبي العباس السبتي، بمدية مراكش، فنحب أن تشاهدها فقلت: وما هي فقال: إن التابوت المنصوب على ضريح هذا الوالي يرتفع كل ليلة بعد غروب الشمس إلى السقف ويبقى معلقا في الهواء، ويبقى القبر مكشوفا طول الليل، حتى إذا طلعت الشمس نزل التابوت، فانتصب على القبر كما كان.
قال فقلت له أيها الفقيه أنت شاهدت ذلك فقال: لا يا سيدي ولكنه خبر متواتر، حدثني به كثير من الناس الذين لا أشك في صدقهم، قال فقلت له: اذهب وأنا أجهزك بكل ما تحتاج إليه وامكث عند الضريح من قبل غروب الشمس إلى طلوعها ليلة أو أكثر، فإذا شاهدت ارتفاع التابوت فارجع إلي وخَبِّرْني به فإنني أصدقك ولا
حاجة لي أن أشاهده بنفسي، وكان السفر في ذلك الزمن على الدواب فغاب نحو شهرين ثم رجع إلي، قال: فقلت ما وراءك يا عصام؟ فقال يا سيدي راقبته ليالي عديدة فلم أشاهد شيئا، فقلت له كنت أعلم هذا ولا أَشُك فيه حين حدثتني بهذه القصة المُختلقة، ولكني أحببت أن تشاهد الأمر بنفسك حتى لا تغتر بما يشيعه الجهال، وأنت فقيه يقتدي الناس بك، فإذا كنت تعتقد مثل هذه الضلالات فماذا نقول في الجهال؟ والحكايات في هذا كثيرة، وحكاية صاحب الجواهر في شان القطب، قطب الجهال كما سماه شيخ الإسلام أحمد بن تيميَّة رحمه الله هي من جنس هذه الحكايات.
قال مؤلف جواهر المعاني، (ج1 ص 215 س 9) فيما يتعلق بالقطب أيضا ناقلا عن شيخه التجاني في الكلام على الوحي وأقسامه ما نصه:
ثم لتعلم أن من تجلى الله له بالسر المصون والغيب المكنون، عصم من المعاصي بكل وجه وبكل اعتبار فلا تتأتى منه المعصية التي هي مخالفة أمر الله تعالى صريحا أو ضمنا، وليس له فيها إلا العصمة من مخالفة أمر الله تعالى، ولذا ثبتت العصمة للنبيين وفي ضمنهم الأقطاب، ولم يصرح بهم صلى الله عليه وسلم في قوله حيث قال لا عصمة إلا لنبي فقد ستر الأقطاب هناك، من كونهم لا تعرف مراتبهم، وما أخبر الله الخلق بها، أعني بمرتبة الأقطاب، ولا وصل العلم إليهم بها فهي مكتومة لذلك لم يصرح بعصمة أهلها صلى الله عليه وسلم، لكن السر المصون مانع لمن ذاقه أن يعصي الله حتى طرفة عين، وأما من عداهم من الصديقين الذين نزلوا عن رتبتهم فلا عصمة عندهم، وتجري عليهم الأقدار كما تجري على غيرهم، كما قال الجنيد حيث قيل له: أيزني العارف فأطرق ساعة ثم قال: وكان أمر الله قدرا مقدورا. اهـ
قال محمد تقي الدين: هذه طامة أخرى وهي ادعاء العصمة للأشخاص المتخيلين المتسمين بالأقطاب الذين شاركوا الأنبياء في العصمة، وكتم النبي صلى الله عليه وسلم هذا العلم ولم يبح به لأحد حتى لأبي بكر الذي هو أفضل الصديقين، فلم يكفهم ادعاء العصمة للأقطاب المزعومين، حتى أضافوا إليه كتمان النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، وليث شعري كيف علمه التجاني، أمن طريق النبي صلى الله عليه وسلم وقد وصفه بالكتمان، أم من الله بلا واسطة، وظاهر قوله فيما زعموا أن من ذاق السر المصون يستحيل أن تصدر منه معصية، أنه أدرك ذلك من غير طريق النبي صلى الله عليه وسلم مما يسمونه بالذوق وقد قيل لأحمد بن حنبل عن بعض المتصوفة أنه إذا سئل عن شيء لا دليل عليه من الشرع زعم أنه أدركه بالدوق فقال رحمه الله: من أحالك على غائب