الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: إطلاق لفظ السيدة على المرأة
لقد جاءت نصوص كثيرة صحيحة تدل على جواز إطلاق هذا اللفظ على المرأة، ومن هذه النصوص:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أقبلت فاطمة تمشي، كأن مشيتها مشي النبي ـ ? ـ فقال النبي ?: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا؛ فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا؛ فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله ? حتى قبض النبي ?، فسألتها، فقالت: أسر إلي إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أرى إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟ فضحكت لذلك)) (1).
وعن أنس ـ ? ـ أن رسول الله ? غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله ?، وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله ? في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله ?، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله ?، فلما دخل القرية قال: الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، قالها ثلاثا، قال: وخرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد والخميس يعني الجيش، قال: فأصبناها عنوة، فجمع السبي، فجاء دحية، فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي ?، فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير لا
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 1326) رقم (4326)، و (5/ 2317) رقم (5928)، ومسلم في صحيحه (4/ 1904) رقم (2450) و (4/ 1905) رقم (2450).
تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي ?، قال: خذ جارية من السبي غيرها، قال: فأعتقها النبي ? وتزوجها)) (1).
وعن أبي هريرة ـ ? ـ قال قال رسول الله ـ ? ـ: ((لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوك: ربي وربتي، وليقل المالك: فتاي وفتاتي، وليقل المملوك: سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون، والرب: الله عز وجل)(2).
فهذه النصوص دالة على جواز إطلاق هذا اللفظ على المرأة، وإطلاق هذا اللفظ على المرأة مقيد بما قيد به إطلاقه على الرجل، فلا يجوز إطلاقه على المنافقة والكافرة والمبتدعة ونحوهنّ، لعموم النهي عن ذلك.
كما أنه لا ينبغي إطلاق مثل (ست الناس) و (ست العرب) و (ست العلماء) و (ست الكل) وما في حكمها، فقد سئل النووي ـ رحمه الله تعالى ـ عمن له بنت، فسماها، بأحد هذه الأسماء، فأجاب بأن هذه الألفاظ ألفاظ ليست عربية، بل هي باطلة من حيث اللغة، وأما من حيث الشرع، فمكروهة كراهة شديدة، وينبغي لمن جهل وسمى به أن يغيره (3).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 145) رقم (364).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (4/ 294) رقم (4975)، والنسائي في السنن الكبرى (6/ 69) رقم (10072)، وأحمد في مسنده (2/ 423) رقم (9465)، والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 312) رقم (5219)، وابن حزم في المحلى (9/ 249)، وقد صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 456)، وفي صحيح الجامع رقم (7643).
(3)
انظر: المعيار المعرب للونشريسي (12/ 373).