المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(الألقاب) أَبُو عصيدة صَاحب تونس اسْمه مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عصيدة - الوافي بالوفيات - جـ ٢٠

[الصفدي]

الفصل: ‌ ‌(الألقاب) أَبُو عصيدة صَاحب تونس اسْمه مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عصيدة

(الألقاب)

أَبُو عصيدة صَاحب تونس اسْمه مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عصيدة النَّحْوِيّ اسْمه أَحْمد بن عبيد‌

‌ عضد

الدولة بن بويه فناخسرو الْعقيلِيّ الإسكافي جَعْفَر الدّين بن مُحَمَّد

(عضد)

123 -

الخوجا ابْن قَاضِي يزدْ عضد عضد بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة الشريف الخواجكي الْمَعْرُوف بِابْن القَاضِي يزدْ كَانَ أحد الخواجكية الَّذين للسُّلْطَان بو سعيد أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ أَخْبرنِي الخواجا مجد الدّين إِسْمَاعِيل السلَامِي أَن الْمَذْكُور كَانَ فِيهِ تسلط على الْوَزير وَمن حول السُّلْطَان ففكروا فِي إبعاده فحسنوا لبو سعيد أَن يجهزه رَسُولا إِلَى الْهِنْد إِلَى السُّلْطَان مُحَمَّد بن ظغلق قَالَ فجهزه فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ وَأَقْبل عَلَيْهِ وَكَانَ يقربهُ ويؤثر كَلَامه ويسامره فَأعْطَاهُ شَيْئا كثيرا إِلَى الْغَايَة وَلما كَانَ فِي بعض الْأَيَّام قَالَ ادخُلُوا بِهِ إِلَى الخزائن فعرضوها عَلَيْهِ وَقَالُوا أمرنَا السُّلْطَان أَنَّك مهما أردْت مِنْهَا وَأَعْجَبَك تَأْخُذهُ فاخذ من جَمِيع الخزائن مُصحفا فحكي ذَلِك للسُّلْطَان فاحضره وَأنكر عَلَيْهِ عدم أَخذه فَقَالَ السُّلْطَان قد أغناني بإحسانه عَن جَمِيع مَا رَأَيْت وَلم يكن بِي غنى عَن كتاب الله فأعجبه ذَلِك وَأمر لَهُ بِأَلف ألف دِينَار فَحملت إِلَيْهِ وَلما أعَاد وقارب الْبِلَاد وَبلغ الْوَزير الْخَبَر فحسنوا لبو سعيد أَن يَجْعَل أَحْمد أَمِير الكسه وَمَعْنَاهُ أَن يكون لَهُ الحكم أَيْن حل من المملكة وَأَن يفعل مَا أَرَادَ فَتوجه أَطْرَاف مملكة بو سعيد وَأخذ مِمَّا حضر مَعَ الشريف عضد مبلغ مِائَتي ألف دِينَار وَضرب مِنْهَا أواني وَقدم بعض الْأَوَانِي الذَّهَب لبو سعيد أَو كَمَا قَالَ

124 -

أَبُو مُحَمَّد اللَّيْثِيّ الْمدنِي عَطاء عَطاء بن يزِيد أَبُو مُحَمَّد اللَّيْثِيّ الجندعي

ص: 77

الْمدنِي نزيل الشَّام وَحدث عَن تَمِيم الدَّارِيّ وَأبي هُرَيْرَة وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَأبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ من عُلَمَاء التَّابِعين وثقاتهم وَتُوفِّي سنة سبع وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة

125 -

التَّابِعِيّ الْمَكِّيّ عَطاء بن أبي رَبَاح أسلم أَبُو مُحَمَّد الْمَكِّيّ مولى قُرَيْش أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام من التَّابِعين ولد فِي خلَافَة عُثْمَان وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَة على الصَّحِيح سمع عَائِشَة وَأَبا هُرَيْرَة وَأُسَامَة بن زيد وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ وخلقا كَانَ إِمَامًا سيدا أسود مفلفل الشّعْر من مولدِي الْجند فصيحا عَلامَة انْتَهَت إِلَيْهِ الْفَتْوَى بِمَكَّة مَعَ مُجَاهِد وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ قَالَ أَبُو حنيفَة مَا رَأَيْت أفضل من عَطاء وَقَالَ ابْن جريج كَانَ الْمَسْجِد فرَاش عَطاء عشْرين سنة قَالَ ابْن معِين كَانَ معلم كتاب دهرا قَالَ ابْن سعيد كَانَ أَعور قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَيْسَ فِي المرسلات أَضْعَف من مرسلات الْحُسَيْن وَعَطَاء كَانَا يأخذان عَن كل أحد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين عَطاء حجَّة بِالْإِجْمَاع وَكَانَ مَوته فِي شهر رَمَضَان وَقَالَ ابْن أبي ليلى حج عَطاء سبعين حجَّة وعاش مائَة سنة قَالَ ابْن خلكان حكى أَبُو الْفتُوح الْعجلِيّ فِي كتاب شرح مشكلات الْوَسِيط وَالْوَجِيز فِي الْبَاب الثَّالِث من كتاب الرَّهْن مَا مِثَاله وَحكي عَن عَطاء أَنه كَانَ يبْعَث بجواريه إِلَى ضيفانه وَالَّذِي أعتقد أَن هَذَا بعيد فَإِنَّهُ لَو رأى الْحل لَكِن الْمُرُوءَة والغيرة تأبى ذَلِك فَكيف يظنّ ذَلِك بِمثل هَذَا السَّيِّد الإِمَام وَلم أذكرهُ لمراجعته وَقَالَ ابْن خلكان قبل هَذَا وَنقل أَصْحَابنَا أَنه كَانَ يرى إِبَاحَة وَطْء الْجَوَارِي بِإِذن أربابهن وَكَانَ أسود أفطس مفلفل الشّعْر أَعور أشل وَعمي آخرا وإياه عَنى الشَّاعِر // (من الطَّوِيل) //

ص: 78

(سَأَلت الْفَتى الْمَكِّيّ هَل فِي تزاور

وضمة مشتاق الْفُؤَاد جنَاح؟)

(فَقَالَ معَاذ الله أَن يذهب التقى

تلاصق أكباد بِهن جراح!)

126 -

الْمصْرِيّ الْهُذلِيّ عَطاء بن دِينَار الْمصْرِيّ الْهُذلِيّ مَوْلَاهُم روى عَن عمار بن سعيد التجِيبِي وَحَكِيم بن شريك الْهُذلِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وثقة أَحْمد وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

127 -

أَبُو زيد الثَّقَفِيّ عَطاء بن السَّائِب الثَّقَفِيّ أَبُو زيد أحد الْمَشَاهِير روى عَن أَبِيه وَعبد الله بن أبي أوفى وَأبي ذَر الْهَمدَانِي وَأبي وَائِل وَسَعِيد بن جُبَير وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَطَائِفَة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة رجل صَالح من سمع مِنْهُ قَدِيما كَانَ صَحِيحا كَانَ يخْتم كل لَيْلَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم مَحَله الصدْق قبل أَن يخْتَلط وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة فِي حَدِيثه الْقَدِيم وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَالْبُخَارِيّ مُتَابعَة

128 -

الْعباد الْبَصْرِيّ عَطاء السليمي بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام العابد عَابِد الْبَصْرَة يحْكى عَنهُ أَمر يتَجَاوَز الْحَد فِي الْخَوْف والحزن أدْرك أنس بن مَالك أَخذ عَن الْحُسَيْن قَالَ خُلَيْد بن دعْلج كُنَّا عِنْد عَطاء السليمي فَقيل لَهُ إِن فلَان بن عَليّ قتل أَرْبَعمِائَة من أهل دمشق على دم وَاحِد فَقَالَ متنفسا هاه ثمَّ خر مَيتا قيل إِنَّمَا هُوَ عَطاء السَّلُولي وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة حَدثنَا بشر بن مَنْصُور قلت لعطاء السليمي أَرَأَيْت لَو أَن نَارا أشعلت ثمَّ قيل من دَخلهَا نجا ترى من كَانَ يدخلهَا فَقَالَ لَو قيل ذَلِك لَخَشِيت أَن تخرج نَفسِي فَرحا قبل أَن أصل إِلَيْهَا وَقيل إِنَّه كَانَ إِذا هبت ريح أَو رعد قَالَ هَذَا من أَجلي يُصِيبكُم لَو مت استراح

ص: 79

النَّاس وَقيل انه بَقِي على فرَاشه أَرْبَعِينَ سنة لَا يقوم من الْخَوْف وَلَا يخرج يوضأ على الْفراش وَيُصلي قَاعِدا مِمَّا أضناه الْخَوْف وَقيل انه كَانَ إِذا بَكَى بَكَى ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها وَقيل انه كَانَ يمس جسده بِاللَّيْلِ يخْشَى أَن يكون قد مسخ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة

129 -

السَّلُولي عَطاء بن قُرَّة السَّلُولي توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه

130 -

عَطاء بن أبي مُسلم عَطاء بن أبي مُسلم أحد الْكِبَار نزل دمشق وَحَدِيثه عَن أبي الدَّرْدَاء والمغيرة بن شُعْبَة وَابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة مُرْسل وروى عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وَابْن بُرَيْدَة وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعَمْرو بن شُعَيْب وَنَافِع وَثَّقَهُ ابْن معِين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ فِي نَفسه ثِقَة لكنه لم يلق ابْن عَبَّاس قيل كَانَ إِذا جلس وَلم يلق من يحدثه أَتَى الْمَسَاكِين فَحَدثهُمْ وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة

131 -

الْخفاف عَطاء بن مُسلم الْخفاف مُحدث كُوفِي سكن حلب قَالَ أَبُو زرْعَة كَانَ يهم وَقَالَ أَبُو دَاوُد ضَعِيف توفّي سنة تسعين وَمِائَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه

132 -

الْخُرَاسَانِي عَطاء الْمقنع الْخُرَاسَانِي وَقيل اسْمه حَلِيم كَانَ فِي مبدأ أمره قصرا من أهل مرو وَكَانَ يعرف شَيْئا من السحر والنيرنجيات فَادّعى الربوية من طَرِيق التناسخ وَقَالَ لأشياعه وَالَّذين اتَّبعُوهُ إِن الله تَعَالَى تحول إِلَى صُورَة آدم وَلذَلِك أَسجد لَهُ الْمَلَائِكَة فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس فَاسْتحقَّ بذلك السخط ثمَّ إِنَّه تحول من صُورَة آدم إِلَى صُورَة نوح ثمَّ إِلَى صُورَة وَاحِد فواحد من الْأَنْبِيَاء عليهم السلام والحكماء حَتَّى حصل

ص: 80

فِي صُورَة أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي ثمَّ انْتقل مِنْهُ إِلَيْهِ فَقبل قوم قَوْله ودعواه وعبدوه وقاتلوا من دونه مَعَ مَا عاينوا من عَظِيم ادعائه وقبح صورته لِأَنَّهُ كَانَ مُشَوه الْخلق أَعور ألكن قَصِيرا وَكَانَ لَا يسفر عَن وَجهه بل اتخذ وَجها من ذهب وتقنع بِهِ وَكَانَ من جملَة مَا أظهر لَهُم صُورَة قمر يطلع وَيَرَاهُ النَّاس من مَسَافَة شَهْرَيْن ثمَّ يغيب عَنْهُم فَعظم اعْتِقَادهم فِيهِ وَلم اشْتهر أمره ثار عَلَيْهِ النَّاس وقصدوه فِي قلعته الَّتِي اعْتصمَ بهَا وحصروه فَلَمَّا أَيقَن بِالْهَلَاكِ جمع نِسَاءَهُ وسقاهن سما فمتن ثمَّ تنَاول بَاقِيه فَمَاتَ وَدخل الْمُسلمُونَ قلعته وَقتلُوا من فِيهَا من أشياعه وَأَتْبَاعه وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقطع رَأسه وَبعث بِهِ إِلَى الْمهْدي وَكَانَ بِمَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ الَّذِي ندب لقتاله سعيد الْخَرشِيّ وَأول ظُهُور عَطاء فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة واليه أَشَارَ المعري فِي قَوْله // (من الطَّوِيل) //

(أفق إِنَّمَا الْبَدْر الْمقنع رَأسه

ضلال وغي مثل بدر الْمقنع)

وَابْن سناء الْملك فِي قَوْله أَيْضا // (من الطَّوِيل) //

(إِلَيْك فَمَا بدر الْمقنع طالعا

بأسحر من ألحاظ بَدْرِي المعمم)

133 -

ابْن حفاظ السّلمِيّ عَطاء الْخَادِم كَانَ شهما شجاعا فوض إِلَيْهِ مجير الدّين أبق أَمر دولته فَمد يَده فِي الظُّلم وَأطلق لِسَانه بالهجر وأفرط فِي الاحتجاب وَقصر فِي قَضَاء الأشغال فتقد مجير الدّين أبق باعتقاله وتقييده والاستيلاء على مَا فِي دَاره ومطالبته بِتَسْلِيم بعلبك وَمَا فِيهَا من مَال وغلال ثمَّ ضربت عُنُقه وَنهب الْعَوام بيوته وبيوت أَصْحَابه وَعَطَاء هَذَا هُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ مَسْجِد عَطاء خَارج الْبَاب الشَّرْقِي بِدِمَشْق وجورة عَطاء هِيَ أَرض فِيهَا أخشاب كبار من الْجور ترى أوتادا لجامع دمشق وَهِي وقف عَلَيْهِ وَقد مدحه الشُّعَرَاء عرقلة وَغَيره وَقيل إِن نور الدّين الشَّهِيد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ قد كَاتب مجير الدّين لما أنْفق مَعَه وهاداه وَكَانَ يَقُول لَهُ الْأَمِير الْفُلَانِيّ قد خامر معي عَلَيْك فاحذره فَتَارَة يَأْخُذ أقطاع أحدهم وَتارَة يقبض عَلَيْهِ فَلَمَّا خلت من الْأُمَرَاء كَاتبه من حق عَطاء الْمَذْكُور فَجرى لَهُ مَا جرى فَقَالَ عَطاء لمجير الدّين عِنْد قَتله إِن الْحِيلَة قد تمت عَلَيْك وراحت دمشق عَن يدك فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَكَانَ ابْن مُنِير قَالَ قصيدة يمدح فِيهَا

ص: 81

نور الدّين وَيذكر لَهُ دمشق ويحرضه على أَخذهَا // (من الوافر) //

(هِيَ الفردوس أصبح وَهُوَ عاف

من الْعَافِي وَمن حَال خلاء)

(لأسْمع صعبها وَدنت قصاها

وأمكنك اقتياد واقتطاء)

(وَمَا نعم الْعَطاء عَطاء رب

توسطه فأبسطه عَطاء)

(تفاءل باسمه فالفأل وعد

يكون عل ظبال بِهِ الْوَفَاء)

(هُوَ السَّبَب الَّذِي شدت قواه

وهذبه لخدمتك الْقَضَاء)

(وَسيف إِن تسمه تسم حساما

وَإِن تغمد فَنَار بل ذكاء)

(حبته لَك السَّعَادَة قطف رَأْي

لنفث الخادعين بِهِ هباء)

فَيُقَال إِن عَطاء كَانَ لَهُ مَعَ نور الدّين بَاطِن فِي أَخذ دمشق فَلَمَّا بلغ مجير الدّين أبق هَذَا الشّعْر كَانَ ذَلِك سَبَب قَتله لعطاء وَهَذَا اللَّائِق بواقعة عَطاء لَا أَن نور الدّين الشَّهِيد أغرى بِهِ أبق الْمَذْكُور وافترى عَلَيْهِ وَكَانَت قتلته سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة

134 -

الغزنوي عَطاء بن يَعْقُوب بن ناكل الغزنوي قَالَ صَاحب سر السرُور فِي بعض وَصفه وتقريظه حَتَّى إِنِّي حدثت أَن ديوَان شعره بِمصْر يَشْتَرِي بمئين من الْحمر الراقصات على الظفر وَالْمَشْهُور أَن ديوَان شعره الْعَرَبِيّ والفارسي يشترى بخراسان بأوفر الْأَثْمَان وَكَيف لَا وَمَا من كلمة من كَلَامه إِلَّا وحقها أَن تملك بالأنفس وتقتنى وتباع بالأنفس وتشتري وَمن نثره صدر كتاب كتبه إِلَى بعض الصُّدُور أَطَالَ الله بَقَاء الشَّيْخ فِي عز مَرْفُوع كاسم كَانَ وَأَخَوَاتهَا إِلَى فلك الأفلاك مَنْصُوب كاسم إِن وذواتها إِلَى سمك السماك مَوْصُوف بِصفة النَّمَاء مَوْصُول بصلَة الْبَقَاء مَقْصُور على قَضيته المُرَاد مَمْدُود إِلَى يَوْم التناد معرف بِهِ مُضَاف إِلَيْهِ مفعول لَهُ مَوْقُوف عَلَيْهِ صَحِيح سَالم من حُرُوف الْعلَّة غير معتل وَلَا مَهْمُوز بهمز الذلة يثني وَيجمع دَائِما جمع السَّلامَة وَالْكَثْرَة لَا جمع الْقلَّة والتكسير سَاكن لَا تغيره يَد الْحَرَكَة مَبْنِيّ على الْيمن وَالْبركَة مضاعف مُكَرر على تناوب الْأَحْوَال زَائِد غير نَاقص على تعاقب الْأَحْوَال مُبْتَدأ بِهِ خَبره الزِّيَادَة فَاعل مَفْعُوله الْكَرَامَة مستقبله خير من ماضيه حَالا وغده أَكثر من يَوْمه وأمسه إجلالا لَهُ الِاسْم المتمكن من إِعْرَاب الْأَمَانِي وَالْفِعْل الْمُضَارع للسيف الْيَمَانِيّ

ص: 82

لَازم لربعه لَا يتَعَدَّى وَلَا ينْصَرف عَنهُ إِلَى العدى وَلَا يدْخلهُ الْكسر والتنوين أبدا يقْرَأ بَاب التَّعَجُّب من يرَاهُ مَنْصُوبًا على الْحَال إِلَى أَعلَى ذاره متحركا بالدولة والتمكين منصرفا إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين وَهَذَا دُعَاء دَعَوْت لَهُ على لِسَان النَّحْو وَأَنا دَاع لَهُ بِكُل لِسَان على هَذَا النَّحْو وَلَوْلَا الِاحْتِرَاز الْعَظِيم من أَن يمل الْأُسْتَاذ الْكَرِيم لسردت أَفْرَاده سردا وَجعلت أوراده وردا وجمعت أعداده عدا ونظمت لَهُ أنداده عقدا ذَلِك ليعْمَل أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ وَأَن الله لَا يهدي كيد الخائنين وَمِنْه فصل فِي كتاب الصُّحْبَة نِسْبَة من شرع الْكَرم والمعرفة عِنْد أهل النهى أوفى الذمم والأخوة لحْمَة دانية والمصافاة قرَابَة ثَانِيَة وَلَو كَانَ مَا بَين ذَات الْبَين مَا بَين القطبين لوَجَبَ أَن يقطعا عرض السَّمَاء كالمجرة مُوَاصلَة ومتصلا اتِّصَال الْكَوَاكِب مراسلة وَلَكِن الْأَقْدَام فِي العقوق سواسية والقلوب فِي رعية الْحُقُوق قاسية وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //

(قريض تجلى مِثْلَمَا ابتسمت أروى

ترشفت من فِيهِ الرضاب فَمَا أروى)

(تجلى كأروى فِي حجال سطورة

وَأنزل من شم الجيال لنا أروى)

(كغصن الشَّبَاب الْغُصْن عاصن بهاؤه

وعهد اللوى ألوى بِهِ زمن ألوى)

(إِذا الدَّهْر غُصْن ناضر الْعود نَاظر

إِلَيْنَا بِمَا نهوى وَلم يلق فِي الْهوى)

(قريض زَادَت لقلبي غلَّة

وغيري بِهِ يروي الغليل إِذا يرْوى)

و// (من الطَّوِيل) //

(إِذا مَا نبا حد الإسنة والظبى

فَمَا نابها فِي الحادثات بناب)

(تقصف رمح الْخط وسط كتائب

إِذا هز رمح الْخط وسط كتاب)

وَمِنْه // (من الْكَامِل) //

(الله جَازَ عِصَابَة ودعتهم

والدمع يهمي والفؤاد يهيم)

(قد كَانَ دهري جنَّة فِي ظلهم

سَارُوا فأضحى الدَّهْر وَهُوَ جحيم)

(كَانُوا غيوث سماحة وتكرم

فاليوم بعدهمْ الجفون غيوم)

(رحلوا على رغمى وَلَكِن حبهم

بَين الْفُؤَاد المستهام مُقيم)

(فَكَأَنَّمَا نثرت غَدَاة تحملوا

مِنْهُم على ظلم الْبِلَاد نُجُوم)

ص: 83

(قد خَانَهُمْ صرف الزَّمَان لأَنهم

كَانُوا كراما وَالزَّمَان لئيم)

(طلقت لذاتي ثَلَاثًا بعدهمْ

حَتَّى يعود العقد وَهُوَ تطيم)

(الله حَيْثُ تحملوا جَار لَهُم

والأمن دَار وَالسُّرُور نديم)

(وَالْعين غُصْن والمناهل عذبة

والجو طلق والرياح نسيم)

قلت شعر جيد

135 -

الصاحب عَلَاء الدّين عَطاء ملك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْأَجَل عَلَاء الدّين الْجُوَيْنِيّ صَاحب الدِّيوَان الْخُرَاسَانِي أَخُو الصاحب الْوَزير الْكَبِير شمس الدّين كَانَ اليهما الْحل وَالْعقد فِي دولة أبغا ونالا من الجاه والحشمة مَا يتَجَاوَز الْوَصْف وَفِي سنة ثَمَانِينَ قدم بَغْدَاد ومجد الْملك العجمي فَأخذ صَاحب الدِّيوَان وغله وعاقبه وَأخذ أَمْوَاله وأملاكه وعاقب سَائِر خواصه وَلما عَاد منكوتمر من الشَّام مكسورا حمل علاي الدّين مَعَهم إِلَى همذان وَهُنَاكَ مَاتَ أبغا ومنكوتمر فَلَمَّا ملك أرغون بن أبغا طلب الْأَخَوَيْنِ فاختفيا وَتُوفِّي عَلَاء الدن بعد الاختفاء بِشَهْر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ أَخذ ملك اللور أَمَانًا لشمس الدّين أَخِيه من أرغون وأحضره إِلَيْهِ فغدر بِهِ وَقَتله بعد موت أَخِيه بِقَلِيل ثمَّ فوض أَمر الْعرَاق إِلَى سعد الدّين العجمي وَالْمجد بن الْأَثِير والأمير عَليّ بن جكيبان ثمَّ قتل أزق وَزِير أرغون الثَّلَاثَة بعد عَام

وَكَانَ عَلَاء الدّين الْكَبِير وَأَخُوهُ فيهمَا كرم وسؤدد وخبرة بالأمور وَفِيهِمَا عدل ورفق بالرعية وَعمارَة للبلاد ولى عَلَاء الدّين تطر الْعرَاق الْعِمَاد والقزويني فَأخذ فِي عمَارَة الْفُرَات وَأسْقط عَن الفلاحين مغارم كَثِيرَة إِلَى أَن تضَاعف دخل الدِّيوَان وعمرت الْعرَاق وحفر نَهرا من الْفُرَات مبدؤه من الأنبار وَيَنْتَهِي إِلَى مشْهد عَليّ أنشأ عَلَيْهِ مائَة وَخمسين قَرْيَة وَبَالغ بعض النَّاس فَقَالَ كَانَت بَغْدَاد أَيَّام الصاحب عَلَاء الدّين أَجود مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ أَيَّام الْخَلِيفَة

وَكَانَ الْفَاضِل إِذا عمل كتابا وَنسبه اليهما تكون جائزته ألف دِينَار وَقد صنف مُحَمَّد بن الصيقل الْجَزرِي كتاب المقامات وقدمها فَأعْطى ألف دِينَار وَكَانَ لَهما إِحْسَان إِلَى الْعلمَاء والفضلاء وَلَهُمَا تطرق فِي الْعُلُوم الأدبية والعقلية

ص: 84

وَقد أورد ابْن الفوطي تَرْجَمَة عَلَاء الدّين مستوفاة فِي كتاب الألقاب وَقَالَ لي قوام الدّين أَحْمد بن أبي الفوارس رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت الصاحب عَلَاء الدّين وَكَانَ ينْطق بِالذَّالِ زايا فان يَقُول الزهب يَعْنِي الذَّهَب

وَقد ملكت أَنا نُسْخَة بمعجم الأدباء لياقوت وَهِي قطع الْبَغْدَادِيّ كَبِير وَعَلِيهِ مَكْتُوب مَا فِي صورته صاحبته الفقيرة إِلَى الله الْغَنِيّ عصمَة بنت عَطاء ملك بن مُحَمَّد الجويثي وَهِي كِتَابَة قَوِيَّة منسوبة جَارِيَة فِي غَايَة الْحسن وَهَذَا دَلِيل على اعتنائه بِالْعلمِ لِأَن ابْنَته كَانَت بِهَذِهِ المشابة

136 -

ابْن الثِّقَة الشَّافِعِي عَطاء الله بن عَليّ بن زيد بن جَعْفَر نور الدّين ابْن الثِّقَة الْحِمْيَرِي الأسنائي الشَّافِعِي كَانَ فَقِيها فرضيا يعرف الْجَبْر والمقابلة وَكَانَ من الصَّالِحين المنقطعين أَخذ علمه عَن الشَّيْخ بهاء الدّين هبة الله القفطي وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الأفرمية بأسنا سِتِّينَ سنة تَقْرِيبًا مُنْقَطِعًا لَا يخرج إِلَّا للصَّلَاة فِي مَسْجِد لَهُ أَو لضَرُورَة وَلَيْسَ عِنْده إِلَّا عِمَامَة وفوقانية وفروة وشملة قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي أَخْبرنِي جمَاعَة أَنه لما قدم نجم الدّين بن عَليّ إِلَى إسنا اجْتمع بِهِ وَتكلم مَعَه فِي الْفَرَائِض والجبر والمقابلة فَقَالَ لَهُ مَا ظَنَنْت أَن أحدا فِي كيان الصَّعِيد بِهَذِهِ المثابة وَكَانَ رحمه الله سليم الصَّدْر جدا قَالَ قَالَ لي صاحبنا عَلَاء الدّين عَليّ الأصفوش قلت لَهُ مرّة يَا سيدنَا أَبُو بكر الْمُؤَذّن طلق زَوجته قَالَ لَا حول وَلَا قوَّة إلَاّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم قلت لَهُ لَكِن صَارَت بكرا كَمَا كَانَت فَضَحِك وَقَالَ فتبول من أَيْن وَجمع دَرَاهِم ليحج بهَا أَقَامَ سِنِين بجمعها فسرقت فقصد الْوَالِي أَن يمسك إنْسَانا بِسَبَبِهِ فَلم يُوَافق قَالَ وَحكي لي عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول الْجِنّ فِي اللَّيْل يمسكون إصبعي وَيَقُولُونَ هَذَا إِصْبَع عَطاء الله وَتُوفِّي بإسنا سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة وَوَقع يَوْم مَوته مطر كثير فَأخْبرت أَنه قَالَ أَنا أَمُوت فِي هَذَا الْيَوْم فَإِن والدتي أَخْبَرتنِي أنني ولدت فِي يَوْم مطر

ص: 85

137 -

عَلان الْمصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن الصيقل الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بعلان كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث توفّي سنة سبع عشرَة وثلاثمائة

138 -

البوشنجي الصُّوفِي عَليّ بن أَحْمد بن سهل وَيُقَال عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحسن البوشنجي الزَّاهِد شيخ الصُّوفِيَّة كَانَ عَارِفًا بعلوم الْقَوْم قيل لَهُ مَا التَّوْحِيد قَالَ إِلَّا يكون مشبه الذَّات وَلَا منفي الصِّفَات وَسُئِلَ عَن الفتوة فَقَالَ عنْدك فِي آيَة {يحبونَ من هَاجر إِلَيْهِم وَلَا يَجدونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَفِي خبر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لأخي مَا يحب لنَفسِهِ فَمن اجْتمعَا فِيهِ فَلهُ الفتوة وَقَالَ النّظر فخ إِبْلِيس نَصبه للصوفية وَبكى قَالَ الْحَاكِم سمعته غير مرّة يُعَاتب فِي الْجُمُعَة وَيَقُول إِن كَانَت الْفَضِيلَة فِي الْجَمَاعَة فالسلامة فِي الْعُزْلَة توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة

139 -

ابْن الْمَرْزُبَان الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن الْمَرْزُبَان أَبُو الْحسن الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ إِمَامًا ورعا أَخذ الْفِقْه عَن ابْن الْقطَّان وَعنهُ أَخذ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الإسفرايني وَهُوَ صَاحب وَجه فِي الْمَذْهَب توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة كَانَ يَقُول مَا أعلم أَن لأحد عَليّ مظْلمَة وَقد كَانَ فَقِيها يعلم أَن الْغَيْبَة مظْلمَة

140 -

الْمُحْتَسب الْجِرْجَانِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْحسن الْجِرْجَانِيّ الْمُحْتَسب نزيل نيسابور أَخذ عَنهُ الْحَاكِم وَغَيره وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة ابْن الحمامي الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن حَفْص أَبُو الْحسن ابْن الحمامي الْبَغْدَادِيّ مقرئ الْعرَاق قَرَأَ على أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش وَغَيره قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا دينا تفرد بأسانيد الْقرَاءَات علوها فِي وقته وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة

ص: 86

142 -

النعيمي الْمُحدث الْبَصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن بن محمّد بن نعيم أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالنعيمي نزيل بَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ حَافِظًا عَارِفًا متكلما شَاعِرًا وَكَانَ ابْن البرقاني يَقُول هُوَ كَامِل فِي كل شَيْء لَوْلَا بِأَو فِيهِ مَاتَ وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ سنة ثَالِث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ يحدث من حفظه كَانَت مِنْهُ هفوة فِي شبيبته وَتَابَ وضع على ابْن المظفر حَدِيثا ثمَّ تنبه أَصْحَاب الحَدِيث لَهُ فَخرج من بَغْدَاد لهَذَا السَّبَب وَأقَام حَتَّى مَاتَ ابْن المظفر وَمن عرف قَضيته فِي الحَدِيث وَوَصفه وَمن شعره // (من المتقارب) //

(إِذا أظمأتك أكف اللثام

كفتك القناعة شبعا وريا)

(فَكُن رجلا رجله فِي الثرى

وَهَامة همته فِي الثريا)

143 -

أَبُو الْحسن الفاني عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن سلك بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وَبعدهَا كَاف أَبُو الْحسن الفالي وَقَالَهُ بِالْفَاءِ بليدَة قرب أيد أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ قَالَ الْخَطِيب كتب عَنهُ وَكَانَ ثِقَة وَله شعر وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //

(لما تبدلت الْمنَازل أوجها

غير الَّذين عهِدت من علمائها)

(ورأيتها محفوفة بسوى الألى

كَانُوا وُلَاة صدورها وفنائها)

(أنشدت بَيْتا سائرا مُتَقَدما

وَالْعين قد شَرقَتْ بجاري مَائِهَا)

(أما الْخيام فَإِنَّهَا كخيامهم

وَأرى نسَاء الْحَيّ غير نسائها)

و// (من الطَّوِيل) //

(رمى رَمَضَان شملنا بالتفرق

فيا ليته عَنَّا تقضى لنلتقي)

(لَئِن سر أهل الأَرْض طرا قدومه

فَإِن سروري بانسلاخ الَّذِي بَقِي)

وَقَالَ أرجوزة فِي عدد آي الْقُرْآن أَولهَا // (من الرجز) //

(قَالَ عَليّ مذ أَتَى من فاله

قصيدة وَاضِحَة المقاله)

ص: 87

وَمن شعره // (من السَّرِيع) //

(فرجت صبياني ببستانكم

فَأَكْثرُوا التصفيق والرقصا)

(فَقلت يَا صبيان لَا تفرحوا

فبسرهم فِي نَخْلهمْ محصى)

(لَو قدم اللَّيْث على نَخْلهمْ

لَكَانَ من سَاعَته يُحْصى)

(لَو أَن لي من نَخْلهمْ بسرة

جَعلتهَا فِي خَاتمِي فصا)

قَالَ التبريزي رَأَيْت نُسْخَة لكتاب الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد بَاعهَا أَبُو الْحسن الفالي بِخَمْسَة دَنَانِير من القَاضِي أبي بكر بن بديل التبريزي وَحملهَا إِلَى تبريز وَنسخت أَنا مِنْهَا نُسْخَة فَوجدت فِي بعض المجلدات رقْعَة بِخَط الفالي فِيهَا // (من الطَّوِيل) //

(أنست بهَا عشْرين حولا وبعتها

فقد طَال شوقي نَحْوهَا وحنيني)

(وَمَا كَانَ ظَنِّي أنني سأبيعها

وَلَو خلدتني فِي السجون ديوني)

(وَلَكِن لضعف وافتقار وصبيتي

صغَار عَلَيْهِم تستهل شئوني)

(فَقلت وَلم أَملكُم سوابق عِبْرَة

مقَالَة مشوي الْفُؤَاد حَزِين)

(وَقد تخرج الْحَاجَات يَا أم مَالك

كرائم من رب بِهن ضنين)

فَأريت القَاضِي أَبَا بكر الرقعة والأبيات فتوجع وَقَالَ لَو رَأَيْتهَا قبل هَذَا لرددتها عَلَيْهِ وَكَانَ القالي قد مَاتَ قَالَ ياقوت وَالْبَيْت الْأَخير من هَذِه الأبيات تضمين قَالَه أَعْرَابِي فِيمَا ذكره الزبير بن بكار عَن يُوسُف بن عَيَّاش قَالَ ابْتَاعَ حَمْزَة بن عبد الله بن الزبير جملا من أَعْرَابِي بِخَمْسِينَ دِينَار ثمَّ نقد ثمنه فَنظر الْأَعْرَاب إِلَى الْجمل وَقَالَ // (من الطَّوِيل) //

(وَقد تخرج الْحَاجَات يَا أم مَالك

كرائم من رب بِهن ضنين)

فَقَالَ حَمْزَة خُذ جملك وَالدَّنَانِير لَك فَانْصَرف بجمله وبالدنانير

144 -

التسترِي السَّقطِي عَليّ بن احْمَد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن بَحر التسترِي ثمَّ الْبَصْرِيّ السَّقطِي إِلَيْهِ كَانَت الرحلة فِي سَماع سنَن أبي دَاوُد رَوَاهَا عَن أبي عمر

ص: 88

الْهَاشِمِي وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة

145 -

الْيَعْمرِي الأندلسي عَليّ بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْحُسَيْن الْيَعْمرِي الأندلسي الشَّاعِر الأديب كَانَ فَقِيها شَاعِرًا كَاتبا وافر الْأَدَب توفّي سنة سبع وَخَمْسمِائة وَمن شعره

146 -

ابْن المستظهر عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله هَذَا الإِمَام المستظهر تقدم ذكر أَبِيه فِي الأحمدية فِي مَكَانَهُ كَانَ شهما فَاضلا أديبا كَانَ قد حَبسه أَخُوهُ المسترشد بِاللَّه على عَادَتهم فِي حبس أقاربهم ففر من حَبسه إِلَى وَاسِط ثمَّ انه اتَّصل بدبيس بن صَدَقَة صَاحب الْحلَّة فَلم تطل الْأَيَّام حَتَّى خَان عَهده وأخفر ذمَّته وَمكن أَخَاهُ من رقبته فَكتب إِلَى دبيس بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ // (من الطَّوِيل) //

(أأشمت أعدائي وأذهبت قوتي

وهضت جنَاحا أنبتته يَد الْفجْر)

(وَمَا أَنْت عِنْدِي بالملوم وَإِنَّمَا

لي الذَّنب هَذَا سوء حظي من الدَّهْر)

147 -

نظام الْملك السميرمي عَليّ بن أَحْمد أَبُو طَالب السميرمي نظام الْملك وَزِير السُّلْطَان مَحْمُود وسميرم بِفَتْح السِّين وَكسر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الرَّاء وَبعدهَا مِيم قَرْيَة من قرى أَصْبَهَان هُوَ الَّذِي عمل الطغرائي مؤيد الدّين الْحُسَيْن ابْن عَليّ وَقَتله وَكَانَ السميرمي مجاهرا بالظلم وَالْفِسْق أعَاد المكوس بِبَغْدَاد بعد أَربع عشرَة سنة وَقَالَ لَيْلَة قتل قد فرشت لي حَصِيرا إِلَى جَهَنَّم وَقد استحييت من كَثْرَة الظُّلم فَأصْبح قَتِيلا سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة يُقَال إِن بعض غلْمَان الظغرائي قَتله وَفِيه قَالَ أَبُو إِسْحَاق القري // (من الوافر) //

(كَمَال سميرمٍ للْملك نقصٌ

كَمَا سميت مهلكةً مفازه)

(لَئِن رفعت محلته اللَّيَالِي

فكم رفعت على كتف جَنَازَة)

148 -

اليزدي الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن

ص: 89

محمويه الإِمَام أَبُو الْحسن اليزدي الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْمُحدث نزيل بَغْدَاد كَانَ كثير الصَّوْم وَالْعِبَادَة صنف تصانيف فِي الْفِقْه وَأورد فِيهَا أَحَادِيث بِسَنَدِهِ كَانَ يَصُوم رَجَب فَلَمَّا كَانَت سنة مَوته قبل رَجَب بأيام قَالَ قد رجعت عَن وصيتي ادفنوني فِي الْحَال فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول يَا عَليّ صم رَجَب عندنَا وَكَانَ جثيثا صَاحب بلغم وَكَانَ يَقُول لَا تدفنوني بعد موتِي إِلَّا بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَإِنِّي أخْشَى أَن تكون لي سكتة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة لَيْلَة شهر رَجَب وَكَانَ سخيا بِمَا يملك متواضعا حدث بِكِتَاب السّنَن للنسائي بالدون وبأكثر مروياته سمع من الْحُسَيْن بن الْحسن بن مُحَمَّد بن جوانشير وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن بلول الصُّوفِي وغياب بن أبي مُضر الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ وَغَيرهم قَالَ أَبُو سعيد السَّمْعَانِيّ كَانَ لَهُ عِمَامَة وقميص بَينه وَبَين أَخِيه إِذا خرج ذَاك قعد هَذَا فِي الْبَيْت وَإِذا خرج هَذَا قعد ذَاك ودخلنا نسلم عَلَيْهِ يَوْمًا مَعَ عَليّ بن الْحُسَيْن الغزنوي الْوَاعِظ فوجدناه فِي دَاره عُريَانا مئتزرا بمئزر فَاعْتَذر من العري وَقَالَ نَحن إِذا غسلنا ثيابنا نَكُون كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ // (من الْكَامِل) //

(قوم إِذا غسلوا ثِيَاب جمَالهمْ

لبسوا الْبيُوت إِلَى فرَاغ الْغَاسِل)

149 -

ابْن لبال الشريشي عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن فتح بن لبال بِضَم اللَّام الأولى وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف لَام أُخْرَى الأمتى مننسل عب الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك القَاضِي أَبُو الْحسن الشريشي توفّي بهَا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //

(مَا كنت أَحسب قبل رُؤْيَة وَجهه

أَن البدور تَدور فِي الأغصان)

(غازلته حَتَّى بدا لي ثغره

فحسبته درا على مرجان)

(كم لَيْلَة عانقته فَكَأَنَّمَا

عانقت من غصنيه غُصْن البان)

ص: 90

(يطغى ويلعب وَتَحْت عقد سواعدي

كالمهر يلْعَب بَين ثني عنان)

وَمِنْه // (من المنسرح) //

(قَوس ظَهْري المشيب وَالْكبر

والدهر يَا عَمْرو كُله عبر)

(كأنني والعصا تدب معي

قَوس لَهَا وَهِي فِي يَدي وتر)

وَمِنْه أَيْضا // (من الْبَسِيط) //

(لما تقوس مني الْجِسْم من كبر

وابيض مَا كَانَ مسودا من الشّعْر)

(جعلت أَمْشِي كَأَنِّي نصف دَائِرَة

تمشي على الأَرْض أَو قَوس بِلَا وتر)

وَمِنْه فِي النَّار // (من مخلع الْبَسِيط) //

(فَحم ذكا فِي حشاه جمر

فَقلت مسك وجلنار)

(أَو خُذ من قد هويت لما

أطل من فَوْقه العذار)

قَالَ ابْن الْأَبَّار قصر عَن قَول مُحَمَّد بن صارة فِي هَذَا الْمَعْنى // (من الطَّوِيل) //

(وسافرة تنضو الدجى من قَمِيصه

وَقد ضربت من فجرها بعمود)

(إِذا مَا بدا كدنا لإفراط عجبنا

بهَا نتلقى وَجههَا بسجود)

(دفعنَا بهَا فِي صدر نكباء صَرْصَر

وَقد آذَنت أَرْوَاحنَا بخمود)

(يقابلنا من فحمها تَحت جمرها

خدود عذارى فِي براقع سود)

قلت مَا قصر وَالَّذِي قصر ابْن صارة فَإِن العذار فَوق الخد الْأَحْمَر أقرب للتشبيه من خدود العذارى تَحت البراقع لِأَن البراقع ساترة الخدود فالخد والعذار يبدوان مَعًا وَمَا أحسن من قَول الآخر // (من المنسرح) //

(فَحم كَيَوْم الْفِرَاق تشعله

نَار كَيَوْم الْفِرَاق فِي الكبد)

(أسود قد صَار تَحت جمرتيها

مثل الْعُيُون اكتحلن بالرمد)

وَقَول الآخر // (من الطَّوِيل) //

(وفحم كأيام الوصلا فعاله

ومنظره فِي الْعين ليل صدود)

(كَأَن لهيب النَّار بَين خلاله

بوارق لاحت فِي غمائم سود)

وَمن شعر ابْن لبال // (من المنسرح) //

(ألبسني حلَّة الضنى قمر

ألبسهُ الْحسن حلَّة الخفر)

ص: 91

(أرسل من صُدْغه لعارضه

ذؤابة تَحت طة الشّعْر)

(يفتر عَن فضَّة وَعَن برد

وَعَن أقاح ند وَعَن دُرَر)

قلت شعر جيد

7846 -

ابْن أبي قُرَّة الداني عَليّ بن أَحْمد بن أبي قُرَّة أَبُو الْحسن الْأَزْدِيّ الداني سكن مراكش وَتُوفِّي بهَا سنة ثَمَان وسِتمِائَة أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من قصيدة يهنئ بِفَتْح فنيول من ثغور بلنسية // (من الْكَامِل) //

(فصل الْقَضِيَّة أَن حزبك غَالب

عِنْد الكفاح وحزبهم مخذول)

(ذكرتهم مِنْهَا الْحساب فَلم يسل

مِنْهُم هُنَاكَ عَن الْخَلِيل خَلِيل)

مذها فِي ذكر الأذفونش // (من الْكَامِل) //

(ترك الفريسة وَهِي مِنْهُ بمخلب

إِن الصقور على البغاث تصول)

(كتبت يراع الصدعتين ضلوعة

سطرا يرى فِي سَيْفك التَّأْوِيل)

(فالثغر ثغر بالبشائر باسم

والين جفن بالسرور كحيل)

وَأورد لَهُ مَا قَالَه يرثي الْخَطِيب أَبَا الْقَاسِم بن خبيش // (من الْكَامِل) //

(يَا سرحة الْعلم الَّتِي لما ذوت

عُيُون دونهَا وعيون)

(مَا كنت إِلَّا الشَّمْس يَجْعَل قدرهَا

من لم تعاوده لَيَال حزون)

(إيه ثمال الطالبين وظلهم

كل المصائب مَا عداك تهون)

(يأيها الرّوح الْمُقَدّس لم تفظ

إِلَّا لتسعف فِيك حور عين)

(لله نَعشك يَوْم حمل انه

لجَمِيع أشتات الْعُلُوم ضمين)

(وَكَأَنَّهُ مُوسَى يُنَاجِي ربه

وثناؤه من بعده هَارُون)

(هذى المنابر باكيات بعده

فلهَا عَلَيْهِ زفرَة وأنين)

(ولطالما طربت بِهِ حَتَّى

ترى عيدانها قد عدن وَهن غصون)

(غَضْبَان فِي حق رَقِيق بالورى

كالسيف فِيهِ مَعَ المضاء اللين)

قلت شعر جيد

151 -

الإسلامي الْحَنَفِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ الْعَلامَة أَبُو الْحسن السجْزِي ثمَّ

ص: 92

الْبَلْخِي الْفَقِيه الْمَعْرُوف بالإسلامي الْحَنَفِيّ مقدم أَصْحَاب أبي حنيفَة روى الْكثير وَكَانَ زاهدا حسن السِّيرَة توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة

152 -

ابْن الباذش المغربي عَليّ بن أَحْمد بن خلف أَبُو الْحسن بن الباذش بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف ذال مُعْجمَة وشين مُعْجمَة الْأنْصَارِيّ الغرناطي النَّحْوِيّ كَانَ مقرئا حاذقا عَارِفًا بَالِغَة مُحدثا لَهُ معرفَة بالأسماء وَفِيه دين وَخير سمع النَّاس مِنْهُ كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة

153 -

ابْن حزم الظَّاهِرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم بن غَالب بن صَالح بن خلف بن معدان بن سُفْيَان بن يزِيد مولى يزِيد بن أبي سُفْيَان بن حَرْب الْأمَوِي الإِمَام الْحَافِظ الْعَلامَة أَبُو مُحَمَّد الْفَارِسِي الأَصْل الأندلسي الْقُرْطُبِيّ أَبوهُ وجده خلف أول من دخل الأندلس ولد أَبُو مُحَمَّد بقرطبة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنت سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَسمع من جمَاعَة أَوَّلهمْ ابْن الجسور كَانَ إِلَيْهِ المنتهيى فِي الْحِفْظ والذكاء وَكَثْرَة الْعلم وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب ثمَّ انْتقل إِلَى القَوْل نبغي الْقيَاس وَالْقَوْل بِالظَّاهِرِ وَكَانَ متفننا فِي عُلُوم جمة عَاملا بِعِلْمِهِ زاهدا بعد الرياسة الَّتِي كَانَت لِأَبِيهِ وَله من الوزارة وتدبير الْملك جمع من الْكتب شَيْئا كثيرا لَا سِيمَا من كتب الحَدِيث وَكَانَ لَهُ وفور حَظّ من البلاغة وَالشعر وَالسير وَالْأَخْبَار وَقد جمع الْحميدِي شعره على حُرُوف المعجم ووزر أَبوهُ للمنصور مُحَمَّد بن أبي عَامر مُدبر دولة الْمُؤَدِّي وللمظفرين الْمَنْصُور ووزر أَبُو مُحَمَّد هَذَا للمستظهر بِاللَّه عبد الرَّحْمَن بن هِشَام ثمَّ انه نبذ الوزارة وَأَقْبل للعلوم واشتغل أول أمره بالْمَنْطق وبرع فِيهِ وَكَانَ شَيْخه فِي الْمنطق مُحَمَّد بن الْحسن الْمذْحِجِي القرطبيس الْمَعْرُوف بَان الكتاني وَكَانَ شَاعِرًا طَبِيبا مَاتَ بعد الأربعمائة وَسَأَلَ بعض الْحَاضِرين يَوْمًا سؤالا فَأُجِيب فِيهِ فَاعْترضَ أَبُو مُحَمَّد فِيهِ فَقَالَ لَهُ لَيْسَ هَذَا الْعلم من منتحلاتك فَقَامَ وَدخل منزله وَاعْتَكف وَلم يكن إِلَّا بعد

ص: 93

أشهر قريبَة حَتَّى خرج وناظر أحسن مناظرة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام مَا رَأَيْت فِي كتب الْإِسْلَام مثل الْمحلى لِابْنِ حزم وَالْمُغني للشَّيْخ الْمُوفق وَقد بَالغ أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْحَط على الظَّاهِرِيَّة فِي كتاب العواصم والقواصم وَأكْثر فِيهِ من الْحَط على ابْن حزم وَذكر لَهُ يَوْمًا أجل المصنفات الْمُوَطَّأ فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ أولى الْكتب بالتعظيم الصحيحان وَكتاب سعيد بن السكن والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود والمنتقى لقاسم بن أصبغ ثمَّ بعد هَذِه الْكتب كتاب أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ ومصنف قَاسم بن أصبغ ومصنف الطَّحَاوِيّ ومسند الزار ومسند ابْن أبي شيبَة ومسند أَحْمد ومسند ابْن رَاهْوَيْةِ ومسند الطَّيَالِسِيّ ومسند أبي الْعَبَّاس النسوي ومسند ابْن سنجر ومسند عبد الله بن مُحَمَّد المسندي ومسند يَعْقُوب بن شيبَة ومسند ابْن الْمَدِينِيّ ومسند ابْن أبي عزْرَة وَمَا جرى مجْرى هَذِه الْكتب الَّتِي أفردت لكَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صرفا وللعطرة نصا ثمَّ بعد ذَلِك الْكتب الَّتِي فِيهَا كَلَامه عليه السلام وَكَلَام غَيره مثل مُصَنف عبد الرَّزَّاق ومصنف ابْن أبي شيبَة ومصنف بَقِي بن مخلد وَكتاب مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وكتابي ابْن الْمُنْذر الْأَكْبَر والأصغر ثمَّ مُصَنف حَمَّاد بن سَلمَة ومصنف سعيد بن مَنْصُور ومصنف وَكِيع ومصنف الْفرْيَابِيّ وموطأ ابْن أبي ذِئْب وموطأ ابْن وهب ومسائل أَحْمد بن حَنْبَل وَفقه أبي عبيد وَفقه أبي ثَوْر وَمن تصانيف أبي مُحَمَّد بن حزم كتاب الإيصال إِلَى فهم كتاب الْخِصَال الجامعة لجمل شرائع الْإِسْلَام فقي الْوَاجِب والحلال وَالْحرَام وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أورد فِيهِ قَول الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ فِي الْفِقْه وَالْحجّة لكل قَول وَهُوَ كَبِير والإحكام لأصول الْأَحْكَام فِي غَايَة التَّقَصِّي وَكتاب الْملَل والنحل وَكتاب إِظْهَار تَبْدِيل الْيَهُود وَالنَّصَارَى للتوراة وَالْإِنْجِيل وَبَيَان تنَاقض مَا بِأَيْدِيهِم مِمَّا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل هُوَ كتاب لم يسْبق إِلَيْهِ والتقريب لحد الْمنطق والمدخل إِلَيْهِ بالألفاظ العامية والأمثلة الْفِقْهِيَّة وَقَالَ الْغَزالِيّ قد وجدت كتابا فِي أَسمَاء الله تَعَالَى أَلفه أَبُو مُحَمَّد بن حزم الأندلسي يدل على عظم شَأْنه وسيلان ذهنه

ص: 94

وَكتاب الصادع فِي الرَّد على من قَالَ بالتقليد وَشرح أَحَادِيث الْمُوَطَّأ وَالْجَامِع فِي صَحِيح الحَدِيث بِاخْتِصَار الْأَسَانِيد وَالتَّلْخِيص والتخليص فِي الْمسَائِل النظرية ومنتقى الْإِجْمَاع وكشف الالتباس لما بَين أَصْحَاب الظَّاهِر وَأَصْحَاب الْقيَاس وَله كتاب ضخم فِي أَجزَاء ضخمة فِيمَا خَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَمَا انْفَرد بِهِ كل وَاحِد مِنْهُم وَله كتاب المجلى وَشَرحه الْمحلى وَلم يكمله وكمله تِلْمِيذه ابْن خَلِيل رَأَيْت هَذِه التكملة من ثَلَاث مجلدات بخطك ابْن خَلِيل عَن ابْن سيد النَّاس وَله كتاب نقط الْعَرُوس جمع فِيهِ كل غَرِيبَة وَهُوَ كثير الْفَائِدَة وَله حجَّة الْوَدَاع جودها وطولها وَله سيرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكتاب الْإِمَامَة والسياسة وَكتاب أَخْلَاق النَّفس نَاظر الْفَقِيه أَبَا الْوَلِيد سُلَيْمَان بن خلف بن سعيد بن أَيُّوب صَاحب كتاب الْمُنْتَقى وَلما انْقَضتْ بَينهمَا المناظرة قَالَ أَبُو الْوَلِيد اعذروني فَإِنِّي كَانَت أَكثر مطالعتي على سرج الحراس فَقَالَ ابْن حزم اعذروني فَإِنِّي أَكثر مطالعتي كَانَت على مَنَابِر الذَّهَب وَالْفِضَّة يَعْنِي أَن الْغَنِيّ أمنع للاشتغال من الْفقر وروى عَنهُ ابْن الْعَرَبِيّ انه قَالَ بلغت سِتَّة وَعشْرين سنة وَأَنا لَا أَدْرِي كَيفَ أجبر صَلَاة من الصَّلَوَات فَشَهِدت جَنَازَة لرجل كَبِير من إخْوَان أبي فَدخلت الْمَسْجِد قبل صَلَاة الْعَصْر والخلق فِيهِ فَجَلَست وَلم أركع فَقَالَ لي أستاذي الَّذِي رباني بِإِشَارَة أَن قُم صل تَحِيَّة الْمَسْجِد فَلم أفهم فَقَالَ لي بعض المجاورين أبلغت هَذِه السن وَلَا تعلم أَن تَحِيَّة الْمَسْجِد وَاجِبَة فَقُمْت وركعت فَلَمَّا عدنا من الْجِنَازَة وَدخلت الْمَسْجِد مُشَاركَة لأهل الْمَيِّت فبادرت بِالرُّكُوعِ فَقيل لي اجْلِسْ اجْلِسْ فَلَيْسَ فِي هَذَا وَقت صَلَاة فَانْصَرَفت وَقد خزيت ولحقني مَا هَانَتْ بِهِ نَفسِي عَليّ وَقلت للأستاذ دلَّنِي على دَار الشَّيْخ الْفَقِيه المشاور أبي عبد الله بن دحون فدلني فقصدته وأعلمته بِمَا جرى واسترشدته فِي قِرَاءَة الْعلم فدلني على كتاب الْمُوَطَّأ لمَالِك فَبَدَأت بِهِ عَلَيْهِ قِرَاءَة من الْيَوْم التَّالِي لذَلِك الْيَوْم ثمَّ تَتَابَعَت قراءتي عَلَيْهِ وعَلى غيرَة نَحْو ثَلَاثَة أَعْوَام وبدأت بالمناظرة وَقَالَ أَبُو رَافع الْفضل بن عَليّ بن أَحْمد بن حزم ولد الإِمَام الْمَذْكُور إِن مبلغ تواليف وَالِدي فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول والملل والنحل وَغير ذَلِك من التَّارِيخ وَالنّسب وَكتب الْأَدَب وَالرَّدّ على المعارضين نَحْو أَرْبَعمِائَة مُجَلد تشْتَمل على قريب من ثَمَانِينَ ألف ورقة وَهَذَا شَيْء لم يعْهَد إِلَّا لمُحَمد بن جرير الطَّبَرِيّ فَإِنَّهُ أَكثر أهل الْإِسْلَام تصنيفا فقد حسبت أَيَّام حَيَاته وتصانيف فجائت لكل يَوْم أَربع عشرَة ورقة

ص: 95

وَكَانَ شَدِيد الشناع بذئ اللِّسَان فِي حق مخالفه حَتَّى قَالَ ابْن العريف خلق الله سيف الْحجَّاج ولسان ابْن حزم شقيقين قَالَ أَبُو مَرْوَان بن حَيَّان فِي بعض وصف ابْن حزم وَله فِي تِلْكَ الْفُنُون كتب كَثِيرَة غير انه لم يخل فِيهَا من غلط وَسقط لجراءته على التسور على الْفُنُون وَلَا سِيمَا الْمنطق فَإِنَّهُم زَعَمُوا انه زَالَ هُنَالك وضل فِي سلوك تِلْكَ المسالك وَخَالف أرسطاطاليس وَاضِعَة مُخَالفَة من لم يفهم غَرَضه وَلَا ارتاض ثمَّ قَالَ وَلم يَك يلطف صدعه بِمَا عِنْده بتعريض وَلَا يرقه بتدريج بل يصك بِهِ معارضه صك الجندل وينشقه متلفعة إنشاق الْخَرْدَل فنفرت عَنهُ الْقُلُوب وَوَقعت بِهِ الندوب حَتَّى استهدف إِلَى فُقَهَاء وقته فتمالئوا على بغضه ورد أَقْوَاله فَأَجْمعُوا على تضليله وشنعوا عَلَيْهِ وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عَن الدنو إِلَيْهِ وَالْأَخْذ عَنهُ فأقصته الْمُلُوك عَن قربهم وبلادهم إِلَى أَن انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثَره بتربة بَلَده من بادية لبلة وَبهَا توفّي وَهُوَ فِي ذَلِك غير مرتدع وَلَا رَاجع إِلَى مَا أَرَادوا بِهِ يبث علمه فِيمَن ينتابه من بادية بَلَده من عَامَّة المقتبسين مِنْهُم من أصاغر الطّلبَة الَّذين لَا يَخْشونَ الْمَلَامَة يُحَدِّثهُمْ ويفقههم ويدارسهم وَلَا يدع المثابرة على الْعلم والمواظبة على التَّأْلِيف والإكثار من التصنيف حَتَّى كمل من مصنفاته فِي فنون من الْعلم وفر بعيد وَكَانَ قد أحرق بعض مصنفاته بإشبيلية ومزقت كَانَ مِمَّا يزِيد فِي شنآنه تشيعه لأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم بالمشرق والأندلس واعتقاده لصِحَّة إمامتهم وانحرافه عَن سواهُم من قُرَيْش حَتَّى نسب إِلَى النّصْف وَمن شعره يصف مَا أحرق ابْن عباد من كتبه // (من الطَّوِيل) //

(فَإِن تحرقوا القرطاس لَا تحرقوا الَّذِي

تضمنه القرطاس بل هُوَ فِي صَدْرِي)

(يسير معي حَيْثُ اسْتَقَلت ركائبي

وَينزل إِن أنزل ويدفن فِي قَبْرِي)

(دَعونِي من إحراق رق وكاغد

وَقُولُوا بِعلم كي يرى النَّاس من يدْرِي)

(وَإِلَّا فعودوا فِي الْمكَاتب بدأة

فكم دون مَا تبغون لله من ستر)

وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //

(أَنا الشَّمْس فِي جو السَّمَاء منيرة

وَلَكِن عيبي أَن مطلعي لغرب)

(وَلَو أنني من جَانب الشرق طالع

لجد على مَا ضَاعَ من ذكري)

(ولي نَحْو أكناف الْعرَاق صبَابَة

وَلَا عزو أَن يستوحش الكلف الصب)

(فَإِن ينزل الرَّحْمَن رحلي بَينهم

فَحِينَئِذٍ يَبْدُو التأسف وَالْكرب)

ص: 96

(فكم قَائِل أغفلته وَهُوَ حَاضر

وأطلب عَنهُ مَا يَجِيء بِهِ الْكتب)

(هُنَالك يذري أَن للبعد غُصَّة

وَأَن كساد الْعلم آفته الْقرب)

(فوا عجبا من غَابَ عَنْهُم تشوفوا

لَهُ ودنوا الْمَرْء من دَارهم ذَنْب)

(وَإِن مَكَانا ضَاقَ عني لضيق

وَإِن زَمَانا لم أنل خصبه جَدب)

(وَإِن رجَالًا صنعوني لصنيع

وَإِن زَمَانا لم أنل خصبه جَدب)

(وَلَكِن لي فِي يُوسُف خير أُسْوَة

وَلَيْسَ على من بِالنَّبِيِّ ائتسى ذَنْب)

(يَقُولُونَ مقَال الْحق والصدق

إِنَّنِي حفيظ عليم مَا على صَادِق عتب)

وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //

(كَأَنَّك بالزوار لي قد تبَادرُوا

وَقيل لَهُم أودى عَليّ بن أَحْمد)

(فيا رب محزون هُنَاكَ وضاحك

وَكم أدمع تذرى وخد مخدد)

(عَفا الله عني يَوْم أرحل طاعنا

عَن الْأَهْل مَحْمُولا إِلَى ضيق ملحد)

(فواراه حَتَّى إِن كَانَ زادي مقدما

وَيَا نصبي إِن كنت لم أتزود)

وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //

(لَا يشمتن حَاسِد إِن نكبة عرضت

فالدهر لَيْسَ على حَال بمترك)

(ذُو الْفضل كالتبر طورا تَحت ميفعة

وَتارَة قد يرى تاجا على مللك)

وَمِنْه // (من الوافر) //

(لَئِن أَصبَحت مرتحلا بشخصي

فروحي عنْدكُمْ أبدا مُقيم)

وَلَكِن للعيان لطيف معنى

لَهُ سَأَلَ المعاينة الكليم)

وَكَانَ هُوَ والحافظ أَبُو عمر بن عبد الْبر يتسايران فِي سكَّة الحطابين بإشبيلية فَاسْتَقْبَلَهُمَا غُلَام وضئ الْوَجْه فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد إِن هَذِه الصُّورَة حَسَنَة فَقَالَ أَبُو عمر لَعَلَّ مَا تَحت الثِّيَاب لَيْسَ هُنَاكَ فَأَنْشد ارتجالا // (من الطَّوِيل) //

(وَذي عذل فِيمَن سباني حسنه

يُطِيل ملامي فِي الْهوى وَيَقُول)

(أَفِي حسن وَجه لَاحَ لم تَرَ غَيره

وَلم ندر كَيفَ الْجِسْم أَنْت قَتِيل؟)

(فَقلت لَهُ أسرفت فِي اللوم عاذلي

وَعِنْدِي رد لَو أردْت طَوِيل)

ص: 97

(ألم تَرَ أَنِّي ظاهري وأنني

على مَا بدا حَتَّى يقوم دَلِيل)

وَمِنْه // (من الوافر) //

(يَقُول أخي شجاك رحيل جسم

وروحك مَا لَهُ عنأ رحيل)

(فَقلت لَهُ المعاين مطمئن

لذا طلب المعاينة الْخَلِيل)

وَمِنْه // (من الوافر) //

(أَقَمْنَا سَاعَة ثمَّ ارتحلنا

وَمَا يَعْنِي المشوق وقُوف سَاعَة)

(كَأَن الشمل لم يَك ذَا اجْتِمَاع

إِذا مَا شتت الْبَين اجتماعه)

وَقد أوردت فِي تَرْجَمَة الْحَافِظ فتح الدّين محمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سيد النَّاس مَا أنشدنيه بِسَنَدِهِ إِلَى الْحَافِظ أبي مُحَمَّد بن حزم وَهِي أَبْيَات أَولهَا // (من الرمل) //

(من عذيري من أنَاس جهلوا

ثمَّ ظنُّوا أَنهم أهل النّظر؟ !)

قَالَ الْحميدِي أنشدته قَول أبي نواس // (من الْخَفِيف) //

(عرضن للَّذي تحب بحب

ثمَّ دَعه يروضه إِبْلِيس)

فَقَالَ // (من الطَّوِيل) //

(أَيْن وَجه قَول الْحق فِي نفس سامع

ودعه فنور الْحق يسري ويشرق)

(سيؤنسه رفقا وينسى نفاره

عَمَّا نسى الْقَيْد الموثق مُطلق)

154 -

العقيقي الْعلوِي عَليّ بن أَحْمد العقيقي الْعلوِي ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي مصنِّفي الإمامية وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب الْمَدِينَة وَكتاب بِنَاء المسجدين وَكتاب النّسَب

155 -

ابْن أبي دُجَانَة الْكَاتِب عَليّ بن أَحْمد بن أبي دُجَانَة الْمصْرِيّ أَبُو الْحسن الْكَاتِب الْوراق جيد الْخط كثير الضَّبْط إِلَّا انه مَعَ ذَلِك لَا يَخْلُو خطه من السقط وَإِن قل هُوَ من أهل مصر وَأقَام بِبَغْدَاد وَبهَا كتب وَنسخ الْكثير وَكَانَ بهَا سنة أَربع ثَمَانِينَ وثلاثمائة

ص: 98

156 -

الدريدي عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن الدريدي كَانَ وراق ابْن دُرَيْد واليه صَارَت كتب ابْن دُرَيْد بعد مَوته ذكره الزبيدِيّ فَقَالَ أَصله من فَارس

157 -

المهلبي النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ المهلبي كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة وَرِوَايَة الْأَخْبَار وَتَفْسِير الْأَشْعَار أَخذ عَن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم النجيرمي وَأخذ عَنهُ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يَعْقُوب النجيرمي وَابْنه بهزاد وَخلق كثير وَتُوفِّي بِمصْر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَذكر عَليّ بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ فِي كتاب الرَّد إِلَى ابْن ولاد فِي الْمَقْصُور والممدود أَن أَبَا الْحسن بالمهلبي كَانَ لقيطا وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالمعز والعزيز صَاحِبي الديار المصرية وَمن جلسائها الْخَواص وَأدْركَ دولة كافور وَله مَعَ أبي الطّيب قصَّة حدث بهَا أَبُو جَعْفَر الْجِرْجَانِيّ قَالَ قَالَ أَبُو الْحسن المهلبي النَّحْوِيّ وَقع بيني وَبَين المتنبي فِي قَول العدواني // (من الْبَسِيط) //

(يَا عَمْرو إِلَّا تدع شتمي ومنقصتي

أضربك حَتَّى يَقُول الهامة اسقوني)

وَذَلِكَ أَن المتنبي قَالَ إِن النَّاس يخلطون فِي هَذَا الْبَيْت وَالصَّوَاب اشقوني من شقأت رَأسه بالمشط قَالَ المهلبي فَقلت لَهُ أَخْطَأت من وُجُوه أَحدهَا أَنه لم يرو كَذَلِك والأخر أَنه يُقَال شقأت بِالْهَمْزَةِ وَأَيْضًا فَإِنِّي أَظُنك لَا تعرف الْخَبَر فِيهِ وَمَا كَانَت الْعَرَب تَقوله فِي الهامة أَنَّهَا إِذا لم يثأر بصاحبها لَا تزَال تَقول اسقوني اسقوني فَإِذا ثأروا بِهِ سكن كَأَنَّهُ شرب ذَلِك الدَّم قلت شقأت رَأسه بالمشط شقئا هُوَ بِالسِّين الْمُعْجَمَة والمشقأ المفرق من الرَّأْس والمشقأ بِالْكَسْرِ الْمشْط فعلى هَذَا لَو كَانَ الْأَمر كَمَا زَعمه المتنبي لقَالَ أشقئوني بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ رباعي فَهَذَا وَجه آخر من غلطه كَانَ يَنْبَغِي للمهلبي أَن يعده على المتنبي وَقَالَ ابْن وَكِيع قَالَ شَيخنَا المهلبي رَأَيْت أَبَا الطّيب المتنبي يُنكر أَن يؤنث الْمُذكر الْمُضَاف إِلَى الْمُؤَنَّث فَأَنْشَدته قَول الْأَعْشَى // (من الطَّوِيل) //

(وتشرق بالْقَوْل الَّذِي قد أذعته

كَمَا شَرقَتْ صدر الْقَنَاة من الدَّم)

فَقَالَ لَهُ هَذَا من إنشادات سِيبَوَيْهٍ مستهزئا فَقلت لَهُ وَمن إنشادات أهل الْكُوفَة

ص: 99

أَيْضا وَهُوَ مَذْكُور فِي كتبهمْ يستشهدون بِهِ فِي كتاب الْمُذكر والمؤنث لِابْنِ السّكيت قَالَ فأحضرنا الْكتاب وَكَانَ يخط بعض الْعلمَاء فَلَمَّا رأى الْبَيْت فِيهِ قَالَ مَا هَذَا بِخَط جيد أَنا أكتب خيرا مِنْهُ فَقلت لَهُ هَذَا غير مَا كُنَّا فِيهِ

158 -

ابْن سَيّده اللّغَوِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سَيّده أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ الأندلسي المري الضَّرِير وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا ضريرا قَالَ ياقوت هَكَذَا قَالَ الْحميدِي عَليّ بن أَحْمد وَفِي كتاب ابْن بشكوال عَليّ بن إِسْمَاعِيل وَفِي كتاب القَاضِي صاعد الجياني عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد فِي نُسْخَة وَفِي نُسْخَة عَليّ بن إِسْمَاعِيل كَمَا قَالَ ابْن بشكوال فاعتدنا على مَا ذكره الْحميدِي لِأَن كِتَابه أشهر توفّي ابْن سَيّده بالأندلس سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة عَن سِتِّينَ سنة أَو نَحْوهَا وَكَانَ مَعَ توفره على الْعَرَبيَّة متوفرا على عُلُوم الْحِكْمَة وَألف فِيهَا تواليف كَثِيرَة قلت من وقف على خطْبَة الْمُحكم علم أَنه كَانَ من أَرْبَاب الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَلَيْسَت بِخطْبَة كتاب فِي اللُّغَة إِنَّمَا تصلح خطْبَة لكتاب الشِّفَاء لِابْنِ سينا وروى ابْن سَيّده عَن أَبِيه وَعَن صاعد بن الْحسن الْبَغْدَادِيّ قَالَ أَبُو عمر الطلمنكي دخلت مرسيه فتشبث بِي أَهلهَا ليسمعوا عَليّ غَرِيب المُصَنّف فَقلت لَهُم انظرونا من يقْرَأ وَأَنا أمسك كتابي فأتوني بِرَجُل أعمى يعرف بِابْن سَيّده فقرأه عَليّ من أَوله إِلَى أَخّرهُ حفظا من قلبه فعجبت مِنْهُ وَقَالَ الْحميدِي كَانَ ابْن سَيّده مُنْقَطِعًا إِلَى الْأَمِير أبي الْحَبَش مجاهدين عبد الله العامري ثمَّ حدث لَهُ نبوة بعد وَفَاته فِي أَيَّام إقبال الدولة ابْن الْمُوفق فهرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ يستعطفه // (من الطَّوِيل) //

(أَلا هَل إِلَى تَقْبِيل راحتك الْيُمْنَى

سَبِيل فَإِن الْأَمْن فِي ذَاك واليمنا)

(ضحيت فَهَل فِي برد ظلك نومَة

لذِي كبد حرى وَذي مقلة وسنى)

(وبضنو هموم طلحته ظباته

فَلَا غاربا أبقين مِنْهُ ولامتنا)

وَهِي طَوِيلَة فَوَقع لَهُ الرِّضَا عَنهُ عِنْد وصولها إِلَيْهِ فَرجع وَكَانَ ابْن سَيّده ثِقَة فِي اللُّغَة قَوْله حجَّة لكنه عثر فِي الْمُحكم عثرات قَالَ فِي الْجمار هِيَ الَّتِي ترمى بِعَرَفَة وَكَذَلِكَ يهم فِي النّسَب وَمن تصانيفه كتاب الْمُحكم

ص: 100

وَالْمُحِيط الْأَعْظَم فِي اللُّغَة وَكتاب الْمُخَصّص مُرَتّب على الْأَبْوَاب كغريب المُصَنّف وَكتاب شرح إصْلَاح الْمنطق وَكتاب الأنيق فِي شرح الحماسة كَبِير إِلَى الْغَايَة كتاب الْعَالم فِي اللُّغَة عل الْأَجْنَاس فِي غَايَة الِاسْتِيعَاب نَحْو مائَة مُجَلد بَدَأَ فِيهِ بالفلك وَختم بالذرة وَكتاب الْعَالم والمتعلم على الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب وَكتاب الوافي فِي علم أَحْكَام القوافي وَكتاب شَاذ اللُّغَة فِي خمس مجلدات وَكتاب وَشرح كتاب الْأَخْفَش وَتُوفِّي بدانية سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة كَانَ يَوْم الْجُمُعَة صَحِيحا سويا إِلَى صَلَاة الْمغرب فَدخل الموضأ وَأخرج مِنْهُ وَقد سقط لِسَانه وَانْقطع كَلَامه وَبَقِي على تِلْكَ الْحَالة إِلَى عصر يَوْم الْأَحَد وَتُوفِّي إِلَى رَحْمَة الله

159 -

الواحدي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الواحدي أَبُو الْحسن أصلهم من ساوة وَكَانَ هُوَ وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن من أَوْلَاد التُّجَّار وكل قد روى الْعلم وَحدث وَتُوفِّي أَبُو الْحسن سنة ثَمَان وسنتين وَأَرْبَعمِائَة وَمَات أَخُوهُ عبد الرَّحْمَن سنة سبع وَثَمَانِينَ كِلَاهُمَا بنيسابور وَكَانَ أَبُو الْحسن إِمَامًا مُفَسرًا نحويا أنْفق أَيَّام صباه فِي التَّحْصِيل وأتقن الْأُصُول على الْأَئِمَّة وَطَاف على أَعْلَام الْأمة وَقَرَأَ على أبي الْفضل الْعَرُوضِي الأديب وَقَرَأَ النَّحْو على أبي الْحسن الضَّرِير القهندزي وسافر فِي طلب الْفَوَائِد ولازم مجَالِس الثعالبي وَحصل من عِنْده التَّفْسِير وَأخذ الْقرَاءَات على الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد البستي وعَلى الْأُسْتَاذ أبي عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الْحِيرِي وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْفَارِسِي وَقد ذكر فِي مُقَدّمَة تَفْسِيره كتاب الْبَسِيط أشياخه وَمَا قَرَأَهُ عَلَيْهِم وَمن تصانيفه كتاب الْبَسِيط وَكتاب الْوَسِيط وَكتاب الْوَجِيز كل ذَلِك فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَقد قيل للغزالي لما صنف كتبه الْمَعْرُوفَة مَا عملت شَيْئا أخذت الْفِقْه من نِهَايَة الْمطلب لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأَسْمَاء الْكتب من الواحدي وَكَانَ الْغَزالِيّ يَقُول من أَرَادَ أَن يسمع التَّفْسِير كَأَنَّهُ من فَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَيهِ بتفسير الواحدي وَله كتاب أَسبَاب النُّزُول وَكتاب الدَّعْوَات والمحصول وَكتاب الْمَغَازِي وَكتاب الإغراب فِي الْإِعْرَاب وَشرح ديوَان المتنبي وعد النَّاس ذَلِك من سَعَادَة

ص: 101

المتنبي وَكتاب نفي التحريف عَن الْقُرْآن الشريف وَكتاب تَفْسِير النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَفِيه قَالَ الشَّاعِر // (من السَّرِيع) //

(قد جمع الْعَالم فِي وَاحِد

عالمنا الْمَعْرُوف بالواحدي)

وَكَانَ الواحدي عديم النظير وَلكنه كَانَ يبسط لِسَانه فِي الْعلمَاء بِمَا لَا يَلِيق وَمن شعر الواحدي // (من الطَّوِيل) //

(تشوخت الدُّنْيَا وأبدت عوراها

وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بالرحب والسعه)

(وأظلم فِي عَيْني ضِيَاء نَهَارهَا

لتوديع من قد بَان عني بأربعه)

(فُؤَادِي وعيني والمسرة والكرى

فَإِن عَاد الْكل والأنس والدعه)

وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //

(لعمري لقد أَحْيَا قدومك مدنفا

بحبك صبا فِي هَوَاك معذبا)

(يظل أَسِير الوجد رهن صبَابَة

ويمسي على جمر الغضا متقلبا)

(وَكم زفرَة قد هجتها لَو زفرتها

على سد ذِي القرنين أَمْسَى مذويا)

(وَكم لوعة قاسيت يَوْم تَرَكتنِي

ألاحظ مِنْك الْبَدْر حِين تغيبا)

(وَعَاد النَّهَار الطلق اسود مظلما

وَعَاد سنا الإصباح بعْدك عيهبا)

(وَأصْبح حسن الصَّبْر عني ظَاعِنًا

وجدد نحوي الْبَين نابا ومخلبا)

(فأقسم لَو أَبْصرت طرفِي باكيا

لشاهدت دمعا بالدماء مخضبا)

(مسالك لَهو سدها الوجد والجوى

وَروض سرُور عَاد بعْدك مجدبا)

(فداؤك روحي يَا بن أكْرم وَالِد

وَيَا من فُؤَادِي غير حبيه قد أَبى)

160 -

الفنجكردي عَليّ بن أَحْمد الفنجكردي بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون النُّون وَكسر الْجِيم وَالْكَاف وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا دَال مُهْملَة وَهِي قَرْيَة من قرى نيسابور كَانَ أديبا فَاضلا ذكره الميداني فِي خطْبَة كتاب السَّامِي وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الوشاح فَقَالَ الإِمَام عَليّ بن أَحْمد الفنجكردي الملقب بشيخ الأفاضل أعجوبة زَمَانه وَآيَة أقرانه وَشَيخ الصِّنَاعَة والممتطي غوارب البراعة وَقَرَأَ الفنجكردي اللُّغَة على يَعْقُوب بن أَحْمد الأديب وَغَيره وأحكمها لحقته عِلّة

ص: 102

أزمنته فِي آخر عمره وَمَات بنيسابور فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة وَقيل سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة عَن ثَمَانِينَ سنة وَمن شعره // (من مخلع الْبَسِيط) //

(زَمَاننَا ذَا زمَان سوء

لَا خير فِيهِ وَلَا صلاحا)

(هَل يبصر المبلسون فِيهِ

لِليْل أحزانهم صباحا)

(فكلهم مِنْهُ فِي عناء

طُوبَى لمن مَاتَ فاستراحا)

وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //

(الحكم لله مَا للْعَبد مُنْقَلب

إِلَّا إِلَيْهِ وَلَا عَن حكمه هرب)

(والمرء مَا عَاشَ فِي الدُّنْيَا أَخُو محن

تصبه الحادثات السود والنوب)

(فَإِن يساعده فِي أَثْنَائِهَا فرج

تسارعت وَنَحْوه فِي إثره كرب)

(حَتَّى إِذا مل من ديناه فاجأه

من أرضه كَانَ أَو فِي غَيرهَا العطب)

قلت شعر متوسط

161 -

أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الْمُقْرِئ عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الغزال النسيابوري أَبُو الْحسن ذكره عبد الغافر من السِّيَاق فَقَالَ مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَوَصفه فَقَالَ الإِمَام الْمُقْرِئ الزَّاهِد العابد من وُجُوه أَئِمَّة الْقِرَاءَة الْمَشْهُورين بخراسان وَالْعراق الْعَارِف بِوُجُوه القاراءات وَاخْتِلَاف الرِّوَايَات الإِمَام فِي النَّحْو وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْعِلَل واليه الْفَتْوَى فِيهِ عهدناه شَابًّا كثير الِاجْتِهَاد مُقبلا على التَّحْصِيل ملازما لأستاذه أبي النَّصْر الترامشي الْمُقْرِئ حَتَّى تخرج بِهِ فَزَاد عَلَيْهِ فِي الْفِقْه والورع وَقصر الْيَد عَن الدُّنْيَا وَلزِمَ طَرِيق الْعِبَادَة وَطَرِيق التصوف والزهد حَتَّى كَانَ يقْصد من الْبِلَاد وَيُسْتَفَاد مِنْهُ وقلما كَانَ يخرج من بَيته إِلَّا فِي الْجَنَائِز ثمَّ اخْتَلَّ بَصَره فِي آخر عمره وأصابه مرض طَوِيل فَبَقيَ فِيهِ مُدَّة وَمَات وَكَانَ عديم النظير وَله مصنفات مفيدة فِي النَّحْو والقراءات سمع الحفصي وَأحمد بن مَنْصُور بن خلف المغربي

162 -

خَازِن النظامية الْكَاتِب عَليّ بن أَحْمد بن بكري وَقيل ابْن عمر بن

ص: 103

أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن بكري أَبُو الْحسن خَازِن دَار الْكتب بالنظامية كَانَت لَهُ معرفَة جَيِّدَة بالأدب قَرَأَ النَّحْو على أبي السعادات ابْن الشجري وَعلي أبي مَنْصُور الجواليقي وَغَيرهمَا وَكَانَ فَاضلا حسن الْخط جيد الضَّبْط كتب من كتب الْأَدَب كثيرا يفوق الْحصْر توفّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة

163 -

ابْن الرزاز الْعمريّ الْمسند عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بيسان أَبُو الْقَاسِم ابْن الرزاز الْبَغْدَادِيّ مُسْند الدُّنْيَا فِي عصره روى عَنهُ خلق لَا يُحصونَ وَتُوفِّي سنة عشر وَخَمْسمِائة قيل إِنَّه من أَوْلَاد عمر بن الْخطاب أسمعهُ وَالِده فِي صباه من مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد وَالْحسن بن مخلد بن شَاذان وَعبد الْملك بن مُحَمَّد بن بِشران وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْخرقِيّ وَطَلْحَة بن عَليّ بن الصَّقْر بن عبد الْمُجيب وَالْقَاضِي أبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَالْحُسَيْن بن عَليّ الطناجيري وَأحمد بن مُحَمَّد المنكدري وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غيلَان وَالْحسن بن عَليّ بن الْمَذْهَب وَمُحَمّد بن عَليّ الصُّورِي وَانْفَرَدَ بالرواية عَن أَكْثَرهم وَعمر وَصَارَت الرحلة إِلَيْهِ وَكتب عَنهُ الْأَئِمَّة والحفاظ وروى عَنهُ الإِمَام المسترشد بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ وَابْن كُلَيْب وَهُوَ أخر من رُوِيَ عَنهُ على وَجه الأَرْض وَكَانَ من عَادَة أبي الْقَاسِم أَلا يسمع جُزْء الْحسن بن عَرَفَة إِلَّا بِدِينَار لكل وَاحِد من السامعين وَأما ابْن كُلَيْب فَكَانَ يسمعهُ بِدِينَار لوَاحِد أَو لجَماعَة ومولد أبي الْقَاسِم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَأول سَمَاعه سنة سبع عشرَة

164 -

ابْن الْعَطَّار الوَاسِطِيّ عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْعَطَّار شَاعِر سكن بَغْدَاد إِلَى أَن توفّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ من شعراء الدِّيوَان وَمن شعره // (من الْكَامِل) //

(أتراه بعد قطيعة يتعطف

قد يمِيل بِهِ قوام أهيف)

(أَنْت البرئ من الْإِسَاءَة

كلهَا يَا عاذلي وَأَنا الْمُحب المدنف)

ص: 104

(لَا تلحني فِي حبه فتيمي طبع

وصبري عَن هَوَاهُ تكلّف)

(كَيفَ اصْطِبَارِي عَنهُ وَالْقلب

الَّذِي هُوَ عدتي لسواه لَا يتألف)

(دفت مَعَاني الْعِشْق عَن

إفهامهم واستعذبوا فِيهِ الملام وأسرفوا)

قلت شعر جيد

165 -

القواس الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد بن أبي الْحُسَيْن بن ملاعب أَبُو الْحسن القواس الْبَغْدَادِيّ كَانَ يعْمل قسي البندق فِي دكان وَكَانَ ذكيا فهما لَهُ معرفَة بالنجوم وَعلم الْهَيْئَة وَعمل آلَات الْفلك وَكَانَ قد خالط الْفُضَلَاء وَالْعُلَمَاء وَحفظ كثيرا من الحكايات والأشعار وَسمع كتاب حل الْإِشْكَال فِي الرقوم والأشكال لصدقة بن الْحُسَيْن بن الْحداد الْحَنْبَلِيّ قَالَ ابْن النجار قَرَأنَا عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة

166 -

ابْن الرويدة الْمصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن ابْن الرويدة ابنو الرويدة جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد ابْن هَذَا عَليّ وَمِنْهُم جده مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد وَمِنْهُم الْعَاق عبد الله وَأَخُوهُ عَليّ وَمُحَمّد وَأَبُو الْحسن هَذَا ذكره أُسَامَة بن منقذ فِي شعراء الْمُحدثين فَقَالَ شَاعِر مجيد من شعره فِي القَاضِي وَأَبُو مُسلم وادع بن عبد الله بن سُلَيْمَان // (من مجزوء الْكَامِل) //

(قلبِي بكم بر فعقوا

فَلَمَّا أرق وَلم ترقوا؟ !)

(أحبابنا مذق سلوى

عَنْكُم وهواي حق)

(أَنا من تجنيكنم

أَسِير مَا لرقي مِنْهُ عتق)

(شَرق بغرب مدامعي

أَو يلتقي غرب وشرق)

(يأهل برقة ثهمد

ميعادكم فِي الْعين برق)

(مَا فِي عرق مَا

لأنياب النوائب فِيهِ عرق)

(وَذَا اعتمت بوادع

فلسائمي السوام سحق)

مِنْهَا // (من مجزوء الْكَامِل)

ص: 105

(من معشر شرفوا وَمَا

شرفوا بِمَا لَا يستحقوا)

(مَا يبتغى إِلَّا لديهم دون

أهل الأَرْض رزق} وَمن شعره // (من الوافر) //

(إِذا مَا رَغْبَة حضرتك فِيمَن

يُرِيك من الوداد كَمَا تريه)

(فَخذ بِالظَّاهِرِ المرئي مِنْهُ

فَمن كشفت عَنهُ زهدت فِيهِ)

قَالَ وَكتب إِلَى جدي شَدِيد الْملك وَقد وَفد عَلَيْهِ الْأَمِير المهند أَبُو نصر بن الخيش // (من الْخَفِيف) //

(يَا عَليّ منقذ يَا هماما

حِين يدعى الوغى يعد بِجَيْش)

(قد أَتَاك الخيشي فِي وسط آب

بقريض يُغْنِيك عَن بَيت خبش)

وَمن شعره فِي قَاض // (من الْبَسِيط) //

(يَا ابْن الزعيطات زَالَ الْحق وانتهزت

فِيهِ بحكمك أَيدي الْبَاطِل الفرصا)

(لَا توهم الْفَخر لما أَن وليت قضا

مَا أَنْت زِدْت وَلَكِن القضا نقصا)

قلت وَمن شعره فِيمَن أودعت عِنْده ودَاعَة فأنكرها وَادّعى ضياعها // (من الْكَامِل) //

(إِن قَالَ قد ضَاعَت فَصدق أَنَّهَا

ضَاعَت وَلَكِن مِنْك لما تودع)

(أَو قَالَ قد وَقعت فَصدق أَنَّهَا

وَقعت وَلَكِن مِنْهُ أحسن موقع)

وَرَأَيْت مشوبا لِابْنِ الرويدة أما هَذَا أَو أَبوهُ // (من الْبَسِيط) //

(إِن ابْن مسعر وَالْقَاضِي على عجب

والدهر يظْهر كلا من عجائبه)

(توافقا عَن رضَا لَا فرق بَينهمَا

كل بنيك بِعلم عرس صَاحبه)

وَرَأَيْت أَيْضا // (من الْكَامِل) //

(لبني الْمُنْذر من فروج يسائهم

نسب يقودهم إِلَى الْفَحْشَاء)

(تَحت الحضيض جباههم وقرونهم

مقرنة بكواكب الجوزاء)

(قوم رِجَالهمْ شناعة آدم

وَنِسَاؤُهُمْ عَار على حَوَّاء)

وَرَأَيْت لَهُ أَيْضا // (من الوافر) //

(أفاتك لَا سلمت من اللَّيَالِي

وَلَا من فتكها حَالا فحالا)

(تحيل المادحين على محَال

لأَنهم يَقُولُونَ المحالا)

ص: 106

167 -

قبْلَة الْأَدَب عَليّ بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَزَّاز أَبُو الْحسن ابْن أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بقبلة الْأَدَب سبط أبي الْعِزّ أَحْمد بن عبيد الله بن كادش الْبَغْدَادِيّ كَانَ أديبا فَاضلا شَاعِرًا سريع البديهة كثير الهجو سمع جده وَحدث عَنهُ باليسير توفّي سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //

(يَا زَمَانا خلا من النَّاس واستأصل

بِالْقَلْعِ شأفة الْأَحْرَار)

(لَيْتَني مت إِذْ حللت بواديك

فقد يمِيل فِي أذاك اصْطِبَارِي)

(حسبي الله لَا سواهُ فَمَا أَنا أبعد

خيرا يُرْجَى من الإشرار)

وَأنْشد يَوْمًا قَول أبي نواس // (من المديد) //

(رشأ لَوْلَا ملاحته

خلت الدُّنْيَا من الْفِتَن)

(مَا بدا إِلَّا استبرق لَهُ

حسنه عبدا بِلَا ثمن)

وَقيل لَهُ أجز فَقَالَ ارتجالا // (من المديد) //

(وجنتاه فِي احمرارهما

حكتا وردا على غُصْن)

(أَنا ميت فِي محبته

غير أَن الرّوح فِي بدني)

168 -

الْمُعظم ابْن الإِمَام النَّاصِر عَليّ بن أَحْمد هُوَ أَبُو الْحسن الْملك الْمُعظم ابْن الإِمَام النَّاصِر كَانَ أَصْغَر من أَخِيه الظَّاهِر بِسنتَيْنِ وَكَانَ شَابًّا سريا ظريفا لطيفا سَمحا جوادا كثير الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف يكْتب خطا مليحا أقطعه وَالِده الإقطاعات الْكَثِيرَة وَاشْترى لَهُ المماليك التّرْك وَأذن لَهُ فِي الرّكُوب بالخدم والحشم فامتدت الْعُيُون إِلَيْهِ وتعلقت الآمال بِهِ فَتوفي عَن مرض أَيَّام قَلَائِل ضحوة يَوْم الْجُمُعَة الْعشْرين من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَحضر أَرْبَاب الدولة وَالْعُلَمَاء بدار الْخلَافَة وصلوا عَلَيْهِ هُنَاكَ وَحمل إِلَى تربة جدته أم وَالِده فَدفن إِلَى جَانبهَا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَكَانَ قد أَتَى بِرَأْس منكلي مَمْلُوك أزبك السُّلْطَان الَّذِي عصى على أستاذه وعَلى الْخَلِيفَة وَقطع الطَّرِيق وَذهب وزينت بَغْدَاد فَلَمَّا مروا على درب حبيب وَافق تِلْكَ السَّاعَة موت عَليّ الْمَذْكُور فَانْقَلَبَ الْفَرح عزاء وَأمر الْخَلِيفَة بالنياحة فِي بَغْدَاد وفرش الرماد والبواري وغلقت

ص: 107

الْأَسْوَاق والحمامات وَسمع النَّاس بكاء الْخَلِيفَة وصراخه وأقامت الْمُلُوك عزاءه فِي الْبِلَاد ورثاه الشُّعَرَاء مِنْهُم كَمَال الدّين بن النبيه بقصيدته الدالية وَهِي // (من السَّرِيع) //

(النَّاس للْمَوْت كخيل الطراد

فَالسَّابِق السَّابِق مِنْهَا الْجواد)

(وَالله لَا يَدْعُو إِلَى دَاره

إِلَّا من استصلح من ذَا الْعباد)

(وَالْمَوْت نقاد على كَفه

جَوَاهِر يَأْخُذ مِنْهَا الْجِيَاد)

(والعمر كالظل وَلَا بُد أَن

يَزُول ذَاك الظل بعد امتداد)

(لَا تصلح الأواح إِلَّا إِذا

سرى إِلَى الْأَجْسَام هَذَا الْفساد)

(أرغمت يَا مولَايَ أنوف القنا

ودست أَعْنَاق السيوف الْحداد)

(كَيفَ تجر مت عليا وَمَا

أنجده كل طَوِيل النجاد)

(نجل أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي

من خَوفه يرعد قلب الجماد)

(مُصِيبَة أذكت قُلُوب الورى

كَأَنَّمَا فِي كل قلب زناد)

(ناذلة جلت فَمن أجلهَا

سنّ بَنو الْعَبَّاس لبس السوَاد)

(مأتمة فِي الأَرْض لَكِن لَهُ

عرس على السَّبع الطباق الشداد)

(فالخوذ فِي الْمسْح لَهَا رنة

والجود تجلى فِي المروط الْجِيَاد)

(طرقت يَا موت كَرِيمًا فَلم

تقنع بِغَيْر النَّفس للضيف زَاد)

(قصفته من سِدْرَة الْمُنْتَهى

غصنا فشلت يَد أهل الْفساد)

(يَا ثَالِث السبطين خلفتني

أهيم من همي فِي كل وَاد)

(يَا نَائِما فِي غَمَرَات الردى

كحلت أجفاني بحيل السهاد)

(وَيَا ضجيع التُّرَاب أقلقتني

كَأَنَّمَا فرشي شوك القتاد)

(دفنت فِي الترب وَلَو أنصفوا

مَا كنت إِلَّا فِي صميم الْفُؤَاد)

(لَو لم تكن أسخنت عَيْني سقت

مثواك عَيْنَايَ كصوب المهاد)

(خَليفَة الله اصطبر واحتسب

فَمَا وَهِي الْبَيْت وَأَنت الْعِمَاد)

(فِي الْعلم والحلم بكم يقْتَدى

إِذا دجا الْخطب وضل الرشاد)

ص: 108

(أَنْتُم سَمَاء طلعت زهرها

لَا ينْقض الآفل مِنْكُم عداد)

(وَأَنت لج الْبَحْر مَا ضره

إِن سَالَ من بعض نواجيه وَاد)

(حبك فرض فِي قُلُوب الورى

وَابْن الولا يعدل بِابْن الولاد)

(يَا نوح رث أعمارنا واحتكم

ملكك الله رِقَاب الْعباد)

وَقَالَ رَاجِح الحلى قصيدة أَولهَا // (من الْكَامِل) //

(كَذَا يهد الدَّهْر أَرْكَان الْهدى

وَيرد بالنكبات شاردة الردى)

وتوارد هُوَ وَأَبِيهِ على معنى وَاحِد فَقَالَ رَاجِح فِي هَذِه القصيدة // (من الْكَامِل) //

(ورث الخلايف علم يَوْم مصابه

فلأجله اتَّخذُوا الشعار الأسودا)

169 -

ابْن ظنير المغربي عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ الأندلسي الميورقي ابْن ظنير بِضَم الظَّاء الْمُعْجَمَة وَفتح النُّون الْمُشَدّدَة وياء آخر الْحُرُوف وَرَاء بعْدهَا سمع الإِمَام ابْن عبد الْبر وغانم بن وليد المَخْزُومِي وَعلي بن عبد الْغَنِيّ القيرواني الضَّرِير وَغَيرهم وَسمع بِدِمَشْق عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الكتاني وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن طلاب وَعلي بن الْحسن بن صصرى وَغَيرهم وَحج وَقدم بَغْدَاد وَسمع من شُيُوخ ذَلِك الْوَقْت وَتُوفِّي بكاظمة منصرفا من الْحَج سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ مقدما فِي النَّحْو وَمن شعره // (من الوافر) //

(وسائلة لتعلم كَيفَ حَالي

فَقلت لَهَا بِحَال لَا تسر)

(دفعت إِلَيّ زمَان لَيْسَ فِيهِ

إِذا فتشت عَن أهليه حر)

170 -

أَبُو الْحسن بن الدباس الْمُقْرِئ عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن الدباس أَبُو الْحسن الْمُقْرِئ الوَاسِطِيّ قَرَأَ بالروايات على عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن الزجاجي وَالْمبَارك بن أَحْمد بن زُرَيْق الْحداد وَغَيرهمَا وَدخل بَغْدَاد وَقَرَأَ على جمَاعَة والموصل وَقَرَأَ بهَا على

ص: 109

يحيى بن سعدون الْقُرْطُبِيّ وَسمع بواسط وَكَانَ عَالما بالقراءات وعللها قيمًا يحفظ أسانيدها وَيعرف النَّحْو جيدا وَكَانَ متواضعا متوددا حسن الْأَخْلَاق وَتُوفِّي سنة سبع وسِتمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //

(لهفي على عمري لقد أفنيته

فِي كل مَا أرْضى وأسخط مالكي)

(ويلي إِذا عنت الْوُجُوه لِرَبِّهَا

ودعيت مغلولا بِوَجْه حالك)

(ورقيب أعمالي يُنَادي شامتا

يَا عبد سوء أَنْت أول هَالك)

(لم يبْق من بعد الغواية منزل

إِلَّا الْجَحِيم وَسُوء صُحْبَة مَالك)

171 -

قَاضِي الْقُضَاة الدَّامغَانِي عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْملك أَبُو الْحسن ابْن القَاضِي أبي الْحُسَيْن ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغَانِي ولي الْقَضَاء بِربع الكرخ بعد وَالِده سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة فِي نصف جُمَادَى الأولى وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الزَّيْنَبِي يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فولى أَبُو الْحسن هَذَا مَكَانَهُ وَكَانَ عمره يَوْمئِذٍ ثَلَاثِينَ سنة وَلم يزل على قَضَاء الْقُضَاة إِلَى أَن توفّي المقتفي وَولى المستنجد فأقره ثمَّ عَزله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَت مُدَّة ولَايَته إِحْدَى عشرَة سنة وَسِتَّة اشهر فَلَزِمَ دَاره منعكفا على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ يَقُول أَنا على ولايتي مَا عزلت وكل قُضَاة بَغْدَاد نوابي لِأَن القَاضِي إِذا لم يظْهر فسقه لَا يجوز عَزله فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة ولَايَة المستنجد وَقطعَة من ولَايَة المستضيء فَأَعَادَهُ إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بِولَايَة جَدِيدَة فِي شهر ربيع الأول سنة سبعين وَخَمْسمِائة فَبَقيَ إِلَى أَن توفّي المستضيء وَولي الإِمَام النَّاصِر فأقره إِلَى ولَايَته إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ شَيخا مهيبا وقورا جَلِيلًا فَاضلا عَالما صائنا كَامِل الْعقل عفيفا نزيها مَحْمُود السِّيرَة حسن الْمعرفَة بالقضايا وَالْأَحْكَام وَحدث باليسير

172 -

ابْن هَبَل الطَّبِيب عَليّ بن أَحْمد بن هُبل البيع بِفَتْح الْهَاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة

ص: 110

وَبعدهَا لَام أَبُو الْحسن مهذب الدّين الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب على الشريف ابْن الشجري وَسمع من أبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن مَالك العاقولي وَقَرَأَ الطِّبّ وبرع فِيهِ وَخرج عَن بَغْدَاد وَدخل الرّوم وَصَارَ طَبِيب السُّلْطَان هُنَاكَ وَكثر مَاله وارتفع مِقْدَاره ثمَّ انه سكن خلاط ثمَّ الْموصل إِلَى أَن توفّي سنة عشر وسِتمِائَة وَكَانَ قد بعث من خلاط إِلَى الْموصل بوديعة مائَة وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار لما كَانَ عِنْده شَاة أرمن وأضر فِي آخر عمره وزمن وَكَانَ النَّاس يأتونه إِلَى منزله وقرؤون عَلَيْهِ وَله مصنفات مِنْهَا كتاب الْمُخْتَار فِي الطِّبّ وَهُوَ جليل يتمل على علم وَعمل وَكتاب الطِّبّ الجمالي صنفه لجمال الدّين مُحَمَّد ابْن الْوَزير الْمَعْرُوف بالجواد وَأورد لَهُ ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخه // (من الْبَسِيط) //

(لقد سبقني غَدَاة الْخيف غانية

قد حاذت الْحسن فِي دلّ بهَا وصبا)

(قَامَت تميس كخوط البان غازله

مَعَ الأصائل ريحًا شمأل وصبا)

(يكَاد من دقه خصر تدل بِهِ

يشكو إِلَى ردفها من ثقله وصبا)

(لَو لم يكن أقحوان الثغر مبسمها

مَا هام قلبِي بحبها هوى وصبا)

173 -

ابْن دواس القنا الْعَنْبَري عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حيدرة بن الْقَاسِم بن الْحَارِث بن عبد الله بن عبد الله الْمَعْرُوف ببنه ابْن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب أَبُو الْحسن قَالَ محمب الدّين ابْن النجار هَكَذَا ذكر نسبه بِخَط يَده وَكَانَ يعرف بالعنبري وبابن دواس القنا وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد الَّذِي تقدم ذكره فِي المحمدين من أهل وَاسِط كَانَ شَاعِرًا منجما يعْمل التقاويم وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //

(إِنِّي أعالج أَقْوَامًا إِذا اختبروا

كَانُوا ثِيَاب جمال تحتهَا صور)

(مقدمين فَلَا أصل وَلَا حسب

وَلَا نسيم وَلَا ظلّ وَلَا شجر)

(هم الصُّدُور وَلَكِن لَا قُلُوب لَهُم

يَا لَيْت مذ نظرُوا مَا كَانَ لي نظر)

(من كل صدر مَتى لاقاه مادحه

كَانَت مواهبه التقطيب والضجر)

ص: 111

وَمِنْه // (من المنسرح) //

(يَا دَاعِي الْمجد راعني كرما

وَلَا تدع من رَعيته حملا)

(جد باقتراحي فقد ألفت فَعم

حبا وَأنْكرت من زَمَانك لَا)

174 -

ابْن أخي نصر الحنبي عَليّ بن أَحْمد بن الْفرج بن إِبْرَاهِيم الزاز أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن أخي نصر من أهل عكبرا كَانَ شيخ الْعلم يعكبرا فِي الحَدِيث وَالْفِقْه والفرائض وَكتب الْكثير وَكَانَت مفتيا مدرسا حجَّة ثِقَة سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَعلي بن الْحسن بن شهَاب توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //

(أعجب لمحتكر الدُّنْيَا وبانيها

وَعَن قَلِيل على كره يخليها)

(دَار عواقب مفروحاتها حزن

إِذا أعارت أساءت فِي تقاضيها)

(وكل حَيّ قمام الْمَوْت يُدْرِكهُ

فَفِيمَ تخدعنا آمالنا فِيهَا)

(يَا من يسر بأيام تسير بِهِ

إِلَى الفناء وَأَيَّام يَقْضِيهَا)

(قف فِي منَازِل أهل الْعِزّ مُعْتَبرا

وَانْظُر إِلَى أَي شَيْء صَار أهلوها)

(صَارُوا إِلَى حدث قفر محاسنهم

على الثرى ودوى الدُّود يعلوها)

قلت شعر نَازل

175 -

الْمُرَتّب الدهان الْعَاميّ عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الدهان الْبَغْدَادِيّ كَانَ يرتب الصُّفُوف بِجَامِع الْمَنْصُور وَكَانَت لَهُ معرفَة بأحوال الْقُضَاة وَالشُّهُود والخطباء وَجمع جُزْءا فِي وفيات الشُّيُوخ وَكَانَ أُمِّيا يملي على النَّاس ويكتبون لَهُ وروى عَنهُ النَّاس توفّي سنة ثَمَان عشرَة وَخَمْسمِائة

176 -

الْعلوِي الزيدي الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُسلم بن عبيد

ص: 112

الله بن الْحسن يَنْتَهِي إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَبُو الْحسن الْعلوِي الزيدي الشَّافِعِي كَانَ أحد الْأَعْيَان الْمشَار إِلَيْهِم بالزهد وَالْعِبَادَة وَالْفضل وَالْفِقْه والنزاهة وَحسن الطَّرِيقَة أحبه الْخَاص وَالْعَام وَوَقع لَهُ الْقبُول فِي الْقُلُوب وقصده الْأَعْيَان والأماثل للتبرك بِهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَسمع وَكتب بِخَطِّهِ واستكتب وَنقل الْأُصُول الْكَثِيرَة وَالْمَسَانِيد والأجزاء فَصَارَ لَهُ من ذَلِك شَيْء كثير وأوقف ذَلِك جَمِيعه على مَسْجده الَّذِي بدار دِينَار الصَّغِيرَة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة بِبَغْدَاد

177 -

أَبُو الطّيب الشعيري عَليّ بن أَحْمد بن مسلمة الشعيري أَبُو الطّيب الشَّاعِر قَالَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن مسلمة الشعيري استحسنت عِنْد أبي الطّيب عَليّ بن أَحْمد بن مسلمة قَول امْرِئ الْقَيْس // (من الطَّوِيل) //

(ألم تَرَ أَنِّي كلما جِئْت طَارِقًا

وجدت بهَا طيبا وَإِن لم تطيب)

فَقَالَ لي قد تجوزت بِهَذَا الْمَعْنى إِلَى مَا هُوَ أحسن مِنْهُ قلت مَا هُوَ قَالَ قولي // (من الْخَفِيف) //

(إِن تأملتها تلألأت نورا

أَو تنسمتها تضوعت طيبا)

178 -

الفخري الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن الفخري ذكره الْحميدِي فِي تَارِيخ الأندلس من جمعه وَقَالَ شَاعِر أديب قدم الأندلس من بَغْدَاد وَأورد لَهُ // (من الْبَسِيط) //

(ألموت أولى بِذِي الْآدَاب من أدب

يَبْغِي بِهِ مكسبا من غير ذِي أدب)

(مَا قيل لي شَاعِر إِلَّا امتعضت لَهَا

حسب امتعاضي إِذا نوديت باللقب)

(وَمَا دها الشّعْر عِنْدِي سخف منزله

بل سخف دهر بِأَهْل الْفضل مُنْقَلب)

(صناعَة هان عِنْد النَّاس صَاحبهَا

وَكَانَ فِي حَال مرجو ومرتقب)

(إِذا جهلت مَكَان الشّعْر من شرف

فَأَي مأثرة أبقيت للْعَرَب؟)

179 -

الْوَادي آشي عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن مَرْوَان بن عمر أَبُو الْحسن

ص: 113

الأندلسي الْوَادي آشي كَانَ صَاحب فنون وتصانيف توفّي سنة تسع وسِتمِائَة وَمن تصانيفه الْوَسِيلَة فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَكتاب الترصيع فِي تأصيل مسَائِل التَّفْرِيع وَكتاب اقتباس السراج فِي شرح مُسلم وَكتاب نهج المسالك فِي شرح موطأ مَالك فِي عشر مجلدات

180 -

ابْن نوبخت الشَّاعِر عَليّ بن أَحْمد بن نوبخت الشَّاعِر كَانَ شَاعِرًا قَلِيل الْحَظ من الدُّنْيَا لم يزل رَقِيق الْحَال ضَعِيف الْمَوْجُود توفّي بِمصْر سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وكفنه ولي الدولة ابْن خيران وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //

(سعى إِلَيْك بِي الواشي فَلم ترني

أَهلا لتكذيب مَا ألقِي من الْخَبَر)

(وَلَو سعى بك عِنْدِي فِي ألذكرى طيف

الخيال لبعت النّوم بالسهر)

قلت أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة العلامةُ شهَاب الدّين مَحْمُود مَا يصلح أَن يكون قبل هذَيْن وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //

(يَا ملزمي بذنوب مَا أحطت بهَا

علما وَلَا خطرت يَوْمًا على فكري)

(صدقت فِي أباطيل الظنون وَكم

كذبت فِيك يَقِين السّمع وَالْبَصَر)

قَالَ ابْن خلكان وَيقرب من قَول ابْن نوبخت قَول أبي عبد الله الْحُسَيْن ابْن التَّمِيمِي الشَّاعِر الْمَشْهُور صَاحب الرسَالَة الْمَشْهُورَة من جملَة أَبْيَات وَهُوَ قَوْله // (من الْكَامِل) //

(أنبت أَنَّك قد أتتك قوارض

عَنى ثنتك عَن الضَّمِير الْوَاجِد)

(عملت رقى الواشين فِيك وَإِنَّهَا

عِنْدِي لتضرب فِي حَدِيد بَارِد)

وَالْأَصْل فِي هَذَا كُله قَول عبد الله بن الدمينة الْخَثْعَمِي الشَّاعِر الْمَشْهُور الْمَعْرُوف بنائحة الْعَرَب من جملَة قصديته البائية الْمَشْهُورَة // (من الطَّوِيل) //

(وكوني عَن الواشين لداء شغبة

كَمَا أَنا للواشي أَلد شغوب)

ص: 114

181 -

ابْن عرام عَليّ بن أَحْمد بن عرام بن أَحْمد أَبُو الْحسن الربعِي الأسواني لَهُ تصانيف كَثِيرَة فِي كل فن سمع من ابْن بَرَكَات الصغيدي بِمصْر سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وَذكره الْعِمَاد فِي الخريدة وَقَالَ شيخ من أهل الْأَدَب بأسوان سَأَلت عَنهُ بِمصْر فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَقيل لي إِنَّه حَيّ وَأورد لَهُ // (من الْخَفِيف) //

(كم لَيَال نعمت فِيهَا بخود

فاقت الْبَدْر فِي السنا والسناء)

(ذَات جيد كالرئم حلاه عقد

حل فِيهِ بِحل عقد عزائي)

(وتر شفت من رضاب برود

فاق طعم السلافة الصَّهْبَاء)

(وتنزهت فِي رياض حسان

غانيات عَن صوب مَاء السَّمَاء)

(بَين ورد ونرجس وأقاح

ففؤادي مقسم الْأَهْوَاء)

وَأورد لَهُ // (من الطَّوِيل) //

(أغرك من قلبِي انعطاف ورقة

عَلَيْك وَأَن تجني فَلَا أتجنب)

(فَلَا تأمني حلمي على كل هفوة

وَلَا تحسبي أَن لَيْسَ لي عَنْك مَذْهَب)

(فَكيف وَعِنْدِي فضلَة من جلادة

تعلم أصلاد الصَّفَا كَيفَ تصلب؟)

وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //

(ألوجد للدنف الْمَعْنى فاضح

وَدَلِيله باد عَلَيْهِ وَاضح)

(كَيفَ السَّبِيل لَهُ إِلَى كِتْمَانه

والدمع والسقم المبرح بائح؟ !)

(إِن يمس قلبِي وَهُوَ صب نازح

فَلِأَن من يهواه عَنهُ نازح)

(فجوارحي وجدا عَلَيْهِ جريحة

وجوانحي شوقا إِلَيْهِ جوانح)

وَأورد لَهُ فِي الهجو // (من مجزوء الْكَامِل) //

(شَاعِرنَا ذُو لحية

قد عرضت وانفسحت)

(لحية تَيْس صلحت

لفقحة قد سلحت)

182 -

ابْن الصفار السُّوسِي عَليّ بن أَحْمد بن الصفار السُّوسِي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر متسع القافية سَالم الطَّبْع عَالم باللغة لَا تَنْقَطِع مادته لَقِي الْمُوفق مُجَاهِد بن عبد الله كرتين

ص: 115

إِحْدَاهمَا بنية الْغَزْو فامتدحه وَأقَام عِنْده مُدَّة فِي جرايته وضيافته ثمَّ أجزل صلته وخلى سبيسله وَكَانَ دُخُوله عَلَيْهِ بقصيدة بائية طَوِيلَة جدا أذكر مِنْهَا مَا يخف ذكره وَقَوله مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //

(بَكت وَشَكتْ واسترجعت وتوجعت

فظلت لَهَا مسترجعا متباكيا)

(وَقَالَت أما ينهاك أَن تذكر النَّوَى

نهى قد نهت عَنْك الصِّبَا والتصابيا)

(وَهَذَا أَوَان الْحلم فاسمع وَكن لَهُ

مُطيعًا وَكن للغى وَالْجهل قاليا)

(أَلَسْت ترى عارا عَلَيْك بِأَن ترى

لمن لَا ترى حبا كحبك عَاصِيا)

(وَمن لصغار من عتال تَركتهم

كزغب القطا يَبْغُونَ طعما وساقيا)

(وَلنْ يَجدوا للعيش بعْدك لَذَّة

وَلنْ يشْربُوا من بعْدك المَاء صافيا)

(فَقلت لَهَا [إِن] الَّذِي لَيْسَ غيرَة

إِلَه كفاهم حَافِظًا ومراعيا)

(وحسبي بِهِ مستخلفا ومصاحبا

أَمَامِي مَحْفُوظ بِهِ وورائيا)

(وَقربت للترحال دهماء تعتلي

ترى أدهم الْمرْآة أَخْضَر طاميا)

(يخال من استعلاه إِن ظلّ رَاكِبًا

من الهول مسودا من اللَّيْل داجيا)

(إِذا ضَربته الرّيح هاج تغيظا

وماج بِمَا يَعْلُو الْجبَال الرواسيا)

(فَلم أر من زنجية قطّ طَاعَة

كطاعتها فِيمَا يسر المواليا)

(وَلَا مثلهَا مركوبة قاد ركبهَا

سرَاعًا بِمَا يَعْنِي القلاص النواجيا)

(وتنشر أَحْيَانًا جنَاحا يطيرها

قوادم مِنْهُ تستخف الخوافيا)

(وتطويه أَحْيَانًا إِذا لم تكن لَهَا

من الرّيح مَا يرضاه من كَانَ مَاضِيا)

(وتمشي بأيد مطلقات تحثها

رجال بأيد يعْملُونَ النواليا)

(وَرجلَيْنِ لَا تخطوا كَمَا يختطى بهَا

إِذا سَار أُخْرَى الدَّهْر من كَانَ خاطيا)

وَمِنْهَا فِي المديح // (من الطَّوِيل) //

(فيا أيهذا الْحَاجِب المبتني علا

وَهل يبتني إِلَّا الْكِرَام المعاليا)

(إِلَيْك رحلناها نَظَائِر فِي الدجى

نَظَائِر أشباه القطا متباريا)

(وَتَعْلُو الضُّحَى أثباج أَخْضَر مُزْبِد

مهيب وَإِن أضحى لرائية ساجيا)

(ترَاهُ فتخشاه وتحسب حوله

غظامط يَحْكِي من أنَاس تلاحيا)

ص: 116

(زِيَارَة ود من مجد محافظ

ترى الود من سقم الضمائر شافيا)

(وتطلب فِي ذَاك الْقبُول وتبتغي

جزاه بِهِ من خَالص الود واقيا)

(وَأَنت بِحَمْد الله فذ زَمَانه

وأوحد عصر مَا أرى لَك ثَانِيًا)

وَمِنْهَا فِي ذكر الشّعْر // (من الطَّوِيل) //

(وَقد عرفت للنظم قدما مزية

بهَا يبتني أهل الْكَلَام القوافيا)

(وَمَا الدّرّ منشورا وَإِن جلّ قدره

كَمَا زَان جيدا نظمه وتراقيا)

(وَمَا غادة هيفاء حسناء عاطل

كأخرى غَدَتْ حسناء خجلاء حاليا)

(وَقد كنت أدعى نابه الذّكر شَاعِرًا

فقد صرت أدعى عالي الْقدر غازيا)

(وحسبي بِهَذَا بعد ذَاك فَعنده

محَاسِن تمحو حسنهنَّ المساويا)

وَلما أنْشدهُ هَذِه القصيدة وَقعت مِنْهُ موقعا لطيفا وَأمر لَهُ بِمِائَتي دِينَار وَخَمْسَة من الرَّقِيق وَاعْتذر إِلَيْهِ

183 -

الْوَزير الجرجائي عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم الجرجائي كَانَ يتَوَلَّى بعض الدَّوَاوِين بِمصْر فظهرت عَلَيْهِ خِيَانَة فَقطع الْحَاكِم صَاحب الْقَاهِرَة يَدَيْهِ ثمَّ ولى بعد ذَلِك ديوَان النَّفَقَات سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة وَذَلِكَ بعد أَن تنقل فِي الأرياف والصعيد وَلما تولى الظَّاهِر ابْن الحكم استوزره وَكَانَ يعلم عَنهُ القَاضِي أَبُو عبد الله القُضاعي صَاحب كتاب الشهَاب وَقيل انه لما قطعت يَدَاهُ أصبح من بكرَة وَجَاء إِلَى الْمُبَاشرَة وَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ قابلني على جنايتي وَلم يعزلني فَبلغ ذَلِك الْحَاكِم فأعجبه ذَلِك واسمتر بِهِ فِي وظيفته وَسَيَأْتِي ذكر هَذَا الْوَزير أَيْضا فِي تَرْجَمَة الظَّاهِر عَليّ بن مَنْصُور خَليفَة مصر وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة

184 -

ابْن الماعز الطَّبِيب المغربي عَليّ بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الماعز الطَّبِيب الشَّاعِر المغربي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ حُلْو الْكَلَام قَلِيل الشّعْر قريب الْمَقَاصِد مَشْهُورا بِعلم الطِّبّ متصدرا للعلاج وَكَانَ يحب غُلَاما وَيتبع أَحْوَاله فَعرف بِهِ فَشرب عِنْد صديق لَهُ ووقف بِالْبَابِ قلقا فَسَأَلَ بعض أهل الدَّار فِي إِيصَال رقْعَة إِلَيْهِ

ص: 117

فِيهَا // (من مجزوء الْخَفِيف) //

(أَنْتُمَا فِي لذاذة

وَعلي معذب)

(والهوى فِيك طالبي

دلَّنِي أَيْن أهرب)

وَكَانَ أَبُو عَليّ القيني مُولَعا بِهِ يضايقه وَيسْتَعْمل عَلَيْهِ الحكايات فَيجْرِي بَينهمَا كل عَجِيب جلسا مرّة عِنْد رَئِيس فَجرى ذكر اللحمان فَقَالَ عَليّ زعم الْأَطِبَّاء أطيب اللحمان اعتدالا لحم ابْن آدم ثمَّ لحم الْخِنْزِير ثمَّ لُحُوم الضَّأْن فَقَالَ ابْن القيني فَمَا تَقول فِي لحم الْمعز فَقَالَ لَا خير فِيهِ قَالَ حَسبك فَغَضب عَليّ لما فهم التَّعْرِيض وَقَالَ من سَاعَته // (من الطَّوِيل) //

(إِذا حضر القيني يَوْمًا بِمَجْلِس

ترفع مِنْهُ النحس فِي كل جَانب)

(ترَاهُ لسوعا وَهُوَ مذ كَانَ مُدبر

وَمَا ذَاك إِلَّا من طباع العقارب)

(نسبت إِلَى قين وَإِلَّا فقينة

فيا لَك من حر كريم الْمُنَاسب)

وَأصْبح يَوْمًا فِي مجْلِس وَكَانَ يَوْم قر فَدخل عَلَيْهِ شَاعِر مَشْهُور فَأَنْشد قصيدة فَلم يَتَحَرَّك لَهَا أحد وَلَا راقبة وَلَا بعض أهل الْمجْلس يملي أبياتا وَآخر يقْرَأ فِي كتاب تلاهيا عَنهُ وَعلي ابْن الماعز سَاكِت مفكر فَلَمَّا فرغ الرجل من إنشاده قَالَ عَليّ اسمعوا وَأنْشد // (من الطَّوِيل) //

(أتيت بِبرد والشتاء بِبرْدِهِ

فقد كَاد أهل الأَرْض أَن يهْلكُوا قرا)

(وكدت بِأَن أخرا ويخرا مجالسي

ويخرا الَّذِي يملي ويخرا الَّذِي يقرا)

فَقَالَ الْجَمَاعَة مَا أوجب هَذَا الإسهال فَقَالَ الْبرد وَالْقَبْض قَالَ ابْن رَشِيق وَخرج عَليّ إِلَى مصر سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة فَأَقَامَ بهَا يَسِيرا ثمَّ سَار يري الْحَج فَمَاتَ مُنْقَطِعًا بالحجاز

185 -

أقلب خف الهمذاني عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْحسن الهمذاني الْمَعْرُوف بأقلب خف قَالَ شيوريه صَدُوق توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلاثمائة البندار البسري عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم البسري الْبَغْدَادِيّ البندار وَالِد الْحسن حدث بالكثير وَكَانَ شَيخا صَالحا توفّي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة

ص: 118

سمع أَبَا الطَّاهِر المخلص وَأَبا أَحْمد الفرضي وَأَبا الْحسن بن الصَّلْت وَإِسْمَاعِيل بن الْحسن الصرصري وَأَبا عمر بن مهْدي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ نصر بن أَحْمد بن الْخَلِيل المرجى وَأَبُو عبد الله بن بطة وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن جَعْفَر وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْمَعَالِي بن اللحاس

186 -

الشَّيْخ القرمطي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد البرقعي الملقب بالشيخ القرمطي كَانَ أَمِيرهمْ سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أديبا شَاعِرًا وَمن شعره // (من الوافر) //

(أيا لله مَا فعلت برأسي

صروف الدَّهْر والحقب الخوالي)

(تركن بلمتي سطرا سوادا

وسطرا كالتغام من النزال)

(فَمَا جَاشَتْ لطول الْيَأْس نَفسِي

عَليّ وَلَا بَكت لذهاب مَالِي)

(وَلَكِنِّي لَدَى الكربات آوي

إِلَى قلب أَشد من الْجبَال)

(وأصبر للشدائد والرزايا

وَأعلم أَنَّهَا سجن الرِّجَال)

(فَإِن وَرَاءَهَا أمنا وحفظا

وعطفا للمديل على المدال)

(فيوما فِي السجون مَعَ الْأُسَارَى

وَيَوْما فِي الْقُصُور رخي بَال)

(وَيَوْما للسيوف تعاورتني

وَيَوْما للنقيق وللدلال)

(كَذَا عَيْش الْفَتى مَا دَامَ حَيا

دوائر لَا يدمن على مِثَال)

187 -

شيخ الْإِسْلَام الهكاري عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن جَعْفَر بن عَرَفَة الهكاري الملقب بشيخ الْإِسْلَام وَهُوَ من ولد عتبَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة كَانَ كثير الْخَيْر وَالْعِبَادَة طَاف الْبِلَاد وَاجْتمعَ بالعلماء والمشايخ وَأخذ عَنْهُم وَرجع إِلَى وَطنه وَانْقطع بِهِ وأقب النَّاس عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُم فِيهِ اعْتِقَاد وَلَقي أَبَا الْعَلَاء المعري وَسمع مِنْهُ فَلَمَّا انْفَصل عَنهُ سَأَلَهُ أَصْحَابه عَمَّا رَآهُ مِنْهُ وَعَن عقيدته فَقَالَ هُوَ رجل من

ص: 119

الْمُسلمين وَقيل لَهُ أَنْت شيخ الْإِسْلَام فَقَالَ بل أَنا شيخ فِي الْإِسْلَام وَخرج من أَوْلَاده وحفدته جمَاعَة فقدموا عِنْد الْمُلُوك وعلت مَرَاتِبهمْ وَتفرد الشَّيْخ وَانْقطع فِي الْجبَال وَبنى الريط والمواضع الَّتِي يأوي إِلَيْهَا الْفُقَرَاء وَولد سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتا وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة

188 -

سيف الدّين المشطوب الهكاري عَليّ بن أَحْمد بن صَاحب قلاع الهكارية أبي الهيجاء بن عبد الله بن الْمَرْزُبَان بن عبد الله الْأَمِير الْكَبِير مقدم الجيوش سيف الدّين الهكاري المشطوب ولي نِيَابَة عكا ثمَّ أقطعه السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْقُدس وأسره الفرنج وخلص قبل مَوته بسته أشهر وَدخل لما حضر على صَلَاح الدّين بغته واستفك نَفسه بِخَمْسِينَ ألف دِينَار وَقيل كَانَ أقطاعه يعْمل ثلثمِائة ألف دِينَار وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان نابلس فظلم أَهلهَا قَلِيلا فشكوه إِلَى السُّلْطَان فعتب عَلَيْهِ ثمَّ مَاتَ قَرِيبا سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة

189 -

ابْن خيرة البلنسي عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن ابْن خيرة البلنسي الْمُقْرِئ الْخَطِيب تولى الصَّلَاة أَرْبَعِينَ سنة لم يحفظ عَنهُ فِيهَا سَهْو إِلَّا فِي النَّادِر حضر السُّلْطَان جنَازَته وَنزل فِي قَبره أَبُو الرّبيع بن سَالم وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة

190 -

الحرالي عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام أَبُو الْحسن الأندلسي الحرالي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف لَام مُشَدّدَة وحرالة قَرْيَة من أَعمال مرسية ولد بمراكش وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي الْحسن بن خروف وَلَقي الْعلمَاء وجال فِي الْبِلَاد وشارك فِي فنون عديدة وَمَال إِلَى علم الْكَلَام وَأقَام بحماة مُدَّة وَله تَفْسِير عَجِيب فِيهِ أَشْيَاء غَرِيبَة الأسلوب وَكَانَ لَا يقدر أحد أَن يُؤْذِيه وَتكلم فِي علم الْحُرُوف وَزعم أَنه استخرج علم وَقت خُرُوج الدَّجَّال وَوقت طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ويأجوج وَمَأْجُوج وصنف فِي الْمنطق وَفِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَله عبارَة حلوة وفصاحة وَبَيَان وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة

ص: 120

191 -

تَاج الدّين ابْن الْقُسْطَلَانِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن مَيْمُون الإِمَام الْمُفْتِي تَاج الدّين ابْن الزَّاهِد أبي الْعَبَّاس الْقُسْطَلَانِيّ الْقَيْسِي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمعدل سمع بِمَكَّة من يحيى بن ياقوت وزاهر بن رستم وَيُونُس بن يحيى القاسمي وَابْن الْبناء وبمصر من المطهر بن أبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَعلي بن مشيخة دَار الحَدِيث الكاملية بعد الرشيد الْعَطَّار وَكَانَ من أَعْلَام الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين روى عَنهُ الدمياطي وَالْقَاضِي بدر الدّين بن جمَاعَة وَعلم الدّين الدواداري وَهُوَ أَخُو الشَّيْخ قطب الدّين الْمَشْهُور توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَله سبع وَسَبْعُونَ سنه وَأشهر

192 -

ولي الدّين الْجَزرِي الشَّافِعِي الزَّاهِد عَليّ بن أَحْمد بن بدر الشَّيْخ الْقدْوَة الزَّاهِد أَبُو الْحسن ابْن أبي الْقَاسِم الْجَزرِي الشَّافِعِي ولي الدّين تفقه بالموصل ثمَّ بحلب ودمشق ومصر ثمَّ أقبل على الْعِبَادَة والتبتل إِلَى الله وَبنى لَهُ معبدًا فِي جَامع بَيت لَهَا وَأقَام بِهِ دهرا على التجرد والتوكل والرياضة وَكَانَ صَادِقا فِي طَرِيقه مخلصا ربانيا مكاشفا لَهُ أَحْوَال وكرامات وَلِلنَّاسِ فِيهِ عقيدة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح قاسيون

193 -

الْمسند فَخر الدّين ابْن البُخَارِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الشَّيْخ الصَّالح الْوَرع المعمر الْعَالم مُسْند الْعَالم فَخر الدّين أَبُو الْحسن ابْن الْعَلامَة شمس الدّين أبي الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف وَالِده البُخَارِيّ ولد فِي آخر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسعين وسِتمِائَة واستجاز لَهُ عَمه الْحَافِظ الضياء أَبُو عبد الله أَبَا طَاهِر الخشوعي وَأَبا المكارم اللبان وَأَبا عبد الله الكراني وَأَبا جَعْفَر الصيدلاني وَأَبا الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَالْمبَارك ابْن المعطوش وَهبة الله بن الْحسن السبط وَأَبا سعد الصفار وَمُحَمّد بن الخصيب الْقرشِي وَمُحَمّد بن معمر الْقرشِي وَإِدْرِيس بن مُحَمَّد آل والويه وَأَبا الْفَخر سعد بن روح وزاهر بن أَحْمد الثَّقَفِيّ وأخاه أَبَا مَحْمُود أسعد رَاوِي مُسْند أبي يعلى عَن الْخلال وَبَقَاء بن جند والمفتي بن خلف بن أَحْمد الْفراء وَدَاوُد بن ماشاذة وَعبد الله بن عبد الحرمن البقلي وَعبد الله بن مُسلم بن

ص: 121

جوالق وَعبد الْوَهَّاب بن سكينَة وَأَبا زرْعَة عبيد الله وَابْن اللفتواني وَعبد الْوَاحِد بن أبي المطهر الصيدلاني وعفيفة الفارقانية أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَسمع حضورا فِي الْخَامِسَة من جمَاعَة وَسمع الْمسند ابْن حَنْبَل وَالسّنَن لِابْنِ دَاوُد وَالْجَامِع لِلتِّرْمِذِي والغيلانيات والجعديات والقطعيات وشيئا من ابْن طبرزد وَسمع من أَبِيه وَمُحَمّد بن كَامِل بن أَسد وهب بن الزنف وَعبد الْوَهَّاب بن المنجا وَتفرد بالرواية عَنْهُم وَالْخضر بن كَامِل الْمعبر وَعبد الله بن عمر بن عَليّ الْقرشِي والكندي وَابْن الحرستاني وَأبي الْفتُوح الْبكْرِيّ وَأبي الْقَاسِم أَحْمد بن عبد الله السّلمِيّ وَأبي عبد الله بن عبد الْخَالِق وَابْن الجلاجلي وَابْن الْبَنَّا وَأبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد بيسسن سيدهم وَأبي مُحَمَّد بن قدامَة وَهبة الله بن الْخضر بن طَاوس وَطَائِفَة بِدِمَشْق والجبل وَأبي عبيد الله بن أبي الرداد وَأبي بَرَكَات عبد الْقوي بن الْحباب ومرتضى بن حَاتِم بِمصْر وَأبي عَليّ الأوقي بالقدس وظافر بن حَكِيم وَغَيره بالثغر ويوسف بن خَلِيل وَعمر بن كرم وَعبد السَّلَام الزَّاهدِيّ بِبَغْدَاد وروى الحَدِيث سِتِّينَ سنة فَإِن عمر بن الْحَاجِب سمع مِنْهُ سنة عشْرين وسِتمِائَة وَسمع من الْمُنْذِرِيّ ورشيد الدّين القرش سنة نَيف وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَشرع الْحفاظ والمكثرون المحدثون فِي الْأَخْذ عَنهُ بعد الْخمسين وسِتمِائَة وَلم يكن إِذا ذَاك سهلا فَلَمَّا كبر وَأحب الرِّوَايَة وَسَهل للطلبة ازدحموا عَلَيْهِ وَقصد من الْآفَاق وَألْحق الأحفاد بالأجداد وَنزل النَّاس بِمَوْتِهِ دَرَجَة وَكَانَ فَقِيها إِمَامًا أديبا ذكيا ثِقَة صَالحا ورعا فِيهِ كرم ومروءة وعقل وَعَلِيهِ هَيْبَة قَرَأَ الْمقنع كُله على الشَّيْخ الْمُوفق وَأذن لَهُ فِي الرِّوَايَة وَكَانَ يُسَافر فِي التِّجَارَة بعض الْأَوْقَات وَبعد الثَّمَانِينَ لزم بَيته من الضعْف وعاش أَرْبعا وَتِسْعين سنة قَالَ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية ينشرح صَدْرِي إِذا أدخلت ابْن البُخَارِيّ بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن دَقِيق قَاضِي الْقُضَاة وَالْقَاضِي بدر الدّين بن جمَاعَة وَالْقَاضِي نجم الدّين بن صصرى وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَالْقَاضِي سعد الدّين مَسْعُود كل من هَؤُلَاءِ قَاضِي قُضَاة وروى عَنهُ الْمزي والبرزالي وَأَبُو حَفْص بن القواس وَأَبُو الْوَلِيد بن الْحَاج وَأَبُو

ص: 122

بكر بن الْقَاسِم التّونسِيّ الْمُقْرِئ وَأَبُو الْحسن بن عَليّ بن أَيُّوب الْمَقْدِسِي وَأَبُو الْحسن الختني وَأَبُو مُحَمَّد بن الْمُحب وَأَبُو مُحَمَّد الْحلَبِي وَابْن الْعَطَّار وَأَبُو عبد الله الْعَسْقَلَانِي وَأَبُو الْعَبَّاس الْبكْرِيّ الشريشي وَابْن تَيْمِية ورحل إِلَيْهِ فتح الدّين بن سيد النَّاس فَدخل مُسلما على قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين فَقَالَ قدمت للسماع من ابْن البُخَارِيّ فَقَالَ أول أمس دفناه وَلَا يدرى مَا قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ عَليّ الْموصِلِي والزي من الْكتب والأجزاء وَهُوَ آخر من كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا ثَمَانِيَة رجال ثِقَات وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَلم يرْزق السماع عَلَيْهِ وَمن شعره // (من الوافر) //

(تَكَرَّرت السنون عَليّ حَتَّى

بَكَيْت وصرت من سقط الْمَتَاع)

(وَقل النَّفْع عِنْدِي غير أَنِّي

أعلل للرواية وَالسَّمَاع)

194 -

نور الدولة بن العقيب عَليّ بن أَحْمد بن العقيب نور الدولة العامري البعلبكي النَّحْوِيّ أَخذ الْعَرَبيَّة عَن ابْن معقل الْحِمصِي وَله شعر وَكَانَ فِيهِ دين وَشرف نفس وَتُوفِّي ببعلبك سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَمن شعره

195 -

أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الدايم بن نعْمَة بن أَحْمد الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي قيم جَامع الْجَبَل كَانَ شَيخا عابدا ابتلى وَانْقطع وأصابه زمانة وَكَانَ لَا يبرح الْمُصحف بَين يَدَيْهِ وَيَتْلُو كل يَوْم ختمة وابتلى بالتتار وحموا لَهُ سيخا ووضعوه على فرجه وَمَات فِي الْعَذَاب شَهِيدا عَن ثَمَانِينَ أَو نَحْوهَا وَسمع من الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَابْن صباح وَابْن الزبيدِيّ وَابْن غَسَّان ومكرم الإربلي وَأبي مُوسَى الْحَافِظ وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَلزِمَ جَعْفَر الْهَمدَانِي وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة

196 -

الغرافي عَليّ بن أَحْمد بن عبد المحسن بن أَحْمد الإِمَام الْفَقِيه الْعَالم الْمُحدث الْمسند بَقِيَّة الْمَشَايِخ تَاج الدّين أَبُو الْحسن الْعلوِي الْحُسَيْن الغرافي بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَبعد الْألف فَاء الإسكندري الشَّافِعِي الْمعدل ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسَبْعمائة

ص: 123

سمع فِي الْخَامِسَة من ابْن عباد وَطَائِفَة وببغداد من أبيس الْحسن الْقطيعِي وَابْن بهروز وَابْن روزبة وَابْن القبيطي وَجَمَاعَة وَسمع الشَّيْخ شمس الدّين مِنْهُ جملَة أَجزَاء وانتقى عَلَيْهِ عوالي وَكَانَ لَهُ أنس بِالْحَدِيثِ وَمَعْرِفَة بقوانين الرِّوَايَة وَخرج لنَفسِهِ وَلغيره وَحمل عَنهُ المغاربة والرحالة وَحَدثُوا عَنهُ فِي حَيَاته وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ واليه مشيخة دَار الحَدِيث الَّتِي للنبيه ابْن الْأَبْزَارِيِّ وَكَانَ لَهُ ورد بِاللَّيْلِ وَهُوَ حسن الْكِتَابَة سريعها وَسمع من ظافر بن نجم والمترضى بن حَاتِم وَعلي بن جبارَة

197 -

كَمَال الدّين بن عبد الظَّاهِر عَليّ بن أَحْمد بن جَعْفَر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الظَّاهِر بن عبد الْوَلِيّ بن الْحسن بن عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن الميمون بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن أبي هَاشم بن دَاوُد بن الْقَاسِم بن إِسْحَاق بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب الشَّيْخ كَمَال الدّين الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي القوصي نزيل إخميم شيخ دهره وأوحد عصره جمع بَين الْعلم وَالْعِبَادَة وَظَهَرت كراماته سمع من الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن هبة الله بن سَلامَة وَمن شَيْخه مجد الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَأَجَازَهُ بالتدريس على مَذْهَب الشَّافِعِي وَصَحب الشَّيْخ عَليّ الْكرْدِي قدم عَلَيْهِم قوص فَاجْتمع عَلَيْهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَالشَّيْخ جلال الدّين أَحْمد الدشناوي وَالشَّيْخ كَمَال الدّين هَذَا وَعبد الْخَالِق ابْن الْفَقِيه نصر ولازموا الذّكر بِمَسْجِد الْخلال بقوص قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي القَاضِي نجم الدّين أَحْمد الْقَمُولِيّ أَن الشَّيْخ كَمَال الدّين رأى مرحاضا قد أخرج مَا فِيهِ وَوضع بِجَانِب الْمَسْجِد فَقَالَ فِي نَفسه لَا بُد أَن أحمل هَذَا فنازعته نَفسه فِي ذَلِك لِأَنَّهُ من بَيت رياسة وأصالة وسيادة عَدَالَة فَقَالَ لَا بُد من ذَلِك ثمَّ استدرجها إِلَى أَن حمله فِي النَّهَار وَمر بِهِ فِي حوانيت الشُّهُود حَتَّى تعجبوا مِنْهُ ونسبوه إِلَى خبل فِي الْعقل ثمَّ إِنَّه سَافر من قوص إِلَى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بالشيخ إِبْرَاهِيم الجعبري وَلَزِمَه وانتفع بِهِ ثمَّ استوطن إخميم وَبنى بهَا رِبَاطًا وَظَهَرت بركاته وانتشرت كراماته قَالَ حكى لي صاحبنا الْفَقِيه الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن أَحْمد الأصفوني رحمه الله وَكَانَ ثِقَة فِي نَقله قَالَ كنت بإدفو أخذت فِي الْعِبَادَة ولازمت الذّكر مُدَّة حَتَّى خطر لي

ص: 124

أَنِّي تأهلت قَالَ وَكَانَ أخي جلال الدّين غَائِبا عَنَّا مُدَّة وَانْقطع خَبره فَحَضَرَ شخص وَأَخْبرنِي أَنه قدم من أَلْوَاح وَنزل أسيوط فسافرت إِلَى أسيوط فَلم أَجِدهُ فصحبت شَابًّا نَصْرَانِيّا ورافقته فِي الطَّرِيق إِلَى سوهاي وَصَارَ ينشدني طول الطَّرِيق شعرًا وَكَانَ جميلا ففارقته من سوهاي وَوجدت ألما كَبِيرا مُفَارقَته فَدخلت إخميم وَعند وجد بذلك النَّصْرَانِي فَحَضَرت ميعاد الشَّيْخ كَمَال الدّين بن عبد الظَّاهِر فَتكلم فِي الميعاد على عَادَته وَنظر إِلَيّ وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ أنَاس يَعْتَقِدُونَ أَنهم من الْخَواص وَهُوَ من عوم الْعَوام قَالَ الله تَعَالَى {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} [النُّور 30] والنحاة يَقُولُونَ من للتَّبْعِيض وَمعنى التَّبْعِيض أَلا ترفع شَيْئا من بَصرك إِلَى الْمعاصِي ثمَّ قَالَ حكى لي فَقير قَالَ كنت فِي خدمَة شيخ فمررنا بدار وَإِذا بِامْرَأَة جميلَة ورأسها خَارِجَة من طاق تتطلع إِلَى الشَّارِع فَوق الشَّيْخ زَمَانا يتطلع إِلَيْهَا بتعجب من ذَلِك ثمَّ بعد سَاعَة صَاح الشَّيْخ صَيْحَة عَظِيمَة وَإِذا بِالْمَرْأَةِ نزلت وَقَالَت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله وَكَانَت الْمَرْأَة نَصْرَانِيَّة فَالْتَفت الشَّيْخ إِلَى الْفَقِير فَقَالَ نظرت إِلَى هَذَا الْجمال فَقَالَ أنقذني من هَذَا الْكفْر فتوجهت إِلَيْهِ فالشيخ مَا نظر إِلَى حسن الصُّورَة وَإِنَّمَا نظر إِلَى صُورَة الْحسن فِي حسن الصُّورَة فَمن أَرَادَ أَن ينظر إِلَى نَصْرَانِيّ فَلْينْظر كَذَا قَالَ عَلَاء الدّين فصرخت وَوَقعت قَالَ وَحكى لي صاحبنا مُحَمَّد بن العجمي وَهُوَ من أَصْحَاب أبي عبد الله الأسواني قَالَ عمل سَماع فِي دَار ابْن أَمِين الحكم وَحضر الشَّيْخ ورؤساء الْبَلَد وَخلق كثير وَكنت من جملَة الْحَاضِرين فَحَضَرَ القوال وَهُوَ مظفر بالشبابات والدفوف وَقَالُوا شَيْئا ثمَّ قَالَ // (من السَّرِيع) //

(من بعد مَا صد حَبِيبِي ومارجا

الْيَوْم وزار)

(أَبْصرت مَا كَانَ أبرك من نَهَار

جاني حَبِيبِي وَبَلغت المنى)

(وَزَالَ عَن قلبِي الشقا والعنا

وَدَار كأس الْأنس مَا بَيْننَا)

(مَا أحسن الكاس علينا تدار

فِي وسط دَار)

(أَنا ومحبوبي نَهَارا جهار)

فَقَامَ الشَّيْخ وَقَالَ أَي وَالله أَنا ومحبوبي نَهَارا جهارا إِي وَالله فطاب وخلع جَمِيع مَا عَلَيْهِ فَخلع الْجَمَاعَة مَا عَلَيْهِم وَلم يبْق كل أحد إِلَّا بلباسه ثمَّ أرْسلُوا وأحضروا ثيابًا وَقَالَ الشَّيْخ يَا مظفر قَالَ لبيْك قَالَ ثِيَابِي وَثيَاب الْجَمَاعَة الْجَمِيع لَك فشدوا

ص: 125

كارات فَقلت يَا مظفر لَوْلَا رَأس هَذَا المنشد مَعَك مَا قشطت ثِيَاب الْجَمَاعَة فبلغت الشَّيْخ فَضَحِك وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وَدفن برباط إخميم وقبره يزار ومولده سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بقوص وَمن شعره // (من الدوبيت) //

(يَا عين بِحَق من تجى نامي

[نامي] فهواه فِي فُؤَادِي نامي)

(وَالله مَا قلت ارقدي عَن ملل

إِلَّا لعَلي أرَاهُ فِي الأحلام)

قلت فيهمَا لحن خَفِي وامتدحه الشَّيْخ تَاج الدّين الدشناوي بِأَبْيَات مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //

(محبك هَذَا الْعَارِف الْعَارِف الَّذين

تبدى بِوَجْه بالضياء مكلل)

(حَلِيف التقى وَلَا شكر وَالذكر دَائِما

فَللَّه هَذَا الشاكر الذاكر الْوَلِيّ)

(عَزَائِمه الْعليا تضاهي مقَامه

ومقداره والسر أَن اسْمه عَليّ)

(أَلا إِن لله الْكَمَال جَمِيعه

وَمَا لسواه مِنْهُ حَبَّة خَرْدَل)

198 -

الْآمِدِيّ العابر عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن الْخضر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة زين الدّين أَبُو الْحسن الْآمِدِيّ الْحَنْبَلِيّ العابر كَانَ شَيخا مليحا مهيبا صَالحا ثِقَة صَدُوقًا كَبِير الْقدر وَالسّن آيَة عَظِيمَة فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا مَعَ مزايا أخر عَجِيبَة أضرّ فِي أَوَائِل عمره وَله حكايات غَرِيبَة مِنْهَا أَن بعض أَصْحَابه أهْدى إِلَيْهِ نصفيه حَسَنَة فسرقت فَرَأى فِي نَومه شَيْخه الإِمَام مجد الدّين عبد الصَّمد بن أَحْمد بن أبي الْجَيْش الْمُقْرِئ شيخ الْقُرَّاء بِبَغْدَاد وَهُوَ يَقُول لَهُ النصفية أَخذهَا فلَان وأودعها عِنْد فلَان اذْهَبْ وخذها مِنْهُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ فِي نَفسه الشَّيْخ مجد الدّين كَانَ صَدُوقًا فِي حَيَاته وَكَذَلِكَ هُوَ بعد وَفَاته فَذهب إِلَى الرجل الَّذِي ذكره فدق عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ أَعْطِنِي النصفية الَّتِي أودعها فلَان عنْدك فَقَالَ نعم فَدخل وأخرجها لَهُ فَأَخذهَا وَذهب وَلم يقل لَهُ شَيْئا وَجَاء السَّارِق بعد ذَلِك إِلَى الْمُودع يطْلب النصفية فَقَالَ لَهُ جَاءَ الشَّيْخ زين الدّين الْآمِدِيّ وطلبها على لسَانك فأعطيته إِيَّاهَا فبهت السَّارِق وَبَقِي حائرا وَلم يعنفه الشَّيْخ وَلَا وَأَخذه

ص: 126

وَمِنْهَا أَنه قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن شخصا أَطْعمنِي دجَاجَة مطبوخة فَأكلت مِنْهَا ثمَّ استيقظت وبقيتها فِي يَدي وَهَذَا شَيْء عَجِيب وَهَذِه الوقائع مَشْهُورَة عَنهُ وَلما دخل السُّلْطَان غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكوين جنكرخان بَغْدَاد سنة بضع وَتِسْعين وسِتمِائَة علم الشَّيْخ زين الدّين الْمَذْكُور فَقَالَ إِذا جِئْت غَدا الْمدرسَة المستنصرية أجتمع بِهِ فَلَمَّا أَتَى غازان المستنصرية احتفل النَّاس لَهُ وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ أَعْيَان بَغْدَاد وأكبرها من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والعظماء وَفِيهِمْ الشَّيْخ زين الدّين الْآمِدِيّ لتلقي غازان فَأمر غازان أكَابِر أمرائه أَن يدخلُوا الْمدرسَة قبله وَاحِد بعد وَاحِد وَيسلم كل مِنْهُم على زين الدّين ويهمه الَّذِي مَعَه أَنه هُوَ السُّلْطَان امتحانا لَهُ فَجعل النَّاس كلهم كلما قدم أَمِير يزهزهون لَهُ ويعظمونه ويأتون بِهِ إِلَى زين الدّين ليسلم عَلَيْهِ وَالشَّيْخ زين الدّين يرد عليه السلام من غير تحرّك وَلَا احتفال حَتَّى جَاءَ السُّلْطَان فِي دون من تقدمه من الْأُمَرَاء فِي الحفل وَسلم على زين الدّين وَصَافحهُ فحين وضع يَده فِي يَده نَهَضَ لَهُ قَائِما وَقبل يَده وَعظم ملتقاه والاحتفال بِهِ وَأعظم الدُّعَاء لَهُ بِاللِّسَانِ المغلى ثمَّ بالتركي ثمَّ الْفَارِسِي ثمَّ بالرومي ثمَّ بالعربي وَرفع بِهِ صَوته وَرفع بِهِ صَوته إعلاما للنَّاس فَعجب السُّلْطَان من فطنته وذكائه وحدة ذهنه مَعَ ضَرَره ثمَّ إِن السُّلْطَان خلع عَلَيْهِ فِي الْحَال ووهبه مَالا ورسم لَهُ بمرتب فِي كل شهر ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وحظى عِنْده وَعند أمرائه ووزرائه وحوانيته وَمن تصانيفه جَوَاهِر التبصير فِي علم التَّعْبِير وَله تعاليق كَثِيرَة فِي الْفِقْه وَالْخلاف وَغير ذَلِك وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ يتجر فِي الْكتب وَله كتب كثير جدا وَإِذا طلب مِنْهُ كتاب نَهَضَ إِلَى كتبه وَأخرجه من بَينهَا وان كَانَ الْكتاب عدَّة مجلدات وَطلب من الأول مثلا أَو الثَّانِي أَو الثَّالِث أَو غَيره أخرجه بِعَيْنيهِ وَكَانَ يمس الْكتاب أَولا ثمَّ يَقُول يشْتَمل هَذَا المجلد على كَذَا وَكَذَا أكراس فَيكون الْأَمر كَمَا قَالَ وَإِذا مر بِيَدِهِ على الصفحة قَالَ عدد أسطرها كَذَا كَذَا سطرا فِيهَا بالقلم الغليظ هَذَا وَهَذَا الْمَوَاضِع كتبت بِهِ فِي الوجهة وفيهَا بالأحمر هَذَا وَهَذَا لموا ضع كتبت فِيهَا بالأحمر وان أتفق أَنَّهَا كتبت بخطين أَو ثَلَاثَة قَالَ اخْتلف الْخط من هُنَا إِلَى هُنَا من غير إخلال بِشَيْء مِمَّا يهتجن بِهِ وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ الإشغال والاشتغال فِي غَالب أوقاته وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ إقبال عَظِيم لفضله وَدينه وورعه

ص: 127

وَتُوفِّي رحمه الله بعد سنة اثْنَتَيْنِ عشرَة وَسَبْعمائة

199 -

القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير عَليّ بن أَحْمد بن سعيد القَاضِي الرئيس عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير كَاتب السِّرّ السلطاني صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن الْمَنْصُور تقدم ذكر وَالِده وَعَمه عماد الدّين إِسْمَاعِيل لما توجه السُّلْطَان إِلَى الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة توجه عَلَاء الدّين فِي خدمته فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة ووعده بالمنصب وَأَعَادَهُ إِلَى الْقَاهِرَة وَلما قدم السُّلْطَان كَانَ عَلَاء الدّين أكديش بَاعه بِمِائَة وَعشْرين درهما وَتوجه إِلَى لِقَاء السُّلْطَان وَاشْترى بِثمن الأكديش حلاوة فَلَمَّا اسْتَقر الْأَمر أَقَامَ مُدَّة يسيرَة ثمَّ إِنَّه جهز القَاضِي شرف الدّين ابْن فضل الله إِلَى الشَّام وَولى عَلَاء الدّين صحابة الدِّيوَان وَعظم جاهه وتقدمه وأمواله وَدرت عَلَيْهِ نعم السُّلْطَان وَزَاد فِي الإقبال عَلَيْهِ وَلم يحصل لأحد مَا حصل لَهُ فِي الْوَظِيفَة كَانَ السُّلْطَان يَأْمُرهُ بأَشْيَاء يَدعه يكْتب فِيهَا عَن نَفسه إِلَى نواب الشَّام ويجيبونه عَن ذَلِك وَكَانَ يركب فِي سِتَّة عشر مَمْلُوكا أَو أَكثر من ذَلِك كلهم أتراك فيهم مَا هُوَ بِعشْرَة آلَاف وَأكْثر وَكَانَ أَخا لَا يتَكَلَّم إِلَّا بالتركي لكنه أَصَابَهُ فالج تعلل بِهِ أَكثر من سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَقد عزل بِالْقَاضِي مُحي الدّين بن فضل الله وَولده القَاضِي شهَاب الدّين وَآخر مَا آل إِلَيْهِ من الفالج أَنه لم يبْق فِيهِ شَيْء يَتَحَرَّك غير جفونه فَكَانَ إِذا أَرَادَ شَيْئا علا بِصَوْتِهِ صَارِخًا فيحضرون إِلَيْهِ ويدقون على الأَرْض دقات مُتَوَالِيَة وَهُوَ يعد لَهَا الْحُرُوف من المعجم فَإِذا وصل إِلَى أول حرف من مَقْصُوده أطرق بخفض طرفه فيحفظ ذَلِك الْحَرْف ثمَّ إِذا فعلوا ثَانِيًا أمهلهم حَتَّى يصلوا إِلَى الْحَرْف الثَّانِي مِمَّا أَرَادَ فيطرق جفْنه فيحفظ ذَلِك وَلَا يزالون يَفْعَلُونَ ذَلِك ثَانِيًا وثالثا وهلم جرا حَتَّى يفرغ مِمَّا أَرَادَهُ وَكَانَ يطول الزَّمَان عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم حَتَّى يفهموا عَنهُ لَفْظَة أَو لفظتين نسْأَل الله الْعَافِيَة من آفَات هَذِه الدَّار وَكَانَ يكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا وَله قدرَة على إصْلَاح اللَّفْظَة وإبرازها من صِيغَة إِلَى صِيغَة وَلَا يخرج كتاب عَن الدِّيوَان حَتَّى يتأمله وَلَا بُد لَهُ أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا بقلمه وَله إنْشَاء وَهُوَ الَّذِي كتب توقيع مجد الدّين الأقصرائي بمشيخة الشُّيُوخ بسريا قَوس ومدحه النَّاس وَمِمَّا كتب إِلَيْهِ شهَاب الدّين مَحْمُود // (من الوافر) //

(أما ومكانة لَك فِي ضميري

وَذكر لَا يزَال معي سميري)

ص: 128

(لقد سَافَرت بالأشواق أسعى

إِلَيْك وَإِن قعدت عَن الميسر)

(وَلَو أدْركْت من زمني مرادي

لما نَاب الْكتاب عَن الْحُضُور)

(وَلم أوثر وَلَا بنى اخْتَار

بحظل من نوال ابْن الْأَثِير)

(وَكَيف وَلَيْسَ إِلَّا بالتثامي

بناي يَدَيْهِ بجمل لي سروي)

(كريم طَاهِر الأعراق تعلو

أصالته على الْفلك الْأَثِير)

(لَهُ خلق يدمثه حَيَاء

كروض دمنته يَد الغدير)

(وجود كلما أخفاه صونا

حكى شمس الظهيرة فِي الظُّهُور)

(إِذا وشى بلَيْل النقش

صبح الطروس أَرَاك نورا فَوق نور)

(وَأبْدى للموالي والمعادي

أماني أَو منايا فِي السطور)

وامتدحه جمال الدّين بن نباتة بقصيدة أَولهَا // (من الوافر) //

(أصَاب بجفنه عقل الْأَسير

فيا ويل الصَّحِيح من الْكَبِير)

(غزال كالغزالة فِي سناها

تحجبه الملاحة بالسفور)

مِنْهَا // (من الوافر) //

(يلذ تغزل الْأَشْعَار فِيهِ

لذاذة مدحها فِي ابْن الْأَثِير)

(أغر إِذا احبني وحبا العطايا

رَأَيْت السَّيْل يدْفع من شير)

(أَخُو يَوْمَيْنِ يَوْم ندى ضحوك

وَيَوْم ردى عبوس قمطرير)

(كَأَن حَدِيثه فِي كل نَاد

حَدِيث النَّار عَن نفس العبير)

(لَهُ قلم سدى للنفع سَار

يبيب على الممالك كالخفير)

(تلثم بالمداد لثام ليل

فأسفر عَن سنا صبح مُنِير)

(عَليّ الإسم والأوصاف يزهى

بِهِ الدَّهْر الْعلي على الدهور)

(من الْقَوْم الَّذين لَهُم صعُود

إِلَى العلياء أسْرع من حدور)

(سما شعري وَدَار على علاهم

فلقبناه بالفلك الْأَثِير)

(أأندى الْعَالمين يدا وأجدى

على العافين فِي الزَّمن العسير)

(إِلَيْك سعى رجاي وَطَاف قصدي

فدم يَا كعبة للمستجير)

ص: 129

200 -

عَلَاء الدّين الأصفوني عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن عَلَاء الدّين الأصفوني كَانَ ذكيا أديبا حسن الْأَخْلَاق اشْتغل بالفقه على الشَّيْخ عَلَاء الدّين القفيطي وتأدب على ابْن الغضنفر الأصفوني والجلال بن شواق الأسنائ وَغَيرهمَا وَكَانَت لَهُ يَد فِي الْحساب وَدخل فِي الخدم السُّلْطَانِيَّة وَجلسَ شَاهدا بالوراقين بقوص ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أثنى عَلَيْهِ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي من تَارِيخ الصَّعِيد ثَنَاء كثيرا وَوَصفه بمكارم أَخْلَاق ومحاسن أدوات قَالَ وَلما طلع دَاوُد الَّذِي ادّعى أَنه ابْن سُلَيْمَان من نسل العاضد إِلَى الصَّعِيد فِي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وتحركت الشِّيعَة وَبلغ عَلَاء الدّين هَذَا أَنه قَالَ لبَعض أهل أصفون انه تحمل عَنهُ الصَّلَاة ونظم عَلَاء الدّين // (من الْكَامِل) //

(إرجع ستلقى بعْدهَا أهوالا

لَا عِشْت تبلغ عندنَا الآمالا)

(يَا من تجمع فِيهِ كل نقيصة

فلأضربن بسيرك الأمثالا)

(وَزَعَمت أَنَّك للتكالف حَامِل

وَكَذَا الْحمار يحمل الأثقالا)

وَلما ولي السفطي قوص سنة إِحْدَى عشرَة وَسَبْعمائة وَكَانَ بَصَره ضَعِيفا جدا حَتَّى قيل انه لَا يبصر بِهِ وَكَانَ القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الجيوش قد قَامَ فِي ولَايَته قَالَ عَلَاء الدّين // (من مخلع الْبَسِيط) //

(قَالُوا تولى الصَّعِيد أعمى

فَقلت لَا بل بِأَلف عين

وَقَالَ لما بلغه شعر الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَهُوَ // (من الْكَامِل) //

(مَا فِي المناهل منهل يستعذب

إِلَّا ولي مِنْهُ الألذ الأطيب)

(أَنا بلبل الأفراح أملأ دوحها

طَربا وَفِي العلياء باز أَشهب)

فنظم عَلَاء الدّين الأصفوني // (من الْكَامِل) //

(أَنا قنبر الأحزان أملأ طلحها

حزناص وَفِي السُّفْلى غراب أسود)

ص: 130

201 -

ابْن الزبير عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن الزبير الأسواني هُوَ ابْن القَاضِي الرشيد ابْن الزبير قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَقد وقف ينشد الْملك النَّاصِر قصيدة وَأورد لَهُ مِنْهَا // (من الْبَسِيط) //

(تحضر أكناف أَرض إِن نزلت وَإِن

نازلت تحمر أَرض السهل والجبلي)

(مَا زلت أفري دجى ليل التَّمام سرى

وَنور وَجهك يهديني إِلَى السبل)

(بِكُل مهمهمة يبكي الْغَمَام بهَا خوفًا

ويخفق قلب الْبَرْق من خجل)

(تخشى الرِّيَاح الذواري فِي مهالكها

فَمَا تهب بهَا إِلَّا على مهل)

(حَتَّى أنخت المطايا فِي ذرى ملك

يبشر النجح فِي تأميله أملي)

(خدمتكم ليَكُون الدَّهْر يخدمني

فَمَا أحالته عَن حالاته حيلي)

(إِن كم تَئِنُّ حالتي فِيكُم مبدلة

فَمَا انتفاعي بِعلم الْحَال وَالْبدل؟ !)

قلت هَذَا الْبَيْت الْأَخير من قصيدة لِابْنِ شرف القيرواني

202 -

عماد الدّين الطرسوسي الْحَنَفِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن عماد الدّين ابْن محيي الدّين أبي الْعَبَّاس بن بهاء الدّين أبي مُحَمَّد الطرسوسي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالشَّام بعد قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين عَليّ الْحَنَفِيّ وَكَانَ نَائِبه أَولا مُدَّة وَكَانَ سئوسا حسن الشكل كَامِل الْقَامَة أنيق الْعمة وَلم ينكد عَلَيْهِ فِي منصبه وَلم يزل أمره فِي منصبه إِلَى السداد إِلَى سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَسَأَلَ أَن يكون وَلَده القَاضِي نجم الدّين إِبْرَاهِيم فِي مَكَانَهُ فِي منصبه فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وَتَوَلَّى وَلَده نجم الدّين قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة مَكَانَهُ وَلم يزل ملازما لبيته إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشْرين ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالمزة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى ولاه تدريس الْمدرسَة القايمازية الْحَنَفِيَّة فِي شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وكتبت توقيعه بذلك ونسخته الْحَمد لله الَّذِي جعل عماد الدّين هَذَا عليا وأيد شَرعه المطهر بِمن رقى بِعِلْمِهِ سموا وَأصْبح للوصى سميا وَرفع قدر من إِذا كَانَ فِي حقل همي ندى وَحمى نديا وَهدى

ص: 131

النَّاس بأعلام علمه الَّتِي إِذا أخفقت كم هزمت كميا وقادت إِلَى الْحق أَبَيَا نحمده على نعمه الَّتِي جعلت الْعلمَاء للأنبياء وَرَثَة وأقامت بهم الْحجَّة على من نكب عَن الْحق أَو نقض الْمِيثَاق ونكثه ونفت بهم شبه الْبَاطِل على الدّين الْقيم كَمَا يَنْفِي الْكِير خثبه وَجعلت كل حبر مِنْهُ إِذا نطق فِي المحافل جَاءَ بِالسحرِ الْحَلَال من فِيهِ ونفته ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ندخرها فِي الْمعَاد خير عدَّة ونأمن بهَا يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر إِذا ضَاقَ على النَّاس خناق الشدَّة ونجدها فِي الصحائف نورا يضيء لنا إِذا كَانَت وُجُوه الَّذين كذبُوا على الله مسودة وَتجْعَل أيدنا إِلَى قطاف ثمار الرَّحْمَة وجنى غصونها ممتدة ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خير من هدى الْخلق ببرهانه وأشرف من قضى بَين النَّاس بِالْحَقِّ وفرقانه وأعز من دفع فِي صُدُور البلغاء بنان بُنْيَانه وَأكْرم من أطلق فِي ملكوب ربه جلّ وَعز عنان عيانه صلى الله عليه وسلم وعَلى آله وَصَحبه الَّذين رووا لأوليائهم السّنة وَرووا من أعدائهم الأسنة وأضحت طريقهم لطَالب هَدِيَّة الْهدى مَطِيَّة المظنة وأمسوا حَربًا لحزب الشَّيْطَان الَّذين جعل الله فِي أذانهم وقرا وعَلى قُلُوبهم أكنة صَلَاة تطلق جِيَاد الْأَلْسِنَة فِي ميدانها الأعنة وتبلغهم أمانيهم الَّتِي بايعهم عَلَيْهَا أَن لَهُم الْجنَّة وَسلم وَشرف ومجد وكرم وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْعلم الشريف هُوَ للدّين حَافظ نظامه وَضَابِط أَحْكَامه فِي حَلَاله وَحَرَامه بنشره يطيب نشر الْإِيمَان وأرجه ويتسع من صدر الْجَاهِل بِأَحْكَام ربه تَعَالَى ضيقه وحرجه وَالْعُلَمَاء هم الَّذين يدعونَ سوامه ويراعون ويقدمون على منع من يتَعَدَّى حُدُود الله عز وجل فَمَا يهابون وَلَا يهانون وَلَا يراعون وَكفى بالعلماء فخرا أَنهم للْأمة أَئِمَّة الِاقْتِدَاء وَأَن مدادهم جعله الله بِإِزَاءِ دم الشُّهَدَاء وخلت فِي هَذِه الْأَيَّام الْمدرسَة القايمازية أثاب الله واقفها مِمَّن ينشر فِيهَا أَعْلَام الْعلم ويبدى فِي مباحثه مَعَ خصومه معنى الْحَرْب فِي صُورَة السّلم وَيثبت فِي رياض دروسها شقائق النُّعْمَان وينبت فِي حِيَاض غروسها دقائق النُّعْمَان تعين أَن يَقع الِاخْتِيَار على من يحيى بدروسه مَا درس من مَذْهَب الإِمَام الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان رضي الله عنه ويجدد بفضائله الَّتِي أتقن فنونها مَا رث من أَقْوَاله الَّتِي لَا تُوجد إِلَّا فِيهِ وَلَا تُؤْخَذ إِلَّا مِنْهُ وَكَانَ الجناب العالي الْقَضَاء الْعِمَادِيّ أَبُو الْحسن عَليّ الطرسوسي أدام الله أَيَّامه وأعز بِالطَّاعَةِ أَحْكَامه هُوَ الَّذِي تفرد بِهَذِهِ المزايا وَجمع هَذِه الْخلال الحميدة والسجايا تضع الْمَلَائِكَة لَهُ إِذا خطا فِي الْعلم الأجنحة ويتخذ النَّاس إِذا اضطروا لدفع الْأَذَى عَنْهُم من صَلَاحه الأسلحة قد أَرَادَ الله بِهِ خيرا لما وَفقه وفقهه فِي الدّين وأقامه حجَّة قَاطِعَة وَلَكِن فِي أَعْنَاق الْمُلْحِدِينَ تنقاد المشكلات لذهنه الْوَقار فِي أسلس قياد وتشيد أفكاره الدقيقة للنعمان أَمَامه مَا لَا شادته من الْمجد للنعمان أشعار زِيَاد

ص: 132

وتبيت النُّجُوم الزهر ناظرة إِلَى محَاسِن مباحثه من طرفها الْخَفي وتنكف الْأَلْسِنَة الْحداد من خصومه إِذا جاد لَهُم وتنكفي وَيَأْتِي بالأدلة الَّتِي هِيَ جبال لَا تنسفها مغالظ النَّسَفِيّ فَلذَلِك رسم بِالْأَمر العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أَعْلَاهُ لله تَعَالَى وضاعف نعمه على الْأَوْلِيَاء ووالى أَن يُفَوض إِلَيْهِ تدريس الْمدرسَة الْمَذْكُورَة فليظهر عرائس فَضله المجلوة ويبرز نقائس نَقله المخبوة وليطرز دروسه بدقائقه الَّتِي بهرت ويزد المباحث رونقا بعبارته الَّتِي سحرت الْأَلْبَاب وَمَا شَعرت إِذا هُوَ الْحَاكِم الَّذِي سيف قلمه إِذا أَمْضَاهُ كَانَ فِي الدِّمَاء محكما والحبر الَّذِي لَا يُقَاس بِهِ الْبَحْر وان كَانَ الْقيَاس فِي مذْهبه مقدما والعالم إِذا نَهَضَ بالإملاء فَهُوَ بِهِ ملي والفاضل الَّذِي إِن كَانَ الْعلم مَدِينَة فبابها عَليّ وليتعهد المشتغلين بِالْمَدْرَسَةِ بمطالبة محفوظهم والحث والحض على الْأَخْذ بِزِيَادَة الْعلم فان ذَلِك أسعد حظوظهم وَالْحِفْظ والجدل جنَاحا للْعلم ويدجاه وَبِهِمَا يتسلط الطَّالِب على مقاره المدى وَإِن كَانَ الْعلم لَا نِهَايَة لمداه فَمن اسْتحق رميا على غَيره فليرقه ويوفه حَقه فَإِنَّهُ إِذا نظر الْحَاكِم فِي أمره وصل إِلَى حَقه وَالتَّقوى هِيَ ملاك الْأُمُور وقوامها وَصَلَاح الْأَحْوَال ونظامها على أَنه أدام الله أَيَّامه هُوَ الَّذِي يشرع الْوَصَايَا لأربابها وَيعلم المتأدب كَيفَ يَأْتِي الْبيُوت من أَبْوَابهَا وَإِنَّمَا أَخذ الْقَلَم من الْعَادة نصِيبه وأتى بنكت وَمن علم الْعوَان الْخمْرَة كَانَت مِنْهُ عَجِيبَة وَالله يوفق أَحْكَامه السديدة ويمتع الْأَنَام بمحاسنه فَإِنَّهَا فِي النَّاس بَاب القصيد وَبَيت القصيد

203 -

النجيب الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن النجيب الشَّافِعِي سمع من الْمِقْدَاد بن هبة الله الْقَيْس وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق

204 -

العباسي مشد الْأَوْقَاف عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَمِير السَّيِّد الشريف عَلَاء الدّين العباسي مشد الْأَوْقَاف المبرورة بِدِمَشْق وَأحد الْأُمَرَاء العشرات بهَا أول مَا أعرف من أمره أَنه كَانَ واليا بالقدس الشريف ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز رحمه الله جعله أستاذ دَار كَبِير فِي بَابه وَلما امسك أمسك هُوَ أَيْضا جملَة حَاشِيَته ومباشرى ديوانه ثمَّ تولى شدّ الْأَوْقَاف فِي أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا وتداول هَذِه الْوَظِيفَة مَرَّات هُوَ والأمير حسام الدّين أَبُو بكر ابْن النجيبي ثمَّ انه قوي عَلَيْهِ أخيرا بانتمائه إِلَى الْأَمِير سيف

ص: 133