الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى على قبر فجلس عليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبرا فقلنا يا رسول الله إنا رأينا ما صنعت قال: (إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي) فما رئي باك أكثر من يومئذ.
وقد تقدم حديث وفاة أبي طالب وحرص النبي صلى اله عليه وسلم على نجاته فسبق القلم ومات أبو طالب كافرا، وحزن النبي صلى الله عليه وسلم عليه إذ مات كافرا فأنزل الله تعالى عليه {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية؛ وتقدم أيضا إنذار النبي صلى الله عليه وسلم لعشيرته الأقربين بأمر الله تعالى، وقوله لفاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت وأنقدي نفسك من النار لا أغني عنك من الله شيئا، فيا لله العجب يعجز النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل والديه وعمه الجنة ويقول لابنته ما سمعتم ثم يضمن الجنة لكل جد للتجاني من الجد الحادي عشر والجدة الحادية عشرة من الأب والأم إلى موت عيسى بن مريم سبحانك هذا بهتان عظيم. ولا شك أنهم كذبوا على الشيخ التجاني وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل ما تقدم من الإفادة الأحمدية ولا يروج مثل هذا البهتان ألا على أجهل الجاهلين بدين الإسلام.
فصل في صلاة الفاتح لما أُغلق
قال مؤلف جواهر المعاني علي حرازم في الجزء الأول (94) وأما فضل صلاة الفاتح لما أُغلق الخ فقد سمعت شيخنا يقول كنت مشتغلا بذكر صلاة الفاتح لما أُغلق حين رجعت من الحج إلى تلمسان لما رأيت من فضلها وهو أن المرة الواحدة بستمائة ألف صلاة كما هو في وردة الجيوب وقد ذكر صاحب الوردة أن سيدي محمد البكري الصديقي نزيل مصر وكان قطبا، قال إن من ذكرها ولم يدخل فليقبض صاحبها عند الله، وبقيت أذكرها إلى أن رحلت من تلمسان إلى بني سمغون فلما رأيت الصلاة التي فيها المرة الواحدة بسبعين ألف ختمة من دلائل الخيرات تركت الفاتح لما أُغلق واشتغلت بها وهي (اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تعدل جميع صلوات أهل محبتك وسلم على سيدنا محمد وعلى آله سلاما يعدل سلامهم) لما رأيت فيها من كثرة الفضل ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليم وسلم إلى صلاة الفاتح لما أُغلق فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها فأخبرني أولا بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات ثم أخبرني ثانيا أن المرة الواحدة تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة لأنه من
الذكر اهـ.
قال محمد تقي الدين قال الله تعالى في سورة الزمر: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) } وقال تعالى في هذه السورة نفسها: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} قال ابن كثير واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم هو القرآن و؛ وقال في فضائل القرآن قال صلى الله عليه وسلم: (إن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه) رواه البزار من حديث أبي سعيد الخدري.
قال محمد تقي الدين: لما كان القرآن صفة من صفات الله كان أفضل من كلام المخلوقين كلهم لأن الكلام المخلوق لا يساوي كلام الله الذي هو غير مخلوق. وقد ذكر أئمة الحديث في فضائل القرآن شيئا كثيرا وعقدوا لذلك كتبا في مؤلفاتهم وهي مشهورة معروفة عند الخاص والعام، وأجمع المسلمون من أهل السنة ومن أهل البدعة على أن كلام الله تعالى أفضل من كلام الأنبياء فكيف بغيرهم حتى القائلون بخلق القرآن في هذا فمن جعل كلام الناس كصلاة الفاتح مثل كلام الله تعالى فقد ضل ضلالا بعيدا وخرق إجماع المسلمين واتبع غير سبيلهم فكيف بمن يجعل صلاة الفاتح أفضل من القرآن بستة آلاف مرة فيا عجبا ممن يؤمن بالله واليوم الآخر كيف يؤمن بهذه العقيد الفاسدة؟ وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقرأه ويدارسه مع جبريل فاته التجانيون في الأجر والثواب وسبقوه بأضعاف مضاعفة تفوق الحصر وجميع أصحابه صلى الله عليه وسلم الذي كانوا يعتقدون أن القرآن أفضل الأذكار كما أخبرهم ربهم سبحانه وأخبرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ضاعت أعمارهم بالنسبة إلى أقل التجانيين ذكرا فإن كل تجاني يذكر صلاة الفاتح إذا اقتصر على ما يجب عليه منها كل يوم مائة وخمسين مرة فعلى قولهم يكون له أجر من قرأ القرآن تسع مائة ألف مرة (900000) ولا يستطيع أحد أن يختم القرآن بقراءة صحيحة مقبولة إلا في ثلاثة أيام وأي ضلال يساوي ضلال من يثبت لنفسه من الأجر والثواب أكثر من جميع الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله الصالحين فيا هادي الطريقة ضللت وأضللت.
قال محمد تقي الدين وصلاة الفاتح كما أشار إليها صاحب الجواهر أول من تكلم بها محمد البكري الصديقي وحكى التجانيون عنه أن زعم أنه نزلت عليه من السماء في ورقة مكتوبة بقلم القدرة قالوا فهي من كلام الله تعالى وليست من تأليف مخلوق وعلى زعمهم هذا لا بأس بتفضيلها عن القرآن إلا أنه يلزمهم أن صلاة الفاتح التي نزلت على
البكري وهي أربع وعشرون كلمة أفضل من القرآن الذي أنزل على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وهو زهاء مائة ألف كلمة (100000) وهل ينزل وحي بعد خاتم النبيين لم يقل بهذا إلا المتنبئون الزنادقة المحتالون وكيف يقول الله تعالى اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم لأن الله هو السيد ومحمد عبده ورسوله وهو أفضل عباد الله وفي كمال عبوديته لله تمكن سيادته وفضله على سائر الخلق فلا يليق بذي الجلال والإكرام أن يخاطب نفسه ويقول اللهم صل على سيدنا محمد فإن قالوا إن الله أنشأ هذه الصلاة لعباده لا لنفسه فلا يلزم ما ألزمتمونا به قلنا لو كان الأمر كذلك لقال الله تعالى فيما أوحينا به إلى البكري أو كتبه له بقلم القدرة، يا أيها البكري قل لعبادي يقولوا: اللهم صل على محمد الخ.
كما قال تعلى لخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} على أني أيها القراء الأعزاء أثبت لكم بالبرهان القاطع أن هذه الصلاة ليست من كلام الله تعالى ولا كتبها قلم القدرة ولا من كلام البكري بل قيلت قبله بنحو ألف سنة (1000) ففي كتاب الشفا للقاضي عياض رواية بسند منقطع إلى بن أبي طالب، أنه قال كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم داحي المدحوات وبارئ المسموكات وجبار القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والمعلن الحق بالحق الخ.
ولما كان سند هذه الصلاة منقطعا لم تصح نسبتها إلى علي ومن الأدلة على بطلانها بطلان نسبتها إليه أنه لم يكن ليعدل عن الصلاة الإبراهيمية التي علَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بعد ما سألوه قائلين، أن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم الخ.
وأجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون والأئمة المجتهدون ومن تبعهم بإحسان على تفصيل هذه الصلاة والإتيان بها في الصلوات المفروضة والنوافل وغيرها وإذا ثبت أن كلام الله تعالى أفضل من كلام الخلق كلهم فكلام سيد الخلق سيد الكلام، ومن سوء الفهم وسوء التقدير أن يبحث الإنسان عن صلاة تعدل هذه الصلاة فكيف بصلاة تكون أفضل منها وهي من لفظ من أُوتي جوامع الكَلِم واختُصِر له الكلام اختصارا وهو أفصح خلق الله، فأهم صلاة الفاتح مأخوذة من كتاب الشفا الذي ألفه
القاضي عياض وهو من علماء القرن الخامس الهجري، وقد روى هذه الصلاة عمن قبله فلا بد أن تكون من كلام التابعين أو من دونهم بقليل، فاثنتا عشرة كلمة وهي اللهم صلى الله عليه وسلم على محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بإبدال ناصر مكان المعلن وأما الهادي إلى صراطك المستقيم فهو من القرآن قال تعالى في سورة الشورى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وهذه أربع كلمات تضاف إلى اثنتي عشرة فيصير المجموع ست عشرة كلمة، ومعنى (صل) موجود في الصلاة التي رواها عياض فيصير المجموع سبع عشرة كلمة فلا يبقى إلا ثماني كلمات وهي سيدنا وعلى آله بل على آله مأخوذة من الصلوات العامة فلا يبقى إلا سيدنا وحق قدره ومقداره العظيم وهي خمس كلمات أما لفظ سيدنا فغير مشروع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار أهل القرون المفضلة لم يستعملوا لفظ سيدنا في صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم وهي زائدة على ما علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولن يأتي آخر هذه الأمة بمثل ما كان عند سلفها فكيف بأفضل منه؟ وعلى ذلك لا يبقى إلا أربع كلمات وهي حق، قدره، ومقداره، العظيم، وبذلك تهدم كل ما بناه التجانيون من القصور الخالية.
أما زعمهم أن ذلك الفضل الذي ادعوه لصلاة الفاتح خاص بمن أخذها بالإذن من الشيخ التجاني مباشرة أو بوسائط فهو أعجب وأغرب، وليس في الشريعة الإسلامية، لأن الذكر والدعاء إما أن يكونا مشروعين بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بهما وهما من دينه الذي بعثه الله به فلا يحتاجون إلى إذن، لأن الإذن قد حصل من الله تعالى بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) } الأحزاب 41-42، وقال تعالى في سورة الأعراف آية 55:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) } وهذا إذن عام لكل مؤمن من الله سبحانه وتعالى بلغه رسوله صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، لجميع المؤمنين، وقال تعالى في سورة الأحزاب آية 56:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) } فكل من ذكر الله تعالى بذكر مشروع أو دعاه بدعاء مشروع أو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وتقبل الله منه ذلك أثابه عليه ولا يشترط أن يأخذه من شيخ، بل أخذه من الشيخ مبطل لثوابه لأنه بدعة والعبادات إذا قارنتها البدعة ليس لها ثواب، بل يكون أهلها متعرضين لعذاب الله، لأن البدعة شر من المعاصي كما حققه الإمام أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام، وقد أكمل الله دينه وبلغه أفضل الخلق فكل من نصب نفسه لإعطاء الأوراد والأذكار فقد ابتدع في دين الله وعرض نفسه لعذاب الله، وكذلك من أخذ عنه تلك الأوراد
قال تعالى في سورة المائدة آية 3: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} فالأوراد والأذكار إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء بها فما شأن هذا الطُّفيلي الذي نصب نفسه واسطة بين الحق والخلق،
وأراد أن يجود بمال غيره الذي لا يملك منه شيئا فهو محتال كذاب يريد أن يستعبد الجاهلين وينهب أموالهم ويفسد عقولهم ويضلهم عن صراط الله المستقيم الذي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عليه قال الله تعالى في سورة الأنعام آية 153: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) } روى الإمام أحمد بسنده إلى عبد الله بن مسعود قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال، هذا سبيل الله مستقيما، وخط عن يمينه وشماله ثم قال، هذه سُبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ:{وَأَنْ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره أن هذا الحديث رواه النسائي وابن حبان والحاكم وقال على شرط الشيخين.
وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اكمل الله الدين وترك أمته على أحسن ما يريده لها ولم تكن هناك أوراد، ولا شيوخ طرق، ولا زويا، ولا تكايا فيجب على كل مسلم أن يكون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا يزيد على ذلك شيئا، لأن الزيادة في الكامل نقص وعيب، وبدعة ضلالة وبذلك يتبين لك بطلان ما جاء في فضل صلاة الفاتح مع اشتراط الإذن فيها كما يدعي التجانيون وقد تبين الصبح لذي عينين:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .
وهاهنا عبارة نسوقها، ليتعجب القراء منها ويحمدوا الله على العافية، وهي قول صاحب الجواهر في الصفحة 96 من الجزء الأول في سياق فضل صلاة الفاتح، إنها لم تكن من تأليف البكري ولكنه توجه إلى الله مدة طويلة أن يمنحه صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثواب جميع الصلوات وسر جميع الصلوات وطال طلبه مدة ثم أجاب الله دعوته فأتاه الملَك بهده الصلاة مكتوبة في صحيفة من النور ثم قال الشيخ فلما تأملت هذه الصلاة وجدتها لا تزنها عبادة جميع الجن والإنس والملائكة قال الشيخ وقد أخبرني صلى الله عليه وسلم عن ثواب الإسم الأعظم فقلت: إنها أكثر منه فقال صلى الله عليه وسلم بل هو أعظم منها ولا تقوم له عبادة.
وفي هذا الكلام دليل على أن هذا البكري الذي زعموا أنه توجه إلى الله تعالى وابتهل إليه مدة طويلة ليمنحه صلاة فيها ثواب جميع الصلوات وسر جميع الصلوات