الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ما تؤمل بكثير القعود عنه والتشاغل عن المبادرة إليه (1)
- قال الجنيد لرجل وهو يعظه:
جماع الخير
كله في ثلاثة أشياء .. إن لم تمضِ نهارك بما هو لك فلا تُمضه بما هو عليك ، وإن لم تصحب الأخيار فلا تصحب الأشرار، وإن لم تنفق مالك فيما لله فيه رضا فلا تنفقه فيما لله فيه سخط (2)
- وهذا أقل القليل وإلا باب العمل مفتوح وطالب الدار الآخرة لا يرضى بالقليل فقد كان وكيع بن الجراح لاينام حتى يقرأ حزبه في كل ليلة ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصل، ثم يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر فيصلي ركعتين (3)
- والخوف ملازم لهم والشفقة ملاحقة لهم فكانوا يخافون من رد العمل .. كان الضحاك بن مزاحم إذا أمسى بكى فيقال له، فيقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي (4)
أخي الحبيب:
وصيةٌ صادقة ونصيحة غالية من الفضيل بن عياض .. تفكروا واعملوا من قبل أن تندموا، ولا تغتروا بالدنيا، فإن صحيحها يسقم
(1) حلية الأولياء 9/ 298.
(2)
الزهد للبيهقي 290.
(3)
تاريخ بغداد 13/ 501.
(4)
السير 4/ 600.
وجديدها يبلى ونعيمها يفنى وشبابها يهرم (1)
ومن شدة محافظتهم على الوقت استفادوا حتى من اللحظات القليلة التي ربما تضيع في المشي والجري فقد أوصى بعض السلف أصحابه فقال .. إذا خرجتم من عندي فتفرقوا لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه، ومتى اجتمعتم تحدثتم (2)
والعجب تجد الشاب يجري ساعات طوال ولايؤدي السنن الراتبة وربما أهمل في الفريضة.
أيام عمرك تذهب
…
وجميع سعيك يكتب
ثم الشهيد عليك
…
منك فأين المهرب؟ (3)
أما أوقات العمل الضائعة فقد استعدوا لها واستفادوا منها .. فهذا ابن الجوزي يشرح تلك الحال ويحكي لنا كيف استفاد من الوقت في حضور البطالين (4) فيقول: لما رأيت أن الزمان أشرف شئ، والواجب انتهازه بفعل الخير، كرهت ذلك وبقيت معهم بين أمرين: إن أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف وإن تقبلته منهم ضاع الزمن، فصرت أُدافع اللقاء جهدي، فإذا غُلبت قصَّرت في الكلام لأتعجل الفراق، ثم أعددت أعمالاً لا تمنع من
(1) الزهد للبيهقي 197.
(2)
صيد الخاطر 620.
(3)
السير 18/ 116.
(4)
فارغي النفوس والعقول.
المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغاً .. فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد (1) ، وبري الأقلام، وحزم الدفاتر، فإن هذه الأشياء لابد منها، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي (2)
وكان تقي الدين المقدسي لا يضيع شيئاً من زمانه، كان يصلي الفجر ويلقن القرآن وربما لقن الحديث، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ثلاثمائة ركعة إلى قبيل الظهر، فينام نومة فيصلي الظهر فينام نومة فيصلي العصر ويشتغل بالتسميع أو النسخ الى المغرب فيفطر إن كان صائماً ويصلي إلى العشاء، ثم ينام الى نصف الليل أو بعده، ثم يتوضأ ويصلي إلى قريب الفجر وربما توضأ سبع مرات أو أكثر ويقول: تطيب لي الصلاة ما دامت أعضائي رطبة ثم ينام نومة يسيرة قبل الفجر، وهذا دأبه (3)
وقال موسى بن إسماعيل .. لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن مسلمة ضاحكاً قط لصدقتكم، كان مشغولاً بنفسه إما أن يحدث وإما يقرأ وإما يسبح، وإما أن يصلي، كان يقسم النهار على هذه الأعمال (4)
(1) وهو الورق
(2)
صيد الخاطر 306.
(3)
تذكرة الحفاظ 4/ 1376.
(4)
صفة الصفوة 3/ 362، وحلية الأولياء 6/ 250.