الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثٌ آخَرُ
- ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ رحمه الله قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْكِنْدِيُّ قَالَ: ح سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ شَامِيَّةٌ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ عَتَبَاتٍ قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ، مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَسَعْيًا عَلَى الْعِيَالِ، وَتَعَطُّفًا عَلَى الْجَارِ، لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُفَاخِرًا مُرَائِيًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رحمه الله: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ طَلَبَ الدُّنْيَا وَأَخْذَهَا لَا يَنْبَغِي إِلَّا لِلضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ تَنَاوُلُهَا كَمَا يَتَنَاوَلُ الْمُضْطَرُّ الْمَيْتَةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرَطَ لَأَخْذِهَا مِنْ وَجْهِهَا شُرُوطًا ثَلَاثَةً كُلُّهَا ضَرُورَةٌ، وَهُوَ الِاسْتِعْفَافُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَالسَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ، وَالْعَوْدُ عَلَى الْجَارِ، فَالْمُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ هُوَ الَّذِي بَلَغَ الْجَهْدُ بِهِ غَايَةً يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ، فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: التَّلَفِ وَالْهَلَاكِ أَوِ الْأَخْذِ مِنَ الْمَيْتَةِ، فَهُوَ يَأْخُذُ مِنْهَا قَدْرَ مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُ عَلَى تَكَثُّرِهِ، فَإِنْ أَكَلَهَا عَلَى جِهَةِ الشَّهْوَةِ وَالِاسْتِلْذَاذِ لَمْ يُجْزَ، فَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِفُّ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عِنْدَ ضَعْفٍ يَحِلُّ بِهِ بَخِلَ بِدِينِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ أَوْسَاخٍ الَّذِي هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُرُوحٌ وَخُمُوشٌ، وَطَلَبِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ بِغَيْضَةُ اللَّهِ وَالْقِرَاءَةِ لِأَهْلِهَا وَهِيَ سُمٌّ قَاتِلٌ، جَاءَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَهُوَ يَطْلُبُ الدُّنْيَا قَدْرَ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَيَصُونُ وَجْهَهُ وَدِينَهُ عَلَى تَكَثُّرِهِ لَا لِلِاخْتِيَارِ وَالْمَحَبَّةِ لَهَا وَاللَّذَّةِ بِهَا وَعَلَى
⦗ص: 329⦘
تَوَقٍّ مِنْ سُمِّهَا وَحَذَرٍ مِنْ غُرُورِهَا، فَكَأَنَّهُ يَشْرَبُ السُّمَّ مَخَافَةً، وَكَذَلِكَ السَّاعِي عَلَى الْعِيَالِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُهُ فَهُوَ إِذَا خَافَ أَنْ يَأْثَمَ بِتَضْيِيعِ عِيَالِهِ اضْطُرَّ إِلَى الطَّلَبِ لَهُمْ وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِمْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْمُتَعَطِّفُ عَلَى الْجَارِ، وَهُوَ مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْإِمْكَانِ مَا عَجَزَ عَنْهُ جَارُهُ مِنَ الْعَوْدِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَلْزَمُهُ قُوتُ جَارِهِ كَمَا لَزِمَهُ فَرْضُ عِيَالِهِ، فَقَدِ اضْطُرَّ إِلَى أَنْ يَسْعَى بِقَدْرِ مَا يَعُودُ عَلَى الْجَارِ الْعَاجِزِ عَمَّا قَوِيَ عَلَيْهِ السَّاعِي، فَهُوَ يَسْعَى بِفَضْلِ قُوَّتِهِ، وَيَعُودُ عَلَى جَارِهِ بِفَضْلِ مَا عِنْدَهُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ وَلَا جَارٌ يَعْجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَالِهِ، وَكَانَ فِيهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالْقَنَاعَةِ مَا يَسْتَعْفِي بِهِ عَنِ السُّؤَالِ فَيَكُونُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] . ثُمَّ طَلَبَ الدُّنْيَا ، لَمْ يَخْلُ طَلَبُهُ لَهَا مِنْ إِحْدَى الثَّلَاثِ الْخِصَالِ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا لَهَا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ طَلَبُهُ لَهَا عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ لَهَا لِلْمُفَاخَرَةِ بِهَا
وَالْمُفَاخَرَةُ بِهَا هِيَ الْمُنَافَسَةُ الَّتِي خَافَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمَّتِهِ وَأَصْحَابِهِ حِينَ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَا: ح مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ح هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أَوْ يُرِيدُ بِطَلَبِهَا الْمُرَاءَاتِ فَهُوَ التَّزَيُّنُ بِهَا وَهِيَ تُزَيَّنُ وَلَكِنَّهَا شَيْنٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْآدَمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ
⦗ص: 330⦘
، عَنِ الْحَسَنِ، رحمه الله أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ صَاحِبَ الدُّنْيَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَى سُرُورِ الشَّخْصِيَّةِ إِلَى مَكْرُوهٍ ، الْيَسَارُ فِيهَا لِأَهْلِهَا غَارَةٌ، وَالنَّافِعُ فِيهَا غَدًا ضَارٌّ، فَالدُّنْيَا عَارٌ، وَالطَّلَبُ لَهَا شَيْنٌ، وَالْقِلَّةُ مِنْهَا دِينٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ حَبَّانَ قَالَ: ح حَيَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ح عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْفَقْرُ أَحْسَنُ وَأَزْيَنُ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعِذَارِ الْجَيِّدِ عَلَى خَدِّ الْفَرَسِ» فَالْمِرَاءَاتُ بِهَا شَيْنٌ، وَيُرِيدُ بِطَلَبِهَا الِاسْتِكْثَارَ مِنْهَا، وَالْمُكْثِرُ هَالِكٌ إِلَّا الْقَلِيلَ
ح مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ قَالَ: ح سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطُّنَافِسِيُّ قَالَ: ح الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلْتُ قَالَ:«هَلَكَ الْأَكْثَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، هَلَكَ الْأَكْثَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَأَخَذَنِي غَمٌّ فَجَعَلْتُ أَتَنَفَّسُ، فَقُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ حَدَثَ، قُلْتُ: مَنْ هُمْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ: «الْأَكْثَرُونَ إِلَّا مَنْ قَالَ فِي عِبَادِ اللَّهِ، هَكَذَا وَهَكَذَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَخَلْفِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَتْرُكُ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ حَتَّى تَطَأَهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحَهُ بِقُرُونِهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يَعُودَ أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا» فَإِنْ طَلَبَهَا لِيَطْلُبَ بِهَا الْبِرَّ، وَفِعْلَ الصَّنَائِعِ، وَاكْتِسَابَ الْمَعْرُوفِ كَانَ عَلَى خَطَرٍ، وَتَرْكُهُ لَهَا أَبْلَغُ فِي الْبِرِّ، فَقَدْ قِيلَ: يَا طَالِبَ الدُّنْيَا لِتَبَرَّ. بِرُّكَ بِهَا بَرَّ. فَقَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ الطَّالِبَ لَهَا مِنْ وَجْهِهَا لِلضَّرُورَةِ لَا غَيْرَ ، فَإِنَّهُ قَدْ شُرِطَ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا الْحَلَالُ، وَمَا شَيْءٌ أَعَزَّ اللَّهُ مِنْ دِرْهَمٍ حَلَالٍ، قَالَ سُفْيَانُ رضي الله عنه: مَا شَيْءٌ أَعَزَّ اللَّهُ الْيَوْمَ مِنْ دِرْهَمٍ وَافَى فِي اللَّهِ. فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى شَرَفِ الْفَقْرِ وَضَعَةِ الْغِنَى وَقُصُورِهِ عَنْ رُتْبَةِ الْفَقْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْغِنَى الَّذِي هُوَ فُضُولُ الْمَالِ لَيْسَ إِلَّا كَثْرَةُ الْعَرَضِ، وَحُطَامُ الدُّنْيَا، وَلَا يَكَادُ
⦗ص: 331⦘
الْكَثْرَةُ مِنْهَا يَكُونُ إِلَّا بِالطَّلَبِ لَهَا وَالْجَمْعِ إِيَّاهَا، وَالطَّالِبُ لِلِاسْتِكْثَارِ مُتَوَعَّدٌ بِغَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ حَصَلَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَهُوَ مُكْثِرٌ، وَالْمُكْثِرُ هَالِكٌ إِلَّا مَنْ أَعْطَى يَمِينًا وَشِمَالًا وَوَرَاءً، وَلَا يَكَادُ يَبْقَى الْمَالُ مَعَ الْإِعْطَاءِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ لِرَجُلٍ افْتَخَرَ بِالْغَنَاءِ بِالْمَالِ، فَقَالَ: مَا افْتِخَارُكَ بِشَيْءٍ يُتْلِفُهُ الْجُودُ وَيُمْسِكُهُ الْبُخْلُ. وَقَالَ آخَرُ وَرَأَى رَجُلًا يَفْتَخِرُ عَلَى آخَرَ بِمَالِهِ فَقَالَ: مَا افْتِخَارُكَ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ الْبَخْتُ، وَيَحْفَظُهُ اللَّوْمُ، وَيُهْلِكُهُ السَّخَاءُ. أَنْشَدَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَكِيمُ رحمه الله:
[البحر الوافر]
مَلَأْتُ يَدِي مِنَ الدُّنْيَا مِرَارًا
…
وَمَا طَمَعَ الْعَوَاذِلُ فِي اقْتِصَادِي
وَلَا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةُ مَالٍ
…
وَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْجَوَادِ
وَكَفَاكَ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَا الْمَالِ يَحْتَاجُ إِلَى التَّطْهِيرِ، وَلَوْلَا التَّدَنُّسُ بِهِ لَمْ تُطَهِّرْهُ الزَّكَاةُ قَالَ:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] . وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ» . فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَدَنَّسُوا بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَزَنَ اللَّهِ لَا مُتَمِلِّكِينَ لِلْأَمْوَالِ جَامِعِينَ لَهَا، وَكَذَلِكَ الْأَطْفَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَدَنَّسُوا بِهَا، وَسَائِرُ الْمُكْثِرِينَ مِنْهَا يَحْتَاجُونَ إِلَى التَّطْهِيرِ مِنْ أَدْنَاسِهَا، وَالْغُسْلِ مِنْ أَقْذَارِهَا، وَالْمُتَخَلِّي مِنْهَا طَاهِرٌ مِنْ أَدْنَاسِهَا، طَيِّبٌ مِنْ أَقْذَارِهَا، غَنِيٌّ عَنِ التَّطَيُّرِ بِالزَّكَاةِ مِنْهَا، آمِنٌ مِنَ الْوَعِيدِ بِكَيِّ الْجِبَاهِ وَالْجُنُوبِ بِهَا، وَالْعَذَابِ عَلَى الْحَرَامِ مِنْهَا، وَالْحِسَابِ عَلَى الْحَلَالِ فِيهَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَدْ أَفْرَدَنَا لِشَرَفِ الْفَقْرِ وَأَهْلِهِ كِتَابًا جَامِعًا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهِ، وَالْحُجَجِ الْكَثِيرَةِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ وَالنَّظَرِ، وَمَعْنَى الْأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْغَنَاءِ مَا أَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ هَا هُنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَمِنْهُ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ