المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ موقفين للإنسان

ومن جَهِل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان، وفي هذا يذكر القرآن‌

‌ موقفين للإنسان

يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم.

الموقف الأول: ساعة الاحتضار، حيث يستدبر الإِنسان الدنيا ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو منح مهلة من الزمن، وأُخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات.

الموقف الثاني: في الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف ، ليبدءوا من جديد عملاً صالحاً ..

هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء.

ونلحظ في زماننا هذا الجهل بقيمة الوقت والتفريط فيه .. هذا الزمن زمن العجز .. زمن الدعة والراحة والكسل، ماتت الهمم وخارت العزائم

تمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب

بل إن هناك من ينادي صاحبه

تعال .. لنقضي وقت الفراغ .. ! !

أخي .. هل لدى المؤمن وقت فراغ؟

ص: 7

اسمع قول الله تعالى {فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}

إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع شواغل الحياة ..

إذا فرغت من هذا كله فتوجه بقلبك كله إذن إلى من يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد العبادة والتجرد والتطلع والتوجه (1)

هذا مع أن المسلم باحتسابه وإخلاصه في أعمال الدنيا في عبادة، وهو في جهاد في حياته ..

ولقد أجمل جلّ وعلا ذلك كله في آيات محكمات. {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}

وقال جل وعلا في آية أخرى. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} .

أخي الحبيب ..

لنعد قليلاً .. في سطور مضيئة وكلمات صادقة إلى حال من سبقنا لنرى كيف نظروا إلى هذه الأوقات .. وماذا عملوا فيها .. وكيف استفادوا منها ..

قال عبد الله بن مسعود: - ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.

(1) في ظلال القرآن 6/ 393.

ص: 8