الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ، قَالَ: ح أَبُو عِيسَى قَالَ: ح عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: ح أَبُو لَبِيدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، يَا عَلِيُّ لَا تُخْبِرْهُمَا» قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ لَا تُخْبِرْهُمَا» ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى لَا تُخْبِرْهُمَا قَبْلِي، كَأَنَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْبِرُ لَهُمَا، وَالْمُبَشِّرُ لَهُمَا بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَجَلَّ قَدْرًا، وَأَعْظَمَ مَوْقِعًا، وَيَكُونُ فَضْلُ السَّبَقِ بِالْبِشَارَةِ لَهُ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَخَافَةِ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِمَا، فَقَدْ أَخْبَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَبِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَرَوْنَ أَهْلَ
⦗ص: 64⦘
عِلِّيِّينَ، كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْهُمْ، وَأَنْعَمَا» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا، وَقَالَ:«هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمَا فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: «يَا عَلِيُّ لَا تُخْبِرْهُمَا» حِفْظًا لِمَوَاضِعِ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِمَا لَمْ يُخْبِرْهُمَا، وَكَيْفَ يَخَافُ عَلَيْهِمَا الْفِتْنَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ وَالْمَفْتُونُ لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَلَا مَا هُوَ دُونَهَا، وَمَنْ بَلَغَتْ رُتْبَتُهُ هَذِهِ الرُّتْبَةَ عُصِمَ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَالْإِعْجَابِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْإِعْجَابَ بِالنَّفْسِ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَهْلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَهُمَا بِهِ مِنْ هُوَ دُونَهُمَا فِي الْفَضِيلَةِ مِثْلَ عُكَّاشَةَ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ» ، فَقَالَ عُكَّاشَةُ رضي الله عنه: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:«أَنْتَ مِنْهُمْ» . وَقَالَ لِبِلَالٍ: «سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ فِي الْجَنَّةِ بَيْنَ يَدَيَّ»
⦗ص: 65⦘
وَكَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ بَشَّرَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ يُعْصَمُونَ عَنِ الْفِتْنَةِ لِيَتِمَّ مُرَادُ اللَّهِ فِيهِمْ، فَكَيْفَ بِهِمَا وَهُمَا رضي الله عنهما بِحَيْثُ لَا يُدَانِيهِمَا فِي الْفَضْلِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ