الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مَسْعُودٍ، ح أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ح الْقَعْنَبِيُّ، ح شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» . قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: رَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَأَجَلَّهَا وَعَظَّمَ شَأْنَهَا، فَذَكَرَ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ لَيْسَ مِمَّا قَالَتِ الْعَرَبُ بِحِكَمِهَا وَفَصَاحَتِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ:«مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ» أَيْ: أَنَّهَا مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام أَوَّلَ مَا أَوْحَى، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَجْرِي فِي النُّبُوَّاتِ حَتَّى أَدْرَكَهَا الْعَرَبُ، فَهِيَ عَلَى أَفْوَاهِهَا مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ مُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا بَقِيَ مِنَ النُّبُوَّةِ الْأُولَى» كَأَنَّهُ يَقُولُ: هِيَ مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَلَيْسَتْ مِنِ اخْتِرَاعِ الْحُكَمَاءِ، وَكَلَامِ الْفُصَحَاءِ رَفْعًا مِنْ قَدْرِهَا، وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا؛ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لَخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَيَاءَ فَرْعٌ يَتَوَلَّدُ مِنْ إِجْلَالِ قَدْرِ مَنْ يَسْتَحِي مِنْهُ، وَتَقْصِيرٍ يَرَاهُ في نَفْسِهِ، وَإِزْرَاءٍ بِهَا فَيَسْتَصْغِرُ نَفْسَهُ وَأَوْصَافَهَا عِنْدَ شُهُودِ مَنْ يُجِلُّ قَدْرَهُ عِنْدَهُ، فَيَنْحَصِرُ فَيَمْنَعُهُ حَصَرُهُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَحْسُنُ مِنْ أَفْعَالِهِ، فَكَيْفَ بِمَا يَقْبَحُ مِنْ أَحْوَالِهِ؟ فَالْعَبْدُ بِمِرَاءٍ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ أَجَلُّ نَاظِرٍ إِلَيْهِ لَا يُخْفِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، حَقُّهُ أَعْظَمُ الْحُقُوقِ، وَقَدْرُهُ أَجَلُّ الْأَقْدَارِ، فَهُوَ يَرَاهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَعَلَى كُلِّ أَفْعَالِهِ، وَهُوَ أَيْضًا يَرَاهُ خَلْقَ اللَّهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ مِمَّنْ يُجِلُّ أَقْدَارَهُمْ عِنْدَهُ مِنْ مَلَائِكَةٍ كِرَامٍ، وَخَاصٍّ مِنَ النَّاسِ وَعَامٍّ
⦗ص: 268⦘
، فَهُوَ مُتَرَقِبٌ مُتَحَفِّظٌ فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مِنْ أَنْ يُرَى مِنْهُ خُلُقٌ ذَمِيمٌ، أَوْ فِعْلٌ سَقِيمٌ فَيُحْكِمُ أَفْعَالَهُ خَوْفًا أَنْ يَلْحَقَهُ لَوْمٌ فِيمَا يَرْتَكِبُ مِنْ فِعْلٍ مُسِيءٍ، أَوْ فِيمَا يُقَصِّرُ مِنْ حَقِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ فِعْلٍ مَرْضِيٍّ، ثُمَّ يَكُونُ حَافِظًا لِخَوَاطِرِهِ، مُرَاغِبًا لِهَوَاجِسِهِ، مُرَاقِبًا لِأَنْفَاسِهِ أَنْ يَجْرِيَ فِي سِرِّهِ، وَيَخْطُرَ بِبَالِهِ مَا يُسْقِطُهُ مِنْ عَيْنِ نَاظِرِهِ، أَوْ يَمْقُتُهُ فِيهِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَادِرٌ، فَيَسْتَقِيمُ ظَاهِرُهُ، وَيَصْفُو بِاطِنُهُ، فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ وَصْفُهُ الْحَيَاءُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِمٍ، ح أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ح الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي سَوَّارٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» وَمَنْ كَانَ بِضِدِّ هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُ قَدْرُ نَاظِرٍ مِنْ قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ، وَلَا يُبَالِي أَنْ يَلْحَقَهُ شَيْنٌ أَوْ يُوصَفَ بِذَمِيمٍ، وَلَا يَخَافُ مَنْ فَوْقَهُ، وَلَا يُبَالِي بِمَنْ مَعَهُ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ أَوْصَافِ النَّاسِ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا تَدَعُوهُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، وَيَأْتِي مَا يُزَيِّنُهُ فِي عَيْشِهِ مِنْ قَبِيحِ أَفْعَالِهِ الْعَدُوُّ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ نَاهِي مُرُوءَةٍ أَوْ دِينٍ لَمْ يَحْجُزْكَ حَاجِزٌ، وَلَا يَمْنَعُكَ مَانِعٌ، صَنَعْتَ مَا شِئْتَ ذُمِمْتَ عَلَيْهِ وَفِيهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: إِذَا لَمْ تَكُنْ بِأَوْصَافِ الْحَيَاءِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ مِنْ عَمَلٍ، فَلَا قِيمَةَ لِعَمَلِكَ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُجِلَّ رَبَّهُ وَلَمْ يُكْرِمْ عِبَادَهُ فَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ أَوْصَافِ الْإِيمَانِ شَيْءٌ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ»
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَهْرَوَيْهِ الرَّازِيُّ، بِالرَّيِّ، ح سُلَيْمَانُ بْنُ صَدَقَةَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سَعْدَوَيْهِ، ح هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ»