الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْه // (من الرمل) //
(من عذيري من عذارى قمر
…
عرض الْقلب لأسباب التّلف)
(علم الشّعْر الَّذِي عاجله
…
أَنه جَار عَلَيْهِ فَوقف)
211 -
نجم الدّين الْوَاعِظ عَليّ بن إسفنديار بن الْموقف بن أبي عَليّ الْعَالم الْوَاعِظ نجم الدّين أَبُو عِيسَى الْبَغْدَادِيّ ولد سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع من ابْن اللتي وَالْحُسَيْن بن رَئِيس الرؤساء وَابْن القبيطي وَقدم دمشق وَوعظ وَحصل لَهُ الْقبُول التَّام وازدحم النَّاس على ميعاده لحسن إِيرَاده ولطف شمائله ولي مشيخة المجاهدية روى عَنهُ ابْن الْعَطَّار وَابْن الخباز وَجَمَاعَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة كَانَ قد اسْتَأْذن الإِمَام النَّاصِر فِي الْوَعْظ فَلم يَأْذَن لَهُ أَيَّام ابْن الْجَوْزِيّ قَالَ القَاضِي شمس الدّين بن خلكان يَحْكِي الشَّيْخ نجم الدّين لي حِكَايَة ثمَّ يُعِيدهَا فأتمنى أَنَّهَا لَا تفرغ من فَصَاحَته وتنميقه
(عَليّ بن إِسْمَاعِيل)
212 -
الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن أبي بشر بن إِسْحَاق بن سَالم بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مُوسَى بن بِلَال بن أبي بردة بن أبي مُوسَى بن عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ الْبَصْرِيّ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْمُتَكَلّم رَئِيس الأشاعرة واليه ينسبون صَاحب التصانيف الكلامية فِي الْأُصُول والمحلل والنحل ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سبعين وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة سمع زَكَرِيَّا السَّاجِي وَابْن خَليفَة الجُمَحِي وَسَهل بن نوح وَمُحَمّد بن يَعْقُوب الْمُقْرِئ وَعبد الرَّحْمَن بن خلف الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ وروى عَنْهُم فِي تَفْسِيره كثيرا وَكَانَ من الْمُعْتَزلَة أَولا ثمَّ تَابَ من ذَلِك وَصعد يَوْم الْجُمُعَة بِجَامِع الْبَصْرَة كرسيا ونادى بِأَعْلَى صَوته من عرفني فقد عرفني وَمن لم يعرفنِي فَأَنا فلَان كنت أَقُول بِخلق الْقُرْآن وَأَن الله لَا يرى بالأبصار وَأَن أَفعَال الشَّرّ أَنا أَفعَلهَا وَأَنا تائب مُعْتَقد الرَّد على
الْمُعْتَزلَة مُبين لفضائحهم وَكَانَت فِي دعابة ومزح كثير قَالَ أَبُو بكر الصَّيْرَفِي كَانَت الْمُعْتَزلَة قد رفعوا رؤوسهم حَتَّى أظهر الله الْأَشْعَرِيّ فحجزهم فِي أقماع السمسم وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم إِن الْأَشْعَرِيّ لَهُ من التصانيف خَمْسَة وَخَمْسُونَ تصنيفا وَمن تصانيفه كتب اللمع وَكتاب الموجز وَكتاب إِيضَاح الْبُرْهَان وَكتاب التَّبْيِين عَن أصُول الدّين وَكتاب الشَّرْح وَالتَّفْصِيل فِي الرَّد على أهل الْإِفْك والتضليل وَله تَفْسِير يُقَال انه فِي سبعين مجلدا وَمن أَرَادَ كشف قدره فليطالع كتاب بَيَان كذب المفتري على الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ لِابْنِ عَسَاكِر وَقَالَ بنْدَار غُلَامه كَانَت غلَّة أبي الْحسن من صَنِيعَة وَقفهَا جدهم بِلَال بن أبي بردة على عقبه وَكَانَ نَفَقَته فِي السّنة سَبْعَة عشر درهما قَالَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزْدَاد كَانَ الْأَشْعَرِيّ يَوْمًا جَالِسا فِي سطح دَاره فَبَال فَسَالَ بَوْله فِي الْمِيزَاب فاجتاز وَالِي الْبَصْرَة فقطر ذَلِك الْبَوْل على ثِيَابه فَوقف وَقَالَ اهدموا هَذِه الدَّار فَسمع أَبُو الْحسن كَلَامه فَنزل وَفتح الْبَاب وَقَالَ أَيهَا الْأَمِير أَن من ولد رجل بَال على الْإِسْلَام بِسوء رَأْيه فَأَنا أولى النَّاس بالغدر فَضَحِك الْوَالِي وَمضى وَكَانَ فِي حداثته تلميذا لأبي عَليّ الجبائي قَرَأَ عَلَيْهِ وتمذهب بمذهبه فَإِن أَبَا عَليّ كَانَ زوج أمه فاتفق انه جرى بَينهمَا مناظرة فِي وجوب الْأَصْلَح أَو الصّلاح على الله تَعَالَى فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن أتوجب على الله رِعَايَة الصّلاح أَو الْأَصْلَح فِي حق عباده فَقَالَ نعم فَقَالَ مَا تَقول فِي ثَلَاثَة صبية إخْوَة اخترم الله أحدهم قبل الْبلُوغ وَبَقِي إثنان فَأسلم أَحدهمَا وَكفر الآخر مَا الْعلَّة فِي اخترام الصَّغِير فَقَالَ لَهُ لَو أَنه سَأَلَهُ فَقَالَ يَا رب لم اخترمتني دون أخوي فَقَالَ أَبُو عَليّ إِنَّمَا اخترمته لِأَنَّهُ علم أَنه لَو بلغ لكفر فَكَانَ الْأَصْلَح لَهُ اخترامه فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن فقد أَحْيَا الله أَحدهمَا وَكفر فَهَلا اخترمه عملا بالأصلح لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ إِنَّمَا أَحْيَاهُ ليعرضه لأعلى فَهُوَ أصلح لَهُ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ فَهَلا أَحْيَا الَّذِي اخترمه ليعرضه لأعلى الْمَرَاتِب كَمَا فعل بأَخيه إِذا قلت انه الْأَصْلَح لَهُ فَانْقَطع أَبُو عَليّ وَلم يحر جَوَابا ثمَّ قَالَ للشَّيْخ أبي الْحسن أوسوست فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن مَا ووست وَلَكِن وقف حمَار الشَّيْخ على القنطرة ثمَّ فَارقه وَخَالفهُ وَخَالف سَائِر فرق الْمُعْتَزلَة وَسَأَلَهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن فَقَالَ لَهُ مَا حَقِيقَة الطَّاعَة قَالَ هِيَ مُوَافقَة الإرداة فَقَالَ
لَهُ هَذَا يُوجب أَن يكون الله تَعَالَى مُطيعًا لعَبْدِهِ إِذا أعطَاهُ الْإِرَادَة فَقَالَ نعم يكون مُطيعًا فَخَالف الْإِجْمَاع بِإِطْلَاق هَذِه اللَّفْظَة على الله تَعَالَى وَلَو جَازَ أَن يُطلق عَلَيْهِ كَون مُطيعًا لعَبْدِهِ لجَاز أَن يُطلق عَلَيْهِ كَونه خاضعا وخاشعا لَهُ وَهَذَا كفر وَالَّذِي يَعْتَقِدهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ هُوَ أَن البارئ تَعَالَى عَالم بِعلم قَادر بقدرة حَيّ بحياة مريدة بِإِرَادَة مُتَكَلم بِكَلَام سميع بسمع بَصِير ببصر وَهل هُوَ بَاقٍ بِبَقَاء فِيهِ خلاف عَنهُ وَأَن صِفَاته أزلية قديمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى لَا يُقَال هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيره وَلَا لَا هِيَ هُوَ وَلَا غَيره وَعلمه وَاحِد يتَعَلَّق بِجَمِيعِ المعلومات وَقدرته وَاحِدَة تتَعَلَّق بِجَمِيعِ مَا يَصح وجوده وإرادته وَاحِدَة تتَعَلَّق بِجَمِيعِ مَا يقبل الِاخْتِصَاص وَكَلَامه وَاحِد هُوَ أَمر وَنهي وَخبر واستخبار ووعد ووعيد وَهَذِه الْوُجُوه رَاجِعَة إِلَى اعتبارات فِي كَلَامه لَا إِلَى نفس الْكَلَام والألفاظ الْمنزلَة على لِسَان الْمَلَائِكَة إِلَى الْأَنْبِيَاء دلالات على الْكَلَام الأزلي فالمدلول وَهُوَ الْقُرْآن المقروء قديم أزلي وَالدّلَالَة وَهِي الْعبارَات وَالْقِرَاءَة مخلوقة محدثة قَالَ وَفرق بَين الْقِرَاءَة والمقروء والتلاوة والمتلو كَمَا انه فرق بَين الذّكر وَالْمَذْكُور قَالُوا الْكَلَام معنى قَائِم بِالنَّفسِ والعبارة دَالَّة على مَا فِي النَّفس وَإِنَّمَا تسمى الْعبارَة كلَاما مجَازًا قَالَ أَرَادَ الله تَعَالَى جَمِيع الكائنات خَيرهَا وشرها ونفعها وضرها وَمَال فِي كَلَامه إِلَى جَوَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لقَوْله إِن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل وَهُوَ مُكَلّف بِالْفِعْلِ قبله وَهُوَ غير مستطيع قبله على مذْهبه قَالَ وَجَمِيع أَفعَال الْعباد مخلوقة مبدعة من الله تَعَالَى متكتبسة للْعَبد وَالْكَسْب عبارَة عَن الْفِعْل الْقَائِم بِمحل قدرَة العَبْد قَالَ والخالق هُوَ الله تَعَالَى حَقِيقَة لَا يُشَارِكهُ فِي الْخلق غَيره فأخص وَصفه هُوَ الْقُدْرَة والاختراع وَهَذَا تَفْسِير اسْمه تَعَالَى قَالَ وكل مَوْجُود يَصح أَن يرى والباري تَعَالَى مَوْجُود فَيصح أَن يرى وَقد صَحَّ السّمع بِأَن الْمُؤمنِينَ يرونه فِي الدَّار الْأُخْرَى فِي الْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} [الْقِيَامَة 22] وَقَالَ عليه السلام إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة بدره لَا تضَامون من رُؤْيَته وَقَالَ لَا يجوز أَن يرى فِي مَكَان وَلَا صُورَة مُقَابلَة واتصال شُعَاع فان ذَلِك كُله محَال
وماهية الرُّؤْيَة لَهُ فِيهَا رأيان أَحدهمَا انه علم مَخْصُوص يتَعَلَّق بالوجود دون الْعَدَم وَالثَّانِي انه إِدْرَاك وَرَاء الْعلم وَأثبت السّمع وَالْبَصَر صفتين أزليتين هما إدراكان وَرَاء الْعلم وَأثبت الْيَدَيْنِ وَالْوَجْه صِفَات خبرية ورد السّمع بهَا فيجيب الِاعْتِرَاف بِهِ وَخَالف الْمُعْتَزلَة فِي الْوَعْد والوعيد والسمع وَالْعقل من كل وَجه وَقَالَ الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان فروع الْإِيمَان وَمن صدق بِالْقَلْبِ أَي أقرّ بوحدانية الله تَعَالَى واعترف بالمرسل تَصْدِيقًا لَهُم فِيمَا جاؤا بِهِ فَهُوَ مُؤمن قَالَ وَصَاحب الْكَبِيرَة إِذا خرج من الدُّنْيَا من غير تَوْبَة حكمه إِلَى الله عز وجل أما أَن يغْفر لَهُ برحمته أَو يشفع لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأما أَن يعذبه بعدله ثمَّ يدْخلهُ الْجنَّة برحمته وَلَا يخلد فِي النَّار مُؤمن قَالَ وَلَا أَقُول انه يجب على الله قبُول تَوْبَته بِحكم الْعقل لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوجب لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء أصلا بل قد ورد السّمع بِقبُول تَوْبَة التائبين وَإجَابَة دَعْوَة الْمُضْطَرين وَهُوَ الْمَالِك لخلقه يفعل مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد فَلَو أَدخل الْخَلَائق بأجمعه النَّار لم يكن جورا وَلَو أدخلهم الْجنَّة لم يكن حيفا وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ ظلم وَلَا ينْسب إِلَيْهِ جور لِأَنَّهُ الْمَالِك الْمُطلق قَالَ والواجبات كلهَا سمعية فَلَا يُوجب الْعقل شَيْئا الْبَتَّةَ وَلَا يقْضِي تحسينا وَلَا تقبيحا فمعرفة الله تَعَالَى وشكر الْمُنعم وإثابة الطائع وعقاب العَاصِي كل ذَلِك بِحَسب السّمع دون الْعقل قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} [الْإِسْرَاء 15] قَالَ وَلَا يجب على الله شَيْء لَا صَلَاح وَلَا أصلح وَلَا ألطف بل الثَّوَاب وَالصَّلَاح واللطف وَالنعَم كلهَا تفضل من الله تَعَالَى قَالَ وَلَا يرجع إِلَيْهِ نفع وَلَا ضَرَر وَلَا ينْتَفع بشكر شَاكر وَلَا يتَضَرَّر بِكفْر كَافِر بل يتعالى ويتقدس عَن ذَلِك قَالَ وَبعث الرُّسُل جَائِز لَا وَاجِب وَلَا مُسْتَحِيل فَإِذا بعث الرَّسُول وأيد بالمعجزة الخارقة للْعَادَة وتحدى ودعا وَجب الإصغاء إِلَيْهِ وَالِاسْتِمَاع مِنْهُ وامتثال أوامره والانتهاء عِنْد نواهيه
قَالَ وكرامات الْأَوْلِيَاء حق وَوَافَقَهُ على ذَلِك من بعده من الأشاعرة خلا الْأُسْتَاذ أَبَا إِسْحَاق الأسفراييني فانه وَافق الْمُعْتَزلَة فِي إنكارهم وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْإِيمَان بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن وَالسّنة من الْإِخْبَار عَن الْأُمُور الغائبة عَنَّا مثل الْقَلَم واللوح وَالْعرش والكرسي وَالْجنَّة وَالنَّار حق وَصدقَة وَكَذَلِكَ الْإِخْبَار عَن الْأُمُور الَّتِي ستقع فِي الْآخِرَة مثل سُؤال الْقَبْر وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب فِيهِ والحشر والمعاد وَالْمِيزَان والصارط وانقسام فريق فِي الْخلد وفريق فِي السعير كل ذَلِك حق وَصدقَة وَيجب الْإِيمَان وَالِاعْتِرَاف بِهِ قَالَ والإمامة تثبت بالِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِيَار دون النَّص وَالتَّعْيِين على وَاحِد معِين إِذْ لَو كَانَ نَص لظهر عَادَة ولتوفرت الدَّوَاعِي على نَقله
قَالَ وَالْأَئِمَّة مترتبون فِي الْفضل ترتبهم فِي الْإِمَامَة وَلَا أَقُول فِي عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر رضي الله عنهم إِلَّا أَنهم رجعُوا عَن الْخَطَأ وَأَقُول إِن طَلْحَة وَالزُّبَيْر من الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ وَأَقُول فِي مُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ انهما بغيا على الإِمَام الْحق عَليّ بن أبي طَالب فقاتلهما مقاتلة أهل الْبَغي قَالَ وَأَقُول إِن أهل النَّار هم الشراة المارقون عَن الدّين لخَبر النَّبِي عليه السلام وَأَقُول إِن كَانَ عليا على الْحق فِي جَمِيع أَحْوَاله وَالْحق مَعَه حَيْثُ دَار فَهَذِهِ جملَة مختصرة من اعْتِقَاد الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ والأشاعرة يسمون الصفائية لإثباتهم صِفَات الله تَعَالَى الْقَدِيمَة وافترقت الصفاتية فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت فِي الْقُرْآن وَالسّنة كالاستواء وَالنُّزُول والإصبع وَالْيَد والقدم وَالصُّورَة وَالْجنب والمجئ على فرْقَتَيْن فرقة تأولت جَمِيع الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت فِي الْقُرْآن على وُجُوه مُحْتَملَة اللَّفْظ وَفرْقَة لم يتَعَرَّضُوا للتأويل وَلَا صَارُوا إِلَى التَّشْبِيه وَهَؤُلَاء هم الأشعرية الأثرية فالفرقة الأولى قَالُوا هَذِه الْأَلْفَاظ لَا يُمكن إجراؤها على ظَاهرهَا فَإِنَّهُ كفر وَلَا يُمكن التَّوَقُّف فيا فَلَا بُد من تَأْوِيلهَا بِمَا يحْتَملهُ اللَّفْظ وَهَذَا الصَّحِيح من مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فِي أحد قوليه وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابه عبد الله بن سعيد الْكلابِي وَأبي الْعَبَّاس القالنسي وَغَيرهمَا وَهَؤُلَاء هم ضد الحشوية مثل هضر وكهمس وَأحمد الهُجَيْمِي وَغَيرهم فان أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ حكى عَن مُحَمَّد بن عِيسَى بن غوث عَنْهُم أَنهم أَجَازُوا
على رَبهم المصافحة وَالْمُلَامَسَة وَأَن المخلصين من الْمُسلمين إِذا بلغُوا فِي الرياضة إِلَى حد الْإِخْلَاص يعانقونه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَحكى الكعبي عَن بَعضهم انه قَالَ يزورونه ويزورهم تَعَالَى الله عَن ذَلِك والفرقة الثَّانِيَة قَالُوا قد عرفنَا بِمُقْتَضى الْعدْل أَن الله تَعَالَى لَيْسَ كمثله شَيْء فَلَا يُشبههُ شَيْء وَلَا يشبه شَيْء وَنحن غير مكلفين بِمَعْرِِفَة هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت وبتأويلها بل نَحن نكلفون باعتقاد انه لَيْسَ كمثله شَيْء وَنكل علم ذَلِك إِلَى الله وَهَؤُلَاء هم السّلف الصَّالح كَالْإِمَامِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وسُفْيَان الثَّوْريّ وَدَاوُد وَغَيرهم وَهَذَا أحد قولي الْأَشْعَرِيّ وَمِمَّا اتّفق لي نظمه تضمينا // (من الطَّوِيل) //
(أَلا إِنَّمَا للأشعري انتسابنا
…
نجول بأسياف الْهدى ونصول)
(وننكر إِن شِئْنَا على النَّاس قَوْلهم
…
وَلَا يُنكرُونَ القَوْل حِين نقُول)
213 -
ابْن السيوري النَّحْوِيّ عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو الْحسن الطوسي الأَصْل الإسكندري النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن السيوري عَاشَ بضعا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة أَربع وسِتمِائَة وَقيل فِيهِ عَليّ بن سعيد بن حمامة وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
214 -
علم الدّين الركابسلار عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن باتكين أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي علم الدّين الركابسلار العضدي الْبَغْدَادِيّ كَانَ شَابًّا ذكيا حسن الْخلق والخلق أديبا فَاضلا حفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ الْأَدَب والعلوم الرياضية وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(وعيون سود رمين فُؤَادِي
…
بسهام من القسي الْخضر)
(وخدور حمرا أذقن فُؤَادِي
…
بجفاها طعم المنايا الْحمر)
(وامتلاء الْإِزَار مَال على ضعْفي
…
وشكر الأعطاف أوجب شكري)
(هَذِه كلهَا محَاسِن دنياي
…
وأقصى سؤلي وأفراح دهري)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(فتشوا لي قلبا فقد ضَاعَ قلبِي
…
وأروني صبرا فقد عز صبري)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(فَحسن فعالك بالصالحات
…
وَلَا تعجبن لحسن بديع)
(فَحسن النِّسَاء جمال الْوُجُوه
…
وَحسن الرِّجَال جميل الصَّنِيع)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(صرمتم جبالي حِين واصلت حبلكم
…
وأسكرتموني إِذْ صحوتم من الوجد)
(فَلَا تحسبوا أَنِّي تَغَيَّرت بعدكم
…
عَن الْعَهْد لَا كَانَ المغير للْعهد)
(غرامي غرامي والهوى ذَلِك الْهوى
…
ووجدي بكم وجدي وودي لكم ودي)
(وَلَيْسَ محبا من يَدُوم وفاؤه
…
مَعَ الْوَصْل لَكِن من يَدُوم مَعَ الصد)
215 -
الشريف الزيدي المغربي عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن زِيَادَة بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْحسن الشريف الزيدي الطَّارِئ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج هُوَ أول شرِيف طَرَأَ إِلَى الْمغرب يَعْنِي بذلك جده الْأَعْلَى عليا كَانَ شَاعِرًا حسن الاهتداء قَلِيل الْمَدْح والهجاء ملوكي الشّعْر جيد التَّشْبِيه صَاحب ملح وفكاهات أشبه النَّاس طَريقَة بكشاجم وَأورد لَهُ // (من الوافر) //
(إِذا سفرت إِلَيْك بِوَجْه بدر
…
كَأَن عَلَيْهِ من ذهب عجارا)
(وجعد فَاحم إِن أسلبته
…
رَأَيْت اللَّيْل قد غمر النهارا)
(وأتني فاكتسب خجلا كَأَنِّي
…
غرست بوجنتيها جلنارا)
(وفاجأنا التَّفَرُّق بعد وصل
…
فبدل ورد وجنتيها بهارا)
(تطاول بالكثيب اللَّيْل لما
…
ذكرت بِهِ ليالينا القصارا)
(كَأَن طُلُوع أنجمه كئوس
…
سقى الشرق الْغُرُوب بهَا عقارا)
(وَفِي ذيل المغيب سليل شمس
…
كَمَا سطرت منعمة سوارا)
(وضرم لاعج البرحاء طيف
…
أَتَى نومي فصارفه غرار)
(يعن لي الْهوى فأغض طرفِي
…
لواقدة أفدت بهَا وقارا)
وَأورد لَهُ // (من الْبَسِيط) //
(لله أَرْبَعَة جاد الزَّمَان بهَا
…
العَبْد والراح والأمطار وَالْوتر)
(بهذى تسر وَهَذَا يَقْتَضِي طَربا
…
وَتلك تصبي وَذَا يلتذه الْبشر)
(فانعم بِيَوْم سرُور لَا شَيْبه لَهُ
…
فقد تعارف فِي مسرورك الْقدر)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من الْكَامِل) //
(يَا حسن ساحلنا وخضرة مَائه
…
وَالنّهر يفرغ فِيهِ مَاء مزيدا)
(كَاللُّؤْلُؤِ المنشور إِلَّا أَنه لما
…
اسْتَقر بِهِ اسْتَحَالَ زبرجدا)
(وَإِذا الشمَال سطت على أمواجه
…
نثرت حبابا فوقهن منضدا)
(وكأنما الْفلك الْأَثِير أداره
…
فلكا وَضَمنَهُ النُّجُوم الوقدا)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من الوافر) //
(خيالك زارني يَا أم عَمْرو
…
فأحيا بالوصال قَتِيل هجر)
(وشوقني اليك وكل ضَب
…
يشوقه خيال جَاءَ يسري)
(ألم وَفَوق رَأس اللَّيْل تَاج
…
مكللة جوانبه ببدر)
(وَقد حملت بِهِ كف الزهراء فِيهِ
…
وَقد طلعت يتيمة در بَحر)
(فَمَا انْصَرف الخيال إِلَيْك إِلَّا
…
وساج اللَّيْل مقرون بفجر)
(وَقد ولى الظلام ببدر تمّ
…
كأسود حَامِل مرْآة تبر)
قلت ذكرت هُنَا مَا أنْفق لي نظمه قبل وُقُوفِي على هَذَا وَفِي قولي زايادات تَشْبِيه وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //
(كم زارني والثريا تلوها قمر
…
وَاللَّيْل منسدل الأذيال والطنب)
(كأسود لَهُ كف خواتمها
…
در تحمل مرْآة من ذهب)
وَأورد لَهُ أَيْضا فِي زربطانه // (من الْخَفِيف) //
(سمهري يَزُجّ مِنْهُ نُجُوم
…
لذوات اللحوف فِيهَا رجوم)
(تخرق الأيك نحوهن بحتف
…
فلهَا فِي صدورهن كلوم)
(كل قَوس تحنى إِذا سمتها الرمى
…
وَهَذَا فِي رميه مُسْتَقِيم)
216 -
ابْن الطوير الْكَاتِب عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن الطوير تَصْغِير طَائِر أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الْكَاتِب كتب الْإِنْشَاء لبهاء الدّين قراقوش وَعمر مائَة سنة وَله شعر وَكَانَ يعرف تواريخ كَثِيرَة وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره
217 -
شرف الدّين بن جبارَة عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن جبارَة القَاضِي الرئيس شرف الدّين أَبُو الْحسن الْكِنْدِيّ التجِيبِي السخاوي المولد الْمحلي الدَّار النَّحْوِيّ الْمَالِكِي الْعدْل حدث عَن السلَفِي وَسمع من ابْن عَوْف وَأبي عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَأبي طَالب أَحْمد بن الْمُسلم التنوخي والشريف أبي عَليّ مُحَمَّد بن أسعد الجواني وَغَيرهم مولده سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قَالَ ابْن مسدي ذكر لي انه من أَوْلَاد عبد الرَّحْمَن بن الْأَشْعَث وَكَانَ أديبا نحويا وشاعرا ذكيا مَشْهُور الْأَصَالَة مَذْكُورا بِالْعَدَالَةِ وَكَانَ فِي نظر الدِّيوَان وتلبس بِخِدْمَة السُّلْطَان وَكَانَ بالمحلة وأعمالها متصرفا ومصرفا لأشغالها واتخذها دَارا ولأولاده قرارا فَلَمَّا كف بَصَره فِي آخر عمره لزم دَاره بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَت مُنْقَطع أَثَره وَقَالَ أنشدنا لنَفسِهِ // (من السَّرِيع) //
(خاطر بهَا إِمَّا ردى أَو وُرُود
…
فَهَذِهِ نجد وَهَذَا زرود)
(قد حكم الْبَين بإسراعها
…
والوجد والدمع عَلَيْهَا شُهُود)
(قَلَائِص تحمل أكوارها
…
أشباح أَشْيَاخ عَلَيْهَا همود)
قلت لَهُ كتاب نظم الدّرّ فِي نقد الشّعْر قصره على مؤخذات ابْن سناء الْملك وأجاد من بَعْضهَا وتعنت زَائِدا فِي بَعْضهَا قَالَ فِي أَوله بَعْدَمَا ذكر ابْن سناء الْملك وغض مِنْهُ وَقد كنت اجْتمعت بِهِ عِنْد استيطاني بِمصْر فرأيته معجبا بِشعرِهِ مُتَقَلِّدًا بعقود دره وراسلته دفعات ورادفته مَرَّات فَامْتنعَ فِي الْإِجَابَة وَرَأى الصمت من الْإِصَابَة وَلم يكن ذَلِك إِلَّا لعسر بديهته وَمَا هُوَ مجبول عَلَيْهِ من رُؤْيَته وَمن جملَة مَا سيرته إِلَيْهِ أنني أهديت إِلَيْهِ شَهدا وكتبت // (من الْبَسِيط) //
(أهديت مَا كالمرآة فِي نسق
…
لسَيِّد ذكره قد شاع فِي الْأُفق)
(فَتلك يبصر فِيهَا حسن صورته
…
وَذَا يرى فِيهِ طعما طِينَة الْخلق)
فَأجَاب وقف على الرقعة الْكَرِيمَة وَقبل الْمِنَّة الجسيمة وَلَا ننشده إِلَّا مَا قَالَه صديقنا الْحكمِي // (من الْبَسِيط) //
(إِنِّي ووصفي من حسن محاسنها
…
مثل الَّذِي قَالَ مَا أحلاك يَا عسل)
وسيرت إِلَيْهِ بعد ذَلِك دجاجا وَمَعَهَا ديك وكتبت إِلَيْهِ // (من السَّرِيع) //
(يَا فَاضلا نغرف من بحره
…
وماجدا نَأْخُذ من بره)
(لم يعد مملوكك يَا سَيِّدي
…
مَا عده بشار فِي شعره)
وَالَّذِي عده بشار قَوْله // (من مجزوء الوافر) //
(ربابة ربة الْبَيْت
…
تصب الْخلّ فِي الزَّيْت)
(لَهَا سبع دجاجات
…
وديك حسن الصَّوْت)
فَأجَاب
(لم يكف سيدنَا الْمَنّ بالمس
…
حَتَّى أتبعه السلوى من الطَّائِر)
وَلم أستطع أَن أُجِيبهُ بِشعر لأنني تَأَمَّلت شعره علمت أَنِّي لست بشاعر قلت مَا كَانَ بَان سناء الْملك مِمَّن تعجزه الْمُرَاجَعَة وَلَا المحاورة وَهُوَ مَا هُوَ وَمن عرف كَلَام الرجلَيْن علم الْفرق بَين الصَّقْر وَالْعين وَأَيْنَ من أَيْن وَالَّذِي أرَاهُ أَن ابْن سناء الْملك ترفع عَن إِجَابَة شعرًا نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني شرف الدّين عَليّ بن جبارَة السخاوي لنَفسِهِ على وزن الْبَيْتَيْنِ الْمُتَقَدِّمين وهما // (من الْكَامِل) //
(يَا قلب وَيحك خُنْتنِي وفعلتها
…
وحللت عقدَة تَوْبَتِي ونكثتها)
(يَا عين أَنْت بليتي يَا جفنها
…
لم لَاعن الْوَجْه الْمليح سترتها)
وأبيات ابْن جبارَة // (من الْكَامِل) //
(مَا للنصيحة فِي الغرام بذلتها
…
يَا عاذلي وحسرت حَتَّى قلتهَا)
(أوما علمت وَمَا تُرِيدُ زِيَادَة
…
أَن النَّصِيحَة فِي الْهوى لَا تشْتَهى)
(نهنهت دمعي عَن ثراه فَمَا هدا
…
ونهيت قلبِي عَن هَوَاهُ فَمَا انْتهى)
(أَو لم تخف لَهب الزَّفِير بمهجتي
…
إسرارها إِذْ أودعتك أذعتها)
218 -
تَاج الدّين ابْن كسيرات عَليّ بن إِسْمَاعِيل تَاج الدّين ابْن الصاحب مجد الدّين بن كسيرات جمع كسرة مُصَغرًا المَخْزُومِي الْكَاتِب شَاب مليح تَامّ الشكل ظَاهر الرياسة لَهُ اشْتِغَال ونظم وَفِيه مُرُوءَة وَسمع كثيرا مَعَ البرزالي وخدم مُدَّة طرابلس توفّي وَله ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة
219 -
الطميش عَليّ بن إِسْمَاعِيل القلعي الْمَعْرُوف بالطميش كَانَ من الشُّعَرَاء الَّذين طرءوا على مصر من شعره // (من الطَّوِيل) //
(وَقد قيل مَاتَ الْحق وَهُوَ مخلد
…
وَلكنه الصمصام فِي غمده قرا)
(وَقد كَانَ دين الله من قبل عَابِسا
…
بجراك حَتَّى لحت فِي وَجهه بشرا)
(وَكنت عليا حِين كَانَ الَّذِي مضى
…
مُعَاوِيَة والحارثي لَهُ عمرا)
وَقَالَ فِي شرِيف وَقيل أَنَّهَا لبَعض الأندلسيين // (من الطَّوِيل) //
(سمت بِابْن فضل الدولة الرتب
…
الَّتِي تقاصر عَنْهَا حَاسِد أَن تطوله)
(يحاول قَول الشّعْر بالجهد دَائِما
…
وتأبى لَهُ أعراقه أَن يَقُوله)
(وَمَا فِيهِ من سِيمَا النَّبِي وطبعه
…
سوى أَن قَول الشّعْر لَا يَنْبَغِي لَهُ)
قلت وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة ابْن الشجري شَيْء يشبه هَذَا واسْمه هبة الله وَمن شعره الطميش الْمَذْكُور // (من الْكَامِل) //
(تأبى الصوافن تَحْتَهُ رعى الكلا
…
حَتَّى ترَاهُ بالدماء مخضبا)
(وتعاف ورد المَاء حَتَّى تكتسي
…
وجناته بِدَم الأعادي طحلبا)
قلت مَا سمي بالطميش سدى لكنه كَانَ بِهِ عمى فِي البصيرة أَيْضا لِأَن الطحلب أَخْضَر وَالدَّم أَحْمَر فَمَا يُنَاسب الدَّم أَن يكون طحلبا وَقَول المتنبي فِي هَذَا أجمل وَأحسن
(تعود أَلا تقضم الْحبّ خيله
…
إِذا الْهَام لم ترقع جنوب العلائق)
(وَلَا تردن الغدران إِلَّا وماؤها
…
من الدَّم كالريحان تَحت الشقائق)
220 -
الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف الإِمَام الْعَلامَة الْقدْوَة الْعَارِف ذُو الْفُنُون قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق الشَّافِعِي شيخ الشُّيُوخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن القونوي التبريزي ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة فِي ذِي الْقعدَة وَدفن بسفح قاسيون بتربة اشْتريت لَهُ تفقه وتفنن وبرع وناظر قدم دمشق أول سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة فرتب صوفيا ثمَّ درس بالإقبالية وَسمع من أبي حَفْص ابْن القواس وَأبي الْفضل بن عَسَاكِر وَجَمَاعَة وبمصر من الأبرقوهي وَطَائِفَة واستوطن مصر وَولي مشيخة سعيد السُّعَدَاء وَأقَام عشْرين سنة يصلى الصُّبْح وَيقْعد للاشتغال فِي سَائِر الْفُنُون إِلَى أَذَان الظّهْر وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي الْعُلُوم خُصُوصا فِي الْأُصُول وَكَانَ سَاكِنا وقورا حَلِيمًا مليح الشيبة وَالْوَجْه تَامّ الشكل حسن التَّعْلِيم ذكيا قوي اللُّغَة والعربية كثير التِّلَاوَة وَالْخَيْر درس بالشريفية بِالْقَاهِرَةِ وَبهَا كَانَ سكنه وأشغاله ثمَّ لما حضر قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين إِلَى الديار المصرية عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين بن جمَاعَة عينه السُّلْطَان لقَضَاء قُضَاة الشَّام فَأخْرج كَارِهًا وَكَانَ يَقُول لأَصْحَابه الأخصاء سرا أخملني السلطاني كَونه لم يولني قَضَاء الديار المصرية وليته كَانَ عينني لذَلِك وَكنت سَأَلته الإعفاء من ذَلِك وَلما خرج إِلَى الشَّام حمل كتبه على خيل الْبَرِيد مَعَه وأظنها كَانَت وقر خَمْسَة عشر فرسا أَو أَكثر وباشر المنصب أحسن مُبَاشرَة بصلف زَائِدَة وعفة مفرطة وَلم تكن لَهُ نهمة فِي الْأَحْكَام بل رغبته وتطلعه إِلَى الأشغال والإفادة وَطلب الْإِقَالَة أَولا من السُّلْطَان فَمَا أَجَابَهُ وَكَانَ منصفا فِي بحوثه أَيْضا مُعظما للآثار وَلم يُغير عمته للتصوف خرج لَهُ ابْن طغربل وعماد الدّين ابْن كثير ووصلهما بجملة وَشرح الْحَاوِي فِي أَربع مجلدات وجوده وَله مُخْتَصر الْمِنْهَاج للحليمي سَمَّاهُ الابتهاج وَله التَّصَرُّف شرح التعرف فِي التصوف وَكَانَ يدْرِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وعلوم الْحِكْمَة وَيعرف الْأَدَب وَيحكم الْعَرَبيَّة وَلَكِن لَهُ حَظّ من صَلَاة وَخير وحياء وَكَانَ مَعَ مُخَالفَته للشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وتخطئته لَهُ فِي أَشْيَاء كَثِيرَة يثني عَلَيْهَا ويعظمه ويذب عَنهُ إِلَّا انه لما توجه من مصر إِلَى دمشق قَالَ لَهُ السُّلْطَان إِذا وصلت
خل نَائِب الشَّام يفرج عَن ابْن تَيْمِية فَقَالَ يَا خوند على مَاذَا حبستموه فَقَالَ لأجل مَا أفتى بِهِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة فَقَالَ إِنَّمَا حبس للرُّجُوع عَنْهَا فَإِن كَانَ قد تَابَ وَرجع أفرجنا عَنهُ فَكَانَ ذَلِك سَبَب تَأْخِيره فِي السجْن وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى مُحي الدّين بن الْعَرَبِيّ إِلَّا أَن لَهُ ردودا على أهل الِاتِّحَاد وَكَانَ يحدث على حَدِيث أبي هُرَيْرَة كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ ويشرحه شرحا حسنا ويبينه بَيَانا شافيا وَكَانَ يكْتب مليحا قَوِيا جَارِيا ورأيته يكْتب بِخَطِّهِ على مَا يقتنيه من الْكتب الَّتِي فِيهَا مُخَالفَة السّنة من اعتزال وَغَيره // (من الهزج) //
(عرفت الشَّرّ لَا للشر لَكِن لتوقيه
…
وَمن لَا يعرف الشَّرّ من الْخَيْر يَقع فِيهِ)
وَكَانَ يترسل جيدا من غير سجع وَيسْتَشْهد بِالْآيَاتِ الْمُنَاسبَة وَالْأَحَادِيث والأبيات اللائقة بذلك الْمقَام وَكنت أكتب عَن أَمِير حُسَيْن رَحمَه الله تَعَالَى إِلَيْهِ من الشَّام هُوَ بِالْقَاهِرَةِ فَتَأْتِيه أجوبته بِخَطِّهِ وَهِي فِي غَايَة الْحسن وفيهَا السَّلَام عَليّ وَالثنَاء الْكثير والتودد فَلَمَّا دخلت الْقَاهِرَة وَاجْتمعت بِهِ مَرَّات عاملني بِكُل جميل وَطلب مني كتابي الَّذِي وَضعته فِي الجناس ووقف عَلَيْهِ مديدة وَأَعَادَهُ إِلَيّ وَبَلغنِي الثَّنَاء الزَّائِد مِنْهُ عَلَيْهِ ثمَّ لما قدمت إِلَى الشَّام مُتَوَجها إِلَى رحبة مَالك بن طوق وَهُوَ بِالشَّام يَوْمئِذٍ قَاض طلب ذَلِك المُصَنّف مني وَبَقِي عِنْده مديدة ثمَّ أَعَادَهُ واخذ فِي التفضل وَالشُّكْر على عَادَته رحمه الله وَمَات بورم الدِّمَاغ أحد عشر يَوْمًا وَمَات فِي بُسْتَان ضمنه وتأسف النَّاس لمَوْته أسفا كثيرا // (من الْكَامِل) //
(عَمت فضائله فَعم مصابه
…
فَالنَّاس فِيهِ كلهم مأجور)
وَله نظم مِنْهُ أَبْيَات فِي الشجاج وَهِي مَا أنْشدهُ فِيهِ من لَفظه الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن عبد الْملك بن المنجاين عَليّ بن جَعْفَر السّلمِيّ المسلاتي الْمَالِكِي قَالَ أَنْشدني شَيخنَا عَلَاء الدّين القونوي من لَفظه لنَفسِهِ وَسمعتهَا مِنْهُ غير مرّة // (من الطَّوِيل) //
(إِذا رمت إحصاء الشجاج فهاكها
…
مفسرة أسماؤها متواليه)
(فخارصة إِن شقَّتْ الْجلد ثمَّ مَا
…
أسَال دَمًا وَهِي الْمُسَمَّاة داميه)
(وباضعة مَا تقطع اللَّحْم وَالَّتِي
…
لَهَا الغوص فِيهِ للَّذي مر تاليه)
(وَتلك لَهَا وصف التلاحم ثَابت
…
وَمَا بعْدهَا السمحاق فافهمه واعيه)
(وَقل ذَاك مَا أفْضى إِلَى الْجلْدَة الَّتِي
…
تكون وَرَاء اللَّحْم للعظم غاشيه)
(وَمن بعد هاما ينْقل لعظم وَاسْمهَا
…
منقلة ثمَّ الَّتِي هِيَ آتيه)
(مُوضحَة مَا أوضح الْعظم باديا
…
وهاشمة بِالْكَسْرِ للعظم باغيه)
(فَمَا مومة أمت من الرَّأْس أمه
…
وَقد بقيت أُخْرَى بهَا الْعشْر وافيه)
(فدامية تسمى لخرق جليدة
…
هِيَ الْأُم كيس للدماغ وحاويه)
(وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي عدهَا وَإِن
…
ترد ضبط حكم الْكل فاسمع مقاليه)
(فَفِي الْخَمْسَة الأولى العلومة ثمَّ مَا
…
بإيضاح عمد فالقصاص وجاليه)
(وخصت بِهَذَا الموضحات لضبطها
…
فَلَا عسر فِي استيفائها متكافيه)
(وَإِن حصلت من غير عمد أَو انْتَهَت
…
إِلَى المَال عفوا فاقدر لأرش بانيه)
(على ذمَّة النَّفس الَّتِي أوضحت بهَا
…
فَتلك لنصف الْعشْر مِنْهَا مساويه)
(وَذَلِكَ أرش الهشم وَالنَّقْل مُفردا
…
وزد لانضمام بِالْحِسَابِ مراعيه)
(فَفِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا الْعشْر ثمَّ لثالث
…
تزيد عَلَيْهِ نصفه تَكُ حاشيه)
(ومأمومة فِيهَا من النَّفس ثلثهَا
…
ودامغة مثل لَهَا ومكافيه)
(وَقيل بِأَنَّهُ الدمغ لَيْسَ جِرَاحَة
…
لتدفيفه كالحرز وَهِي ملاقيه)
(وَقد نجز الْمَقْصُود والعي وَاضح
…
وعجمتي العجماء فِي النّظم باديه)
وَكتب إِلَى نَاصِر الدّين شَافِع وَقد طلب مِنْهُ شَيْئا من شعره // (من الْخَفِيف) //
(غمرتني المكارم الغر مِنْكُم
…
وتوالت عَليّ مِنْهَا فنون)
(شَرط إحسانكم تحقق عِنْدِي
…
لَيْت شعري الْجَزَاء كَيفَ يكون)
يقبل الْيَد الشَّرِيفَة لَا زلت للمكرمات مستديمة وَفِي سَبِيل الْخيرَات مُسْتَقِيمَة وَينْهى أَن بضَاعَة الْمَمْلُوك فِي كل الْفُنُون مزجاة لاسيما فن الْأَدَب فَإِنَّهُ فِيهِ فِي أدنى الدَّرَجَات وَقد وَردت عَلَيْهِ إِشَارَة مَوْلَانَا حرسه الله تَعَالَى فِي طلب شَيْء من الشّعْر الَّذِي لَيْسَ الْمَمْلُوك مِنْهُ فِي عير وَلَا نفير وَلَا حظي مِنْهُ بنقير وَلَا قطمير سوى مَا شَذَّ من الهذيان الَّذِي لَا يصلح لغير الكتمان وَلَا يحفظ إِلَّا للنسيان والمسئول من فضل مَوْلَانَا وَكَرمه المبذول أَن يتمم إحسانه بالستر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ وَجَمِيع مَا لَدَيْهِ من سقط الْمَتَاع وَلَا يعار لسقاطته وَلَا
وَلَا لنفاسته وَلَا يُبَاع وَالله يُؤَيّد مَوْلَانَا ويسعده ويحرسه بِالْمَلَائِكَةِ ويعضده وَكتب إِلَيْهِ وَقد وقف على كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ مُخَالفَة المرسوم فِي حل المنثور والمنظوم // (من الطَّوِيل) //
(مُخَالفَة المرسوم وَافَقت المنى
…
وحازت من الْإِحْسَان خصل المفاضل)
(أثارت على نجل الْأَثِير أثارة
…
من الْعلم مفتونا بهَا كل فَاضل)
وشاعت بِالشَّام صُورَة فتيا على لِسَان بعض الْيَهُود وَهِي هَذِه // (من الطَّوِيل) //
(أيا عُلَمَاء الدّين ذمِّي دينكُمْ
…
تحير دلوه بأوضح حجَّة)
(إِذا مَا قضى رَبِّي بكفري بزعمكم
…
وَلم يرضه مني فَمَا وَجه حليتي)
(دَعَاني وسد الْبَاب عني فَهَل إِلَى الدُّخُول سَبِيل بينوا لي قضيتي)
(قضى بضلالتي ثمَّ قَالَ آرض بالقضا
…
فها أَنا رَاض بِالَّذِي فِيهِ شقوتي)
(فَإِن كنت بالمقضي يَا قوم رَاضِيا
…
فربي لَا يرضى بشؤم بليتي)
(وَهل لي رضَا مَا لَيْسَ يرضاه سَيِّدي
…
وَقد حرت دلوني على كشف حيرتي)
(إِذا شَاءَ رَبِّي الْكفْر مني مَشِيئَة
…
فها أَنا رَاض بِاتِّبَاع المشئة)
(وَهل لي اخْتِيَار أَن أُخَالِف حكمه
…
فبالله فاشفوا بالبراهين غلتي)
فكت الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي جَوَابه // (من الطَّوِيل) //
(حمدت إلهي قبل كل مقَالَة
…
وَصليت تَعْظِيمًا لرب الْبَريَّة)
(وحاولت إبلاغ النَّصِيحَة منصفا
…
لمن طلب الْإِيضَاح فِي كل شُبْهَة)
(فَأول مَا يلقى إِلَى كل طَالب
…
لتحقيق حق وَاتِّبَاع حَقِيقَة)
(نزوغ الْفَتى من كل عقد وشبهة
…
تصد عَن الإمعان فِي نظم حجَّة)
(وإلقاء سمع وَاجْتنَاب تعنت
…
فَلَا خير فِي المستحمق المتعنت)
(إِذا صَحَّ مِنْك الْجد فِي كشف غمَّة
…
بليت بهَا فاسمع هديت لرشدتي)
(صدقت قضى الرب بالحكيم بِكُل مَا
…
يكون وَمَا قد كَانَ فَوق الْمَشِيئَة)
(وَهَذَا إِذا حققته متأملا
…
فَلَيْسَ يسد الْبَاب من بعد دَعْوَة)
(لِأَن من الْمَعْلُوم أَن قَضَاءَهُ
…
بِأَمْر على تَعْلِيقه بشريطة)
(يجوز وَلَا يأباه عقل كَمَا ترى
…
حُدُوث أُمُور بعد أُخْرَى تأدت)
مَا الرّيّ بعد الشّرْب والشبع الَّذِي
…
يكون عقيب الْأكل فِي كل مرّة)
(فَلَيْسَ ببدع أَن يكون مُعَلّقا
…
قَضَاء إِلَه الْخلق رب الخليقة)
(بكفرك مهما كنت بالبغي رافضا
…
تعَاطِي أَسبَاب الْهدى مَعَ مكنة)
(فَمن جملَة الْأَسْبَاب مِمَّا رفضته
…
مَعَ الْأَمر والإمكان لفظ الشَّهَادَة)
(فَلَو أَنْتُم أقبلتم بضراعة
…
إِلَى الله وَالدّين القويم الطَّرِيقَة)
(ووفيتم حسن التَّأَمُّل حَقه
…
وأحسنتم الإمعان فِي كل نظرة)
(لَكَانَ الَّذِي قد شاءه الله من هدى
…
وَلَيْسَ خُرُوج عَن قَضَاء بحيلة)
(أَلا نفحات الرب فِي الْهدى جمة
…
وَلَكِن تعرض كي تفوز بنفحة)
(وَلَا تتكل واعمل فَكل ميسر
…
لما هُوَ مَخْلُوق لَهُ دون رِيبَة)
(وَلَو كنت أَدْرِي أَن فهمك قَابل
…
لفهم كَلَام ذِي غموض ودقة)
(لأشبعت فِيهِ القَوْل بسطا محققا
…
على نمطي علمي كَلَام وَحِكْمَة)
(ولكنما الْمَقْصُود إقناع مثلكُمْ
…
فهاك قَصِيرا من فُصُول طَوِيلَة)
(وَلَوْلَا وُرُود النَّهْي عَن هَذِه الَّتِي
…
سَأَلت لصار الْفلك فِي وسط لجة)
(فها أَنا أطوي مَا نشرت بساطه
…
وَأَسْتَغْفِر الله الْعَظِيم لزلتي)
221 -
نور الدّين بن قُرَيْش عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش الْعدْل الْمسند نور الدّين أَبُو الْحسن ابْن الْمُحدث تَاج الدّين المَخْزُومِي الْمصْرِيّ مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع الحافظين الْمُنْذِرِيّ والعطار وَشَيخ الشُّيُوخ الْحَمَوِيّ وَمُحَمّد بن الخب النِّعَال والكمال الضَّرِير وَابْن الْبُرْهَان وَابْن عبد السَّلَام وَسمع حضورا من عبد المحسن بن مُرْتَفع وَتفرد بأَشْيَاء وَكَانَ صَالحا خيرا من الشُّهُود أَخذ عَنهُ الدمياطي وَابْن رَافع والسروجي وَجَمَاعَة وَكَانَت وَفَاته بحارة الديلم بِالْقَاهِرَةِ
قلت وَسمعت عَلَيْهِ الْجُزْء الأول وَالثَّانِي من عوالي المعجم الْكَبِير لأبي الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد بن أَيُّوب الطَّبَرَانِيّ بِقِرَاءَة الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس فِي منزلَة بَين القصرين فِي مجَالِس آخرهَا سَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَأَجَازَ لنا جَمِيع مَا يرويهِ وَرَوَاهُ لنا بِسَمَاعِهِ من الشَّيْخ زين الدّين أبي الطَّاهِر بن إِسْمَاعِيل بن عبد القوّي بن أبي العِزّ ابْن عزون أخبرتنا الشيخة فَاطِمَة ابْنة الإِمَام أبي الْحسن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد بن سهل الْأنْصَارِيّ قِرَاءَة عَلَيْهَا وَأَنا أسمع قَالَت أخبرتنا الشيخة فَاطِمَة بنت عبد الله بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن عقيل الجوزذانيّة قِرَاءَة عَلَيْهَا وَأَنا حَاضِرَة فِي الثَّالِثَة أَنا أَبُو بكر محمّد بن عبد الله بن ريذة الضَّبِّيّ أَنا الطَّبَرَانِيّ
222 -
الشَّيْخ عَليّ منلا عَليّ بن أسمح الْعَلامَة الزَّاهِد أَبُو الْحسن منلا اليعقوبي الشَّافِعِي النَّحْوِيّ أَخذ التتار من يَعْقُوب صَغِيرا فَأَقَامَ ببلغار عِنْد التتار وَحفظ المصابيح لِلْبَغوِيِّ والمفصل والمقامات وَغير ذَلِك وتميز وَسكن الرّوم وَولى مشيخة الحَدِيث بهَا وَهُوَ شَاب وَركب البغلة ثمَّ تزهد وَفَارق الرّوم ولف رَأسه بمئزر صَغِير وَسكن دمشق سنة بضع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَجلسَ للإفادة وَحضر مدارس وَكَانَ دينا خيرا توفّي باللجون قَاصد الْحَج سنة عشر وَسَبْعمائة وَكَانَ مِمَّن يُؤْذِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بِلِسَانِهِ
223 -
العامري الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن إشكاب وَاسم إشكاب حسن العامري الْبَغْدَادِيّ كَانَ أسن من أَخِيه مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين روى عَن عَليّ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَآخر من روى حَدِيثه عَالِيا سبط السلَفِي وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
224 -
أَبُو الْحسن الْهَمدَانِي المغربي عَليّ بن أضحى أَبُو الْحسن الْهَمدَانِي من بَيت كَبِير كَانَ مِنْهُم ملك غرناطة فِي دولة عبد الله المرواني فَلَمَّا اختلت الأندلس على الملثمين ثار بغرناطة قاضيها أَبُو الْحسن الْمَذْكُور إِلَّا انه لم تطل أَيَّامه وَمَات سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة وَملك بعده ابْن أضحى وَلم تطل أَيَّامه أَيْضا وَكَانَ مَشْهُورا بالجود ناظما ناثرا وَمن شعره قبل أَن يكون ملكا وَقد دخل مَجْلِسا فَوَجَدَهُ غاصا فَجَلَسَ فِي أخريات
النَّاس // (من الْكَامِل) //
(نَحن الْأَهِلّة فِي ظلام الحندس
…
حَيْثُ احللنا فَهُوَ صدر الْمجَالِس)
(إِن يذهب الدَّهْر الخئون بعزنا
…
ظلما فَلم يذهب بعز الْأَنْفس)
225 -
العادلي عَليّ بن أرغلو العادلي الْأَمِير عَلَاء الدّين ابْن الْأَمِير سيف الدّين أغرلو مَمْلُوك الْعَادِل كتبغا تقدم ذكر وَالِده فِي حرف الْهمزَة مَكَانَهُ كَانَ الْأَمِير عَلَاء الدّين هَذَا أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِدِمَشْق وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي طاعون دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى
226 -
أَبُو الْقَاسِم الشَّاعِر عَليّ بن أَفْلح بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الْعَبْسِي الْكَاتِب الأديب الْفَاضِل الشَّاعِر لَهُ ديوَان شعر وديوان ترسل وَكتب خطا حسنا لَهُ أهاج ومثالب فِي أَعْرَاض النَّاس فَأوجب ذَلِك مقته وَخَافَ من جمَاعَة فِي بَغْدَاد كَانَ المسترشد بِاللَّه قد أعطَاهُ أَرْبَعَة آدر فِي درب الشاكرية فَهَدمهَا وأنشأها دَارا مليحة عالية وَأَعْطَاهُ الْخَلِيفَة خَمْسمِائَة دِينَار وَمِائَة جذع وَمِائَتَا ألف آجرة وأجرى عَلَيْهِ مَعْلُوما فغرم على الدَّار عشْرين ألف دِينَار وَكَانَ فِيهَا حمام لمستراحها أنبوب إِن فرك يَمِينا جرى سخنا وان فرك شمالا جرى بَارِدًا ثمَّ انه ظهر عَنهُ يُكَاتب دبيس فنم عَلَيْهِ بوابه فهرب وانتقل إِلَى تكريب واستجار ببهروز ثمَّ آل الْأَمر أَن عفى عَنهُ وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(أسْتَغْفر الله من نظم القريض فقد
…
أقلعت عَنهُ فَمَالِي فِيهِ من أرب)
(إِذْ لست أَنْفك فِي نظميه من فزع
…
أَمْسَى ينغص عِنْدِي لَذَّة الْأَدَب)
(إِذا صدقت بهجوي النَّاس كخفتهم
…
وَإِن مدحت خشيت الله فِي الْكَذِب)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(لما أَتَانِي بهَا المدير على
…
عَاتِقه من شعاعها ألق)
(حسوتها مسرعا مَخَافَة أَن
…
تلبث فِي راحتي فتحترق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا انحنى كبرا فَقلت سفاهة
…
يلقاك من لم يتئد فِي قيله)
(سكن الحبيب شغَاف قلبِي ثاويا
…
مخنوت منعكفا على تقبيله)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا غرومي جزعي لبينهم
…
يَوْم النَّوَى وَأَنا أَخُو الْفَهم)
(فالقوس من خشب تإن إِذا
…
مَا كلفوها فرقة السهْم)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لله أحباب نأت بهم
…
أَيدي النَّوَى ففراقهم جلل)
(بعدوا فدمع الْعين منهمر
…
ونأوا فَنَار الشوق تشتعل)
(هَذَا وَمَا بَعدت مسافتهم
…
إِذْ قربوا للبين وَاحْتَملُوا)
(رحلوا وَلَكِن فِي الْفُؤَاد ثووا
…
فكأنهم رحلوا وَمَا رحلوا)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(كم إِلَى كم يكون هَذَا التجني
…
كل يَوْم تعتب مِنْك يضني)
(مَا تحيلت فِي رضاك وبالغت
…
بفن إِلَّا سخطت بفن)
(لست تصغي إِلَى هِدَايَة نصحي
…
أَنْت أهْدى إِلَى صلاحك مني)
(مَا أَتَانِي الغرام فِيك بأَمْري
…
وَكَذَا لَا يجي السلو بإذني)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(مَا بعد حلوان للمشتاق سلوان
…
عز العزاء وَبَان الصَّبْر مذ بانوا)
(دَعْنِي وتسكاب دمعي من مدامعه
…
فللشؤون ولي من بعدهمْ شان)
(مَا الْعَيْش بعدهمْ مِمَّا ألذ بِهِ
…
أَنِّي يلذ بِغَيْر النّوم وَسنَان)
(هم الْحَيَاة وَقد بانوا الْغَدَاة فَهَل
…
يَصح بعد ذهَاب الرّوح جثمان)
(يَا صَاحِبي أقلا من ملامكما
…
فَإِن لومكما ظلم وعدوان)
(أَيْن الشجي من خلي مَا أحب وَلَا
…
هَاجَتْ لَهُ بنوى الأحباب أشجان)
وَمِنْه // (من الرمل) //
(هَذِه الْخيف وهاتيك منى
…
فترفق أَيهَا الْحَادِي بِنَا)
(واحبس الركب علينا سَاعَة
…
نندب الرّبع ونبك الدمنا)
(فَلِذَا الْموقف أعددنا الأسى
…
وَلذَا الْيَوْم الدُّمُوع تقتنى)
(زَمنا كَانُوا وَكُنَّا جيرة
…
يَا أعَاد الله ذَاك الزمانا)
(بَيْننَا يَوْم أثيلات مني
…
كَانَ عَن غير ترَاض بَيْننَا)
(آه من رئم كحيل طرفه
…
بَين عَيْنَيْهِ نصال وقنا)
(
…
ترك الْجَانِي لم يعرض لَهُ
…
وابتلى ظلما بَرِيئًا مَا جنى)
وَمِنْه فِي غُلَام نَاقص الْجمال // (من الوافر) //
(وَمَا عشقي لَهُ وحشا لِأَنِّي
…
كرهت الْحسن واخترت القبيحا)
(وَلَكِن غرت أَن أَهْوى مليحا
…
وكل النَّاس يهوون المليحا)
وَمِنْه فِي غُلَام أعرج // (من الْخَفِيف) //
(بِأبي من رَأَيْته يتثنى
…
فَهُوَ من لينه يحل ويعقد)
(حسدوه على الْجمال فَقَالُوا
…
أعرج والمليح مَا زَالَ يجسد)
(هُوَ غُصْن وَالْحسن فِي الْغُصْن الناعم
…
مَا كَانَ مائلا يتأود)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(حمدت بوابك إِذْ ردني
…
وَذمَّة غَيْرِي على رده)
(لِأَنَّهُ قلدني نعْمَة
…
يسْتَوْجب الإغراق فِي حَمده)
(أراحني من قبح ملقاك لي
…
وكبرك الزَّائِد فِي حَده)
227 -
مُحي الدّين البعلبكي عَليّ بن أقسيس بن أبي الْفَتْح بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر مُحي الدّين البعلبكي كَانَ نَاظر الزَّكَاة بِدِمَشْق وَكَانَ رَئِيسا أنيق الشكل والمبلس والمأكل والسكن مليح الحركات كثير الصَّدَقَة والتلاوة لَهُ حكايات فِي المكارم توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
228 -
أَخُو مُحَمَّد بن أُميَّة عَليّ بن أُميَّة بن أبي أُميَّة كَانَ أَبوهُ يكْتب للمهدي على ديوَان بَيت المَال وديوان الرسائل والخاتم وَكَانَ هُوَ متقطعا إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي
والى الْفضل بن الرّبيع لما قَالَ عَليّ // (من المنسرح) //
(يَا ريح مَا تصنعين بالدهن
…
كم لَك من منظر حسن)
(محوت آثارها وأحدثت آثارا
…
بِربع الحبيب لم تكن)
(إِن تَكُ يَا ربع قد بَكَيْت من الرّيح
…
فَإِنِّي باك من الْحزن)
(قد كَانَ يَا ربع فِيك لي سكن
…
فصرت إِذْ بَان بعده سكني)
(شبهت مَا أبلت الرِّيَاح من أثار
…
حَبِيبِي النائي بلَى بدني)
(يَا ريح لَا تظلمي الرسوم وَلَا
…
تمحي رسوم الديار والدمن)
(حاشاك حاشاك أَن تَكُونِي على العاشق
…
عونا لحادث الزَّمن)
كثر النَّاس فِيهِ وغناه عَمْرو الغزال فَقَالَ أَبُو مُوسَى الأعمس // (من الْبَسِيط) //
(يَا رب خذني وَخذ عَليّ وَخذ
…
يَا ريح مَا تصنعين بالدمن)
(عجل إِلَى النَّار بِالثَّلَاثَةِ وَالرَّابِع
…
عَمْرو الغزال فِي قرن)
ثمَّ نَدم وَقَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيت وهم إخْوَانِي وَلَا أحب أَن أنشب بيني وَبينهمْ عَدَاوَة فَأنى أُميَّة وَقَالَ قد أذنبت ذَنبا وَجئْت مستجيرا بكم من فتيانكم فَدَعَا بعلي بن أُميَّة وَقَالَ هَذَا عمك قد أَتَاك معتذرا من الشّعْر الَّذِي قَالَه فَقَالَ وَمَا هُوَ فأنشده فَقَالَ قد ضجرنا وَالله مِنْهُ كَمَا ضجرت أَنْت وَأكْثر وَأَنت آمن من أَن يكون منا جَوَاب وأتى مُحَمَّد بن أُميَّة فَقَالَ لَهُ // (من المنسرح) //
(كم شَاعِر عِنْد نَفسه فطن
…
لَيْسَ لدينا بالشاعر الفطن)
(قد أخرجت نَفسه بغصتها
…
يَا ريح مَا تصنعين بالدمن)
وَدفع الرقعة إِلَى غُلَام لَهُ وَقَالَ ادفعها إِلَى أبي مُوسَى وَقل لَهُ يَقُول لَك مَوْلَاك ذَكرنِي بهَا إِذا انصرفت إِلَى الْمنزل فَلَمَّا انْصَرف إِلَى منزله أَتَاهُ غُلَامه بالرقعة فَقَالَ لَهُ هَذِه الَّتِي بعثت بهَا إِلَيّ فَقَالَ وَالله مَا بعثت إِلَيْك بِشَيْء وأظن الْفَاسِق قد فعلهَا ثمَّ دَعَا مُحَمَّد ابْنه فقرأها عَلَيْهِ فَلَمَّا سمع مَا فِيهَا قَالَ يَا غُلَام لَا تنْزع عَن البغلة وَرجع إِلَى عَليّ بن أُميَّة فَقَالَ لَهُ نشدتك الله أَن تزيد على مَا كَانَ فَقَالَ لَهُ أَنْت آمن قَالَ صَاحب الأغاني حدثي الْحسن بن عَليّ قَالَ حَدثنِي أَبُو هفان قَالَ كُنَّا فِي مجْلِس وَعِنْدنَا مغنية تغنينا وَصَاحب الْبَيْت يهواها فَجعلت تكايده وتومئ إِلَى غَيره بالمزاح والتجميش وتغيظه بجهدها وَهُوَ يكَاد يَمُوت قلقا وهما وتنغص عَلَيْهِ يَوْمه ولحت فِي أمرهَا وَسقط
المضراب من يَدهَا فاكبت على الأَرْض لتأخذه فضرطت ضرطة سَمعهَا جَمِيع من حضر وخجلت وَلم تدر مَا تَقول فَأَقْبَلت على عشيقها وَقَالَت أيش تشْتَهي أَن أُغني لَك فَقَالَ لَهَا غَنِي يَا ريح مَا تصنعين بالدمن فخجلت وَضحك الْقَوْم وَصَاحب الدَّار حَتَّى أفرطوا فَبَكَتْ وَقَامَت من الْمجْلس وَقَالَت أَنْتُم قوم سفل لعنة الله على من يعاشركم وَخرجت وَكَانَ ذَلِك سَبَب القطيعة بَينهمَا
229 -
أَبُو الْحسن الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن الأنجب بن مَا شَاءَ لله بن الْحسن بن عبد الله بن عبيد الله بن الْجَصَّاص أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ جود قِرَاءَة الْقُرْآن وتفقه على أبي المنى وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَقَرَأَ الْأَدَب وَكتب الْخط الْحسن وَسمع من أبي الْفَتْح بن شاتيل فَمن بعده مولده سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ووفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
230 -
أَبُو الْحسن الإسْكَنْدراني الْمَالِكِي عَليّ بن الأنجب أبي المكارم بن عَليّ بن مفرح بن حَاتِم بن الْحسن بن جَعْفَر بن إِبْرَاهِيم بن حسن اللَّخْمِيّ الْمَقْدِسِي الأَصْل الإسْكَنْدراني المولد الْمَالِكِي أَبُو الْحسن كَانَ فَاضلا فِي مذْهبه من أكَابِر الْحفاظ فِي الحَدِيث صحب الْحَافِظ السلَفِي وَصَحبه زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ وَعَلِيهِ تخرج وَكَانَ يَنُوب فِي الْإسْكَنْدَريَّة ودرس هُنَاكَ ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الصاحبية ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره // (من المتقارب) //
(تجاوزت سِتِّينَ من مولدِي
…
فأسعد أيامي الْمُشْتَرك)
(يسائلني زائري حالتي
…
وَمَا حَال من حل فِي المترك)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(ولمياء تحيي من نحيي بريقها
…
كَأَن مزاج الراح بالمسك من فِيهَا)
(وَمَا ذقت فاها غير أَنِّي رويته
…
عَن الثِّقَة المسواك وَهُوَ موافيها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أيا نفس بالمأثور عَن خير مُرْسل
…
وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ تمسكي)
(عساك إِذا بالغت فِي نشر دينه
…
بهَا طَابَ من نشر لَهُ أَن تمسك)
(وخافي غَدا يَوْم الْحساب جهنما
…
إِذا لفحت نيرانها أَن تمسك)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(ثَلَاث باءات بلينا بهَا
…
البق والبرغوث والبرغش)
(ثَلَاثَة أوحش مَا فِي الورى
…
وَلست أَدْرِي أَيهَا أوحش)
231 -
ابْن السَّاعِي عَليّ بن أَنْجَب بن عُثْمَان بن عبيد الله الشَّيْخ تَاج الدّين أَبُو الْحسن أَبُو طَالب بن السَّاعِي بِالسِّين وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَينهمَا ألف الْبَغْدَادِيّ المؤرخ خَازِن المستنصرية توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو جازها كَانَ أديبا فَاضلا أخباريا عمل تَارِيخا مَا زَالَ يجمع فِيهِ إِلَى أَن مَاتَ وَعمل تَارِيخ لشعراء زَمَانه وذيل على كَامِل ابْن الْأَثِير وَله كتاب غزل الظراف فِي مجلدين أجَازه الْمُسْتَنْصر عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكَانَت تَارِيخ الْمعلم الأتابكي التمسه مِنْهُ نور الدّين صَاحب شهرزور أرسلان شاه بن زنكي أجَازه عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكتاب نزهة الْأَبْصَار فِي أَخْبَار ابْني المستعصم الشَّهِيد وَمَا أنْفق عَلَيْهِمَا من الْأَمْوَال وتفاصيل مَا عمل من المآكل والملابس وَمَا عمل من المدائح فَأعْطى عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكَانَ إقبال الشرابي ينفذ إِلَيْهِ الذَّهَب ويحترمه وَله فِي إقبال مدائح وَفِي غَيره وَوَصله الْمُسْتَنْصر بِمِائَة دِينَار على كتاب الإيناس فِي مَنَاقِب بني الْعَبَّاس وَكتاب الْحَث على طلب الْوَلَد عمله باسم مُجَاهِد الدّين أيبك الدوادار الصَّغِير وَقدمه لَهُ يَوْم دُخُوله على ابْنة صَاحب الْموصل لولو وَكتاب تَارِيخ الوزراء وتاريخ نسَاء الْخُلَفَاء من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء ومنهن سمرأم أَوْلَاد المستعصم الْأُمَرَاء أَحْمد وَعبد الرَّحْمَن ومبارك وسيرة الْمُسْتَنْصر ومصنف فِي آل الْبَيْت وَله عدَّة تواليف أورد ابْن الكازروني فِي تَرْجَمَة ابْن السَّاعِي أَسمَاء تصانيفه وَهِي كَثِيرَة لَعَلَّهَا وقر بعير مِنْهَا مشيخة بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة فِي عشْرين مجلدا وروى بِالْإِجَازَةِ عَن أبي سعيد الصفار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وأحسبها الْعَامَّة وَعَن ابْن سكينَة والكندي
وَابْن الْأَخْضَر وَأحمد بن الديبقي وَسمع من أَصْحَاب أبي الْوَقْت وَقَرَأَ على ابْن النجار تَارِيخه الْكَبِير لبغداد وَله أَوْهَام وَقد تكلم فِيهِ وَالله أعلم
7928 -
الْمَنْصُور بن الْمعز عَليّ بن أيبك الْملك المصور ابْن الْملك الْمعز التركماني لما قتلت شَجَرَة الدّرّ امْرَأَة أَبِيه وَالِده الْمعز أيبك على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة أيبك اجْتمع جمَاعَة من الْأُمَرَاء الصالحية وسلطنوا عليا الْمَذْكُور وسموه الْمَنْصُور وعمره يَوْمئِذٍ خمس عشرَة سنة وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة على مَا تقدم شَرحه فِي تَرْجَمَة الْمعز أيبك وَتَوَلَّى تَدْبِير ملكه سيف الدّين قطز مَمْلُوك أَبِيه فَلَمَّا كَانَ أَوَاخِر سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة ودهم التتار الشَّام رأى قطز أَن الْأَمر يحْتَاج إِلَى سُلْطَان مُسْتَقل فَخلع الْمَنْصُور عليا وتسلطن قطز وَتسَمى بالمظفر وَجرى لَهُ مَتى جرى على مَا سَوف يَأْتِي فِي تَرْجَمَة قطز فِي حرف الْقَاف إِن شَاءَ الله تَعَالَى
7929 -
ابْن الساربان عَليّ بن أَيُّوب بن الحسيين القمي أَبُو الْحسن بن الساربان الْكَاتِب روى عَن المتنبي ديوانه بقوله وَعَن السيرافي وَجَمَاعَة قَالَ الْخَطِيب قَرَأت عَلَيْهِ شعر المتنبي وَكَانَ رَافِضِيًّا وَتُوفِّي فِي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
234 -
عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي عَليّ بن أَيُّوب بن مَنْصُور الشَّيْخ الإِمَام عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي معيد الْمدرسَة البادرائية بِدِمَشْق كَانَ يعرف بعليان وَيكْتب ذَلِك بِخَطِّهِ فِي أول أمره ودرس بالأسدية وبحلقة صَاحب حمص وَسمع من الْفَخر بن البُخَارِيّ وَمن عبد الرَّحْمَن بن الزين وَحدث بِدِمَشْق والقاهرة وَكتب بِخَطِّهِ الْمليح كثيرا من كتب الْعلم وَلما بِيعَتْ فِي حَيَاته تغالى النَّاس فِيهَا لصحتها وَكَانَ قد عني بِالْحَدِيثِ وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ أَيْضا وحرر الْأَلْفَاظ وضبطها ثمَّ انه سكن الْقُدس بِأخرَة وَاخْتَلَطَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يعبث فِي اخْتِلَاطه بِذكر الْجِنّ وَيَقُول قد وعدوني بِأَن يسوقوا نَهرا من النّيل ونهرا من زَيْت نابلس إِلَى دَاري هَذِه ويعد لذَلِك أَمَاكِن يكون فِيهَا المَاء وَالزَّيْت وَأَشْيَاء من هَذِه المستحيلات وقاسى فقرا شَدِيدا وفاقة وَتُوفِّي رحمه الله بالقدس سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي شهر رَمَضَان الْمُعظم
235 -
الْحَافِظ الْقطَّان عَليّ بن بَحر الْقطَّان الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ والذهلي وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
236 -
أستاذ الدَّار عَليّ بن بختيار أَبُو الْحسن الْكَاتِب كَانَت لَهُ معرفَة بِالْكِتَابَةِ وخدم فِي الدَّوَاوِين وَولى أستاذ دارية الْخلَافَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فِي خَامِس عشْرين شَوَّال وعزل فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَلزِمَ بَيته وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله نَفَقَة عَلَيْهِم وَتردد إِلَى الصَّالِحين وَبنى رِبَاطًا للصوفية بِبَاب الجعفرية ووفق عَلَيْهِ كثيرا من أملاكه وَتُوفِّي سنة تسعين وَخَمْسمِائة
237 -
الوَاسِطِيّ الشَّاعِر عَليّ بن بختيار بن عَليّ أَبُو السعادات الوَاسِطِيّ شَاعِر كَاتب لَهُ معرفَة بالأدب روى بِبَغْدَاد عَن جمَاعَة من شعراء وَاسِط وَسمع مِنْهُ عمر بن ظفر المغازلي وَعلي بن أبي أسعد الخباز وَأَبُو بكر بن الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف وَغَيرهم وَمن شعره // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَا تغتدر بوداد من
…
لَك وده أَهلا وسهلا)
(يلقاك مِنْهُ بكله
…
ملقا ويمنعك الأقلا)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لَا تأمنن عدوا كَانَ خوارا
…
وَكن على حذر أَن يدْرك الثارا)
(فالماء وَهُوَ سخين لَيْسَ يمنعهُ
…
مَا فِيهِ من حِدة أَن يُطْفِئ النارا)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(لَا تلمني على تألم قلبِي
…
لنوى من إِلَيْهِ قلبِي يحن)
(فالحنايا وَمَا لَهُنَّ حنين الْمَرْء
…
من فرقة السِّهَام تَئِنُّ)
وَمِنْه // (من مخلع الْبَسِيط) //
(مدحت عمرا على اغترار
…
وَلم يكن مَوضِع المديح)
(فَقَالَ قولا فِيهِ احْتِيَاج
…
للرجل الْمُوسر الشحيح)
(ألمال روح والمديح ريح
…
وَلست أعطي روحا برِيح)
238 -
العطاردي الْكَاتِب عَليّ بن بدر بن عبد الله العطاردي أَبُو الْحسن الْكَاتِب كَانَ وَالِده مولى نصر بن الْعَطَّار الْحَرَّانِي التَّاجِر ولد عَليّ بِبَغْدَاد وَنَشَأ مَعَ أَوْلَاد سَيّده وَكتب وَسمع وَقَرَأَ الْأَدَب وَكتب على خطوط الْمَشَايِخ إِلَى أَن ضرب الْمثل بِخَطِّهِ وَكَانَ شَابًّا مليح الصُّورَة كَاتبا سديدا بليغا لَهُ النّظم والنثر وسافر إِلَى مصر وَأقَام بهَا وتصرفي فِي الْأَعْمَال الديوانية وَكَانَت نَفسه تسمو إِلَى الوزارة وَكتب لِابْنِ الذروى قصائد من شعره فَكتب إِلَيْهِ ابْن الذروى // (من الْخَفِيف) //
(يَا بن عَلَوْت فِي الْخط قدرا
…
عِنْدَمَا قايسوك بِابْن هِلَال)
(جَاءَ يَحْكِي أَبَاهُ فِي النَّقْص لما
…
جِئْت تحكي أَبَاك عِنْد الْكَمَال)
وتفي ابْن دبر سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
239 -
أَبُو دعامة الْقَيْسِي عَليّ بن بريد أَبُو دعامة الْقَيْسِي وَأَبُو الْحسن أحد الكبراء النبلاء الروَاة صَاحب أدب وَله أَخْبَار وَهُوَ مَشْهُور بكنيته روى عَن أبي نواس وَأبي الْعَتَاهِيَة وروى عَنهُ ابْن أبي طَاهِر وَعون بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ وَغَيرهمَا
240 -
صَاحب الذَّخِيرَة عَليّ بن بسام أَبُو الْحسن الشنتريني صَاحب كتاب الذَّخِيرَة فِي محَاسِن أهل الجزيرة يَعْنِي جَزِيرَة الأندلس وَلَا أعرف فِي الْأَدَب كتابا مثله فِي بَابه فِي الاستطراد بالنظائر والأمثال والأشباه وَذكر السرقات وَأما نثره فِي تراجم من ذكره فِيهَا فَإِنَّهُ كالمدام وَصفا والنسيم لطفا أربى فِيهِ على الْفَتْح بن خاقَان صَاحب قلائد العقيان إِلَّا أَن نثر صَاحب القلائد أمكن وأصنع وَذَاكَ أسرى وألطف وَقد اخْتَار الذَّخِيرَة ابْن ظافر وزاده أَشْيَاء وكمله بِأَبْيَات وَتَمام رسائل وفصول وَحذف مِنْهُ فصولا فجوده وَسَماهُ نفائس الذَّخِيرَة وَلَو عمل كَانَ جيدا إِلَى الْغَايَة وملكت ذَلِك بِخَط ابْن ظافر
241 -
الْمصْرِيّ الْوراق عَليّ بن بَقَاء بن مُحَمَّد بن أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الْوراق
النَّاسِخ كَانَ مُحدث مصر فِي وقته ثِقَة مرضيا وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين عَليّ بن بكار أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ نزيل المصيصة والثغور الزَّاهِد الْمَعْرُوف صحب إِبْرَاهِيم بن أدهم مُدَّة وَتُوفِّي سنة تسع وَمِائَتَيْنِ
242 -
صَاحب إربل عَليّ بن بكتكين بن مُحَمَّد الْأَمِير زين الدّين كوجك التكماني صَاحب إربل أحد الْأَبْطَال الموصوفين والفرسان الْمَذْكُورين كوجك مَعْنَاهُ لطيف الْقد حاصر المقتفي وَخرج عَلَيْهِ ثمَّ طلب عَفوه وَحسنت طَاعَته وَحج هُوَ وشيركوه وَكَانَ من أكَابِر الدولة الأتابكية مدحه الحيص بيص بقصيدة فَقَالَ لَهُ أَنا مَا أعرف مَا تَقول وَلَكِن أعلم أَنَّك تُرِيدُ شَيْئا فَأمر لَهُ بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَفرس وخلعة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
243 -
السائح الْهَرَوِيّ الْخَطِيب عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ الزَّاهِد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْهَرَوِيّ الأَصْل الْموصِلِي النشأ السائح الَّذِي طوف الْبِلَاد والأقاليم وَكَانَ يكْتب على الْحِيطَان فقلما تَجِد موضعا مَشْهُورا فِي بلد إِلَّا خطه عَلَيْهِ ولد بالموصل واستوطن آخر عمره بحلب وَله بهَا رِبَاط وَله تواليف حَسَنَة مِنْهَا كتاب الزيارات بالزاي وَله كتاب عجائب الأَرْض ذَات الطول وَالْعرض وَله كتاب خطب صنفه وَقدمه للْإِمَام النَّاصِر فَوَقع لَهُ بالحسبة فِي سَائِر الْبِلَاد وإحياء مَا شَاءَ من الْموَات والخطابة بحلب وَكَانَ التوقيع بِيَدِهِ إِذا دخل بِبَلَد عمل بهَا الْحِسْبَة إِلَى أَن يخرج مِنْهَا وَكَانَ يعرف السيمياء وَبهَا تقدم عِنْد الظَّاهِر صَاحب حلب وَقَالَ ابْن وَاصل كَانَ عَارِفًا بأنواع الْحِيَل والشعبذة وَبنى لَهُ مدرسة بِظَاهِر حلب وَدفن فِي قبَّة الْمدرسَة وَكتب على كل بَاب مِنْهَا مايليق بِهِ وَكتب على بَاب بَيت المَاء بِبَيْت المَال فِي بَيت المَاء وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة قَالَ ابْن خلكان رَأَيْت فِي قُبَّته مُعَلّقا عِنْد رَأسه غصنا وَهُوَ حَلقَة حَلقَة لَيْسَ فِيهَا صَنْعَة وَهُوَ أعجوبة قيل انه رَآهُ فِي بعض سياحاته فاستصحبه وأوسى أَن يكون عِنْد رَأسه ليعجب مِنْهُ من يرَاهُ وَكَانَ يضْرب بِهِ
الْمثل فِي وجود خطه فِي كل مَوضِع مَشْهُور حَتَّى قَالَ فِيهِ ابْن شمس الْخلَافَة وَقد ذكر شخصا يستجدي بالأوراق // (من الْبَسِيط) //
(أوراق كديته فِي بَيت كلّ فَتى
…
على اتِّفَاق معانٍ وَاخْتِلَاف رُوِيَ)
(قد طبَّق الأَرْض من سهل وَمن جبل
…
كَأَنَّهُ خطّ ذَاك السائح الْهَرَوِيّ)
244 -
ابْن روزبة عَليّ بن أبي بكر بن روزبة رَاء أولى قبل الْوَاو وَبعدهَا زَاي قبل بَاء مُوَحدَة ابْن عبد الله أَبُو الْحسن الْبَغْدَادِيّ القلانسي الصُّوفِي سمع صَحِيح البُخَارِيّ من أبي الْوَقْت وَحدث بِبَغْدَاد وَرَأس عين مَرَّات بِالصَّحِيحِ وازدحموا عَلَيْهِ ووصلوه بجملة من الذَّهَب وَكَانَ قد عزم على الْحُضُور إِلَى دمشق فخوفوه من حِصَار دمشق فَرد إِلَى بَغْدَاد فطالبوه بِمَا كَانُوا أَعْطوهُ فَرد الْبَعْض وماطل الْبَاقِي وَجَاوَزَ التسعين وأضر آخر عمره وَأَجَازَ لِابْنِ الشِّيرَازِيّ وَسعد والمطعم وَأحمد بن الشّحْنَة وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
245 -
ابْن الطبيبة العابر عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مَحْمُود أَبُو الْحسن الصنهاجي الإسْكَنْدراني العابر الْمَعْرُوف بِابْن الطبيبة سمع وَله شعر حسن وَمَعْرِفَة بالتعبير وَكَانَ فِيهِ خير وَصَلَاح وأضر بِأخرَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
246 -
عَلَاء الدّين بن صصرى عَليّ بن أبي بكر بن أبي الْفَتْح بن مَحْفُوظ بن الْحسن بن صصرى الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن التغلبي الدِّمَشْقِي الْعدْل الضَّرِير رَاوِي الصَّحِيح عَن ابْن مندويه وَأحمد بن عبد الله السّلمِيّ سمع من الْمجد الْقزْوِينِي وَسمع مِنْهُ جمال الدّين الْمزي وَابْن الخباز والرزالي وَابْن سيد النَّاس وَجَمَاعَة وَكَانَ من أَبنَاء التسعين توفّي إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة
247 -
وَزِير الممالك الفانئة عَليّ شاه ابْن أبي بكر التبريزي الْوَزير الْكَبِير خدم القان بوسعيد ملك التتار وَتمكن مِنْهُ وَعظم مَحَله مِنْهُ وَكَانَ مصافيا للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد محبا لَهُ أهْدى إِلَيْهِ تحفا رَأَيْت مِنْهَا الربعة الَّتِي أهداها فِي ثَلَاثِينَ جُزْءا قطع الْبَغْدَادِيّ مَكْتُوبَة بِالذَّهَب مزمكة فِي غَايَة الْحسن وَأهْدى إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز أُخْرَى مثلهَا وَكَانَ محبا لأهل السّنة كَانَ فِي أول أمره سمسارا ثمَّ آلت بِهِ الْحَال إِلَى أَن وزر
وَتُوفِّي بأرجان هُوَ من أَبنَاء السِّتين سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ وَالِد الْأَمِير نَاصِر الدّين خَليفَة أحد أُمَرَاء دمشق قدم على السُّلْطَان فَطَلَبه الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَأمره وَبَعثه إِلَى دمشق فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن وَله أَخ لَهُ صُورَة فِي الْبِلَاد وحشمة والوزير عَليّ شاه هُوَ الَّذِي قَامَ على الرشيد حَتَّى أهلك
248 -
برهَان الدّين المرغيناني الْحَنَفِيّ بن أبي بكر بن عبد الْجَلِيل الإِمَام برهَان الدّين المرغيناني بالغين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ونونين بَينهمَا ألف شيخ الْحَنَفِيَّة أَبُو الْحسن صَاحب كتابي الْهِدَايَة والبداية فِي الْمَذْهَب توفّي فِي حُدُود التسعين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا
249 -
تَاج الدّين الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أبي بكر بن أبي خَازِن كَذَا قَالَ القوصي فِي مُعْجَمه ابْن عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ تَاج الدّين أَبُو الْحسن قَالَ القوصي وَمن خطه نقلت فِي مُعْجَمه كَانَ هَذَا الشَّيْخ من أَرْبَاب الْآدَاب وقرأت عَلَيْهِ كتاب تَفْضِيل الْكلاب على كثير مِمَّن لبس الثِّيَاب تصنيف المرزباني وَكن مولده بِبَغْدَاد أَنْشدني لنَفسِهِ بِدِمَشْق بِالْمَدْرَسَةِ المجاهدية فِي شهور سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة // (من الرمل) //
(لست تحْتَاج إِلَى أَن تقتضني
…
لَك من نَفسك نعم الْمُقْتَضِي)
(أَنا إِن أذكرت من لم ينسني
…
فَلَمَّا يقلقني من مضضي)
(وَإِذا لم أَشك مَا بِي لكم
…
فَإلَى من يَا أساة الْمَرَض)
وأنشدني لنَفسِهِ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(أَنَّهَا الشيب فضَّة
…
سكبتها التجارب)
(بل حسام مهند
…
صقلته النوائب)
وأنشدني لنَفسِهِ // (من المنسرح) //
(هَات اسقنيها صدفا مُعتقة
…
واجتنب المزج فَهُوَ يتلغها)
(لَا تطرح فعل مَا أمرت بِهِ
…
أصرفها للهموم أصرفها)
250 -
شمس الدّين الْحَاجِب الأفضلي عَليّ بن بكر السباق بن جادلي شمس الدّين أَبُو الْحسن الأفضلي كَانَ أَمِيرا بِدِمَشْق فِي الدولة الْأَفْضَلِيَّة حاجبا مولده بِدِمَشْق سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ فِيهِ إِعَانَة لِذَوي الْحَاجَات
وَفِيه فَضِيلَة يرْوى شعرًا كثيرا أَقَامَ بحماة مُدَّة بعد خُرُوجه من دمشق بِسَبَب دين كثير كَانَ عَلَيْهِ بهَا شاغل لذمته وبيعت دَاره عَلَيْهِ فِي الدّين لغيبته
251 -
فَخر الدّين التركي النَّحْوِيّ عَليّ بن بكمش فَخر الدّين التركي النَّحْوِيّ تلميذ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَاسِع عشْرين شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة بِدِمَشْق
252 -
عَلَاء الدّين الْفَارِسِي عَليّ بن بلبان الْأَمِير الْمُفْتِي الْمُحدث النَّحْوِيّ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن الْفَارِسِي الْمصْرِيّ الجندي الْحَنَفِيّ ولد بِدِمَشْق سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع من الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي جُزْءا لِابْنِ ديزيل وَسمع من مُحَمَّد بن عَليّ بن صاعد وبدمشق من الْبَهَاء ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَتقدم فِي الْمَذْهَب وأصوله وأتقن النَّحْو وَشرح فِي الْجَامِع الْكَبِير وروت صَحِيح ابْن حبَان على الأبوب على نمط كتب السّنَن وَعمل المعجم الْكَبِير للطبراني أَو أَكْثَره على الْأَبْوَاب وَكَانَ جيد الْفَهم حسن المذاكرة لَهُ نظم تقدم أَيَّام المظفر بيبرس الجاشنكير ثمَّ انجمع وأكرمه النَّائِب أرغون الدوادار وَكَانَ مليح الشكل وافر الْجَلالَة نَشأ وَلَده جمال الدّين فتفقه لأبي حنيفَة ثمَّ تحول شافعيا فتألم وَالِده لذَلِك قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمع بقراءني جُزْءا وَمَا أَظُنهُ حدث وَكَانَ يصلح للْقَضَاء لسكونه وَعلمه وتصونه وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَلم تتفق لي رُؤْيَته
253 -
الْمُحدث أَبُو الْقَاسِم الناصري الكركي عَليّ بن بلبان الْمُحدث أَبُو الْقَاسِم الْمَقْدِسِي الناصري الكركي المشرف ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَسمع بِبَغْدَاد من الْقطيعِي وكريمه وَهَذِه الطَّبَقَة وبدمشق ومصر والإسكندرية من جمَاعَة من أَصْحَاب السلَفِي وعني بِهَذَا الْفَنّ وَسمع الْكثير وَحصل الْأَجْزَاء وَلم يكن مبرزا وَلَا متقنا وَله غلطات وأوهام سمع مِنْهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية والمزي والبرزالي وَخلق كثير وَله نظم وَخرج لنَفسِهِ ولجماعة وَمن شعره
254 -
ابْن البدري عَليّ بن بلبان الْأَمِير عَلَاء الدّين بن البدري أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِالشَّام تولى نابلس بعد إمْسَاك الْأَمِير سيف الدّين تنكز فِي نِيَابَة الطنبغا وأجمل السِّيرَة بهَا ثمَّ تولى ولَايَة الْوُلَاة بالسفقة الْقبلية فأجمل السياسة وعف عَن أَمْوَال الرعايا إِلَى الْغَايَة ثمَّ ولى نِيَابَة الرحبة فحمدت سيرته بهَا ثمَّ عزل مِنْهَا وَأقَام على امْرَأَته ثمَّ أُعِيد إِلَى نِيَابَة الرحبة ثمَّ عزل مِنْهَا وَولى ولَايَة الْوُلَاة بالصفقة الْقبلية فَزَاد فِي حسن الْمُبَاشرَة والعفة عَن أَمْوَال الرعايا حَتَّى إِنَّه كَانَ لَا يعلق التِّبْن على خيله وَلَا يشرب المَاء إِلَّا بِثمن يُخرجهُ من مَاله ثمَّ استقال فأعفي من ذَلِك ثمَّ ورد المرسوم الشريف بِأَن يتَوَجَّه لنيابة الرحبة وَكَانَ قد حصل لَهُ مرض استرخاء فعاقه عَن ذَلِك وطولع بأَمْره فورد المرسوم الشريف بِأَن يتَوَجَّه إِلَى الرحبة الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن الزيبق ثمَّ الْأَمِير عَلَاء الدّين بن البدري فِي مَرضه تَقْدِير شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي مستهل شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة
255 -
الْعزي النَّحْوِيّ عَليّ بن بكمش بن عبد الله التركي الْعزي النَّحْوِيّ أَبُو الْحسن كَانَ وَالِده من موَالِي الْعَزِيز بن نظام الْملك وَكَانَ من الأجناد وَولد لَهُ عَليّ هَذَا بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن وجوده وَقَرَأَ النَّحْو على الْوَجِيه أبي بكر الوَاسِطِيّ ثمَّ سَافر إِلَى الشَّام وَصَحب الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب وبرع فِي ذَلِك وَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ وأثرى وَكثر مَاله ثمَّ انه عَاد إِلَى بَغْدَاد ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَبهَا مَاتَ وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(وقائلة بَغْدَاد منشؤك الَّذِي
…
نشأت بِهِ طفْلا عَلَيْك التمائم)
(فَمَا بالها تَشْكُو جفاءك معرضًا
…
أما آن أَن تمْضِي إِلَيْهَا العزائم)
(فَقلت لَهَا إِنِّي الفريد وَإِنَّهَا
…
أَوَان مغاص الدّرّ وَالْوَقْت عائم)
(وَقد جرت الْعَادَات فِي الدّرّ أَنه
…
إِذا فَارق الأصداف لاقاه ناظم)
وَمِنْه فِي خصي يدعى مُخْتَارًا // (من الْكَامِل) //
(مُخْتَار مُخْتَار الْقُلُوب ونزهة
…
للناظرين ومحنة العشاق)
(وَمنى الْقُلُوب وَغَايَة اللَّذَّات فِي
…
شرع الْهوى ومطية الْفُسَّاق)
256 -
عماد الدولة بن بُويه عَليّ بن بُويه بن فناخسرو عماد الدولة أَبُو الْحسن الديلمي صَاحب بِلَاد فَارس تقدم ذكر أَخِيه معز الدولة أَحْمد بن بويه وَهَذَا عماد الدولة أول من ملك من بني بويه كَانَ أَبوهُ صياد سمك مَا لَهُ معيشة غير صيد السّمك وَكَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة عماد الدولة عَليّ وَهُوَ أكبرهم ثمَّ ركن الدولة الْحسن وَهُوَ وَالِد عضد الدولة ثمَّ معز الدولة أَحْمد وَكَانَ عماد الدولة سَبَب سعادتهم وانتشار صيتهم استولوا على الْبِلَاد وملكوا العراقين والأهواز وَفَارِس وساسوا أُمُور الرّعية احسن سياسة وَلما ملك عضد الدولة اتسعت ممالكه وزادت على مَا كَانَ لأسلافه وَانْقَضَت لعماد الدولة فِي أول ولَايَته أُمُور أوجبت ثبات ملكه مِنْهَا انه لما ملك شيراز فِي أول ملكه جمع أَصْحَابه وطلبوا مِنْهُ الْأَمْوَال وَلم يكن مَعَه مَا يرضيهم وأشرف أمره على الانحلال فاغتنم لذَلِك فَبينا هُوَ مفكر قد اسْتلْقى على ظَهره فِي مجْلِس قد خلا بِنَفسِهِ للكفر وَالتَّدْبِير إِذْ رأى حَيَّة قد خرجت من مَوضِع فِي سقف من ذَلِك الْمجْلس وَدخلت موضعا آخر مِنْهُ فخاف أَن تسْقط عَلَيْهِ فَدَعَا بالفراشين وَأمرهمْ بإحضار سلم وَإِخْرَاج الْحَيَّة فَلَمَّا بحثوا عَن الْحَيَّة وجدوا ذَلِك السّقف يقْضِي إِلَى غرفَة بَين سقفين فعرفوه ذَلِك فَأمر بِفَتْحِهَا ففتحت فَوجدَ فِيهَا عدَّة من صناديق المَال والبضاعات قدر خَمْسمِائَة ألف دِينَار فَحمل المَال إِلَى بَين يَدَيْهِ فسر بِهِ وأنفقه فِي رِجَاله وَثَبت أمره بعد أَن كَانَ قد أشفى على الانحلال ثمَّ انه قطع ثيابًا وَسَأَلَ عَن خياط حاذق فوصف لَهُ خياط كَانَ لصَاحب الْبَلَد قبله فَأمر بإحضاره وَكَانَ أطروشا فَوَقع للخياط انه قد سعى بِهِ إِلَيْهِ فِي وَدِيعَة كَانَت عِنْده لصَاحب الْبَلَد وانه طلبه لهَذَا السَّبَب فَلَمَّا خاطبه حلف لَهُ انه لَيْسَ عِنْده إِلَّا اثْنَا عشر صندوقا لَا يدْرِي مَا فِيهَا فَعجب عماد الدولة من جَوَابه وَوجه مَعَه من حملهَا فَوجدَ فِيهَا أَمْوَالًا وثيابا بجملة عَظِيمَة فَكَانَت هَذِه الْأَسْبَاب مِمَّا ثَبت ملكه وَقرر قَوَاعِده ومكنت أَحْوَاله وعاش سبعا وَخمسين سنة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة بشيراز وَدفن بدار المملكة وَملك فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثلاثمائة وَأقَام فِي الْملك سِتّ عشرَة سنة
257 -
أول مُلُوك بني بويه وهم أربة عشر ملكا وَمُدَّة ملكهم مائَة وتسع وَعِشْرُونَ
سنة فَأول مُلُوكهمْ الْإِخْوَة الثَّلَاث الَّذين استولوا على فَارس وَمَا ولاها وهم عماد الدولة أَبُو الْحسن عَليّ بن بويه وَكَانَ أكبرهم وَلم يدْخل بَغْدَاد وركن الدولة أَبُو عَليّ الْحسن وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَة أَوْلَاد عضد الدولة ومؤيد الدولة وفخر الدولة وَأَبُو الْعَبَّاس ومعز الدولة أَحْمد بن بويه وَهُوَ أول من دخل بَغْدَاد من مُلُوكهمْ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَقَامَ بعده وَلَده عز الدولة بختيار ثمَّ ملك عضد الدولة ثمَّ ولى ابْنه صمصام الدولة واعتقله أَخُوهُ شرف الدولة وَسلمهُ وَقَتله أَبُو نصر بختيار وَملك شرف الدولة ابْن عضد الدولة ومؤيد الدولة أَخُو عضد الدولة وَلم يدْخل بَغْدَاد وَمَات بجرجان وَولى أَخُوهُ فَخر الدولة وَلم يدْخل بَغْدَاد وَلما مَاتَ شرف الدولة بِبَغْدَاد عهد إِلَى وَلَده أبي نصر بهاء الدولة ثمَّ تولى ابْنه سُلْطَان الدولة فِي بَغْدَاد واستناب جلال الدولة وَكَانَ لجلال الدولة الْملك الْعَزِيز ثمَّ ولى أَبوهُ الْمَرْزُبَان ابْن سُلْطَان الدولة وَمَات فَقَامَ بعده وَلَده الْملك الرَّحِيم فَكَانَ الْملك الرَّحِيم آخر مُلُوك بني بويه وَولى طغرلبك السلجوقي
258 -
مشرف الدولة بن بويه أَبُو عَليّ بن بويه مشرف الدولة ولى ملك بَغْدَاد وَغَيرهَا وَكَانَ فِيهِ دين وتصوف قدم فِي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة إِلَى بَغْدَاد وتلقاه الْخَلِيفَة وَتُوفِّي رحمه الله سنة سِتَّة عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَكن مُدَّة ملكه خمس سِنِين وعاش ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَثَلَاثَة أشهر وَنهب يَوْم مَوته سوق التمارين ودور جمَاعَة وملكوا بعده أَبَا طَاهِر جلال الدولة خطب لَهُ بِبَغْدَاد وَهُوَ بالأهواز
259 -
عَليّ بن ثَابت الْأنْصَارِيّ عَليّ بن ثَابت أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ نزل بَغْدَاد وَكَانَ شَاعِرًا صديقا لأبي الْعَتَاهِيَة يتعارضان فِي الشّعْر إِذا قَالَ هَذَا قصيدة قَالَ ذَاك مثلهَا وَحضر أَبُو الْعَتَاهِيَة دَفنه وَصلى عَلَيْهِ ورثاه وَمن شعره قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة // (من الْبَسِيط) //
(بعزة الله أستعفى من النَّار
…
وَالله جاري وَعز الله من جَار)
(يَا نفس مَا بَين لفح النَّار منزلَة
…
وَبَين روح جنان الْخلد فاختاري)
فَقَالَ عَليّ بن ثَابت // (من الْبَسِيط) //
(يَا نفس مَا لَك من صَبر على النَّار
…
قد حَان أَن تقبلي من بعد إدبار)
(يَا نفس إِنَّك قد خيرت فِي مهل
…
بَين الْهدى والعمى يَا نفس فاختاري)
وَأما مرثية أبي الْعَتَاهِيَة لعَلي بن ثَابت فَهِيَ // (من الوافر) //
(أَلا من لي بأنسك يَا أخيا
…
وَمن لي أَن أبثك مَا لديا)
(طوتك خطوب دهرك بعد نشر
…
كَذَاك خطوبه نشرا وطيا)
(فَلَو سمحت بردك لي اللَّيَالِي
…
شَكَوْت إِلَيْك مَا اجترمت إليا)
(بكيتك يَا عَليّ بدر عَيْني
…
فَلم يغن الْبكاء عَلَيْك شيا)
(كفى حزنا بدفنك ثمَّ إِنِّي
…
نفضت تُرَاب قبرك عَن يديا)
(وَكَانَت فِي حياتك لي عظات
…
وَأَنت الْيَوْم أوعظ مِنْك حَيا)
260 -
الْكِنْدِيّ عَليّ بن ثروان بن زيد أَبُو الْحسن الْكِنْدِيّ ابْن عَم تَاج الدّين الْكِنْدِيّ ولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ الْأَدَب على عَليّ أبي مَنْصُور الجواليقي وَغَيره وَحَتَّى برع وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب مليحا ويضبط صَحِيحا لَقِي الْقبُول عِنْد نور الدّين الشَّهِيد وَصَارَ من خاصته وروى عَنهُ الْحسن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صصرى وَهبة الله بن عَسَاكِر كتاب المعرب لِابْنِ الجواليقي ولد سنة خَمْسمِائَة أَو قبلهَا وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق وَهُوَ الَّذِي أَفَادَ تَاج الدّين ذكره ابْن القفطي فِي تَارِيخ النُّحَاة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(درت عَلَيْك غوادي المزن يَا دَار
…
وَلَا عفت مِنْك آيَات وآثار)
(دُعَاء من لعبت أَيدي الغرام بِهِ
…
وَمَا عدتهَا صبابات وتذكار)
وَقصد جمال الدولة حجا ابْن عَم الْأَمِير مُبين الدولة حَاتِم فَلم يصادفه فَكتب على بَاب الدَّار حفرا بالسكين // (من الرمل) //
(حضر الْكِنْدِيّ مغناكم فَلم
…
يركم من بعد كد وتعب)
(لَو رآكم لتجلى همه
…
وانثنى عَنْكُم بِحسن المنقلب)
وَمن شعره // (من الرمل) //
(هتك الدمع بصوب هتن
…
أضمرت من سر خفى)
(يَا أخلائي على الْخيف أما
…
تَتَّقُون الله فِي حث الْمطِي)
قلت شعر متوسط
216 -
عَليّ بن جَابر أَبُو الْحسن الدباج المغربي عَليّ بن جَابر بن عَليّ الإِمَام أَبُو الْحسن الإشبيلي الدباج مقرئ الأندلس كَانَ من أهل الْفضل وَالصَّلَاح تصدر لإقراء الْقُرْآن والعربية نَحوا من خمسين سنة هاله نطق النواقيس وخرس الْأَذَان لما دخل الرّوم إشبيلية فَلم يزل يتأسف ويضطرب ارتماضا لذَلِك إِلَى أَن قضى نحبه سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَكَانَ يقرئ كتاب سِيبَوَيْهٍ
262 -
الْهَاشِمِي عَليّ بن جَابر بن عَليّ بن مُوسَى الْهَاشِمِي اليمني الشَّافِعِي شيخ الحَدِيث بالمنصورية كَانَ أَبوهُ سفارا وَكَانَ مَعَ أَبِيه صَغِيرا أَيَّام اسْتِبَاحَة هولاكو الْعرَاق بَغْدَاد سمع بِالْيمن من زكي البيلقاني وبمصر من الْعِزّ الْحَرَّانِي وَخلق وبدمشق من الْفَخر وَجَمَاعَة وَذكر انه يحفظ الْوَجِيز للغزالي وَكَانَ فصيحا مليح الْقِرَاءَة خلف كتبا كَثِيرَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَمَا كَانَ مَعَ علمه متحريا فِي النَّقْل قَالَه أَبُو عمر النويري أَخذ عَنهُ الطّلبَة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة قلت كَانَ يلقب بِنور الدّين أَخْبرنِي العلَاّمة قَاضِي الْقُضَاة تقيُّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ استعرت من نور الدّين الْمَذْكُور مجلدا فَوجدت فِيهِ فِي مَكَان الأبيات الضادية الَّتِي للشَّافِعِيّ رضي الله عنه وَوجدت فِيهَا تخريجة إِلَى الْحَاشِيَة تتصل ببيتين الأول حفظته وَهُوَ // (من الْكَامِل) //
(قف ثمَّ نَاد بأنني لمُحَمد
…
ووصيه وابنيه لست بباغض)
ثمَّ تَأَمَّلت الْخط فَإِذا هُوَ خطّ نور الدّين انْتهى قلت وَقد اشهر هَذَا الْبَيْت وأثبته الْفُضَلَاء والحفاظ وَالنَّاس فِي شعر الشَّافِعِي وَلَكِن من لَهُ دربة يعرف أَن الشَّافِعِي مَا يَقُول باغص اسْم فَاعل من أبغص بن مبغص جَريا على الْقَاعِدَة
263 -
العكوك عَليّ بن جبلة بن مُسلم بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بالعكوك بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وكافين بَينهمَا وَاو مشدودة أَبُو الْحسن الْخُرَاسَانِي أحد فحول الشُّعَرَاء
كَانَ أسود أبرص ولد أعمى قَالَ الجاحظ كَانَ أحسن خلق الله إنشادا مَا رَأَيْت مثله بدويا وَلَا حضريا وَهُوَ من الموَالِي توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ ومولده بِبَغْدَاد سنة سِتِّينَ وَمِائَة لَهُ فِي أبي دلف الْعجلِيّ وَأبي غَانِم حميد بن عبد الحميد الطوسي غر المدائح والعكوك السمين الْقصير وَمن شعره فِي أبي دلف قصيدته الرائية أَولهَا // (من المديد) //
(زَاد ورد الغي عَن صَدره
…
فرعوى وَاللَّهْو من وطره)
يَقُول فِي مدحها // (من المديد) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف
…
بَين باديه ومحتضره)
(فَإِذا ولى أَبُو دلف
…
ولت الدُّنْيَا على أَثَره)
(كل من فِي الأَرْض من عرب
…
بَين باديه إِلَى حَضَره)
(مستعير مِنْك مكرمَة
…
يكتسبها يَوْم مفتخره)
وَهِي ثَمَانِيَة وَخَمْسُونَ بَيْتا قَالَ ابْن خلكان سُئِلَ شرف الدّين بن عنين عَن هَذِه القصيدة وقصيدة أبي نواس الموازنة لَهَا الَّتِي أَولهَا // (من المديد) //
(أَيهَا المنتاب من عفره
…
لست من ليلى وَلَا سمره)
فَلم يفضل إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى وَقَالَ مَا يصلح أَن يفاضل بَين هَاتين القصيدتين إِلَّا شخص يكون فِي دَرَجَة هذَيْن الشاعرين ثمَّ إِن العكوك مدح حميد بن عبد الحميد الطرسي فَقَالَ لَهُ حميد مَا عَسى أَن تَقول فِينَا وَمَا أبقيت لنا بعد قَوْلك فِي أبي دلف // (من المديد) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف)
وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير قد قلت فِيك مَا هُوَ أحسن من هَذَا فَقَالَ مَا هُوَ فَأَنْشد // (من مجزوء الرمل) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا حميد
…
وأياديه الجسام)
(فَإِذا ولى حميد
…
فعلى الدُّنْيَا السَّلَام)
فَتَبَسَّمَ وَلم يحر جَوَابا فأجمع من حضر الْمجْلس من أهل الْعلم بالشعر أَن هَذَا
أحسن مِمَّا قَالَه فِي أبي دلف فَأعْطَاهُ وَأحسن جائزته قلت قَوْله فِي أبي دلف أحسن عِنْد من لَهُ ذوق لاسيما قَوْله // (من المديد) //
(ولت الدُّنْيَا على أَثَره)
قَالَ ابْن المعتز فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء لما بلغ الْمَأْمُون خبر هَذِه القصيدة غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ اطلبوه حَيْثُمَا كَانَ فَطلب فَلم يقدر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُقيما بِالْجَبَلِ وهرب إِلَى الجزيرة الفراتية فَكتب إِلَى الْآفَاق بِأَخْذِهِ حَيْثُ كَانَ فهرب إِلَى الشامات فظفروا بِهِ فَحمل مُقَيّدا إِلَيْهِ فَلَمَّا صَار بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ يَا ابْن اللخناء أَنْت الْقَائِل فِي قصيدتك للقاسم بن عِيسَى // (من المديد) //
(كل من فِي الأَرْض من عرب)
وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ جعلتنا مِمَّن يستعير المكارم مِنْهُ ويفتخر بِهِ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ انتم هَل بَيت لَا يُقَاس بكم لِأَن الله اختصكم لنَفسِهِ على عباده وآتاكم الْكتاب وَالْحكم وآتاكم ملكا عَظِيما وَإِنَّمَا ذهبت فِي قولي إِلَى أَقْرَان وأشكال للقاسم بن عِيسَى من هَذَا النَّاس فَقَالَ وَالله مَا أبقيت أحدا وَلَقَد أدخلتنا فِي الْكل وَمَا أستحل دمك بكلمتك هَذِه وَلَكِنِّي أستحله بكفرك فِي شعرك حَيْثُ قلت فِي عبد ذليل مهين فأشركت بِاللَّه الْعَظِيم وَجعلت مَعَه ملكا قَادِرًا وَهُوَ قَوْلك // (من الْبَسِيط) //
(أَنْت الَّذِي تنزل الْأَيَّام منزلهَا
…
وتنقل الدَّهْر من حَال إِلَى حَال)
(وَمَا مددت مدى طرف إِلَى أحد
…
إِلَّا قضيت بأرزاق وآجال)
ذَاك الله عز وجل يَفْعَله أخرجُوا لِسَانه من قَفاهُ فأخرجوا لِسَانه من قَفاهُ فَمَاتَ وَبعد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ // (من الْبَسِيط) //
(تزور سخطا فمسي الْبيض راضية
…
وتستهل فتبكي أعين المَال)
وَقيل إِن أَبَا دلف أعْطى العكوك على القصيدة الرائية بَعْدَمَا امتحنه فِي وصف فرس فَقَالَ قصيدته البائية وَهِي مَذْكُورَة فِي الأغاني مائَة ألف دِرْهَم وَدخل إِلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ هَات مَا مَعَك قَالَ انه قَلِيل فَقَالَ هاته كم من قَلِيل هُوَ أَجود من كثير فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //
(الله أجْرى من الأرزاق أَكْثَرهَا
…
على يَديك فشكرا يَا أَبَا دلف)
(أعْطى أَبُو دلف وَالرِّيح عَاصِفَة
…
حَتَّى إِذا وقفت أعْطى وَلم يقف)
فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة دخل إِلَيْهِ فَقَالَ هَات مَا مَعَك فَأَنْشد // (من السَّرِيع) //
(من ملك الْمَوْت إِلَى قَاسم
…
رِسَالَة فِي بطن قرطاس)
(يَا فَارس الفرسان يَوْم الوغى
…
مربي بِمن شِئْت من النَّاس)
فَأمر لَهُ بألفي دِرْهَم فَقَالَ لَيست هَذِه من عطاياك فَقَالَ بلغ بِهَذَا الْمِقْدَار ارتياعنا من تحملك رِسَالَة ملك الْمَوْت إِلَيْنَا وأخبار العكوك كَثِيرَة
264 -
الصاحب جمال الدّين عَليّ بن جرير الصاحب جمال الدّين الرقي وَيُقَال فِيهِ عَليّ بن صر بن جرير وزر للأشراف فِي آخر أَيَّامه ووزر للصالح إِسْمَاعِيل شهرا وَمرض يَوْمَيْنِ وَمَات سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ لَهُ بُسْتَان وَملك يسير يعِيش مِنْهُ وَتُوفِّي رحمه الله بالخوانيق ودفي فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة وَكَانَ يتَرَدَّد لزيارة الصَّالِحين وَفِيه يَقُول نصر بن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ // (من الْكَامِل) //
(من قَالَ أهل الشَّام قوم كلهم
…
بقر فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ جنَاح)
(لَو لم يَصح مقالهم فِيهِ لما
…
أضحى يسوس أُمُورهم فلاح)
ونقلت من خطّ الْحَافِظ اليغموري قَالَ أَنْشدني الْجمال أَبُو طَالب // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قد ولي ابْن جرير الرقي
…
وَالصَّلَاح كَافِر)
(ودوا ابْن مَرْزُوق الخسيس
…
على الحواجب والنواظر)
265 -
الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن الْجَعْد بن عبيد الله أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ مُسْند بَغْدَاد فِي زَمَانه روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَجَمَاعَة قَالَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي قلت لعَلي بن الْجَعْد بَلغنِي انك قلت ابْن عمر ذَاك الصَّبِي فَقَالَ لم أقل وَلَكِن مُعَاوِيَة مَا أكره أَن يعذبه الله وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْجوزجَاني عَليّ بن الْجَعْد متشبث بِغَيْر بِدعَة زائغ عَن الْحق
وَقَالَ ابْن معِين اثْبتْ البغداديين فِي شُعْبَة وَهُوَ ثِقَة صَدُوق وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلما أحضر الْمَأْمُون أَصْحَاب الْجَوَاهِر شاطرهم على مَتَاع كَانَ مَعَهم ثمَّ نَهَضَ الْمَأْمُون لِحَاجَتِهِ وَعَاد فَقَامَ لَهُ كل أحد إِلَّا ابْن الْجَعْد فَنظر إِلَيْهِ الْمَأْمُون كالمغضب ثمَّ استخلاه وَقَالَ لَهُ يَا شيخ مَا مَنعك أَن تقوم لي كَمَا فعل أَصْحَابك فَقَالَ أجللت أَمِير الْمُؤمنِينَ للْحَدِيث الَّذِي نأثره عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ سَمِعت الْمُبَارك بن فضَالة يَقُول سَمِعت الْحسن يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أَن يتَمَثَّل لَهُ النَّاس قيَاما فلتبوأ مَقْعَده من النَّار فَأَطْرَقَ الْمَأْمُون سَاعَة وَقَالَ لَا يَشْتَرِي لنا إِلَّا من هَذَا الشَّيْخ فَاشْترى مِنْهُ بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا أَقَامَ على ذَلِك سبعين سنة وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة كَانَ ابْن الْجَعْد أكبر مِمَّن فِي بَغْدَاد بِعشر سِنِين ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
266 -
عَليّ بن جَعْفَر ابْن القطاع عَليّ بن جَعْفَر بن عبد الله بن حُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَادَة الله بن نجد بن الْأَغْلَب الأغلبي أَبُو الْقَاسِم ابْن القطاع السَّعْدِيّ الصّقليّ الْكَاتِب اللّغَوِيّ برع فِي النَّحْو وصنف وَنزع عَن صقلية وَقدم مصر فِي حُدُود الْخَمْسمِائَةِ فبالغوا فِي إكرامه وأحسنت الدولة إِلَيْهِ وَله كتاب الْأَفْعَال من أَجود الْكتب إِلَّا أَن كتاب أَفعَال الْحمار خير مِنْهُ وَهُوَ هذب فِيهِ أَفعَال ابْن طريف وَابْن الْقُوطِيَّة وَله كتاب أبنية الْأَسْمَاء جمع فِيهِ فأوعب وَله مُصَنف فِي الْعرُوض وَله كتاب الدرة الخطيرة فِي الْمُخْتَار من شعراء الجزيرة اشْتَمَل على مائَة وَسبعين شَاعِرًا وَعشْرين ألف بَيت وَكتاب لمح الْملح وَله تَارِيخ صقلية وَكتاب الشذوذ وَكَانَ نقاد المصريين ينسبونه إِلَى التساهل فِي الرِّوَايَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لما قدم مصر سَأَلُوهُ عَن كتاب صِحَاح الْجَوْهَرِي فَذكر انه لم يصل إِلَيْهِم ثمَّ انه لما رأى اشتغالهم بِهِ ركب لَهُ إِسْنَادًا وَأَخذه النَّاس عَنهُ مقلدين لَهُ توفّي سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة ومولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِي ألثغ // (من المنسرح) //
(وشادن فِي لِسَانه عقد
…
حلت عقودي وأوهنت جلدي)
(عابوه جهلا بهَا فَقلت لَهُم
…
أما سَمِعْتُمْ بالنفث فِي العقد)
وَمِنْه من قصيدة // (من الطَّوِيل) //
(فَلَا تنقذن الْعُمر فِي طلب الصِّبَا
…
وَلَا تشقيا يَوْمًا بسعدى وَلَا نعم)
(وَلَا تندبا أطلال مية باللوى
…
وَلَا تسفحا مَاء الشئون على رسم)
(فَإِن قصارى الْمَرْء إِدْرَاك حَاجَة
…
وَتبقى مذمات الْأَحَادِيث وَالْإِثْم)
وَمِنْه فِي غُلَام اسْمه حَمْزَة // (من مخلع الْبَسِيط) //
(يَا من رمى النَّار فِي فُؤَادِي
…
وأنبط الْعين بالبكاء)
(اسْمك تصيحفه بقلبي
…
وَفِي ثناياك برْء دائي)
(أردد سالمي فَإِن نفس
…
لم يبْق مِنْهَا سوى الذماء)
(وارفع بصب أَتَى ذليلا
…
قد مزج الْيَأْس بالرجاء)
(أنهكه فِي الْهوى التجني
…
فَصَارَ فِي رقة الْهَوَاء)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(إياك أَن تَدْنُو من رَوْضَة
…
بوجنتيه تنْبت الوردا)
(وَاحْذَرْ على نَفسك من قربهَا
…
فَإِن فِيهَا أسدا ووردا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَلا إِن قلبِي قد تضعضع للهجر
…
وقلبي من طول الصدود على الْجَمْر)
(تصارمت الأجفان مُنْذُ صدمتني
…
فَمَا تلتقي إِلَّا على دمعة تجْرِي)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(يَا رب قافية بكر نظمت بهَا
…
فِي الْجيد عقدا بدر الْمجد قد رصفا)
(يود سامعها لَو كَانَ يسْمعهَا
…
بِكُل أَعْضَائِهِ من حسنها شغفا)
قلت شعر جيد
267 -
ابْن البوين الْمصْرِيّ عَليّ بن جَعْفَر بن الْحسن أَبُو الْحسن ابْن البوين التنوخي المعري من شعراء الطارئين على مصر ورد إِلَى الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش بعد أَن دوخ الْآفَاق وطبق فِي سياحته بَين الشَّام وَالْعراق فَأحْسن صلته وإكرامه وعظمت مَنْزِلَته عِنْده وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمصْر سنة خمس وَخَمْسمِائة وَقد نَيف على السِّتين
وَهُوَ الْقَائِل من مزدوجة // (من الرجز) //
(كَأَنَّمَا أترجه المصبع
…
أَيدي جناة من زنود تقطع)
وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(غَدَتْ عاطلا كبرا عَن الْحلِيّ حاليا
…
بهَا الْحسن مسحورا بألحاظها السحر)
(رَأَتْ أَنَّهَا أغْلى من الدّرّ قيمَة
…
وَأَعْلَى فلولا الثغر مَا اقتن الدّرّ)
مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //
(وظلماء ليل خضت لجة بحرها
…
وَقد غرق النسْر المحلق والغفر)
(دعت فَدَعَا جادي رجائي دَعْوَة
…
بحَمْدك يَا ابْن الْمجد مَا يفخر الْفَخر)
(كَأَن تباشير الصَّباح وَقد بَدَت
…
أياديك فِي أثنا أناملك الغر)
(كَأَن النَّهَار الطلق عدلك ماحيا
…
دجى الْجور إِلَّا نهي عَلَيْهِ وَلَا أَمر)
(كَأَن النُّجُوم الزهر لما تناثرت
…
عداهُ غراها من سَطَا بأسه ذعر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(يشرد نومي وَابْن طَلْحَة هاجع
…
أشيقر برغوث وَلَيْسَ لَهُ سَاق)
(فَفِي الْجِنْس برغوث وَفِي اللدغ حَيَّة
…
وَفِي الْحمق عبدون وَفِي القصيد إِسْحَاق)
(إِذا أقبل اللَّيْل البهيم تبَادرُوا
…
كَأَنَّهُمْ من نسل جالوت سراق)
(ترى الْبَعْض فَوق الْبَعْض مِنْهُم تراكبوا
…
فيا عجبا حَتَّى البراغيث فساق)
(وَعِنْدِي من البق المذنب قِطْعَة
…
ترَاهَا كَأَن قد رش فِي الْبَيْت سماق)
268 -
الْكَاتِب الْفَارِسِي النَّحْوِيّ عَليّ بن جَعْفَر أَبُو الْحسن الْكَاتِب الْفَارِسِي النَّحْوِيّ قَالَ الْحَاكِم فِي كتاب نيسابور كَانَ من أَعْيَان الأدباء وَمن أهل الْعلم علقت عَنهُ من كَلَامه وَلم أعرفهُ بالرواية
269 -
الشَّاعِر الْقرشِي عَليّ بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مَسْعُود بن أَسد بن أذينة يَنْتَهِي إِلَى لؤَي بن غَالب أَبُو الْحسن الْقرشِي السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى سامة بن لؤَي كَانَ شَاعِرًا مجيدا عَالما بفنون الشّعْر وَكَانَ خصيصا بالمتوكل دينا فَاضلا وَكَانَ مَعَ انحرافه على عَليّ رضي الله عنه مطبوعا نَفَاهُ المتَوَكل إِلَى خُرَاسَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة تسع وَثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ هجاه وَكتب إِلَى طَاهِر بن عبد الله إِذا ورد عَلَيْك فاصلبه يَوْمًا فوصل إِلَى شاذياخ بنيسابور فحسبه طَاهِر ثمَّ أخرجه فصلبه مُجَردا نَهَارا كَامِلا فَقَالَ فِي ذَلِك // (من الْكَامِل) //
(لم ينصبوا بالشاذياخ صَبِيحَة الْإِثْنَيْنِ
…
مَسْبُوقا وَلَا مَجْهُولا)
(نصبوا بِحَمْد الله ملْء عيونهم
…
شرفا وملء صُدُورهمْ تبجيلا)
من أَبْيَات ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْعرَاق ثمَّ خرج إِلَى الشَّام ثمَّ ورد على المستعين كتاب من صَاحب الْبَرِيد بحلب أَن عَليّ بن الجهم خرج من حلب مُتَوَجها إِلَى الْعرَاق فَخرجت عَلَيْهِ وعَلى جمَاعَة مَعَه خيل من بني كلب فَقَاتلهُمْ قتالا شَدِيدا ولحقه النَّاس وَهُوَ جريح بآخر رَمق وَكَانَ مِمَّا قَالَ // (فِي المجتث) //
(أَزِيد فِي اللَّيْل ليل
…
أم سَالَ بالصبح سيل)
(ذكرت أهل دجيل
…
وَأَيْنَ مني دجيل)
وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَلما نزعت ثِيَابه بعد مَوته وجد فِيهَا مَكْتُوب // (من المنسرح) //
(وارجمتاه للغريب فِي الْبَلَد النازح
…
مَاذَا بِنَفسِهِ صنعا)
(فَارق أحبابه فَمَا انتفعوا
…
بالعيش من بعده وَلَا انتفعا)
وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(يَا ذَا الَّذِي بعذابي ظَلَّ مُفتخراً
…
هَل أَنْت إِلَّا مليك جَار إِذْ قدرا)
(لَوْلَا الْهوى لتجارينا على قدر
…
فَإِن أفق مِنْهُ يَوْمًا مَا فَسَوف ترى)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا يؤيسنك من تفرجش كربَة
…
خطب رماك بِهِ الزَّمَان الأنكد)
(كم من عليل [قد] تخطاه الردى
…
فنجا وَمَات طبيبه وَالْعود)
وَمِنْه وَقد قيد // (من الطَّوِيل) //
(وَقلت لَهَا والدمع تدمى طَرِيقه
…
ونار الْهوى بِالْقَلْبِ يذكى وقودها)
(فَلَا تجزعي إِنِّي رَأَيْت وقوده
…
فَإِن خلاخيل الرِّجَال قيودها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَلَكِن إِحْسَان الْخَلِيفَة جَعْفَر
…
دَعَاني إِلَى مَا قلت فِيهِ من الشّعْر)
(فَسَار مسير الشَّمْس فِي كل بَلْدَة
…
وهب هوب الرّيح فِي الْبر وَالْبَحْر)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(وَلَيْلَة كحلت بِالنَّفسِ مقلتها
…
أَلْقَت قناع الدجى فِي كل أخدُود)
(قد كَانَ تغرقني أمواج ظلمتها
…
لَوْلَا اقتباسي سنا وَجه ابْن دَاوُد)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وقلن لنا نَحن الْأَهِلّة إِنَّمَا
…
تضئ لمن يسري بلَيْل وَلَا نقري)
(فَلَا بذل إِلَّا مَا تزَود ناظرٌ
…
وَلَا وصل إِلَّا بالخيال الَّذِي يسري)
وَفِي ابْن الجهم يَقُول مَرْوَان بن أبي حَفْص // (من الطَّوِيل) //
(لعمرك مَا الجهم بن بدر بشاعر
…
وَهَذَا عَليّ بعده يَدعِي الشعرا)
(وَلَكِن أبي قد كَانَ جارا لأمه
…
فَلَمَّا ادّعى الْأَشْعَار أوهمني أمرا)
فَقَالَ عَليّ بن الجهم // (من الوافر) //
(بلَاء لَيْسَ يُشبههُ بلَاء
…
عَدَاوَة غير ذِي حسب وَدين)
(يبيحك مِنْهُ عرضا لم يصنه
…
ويرتع مِنْك فِي عرض مصون)
وسوف يَأْتِي فِي تَرْجَمَة مَرْوَان الْأَصْغَر حِكَايَة جرت لَهما بِحَضْرَة المتَوَكل
270 -
الأبله الْمُقْرِئ عَليّ حَازِم الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ هُوَ الشَّيْخ عَليّ الأبله كَانَ آيَة فِي حفظ الْقُرْآن وجودة أَدَائِهِ وَكَانَ يقْرَأ السُّورَة معكوسة الْآيَات فأسرع مَا يكون وَكَانَ فِيهِ بله توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
271 -
ابْن عميرَة الْحِمصِي عَليّ بن حَامِد بن سُلْطَان بن عَليّ بن أبيس طَالب بن عبيد أَبُو الْحسن الطَّائِي الْمَعْرُوف بِابْن عميرَة الْحِمصِي مولده سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة توفّي
بحمص سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة من شعره // (من المنسرح) //
(ردوا على عَيْني لذيد الْكرَى
…
لَعَلَّهَا فِي النّوم تلقاكم)
(وجددوا عهدا تكفوا بِهِ
…
أَسْرَاكُم من قبل مسراكم)
(إِذا رجعتم من طَرِيق القلى
…
من أَي بَاب أتلقاكم)
272 -
التنوخي السفاقسي عَليّ بن حبيب التنوخي السفاقسي لَيْسَ هُوَ بأخي مُحَمَّد ابْن حبيب التنوخي الْمُقدم ذكره وَإِن اشْتَركَا فِي اسْم الْأَب لطيف وَالنّسب وَكِلَاهُمَا مغربي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر عزب اللَّفْظ لطيف الْمَعْنى سهل الطَّرِيقَة قَلِيل التَّكَلُّف ظَاهر الرقة دخل الْمشرق وَلَقي جمَاعه من رُؤَسَاء الْعَرَب فحظى عِنْدهم وَأقَام بِمَدِينَة لَك مُدَّة إِلَى أَن تشاجرت الْقَبَائِل وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //
(يَا معطشي من عذب مورده
…
برد غليل جوانح عطشى)
(أَتَرَى الَّذِي أَرْجُو أفوز بِهِ
…
مِنْكُم فقد كَانَ الَّذِي أخْشَى)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من مجزوء الْكَامِل) //
(شربت محبتك الْقُلُوب
…
بجهدها نَهَارا وَعلا)
(حَيْثُ احتللت من الْبِلَاد
…
أثار إقبالا وعدلا)
(حسبي بِأَن سميتك الْبَدْر
…
الْمُنِير إِذا استقلا)
(سقيا لأرض سفاقس
…
ذَات المصانع والمصلى)
(بلد تكَاد تَقول حِين
…
تزوره أَهلا وسهلا)
وَأورد لَهُ // (من السَّرِيع) //
(للمرء من أَيَّامه واعظ
…
لَو فكر الْمَغْرُور فِي أمسه)
(كم من قرير الْعين فِي غِبْطَة
…
أعراه صرف الدَّهْر من لبسه)
(فَفَارَقَ الأحباب من كرهه
…
واستبدل الوحشة من أنسه)
(يَا رب غفرانك يَرْجُو الَّذِي
…
أسرف فِي الدُّنْيَا على نَفسه)
وَله من أَبْيَات فِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز يتهكم وَكَأَنَّهُ يُخَاطب عفريتا من الْجِنّ // (من الْبَسِيط) //
(أتظهرون نَهَارا بَين أظهرنَا
…
أما نهاكم سُلَيْمَان بن دَاوُد)
7969 -
السَّعْدِيّ الْمروزِي عَليّ بن حجر بن إِيَاس بن مقَاتل بن مخادش بميم وخاء مُعْجمَة وَألف بعْدهَا دَال مُهْملَة وشين مُعْجمَة ابْن مشمرخ بميم مَضْمُومَة وشين مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَمِيم سَاكِنة وَرَاء مَكْسُورَة وخاء مُعْجمَة أَبُو الْحسن السَّعْدِيّ الْمروزِي ولمشمرخ صُحْبَة ووفادة كَانَ أَبُو الْحسن حَافِظًا ثِقَة رحالا عالي الْإِسْنَاد سمع شريك بن عبد الله وَعبيد الله بن عَمْرو والرقي وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَإِسْمَاعِيل بن علية وَجَرِير بن عبد الحميد وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم وَابْن الْمُبَارك وهشيم بن بشير وَأَبا الْخطاب مَعْرُوفا الْخياط صَاحب وائلة بن الْأَسْقَع وخلقا كثيرا بِالشَّام وَالْعراق والحجاز وخراسان والجزيرة وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَإِبْرَاهِيم بن أرومة الْأَصْبَهَانِيّ وعبدان بن مُحَمَّد الْمروزِي وَالْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو رَجَاء مُحَمَّد بن حمدوية وَمُحَمّد بن عَليّ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَجَمَاعَة وَنزل بَغْدَاد وتحول إِلَى مرو قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة مَأْمُون حَافظ توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ من شعره وَقد سَأَلُوهُ الزِّيَادَة فَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(لكم مائَة فِي كل يَوْم أعدهَا
…
حَدِيثا لَا أَزِيدكُم حروفا)
(وَمَا طَال مِنْهَا من حَدِيث فإنني
…
بِهِ طَالب مِنْكُم على قدره صرفا)
وَقَالَ // (من المتقارب) //
(وظيفتنا مائَة للغريب
…
فِي كل يَوْم سمى مَا يفاد)
(شريكية أَو هشيمية
…
أَحَادِيث فقه قصار جِيَاد)
274 -
الْجند يسابوري عَليّ بن حَرْب الْجند يسابوري الْموصِلِي توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ سمع إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ وأشعب بن عطاف وَغَيرهمَا وروى عَنهُ أَحْمد بن يحيى التسترِي وعبدان الْأَهْوَازِي وَمُحَمّد بن نوح الْجند يسابوري وَأهل فَارس
275 -
الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن النفيس عَليّ بن أبي الحزم هُوَ الإِمَام الْفَاضِل الْحَكِيم الْعَلامَة عَلَاء الدّين بن النفيس الْقرشِي الدِّمَشْقِي
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ نَشأ الْمَذْكُور بِدِمَشْق واشتغل بهَا فِي الطِّبّ على مهذب الدّين الدخواز وَكَانَ الدخواز منجبا تخرج عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الرَّحبِي وَابْن قَاضِي بعلبك وشمس الدّين الْكُلِّي وَكَانَ عَلَاء الدّين إِمَامًا فِي علم الطِّبّ أوحد لَا يضاهى فِي ذَلِك وَلَا يداثى استحضارا واستنباطا واشتغل على كبر وَله فِيهِ التصانيف الفائقة والتواليف الرائقة صنف كتاب الشَّامِل فِي الطِّبّ يدل فهرسته على أَنه يكون فِي ثَلَاثمِائَة سفر هَكَذَا ذكر لي بعض أَصْحَابه وبيض مِنْهَا ثَمَانِينَ سفرا وَهِي الْآن وقف بالبيمارستان المنصوري بِالْقَاهِرَةِ وَكتاب الْمُهَذّب فِي الْكحل وَشرح القانون لِابْنِ سيناء فِي عدَّة أسفار وَغير ذَلِك فِي الطِّبّ وَهُوَ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ وَأَخْبرنِي من رَآهُ يصنف أَنه كَانَ يكْتب من صَدره من غير مُرَاجعَة حَال التصنيف وَله معرفَة بالْمَنْطق وصنف فِيهِ مُخْتَصرا وَشرح الْهِدَايَة لِابْنِ سيناء فِي الْمنطق وَكَانَ لَا يمِيل فِي هَذَا الْفَنّ إِلَّا إِلَى طَريقَة الْمُتَقَدِّمين كَأبي نصر وَابْن سيناء وَيكرهُ طَريقَة الْأَفْضَل الخونجي والأثير الْأَبْهَرِيّ قَرَأت عَلَيْهِ من كتاب الْهِدَايَة لِابْنِ سيناء جملَة وَكَانَ يقررها احسن تَقْرِير وَسمعت عَلَيْهِ من علم الطِّبّ وصنف فِي أصُول الْفِقْه وَالْفِقْه والعربية والْحَدِيث وَعلم الْبَيَان وَغير ذَلِك وَلم يكن فِي هَذِه الْعُلُوم بالمتقدم إِنَّمَا كَانَ لَهُ فِيهَا مُشَاركَة مَا وَقد أحضر من تصنيفه فِي الْعَرَبيَّة كتابا فِي سفرين أبدى فِيهِ عللا تخَالف كَلَام أهل الْفَنّ وَلم يكن قَرَأَ فِي هَذَا الْفَنّ سوى الأنموذج للزمخشري قَرَأَهُ على الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس وتجاسر بِهِ على أَن صنف فِي هَذَا الْعلم وَعَلِيهِ وعَلى شَيخنَا عماد الدّين النابلسي تخرج الْأَطِبَّاء بِمصْر والقاهرة وَكَانَ شَيخا طوَالًا أسيل الْخَدين نحيفا ذَا مُرُوءَة وأخبرت انه فِي علته الَّتِي توفّي فِيهَا أَشَارَ عَلَيْهِ بعض أصدقائه الْأَطِبَّاء بتناول شَيْء من الْخمر إِذا كَانَت علته تناسب أَن يتداوى بهَا على مَا زَعَمُوا فَأبى أَن يتَنَاوَل شَيْئا من ذَلِك وَقَالَ لَا ألْقى الله تَعَالَى وَفِي باطني شَيْء من الْخمر وَكَانَ قد ابتنى دَار بِالْقَاهِرَةِ وفرشها بالرخام حَتَّى أَبْوَابهَا وَمَا رَأَيْت أبوابا مرخما
فِي غير هَذِه الدَّار وَلم يكن متزوجا ووقف دَاره هَذِه وَكتب على البيمارستان المنصوري وَكَانَ يبغض كَلَام جالينوس ويصفه بالعي والإسهاب الَّذِي لَيْسَ تَحْتَهُ طائل بِخِلَاف شَيخنَا عماد الدّين النابلسي فَإِنَّهُ كَانَ يعظمه ويحث على قِرَاءَة كَلَام جالينوس وَكَانَ عَلَاء الدّين قد تولى المسرورية بِالْقَاهِرَةِ فِي الْفِقْه وَذكر انه شرح من أول التَّنْبِيه إِلَى بَاب السَّهْو شرحا حسنا مرض رَحمَه الله تَعَالَى سِتَّة أَيَّام أَولهَا يَوْم الْأَحَد وَتُوفِّي سحر يَوْم الْجُمُعَة الْحَادِي وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وأنشدني الصفي أَبُو الْفَتْح بن يوحنا بن صَلِيب بن مزجي بن موهب النَّصْرَانِي لنَفسِهِ يرى عَلَاء الدّين بن النفيس // (من الْكَامِل) //
(ومسائل هَل عَالم أَو فَاضل
…
أَو ذُو مَحل فِي الْعلَا بعد الْعلَا)
(فأجبت والنيران تضرم فِي
…
الحشا أقصر فمذ مَاتَ الْعلَا مَاتَ الْعلَا)
انْتهى كَلَام أثير الدّين أَخْبرنِي الإِمَام الْعَلامَة الشَّيْخ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم الرشدي خطيب جَامع أَمِير حُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ قَالَ كَانَ الْعَلَاء بن النفيس إِذا أَرَادَ التصنيف تُوضَع لَهُ الأقلام مبرية ويدير وَجهه إِلَى الْحَائِط وَيَأْخُذ فِي التصنيف من خاطره وَيكْتب مثل السَّيْل إِذا انحدر فَإِذا كل الْقَلَم وحفي رمى بِهِ وَتَنَاول غَيره لِئَلَّا يضيع عَلَيْهِ الزَّمَان فِي بري الْقَلَم وَأَخْبرنِي الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي رَحمَه الله تَعَالَى أَن الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس كَانَ يَقُول لَا أرْضى بِكَلَام أحد فِي الْقَاهِرَة فِي النَّحْو غير كَلَام عَلَاء الدّين بن النفيس أَو كَمَا قَالَ وَقد رَأَيْت لَهُ كتابا صَغِيرا عَارض بِهِ رِسَالَة حَيّ بن يقظان لِابْنِ سيناء ووسمه بِكِتَاب فَاضل بن نَاطِق وانتصر فِيهِ لمَذْهَب أهل الْإِسْلَام وآرائهم فِي النبوات والشرائع والبعث الجسماني وخراب الْعَالم ولعمري لقد أبدع فِيهِ وَدلّ ذَلِك على قدرته وَصِحَّته وذهنه وتمكنه من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَأَخْبرنِي السديد الدمياطي الْحَكِيم بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ من تلاميذه قَالَ اجْتمع لَيْلَة هُوَ وَالْقَاضِي جمال بن وَاصل وَأَنا نَائِم عِنْدهمَا فَلَمَّا فرغا من صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة شرعا فِي الْبَحْث وانتقلا من علم إِلَى علم وَالشَّيْخ عَلَاء الدّين فِي كل ذَلِك يبْحَث برياضة وَلَا انزعاج وَأما القَاضِي جمال الدّين فانه ينزعج ويعلوا صَوته وتحمر عَيناهُ وتنتفخ عروق رقبته وَلم يَزَالَا كَذَلِك إِلَى أَن أَسْفر الصُّبْح فَلَمَّا انْفَصل الْحَال قَالَ القَاضِي جمال الدّين
يَا شيخ عَلَاء الدّين أما نَحن فعندنا مسَائِل ونكت وقواعد وَأما أَنْت فعندك خَزَائِن عُلُوم وَقَالَ أَيْضا قلت لَهُ يَا سَيِّدي لَو شرحت الشِّفَاء لِابْنِ سينا كَانَ خيرا من شرح القانون لضَرُورَة النَّاس إِلَى ذَلِك وَقَالَ الشِّفَاء عَليّ فِيهِ مَوَاضِع تُرِيدُ تسويدا انْتهى قلت يُرِيد أَنه مَا فهم تِلْكَ الْمَوَاضِع لِأَن عبارَة الرئيس فِي الشِّفَاء غلقة وَأَخْبرنِي آخر قَالَ دخل الشَّيْخ عَلَاء الدّين مرّة إِلَى الْحمام الَّتِي فِي بَاب الزهومة فَلَمَّا كَانَ فِي بعض تغسيله خرج إِلَى مسلخ الْحمام واستدعى بِدَوَاةٍ وقلم وورق وَأخذ فِي تصنيف مقَالَة فِي النبض إِلَى أَن أنهاها ثمَّ عَاد وَدخل الْحمام وكمل تغسيله وَقيل انه قَالَ لَو أعلم أَن تصانيفي تبقى بعدِي عشرَة آلَاف سنة مَا وَضَعتهَا وَالْعدة فِي ذَلِك على من نَقله عَنهُ وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ إِمَامًا عَظِيما وَكثير من الأفاضل قَالَ هُوَ ابْن سيناء الْملك الثَّانِي ونقلت من تَرْجَمته فِي مَكَان لَا أعرف من هُوَ الَّذِي وصفهَا قَالَ شرح القانون فِي عشْرين مجلدة شرحا حل فِيهِ الْمَوَاضِع الْحكمِيَّة ورتب فِيهِ القياسات المنطقية وَبَين فِيهِ الإشكالات الطبية وَلم يسْبق إِلَى هَذَا الشَّرْح لِأَن قصارى كل من شَرحه أَن يقْتَصر على قسر الكليات إِلَى نبض الحبالى وَلَا يجْرِي فِيهِ ذكر الطِّبّ إِلَّا نَادرا وَشرح كتب الْفَاضِل بقراط كلهَا ولأكثرها شرحان مطول ومختصر وَشرح الإشارات وَكَانَ يحفظ كليات القانون وَكَانَ يعظم كَلَام بقراط وَلَا يسد على مشتغل بِغَيْر القانون وَهُوَ الَّذِي جسر النَّاس على هَذَا الْكتاب وَكَانَ لَا يحجب نَفسه عَن الإفادة لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَكَانَ يحضر مَجْلِسه جمَاعَة من الْأُمَرَاء ومهذب الدّين بن أبي حليقة أَمِين الْأَطِبَّاء وَشرف الدّين بن صَغِير وأكابر الْأَطِبَّاء وَيجْلس النَّاس على طبقاتهم وَمن تلاميذه الْأَعْيَان بدر الدّين حسن رَئِيس الْأَطِبَّاء وَأمين الدولة ابْن القف والسديد أَبُو الْفضل بن كوشك وَأَبُو الْفتُوح الأسكندري انْتهى
276 -
الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن حسان بن سَالم بن عَليّ بن مُسَافر أَبُو الْحسن الْكَاتِب توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة مدح الْخُلَفَاء والأكابر وَأكْثر وَمن شعره // (من المنسرح) //
(زار وثغر الصَّباح مبتسم
…
فجرا وَعقد النُّجُوم منفصم)
(والبدر فِي رِيقه الْغُرُوب لقى
…
تستنجد اللَّيْل وَهُوَ منهدم)
(والجو فِي حلَّة معنبرة
…
لَهَا من الْبَرْق مومضا علم)
(وَالْأَرْض قد أَصبَحت مزخرفة
…
وازينت نشر روضها نغم)
(والبان مياسة معاطفه
…
والسحب تبْكي والزهر يبتسم)
(والورد قد فتقت لطائمه)
(قد سل سَيْفا على الشقائق فاجتز
…
بِهِ من رؤوسها القمم)
(
…
إِن شابهت لَونه غلائلها
…
مَا كل قان مضرج غنم)
(فَقل لمن راقه معصفرها
…
لَا يزدهيك الْهوى فَذَاك دم)
(واصفر وَجه النَّهَار من وَجل
…
كمدنف مل قلبه السأم)
(وأطرق النرجس المضاعف إجلالا
…
لطرف فِي جفْنه سقم)
(وَعَاد شَمل المنثور حِين زهي الْورْد
…
من الْعجب وَهُوَ مُنْتَظم)
(وافتر ثغر الأقاح من جذل
…
والجدول الْغمر ظلّ يلطم)
(وغنت الْوَرق فِي الغصون فيا
…
لله تِلْكَ الألحان والنغم)
(أصنع من معبد وأفصح من
…
قس فهن النواطق الْعَجم)
قلت شعر جيد إِلَّا أَنه غير ناضج
277 -
المراغي عَليّ بن حسكويه بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحسن المراغي الأديب قدم بَغْدَاد وتفقه على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَكَانَ لغويا شَاعِرًا عثر فَمَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَمن شعره
278 -
السَّجَّاد عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم الملقب بالسجاد لفضله واجتهاده وَهُوَ وَالِد حُسَيْن الْمَقْتُول بفج واخوته توفّي السَّجَّاد فِي سجن الْمَنْصُور فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة وَقوم يلقبونه العابد وَكَانَ لَا يُوَافق أَقَاربه على طلب الْخلَافَة ويلام على ذَلِك فَيَقُول من يشْتَغل بِاللَّه لَا يتفرَّغ للشغل بِغَيْرِهِ
وأعقب عَليّ هَذَا ولدا اسْمه الْحُسَيْن وَقيل لَهُ ولد أخر اسْمه مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وَتقدم ذكر الْحُسَيْن أَيْضا
279 -
الدارابجردي عَليّ بن الْحسن بن أبي عِيسَى الْهلَال الدارابجردي أوقد النَّار فِي تبن فاختنق وَمَات فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَتَيْنِ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
280 -
ابْن الصَّقْر الصَّائِغ عَليّ بن الْحسن بن الصَّقْر بن أَحْمد بن الْقَاسِم أَبُو الْحسن الهاهلي الصَّائِغ سمع الْكثير من أبي عَليّ بن شَاذان وَالْقَاضِي أبي الْعَلَاء الوَاسِطِيّ وطبقتهما وَكَانَ متأدبا فَاضلا قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَأَظنهُ مَاتَ شَابًّا وروى عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو الْمَعَالِي الْحُسَيْنِي وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر ين دوست النَّحْوِيّ وَقد رمي بِأَنَّهُ يكذب وَيسْرق الْأَحَادِيث ويركبها ويضعها وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(أَكثر من الزَّاد فان الترحال قد قربا
…
إِن التقى خير مَا قَدمته سَببا)
(وَاحْذَرْ فان إِلَه الْخلق مطلع
…
على الْقُلُوب فَكُن لله مرتقبا)
(فَرب ذَنْب صَغِير جر مهلكة
…
كالنار زَادَت بِأَدْنَى لفحة لهبا)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(مَا ضرّ مستقيمي من آل مَسْعُود
…
إِذا عادني النَّاس من قولي لَهَا عودي)
(تجنبت إِذْ رَأَتْ فِي عودهَا وَرقا
…
وَقد تجرد من أوراقه عودي)
(من رد دهرا تغنينا جاذره
…
والراح جَامِعَة نايا إِلَى عودي)
(فِي فتية مَا لَهُم ند إِذا شهدُوا
…
يغنون بالنشر عَن ند وَعَن عود)
(أَيَّام كنت رخي البال مقتدرا
…
أخْشَى وأرجى لإيعادي موعودي)
(إِذْ لَا أَخَاف ملالا من منغمة
…
وَلَا أَقُول لأيام الصِّبَا عودي)
(إِن كنت شبت فخلقي والنهى يفع
…
وَالنَّدْب يزْدَاد فضلا كلما عودى)
281 -
أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن عَطاء أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي ابْن أبي سعد بن أبي الْقَاسِم الْفَقِيه الشَّافِعِي من بَيت قديم
كَانَ مِنْهُم فُقَهَاء ووعاظ قَرَأَ الْفِقْه على عَليّ بن أبي طَالب بن الْخلّ ولازمه سِنِين حَتَّى حصل طرفا صالحين من الْمَذْهَب وَالْخلاف وَصَارَ معيدا بمدرسته وَكَانَ فَاضلا متدينا سمع من أبي الْوَقْت وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وَغَيرهمَا ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وسِتمِائَة
282 -
ابْن السمسمى النَّهْرِي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون السمسمى وَقيل السمسماني أَبُو الْحسن النَّهْرِي الْمُؤَدب سمع الْكثير من أبي عَليّ بن شَاذان وطبقته وَكتب بِخَطِّهِ وَكَانَ أديبا شَاعِرًا سمع مِنْهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَأَبُو الْفضل بن خيرون وَابْن خَاله أَبُو طَاهِر الْكَرْخِي وَكَانَ يلب النَّاس وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(دع مقلتي تبْكي عَلَيْك بأربعٍ
…
إِن الْبكاء شِفَاء قلب الموجع)
(ودع الدُّمُوع تكل جفني فِي الْهوى
…
من غَابَ عَنهُ حَبِيبه لم يهجع)
(وَلَقَد بَكَيْت عَلَيْك حَتَّى رق لي
…
من كَانَ فِيك يلومني وَبكى معي)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَرَاكُم بقلبي من بِلَاد بعيدَة
…
تراكم تروني بالقلوب على بعد)
(لساني وقلبي يحزنان عَلَيْكُم
…
وعندكم روحي وذكركم عِنْدِي)
(وَلست ألذ الْعَيْش إِلَّا بقربكم
…
وَلَو كنت فِي الفردوس [أَو جنَّة الْخلد] )
قلت شعر نَازل على لحن فِي الثَّانِي من الثَّالِث
283 -
صردر عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْفضل أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب الْمَعْرُوف بصردر بن صربعر كَانَ أَبُو مَنْصُور من فحول الشُّعَرَاء وَله معرفَة تَامَّة بالأدب سمع هُوَ والخطيب بقرَاءَته سمع عليا وَعبد الْملك ابْني مُحَمَّد بن عبد الله بن بَشرَان وَأحمد بن مُحَمَّد بن خَالِد الْكَاتِب وَعلي بن عمر بن أَحْمد الحمامي وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد الزوزني وَعلي بن هبة الله بن عبد السَّلَام
الْكَاتِب وَفَاطِمَة بنت عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخبري وروت عَنهُ الأختبار الموفقيات للزبير بن بكار كَانَ أَبوهُ يُقَال لَهُ صربعر فَقَالَ لأبي مَنْصُور لما سمع شعره نظام الْملك أَنْت ابْن صردر إِلَّا ابْن صربعر فغلب ذَلِك عَلَيْهِ وَقد هجاه الشريف البياضي وَمَا أنصفه فِي قَوْله // (من المتقارب) //
(لَئِن نبز النَّاس قدما أباكا
…
وسموه من شحه صربعرا)
(فَإنَّك تنثر مَا صره
…
عقوقا لَهُ وتسميه شعرًا)
توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة كبا بِهِ الفرص فدقت عُنُقه وَكَانَ قد ظلم أهل شهرايان وسعى بهم وَقيل سقط فِي بِئْر فَهَلَك وَقَالَ أَبُو عَليّ بن الْبناء خلط فِي دينه وَمن شعره يمدح الْوَزير أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن مسلمة // (من الْبَسِيط) //
(من علم الْقلب مَا يملي من الْغَزل
…
نوح الْحمام لَهُ أم حنة الْإِبِل)
(لَا بل هُوَ الشوق يَدْعُو فِي جوانحنا
…
فيستجيب خيال الحازم البطل)
(لكل دَاء لطاشي يلاطفه
…
فَهَل شفاك طَبِيب اللوم والعذل)
(أبين وهجر يضيع الْوَصْل بَينهمَا
…
فيكف أَرْجُو خصام الْحبّ بالملل)
(يُمِيت بني فِي صَدْرِي ويدفنه
…
أَنِّي أرى النفث بالشكوى من الفشل)
(إِن اللآلئ حازتها حمولهم
…
وَإِنَّمَا أبدلوا الأصداف بالكلل)
(فلست ادري بالأصداغ قد كحلوا الأجفان
…
أم صبئوا الأصداغ بالكحل)
(مَا يستريب النقا إِن الغصون خطت
…
عَلَيْهِ لَكِن بأوراق من الْحلَل)
(من يشْهد الركب صرعى فِي محلهم
…
يَدعُوهُ رمسا وَلَا يَدعُوهُ بالطلل)
(أَمْسَى شحوبي وإرهاقي يدلسني
…
على الرَّقِيب بسمر بَينهم ذبل)
(لم يسْأَلُوا عَن مقَامي فِي رحالهم
…
إِلَّا أتيت على الْأَعْذَار والعلل)
(لله قوم يبيحون الْقرى كرما
…
وينهرون ضيوف الْأَعْين النجل)
(لَو عدموا الْبيض والخطى أنجدهم
…
ضرب دراك ورشقات من الْمقل)
(كَأَنَّمَا بَين جفني كل ناظرة
…
ترنو كنَانَة رام من بني ثعل)
(لَا روض أوجههم مرعى لواحظنا
…
وَلَا اللمى مورد التخميش والقبل)
(تحكي الغمامة إيماضا مباسمهم
…
وَلَيْسَ يحكينها فِي جودها الهطل)
(خَافُوا الْعُيُون على مَا فِي براقعهم
…
من الْجمال فصانوا الْحسن بالبخل)
(يَا رائد الركب يستغوي لواخطه
…
برق يلاعب مَاء الْعَارِض الهطل)
(هَذَا جمال الورى تطفي مناصله
…
نَار الْقرى بدماء الأينق البزل)
(لَا يسْأَل الْوَفْد عَمَّا فِي حقائبهم
…
إِن لم يوافوا بهَا ملأى من الأمل)
(وَمَا رعين المطايا فِي خمائله
…
إِلَّا سخطن على الحوزان وَالنَّفْل)
(إِن امتعنت حَيَاء من مواهبه
…
أولاكها بضروب الْمَكْر والحيل)
(قصرت يَا سحب عَن إِدْرَاك غَايَته
…
يسْعَى ويكدح فِي صلح على دخل)
(سيف لَهَا ثمَّ مسلول إِذا خشنت
…
لَهُ الضرائب لم يفرق من الغلل)
(فِي قَبْضَة الْقَائِم الْمَنْصُور قَائِمَة
…
وشفرتاه من الْأَعْدَاء فِي القلل)
(بيض الْقَرَاطِيس كالبيض الرقَاق لَهُ
…
وَفِي اليراع غنى عَن أسمر خطل)
(وطالما جدل الْأَمْرَانِ مَنْطِقه
…
حَتَّى أقرُّوا بِأَن القَوْل كالعمل)
(يود كل خصيم أَن يعممه
…
فصل الحسام ويعفيه من الجدل)
(مَا الْبَأْس فِي الصدة السمراء أجمعه
…
فِي القَوْل أمضي من الْهِنْدِيّ والأسل)
مِنْهَا // (من الْبَسِيط) // // (لَيْسَ الرقى لجَمِيع الدَّاء شافية
…
الكي أشفى لجلد الأجرب النَّفْل)
(قل للعريب أنيبي أَنَّهَا دوَل
…
والطعن فِي النَّحْر دون الطعْن فِي الدول)
(هَيْهَات لَيْسَ بَنو الْعَبَّاس ظلهم
…
عَن ساحة الدّين وَالدُّنْيَا بمنتقل)
(حمى حقيقتهم مر مذاقته
…
مُوسر الرَّأْي بَين الريث والعجل)
(موطأ فَإِذا الزت حفظته
…
تكاشر الْمَوْت عَن أنيابه العصل)
(أَيهَا عقيل إِذا غَابَتْ كتائبه
…
فزتم وَإِن طلعت طرتم مَعَ الحجل)
(هلا وقفتم وَلَو مِقْدَار بارقة
…
وَمَا الْفِرَار بمنجاة من الْأَجَل)
(فالهى عَن الرِّيف يافقعا بقر قُرَّة
…
وابغي النُّزُول على اليربوع والورك)
(نسج الخدرنق من أعلا ثيابكم
…
وَخير زادكم ذهدية الْجعل)
(إِن تعهدوا الْعِزّ فِي الْأَطْنَاب آونة
…
فَذا أَوَان حُلُول الذل فِي الْحلَل)
(ترقبوها من الجودي كامنة
…
فِي نقعها ككمون الشَّمْس فِي الطِّفْل)
(لكل مرتعد الغربين مَا عرفت
…
حوباؤه خور الهيابة الوكل)
(تَدْعُو على ساعديه كلما اشْتَمَلت
…
على حنيته
…
الْأَرْوَاح بالهبل)
(فِي جحفل كالغمام الجون ملتبس
…
بالبرق والرعد من لمع وَمن زحل)
(يزجي قوارع فَأَتَت بَاعَ ملجمها
…
فَأَنت تحسبها صَدرا بِلَا كفل)
مِنْهَا // (من الْبَسِيط) //
(وَالْأَرْض دَارك وَالْأَيَّام تنفقها
…
على بقائك والآمال الخول)
(متع لواحظنا حَتَّى نقُول لَهَا
…
لقد رَأَيْت جَمِيع النَّاس فِي رجل)
وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(لَوْلَا كهَانَة عَيْني مَا درت كَبِدِي
…
أَن الْخمار سَحَاب فِيهِ أقمار)
(إيه أَحَادِيث نعْمَان وساكنه
…
إِن الحَدِيث عَن الأحباب أسمار)
(يَا حبذا رَوْضَة الأحوى إِذا احْتَجَبت
…
عَن الثغور حَكَاهَا مِنْهُ نوار)
(وحبذا البان أَغْصَان كرمن فَمَا
…
لَهُنَّ إِلَّا الْحمام الْوَرق أثمار)
(ظللت مغرى بِذِي عينين تعذله
…
وَقَبله قد تعاطى الْعِشْق بشار)
(عِنْد العذول اعتراضات معنفة
…
وَفِي القباب جوابات وأعذار)
وَمن شعره فِي سَوْدَاء // (من السَّرِيع) //
(علقتها صماء مصقولة
…
سَواد قلبِي صفة فِيهَا)
(مَا انكسف الْبَدْر على تمه
…
ونوره إِلَّا ليحكيها)
(لأَجلهَا الْأَزْمَان أَوْقَاتهَا
…
مؤرخات بلياليها)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لم أبك أَن رَحل الشَّبَاب وَإِنَّمَا
…
أبْكِي لِأَن يتقارب الْمعَاد)
(شعر الْفَتى أوراقه فَإِذا ذوى
…
جَفتْ على آثاره الأعواد)
وَمِنْه يهجو ابْن الْحصين الْكَاتِب // (من الْكَامِل) //
(لَا تغتبط يَا ابْن الْحصين بصبية
…
أضحت لديك كَثِيرَة الْأَعْدَاد)
(لَا فَخر فِيك وَلَا افتخار فيهم
…
إِن الْكلاب كَثِيرَة الْأَوْلَاد)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(لَا تَظنن بِي سلوا بِأَن كنت
…
غزير الدُّمُوع بَين الجفون)
(فبكاء الْقُلُوب أشرف فِي حكم
…
المحبين من بكاء الْعُيُون)
وَمِنْه // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قلقل ركابك فِي الفلا
…
ودع الغواني للقصور)
(فمحالفي أوطانهم
…
أَمْثَال سكان الْقُبُور)
(لَوْلَا التغرب مَا ارْتقى
…
در البحور إِلَى النحور)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(تَمُوت نفوس بأوصابها
…
وتكتم عوادها مَا بهَا)
(وَمَا أنصفت مهجةٌ تَشْتَكِي
…
هَواهَا إِلَى غير أحبابها)
(أَلا أَرِنِي لوعة فِي الحشا
…
وَلَيْسَ الْهوى بعض أَسبَابهَا)
(وَمن شرف الْحبّ أَن الرِّجَال
…
تشتري أَذَاهُ بألبابها)
(وَفِي السرب مثرية بالجمال
…
تقسمه بَين أترابها)
(فللبدر مَا فَوق أزرارها
…
وللغصن مَا تَحت جلبابها)
(كَأَنِّي دَعَوْت بهَا فِي الخباء
…
وحشية عِنْد مِحْرَابهَا)
(أتبعهَا نظرا معجلا
…
فتعثر عني بهرابها)
(مَتى شَاءَ يقطف ورد الخدود
…
وقته الأكف بعنابها)
(كفاني من وَصلهَا ذكرة
…
تمر على برد أنيابها)
(وَأَن تتلالا بروق الْحمى
…
وَإِن أضرمتني بألهابها)
(وَكم ناحل بَين تِلْكَ الْخيام
…
تحسبه بعض أطنابها)
(فَمن مخبر حاسدي أنني
…
وهبت الْأَمَانِي لطلابها)
(فَإِن عرضت نَفسهَا لم تَجِد
…
فُؤَادِي من بعض خطابها)
(وَلَو شِئْت أرستها غَارة
…
فَعَادَت إِلَيّ بأسلابها)
(ولكنني عائف شَهِدَهَا
…
فَكيف أنافس فِي صابها)
(تذل الرِّجَال لأطماعها
…
كذل العبيد لأربابها)
(فَلَا تقطفن ثمار المنى
…
فيأس عصارة أعنابها)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(وَلَيْلَة بالهجر مدت فَمَا
…
يفني مداها سعي مشتاق)
(كَانَ شرابي وقيانش بهَا
…
دمعي وورق ذَات أطواق)
(حَتَّى محا الصُّبْح سَواد الدجى
…
كلمة فِي يَد حلاق)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(مَا شَهْوَة النّوم وَمَا لذته
…
قلب تغشت لبه غفلته)
(هَل هُوَ إِلَّا ميتَة عجلت
…
وَإِنَّمَا قد قربت رجعته)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(أبوابه للرقد مَفْتُوحَة
…
كَأَنَّهَا أجفان عشاق)
(تستغلق الرَّهْن أفاويقه
…
إِن جعل الرَّهْن لسباق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أكذا يجازى ود كل قرين
…
أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
(قصوا عَليّ حَدِيث من قتل الْهوى
…
إِن الناسى روح كل حَزِين)
(وَلَئِن كتمتم مشفقن لقد درى
…
بمصارع الْعَذْرَاء وَالْمَجْنُون)
(فَوق الركاب وَلَا أطيل مشبها
…
بل ثمَّ شَهْوَة أنفس وحيون)
(هزت قدودهم وَقَالَت للصبا
…
هزءا عبد البان مثل غصون)
(وكأنما نقلت مآزرهم إِلَى
…
جد الْحمى الأنقاء من يبرين)
وَرَاء فرياك الْمقبل مرود
…
حصباؤه من منهل مَكْنُون)
(أما بيُوت النَّحْل بَين شفاههم
…
موضونة أَو حانة الزرجون)
284 -
الميانجي قَاضِي همذان عَليّ بن الْحسن بن عَليّ أَبُو الْحسن الميانجي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَنون بعد الْألف وجيم قَاضِي همذان كَانَ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ والنبل حسن الْمعرفَة بالفقه وَالْأَدب تفقه بِبَغْدَاد على القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَسمع من عَليّ ابْن عمر الْقزْوِينِي وَأحمد بن عَليّ التوزي وَالْحسن بن مُحَمَّد الْخلال وروى يَسِيرا قتل فِي مَسْجِد صَلَاة الصُّبْح سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة كتب إِلَيْهِ أَبُو الْحسن الشِّيرَازِيّ كتابا وعنونه بقوله شاكره والمفتخر بِهِ والداعي لَهُ إِبْرَاهِيم بن عَليّ الفيروزآبادي
285 -
شرف الدولة بن صَدَقَة الْكَاتِب عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن صَدَقَة أَبُو الْحسن ابْن الْوَزير أبي عَليّ تقدم ذكره وَالِده كَانَ يلقب شرف الدولة كَانَ يَنُوب عَن وَالِده فِي ديوَان الْمجْلس وَكتب خطا مليحا طَريقَة ابْن البواب كتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الشّعْر ولى النّظر بديوان وَاسِط وَانْحَدَرَ إِلَيْهَا فَمَرض بالغراف وأصعد إِلَى وَاسِط فتوفى هُنَاكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ سمع من عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وَعلي بن الْحُسَيْن الربعِي وَعلي بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان وَغَيرهم وَحدث باليسير
286 -
الرميلي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ أَبُو الْحسن الرميلي الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها شافعيا حسن الْمعرفَة بِالْمذهبِ وَالْأُصُول وَله تعليقة فِي الْخلاف ويحفظ اللُّغَة وَيعرف النَّحْو وَكتب خطا مليحا طَريقَة ابْن البواب وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق محبوبا متواضعا قَرَأَ الْفِقْه على يُوسُف الدِّمَشْقِي وَالْأُصُول على أبي الْحسن ابْن الآبنوسي وَسمع بِنَفسِهِ من مُحَمَّد بن عمر الأرموي وَمُحَمّد بن طراد الزَّيْنَبِي وَعلي بن عبد السَّيِّد بن الصّباغ وَكَانَ مرشحا للتدريس وَالْقَضَاء إِلَّا أَن أَجله أدْركهُ سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره لما مرض وأرعشت يَدَاهُ // (من الرمل) //
(طول سقمي وَالَّذِي يعتادني
…
صير الرَّائِق من خظى كَذَا)
(كل شَيْء هدر مَا سلمت
…
مِنْك لي نفس وَوقت الْأَذَى)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَلَيْسَ عجيبا أَن تدانت منية
…
لحى وَلَكِن العجيب بَقَاؤُهُ)
(وَمن جمع أضداد نظام وجوده
…
فَأوجب فِي الزَّمَان فَسَاده)
(فسبحان من لَا يَعْتَرِيه تغير
…
وَمن بيدَيْهِ نقضه وبناؤه)
287 -
أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ عَليّ بن الْحسن بن الْخلف بن قديد أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ مُحدث مَشْهُور موثق سمع مُحَمَّد بن رمح وحرملة وَجَمَاعَة ولد سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة روى عَنهُ ابْن يُونُس وَأَبُو بكر بن الْمُقْرِئ وَخلق كثير من الرحالة
288 -
الباخرزي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الطّيب أَبُو الْحسن الباخرزي قد تقدم ذكر وَالِده الْحسن بن عَليّ فِي حرف الْحَاء مَكَانَهُ وباخرز نَاحيَة من نواحي نيسابور كَانَ من أَفْرَاد عصره فِي الْأَدَب والبلاغة وَحسن النّظم والنثر شدا طرفا من الْفِقْه فِي صباه على أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَسمع مِنْهُ وَمن أبي عُثْمَان الصَّابُونِي وَعبيد الله بن أَحْمد المكيالي ثمَّ اشْتغل بِالْكِتَابَةِ وخدم فِي الدِّيوَان يترسل وَقدم بَغْدَاد أَيَّام الإِمَام الْقَائِم ومدحه واتصل بالوزير الْكِنْدِيّ وَزِير طغرلبك وخدم بِالْبَصْرَةِ مُدَّة وصنف كتاب دمية الْقصر وَهُوَ ذيل على يتيمة الدَّهْر للثعالبي وَوضع عَلَيْهِ أَبُو الْحسن عَليّ بن زيد الْبَيْهَقِيّ كتابا وَسَماهُ وشاح الدمية وملا صنف كتاب الدمية كتب إِلَيْهِ الأديب أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن غَانِم الْهَرَوِيّ الغانمي // (من الوافر) //
(بقيت فَأَنت من أضحى وَأمسى
…
على الْفُضَلَاء كلهم رَئِيسا)
(ودمية قصرك الغراء وافت
…
فحاكت من محاسنها عروسا)
(أتيت بهَا يدا بَيْضَاء حَتَّى
…
كَأَنَّك فِي الَّذِي أبدعت مُوسَى)
(وَقد أحيتت موتى الْفضل فِينَا
…
كَمَا قد كَانَ يحيى الْمَيِّت عِيسَى)
وَغلب أدبه على فقه وسافر وتغرب وَرَأى عجائب وَقتل آخرا بباخرز وَذهب دَمه هدرا سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فِي مجْلِس أنس وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(يَا فالق الصُّبْح من الألاء غرته
…
وجاعل اللَّيْل من أصداغه سكنا)
(بِصُورَة الوثن استعبدتني وَبهَا
…
فتنتني وقديما هجت لي شجنا)
(لَا غرو أَن أحرقت نَار الْهوى كَبِدِي
…
فَالنَّار حق على من يعبد الوثنا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لبس الشتَاء من الجليد جُلُودًا
…
فالبس فقد برد الزَّمَان برودا)
(كم مُؤمن قرصته أظفار الشتا
…
فغدا لسكان الْجَحِيم حسودا)
(وَترى طيور المَاء فِي وكناتها
…
تخْتَار حر النَّار والسفودا)
(وَإِذا رميت بِفضل كاسك فِي الْهوى
…
عَادَتْ عَلَيْك من العقيق عقودا)
(يَا صَاحب العودين لَا تهملهما
…
حرق لنا عودا وحرك عودا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَإِنِّي لأشكو لسع أصداغك الَّتِي
…
عقاربها فِي وجنتيك تحوم)
(وأبكي لدر الثغر مِنْك ولي أَب
…
فَكيف يديم الضحك وَهُوَ يَتِيم)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(يَا خَالق الْخلق حملت الورى
…
لما طَغى المَاء على جاريه)
(وَعَبْدك الْآن طَغى مَاؤُهُ
…
فِي الصلب فاحمله على جَارِيَة)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(الْقَبْر أخْفى ستره للبنات
…
ودفنها يرْوى من المكرمات)
(أما رَأَيْت الله سُبْحَانَهُ
…
قد وضع النعش بِجنب الْبَنَات)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(عِشْنَا إِلَى أَن رَأينَا فِي الْهوى عجبا
…
كل الشُّهُور وَفِي الْأَمْثَال عش رجبا)
(أَلَيْسَ من عجب أَنِّي ضحى رحلوا
…
أوقدت من دمع عَيْني فِي الحشا لهبا)
(وَأَن أجفان عَيْني أمْطرت وَرقا
…
وَأَن ساحة خدي أنبتت ذَهَبا)
(غيداء أغوى وأودى حبها وَكَذَا الغيداء
…
غي وداء لفقا لقيا)
(إِذا دنا طرفها لم يدر رامقها
…
أتلك أجفان ظَبْي أم جفون ظبى)
(أَقُول للغصن لَا أَلْقَاك منثنيا
…
من ذَات نَفسك إِلَّا أَن تهب صبا)
(تعبت كي تنثني كَمثل قامتها
…
اسْتغْفر الله مِنْهُ وَارْتجَّ التعبا)
وَمِنْه // (من الرجز) //
(صبرا جميلا فَلَعَلَّ أَو عَسى
…
يورق عود الْوَصْل بَعْدَمَا غسا)
(واليأس إِحْدَى الراحتين قيل فِي
…
أمثالهم فاربح بِأَن تستأنسا)
(وسقني مشمولة يسْعَى بهَا
…
قضيب بَان فِي فُؤَادِي غرسا)
(وناد بالولدان إِنِّي جَاعل
…
أعجم لَا أعرف سُورَة النسا)
وَمن هَذِه القصيدة السّنيَّة فِي المديح // (من الرجز) //
(إِن شِئْت أَن تعرف أَن عدله
…
قد فرش الْأَمْن فلاق النرجسا)
(أَو حمل الطست من التير على
…
الرَّأْس وَلَا أَمنه لاحترسا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالَت وَقد فتشت عَنْهَا كل من
…
لاقيته من حَاضر أَو بَادِي)
(أَنا فِي فُؤَادك فارم نَحوه
…
ترني فَقلت لَهَا وَأَيْنَ فُؤَادِي)
وَمِنْه فِي ثقيل // (من الْبَسِيط) //
(يَا أثقل النَّاس يَا من لَو قبلت من الْكفَّار
…
أكثرت أَنْوَاع الخطيات)
(مَا خفت وَالله رجحانا لمعصيتين
…
لَو كنت وَحدك فِي ميزَان خيراتي)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لَا حبذا البخت أعيانا وَمَال إِلَى
…
قوم يعدهم الأرزال أعيانا)
(يدرع البصل المذموم أكسية
…
وَيتْرك النرجس الْمَحْمُود عُريَانا)
(وينب الشوك فِي أَرض وجارئها
…
تجني أكف بغاة الرزق عقيانا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أفدى الَّذِي سَاد الحسان ملاحة
…
حَتَّى تواضع كلهم لسيادته)
(ضاجعته والورد تَحت لِحَافه
…
ولثمته والبدر فَوق وسادته)
وَمِنْه وَقد أَصَابَهُ زكام وسعال // (من السَّرِيع) //
(وَبِي زكام وسعال مَعًا
…
قد برحابي حِين لم يبرحا)
(كَأَن أنفي نهر طاحونة
…
إِذْ لسعالي صَوت جر الرَّحَى)
وَمِنْه يُخَاطب الْجُوَيْنِيّ وَقد تألم ضرسه // (من الْبَسِيط) //
(جلّ الإِمَام الحبر عَن علةٍ
…
فِي ضرسه لم تَكُ معتاده)
(لِسَانه فتت أَسْنَانه
…
وَالسيف قد يَأْكُل أغماده)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(بِنَفس الَّذِي إِن رمت تَغْلِيظ حلفة
…
لعزته عِنْدِي حَلَفت بوده)
(إِذا جذبت ريح الصِّبَا هدب صُدْغه
…
تمايل كالنشوان من خمر خَدّه)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(فَلَا تحسبوا إِبْلِيس عَلمنِي الْخَنَا
…
فَإِنِّي مِنْهُ بالفضائح أبْصر)
(وَكَيف يرى إِبْلِيس معشارما أرى
…
وَقد فتحت عَيْنَايَ لي وَهُوَ أَعور)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(لَوْلَا سعيد لنفت سعدها
…
مجَالِس الحكم وتدريسها)
(شمس يعم الأَرْض إشراقه
…
وَغَيره لَو كنت تَدْرِي سهى)
وَفِيه
(فضحت الغصون بقاماتهن
…
وعفر الظباء بأعناقهن)
(وزادت خلاخيل أسواقهن
…
نقاق بضاعات أسواقهن)
وَمِنْه يفضل الْعُزُوبَة // (من الْبَسِيط) //
(وَإِن يطسن وتد مَا بَين فخذك وفاش
…
ججه فَقدما أذاقوا الشَّجَّة الوتدا)
(والقوس إِذْ زوجوها السهْم شاكية
…
تَئِنُّ وَالسيف بسام بِمَا انفردا)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(وَقَالُوا فِي الْعُزُوبَة كل غم
…
فَقلت لَهُم وَفِي التَّزْوِيج أَيْضا)
(فَذا فِي حيص بِغَيْر أهل
…
ودامع أَهله فِي خيفن بيضًا)
وَمِنْه // (من الرجز) //
(كم رَاكب لم يترجل مَاشِيا
…
وعقله دون عقول الماشيه)
(تعجبه غاشية يحملهَا أَمَامه
…
فِي السُّوق بعض الحاشيه)
(لم يأتني حَدِيثهَا قبل فَهَل
…
أَتَاك يَا صَاح حَدِيث الغاشيه)
وَمِنْه // (من المجتث) //
(يَا جَاهِلا عَابَ شعري
…
فكد قلبِي وآلم)
(عَليّ نحت القوافي
…
وَمَا عَليّ إِذا لم)
قلت يُشِير إِلَى قَول ابْن الرُّومِي // (من الْبَسِيط) //
(عَليّ نحت القوافي من مقاطعها
…
وَمَا عَليّ إِذا لم تفهم الْبَقر)
وَقد نظمت أَنا فِي هَذِه الْمَادَّة // (من المجتث) //
(نك من هجاك بِشعر
…
أَو شانه بالزحاف)
(وَقل لمن لَام فِيهِ
…
عَليّ نحت القوافي)
وَفِي هَذَا التَّضْمِين كِنَايَة عَمَّا يعلم مَعَ تَصْحِيف القوافي وَمِنْه يشبه رمانة مشقوقة // (من المتقارب) //
(ورمانة شقها الآكتناز
…
وَمَا مَسهَا قطّ نَاب وظفر)
(فأضحت كَمَا يفغر اللَّيْث فَاه
…
وأنيابه من دم الصَّيْد حمر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(سَلام على وكرى وَإِن طوي الحشا
…
على حسرات من فراخ بهَا زغب)
(ووالهة غَيْرِي إِذا اشتكت النَّوَى
…
سقى نرجساها الْورْد بِاللُّؤْلُؤِ الرطب)
(أأذكر أَيَّام الْحمى لَا وحقها
…
بلَى أتناسى إِن ذكر الْحمى يصبي)
(ألم ترني وترت بالشرق عَزمَة
…
رمتني كالسهم المريش فِي الغرب)
(وطيرت نَفسِي فَهِيَ أسرى من القطا
…
وعدي بهَا من قبل أرسها من القطب)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أقوت معاهدهم بشط الْوَادي
…
فَبَقيت مقتولا بشط الْوَادي)
(وسكرت من خمر الْفِرَاق ورقصت
…
عَيْني الدُّمُوع على غناء الْحَادِي)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(كتب وخطى حاش وَجهك شَاهد
…
بِأَن بناني من أَذَى السقم مر تعش)
(وَنَفْسِي إِن تَأمر تعش فِي سَلامَة
…
فأهد لَهَا مِنْك السَّلَام ومرتعش)
وَمِنْه // (من المجتث) //
(أَصبَحت عبدا لشمس
…
وَلست من عبد شمس)
(إِن لأعشق ستي
…
وَحقّ من شقّ خمسي)
وَمِنْه يهجو الْوَزير أَبَا نصر مُحَمَّد بن مَنْصُور الكندري // (من المنسرح) //
(أقبل من كندر مسخرة
…
للنحس فِي وَجه عَلَامَات)
(يحضر دَار الْأَمِير وَهُوَ فَتى
…
مَوضِع أَمْثَاله الخرابات)
(فَهُوَ جحيم وَدبره سَعَة
…
كجنة عرضهَا السَّمَاوَات)
وَهَذَا إِنَّمَا قَالَه مداعبة لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ جليسه فِي الإفادة وَلكنه لَهُ فِيهِ مرثية مليحة مَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة الْوَزير الكندري وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(إِنْسَان عَيْني قطّ مَا يرتوي
…
من مَاء وَجه ملحت عينه)
(كَذَلِك الْإِنْسَان مَا يرتوي
…
من شرب ماءٍ ملحت عينه)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا التحى ومحا الْإِلَه جماله
…
وكساه ثوب مذلة ومحاق)
(كتب الزَّمَان على محَاسِن خَدّه
…
هَذَا جَزَاء معذب العشاق)
وَمن شعره // (من مخلع الْبَسِيط) //
(عجبت من دمعتي وعيني
…
من قبل بَين وَبعد بَين)
(قد كَانَ عَيْني بِغَيْر دمع
…
فَصَارَ دمعي بِغَيْر عين)
قلت أخذت هَذَا الْمَعْنى وتسلقت عَلَيْهِ وَولدت مِنْهُ معنى آخر يظنّ انه هُوَ وَلَيْسَ بِهِ وزدته نُكْتَة فَقَالَت وَفِيه غوص // (من مخلع الْبَسِيط) //
(قَالَ وَقد أبْصر دمعي دَمًا
…
هَذَا وَمَا لَا رعتك بالبين)
(فَقلت لما فنيت أدمعي
…
بَكَيْت بالدمع بِلَا عين)
وَمن شعر الباخزري // (من الطَّوِيل) //
(لقد ظلم الْقمرِي إِذْ ناح باكيا
…
وَلَيْسَ لَهُ من مثل مَا ذقته ذوق)
(فها أَنا ذُو شوق وَلَا طوق لي بِهِ
…
وَهَا هُوَ ذُو طوق وَلَيْسَ لَهُ شوق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا تنكري يَا عز إِن ذل الْفَتى
…
ذُو الأَصْل وَاسْتغْنى لئيم المحتد)
(إِن البزاة رُؤْسهنَّ عواطل
…
والساج مَعْقُود بِرَأْس الهدهد)
قلت يشبه قَول الدهخدا المظفر بن عَليّ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَا عَار أَن أعرى وغيري
…
فِي ثِيَاب الوشي رافل)
(إِن الحمائم ذَات أطواق
…
وجيد الباز عاطل)
وَقَالَ الباخزري أَيْضا // (من السَّرِيع) //
(لَا يشرف الرذل بِأَن يكتسي
…
من الْغنى تاجا وديباجا)
(وَهل نجا الهدهد من نَتنه
…
بلبسه الديباج والتاجا)
وَمن شعره يصف صَاحبه مُحَمَّد بن أبي نصر بن عبد الله الباخز // (من الوافر) //
(فدتك النَّفس يَا قمري وشمس
…
ويومي فِي ودادك مثل أمس)
(طلعت فكدت أصبح من تلالي
…
جبينك فَقَالَ الصدغ أَمْسَى)
(تَعَالَى واملئي ستى صباحا
…
وَجهك الوردي خمسى)
(على وَجه الَّذِي أجني بَنَاتِي
…
ثمارا للمكارم وَهُوَ غرسي)
(وَإِن سائلتني من ذَاك أنْشد
…
وَذَاكَ مُحَمَّد تفديه نقسى)
وَمِنْه قَوْله // (من مهتوك الرجز) //
(ساري النديم بِذِي سلم
…
وَهنا ألم فَلم ينم)
(حَتَّى المتيم فِيهِ ازْدحم
…
فَلَا جرم صَافح ثمَّ)
(نعمى النعم غنم الْغنم
…
بَكَى الرهم حَتَّى ابتسم)
(فَهُوَ أرم قُم يَا حنم
…
عذب الشيم واسيق فَلم)
(يبْق ألم وَلَا ارتكم
…
غمام غم لما بغم)
(ظَبْي ظلم بدر الظُّلم
…
بالملتثن)
وَهِي طَوِيلَة خرج إِلَى المديح قلت أقصر مَا صنع القدماء من الرجز مَا كَانَ على جزأين كَقَوْل دُرَيْد يَوْم هوَازن
(يَا لَيْتَني فِيهَا جذع
…
أخب فِيهَا وأضع)
حَتَّى صنع أَبُو النَّجْم أرجوزة على جُزْء وَاحِد وَهِي مَشْهُورَة أَولهَا
(طيف ألم بِذِي سلم
…
بعد العتم يطوي الْأَلَم)
(جاد بغم وملتزم
…
فِيهِ هضم إِذا يضم)
وَقَالَ بَعضهم أول من أبدع ذَلِك سلم الخاسر يمدح الْهَادِي بقوله
(مُوسَى الْمَطَر غيث بكر
…
ثمَّ انهمر ألوى المرر)
(اعتسر ثمَّ اتسر
…
وَكم قدر ثمَّ غفر)
عدل السّير بَاقِي الْأَثر
…
خير وَشر نفع وضر)
(خير الْبشر فرع مُضر
…
بدر بدر هُوَ الْوزر)
(لمن حضر والمفتخر
…
لمن غبر)
289 -
أَبُو الْقَاسِم بن الْخلّ عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن الْخلّ أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْحُسَيْن الشَّاعِر كَانَ يلقب فَخر الزَّمَان مدح الْإِمَامَيْنِ المستنجد وَابْنه المستضيء مولده سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة ووفاته وَمن شعره // (من المجتث) //
(وَجه الصبوح صبح
…
من الهموم مريح)
(ومترل اللَّهْو رحب
…
نضر الرياض فسيح)
(والطل جَار نثير
…
والظل سَار يسيح)
(وللنسيم هبوب
…
على الرياض طليح)
(وللسحائب جفن
…
من الدُّمُوع قريح)
(والبلبل المتغني
…
فَوق الغصون يَصِيح)
(والورد فِي قضب الدوح
…
كَالنُّجُومِ يلوح)
(نسيمه بغرام الصب
…
المشوق يبوح)
(وَظن ترك اصطباح
…
فِيهِ جميلا قَبِيح)
290 -
ابْن الحمامي عَليّ بن الْحسن أَبُو الطَّاهِر الْمَعْرُوف بِابْن الحمامي كَانَ أديبا فَاضلا شَاعِرًا وَكَانَ يخْدم مُلُوك بني بويه ويترسل مِنْهُم إِلَى الْأَطْرَاف روى عَنهُ القَاضِي أَبُو تَمام الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن بن الصَّابِئ وَأَبُو الْحسن بن نصر شَيْئا من شعره وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ومولده كَانَ فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(اصْطلحَ النَّاس على الْبُخْل
…
ونافقوا فِي القَوْل وَالْفِعْل)
(لَو سئلوا الرَّد لضنوا بِهِ
…
إِذْ سرعَة الرَّد من الْبَذْل)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(يَا غادرا ضمن الْمَوَدَّة والوفا
…
وأخل من بعد الضَّمَان بخلتي)
(أصبيتني حَتَّى عرفت صبابتي
…
وسررتني حلى بلوت سريرتي)
(ثمَّ انطويت على الْجفَاء وَلَو أرى
…
مَا قد أرى لطويت عَنْك طويتي)
(وَمن الْعَجَائِب والعجائب جمة
…
أَنِّي رَأَيْت منيتي من منتي)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(يَا دهر لَو عدت إِلَى صلحي
…
مَا كنت إِلَى فائز الْقدح)
(فِي كل يَوْم مِنْك لي وقْعَة
…
مؤلمة ترحب فِي جرحي)
مِنْهَا // (من السَّرِيع) //
(فَقَالَ لي بعد خطوب جرت
…
معاد مَا تبغي أَبُو الْفَتْح)
(فاقدح بِهِ زندك فِي كل مَا
…
يروم مِنْهُ يور فِي الْقدح)
(إِنَّك إِن تاجرته مادحا
…
فزت بآمالك فِي الرِّبْح)
(وَمَا الَّذِي تنظم فِي مدح من
…
تضيق عَنهُ سَعَة الْمَدْح)
(أما ترى الدَّهْر وأحداثه
…
دائبة تعْمل فِي ذبحي)
(قل لشهاب الدولة المرتجى
…
واعدل إِلَى الْجد عَن المزح)
(عَبدك هَذَا طارح نَفسه
…
عَلَيْك فاعرف حُرْمَة الطرح)
(واهززه فِي سَائِر مَا تبتغي
…
تهز مِنْهُ عَامل الرمْح)
(مَا زلت أَدْعُو الله فِي قربه
…
فحين وافاني بِلَا كدح)
(حل بِبَغْدَاد وَلكنه
…
أبعد عني من فَم الصُّلْح)
قلت شعر جيد
291 -
شميم الْحلِيّ عَليّ بن الْحسن بن عنتر بن ثَابت الْمَعْرُوف بشميم بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم الأولى وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف أَبُو الْحسن الْحلِيّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الشَّاعِر توفّي بالموصل عَن سنة عالية سنة إِحْدَى وسِتمِائَة تأدب بِبَغْدَاد وَتوجه إِلَى الْموصل وَالشَّام وديار بكر قَالَ ياقوت وَأَظنهُ قَرَأَ على ملك النُّحَاة أبي نزار قَالَ إِن الْأَوَائِل جمعُوا أَقْوَال غَيرهم وأشعارهم وبوبوها وَأما أَنا فَكل مَا عِنْدِي من نتائج أفكاري وَكلما رَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على اسْتِحْسَان كتاب فِي نوع من الْأَدَب أنشأت من جنسه مَا أدحض بِهِ الْمُتَقَدِّمين من ذَلِك أَن أَبَا تَمام جمع أشعار الْعَرَب فِي حماسته وعملت أَنا حماسة من أشعاري ثمَّ سبّ أَبَا تَمام وَشَتمه ثمَّ رَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على تَفْضِيل أبي نواس فِي خمرياته فَعمِلت كتاب الخمريات من شعري وَلَو عَاشَ أَبُو نواس لاستحيا أَن يذكر شعر نَفسه مَعهَا وَرَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على تَفْضِيل خطب ابْن نَبَاته فصنفت كتاب الْخطب فَلَيْسَ النَّاس الْيَوْم اشْتِغَال إِلَّا بخطبي قَالَ ياقوت ثمَّ أَنْشدني // (من مجزوء الْكَامِل) //
(امزج بمسبول اللجين
…
ذَهَبا حكته دموع عَيْني)
(لما نعى ناعي الْفِرَاق
…
ببين من أَهْوى وبيني)
(كَانَت وَلم يقدر لشَيْء
…
قبلهَا إِيجَاب كَون)
(وأحالها التَّحْرِيم لما
…
شبهت بِدَم الْحُسَيْن)
(خَفَقت لنا شمسان من
…
لألائها فِي الْخَافِقين)
(وبدت لنا فِي كأسها
…
من لَوْنهَا فِي حلتين)
(فاعجب هداك الله من
…
كَون اتِّفَاق الضرتين)
فاستحسنت ذَلِك فَغَضب وَقَالَ لي وَيلك مَا عنْدك غير الِاسْتِحْسَان فَقلت لَهُ فَمَا أصنع يَا مَوْلَانَا فَقَالَ لي تصنع هَكَذَا ثمَّ قَامَ يرقص ويصفق إِلَى أَن تَعب وَجلسَ وَهُوَ يَقُول أصنع وَقد ابْتليت ببهائم لَا يفرقون بَين البعر والدر والياقوت وَالْحجر فاعتذرت إِلَيْهِ وَسَأَلته أَن ينشدني شَيْئا آخر فَقَالَ لي قد صنفت كتاب فِي التَّجْنِيس سميته أنيس الجليس فِي التَّجْنِيس فِي مدح صَلَاح الدّين لم رَأَيْت اسْتِحْسَان النَّاس لقَوْل البستي ثمَّ أنْشد مِنْهُ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَيْت من طول بِالشَّام
…
نَوَاه وثوى بِهِ)
(جعل الْعود إِلَى الزَّوْرَاء
…
من بعض ثَوَابه)
(أَتَرَى يوطئني الدَّهْر
…
ثرى مسك ترابه)
(وَأرى أَي نور عَيْني
…
موطئا لي وَترى بِهِ)
ثمَّ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي وصف سَاق // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قل لي فدتك النَّفس قل لي
…
مَاذَا تُرِيدُ إِذن بقتلي)
(أأدرت خمرًا فِي كئوسك
…
هَذِه أم سم صل)
وأنشدني غير ذَلِك ثمَّ سَأَلته عَمَّن تقدم من الْعلمَاء فَلم يحسن الثَّنَاء على أحد مِنْهُم فَلَمَّا ذكرت لَهُ المعري نهرني وَقَالَ وَيلك كم تسئ الْأَدَب بَين يَدي من ذَلِك الْكَلْب الْأَعْمَى حَتَّى يذكر فِي مجْلِس قلت يَا مَوْلَانَا مَا أَرَاك ترْضى عَن أحد مِمَّن تقدم فَقَالَ كَيفَ أرْضى عَنْهُم وَلَيْسَ لَهُم مَا يرضيني فَقلت فَمَا فيهم أحد قطّ جَاءَ بِمَا يرضيك فَقَالَ لَا أعلمهُ إِلَّا أَن يكون المتنبي فِي مديحه خَاصَّة وَابْن نباتة فِي خطبه وَابْن الحريري فِي مقاماته فَهَؤُلَاءِ لم يقصروا قلت يَا مولَايَ قد عجبت إِذْ لم تصنف مقامات تدحض بهَا مقامات الحريري فَقَالَ يَا بني اعْلَم أَن الرُّجُوع إِلَى الْحق خير من التَّمَادِي فِي الْبَاطِل عملت مقامات مرَّتَيْنِ فَلم ترضني فغسلتها وَمَا أعلم أَن الله خلقني إِلَّا لأظهر فضل ابْن الحريري ثمَّ شطح فِي الْكَلَام وَقَالَ لَيْسَ فِي الْوُجُود خَالق إِلَّا وَاحِد فِي السَّمَاء وَوَاحِد
فِي الأَرْض فَالَّذِي فِي السَّمَاء هُوَ الله وَالَّذِي فِي الأَرْض هُوَ أَنا ثمَّ قَالَ هَذَا كَلَام لَا يحْتَملهُ الْعَامَّة لكَوْنهم لَا يفهمونه أَنا لَا أقدر على خلق شَيْء إِلَّا خلق الْكَلَام فَأَنا أخلقه ثمَّ ذكر اشتقاق هَذِه اللّقطَة فَقلت لَهُ يَا مَوْلَانَا أَنا مُحدث والمحدث إِن لم يكن عِنْده جرْأَة مَاتَ بغصة وَأحب أَن أَسأَلك شَيْء قَالَ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ مَا تسْأَل إِلَّا عَن معضلة هَات مَا عنْدك قلت لم سميت بالشميم فشتمني ثمَّ ضحك وَقَالَ إِنِّي بقيت مُدَّة من عمري ذكرهَا وَهُوَ وأنسيتها لَا آكل فِي تِلْكَ الْمدَّة إِلَّا الطّيب فَحسب لتنشف الرُّطُوبَة وحدة الحقط فَكنت أبقى أَيَّامًا لَا يجئني الْغَائِط فَإِذا جَاءَ كَانَ شبه البندقة من الطين فَكنت آخذه وَأَقُول لمن أنبسط لَهُ شمه فَإِنَّهُ لَا رَائِحَة لَهُ فَكثر ذَلِك حَتَّى عرفت بِهِ أرضيت يَا ابْن الفاعلة ثمَّ أورد لَهُ ياقوت // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا نرَاك بِكُل فن عَالما
…
فعلام حظك من دناك خسيس)
(فأجبتهم لَا تعجبوا وتفهموا
…
كم ذاد نهزة لَيْث خيس خيس)
وَمن شعره // (من الوافر) //
(أقيلي عَثْرَة الشاكي أقيلي
…
فسولي فِي سَماع نَثَا رَسُولي)
(وَإِن لم تَأْذَنِي بفكاك أسرِي
…
فدليني على صَبر جميل)
وَقَالَ ياقوت حَدثنِي تَقِيّ الدّين ابْن الْحجَّاج قَالَ اجْتمع جمَاعَة من التُّجَّار الواسطيين بالموصل على زِيَارَة شميم وتوافقوا على أَلا يتكلموا بَين يَدَيْهِ خوفًا من زلل يكون مِنْهُم فَلَمَّا حصلوا بَين يَدَيْهِ قَالَ أحدهم أدام الله أيامك فَالْتَفت إِلَيّ وَقَالَ أَيْن هَؤُلَاءِ فَإِنِّي أرى عمائم كبارًا ظننتها على آدميين فَسَكَتُوا فَلَمَّا قَامُوا قَالَ لَهُ آخر مِنْهُم يَا سَيِّدي ادْع لنا بشمل الْجمع فَغَضب وَقَالَ قومُوا عني قبحكم الله ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ أيسن هَؤُلَاءِ وَكَيف خلقهمْ الله ثمَّ حلف بمحلوفه وَقَالَ لَو قدرت على خلق مثل هَؤُلَاءِ لما فعلت أَنَفَة من خلق مثلهم وَقَالَ مُحَمَّد بن حَامِد بن مُحَمَّد بن جِبْرِيل بن مَنْعَة بن مَالك الْموصِلِي الْفَقِيه فَخر الدّين جرت بيني وَبَينه مذاكرات إِلَى أَن قَالَ وَمن الْعَجَائِب اسْتِحْسَان النَّاس قَول عَمْرو بن كُلْثُوم // (من الوافر) //
(مشعشعة كَأَن الْحصن فِيهَا
…
إِذا مَا المَاء خالطها خرينا)
كَذَا قَالَ تهكما أَلا قَالَ كَمَا قلت // (من الطَّوِيل) //
(وسالت نطاق الراح فِي الراح
…
فاغتدى السماح إِلَى راحاتنا فسخينا)
ثمَّ أخرج رقْعَة من تَحت مُصَلَّاهُ وَقَالَ مَا معنى قولي قلت شطر أعاديك حَظّ من كفر أياديك فَقلت اُكْتُبْهَا وأفسرها فَقَالَ اُكْتُبْهَا فكتبتها وَقلت شطر أعاديك ديك وَقَلبه كيد أردْت أَن الكيد خطّ من كفر أياديك فَقَالَ لي أَحْسَنت ثمَّ أقبل عَليّ بعد إهمالي وَلما قدم أسعرت تسامع بِهِ أَهلهَا فقصدوه من كل فج وَكَانَ فيهم شَاعِر فأنشده شعرًا استجاده وَقَالَ لَهُ إِنِّي أرفع هَذَا الشّعْر عَن طبقتك فَإِن كنت فِي دَعْوَاهُ صَادِقا فَقل فِي مَعْنَاهُ الْآن شَيْئا آخر ففكر سَاعَة وَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(وَمَا كل وقتٍ فِيهِ يسمح خاطري
…
بنظم قريص يَقْتَضِي لَفظه معنى)
(وَلم يج الشَّرْع الشريف تيمما
…
بترب وبحر الأَرْض فِي ساحة مَعنا)
فَقَالَ لَهُ الْحلِيّ وَيلك اسجد وَيلك اسجد فَإِن هَذَا مَوضِع من مَوَاضِع سَجدَات الشّعْر وَأَنا أعرف النَّاس بهَا وَمن خطبه الْحَمد لله فالق قمم حب الحصيد بحسام سح السحب صايغ خد الأَرْض بقاني شَقِيق يَانِع العشب نافخ روح الْحَيَاة فِي صور تصاويرها بسائح الْفُرَات العذب مُحي ميت الأَرْض بإماتة كالح الجدب لابتسام ثغر نسيم أنفاح الخصب محيل جسم طبيعة المَاء الْمُبَارك فِي أشكال الْحبّ وَالْعِنَب وَالزَّيْتُون والقضب جاعله للأنام والأنعام ذَات الْحمل والحلب محلى جيد الأفلاك بقلائد دراري النُّجُوم الشهب ومجلس جند الْأَمْلَاك عَن مُبَاشرَة التَّصَرُّف وَالْكَسْب وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ وأصل التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس للرب قلت لم أورد هَذِه السجعات إِلَّا لترى أَيهَا الْوَاقِف على هَذَا الْكتاب مَا على هَذَا الكالم من التَّكَلُّف والقلق والثقالة هذاك شعره وَهَذَا نثره على أَن النّظم خير من النثر وَلَا خير فِي كثير كَيفَ بِهِ لَو نثر مثل القَاضِي أَو نظم مثل ابْن سيناء الْملك وَله من التصانيف
النكت المعجمات فِي شرح المقامات وَكتاب أرى المشتار فِي القريص الْمُخْتَار وَكتاب الحماسة من نظمه كتاب مناح المنى فِي إِيضَاح الكنى أَربع كراريس أنس الجليس فِي التَّجْنِيس أَنْوَاع الرّقاع فِي الأسجاع كتاب درة التأميل فِي عُيُون الْمجَالِس والفصول مجلدان نتائج الْإِخْلَاص فِي الْخطب مُجَلد كتاب التعازي فِي المرازي مُجَلد كتاب خطب نسق حُرُوف المعجم كراسان كتاب الْأَمَانِي فِي التهاني مُجَلد كتاب المفاتيح فِي الْوَعْظ كراسان كتاب معاياة الْعقل فِي معاناة النَّقْل مُجَلد كتاب الإشارات المعزية مُجَلد كتاب المرتجلات فِي المسجلات أَربع كراريس كتاب المخترع فِي شرح اللمع مُجَلد كتاب الْمُحْتَسب فِي شرح الْخطب مُجَلد كتاب المهتصر فِي شرح الْمُخْتَصر مُجَلد كتاب التمحيض فِي التغميض كراسان كتاب بداية الْفِكر فِي بَدَائِع النّظم والنثر مجلدان كتاب خلق الْآدَمِيّ كراسان كتاب رسائل لُزُوم مَا لَا يكره كراسان كتاب اللُّزُوم مجلدان كتاب لهنة التطبيق المصحر فِي اللَّيْل المسهر كراسان كتاب مَسَرَّة الْقُلُوب فِي التَّصْحِيف كراس كتاب المنائح فِي المدائح مجلدان كتاب نهزة الأفراح فِي صِفَات الراح كراسان كتاب حزر الثافث من عيث العائث كتاب الْخطْبَة المستضيئة كتاب الْخطب الناصرية كتاب الركوبات مجلدان كتاب شعر الصَّبِي مُجَلد كتاب إلقام الإلجام فِي تَعْبِير الأحلام كتاب سمط الْملك الْمفضل فِي مديح المليك الْأَفْضَل كتاب مَنَاقِب الحكم فِي مثالب الْأُمَم مجلدان كتاب اللماسة فِي شرح الحماسة كتاب الْفُصُول الموكبية يشْتَمل على عشْرين فصلا كتاب مجتنى رَيْحَانَة الْهم فِي اسْتِئْنَاف الْمَدْح والذم كتاب الْمُنَاجَاة
292 -
الْأَحْمَر صَاحب الْكسَائي عَليّ بن الْحسن الْأَحْمَر صَاحب الْكسَائي أَبُو الْحسن بن الْحسن الْمُؤَدب لم يصر لأحد قطّ من التَّأْدِيب مَا صَار إِلَيْهِ قَالَ أَبُو سعيد الطوَال مَاتَ الْأَحْمَر قبل الْفراء بِمدَّة قَالَ الحاكي أَحْسبهُ قَالَ سنة
أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَكَانَ رجلا من الْجند من رجالة النّوبَة على بَاب الرشيد وَكَانَ يحب علم الْعَرَبيَّة وَلَا يقدر على مجَالِس الْكسَائي إِلَّا فِي أَيَّام غير نوبَته وَكَانَ يرصد مصير الْكسَائي إِلَى الرشيد ويعرض لَهُ فِي طَرِيقَته فَإِذا أقبل تَلقاهُ وَأخذ بركابه وَمَا شاه إِلَى أَن يبلغ السّتْر وَهُوَ يسْأَله عَن الْمَسْأَلَة بعد الْمَسْأَلَة وَكَذَلِكَ يفعل بِهِ إِذا خرج من السّتْر إِلَى أَن يركب وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن تمكن فَلَمَّا أصَاب الْكسَائي الوضح فِي بدنه وَوَجهه كره الرشيد ملازمته لأولاده فَأمره بِأَن يرتاد لَهُم من يَنُوب عَنهُ وَكَانَ الْكسَائي قد بلغه قدوم سِيبَوَيْهٍ والأخفش فَقَالَ للأحمر هَل فِيك خير قَالَ نعم فاستخلفه على أَوْلَاد الرشيد فَقَالَ لَهُ لعَلي لَا أَفِي بِمَا يطْلبُونَ فَقَالَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ فِي كل يَوْم مَسْأَلَتَيْنِ فِي النَّحْو وبيتين من مَعَاني الشّعْر وأحرفا من اللُّغَة وَأَنا ألقنك كل يَوْم ذَلِك قبل أَن تأتيهم فَقَالَ نعم فَدخل بِهِ إِلَيْهِم وأجلسوه فِي بَيت وفرشوه لَهُ وَكَانَت الْعَادة جَارِيَة بِأَنَّهُ إِذا دخل معلم لأَوْلَاد الْخُلَفَاء يحمل بعد قِيَامه كل مَا فِي ذَلِك الْبَيْت الَّذِي جلس فِيهِ إِلَيْهِ فَحمل ذَلِك إِلَى الْأَحْمَر وشريت لَهُ دَار وَجَارِيَة وَحمل على مركوب ووهب لَهُ غُلَام ورتب لَهُ جَارِيا يَكْفِيهِ وَكَانَ الْكسَائي يَأْتِيهم فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ فيعرضون عَلَيْهِ بِحَضْرَة الرشيد مَا أقرأهم الْأَحْمَر وَكَانَ بَينه وَبَين الْفراء تبَاعد وجفاء فحج الْأَحْمَر فَمَاتَ فِي طَرِيق الْحَج فَلَمَّا بلغ الْفراء ذَلِك اسْترْجع وترحم عَلَيْهِ وَقَالَ أما وَالله لقد عَلمته شَيخا ذكيا عَالما ذَا مُرُوءَة وَمن شعر الْأَحْمَر // (من المقارب) //
(وفتيان صدق دعوا للندى
…
وفاض السرُور بِأَرْض الطَّرب)
وَهِي أَرْبَعَة أَبْيَات وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيدي يهجو الْأَحْمَر وَالْكسَائِيّ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(أفسد النَّحْو الْكسَائي
…
وثنى ابْن غزاله)
(وَأرى الْأَحْمَر تَيْسًا
…
فاعلفوا التيس النخاله)
وَقَالَ ثَعْلَب كَانَ الْأَحْمَر يحفظ أَرْبَعِينَ ألف بَيت شَاهدا فِي النَّحْو سوى مَا يحفظ من القصائد وَكَانَ مقدما على الْفراء فِي حَيَاة الْكسَائي وَله كتاب التصريف وَكتاب
تفنن البلغاء
293 -
كرَاع النَّمْل عَليّ بن الْحسن الهناني الْمَعْرُوف بكراع النَّمْل مَنْسُوب إِلَى هناءة بن بِمَالك بن فهم بن غنم بن درس يَنْتَهِي إِلَى الأزد أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ قَالَ ياقوت وجدت خطه على المنضد من تصنيفه وَقد كتبه فِي سنة سبع وثلاثمائة ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فَقَالَ هُوَ من أهل مصر وَكَانَ كوفيا وَأخذ عَن الْبَصرِيين وَيعرف بالرواسي قَبيلَة من الأزد وَكتبه مَوْجُودَة بِمصْر مَرْغُوب فِيهَا وَله كتاب المضد أورد فِيهِ لُغَة كَثِيرَة مستعملة وحوشية ورتبه على حُرُوف المعجم ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي كتاب الْمُجَرّد ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي كتاب المنجد وَله كتاب أَمْثِلَة الْغَرِيب على أوزان الْأَفْعَال يُورد فِيهِ غَرِيب اللُّغَة وَكتاب الْمُصحف وَكتاب المنظم
294 -
ابْن مَرْوَان الْفَارِسِي عَليّ بن الْحسن بن فُضَيْل بن مَرْوَان فَارسي الأَصْل ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب الْأَصْنَام وَمَا كَانَت الْعَرَب والعجم تَعْبدُونَ من دون الله عز وجل
295 -
الْمُقْرِئ عَليّ بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ قَالَ ياقوت ذكره مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّيْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن النجار فِي تَارِيخ الْكُوفَة فَقَالَ وانْتهى تَارِيخ قِرَاءَة عَاصِم إِلَى الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَهُوَ عَليّ بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا تلقن عَلَيْهِ خلق عَظِيم كَانَ يحضر مَجْلِسه فَوق ألف نفس فِي كل يَوْم وَكَانَ السَّبق من الْعَصْر يبيت للنَّاس السَّبق وَآخر من شاهدنا مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن الْحسن بن يُونُس الْهُذلِيّ وَقد قَرَأَ بالسبعة من عدَّة وُجُوه وَقَرَأَ بالشواذ
296 -
عَلان النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن يحيى الْمَعْرُوف بعلان الْمصْرِيّ ذكره أَبُو بكر الزبيدِيّ فِي كِتَابه فَقَالَ كَانَ نحويا من ذَوي النّظر والتدقيق فِي الْمعَانِي قَلِيل الْحِفْظ لأصول النَّحْو فَإِذا حفظ الأَصْل تكلم عَلَيْهِ فَأحْسن وجود التَّعْلِيل ودقق فِي القَوْل مَا شَاءَ توفّي فِي شَوَّال سنة سبع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
297 -
ابْن حسول عَليّ بن الْحسن بن حسول أَبُو الْقَاسِم كتب رقْعَة إِلَى الصاحب بن عباد يترضاه فِي شئ وجده عَلَيْهِ مَوْلَانَا الصاحب الْأَجَل كَافِي فِي الكفاة كالبحر يتدفق والعارص يتألق فَلَا عتب على من لَا يرويهِ سيب غواديه أَن يستشرف للرائحات الرواعد من طوله فيشيم بوراقها ويستمطر سحائبها وَهَذَا جَانب مِنْهَا فَوَقع الصاحب فِي ظهرهَا سَيِّدي أَبُو الْقَاسِم أيده الله تَعَالَى قدم حُرْمَة وأتبع غَيره وَأظْهر إنابه فَاسْتحقَّ إِقَالَة فَعَاد حَقه طريا كَأَنَّهُ لم يخلق وظنه قَوِيا كَأَن لم يخْفق
298 -
أَبُو بكر الْقُهسْتَانِيّ عَليّ بن الْحسن أَبُو بكر العميد الْقُهسْتَانِيّ بِضَم الْقَاف وَالْهَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف ثمَّ ألف وَنون أديب كَبِير مَشْهُور فِي بِلَاد خُرَاسَان اتَّصل أَيَّام الْملك مَحْمُود بن سبكتكين بولده مُحَمَّد بن مَحْمُود فِي أَيَّام أَبِيه لما قَلّدهُ الجوزان وَكَانَ يمِيل إِلَى عُلُوم الْأَوَائِل ويدمن النّظر فِي الفلسفة فقدح فِي دينه ومقت لذَلِك وَكَانَ كَرِيمًا جوادا ممدحا ولي الولايات الجليلة وَله نظم ونثر وَكَانَ يغلب المزح عَلَيْهِ حَتَّى فِي مجْلِس نظره ويغلب عَلَيْهِ الْميل إِلَى الغلمان وَكَانَ لمُحَمد بن مَحْمُود بن سبكتيكين سَبْعمِائة غُلَام فِي خيله فعلق العميد أحدهم وأفرط فِي حبه وَلم يبد ذَلِك فاتفق أَن أَتَى الغلمان من بعض متصيدائهم فَلَقِيَهُمْ أَبُو بكر فِي صحن الدَّار فَسَلمُوا عَلَيْهِ وَقرب مِنْهُ ذَلِك الْغُلَام فقرص خَدّه وَكَانَ مُحَمَّد مشرفا عَلَيْهِ فَأمر بِضَرْب الْغُلَام ثمَّ أنفذه إِلَى أبي بكر فَقَالَ قد وهبناه لَك وصفحنا عَن ذَنْبك فَلَو لم يساعدك هَذَا الْفَاجِر على ذَلِك لما أمكنك فعله وَلَكِن لَا تعد إِلَى مثل هَذَا فاستحييا العميد أَبُو بكر وَقَالَ هَذَا أعظم من الضَّرْب وَالْأَدب وَتَأَخر فِي دَاره حَيَاء فأنفذ مُحَمَّد إِلَيْهِ واستدعاه وَبسطه ثمَّ انه كَانَ لَا يزَال يَهبهُ الْغُلَام بعد الْغُلَام وشكا الخدم إِلَى مُحَمَّد من بغض الغلمان الدارية بِأَنَّهُ تَمْكِين بَاقِي الغلمان من وَطئه وَلَا يمْتَنع من غشيانهم لَهُ فَقَالَ لَهُم أيفعل هَذَا طبعا أَن يستعجل عَلَيْهِ فَقَالُوا بل يستعجل عَلَيْهِ فَتقدم بإنفاذه إِلَى أبي بكر وَقَالَ قُولُوا لَهُ هَذَا بك أشبه لَا بِنَا فَخذه مُبَارَكًا لَك فِيهِ وَقَالَ العميد يَوْمًا فِي مَجْلِسه معمى وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //
(مليحة الْقد والأعطاف قد جعلت
…
فِي الْحجر طفْلا لَهُ رأسان فِي جَسَد)
(قد ضيقت مِنْهُ أنفاس الخناق بِلَا
…
جرم وتضربه ضربا بِلَا حرد)
(فَتسمع الصَّوْت مِنْهُ حِين تضربه
…
كَأَنَّهُ خَارج من ماضغي أَسد)
فَقَالَ غُلَام أَمْرَد من أَوْلَاد الْكتاب هَذَا هُوَ الطبل فَقَالَ العميد عهدي بك تستدخل الْأَعْوَر فَكيف استخرجت الْأَعْمَى فَخَجِلَ الْغُلَام وَضحك الْحَاضِرُونَ وامتدحه شَاعِر بِشعر غير طائل فَأخر صلته فَكتب الشَّاعِر بَيْتَيْنِ وَسَأَلَ الدواتي أَن يَضَعهَا فِي الدواة وهما // (من الوافر) //
(أَبَا بكر هجوتك لَا لطبعي
…
فطبعي عَن هجاء النَّاس نَاب)
(وَلَكِنِّي بلوت الطَّبْع فِيهِ
…
فَإِن السَّيْف يبْلى فِي الْكلاب)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهِمَا اسْتحْسنَ ذَلِك ورد الشَّاعِر من فراسخ بعيدَة وَلما رَآهُ أقبل عَلَيْهِ وَقَامَ لَهُ واعتنقه وَقَالَ لَو كَانَ مدحك مثل هجوك قاسمتك نعمتي ثمَّ أحسن جائزته قلت هَذَا مثل قَول ابْن صردر // (من الوافر) //
(وَمَا أهجوك أَنَّك أهل هجو
…
وَلَكِنِّي أجرب فِيك ضربي)
(وَهل عيب على شفرات سَيفي
…
إِذا جربتها فِي لحم كلب)
وَورد العميد أَبُو بكر إِلَى بَغْدَاد سنة ينف وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ومدح الْقَادِر بِاللَّه وَفِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ اتَّصل بالملوك السلجوقية وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(رَأَيْت عمارا وليتني لم أره
…
حَاز لتِلْك الطلعة المنكره)
(لَا أَحْمد الله على خلقه
…
فَلَو أَرَادَ الْحَمد مَا صوره)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(ومقرطق فِي صحن غرَّة وَجهه
…
متصرف صرف الْجمال وَتَحْته)
(عاقرته أسكرته قبلته
…
جدلته فقحته سرحته)
قلت ذكرت بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ مَا تقدم لي نظمه وأظنهما ألطف من هذَيْن وأوقع فِي
النَّفس // (من الْكَامِل) //
(وَلَقَد ظَفرت بليلة كاساتها
…
يسْعَى بهَا الرشا الأغن الأحور)
(أَنا لَا أطيل الشَّرْح فِي وصفي لَهَا
…
هِيَ فَوق مَا يصف اللِّسَان وَأكْثر)
(لَكِن أَقُول طربت طبت ضممت قبلت
…
انتهين إِلَى الَّذِي لَا يذكر)
وَمن شعر أبي بكر الْقُهسْتَانِيّ فِي مدح الإِمَام الْقَادِر // (من الطَّوِيل) //
(وَلم يرني ذُو منَّة غير خالقي
…
وَغير أَمِير الْمُؤمنِينَ بِبَابِهِ)
(غَنِيا بِلَا دنيا عَن الْخلق كلهم
…
وَإِن [مَا] الْغنى إِلَّا عَن الشَّيْء لَا بِهِ)
وَمِنْه يهجو ابْن كثير الْعَارِض // (من الطَّوِيل) //
(فلسنا نرجى الْخَيْر من ابْن وَاحِد
…
فَكيف نرجيه من ابْن كثير)
وَمِنْه يهجوه مُصحفا // (من الْكَامِل) //
(مَا لي وَهَذَا العارص بن كثير
…
شيخ العميد وَمَا لَهُ يشناني)
(وَهُوَ الْفُؤَاد بِرُوحِهِ وأحبه
…
ويتيه أَيْن رَأَيْته ورآني)
(ويغض من قدري وَيحمل جَاهِلا
…
ذكري ويخفي فِي الْجنان جناني)
وَمن شعر الْقُهسْتَانِيّ أبي بكر العميد // (من الْكَامِل) //
(أزرى بقدري أَن تراك ملكتني
…
وَالشَّيْء يملكهُ بِعَيْنِك مزدرى)
(وَلَو أنني من غير أَرْضك لم يكن
…
أحد يوازيني لديك كَمَا أرى)
(لَكِن سهم الْقرب خاط طائش
…
وَلَقَد تنَال الْعين إِلَّا المحجرا)
(وكذاك عود الْهِنْد فِي بلدانه
…
حطب الْوقُود بِهِ يُبَاع ويشترى)
(وعساي إِن وليت عَنْك برحلة
…
ثمَّ انصرفت حظيت مِنْك موقرا)
(فالبحر يصعد قَطْرَة فِي مزنة
…
وَيعود حِين يعود فِيهِ جوهرا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(لنا عَالم يُؤْتى فَيَأْتِي بِحجَّة
…
على ذَاك من أَخْبَار علم وآيات)
(وَقُلْنَا لَهُ الْإِسْلَام يعلوا وَلم يكن
…
ليعلى فَقَالَ الْعلم يُؤْتى وَلَا يَأْتِي)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(هَذَا ابْن نَبِي تائه فِي عجبه
…
متبذخ متنفخ جبروتا)
(يَأْتِي إِلَى الْأَحْرَار يقْعد فَوْقهم
…
وينام من تَحت العبيد ويوتى)
299 -
ابْن الوحشي النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحسن بن الوحشي النَّحْوِيّ الْموصِلِي أَبُو الْفَتْح قَالَ السلَفِي أَنْشدني أَبُو الْفرج هبة الله بن مُحَمَّد بن المظفر بن الْحداد الْكَاتِب بثغر آمد قَالَ أَنْشدني ابْن الوحشي النَّحْوِيّ لنَفسِهِ // (من الْبَسِيط) //
(أبْكِي على الرّبع قد أقوى كَأَنِّي من
…
سكانه أَو كَأَن مَا زلت أعْمرهُ)
(لَا تلحني فِي بكائيه فساكنه
…
لم ألقه هاجري يَوْمًا فأهجره)
300 -
ابْن المقلة عَليّ بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن أَحْمد بن مَعْرُوف بن جَعْفَر يَنْتَهِي إِلَى عدنان أَبُو الْحسن الْعَبدَرِي الْبَصْرِيّ يعرف بِابْن المقلة كَانَ شَيخا فَاضلا لَهُ معرفَة بالأدب وَالْعرُوض وَله تصانيف مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ومولده كَانَ سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة سمع بِالْبَصْرَةِ جَابر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وَطَلْحَة بن عَليّ بن عمر الْمَالِكِي وَعلي بن عبد الله بن الْمُبَارك الْوَاعِظ وَإِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة الشَّافِعِي إِمَام الْجَامِع بِالْبَصْرَةِ وَغَيرهم وَقَرَأَ بالأدب على أبي عَليّ بن الْأَحْمَر وَأبي الْعَبَّاس ابْن الْحَرِير وَأبي الْعِزّ ابْن أبي الدُّنْيَا وَقدم بَغْدَاد مرَارًا وَسمع من الْمُبَارك بن الْحسن الشهرزوري وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر وَأبي بكر الزَّاغُونِيّ وَغَيرهم خرج لنَفسِهِ فَوَائِد عَن شُيُوخه فِي عدَّة أَجزَاء وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(شيمتي أَن أَغضّ طرفِي فِي الدَّار
…
إِذا مَا دَخَلتهَا لصديق)
(وأصون الحَدِيث أودعهُ صوني
…
سرى وَلَا أخون رفيقي)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(لَا تسلك الطّرق إِذا أخطرت
…
لَو أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى المملكه)
(قد أنزل الله تَعَالَى وَلَا
…
تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكه)
301 -
الْحَرَّانِي الْحَافِظ عَليّ بن الْحسن بن عَلان الْحَرَّانِي الْحَافِظ أَبُو الْحسن مؤلف تَارِيخ الجزيرة كَانَ ثِقَة حَافِظًا نبيلا توفّي سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة
302 -
أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن خَلِيل القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن الْمصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ من كبار تلاميذ إِسْمَاعِيل الْحداد الْفَقِيه توفّي فِي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
303 -
ابْن ذودان عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن مَيْمُون أَبُو الْحسن الربعِي الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الْحَافِظ يعرف بِابْن أبي ذودان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَالْوَاو الساكنة وَالدَّال الْمُهْملَة وَألف بعْدهَا نون الْقرشِي الْقُرْطُبِيّ كَانَ يحفظ ألف حَدِيث بأسانيدها من أَحَادِيث ابْن جوصا وَغير الحَدِيث لأبي عبيد توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
304 -
الفِهري الْمَالِكِي عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن فهر الإِمَام أَبُو الْحسن الفِهري الْمصْرِيّ الْمَالِكِي صنف فَضَائِل مَالك وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود الْأَرْبَعين والأربعمائة
305 -
الخلعي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد القَاضِي أَبُو الْحسن الْمُوصي الأَصْل الْمصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالخلعي ولد بِمصْر سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة سمع وَحدث عَنهُ الْكِبَار قَالَ ابْن بخيساه كُنَّا ندخل عَلَيْهِ فِي مَجْلِسه فنجده فِي الشتَاء والصيف وَعَلِيهِ قَمِيص وَاحِد وَوَجهه فِي غَايَة الْحسن لَا يتَغَيَّر من الْبرد وَلَا الْحر فَسَأَلته عَن ذَلِك وَقلت يَا سيدنَا أَنا لنكثر من الثِّيَاب فِي هَذِه الْأَيَّام وَمَا يُغني عَنَّا ذَلِك من شدَّة الْبرد ونراك على حَالَة وَاحِدَة فِي الشتَاء والصيف لَا تزيد على قَمِيص وَاحِد فبالله يَا سَيِّدي أَخْبرنِي فَتغير وَجهه ودمعت عَيناهُ ثمَّ قَالَ أتكتم عَليّ مَا أَقُول قلت نعم قَالَ غشيتني حمى يَوْمًا
فَنمت فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَهَتَفَ بِي هَاتِف فناداني باسمي فَقلت لبيْك دَاعِي الله فَقَالَ لَا قل لبيْك رَبِّي الله مَا تَجِد من الْأَلَم قلت إلهي وسيدي قد أخذت منى الْحمى مَا قد علمت فَقَالَ قد أَمَرتهَا أَن تقلع عَنْك فَقلت إلهي وَالْبرد أَيْضا فَقَالَ قد أمرت الْبرد أَيْضا أَن يقْلع عَنْك فَلَا تَجِد ألم الْبرد وَلَا الْحر قَالَ فوَاللَّه لَا أحس بِمَا أَنْتُم فِيهِ من الْحر وَلَا الْبرد توفّي بِمصْر فِي ذِي الْحجَّة وَهُوَ صَاحب الخلعيات سمع أَبَا الْحسن الحوفي وَأَبا مُحَمَّد بن النخاس وَأَبا الْفَتْح العداس وَأَبا سعد الْمَالِينِي وَأَبا الْقَاسِم الْأَهْوَازِي وَغَيرهم ولي الْقَضَاء يَوْمًا وَاحِدًا واستعفى وانزوى بالقرافة وَكَانَ مُسْند مصر بعد الحبال وَحدث عَنهُ الْحميدِي وكنى عَنهُ بالقرافي وَقَالَ الْحَافِظ السلَفِي كَانَ أَبُو الْحسن الخلعي إِذا سمع عَلَيْهِ الحَدِيث ختم مَجْلِسه بِهَذَا الدُّعَاء وَهُوَ اللَّهُمَّ مَا مننت بِهِ فتممه وَمَا أَنْعَمت بِهِ فَلَا تسلبه وَمَا سترته فَلَا تهتكه وَمَا عَلمته فاغفره وَكَانَ بِمصْر يَبِيع الْخلْع لملوك مصر فنسب إِلَيْهَا وَكَانَ قد ولي قَضَاء فامية
306 -
الْوَزير رَئِيس الرؤساء عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عمر بن الرفيل بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا لَام كَذَا وجدته مضبوطا الْوَزير أَبُو الْقَاسِم بِالْمَعْرُوفِ بن الْمسلمَة رَئِيس الرؤساء اسْتَكْتَبَهُ الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله ثمَّ استوزره ولقبه رَئِيس الرؤساء وَرفع من قدره وَكَانَ من خِيَار الرؤساء والوزراء روى عَنهُ الْخَطِيب وَكَانَ خصيصا بِهِ وَقَالَ كتبت عَنهُ وَكَانَ ثِقَة عظمه الْخَلِيفَة إِلَى الْغَايَة وَلم يبْق لَهُ ضد إِلَّا البساسيري وأرسلان التركي ثمَّ إِن البساسيري خلع الْخَلِيفَة وَملك بَغْدَاد وخطب بهَا للمستنصر صَاحب مصر وَحبس رَئِيس الرؤساء ثمَّ أخرجه وَعَلِيهِ جُبَّة صوف وطرطور أَحْمَر وَفِي رقبته مخنقة جُلُود وَهُوَ يقْرَأ
{قل اللَّهُمَّ مالِك المُلك تُؤتي الملكَ من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء} الْآيَة [آل عمرَان 26] وَهُوَ يُرَدِّدهَا وطيف بِهِ على جمل ثمَّ نصب لَهُ خشبى بِبَاب خُرَاسَان وخيط عَلَيْهِ جلد ثَوْر سلخ فِي الْحَال وعلق فِي كلابان من حَدِيد وعلق على الْخَشَبَة حَيا ولبث يضْرب إِلَى آخر النَّهَار وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة
307 -
فَخر الدولة بن بويه عَليّ بن الْحسن الْملك فَخر الدولة أَبُو الْحسن ابْن الْملك ركن الدولة بن بويه صَاحب الرّيّ ونواحيها توفّي فِي شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة دخل إِلَيْهِ جمَاعَة من الشُّعَرَاء يَوْم يوروز وَكَانَ فيهم شَاعِر يعرف بالنصيري فَقَالَ أمهلوني أَن أَقُول بَيْتا وَاحِدًا فَقَالَ لَهُ فَخر الدولة هَات فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //
(أم الْإِمَارَة أم جمة الْوَلَد
…
لَكِن بمثلك لم تحبل وَلم تَلد)
فأجزل فَخر الدولة صلته وَكَانَ يَوْمًا بِبَغْدَاد فَرفع إِلَيْهِ بعض الشُّعَرَاء قصَّة قَالَ فِيهَا إِن فلَانا ذواتيك يملك ألف دِينَار فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ فَقَط وَلَو ملك ألف ألف دِينَار لَكَانَ قَلِيلا لمثله ثمَّ قلب الْقِصَّة وَكتب على ظهرهَا السَّعَادَة قبيحة وان كَانَت صَحِيحَة فَإِن كنت أقمتها مقَام النصح فخسرانك فِيهَا من الرِّبْح وَلَوْلَا أَنَّك فِي خفارة شيبك لعاملتك بِمَا تستحقه ليرتدع أمثالك
308 -
ابْن الماسح الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْفَضَائِل الْكلابِي الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الشَّافِعِي الفرضي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِجَمَال الْأَئِمَّة ابْن الماسح كَانَ من عُلَمَاء دمشق الْكِبَار وَكَانَ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَقِسْمَة الْأَرْضين سمع أَبَاهُ وَأَبا الْوَحْش سبيع بن قِيرَاط وَعَلِيهِ قَرَأَ وعَلى غَيره لِابْنِ عَامر وَسمع أَبَا تُرَاب حيدة وَعبد الْمُنعم بن الْغمر وَغَيرهم وتفقه على جمال الْإِسْلَام السّلمِيّ وَنصر الله المصِّيصِي وَكَانَت لَهُ حَلقَة كَبِيرَة بالجامع يقرئ فِيهَا الْقُرْآن وَالْفِقْه والنحو وَكَانَ معيدا لجمال الْإِسْلَام فِي الأمينية ودرس بالمجاهدية وَكَانَ حَرِيصًا على الإفادة روى عَنهُ أَبُو الْمَوَاهِب وَأَبُو الْقَاسِم ابْنا صصرى وَجَمَاعَة وَحدث بِكِتَاب الْوَجِيز للأهوازي فِي الْقرَاءَات عَن أبي سبيع عَنهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
309 -
الْحَافِظ بن عَسَاكِر الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن
الْحُسَيْن الْحَافِظ الْكَبِير الْأَمَام أَبُو الْقَاسِم ثِقَة الدّين ابْن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي صَاحب تَارِيخ دمشق أحد أَعْلَام الحَدِيث ولد مستهل سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي الْحَادِي عشر من شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَسِتَّة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَحضر جنَازَته بالميدان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ الْغَيْث احْتبسَ فِي هَذِه السّنة فدر عِنْدَمَا رفعت جنَازَته فَكَأَن السَّمَاء بَكت عَلَيْهِ بدمع وبلها وطشه أَخُوهُ الصائن هبة الله سنة خمس وَخَمْسمِائة وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ الْكثير ورحل وطوف الْبِلَاد إِلَى خُرَاسَان بَقِي فِي رحلته أَربع سِنِين وعدة شُيُوخه ألف وثلاثمائة شيخ وَثَمَانُونَ امْرَأَة ونيف وَحدث بأصبهان وخراسان وبغداد وَسمع مِنْهُ الْكِبَار مِمَّن هُوَ أسن مِنْهُ ورحل إِلَى الْعرَاق سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَحج سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسمع بِمَكَّة وَمنى وَالْمَدينَة والكوفة وأصبهان الْقَدِيمَة واليهودية ومرو الشاهجان ونيسابور وهراة وسرخس وأبيورد وطوس وبسطام والري وزنجان وبلادا كَثِيرَة بالعراق وخراسان والجزيرة وَالشَّام والحجاز وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فَأكْثر وروى هُوَ عَنهُ وَسمع بِبَغْدَاد الدَّرْس بالنظامية وعلق مسَائِل الْخلاف على الشَّيْخ أبي سعد إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح الكرمان وانتفع بِصُحْبَة جده أبي الْفضل فِي النَّحْو وَجمع وصنف فَمن ذَلِك كتاب تَارِيخ دمشق وأخبارها وأخبار من حلهَا أَو وردهَا فِي خَمْسمِائَة وسعبين جُزْءا من تجزئة الأَصْل وَالنُّسْخَة الجديدة ثَمَانمِائَة جُزْء قَالَ ابْن خلكان قَالَ لي شَيخنَا الْعَلامَة زكي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ حَافظ مصر رَحمَه الله تَعَالَى وَقد جرى ذكر هَذَا التَّارِيخ وَأخرج لي مِنْهُ مجلدا وَطَالَ الحَدِيث فِي أمره واستعظامه مَا أَظن هَذَا الرجل إِلَّا أَنه عزم على وضع هَذَا التَّارِيخ من يَوْم عقل على نَفسه وَشرع فِي الْجمع من ذَلِك الْوَقْت وَإِلَّا فالعمر يقصر عَن أَن يجمع الْإِنْسَان فِيهِ مثل هَذَا الْكتاب بعد الِاشْتِغَال والتنبه وَلَقَد قَالَ الْحق وَمن وقف عَلَيْهِ عرف حَقِيقَة هَذَا القَوْل وَمَتى يَتَّسِع للْإنْسَان الْوَقْت حَتَّى يضع مثله وَهَذَا الَّذِي ظهر هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ وَمَا صَحَّ لَهُ هَذَا إِلَّا بعد مسودات مَا يكَاد يَنْضَبِط حصرها
وَكتاب الموافقات على شُيُوخ الْأَئِمَّة الثِّقَات اثْنَان وَسَبْعُونَ جُزْءا كتاب الإشراف على معرفَة الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ جُزْءا كتاب عوالي مَالك أحد وَثَلَاثُونَ جُزْءا والتالي لحَدِيث مَالك العالي تِسْعَة عشر جُزْءا كتاب مَجْمُوع الرغائب مِمَّا وَقع من أَحَادِيث مَالك من الغرائب عشرَة أَجزَاء كتاب المعجم لمن سمع مِنْهُ أَو أجَاز لَهُ اثْنَا عشر جُزْءا كتاب من سمع مِنْهُ النسوان جُزْء كتاب مُعْجم أَسمَاء الْقرى والأمصار الَّتِي سمع بهَا جُزْء كتاب مَنَاقِب الشبَّان خَمْسَة عشر جُزْءا كتاب فضل أَصْحَاب الحَدِيث أحد عشر جُزْءا كتاب تَبْيِين كذب المفتري على أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ عشرَة أَجزَاء كتاب المسلسلات عشرَة أَجزَاء كتاب تشريف يَوْم الْجُمُعَة سَبْعَة أَجزَاء كتاب المستفيد فِي الْأَحَادِيث السباعية الْأَسَانِيد سَبْعَة أَجزَاء وَكتاب تَجْرِيد السباعية أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب السداسيات جُزْء وَاحِد كتاب الخماسيات وأخبار ابْن أبي الدُّنْيَا جُزْء وَاحِد كتاب تَقْوِيَة المنه على إنْشَاء دَار السّنة ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الْأَحَادِيث المتخيرة فِي فَضَائِل الْعشْرَة جزءان كتاب من وَافَقت كنيته كنية زَوجته أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب الْأَرْبَعين الطوَال ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا من أَرْبَعِينَ مَدِينَة جزءان كتاب الْجَوَاهِر واللآلى فِي الأبدال والعوالي ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب فضل عَاشُورَاء ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الاعتزاز بالهجة جُزْء كتاب الْمقَالة الفاضحة للرسالة الْوَاضِحَة جُزْء ضخم كتاب دفع التَّخْلِيط عَن حَدِيث الأطيط جُزْء كتاب الْجَواب الْمَبْسُوط لمن أنكر حَدِيث الهبوط جُزْء وَاحِد كتاب القَوْل فِي جملَة الْأَسَانِيد فِي حَدِيث الْمُؤَيد ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب طرق حَدِيث عبد الله بن عَمْرو جُزْء كتاب من لَا يكون مؤتمنا لَا يكون مُؤذنًا جُزْء كتاب ذكر الْبَيَان عَن فضل كِتَابَة الْقُرْآن جُزْء وَاحِد كتاب رفع التثريب على من فسر معنى التثويب جُزْء كتاب فضل الْكَرم على أهل الْحرم جُزْء كتاب الِاقْتِدَاء بالصادق فِي حفر الخَنْدَق جُزْء كتاب الْإِنْذَار بحدوث الزلازل كتاب ثَوَاب الصَّبْر على الْمُصَاب بِالْوَلَدِ جزءان كتاب معنى قَول عُثْمَان مَا تعنيت وَلَا عنيت جُزْء كتاب تَرْتِيب الصاحبة الَّذِي فِي مُسْند أَحْمد جُزْء كتاب مسلسل الْعِيدَيْنِ جُزْء كتاب حُلُول المحنة بِحُصُول الأبنة جُزْء كتاب تَرْتِيب الصَّحَابَة الَّذين فِي مُسْند أبي يعلى جُزْء كتاب مُعْجم الشُّيُوخ النبلاء جُزْء كتاب أَخْبَار
الْأَوْزَاعِيّ وفضائله جُزْء كتاب مَا وَقع من العوالي للأوزاعي جُزْء كتاب أَخْبَار أبي مُحَمَّد سعيد بن عبد الْعَزِيز وعواليه جُزْء كتاب عوالي سُفْيَان الثَّوْريّ وَخَبره أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب إِجَابَة السُّؤَال فِي أَحَادِيث شُعْبَة جُزْء كتاب رِوَايَات سَاكِني داريا سِتَّة أَجزَاء كتاب من نزل المزة وَحدث بهَا جُزْء كتاب أَحَادِيث جمَاعَة من كفر سوسية جُزْء كتاب أَحَادِيث صنعاء الشَّام جزءان كتاب أَحَادِيث أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب أَحَادِيث حيس والمطعم وَحَفْص الصنعانيين جُزْء كتاب فضل الربوة والنيرب وَمن حدث بهَا جُزْء كتاب حَدِيث أهل قَرْيَة الحمريين وقنينية جُزْء كتاب حَدِيث أهل قَرْيَة البلاط جُزْء كتاب حَدِيث سَلمَة بن عَليّ الحسني البلاطي جزءان وَمن حَدِيث بسرة بن صَفْوَان وَابْنه وَابْن ابْنه جُزْء وَمن حَدِيث سعد بن عبَادَة جُزْء وَمن حَدِيث أهل زيد بن وجرين جُزْء وَمن حَدِيث أهل بَيت سواي جُزْء وَمن حَدِيث دومة ومسرابا وَالْقصر جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل حرستا وَمن حَدِيث أهل كفر بَطنا جُزْء وَمن حَدِيث أهل دقانية وحجيرا وَعين توما وجديا وطراميس جُزْء وجزء قرئَ بقرية يقعوبا وَمن حَدِيث أبي عون الحريري جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل جوبر جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل بَيت لهيا جُزْء وَمن حَدِيث يحيى بن حَمْزَة البتلهي وعواليه جُزْء ومجموع من حَدِيث مُحَمَّد بن يحيى بن حَمْزَة الْحَضْرَمِيّ البلتلهي جزءان وفضائل مقَام إِبْرَاهِيم وَمن حَدِيث أهل بزْرَة جُزْء وَمن حَدِيث أبي بكر مُحَمَّد بن رزق الله المنيني الْقَارئ جُزْء ومجموع من أَحَادِيث جمَاعَة من أهل بعلبك جزءان قَالَ وَلَده أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ وأملى أَربع مائَة مجْلِس وَثَمَانِية مجَالِس فِي فن وَاحِد وَخرج لشيخه غَالب ابْن الْبناء أحد عشر مشيخة ومشيخة لشيخه أبي الْمَعَالِي عبد الله بن أَحْمد الْحلْوانِي الأصولي فِي جزأين وَجمع أَرْبَعِينَ حَدِيثا مُسَاوَاة للْإِمَام أبي عبد الله القراوي فِي جُزْء ومصافحة لأبي سعد السَّمْعَانِيّ أَرْبَعِينَ حَدِيثا فِي جُزْء وَخرج لشيخه أبي الْحسن السّلمِيّ سَبْعَة مجَالِس وَتكلم عَلَيْهِ وَآخر مَا صنف تَكْمِيل الْإِنْصَاف وَالْعدْل بتعجل الْإِسْعَاف بِالْعَزْلِ جُزْء وَكتاب ذكر مَا وجده فِي سَمَاعي مِمَّا يلْتَحق بالجزء الرباعي وَله كتاب الْإِبْدَال وَلَو تمّ كَانَ مئتي جُزْء وَكتاب فضل الْجِهَاد ومسند مَكْحُول وَأبي حنيفَة وَكتاب فضل الْجِهَاد ومسند مَكْحُول وَأبي حنيفَة وَكتاب فضل مَكَّة وَكتاب فضل الْمَدِينَة وَكتاب فَضَائِل الْبَيْت الْمُقَدّس وَكتاب فضل قُرَيْش واهل الْبَيْت
والأشعريين وذم الرافضة وَكتاب كَبِير فِي الصِّفَات وَأَشْيَاء غير ذَلِك يبلغ عدتهَا أَرْبَعِينَ مصنفا وَلما أمْلى رَحمَه الله تَعَالَى فِي فَضَائِل الصّديق رضي الله عنه سَبْعَة مجَالِس ثمَّ انه قطعهَا بإملاء مجَالِس فِي ذمّ الْيَهُود وتخليدهم فِي النَّار جَاءَ إِلَيْهِ أَبُو عَليّ بن رَوَاحَة فَقَالَ لَهُ قد رَأَيْت الصّديق فِي النّوم وَهُوَ رَاكب على رَاحِلَة فَقلت لَهُ يَا خَليفَة رَسُول الله قد أمْلى علينا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم سَبْعَة مجَالِس فِي فضائلك فَأَشَارَ إِلَيّ بأصابعه الْأَرْبَع فَقَالَ لَهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم قد بَقِي عِنْد مِمَّا خرجته وَلم أمله أَرْبَعَة مجَالِس فأملاها ثمَّ أمْلى فِي كل وَاحِد من الْخُلَفَاء أحد عشر مَجْلِسا وَكَانَ يَقُول إِن وَالِدي رأى فِي مَنَامه وَأَنا حمل رُؤْيا وَقَائِل يَقُول لَهُ يُولد لَك مَوْلُود يحيى الله بِهِ السّنة وَكَانَ البغداديون يسمونه شعلة لذكائه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهُوَ مَعَ جلالته وَحفظه يرْوى الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة والموضوعة وَلَا يبينها وَكَذَا عَامَّة الْحفاظ الَّذِي بعد الْقُرُون الثَّلَاثَة إِلَّا من شَاءَ رَبك فليسألنهم رَبك عَن ذَلِك وَأي فَائِدَة لمعْرِفَة الرِّجَال والمصنفات والتاريخ وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَّا كشف الحَدِيث المكذوب وهتكه قلت وَمن شعره // (من الوافر) //
(أَلا إِن الحَدِيث أجل علم
…
وأشرفه الْأَحَادِيث العوالي)
(وأنفع كل نوع مِنْهُ عِنْدِي
…
وَأحسنه الْفَوَائِد والأمالي)
(وَإنَّك لن ترى للْعلم شَيْئا
…
يحققه كأفواه الرِّجَال)
(فَكُن يَا صَاح ذَا حرص عَلَيْهِ
…
وخذه عَن الرِّجَال بِلَا ملال)
(وَلَا تَأْخُذهُ من صحف فترمى
…
من التَّصْحِيف بالداء العضال)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(أيا نفس وَيحك جَاءَ المشيب
…
فَمَاذَا التصابي وماذا الْغَزل)
(تولى شَبَابِي كَأَن لم يكن
…
وَجَاء مشيبي كَأَن لم يزل)
(كَأَنِّي بنفسي فِي غرَّة
…
وخطب الْمنون بهَا قد نزل)
(فيا لَيْت شعري مِمَّن أكون
…
وَمَا قدر الله لي فِي الْأَزَل)
قَالَ ابْن خلكان الْبَيْت الثَّانِي هُوَ بَيت العكوك بن جلبة وَهُوَ قَوْله // (من مجزوء المتقارب) //
(شَاب كَأَن لم يكن
…
وشيب كَأَن لم يزل)
قَالَ السَّمْعَانِيّ أَنْشدني لنَفسِهِ بِبَغْدَاد // (من الْبَسِيط) //
(وَصَاحب خَان مَا استودعته وأتى
…
مَا لَا يَلِيق بأرباب الديانَات)
(وَأظْهر السِّرّ مُخْتَارًا بِلَا سَبَب
…
وَذَاكَ وَالله من أوفى الخيانات)
(أما أَتَاهُ عَن الْمُخْتَار فِي خبر
…
أَن الْمجَالِس تغشى بالأمانات)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ بنيسابور // (من الْبَسِيط) //
(لَا قدس الله نيسابور من بلد
…
مَا فِيهِ من صَاحب يسلي وَلَا سكن)
(لَوْلَا الْجَحِيم الَّذِي فِي الْقلب من حرق
…
لفرقة الْأَهْل والأحباب والوطن)
(لمت من شدَّة الْبرد الَّذِي ظَهرت
…
آيَات شدته فِي ظَاهر الْبدن)
(يَا قوم دوموا على عهد الْهوى وثقوا
…
أَنِّي على الْعَهْد لم أغدر وَلم أخن)
(وَلَا تدبرت عيشي بعد بعدكم
…
إِلَّا تمثلت بَيْتا قيل من زمن)
(فَإِن أعش فَلَعَلَّ الله يجمعنا
…
وَإِن أمت فقتيل الشوق والحزن)
وَلما مَاتَ الْحَافِظ ثِقَة الدّين ابْن عَسَاكِر رَحمَه الله تَعَالَى رثاه جمَاعَة من الشُّعَرَاء مِنْهُم فتيَان الشَّاعِر الْمعلم بقوله // (من الْخَفِيف) //
(أَي ركن وهى من الْعلمَاء
…
أَي نجم هوى من العلياء)
5 -
(إِن رزء الْإِسْلَام بِالْحَافِظِ الْعَالم
…
أَمْسَى من أعظم الأرزاء)
(أقفرت بعده ربوع الْأَحَادِيث
…
وأقوت معالم الأنباء)
(كَانَ نَادِيه كالرياض إِذا مَا
…
ضحك النُّور من بكا الأنداء)
(كَانَ بحرا من عَام فِيهِ حباه
…
باللآلئ الأنيقة الآلاء)
(يَا لَهَا من مُصِيبَة هِيَ صمًّا
…
لم يحد سهمها عَن الأصماء)
(هدمت ثروة الْمَعَالِي ودارت
…
حَبل الْمجد فِي ثرى الغبراء)
(فَلَقَد قرت الأعادي عيُونا
…
طالما أغضيت علا الأقذاء)
(كم بِهِ جرع الْعَدو زعافا
…
من أفاويق الْبُؤْس والبأساء)
(من يكن شامتا فللموت بَأْس
…
لَيْسَ يثنى بِالْعِزَّةِ القعساء)
(من يمت فليمت ممات أبي الْقَاسِم
…
عَن عفة وَطيب ثَنَاء)
(يَا أَبَا عذر كل معنى دَقِيق
…
جلّ كالدرة الْعَذْرَاء)
(صَبرنَا يَا ابْن نجدة الْعلم أَمْسَى
…
عَنْك مستصعبا شَدِيد الإباء)
(عُلَمَاء الْبِلَاد حلت حباها
…
لَك يَا من عَم الورى بالحباء)
(فَعَلَيْك السَّلَام مَا لَاحَ وَجه الصُّبْح
…
من تَحت الطرة السَّوْدَاء)
(وعَلى التربة الَّتِي غيت فِيهَا
…
كل جون وديمة هطلاء)
310 -
ابْن زهرَة النَّقِيب الْحلَبِي عَليّ بن الْحسن بن زهرَة بن الْحسن بن زهرَة بن عَليّ بن مُحَمَّد الشريف أَبُو الْحسن الْعلوِي الْحُسَيْنِي الإسحاقي الْحلَبِي النَّقِيب روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره ولي نقابة الْأَشْرَاف وَترسل عَن صَاحب حلب إِلَى بَغْدَاد وَغَيرهَا وَتُوفِّي سنة سِتَّة وَخمسين وسِتمِائَة وَهُوَ من بَيت تشيع
311 -
فَخر الدّين ابْن الباقلاني عَليّ بن الْحسن بن معالي الأديب فَخر الدّين ابْن الباقلاني الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره
312 -
الْبَلْخِي والحنفي عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الْبَلْخِي الْحَنَفِيّ سمع بِمَا وَرَاء النَّهر وَمَكَّة من جمَاعَة وتفقه على جمَاعَة وَوعظ بِدِمَشْق ودرس بالصادرية وتفقه عَلَيْهِ جمَاعَة وَجعلت لَهُ دَار الْأَمِير طرخان مدرسة وَقَامَت عَلَيْهِ الْحَنَابِلَة لِأَنَّهُ نَالَ مِنْهُم واليه تنْسب الْمدرسَة البلخية دَاخل الصادرية بِدِمَشْق توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
313 -
ابْن دِينَار عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق بن دِينَار روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى
مُسلم وَالْأَرْبَعَة عَن رجلٍ عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ
314 -
الْعَبدَرِي الْبَصْرِيّ عَليّ بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْحسن الْعَبدَرِي من عبد الْقَيْس ولد سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة بِالْبَصْرَةِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ قد برع فِي علم الْأَدَب والترسل وَسمع من ابْن نَاصِر وطبقته وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ فِي شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(لَا تسلك الطّرق إِذا أخطرت
…
لَو أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى المملكه)
(قد أنزل الله تَعَالَى وَلَا
…
تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكه)
315 -
الحريري كَبِير الطَّائِفَة عَليّ بن أبي الْحسن بن مَنْصُور الشَّيْخ أَبُو الْحسن أَبُو مُحَمَّد الحريري قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين شيخ الطَّائِفَة الحريرية أولى الطّيبَة والسماعات وَالشَّاهِد كَانَ لَهُ شَأْن عَجِيب ونبأ غَرِيب وَهُوَ حوراني وَمن عشيرة يُقَال لَهَا بَنو الرُّمَّان ولد بقرية بسر وَقدم دمشقا صَبيا وَنَشَأ بهَا وَذكر انه هُوَ من قوم يعْرفُونَ ببني قرقر وَكَانَت أمه دمشقية من ذُرِّيَّة الْأَمِير قرواش بن الْمسيب الْعقيلِيّ وَكَانَ خَاله صَاحب دكان فِي الصاغة توفّي وَالِده وَهُوَ صَغِير وَنَشَأ هُوَ فِي حجر عَمه وَتعلم صناعَة العتابي وبرع فِيهَا حَتَّى فاق الأقران ثمَّ صحب الشَّيْخ أَبَا عَليّ المغربل خَادِم الشَّيْخ رسْلَان قَالَ الْحَافِظ سيف الدّين ابْن الْمجد عَليّ الحريري وطئ أَرض الْجَبَل وَلم يكن يُمكنهُ الْمقَام بِهِ وَالْحَمْد لله كَانَ من أفتن شيئ وأضره على الْإِسْلَام تظهر مِنْهُ الزندقة والاستهزاء بأوامر الشَّرْع ونواهيه وَبَلغنِي من الثِّقَات بِهِ أَشْيَاء يستعظم ذكرهَا من الزندقة والجرأة على الله تَعَالَى وَكَانَ مستخفا بِأَمْر الصَّلَاة وانتهاك الحرمات ثمَّ قَالَ حَدثنِي رجل أَن شخصا دخل الْحمام فَرَأى الحريري وَمَعَهُ فِيهِ صبيان حسان بِلَا ميازر فجَاء إِلَيْهِ وَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ كَأَن لَيْسَ سوى هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أحدهم تمدد على وَجهك فتمدد فَتَركه الرجل
وَخرج هَارِبا مِمَّا رأى قَالَ الشَّيْخ شمسا الدّين فِي جُزْء مَجْمُوع من كَلَامه متداول بَين أَصْحَابه قَالَ إِذا دخل مريدي بلد الرّوم فَتَنَصَّرَ وَأكل لحم الْخِنْزِير وَشرب الْخمر كَانَ فِي شغلي وَسَأَلَهُ رجل أَي الطرقات أقرب إِلَى الله حَتَّى أَسِير فِيهِ فَقَالَ اترك السّير وَقد وصلت قَالَ وَهَذَا مثل قَول التلمساني // (من الْكَامِل) //
(فلسوف تعلم أَن سيرك لم يكن
…
إِلَّا إِلَيْك إِذا بلغت المنزلا)
وَقَالَ لأَصْحَابه بايعوني على أَن تَمُوت يهود ونحشر إِلَى النَّار حَتَّى لَا يصاحبني أحد لَعَلَّه وَقَالَ مَا يحسن بالفقير أَن ينهزم من شئ وَإِذا خَافَ من شئ قَصده وَقَالَ لَو قدم عَليّ من قتل وَلَدي وَهُوَ بذلك طيب كنت أطيب مِنْهُ وَمن شعره فِي الْجُزْء الْمَذْكُور
(أَمْرَد يقدم مداسي أخير من رضوانكم
…
فحبه عِنْدِي أحسن من الْولدَان)
(قَالُوا مَا أَنْت تدعى صَالح دع عَنْك هذى
…
الخندقة قلت السماع يصلح لي بالشمع والمردان)
(مَا أعرف لآدَم طَاعَة إِلَّا سُجُود الْمَلَائِكَة
…
وَمَا أعرف آدم عصى الله يعظم الرحمان)
(إِن كنت تقدم وَإِن كنت رماح انتبه
…
وَإِن كنت حَشْو المخدة اخْرُج ورد الْبَاب)
(أود أشتهى قبل موتِي أعشق وَلَو صُورَة
…
حجرانا مُشكل محير والعشق بِي مَشْغُول)
وَمن شعره // (من الدوبيت) //
(كم تعتبني بِصُحْبَة الأجساد
…
كم تسهرني بلذة الميعاد)
(جد لي بمدامة تقوى رمقي
…
وَالْجنَّة جد بهَا على الزهاد)
وَكَانَ يلبس الطَّوِيل والقصير والمدورة والمفرج والأبيض وَالْأسود والعمامة والمئزر والقلنسوة وَحدهَا وثوب الْمَرْأَة والمطرز والملون وَذكر بهاء الدّين يُوسُف بن أَحْمد بن العجمي بن الصاحب مجد الدّين بن العديم حَدثهُ عَن أَبِيه قَالَ كنت أكره الحريري وَطَرِيقه فاتفق أَنِّي حججْت وَحج فِي الركب وَمَعَهُ جمَاعَة ومردان فأحرموا وبقوا يَبْدُو مِنْهُم فِي الْإِحْرَام أُمُور مُنكرَة فَحَضَرت يَوْمًا عِنْد أَمِير الْحَاج فجَاء الحريري فاتفق حُضُور إِنْسَان بعلبكي وأحضر بملاعق فَفرق علينا كل وَاحِد
ملعقتين وَأعْطى الشَّيْخ على الحريري وَاحِدَة فَأعْطَاهُ الْجَمَاعَة ملاعقهم تكرمة لَهُ وَأما أَنا فَلم أعْطه ملعقتي فَقَالَ لي يَا كَمَال الدّين مَالك لَا توَافق الْجَمَاعَة فَقلت مَا أُعْطِيك شَيْئا فَقَالَ السَّاعَة نكسرك أَو نَحْو هَذَا قَالَ والملعقتان على ركبتي فَنَظَرت إِلَيْهِمَا وَإِذا بهما قد تكسرتا شقفتين فَقلت وَمَعَ هَذَا فَمَا أرجع عَن أَمْرِي فِيك وَهَذَا من الشَّيْطَان أَو قَالَ هَذَا حَال شيطاني وَذكر النسابة فِي تعاليقه قَالَ وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة أَمر الصَّالح بِطَلَب الحريري واعتقاله فهرب إِلَى بسر وَسَببه أَن ابْن الصّلاح وَابْن عبد السَّلَام وَابْن الْحَاجِب أفتوا بقتْله لما اشْتهر عَنهُ من الْإِبَاحَة وَقذف الْأَنْبِيَاء وَالْفِسْق وَترك الصَّلَاة وَقَالَ الْملك الصَّالح أَخُو السُّلْطَان أعرف مِنْهُ أَكثر من هَذَا وسجن الْوَالِي جمَاعَة من أَصْحَابه وتبرأ مِنْهُ أَصْحَابه وشتموه ثمَّ طلب وَحبس بعزتا فَجعل أنَاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ فَأنْكر الْفُقَهَاء وسألوا الْوَزير ابْن مَرْزُوق أَن يعْمل الْوَاجِب فِيهِ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ نَحن وَكَانَ ابْن الصّلاح يَدْعُو عَلَيْهِ فِي أثْنَاء كل صَلَاة بالجامع جَهرا وَكتب جمَاعَة من أَصْحَابه غير شخص بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَلما مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سنّ أَصْحَابه الْمحيا فِي شهر رَمَضَان كل لَيْلَة سبع وَعشْرين وَهِي من ليَالِي الْقدر فيحيون تِلْكَ اللَّيْلَة الشَّرِيفَة بالدقوق والشبابات والملاح والرقص إِلَى السحر وَفِي ذَلِك يَقُول الوداعي وَمن خطه نقلت // (من المجتث) //
(حَاز الحريري فضلا
…
لمَيت مَا تهيا)
(فِي كل لَيْلَة قدر
…
يرى لَهُ النَّاس محيا)
ورثاه نجم الدّين ابْن إِسْرَائِيل بقصيدته الَّتِي سَارَتْ وَهِي // (من الْكَامِل) //
(خطب كَمَا شَاءَ الْإِلَه جليل
…
ذهلت لَدَيْهِ بصائر وعقول)
(ومصيبة كسفت لَهَا شمس الْعلَا
…
وهفا ببدر المكرمات أفول)
(وتنكرت سبل المعارف واغتدت
…
غفلا وأفقر ربعهَا المأهول)
(وكبا زناد الْمجد وانفصمت عرى العلياء
…
واغتال الْفَضَائِل غول)
(وَمَضَت باشبة كل شَيْء وَانْقَضَت
…
فالوقت قبض وَالزَّمَان عليل)
(وعَلى ملاحات الْوُجُود سماحة
…
وخفيف ظلّ الكائنات ثقيل)
(وَالرَّوْض أغبر والمياه مؤجن
…
ومعاطف الأغصان لَيْسَ تميل)
(والسمع والألحان لَا نور وَلَا
…
طرب وَلَيْسَ على الشُّهُود قبُول)
(خطب ألم بِكُل قطر بَغْتَة
…
كَانَت لَهُ شم الْجبَال تَزُول)
(فعلى الْمَعَالِي والعلوم كآبة
…
وعَلى الْحَقَائِق ذلة وحمول)
(ولدى المعارف والإرادة فَتْرَة
…
والعزم من أربابه مَجْهُول)
(والسالكون سطت عَلَيْهِم حيرة
…
وغوى بهم نهج وخلل سَبِيل)
(والعارفون تنكرت أَحْوَالهم
…
فحجاب عين قُلُوبهم مسدول)
(ودنان خمر الْحبّ قد ختمت وَبَاب
…
الحان مهجور القنا مهلول)
(بَحر الْمعَانِي غاض بعد طموه
…
جبل الْمَعَالِي انقاض وَهُوَ مهيل)
(علم الْهدى سم العديى غيث الندى
…
لَيْث الردى مولى الورى المأمول)
(مَا كنت أعلم والحوادث جمة
…
وَالنَّاس فيهم عَالم وجهول)
(إِن الدجى لبس الْحداد مرقعا
…
لمصابه قدما وَذَاكَ قَلِيل)
(أَو أَن صوب المزن حِين همى على
…
عفر الثرى دمع عَلَيْهِ يسيل)
(أَو أَن صَوت الرَّعْد حنة فَاقِد
…
فقد الْعلَا فَلهُ عَلَيْهِ عويل)
(أَو أَن قلب الْبَرْق يخْفق روعة
…
لسَمَاع مَا ناعي علاهُ يَقُول)
(أإمامنا يَا أوحد الْعَصْر الَّذِي
…
مَا إِن لَهُ فِيمَن نرَاهُ عديل)
(يَا سيدا ملك الْقُلُوب فَكلهَا
…
عَن حق طَاعَة أمره مسؤول)
(من يبرد المهج الْحرار وَمن لَهَا
…
ببلوغ آمال الْوِصَال كَفِيل)
(أَمن يدل السالكين إِلَى حمى
…
ليلى وَقد ضل السَّبِيل دَلِيل)
(أَمن يرى الْخطر الْعَظِيم غنيمَة
…
وَيحل وسط حماه وَهُوَ مهول)
(أَمن يَقُول الْحق لَا متخوفا
…
حَيْثُ النُّفُوس على السيوف تسيل)
(أَمن يجود على النُّفُوس بقهوة
…
فتميل طُلُوع سطاه حَيْثُ يمِيل)
(أَمن يرى الْأَشْيَاء فِي ميدانه
…
شَيْئا فَلَا نقص وَلَا تَفْضِيل)
(أَمن يحل المشكلات بِلَفْظَة
…
يرْمى بهَا الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول)
(أَمن يَفِي بِضَمَان حَان مدامة
…
حَبل النجَاة بدنهَا مَوْصُول)
(أَمن يُبِيح المفلسين سلافها
…
ويحول بَين دنانها ويصول)
(أَمن يهيم بالجمال صبَابَة
…
فَكَأَنَّمَا نمارث الْجبَال جميل)
(يصبوا إِلَيْهِ قلب من هُوَ عِنْد أَرْبَاب
…
الْقُلُوب معشق مَقْبُول)
(من كل فتاك اللواحظ مَا رنا
…
إِلَّا تشحط فِي الدِّمَاء قَتِيل)
(نشوان عَسَّال المعاطف فاتر
…
أجفان خمر رضَا بِهِ معسول)
(يهواه لَا يصغي لقَوْل مُفند
…
أبدا وَلَا يثنيه عَنهُ عذول)
(وغريرة الألحاظ ناعمة الصِّبَا
…
ريا الْإِزَار وخصرها مهزول)
(حوراء مائسة المعاطف طرفها
…
سيف على عشاقها مسلول)
(سجدت إِلَيْهَا دمية فِي دمنة
…
كَمَا استبان بروحها التَّقْبِيل)
(كل يهيم بحبه وكذاك من
…
ملك الْإِرَادَة أمره الْمَفْعُول)
(مولَايَ دعة من دهته مُصِيبَة
…
غطت عَلَيْهِ فعقله مَعْقُول)
(مَالِي أرى مِنْك حَيا بَاقِيا
…
لَو لم يخنى ذهني المخبول)
(حاشى علاك من الْمَمَات وَإِنَّمَا
…
هِيَ نقلة فِيهَا المنى والسول)
(ناداك من أحببته فأجبته
…
وأتاك مِنْهُ بِالْقبُولِ رَسُول)
(وحننت نَحْو حماك حنة صَادِق
…
لم يقتطعه عَن حماك بديل)
(فخلعت هيكلك السعيد مطهرا
…
تبدو عَلَيْهِ نظرة وَقبُول)
(جَسَد علا وحلا وخف كَأَنَّمَا
…
قد ضمن مِنْهُ الْحَامِل الْمَحْمُول)
(لم يستفد بِالْمَاءِ وغسلا إِنَّمَا المَاء
…
الطّهُور بِغسْلِهِ مغسول)
(وكذاك مَا نقل الْأَنَام سَرِيره
…
لَو لم يسر بالناقل الْمَنْقُول)
(وَالْأَرْض لَو لم تتخذها تربة
…
لعلاه أوشك أَنَّهَا ستزول)
(وغدوت تحترق السَّمَوَات الْعلَا
…
وأمامك التَّكْبِير والتهليل)
(حَتَّى حللت محلك الْأَعْلَى الَّذِي
…
مَا بعده بعد وَلَا تَحْويل)
(فهناك عرس للوصال مُجَدد
…
وسعادة تبقى وَلَيْسَ تَزُول)
(وليهن من والاك مَا أوليته
…
من أنعم لم يحوها التَّحْصِيل)
(غادرتنا فِي نور هديك نغتدي
…
وَنَرُوح لَا خوف وَلَا تضليل)
(وَتركت فِينَا مِنْك أخمارا بهم
…
تسمو على من رابنا ونطول)
(وَلنَا رضَاع مِنْك ثمَّ رضاعهم
…
فهم شموس مالهن أفول)
(بلغُوا أَشَّدهم لديك فَأَصْبحُوا
…
وَعَلَيْهِم من بَيْننَا التعويل)
(ومقصرون عَن الرَّضَاع فصلتهم
…
قبل الفصال فشاتهم مَعْقُول)
(أَطْفَال قصد فِي ضِيَافَة قَومهمْ
…
والطف لَيْسَ يعِيبهُ التطفيل)
(أدنى التقي لَك الوداد وَرُبمَا
…
أقْصَى الْقَرِيب الْجَهْل والتخييل)
(وَالْكل موعودون بِالْحُسْنَى وَمَا
…
زرع سقَاهُ ندى يَديك محيلك)
(أوليتنا فضلا ومجدا شامخا
…
مَا إِن يُحِيط بِبَعْضِه التَّفْصِيل)
(فجزاك عَنَّا الله أفضل مَا جزى
…
مولى يبر عبيده وينيل)
(خُذْهَا عجالة مسنت عبثت بِهِ
…
نَار الْفِرَاق فقلبه مَشْغُول)
(جاذبت فِيهَا النّظم ذهني بُرْهَة
…
متوفقا لم أدر كَيفَ أَقُول)
(كَانَت على مَا خيلت لامية
…
بكرا يقر بفضلها الْمَحْصُول)
(وأطلتها وَرَأَيْت أَنِّي مقصر
…
وَمَتى يُحِيط بوصفك التَّطْوِيل)
(جَادَتْ ثراك من السحائب ثرة
…
وكفت دموع قد وكفن همول)
(وغدت عَلَيْك صَلَاة رَبك مَا دجى
…
ليل وضاء ضحى وآب أصيل)
(وتعاهدتك تَحِيَّة وكرامة
…
مِنْهُ يروح بهَا صبا وَقبُول)
(وغدت علينا من حماك تَحِيَّة
…
وبحسبنا من تربك التَّقْبِيل)
وَفِي الْحَرِير يَقُول سيف الدّين المشد // (من الوافر) //
(سَمِعت بِأَن خَيركُمْ عَليّ
…
حباه الله مِنْهُ بالحبور)
(إِذا حضر السماع يتيه عجبا
…
بِمَا أوتيه من عزم الْأُمُور)
(فَلَا تولوه تعنيفا ولوما
…
فَمَا تَدْرُونَ أسرار الصُّدُور)
(وَمن ذَا فِي السماع لَهُ مقَام
…
إِذا سَمِعت مقامات الحريري)
316 -
الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن أَحْمد الإِمَام الزَّاهِد العابد علم الْأَوْلِيَاء أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي صحب الشَّيْخ عز الدّين الفاروثي وَسمع من أَمِين الدّين ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَقَرَأَ الْقُرْآن وَالْفِقْه وَأكْثر من مطالعة الْعلم وَحج وَهُوَ شَاب ولازم الْحَج سِتِّينَ عَاما وجاور فِي بعض ذَلِك وَكَانَ مُنْقَطع القرين منجمعا عَن النَّاس ذَا حَظّ من تهجد وَعبادَة وتلاوة وَصِيَام وَله كشف وَحَال توفّي محرما ببدر وَكَانَ لَا يقبل من كل أحد وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
317 -
ابْن الجابي خطيب جَامع جراح عَليّ بن الْحسن الإِمَام الْخَطِيب ابْن الجابي خطيب جَامع جراح كَانَ طيب الصَّوْت بليغ الْأَدَاء يُورد خطبا طوَالًا وَله عمل كثير فِي الكيمياء زعم أَنَّهَا صحت مَعَه ويعترف بذلك جمع نَحْو أَرْبَعمِائَة دِينَار ثمَّ أَقبلت التتار فكابر وَقعد فِي بَيته فِي الْجَامِع فَدخل التتار عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُمْ بالتركي فَأخذُوا ثِيَابه وفرسه وَنَحْو ثَلَاثِينَ قطر ميزا من زَيْت وَعسل ومخللات ثمَّ أَتَتْهُ فرقة أُخْرَى وَقَالُوا أَيْن المَال فتمسكن لَهُم فَرَأَوْا لَا زوردا أَن يوجروه بِهِ فصاح وحفر لَهُ عَن ثَلَاثمِائَة دِينَار فَأخذُوا الذَّهَب وعذبوه ثمَّ هرب وتسلق من بَاب صَغِير فظفر بِهِ أنَاس وطالبوه مصادة وقاسى وبالا وفقرا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وخطب بعده شَرق الدّين الْفَزارِيّ إِلَى أَن نقل إِلَى خطابه الْجَامِع الْأمَوِي
318 -
ابْن عمرون عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي نصر عَلَاء الدّين بن عمرون تقدم ذكر أَبِيه الصَّدْر شهَاب الدّين فِي مَكَانَهُ نَشأ وَلَده وَقد عدم مَا كَانَ لوَلَده من الدُّنْيَا الواسعة واشتغل بِكِتَابَة الْحساب وَولي الزَّكَاة ثمَّ الْوكَالَة وَغَيرهَا وَكَانَ من عقلاء النَّاس وَتُوفِّي بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتَّة وَسَبْعمائة
319 -
شيخ خانقاه كريم الدّين عَليّ بن الْحسن بن عَليّ الشَّيْخ نور الدّين أَبُو الْحسن الأرموي الشَّافِعِي شيخ خانقاه القَاضِي كريم الدّين مولده سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة بأقصرا سمع من الْفَخر ابْن البُخَارِيّ وَغَيره وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ
320 -
نور الدّين بن الْأَفْضَل عَليّ بن الْحسن بن عَليّ الْأَمِير نور الدّين ابْن الْأَمِير بدر الدّين حسن بن الْأَفْضَل هُوَ ابْن أخي الْملك الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل بن عَليّ صَاحب حماة تقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة الْملك الْمُؤَيد جَاءَ بعد الفخري إِلَى دمشق أَمِير طلبخاناه وَأقَام بِدِمَشْق وَاشْترى دَارا بدغدي شقير الَّتِي عِنْد مأذنة فَيْرُوز من أَمِير عَليّ بن بيبرس الْحَاجِب وَهِي دَار عَظِيمَة وَبهَا بحرة وَاسِعَة متسعة وَلم ين بداخل دمشق أكبر مِنْهَا وَعمر بهَا الْأَمِير نور الدّين الْمَذْكُور قبَّة مليحة إِلَى الْغَايَة وَكَانَت لَهُ أَمْلَاك وسعادة وإقطاع جيد وَعند جواري جنكيات فانقصف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي عَاشر صفر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وعمره تَقْديرا أَربع وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَ يعرج قَلِيلا إِلَّا انه شكل حسن
321 -
زين العابدين عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم أَبُو الْحسن وَقيل أَبُو مُحَمَّد زين العابدين روى عَن أَبِيه وَعَمه وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر ومسور بن مخرمَة وَأم سَلمَة وَصفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ وَسَعِيد بن الْمسيب حضر مصرع وَالِده الشَّهِيد بكربلاء قدم إِلَى دمشق ومسجده بهَا مَعْرُوف بالجامع ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ توفّي سنة أَربع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ أمه غزالة سندية وَقيل سلافة بنت يزدجرد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي ربيع الْأَبْرَار لما أَتَى الصَّحَابَة بسبي فَارس إِلَى الْمَدِينَة فِي خلَافَة عمر رضي الله عنه كَانَ فيهم ثَلَاث بَنَات ليزذجرد فباعوا السبايا وَأمر عمر بِبيع بَنَات يزدجر أَيْضا فَقَالَ لَهُ عَليّ إِن بَنَات الْمُلُوك لَا يعاملن مُعَاملَة غَيْرهنَّ من بَنَات السوقة قَالَ كَيفَ الطَّرِيق إِلَى الْعَمَل مَعَهُنَّ قَالَ يقومن وَمهما بلغ ثمنهن قَامَ بِهِ من يختارهن فقومن وأخذهن عَليّ بن أبي طَالب فَدفع وَاحِدَة إِلَى عبد الله بن عمر وَأُخْرَى لوَلَده الْحُسَيْن وَأُخْرَى لمُحَمد بن أبي بكر الصّديق وَكَانَ ربييه فأولدها
عبد الله ابْنه سالما وأولد الْحُسَيْن زين العابدين وأولد مُحَمَّد الْقَاسِم فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة أَوْلَاد خَالَة وَكَانَ أهل الْمَدِينَة يكْرهُونَ اتِّخَاذ الْأُمَّهَات الْأَوْلَاد حَتَّى نَشأ فيهم زين العابدين والسم بن عبد الله وَالقَاسِم بن مُحَمَّد ففاقوا أهل الْمَدِينَة فَرغب النَّاس فِي السراري وَكَانَ زين العابدين كثير الْبر بِأُمِّهِ وَلم يكن يَأْكُل مَعهَا فِي صحفه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَخَاف أَن تسبق يَدي إِلَى مَا سبقت إِلَيْهِ عينهَا وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن الخيرتين لقَوْله صلى الله عليه وسلم إِن الله تَعَالَى من عباده خيرتان فخيرته من الْعَرَب قُرَيْش وَخيرته من الْعَجم فَارس وَأَخُوهُ عَليّ الْأَكْبَر قتل مَعَ أَبِيه الْحُسَيْن وَكَانَ زين العابدين من أحسن أهل بَيته طَاعَة وأحبهم إِلَى مَرْوَان والى عبد الْملك وَكَانَ من دُعَائِهِ اللَّهُمَّ لَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي فأعجز عَنْهَا وَلَا تَكِلنِي إِلَى المخلوقين فيضيعوني وَكَانَ يبجل فَلَمَّا مَاتَ وجدوه يعول مائَة أهل بَيت من أهل الْمَدِينَة وَكَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة أَخَذته الرعدة وَلَا عقب للحسين إِلَّا من زين العابدين وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة الاثْنَي عشر وَكَانَ من سَادَات التَّابِعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
322 -
الشريف المرتضى عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن موس بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْقَاسِم المرتضى علم الْهدى نقيب العلويين أَخُو الشريف الرضي ولد سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة كَانَ فَاضلا ماهراً أديباً متكلماً لَهُ مصنفات جمة على مَذْهَب الشِّيعَة قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ رَأْسا فِي الاعتزال كثير الِاطِّلَاع والجدل قَالَ ابْن حزم فِي الْملَل والنحل وَمن قَول الإمامية كلهَا قَدِيما وحديثاً أَن الْقُرْآن مبدل زيد فِيهِ وَنقص مِنْهُ حاشى عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُوسَى وَكَانَ إمامياً فِيهِ تظاهر بالاعتزال وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يُنكر هَذَا القَوْل وَكفر من قَالَه وَكَذَلِكَ صَاحِبَاه أَبُو يعلى الطوسي وَأَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ وَقد اخْتلف فِي كتاب نهج البلاغة هَل هُوَ وَضعه أَو وضع أَخِيه الرضي وَحكى عَنهُ ابْن برهَان النَّحْوِيّ أَنه سَمعه وَوَجهه إِلَى الْحَائِط يُعَاتب نَفسه وَيَقُول أَبُو بكر وَعمر وليا واسترحما فرحما فَأَنا أَقُول ارتدا بعد أَن أسلما قَالَ فَقُمْت وَخرجت فَمَا بلغت عتبَة الْبَاب حَتَّى سَمِعت الزعقة عَلَيْهِ وَكَانَ ابْن برهَان قد دخل عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ من أملاكه فِي كل
سنة سَبْعَة وَعِشْرُونَ ألف دِينَار قَالَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي دخلت على الكيا أبي الْحُسَيْن يحيى بن الْحُسَيْن الْعلوِي الزيدي وَكَانَ من نبلاء أهل الْبَيْت وَمن المحمودين فِي صناعَة الحَدِيث وَغَيره من الْأُصُول وَالْفُرُوع فَذكر بَين يَدَيْهِ يَوْمًا الإمامية فَذكرهمْ أقبح ذكر وَقَالَ لَو كَانُوا من الدَّوَابّ لكانوا الْحمير وَلَو كَانُوا من الطُّيُور لكانوا الرخم وَأَطْنَبَ فِي ذمهم وَبعد مُدَّة دخلت على المرتضى وَجرى ذكر الزيدية والصالحية أَيهمَا خير فَقَالَ يَا أَبَا الْفضل تَقول أَيهمَا خير وَلَا تَقول أَيهمَا شَرّ فتعجبت من إمامي الشِّيعَة فِي وقتهما وَمن قَول كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَذْهَب الآخر فَقلت قد كفيتما أهل السّنة الوقيعة فيكما قيل إِن المرتضى اطلع يَوْمًا من روشنه فَرَأى الْمُطَرز الشَّاعِر وَقد انْقَطع شِرَاك نَعله وَهُوَ يصلحه فَقَالَ لَهُ فديت ركائبك أَشَارَ إِلَى قصيدته الَّتِي أَولهَا // (من الطَّوِيل) //
(سرى مغرما ينتجع الركبا
…
يسائل عَن بدر الدجى الشرق والغربا)
(على عذبات الْجزع من مَاء تغلب
…
غزال يرى مَاء الْقُلُوب لَهُ شربا)
إِلَى قَوْله
(إِذا لم تبلغني إِلَيْكُم ركائبي
…
فَلَا وَردت مَاء وَلَا رعت العشبا)
فَقَالَ لَهُ الْمُطَرز مسرعا أتراها تشبه مجلسك وشربك وخلعك أَرَادَ بذلك أَبْيَات المرتضى وَهِي // (من الْخَفِيف) //
(يَا خليلي من ذؤابة قيس
…
فِي التصابي مَكَارِم الْأَخْلَاق)
(غنياني بذكرهم تطرباني
…
واسقياني دمعي بكأس دهاق)
(وخذا النّوم من جفوني فَإِنِّي
…
قد خلعت الْكرَى على العشاق)
وَمن تصانيفه كتاب الشافي فِي الإمامية وَكتاب الملخص فِي الْأُصُول لم يتممه كتاب الذَّخِيرَة فِي الْأُصُول تَامّ كتاب مُجمل الْعلم وَالْعَمَل كتاب الدُّرَر وَالْغرر وَهُوَ كثير الْفَوَائِد كتاب التَّنْزِيه كتاب الْمسَائِل الموصلية الأولى وَكتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّانِيَة وَكتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّالِثَة كتاب الْمقنع فِي الْغَيْبَة كتاب مسَائِل الْخلاف فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الِاقْتِصَار فِيمَا انْفَرَدت بِهِ الإمامية كتاب مسَائِل مُفْرَدَات فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمِصْبَاح فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الْمسَائِل الطرابلسية الأولى كتاب الْمسَائِل الطرابلسية الْأَخِيرَة كتاب الْمسَائِل الحلبية الأولى كتاب الْمسَائِل
الحلبية الْأَخِيرَة كتاب مسَائِل أهل مصر الأولى كتاب أهل مصر الثَّانِيَة كتاب الْبَرْق كتاب طيف الخيال كتاب الشيب والشباب كتاب تتبع أَبْيَات الْمعَانِي للمتنبي الَّتِي تكلم عَلَيْهَا ابْن جنى كتاب النَّقْض على ابْن جني فِي الْحِكَايَة والمحكي كتاب تَفْسِير قصيدة السَّيِّد كتاب قصر الروية وَإِبْطَال القَوْل بِالْعدَدِ كتاب الذريعة فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمسَائِل الصيداوية وَله مسَائِل مُفْردَة نَحْو مائَة مَسْأَلَة فِي فنون شَتَّى وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(وطرقنني وَهنا بأجواز الربى
…
وطروقهن على النَّوَى تخييل)
(فِي لَيْلَة وافي بهَا متمنع
…
وَدنت بعيدات وجاد بخيل)
(يَا لَيْت زائرنا بفاحمة الدجى
…
لم يَأْتِ إِلَّا والصباح رَسُول)
(فقليله وضح الدجى مستكثر
…
وَكَثِيره غبش الظلام قَلِيل)
(مَا عابه وَبِه السرُور زَوَاله
…
فَجَمِيع مَا سر الْقُلُوب يَزُول)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وزارت وِسَادِي فِي الظلام خريدة
…
أَرَاهَا الْكرَى عَيْني وَلست أَرَاهَا)
(تمانع صبحاً أَن أَرَاهَا بناظري
…
وتبذل جنحاً أَن أقبل فاها)
(وَلما سرت لم تخش وَهنا ضَلَالَة
…
وَلَا عرف العذال كَيفَ سراها)
(فَمَاذَا الَّذِي من غير وعد أَتَى بهَا
…
وماذا على بعد المزار هداها)
(وَقَالُوا عساها بعد زورة بَاطِل
…
تزور بِلَا ريب فَقلت عساها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(تجاف عَن الْأَعْدَاء فَرُبمَا
…
كفيت فَلم تجرح بناب وَلَا ظفر)
(وَلَا تبر مِنْهُم كل عود تخافه
…
فَإِن الأعادي يَنْبُتُونَ مَعَ الدَّهْر)
وَمِنْه // (من مجزوء الْكَامِل) //
(بيني وَبَين عواذلي
…
فِي الْحبّ أَطْرَاف الرماح)
(أَنا خارجي فِي الْهوى
…
لَا حكم إِلَّا للملاح)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(مولَايَ يَا بدر كل داجيةٍ
…
خُذ بيَدي قد وَقعت فِي اللجج)
(حسنك مَا تَنْقَضِي عجائبه
…
كالبحر حدث عَنهُ بِلَا حرج)
(بِحَق من خطّ عَارِضَيْك وَمن
…
سلط سلطانها على المهج)
(مد يَديك الكريمتين معي
…
ثمَّ ادْع لي من هَوَاك بالفرج)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(قل لمن خَدّه من اللحظ دَامَ
…
رق لي من جوانح فِيك تدمى)
(يَا سقيم الجفون من غير سقم
…
لَا تلمني إِن مت مِنْهُنَّ سقما)
(أَنا خاطرت فِي هَوَاك بقلب
…
ركب الْبَحْر فِيك أما وَأما)
قلت شعر جيد وَلَكِن أَيْن هَذِه الديباجة من ديباجة أَخِيه الرضى آخر الْجُزْء الْعشْرين من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو الْحسن المَسْعُودِيّ
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم