المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان - الوجيز في أسباب ونتائج قتل عثمان

[مصطفى يونس الراقي الفاخري]

فهرس الكتاب

- ‌الوجيز المفيد في تِبْيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان

- ‌ابن سبأ اليهودي وأثره في إحداث الفتنة

- ‌الرد على هذه التهم الملفقة ضد سيدنا عثمان

- ‌الرد على التهمة الأولى:

- ‌الرد على التهمة الثانية:

- ‌الرد على التهمة الثالثة:

- ‌الرد على التهمة الرابعة:

- ‌الرد على التهمة الخامسة:

- ‌الرد على التهمة السادسة:

- ‌الرد على التهمة السابعة:

- ‌الرد على التهمة الثامنة:

- ‌الرد على التهمة التاسعة:

- ‌الرد على التهمة العاشرة:

- ‌الرد على التهمة الحادية عشر:

- ‌الرد على التهمة الثانية عشر:

- ‌الرد على التهمة الثالثة عشر:

- ‌الرد على التهمة الرابعة عشر:

- ‌الرد على التهمة الخامسة عشر:

- ‌الرد على التهمة السادسة عشر:

- ‌الرد على التهمة السابعة عشر:

- ‌الرد على التهمة الثامنة عشر:

- ‌ذكر ما حدث إثر مقتل عثمان

- ‌نبذه مختصرة عن عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

- ‌خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب

- ‌استشهاد الحسين بن علي

- ‌من قتل الحسين

- ‌الأدلة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان

جامعة قار يونس

كلية الآداب والعلوم إجدابيا

قسم التاريخ

بحث مقدم لنيل درجة الليسانس في الآداب

بعنوان:

‌الوجيز المفيد في تِبْيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان

رضي الله عنه

إعداد الطالب: مصطفى يونس الراقي الفاخري

إشراف الأستاذ: محمد سعيد بو حليقة الزوي

للعام الجامعي

2005م- 2006م

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الغيورين على شريعة الله العاملين بها

أهدى هذا البحث

مقدمة

الحمد الله كريم المنّة، وناصر الدينِ بأهل السنة، الحمد الله كثيراً كما أنعم علينا كثيراً، وصلى الله وسلم على رسوله محمد الذي أرسلهُ شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنهِ وسراجاً منيراً، وعلى آله الذين أذهب عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً، وعلى جميع المؤمنين الذين أمر الله نبيهُ أن يبشرهم بأن لهم من الله فضلاً كبيراً.

أما بعد:

ص: 1

أنا كغيري من شباب أهل السنة الذين رزقهم الله حب أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم، فعندما أخبرني أستاذي الفاضل الأستاذ محمد بو حليقة بأنه اختصني للبحث في هذا الموضوع، وذلك إحساساً منهُ للظن بي، بقيتُ عدة أيام وأنا متردد في البحث وجالت في ذهني عدة خواطر، حاولت مراراً وتكراراً الاعتذار عن الكتابة في هذا الموضوع، ولكنني استشرت من أثق بمشورتهم من أصدقائي، فتنوعت آراؤهم بين مؤيد يُحسن الظن بي ويرى إنني أستطيع الوصول إلى الحقيقة والتعبير عنها، وبين معارض يرى أن هذا الموضوع لا يبحث مطلقاً، وهناك طائفة أخرى من الأصدقاء أنا لا أبالي بهم، ولا بأقوالهم المثبطة، ففيهم شبه ممن قال اللهُ فيهم (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا)" التوبة.الآية47 "، وبعد الاستخارة مرات ومرات شرح الله صدري للبحث، وشرعت في تجميع المصادر من هنا وهناك، فوالله لقد تحصلت على بعض المراجع التي ما كنتُ أحلمُ بها، ولولا أن العام الدراسي داهمني على الانقضاء وأنا منتسب ولدي تسع مواد أخرى تحتاج إلى اهتمام ودراسة لما توقفت عن تطوير هذا البحث وتنويره، وأرى أن هذا البحث موجز ولذلك سميتهُ "الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه" ولا يزال يستحق إلى دراسة عميقة ومتأنية، وكما قال العماد الأصفهاني:" إني رأيتُ أنه لا يكتب أحد كتاباً في يومه إلا قال في غَدِهِ: لوُ غَّيرَ هذا لكان أحسن ولو زيَّد هذا لكان يُستحَسن ولو قُدَّم هذا لكان أفضل ولو تُرِك هذا لكان أجمل. وهذا أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر " أخي القاري الكريم لا أزعم أنني آتيك بشي جديد في هذا الموضوع من نفسي، إنما هي أقوال علماء بحثت عنها ورتبتها بطريقتي الخاصة فهو جهد بسيط يُضم إلى جهود بقية طلبة التاريخ في هذه الجامعة، ولدي تنبيهان اثنان أوّد أن أنبه عليهما كل من يطلع على هذا البحث وجعلتهما في

ص: 2

مقدمة هذا البحث لضرورتهما: -

الأول: يقول الشيخ محب الدين (إن التاريخ الإسلامي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال بني أمية وقيام دول لا يسر رجالها التحدث بمفاخر ذلك الماضي ، ومحاسن أهله فتولى تدوين تاريخ الإسلام ثلاث طوائف: طائفة كانت تنشد العيش والجده من التقرب إلى مبغضي بني أمية بما تكتبه وتؤلفه وطائفة ظنت أن التدوين لا يتم ولا يكون التقرب إلى الله إلا بتشويه سمعة أبي بكر وعمر وعثمان وبني عبد شمس جميعاً وطائفة ثالثة من أهل الإنصاف والدين - كالطبري وابن عساكر وابن الأثير وابن كثير- رأت أن من الإنصاف أن تجمع أخبار الإخباريين من كل المذاهب والمشارب كلوط بن يحي الشيعي (أبو مخنف) المحترق وسيف بن عمر العراقي المعتدل ولعل بعضهم اضطر إلى ذلك إرضاءً لجهات كان يشعر بقوتها ومكانتها وقد أثبت أكثر هؤلاء أسماء رواة الأخبار التي أوردوها ليكون الباحث على بصيرة من كل خبر بالبحث عن حال راويه وقد وصلت إلينا هذه التركة لا على أنها تاريخنا بل على أنها مادة غزيرة للدرس والبحث يستخرج منها تاريخنا وهذا ممكن وميسور إذا تولاه من يلاحظ مواطن القوة والضعف في هذه المراجع وله من الألمعية ما يستخلص به حقيقة ما وقع ويجردها عن الذي لم يقع مكتفياً بأصول الأخبار الصحيحة مجردة عن الزيادات الطارئة عليها وأن الرجوع إلى كتب السنة وملاحظات أئمة الأمة مما يسهل هذه المهمة وقد آن لنا أن نقوم بهذا الواجب الذي أبطأنا فيه كل الإبطاء وأول من استيقظ في عصرنا للدسائس المدسوسة على تاريخ بني أمية العلامة الهندي الكبير الشيخ شلبي النعماني في انتقاده لكتب جرجي زيدان ثم أخذ أهل الألمعية من المنصفين في دراسة الحقائق فبدأت تظهر لهم وللناس منيرة مشرقة ولا يبعد إذا استمر هذا الجهاد في سبيل الحق أن يتغير فهم المسلمين لتاريخهم ويدركوا أسرار ما وقع في ماضيهم من معجزات) (1)

(1) - حاشية العواصم من القوا صم-177-178

ص: 3

الثاني: بخصوص مسألة البحث فيما شجر بين الصحابة فأود أن أنقل بعض السطور التي اقتبستها من رسالة الشيخ محمد عبد الله المنشور في الشبكة الإسلامية من مطبوعات مكتبة السفير في الرياض (1) عندما تطرق لأسس البحث في تاريخ الصحابة حيث قال الشيخ: [أولا: إن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل، بل الأصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة، وهذا مبسوط في عامة كتب أهل السنة في العقيدة، كالسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، والسنة لابن أبي عاصم، وعقيدة أصحاب الحديث للصابوني، والإبانة لابن بطة، والطحاوية، وغيرها. ويتأكد هذا الإمساك عند من يُخشى عليه الالتباس والتشويش والفتنة، وذلك بتعارض ذلك بما في ذهنه عن الصحابة وفضلهم ومنزلتهم وعدالتهم وعدم إدراك مثله، لصغر سنه أو لحداثة عهده بالدين. . . لحقيقة ما حصل بين الصحابة، واختلاف اجتهادهم في ذلك، فيقع في الفتنة بانتقاصه للصحابة من حيث لا يعلم. وهذا مبني على قاعدة تربوية تعليمية مقررة عند السلف، وهي ألا يعرض على الناس من مسائل العلم إلا ما تبلغه عقولهم. قال الإمام البخاري رحمه الله:((باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا)) . وقال علي رضي الله عنه: ((حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله)) . وقال الحافظ في الفتح تعليقا على ذلك: ((وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة. ومثله قول ابن مسعود: (ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) . (رواه مسلم) . وممن كره التحدث ببعض دون بعض الأمام أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب.)) ، إلى أن قال: ((وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراده، فالإمساك عنه

(1) - بعنوان: اعتقاد أهل السنة في الصحابة

ص: 4

عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب، والله أعلم. (صحيح البخاري 1 / 41، الفتح 1 / 199 -200، وراجع أيضا كلاما جيدا للسلمي في كتابة التاريخ 228) .

ثانيا: إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم، فلابد من التحقيق والتثبت في الروايات المذكورة حول الفتن بين الصحابة، قال عز وجل:{يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} . وهذه الآية تأمر المؤمنين بالتثبت في الأخبار المنقولة إليهم عن طريق الفساق، لكيلا يحكموا بموجبها على الناس فيندموا. فوجوب التثبت والتحقيق فيما نقل عن الصحابة، وهم سادة المؤمنين أولى وأحرى، خصوصا ونحن نعلم أن هذه الروايات دخلها الكذب والتحريف، إما من جهة اصل الرواية أو تحريف بالزيادة والنقص يخرج الرواية مخرج الذم والطعن. وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب، يرويها الكذابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما، ومن أجل ذلك لا يجوز أن يدفع النقل المتواتر في محاسن الصحابة وفضائلهم بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف، وبعضها يقدح فيما علم، فإن اليقين لا يزول بالشك، ونحن تيقنا ما ثبت في فضائلهم، فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها، فكيف إذا علم بطلانها. (منهاج السنة 6 / 305) .

ص: 5

ثالثا: إذا صحت الرواية في ميزان الجرح والتعديل، وكان ظاهرها القدح، فليلتمس لها أحسن المخارج والمعاذير. قال ابن أبي زيد:((والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)) . (مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني) . وقال ابن دقيق العيد: ((وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لأن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم)) . هذا بالنسبة لعموم ما روي في قدحهم.

رابعا: أما ما روي على الخصوص فيما شجر بينهم، وثبت في ميزان النقد العلمي، فهم فيه مجتهدون، وذلك أن القضايا كانت مشتبهة، فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف، وأن مخالفه باغ، فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه، فيما اعتقدوه، ففعلوا ذلك، ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة إمام العدل في قتال البغاة في اعتقاده.

القسم الثاني: عكس هؤلاء، ظهر لهم بالاجتهاد إن الحق مع الطرف الآخر، فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه.

القسم الثالث: اشتبهت عليهم القضية، وتحيروا فيها، ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين، فاعتزلوا الفريقين، وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم، لأنه لا يحل الإقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك. (مسلم بشرح النووي 15 / 149، 18 / 11، وراجع الإصابة 2 / 501، فتح الباري 13 / 34) .

ص: 6

أيضا من المهم أن نعلم أن القتال الذي حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن على الإمامة، فإن أهل الجمل وصفين لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي، ولا كان معاوية يقول إنه الإمام دون علي، ولا قال ذلك طلحة والزبير، وإنما كان القتال فتنة عند كثير من العلماء، بسبب اجتهادهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان رضي الله عنه، وهو من باب قتال أهل البغي والعدل، وهو قتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام، لا على قاعدة دينية، أي ليس بسبب خلاف في أصول الدين. (منهاج السنة 6 / 327) . ويقول عمر بن شبه:((إن أحدا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علياً منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم)) . (أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13 / 56) . ويؤيد هذا ما ذكره الذهبي: ((أن أبا مسلم الخولاني وأناساً معه، جاءوا إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ . فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني، وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمته؟ والطالب بدمه، فائتوه فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له. فأتوا عليا فكلموه، فلم يدفعهم إليه)) . (سير أعلام النبلاء للذهبي 3 / 140، بسند رجاله ثقات كما قال الأرناؤوط) وفي رواية عند ابن كثير: ((فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية)) . وأيضا فجمهور الصحابة وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة. قال عبد الله بن الإمام أحمد: ((حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا أيوب السختياني عن محمد بن سيرين، قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرات الألوف، فما حضرها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين)) . قال ابن تيمية: ((وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقته،

ص: 7

ومراسيله من أصح المراسيل)) . (منهاج السنة 6 / 236) . فأين الباحثون المنصفون ليدرسوا مثل هذه النصوص الصحيحة؟ لتكون منطلقاً لهم لا أن يلطخوا أذهانهم بتشويشات الإخباريين، ثم يؤولوا النصوص الصحيحة حسب ما عندهم من البضاعة المزجاة. نقول أخيراً: أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بسابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، إذن فاعتقادنا بعدالة الصحابة لا يستلزم العصمة، فالعدالة استقامة السيرة والدين، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفس بصدقه. . . ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي، ومع ذلك يجب الكف عن ذكر معا يبهم ومساوئهم مطلقا -، وإن دعت الضرورة إلى ذكر زلة أو خطأ صحابي، فلا بد أن يقترن بذلك منزلة هذا الصحابي من توبته أو جهاده وسابقته - فمثلاً من الظلم أن نذكر زلة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه دون ذكر توبته التي لو تابها صاحب مكس لقبل منه. . . وهكذا. (الإمامة لأبي نعيم 340، ومنهاج السنة 6 / 207) . فالمرء لا يُعاب بزلة يسيرة حصلت منه في فترة من فترات حياته وتاب منها، فالعبرة بكمال النهاية، لا ينقص البداية، لا سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو لم يزكه أحد فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور!] . ولا يسعني في نهاية هذه المقدمة إلا أن أشكر أستاذي أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة

ص: 8