المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حَدِيثٌ آخَرُ - بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي

[أبو بكر الكلاباذي]

فهرس الكتاب

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخِرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

الفصل: ‌ ‌حَدِيثٌ آخَرُ

‌حَدِيثٌ آخَرُ

ص: 354

ح خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ:" أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ قَالَ: فَالْآنَ قَالَ: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةَ رَمْيَةً بِحَجَرٍ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّةَ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» . قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: ح أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ

ص: 354

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَفْصٍ قَالَ: ح أَبِي رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: ح أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: " أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا لِيَقْبِضَ نَفْسَهُ فَلَطَمَهُ لَطْمَةً فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَفَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ

⦗ص: 355⦘

إِلَى رَبِّهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَ قَالَ: رَبِّ أَتَيْتُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَصَنَعَ هَذَا بِعَيْنِي قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، وَقَالَ: ائْتِ عَبْدِي فَخَبِّرْهُ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدِهِ عَلَى جِلْدِ ثَوْرٍ فَمَا وَارَتْ يَدُهُ مِنْ شَعَرٍ فَهُوَ يَعِيشُ بِهَا سَنَةً ثُمَّ يَمُوتُ قَالَ مُوسَى: لَا بَلِ الْآَنَ يَا رَبِّ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ، وَلَكِنْ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ قَالَ: فَدُفِنَ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَلَوْ أَنِّي كُنْتُ عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ قَبْرِهِ " وَقَالَ أَيْضًا: ح أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ كَانَ يَأْتِي النَّاسَ عَيَانًا فَأَتَى مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَلَطَمَهُ مُوسَى عليه السلام فَفَقَأَ عَيْنَهُ» ، فَذَكَرَ نَحْوَ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: رَوَتِ الْأَئِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَوَضَعُوهُ فِي كُتُبِهِمْ وَصَحَّحُوهُ، وَعَدَّلُوا رِوَايَتَهُ، وَاسْتَفْظَعْهُ قَوْمٌ فَجَحَدُوهُ، وَأَنْكَرُوهُ فَرَدُّوهُ لِضِيقِ صُدُورِهِمْ، وَقُصُورِ عِلْمِهِمْ، وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْحَدِيثِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَدْخَلُوهُ فِي الصِّحَاحِ حَتَّى رَضَوْا إِسْنَادَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالرِّجَالِ، وَالْحَدِيثُ إِذَا صَحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْمُتَوَاتِرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْآَحَادِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ، وَلَا يُوجِبُ الْعِلْمَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ مِمَّا يُوجِبُ الْعَمَلَ لَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ لِشُهْرَتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَعَدَالَةِ رُؤْيَتِهِ وَصِحَّةِ إِسْنَادِهِ، وَمِمَّا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ وَإِنْكَارُهُ وَدَفْعُهُ، فَإِنَّ فِي رَدِّهِ تَكْذِيبَ الْأَئِمَّةِ وَجَرْحَ عُدُولِ الْأَئِمَّةِ. وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: لِعُلَمَاءِ الْأَثَرِ فِي تَلَقِّي الْأَخْبَارِ الْمُشَابَهَةِ مَذْهَبَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِيمَانَ بِهَا فَرْضٌ كَالْإِيمَانِ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآَنِ حِينَ يَقُولُ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] أَيْ

⦗ص: 356⦘

: كُلٌّ مِنَ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَقَدِ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ الْمُشَابَهَةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، قَالُوا: فَمِثْلُهُ الْمُتَشَابِهُ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حُجِبَ عَنَّا عِلْمُ تَأْوِيلِهِ آَمَنَّا وَصَدَّقْنَا بِمَا قَالَ، وَوَكَلْنَا عِلْمَ تَأْوِيلِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 354

ثُمَّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ح الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُقْرِئُ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: ح الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْ بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْمُتَشَابَهَةِ؟ فَقَالَ:«مِنَ اللَّهِ الْعِلْمُ، وَعَلَى رَسُولِهِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ، أَمِرُّوا أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا جَاءَتْ» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ: سُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَرَاكَ إِلَّا ضَالًّا. هَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. قَالَ: وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِيمَانَ بِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَرْضٌ، وَالْبَحْثُ عَنْ مُتَشَابِهِ التَّنْزِيلِ، وَأَخْبَارِ الرَّسُولِ وَاجِبٌ فِي الْأُصُولِ وَالْعُقُولِ فِرَارًا مِنْ تَعْطِيلِ الصِّفَاتِ وَآفَةِ التَّشْبِيهَاتِ. قَالَ: وَالْقُدْوَةُ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَمَنْ تَابَعَهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْأَثَرِ. قَالَ: وَبِمَعْرِفَةِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ تَمَيَّزَ الْفَاضِلُ مِنَ الْمَفْضُولِ، وَالْعَالِمُ مِنَ الْمُتَعَلِّمِ، وَالْحَكِيمُ مِنَ الْمُتَعَجْرِفِ، وَمَنْ أَمَرَّ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا جَاءَتْ حِينَ الْتَبَسَ عَلَيْهِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهَا لَمْ يَرُدَّهَا رَاوٍ مُنْكِرٌ جَاحِدٌ، بَلْ آَمَنَ وَاسْتَسْلَمَ، وَانْقَادَ وَوَكَلَ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] . وَرَدُّ الْأَخْبَارِ وَالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ طَرِيقٌ سَهْلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ، وَالسَّفِيهُ وَالْعَاقِلُ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ فَضْلُ عِلْمِ الْعُلَمَاءِ، وَعَقْلِ الْعُقَلَاءِ بِالْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ وَاسْتِخْرَاجِ الْحِكْمَةِ مِنَ الْآيَةِ وَالسُّنَّةِ، وَحَمْلِ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأُصُولَ، وَتُصَحِّحُهُ الْعُقُولُ

⦗ص: 357⦘

. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَصًّا نَظِيرُهُ قَالَ تَعَالَى فِي خَبَرِ مُوسَى وَهَارُونَ عليهما السلام {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف: 150] إِلَى قَوْلِهِ {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150] وَقَالَ {يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه: 94] . وَلَيْسَ الْجَرُّ إِلَيْكَ بِالْخُشُونَةِ وَالْغِلْظَةِ بِأَقَلَّ مِنَ الدَّفْعِ عَنْكَ بِالْخُشُونَةِ وَالْغِلْظَةِ، وَهُوَ الصَّكُّ وَاللَّطْمُ، دَفَعَ عَنْكَ بِغِلْظَةٍ وَخُشُونَةٍ فَمَا سِوَاهُ، وَلَيْسَ هَارُونُ بِأَدْوَنَ مَنْزِلَةً مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، بَلْ هُوَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْهُ، وَأَعْلَى مَرْتَبَةً، وَأَبَيْنَ فَضْلًا عِنْدَ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَبِيٌّ مُرْسَلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} [المؤمنون: 46] ، وَهُوَ مَعَ جَلِيلِ قَدْرِهِ فِي نُبُوَّتِهِ، وَعُلُوِّ دَرَجَتِهِ فِي رِسَالَتِهِ أَخُو مُوسَى لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«حَقُّ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ عَلَى صِغِيرِهِمْ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» . فَإِذَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عليه السلام أَنَّهُ أَخَذَ بِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَجَرَّهُ إِلَيْهِ بِعُنْفٍ وَغِلْظَةٍ حَتَّى اسْتَعْطَفَهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ {يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 94] ، وَقَوْلُهُ {إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاءَ} [الأعراف: 150] ، وَلَوْلَا ذَلِكَ عَسَى كَانَ يَكُونُ مِنْهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا صَنَعَ بِهِ، ثُمَّ لَمْ نَجِدْ فِي الْكِتَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى عِتَابِ اللَّهِ إِيَّاهُ، وَلَا عَلَى تَوْبَتِهِ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صَغِيرَةً أَوْ زَلَّةً لَظَهَرَ ذَلِكَ نَصًّا فِي الْكِتَابِ أَوْ دَلَالَةً، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى زَلَّاتِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَمُعَاتَبَتَهُ إِيَّاهُمْ عَلَيْهَا، وَتَوْبَتَهُمْ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ، وَرُجُوعَهُمْ إِلَيْهِ، وَاسْتِغَفَارَهُمْ إِيَّاهُ وَاعْتِرَافَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالظُّلْمِ لَهَا كَمَا قَالَ جل جلاله فِي قِصَّةِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ

⦗ص: 358⦘

{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: 22] ، هَذَا عِتَابُهُ لَهُمَا مِنْ إِمْلَالِهَا فِي الْآَيَاتِ، وَقَالَ تَعَالَى فِي اعْتِرَافِهِمَا وَتَوْبَتِهِمَا {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] ، وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُوحٍ عليه السلام {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] ، وَقَالَ عز وجل فِي اعْتِرَافِهِ وَتَوْبَتِهِ {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] ، وَفِي قِصَّةِ دَاوُدَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} فَغَفَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ عز وجل فِي مُوسَى عليه السلام وَقَتْلِهِ الْقِبْطِيَّ {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص: 15] ، وَقَالَ تَعَالَى {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: 16] ، فَغَفَرَ لَهُ. فَلَوْ كَانَ جَرُّهُ أَخَاهُ إِلَيْهِ وَأَخْذُهُ بِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ زَلَّةً مِنْهُ لَظَهَرَ اعْتِرَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَتَوْبَتُهُ إِلَى رَبِّهِ، أَوْ مُعَاتَبَةُ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَعْصِيَةً وَلَا زَلَّةً، كَذَلِكَ صَكُّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ وَلَطْمُهُ إِيَّاهُ لِأَنَّهُمَا عُنْفَانِ، أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ عَنْكَ، وَالْآَخَرُ بِالْجَرِّ إِلَيكَ كَرِيمَيْنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَحَدُهُمَا رَسُولٌ نَبِيٌّ، وَالْآَخَرُ مَلَكٌ زَكِيٌّ، وَكَمَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ عِتَابٌ وَلَا تَوْبَةٌ، وَاعْتِرَافٌ فِي قِصَّةِ الْمَلَكِ فَمَا جَازَ فِي الْكِتَابِ مِنَ التَّأْوِيلِ سَاغَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم بِهَارُونَ مَعَ عَظِيمِ حُرْمَتِهِ لِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَأُخُوَّتِهِ وَقَرَابَتِهِ وَحَقِّ سِنِّهِ زَلَّةً؛ لِأَنَّهُ عليه السلام غَضِبَ لِلَّهِ لَا لِنَفْسِهِ، وَكَانَتْ فِيهِ حَمِيَّةٌ وَغَضَبٌ وَعَجَلَةٌ وَحِدَّةٌ كُلُّهَا فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ. أَلَا يَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83] ، وَخَبَّرَ أَنَّ عَجَلَتَهُ كَانَ طَلَبًا لِرِضَاهُ، كَذَلِكَ حِدَّتُهُ وَغَضَبُهُ عَلَى أَخِيهِ وَصَنِيعُهُ بِهِ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 92] ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْحِدَّةُ مِنْهُ وَالْغَضَبُ فِيهِ صِفَةَ مَدْحٍ لَهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلَّهِ، وَفِي اللَّهِ كَمَا كَانَتْ رَأْفَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَحْمَتُهُ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ، ثُمَّ كَانَ يَغْضَبُ حَتَّى يَحْمَرَّ وَجْهُهُ وَتَذَرَّ عُرُوقُهُ لِلَّهِ وَفِي اللَّهِ، وَبِذَلِكَ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] ، وَقَالَ تَعَالَى {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54]

⦗ص: 359⦘

، وَقَالَ جل جلاله {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] ، فَلَوْ كَانَتِ الْغِلْظَةُ وَالشِّدَّةُ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ كَذَلِكَ الْغَضَبُ وَالْحِدَّةُ مِنْ مُوسَى لِلَّهِ وَفِي اللَّهِ، وَالْجَمِيعُ صِفَةُ مَدْحٍ وَنَعْتُ ثَنَاءٍ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي مَدْحِهِ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فِي رِقَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَتَشْبِيهِهِ إِيَّاهُ بِإِبْرَاهِيمَ إِذْ يَقُولُ {يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 74] وَقَوْلِهِ {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] وَعِيسَى عليه السلام حِينَ قَالَ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادَكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمَرَ رضي الله عنه وَمَدْحِهِ لَهُ فِي غِلْظَتِهِ وَشِدَّتِهِ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ، وَتَشْبِيهِهِ إِيَّاهُ بِنُوحٍ عليه السلام حِينَ قَالَ {لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] فَأَوْصَافُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَالرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْصَافُ مَدْحٍ، وَنُعُوتُهُمْ نُعُوتُ ثَنَاءٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَكُّهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ، وَلَطْمُهُ إِيَّاهُ لَمْ يَكُنْ زَلَّةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِغَضَبِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ غَضَبًا لِلَّهِ، وَشِدَّةً فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَحَمِيَّةً لِدِينِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَكَ أَتَاهُ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوسَى لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مَلَكٌ رَسُولُ اللَّهِ، كَمَا لَمْ يَعْرِفِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ جَاءَهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ حَتَّى قَالَ صلى الله عليه وسلم:«هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لَيُعَلِّمَكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ، وَاللَّهِ مَا أَتَانِي فِي صُورَةٍ قَطُّ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِيهَا إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ» ، فَكَذَلِكَ مُوسَى يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَتَاهُ فِي صُورَةٍ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا قَبْلَهَا، فَلَمْ يَعْرِفْهُ ثُمَّ أَرَادَ قَبْضَ رُوحِهِ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ إِنْسَانٌ يُرِيدُ قَبْضَ رُوحِ كَلِيمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَصَكَّهُ وَلَطَمَهُ إِنْكَارًا لَهُ وَرَدًّا عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكٌ، وَأَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ أَنْكَرَ عَلَيْهِ إِدِّعَاءَهُ مَا لَيْسَ لِلْبَشَرِ مِنْ قَبْضِ أَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَنِ ادَّعَى ذَلِكَ مِنَ الْبَشَرِ فَهُوَ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ فَغَضِبَ لِلَّهِ فَصَكَّهُ وَلَطَمَهُ، أَلَا تَرَى مِنْهُ لَمَّا عَادَ إِلَيْهِ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَبَبِ ثَوْرٍ وَأَنْ يَمُوتَ، اخْتَارَ الْمَوْتَ اسْتِسْلَامًا لِلَّهِ وَرِضَاءً لِحُكْمِهِ، وَتَصْدِيقًا لِرَسُولِهِ. وَأَمَّا فَقْؤُ عَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِعْلًا لِمُوسَى صلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَثَرِ لَطْمِهِ إِيَّاهُ وَصَكِّهِ لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِعْلَ اللَّهِ تَعَالَى أَحْدَثَهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَتَى الْمَلَكُ فِيهَا

⦗ص: 360⦘

، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَنَا لَا يَفْعَلُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ فِي نَفْسِهِ وَمَحَلِّ قَدْرَتِهِ، وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَلَمٍ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَمَوْتٍ عِنْدَ قَطْعِ الْأَوْدَاجِ، وَذَهَابِ السَّهْمِ بَعْدَ الرَّمْيِ، وَالْإِحْرَاقِ عِنْدَ اشْتِعَالِ النَّارِ فِي الْحَطَبِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَالْبَرَدِ فِي الثَّلْجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ بَعْدَ حَرَكَاتِ الْمُحْدَثِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّهَا كُلَّهَا أَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى أَحْدَثَهَا وَاخْتَرَعَهَا، وَكَذَلِكَ الْإِحْرَاقُ عِنْدَ اشْتِعَالِ النَّارِ فِي الْحَطَبِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَالْبَرَدُ فِي الثَّلْجِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كُلُّهَا أَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى يُحْدِثُهَا وَيَخْتَرِعُهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ وَحِينَ يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَثَرَ حَرَكَاتِ الْمُحْدَثِ فِي نَفْسِهِ، وَالْفَقَاءُ إِنَّمَا حَلَّ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْمَلَكِ؛ لِأَنَّ بِنْيَةَ الْمَلَائِكَةِ وَخَلْقَهُ لَيْسَتْ مِنَ الْأَمْشَاجِ وَالطَّبَائِعِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي تَقْبَلُ الْكَوْنَ وَالْفَسَادَ وَتَحُلُّهَا الْآَفَاتُ، وَيُؤَثِّرُ فِيهَا أَفْعَالُ الْمُحْدَثِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُمْنُونَ، وَلَا يَتَوَالَدُونَ، وَلَا يَنَامُونَ، وَلَا يَأْكُلُونَ، وَلَا يَسْأَمُونَ، وَلَا يَسْتَجِرُّونَ، وَلَا يَفْقَرُونَ، وَكُلُّ هَذِهِ آَفَاتٌ، وَالْفَقْؤُ آَفَةٌ، وَهُمْ لَا يُحِلُّهُمُ الْآَفَاتُ. فَالْآَفَةُ الَّتِي هِيَ الْفَقْؤُ إِنَّمَا حَلَّ فِي الصُّورَةِ الَّتِي جَاءَ الْمَلَكُ فِيهَا لَا فِي عَيْنِ الْمَلَكِ، وَلَيْسَ الْمَلَائِكَةُ كَالنَّاسِ، فَإِنَّ النَّاسَ إِنْسَانٌ بِصُورَتِهِ وَخَوَاصِّهِ، وَلَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ إِنْسَانًا بِخَوَاصِّهِ دُونَ صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَةُ النَّاسِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ وُجِدَتْ خَوَاصُّهُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ، وَلَمْ تُوجَدْ صُورَةُ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ ذَلِكَ النَّوْعُ إِنْسَانًا حَتَّى يُوجَدَ ثَلَاثَةُ الْإِنْسَانِ وَصُورَتُهُ وَخَوَاصُّهُ، وَالْمَلَكُ مَلَكٌ بِخَوَاصِّهِ دُونَ صُورَتِهِ؛ لِأَنَّ صُوَرَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ وَخَوَاصَّهُمْ وَاحِدَةٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِيهِمْ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ، وَمِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ الطَّيْرِ، وَمِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ السِّبَاعِ، وَمِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَكُلُّهُمْ مَلَائِكَةٌ وَلَهُمْ أَجْنِحَةٌ عَلَى أَعْدَادٍ مُتَفَاوِتَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثَلَاثَ وَرُبَاعَ} ثُمَّ قَالَ {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر: 1] ، وَقِيلَ فِي حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّهُمْ أَمْلَاكٌ أَحَدُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ، يَشْفَعُ إِلَى اللَّهِ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَالثَّانِي عَلَى صُورَةِ النَّسْرِ يَشْفَعُ إِلَى اللَّهِ فِي أَرْزَاقِ الطَّيْرِ، وَالثَّالِثُ عَلَى صُورَةِ الْأَسَدِ يَشْفَعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَرْزَاقِ الْبَهَائِمِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُمْ، وَالرَّابِعُ عَلَى صُورَةِ الثَّوْرِ يَشْفَعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَرْزَاقِ الْبَهَائِمِ، وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُمْ يُصَدِّقُ ذَلِكَ

ص: 356

مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ: ح حَامِدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: ح هَنَّادُ بْنُ السَّرِيُّ قَالَ: ح عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ

⦗ص: 361⦘

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَدَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ شَعْرِهِ قَالَ:

[البحر الطويل]

زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ

وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مَرْصَدُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ» قَالَ، وَقَالَ:

وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ

حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ

فَقَالَ قَائِلٌ:

تَأْبَى فَمَا تَطْلُعُ لَنَا فِي رِسْلِهَا

إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ» . فَلَمَّا كَانَتِ الصُّورَةُ صُورَةَ أَسَدٍ، وَثَوْرٍ، وَنَسْرٍ، وَإِنْسَانٍ، وَهُوَ مَلَكٌ بَانَ أَنَّ الْمَلَكَ لَمْ يَكُنْ مَلَكًا لِلصُّورَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَلَكٌ بِخَاصِّيَّةِ الَّذِي هُوَ خَاصِّيَّةٌ، وَالْإِنْسَانُ إِنْسَانٌ بِخَاصِيَّتِهِ وَصُورَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم بِصُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ كَمَا شَاءَ مِنْ عِظَمِ خَلْقِهِ، وَعَجَبِ صُورَتِهِ

ص: 360

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: ح عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: ح الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ زِرًّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ

ص: 361

وَح مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: ح عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ح سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيَّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ عز وجل؟ قَالَ: " جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ خُذْ

⦗ص: 362⦘

نَفْسَ مِيكَائِيلَ فَيَأْخُذُ فَيَقَعُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهَا مِثْلَ الطَّوْدِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِيَ قَالَ: فَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بَقِيَ جِبْرِيلُ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ: يَقُولُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مُتْ قَالَ: فَيَمُوتُ ، فَيَبْقَى جِبْرِيلُ وَهُوَ مِنَ اللَّهِ بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَ لَكُمْ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَمُوتَ فَيَقَعُ سَاجِدًا يَخْفِقُ بِجَنَاحَيْهِ سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمْدِكَ أَنْتَ الْبَاقِي الدَّائِمُ، وَجِبْرِيلُ الْفَانِي الْهَالِكُ الْمَيِّتُ قَالَ: فَيَأْخُذُ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ فَيَقَعُ عَلَى مِيكَائِيلَ، وَإِنَّ فَضْلَ خَلْقِهِ عَلَى خَلْقِ مِيكَائِيلَ كَفَضْلِ الطَّوْدِ الْعَظِيمِ عَلَى الظَّرِبِ مِنَ الظَّرِبِ، ثُمَّ يَمْكُثُ اللَّهُ كَمَا كَانَ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْخَلْقِ مَا شَاءَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ عِلْمٌ بِمَا هُوَ مَاكِثٌ " وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى صُورَتِهِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ

ص: 361

حَدَّثَنَا الْمَحْمُودِيُّ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: ح سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ح سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَهَذِهِ صُورَتُهُ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا» ثُمَّ يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صُورَةِ دِحْيَةَ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 194]، وَقَالَ عز وجل {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] ، فَالنَّازِلُ بِالْقُرْآنِ وَالْوَحْيِ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالصُّورَةُ صُورَةُ دِحْيَةَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ شُيُوخِ الْمُتَكَلِّمِينَ يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنْسَانًا وَبَشَرًا، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَكَانَ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ صِدْقًا حَيْثُ قَالُوا {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] ، وَاللَّهُ عز وجل يَقُولُ {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] ، وَقَالَ {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193]

⦗ص: 363⦘

، إِذًا فَجِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتِ الصُّورَةُ صُورَةَ إِنْسَانٍ، إِذًا فَالصُّورَةُ لَيْسَ الْمَلَكُ، وَإِنْ كَانَ الْمَلَكُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا

ص: 362