المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حَدِيثٌ آخَرُ - بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي

[أبو بكر الكلاباذي]

فهرس الكتاب

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخِرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌ حَدِيثٌ آخَرُ

الفصل: ‌ ‌حَدِيثٌ آخَرُ

‌حَدِيثٌ آخَرُ

ص: 233

قَالَ: ح بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ: ح أَبُو قِلَابَةَ وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ح سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مَعْقِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«النَّدَمُ تَوْبَةٌ» قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: مَعْنَى التَّوْبَةِ: الرُّجُوعُ، وَكَذَلِكَ الْأَوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ، فَتَابَ وَآبَ، وَأَنَابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الرُّجُوعُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«آَيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54] وَقَالَ تَعَالَى {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31] ، غَيْرَ أَنْ تَحْتَ كُلِّ لَفْظَةٍ خَاصِّيَةً وَزِيَادَةَ فَائِدَةٍ، فَأَكْثَرُ مَا جَاءَ ذِكْرُ التَّوْبَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا جَاءَتْ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الْمَعَاصِي، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوَا الزَّكَاةَ} [التوبة: 5] ، أَيْ: رَجَعُوا مِنَ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، إِلَى قَوْلِهِ {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [مريم: 60] ، وَمِثْلُهَا كَثِيرٌ. وَالْأَوْبَةُ فَأَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي حَالِ الطَّاعَةِ وَالْفِعْلِ الْمَرْضِيِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] ، وَقَالَ {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25]

⦗ص: 234⦘

وَالْإِنَابَةُ رُجُوعُ الْقَلْبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: 33] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54] ، مَجَازِي ارْجِعُوا إِلَى رَبِّكُمْ بِبَوَاطِنِكُمْ وَنِيَّاتِكُمْ وَاسْتَسْلِمُوا لِأَحْكَامِهِ وَأَوَامِرِهِ بِظَوَاهِرِكُمْ وَأَفْعَالِكِمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ، وَقَالَ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ وَخَضَعَ بِأَرْكَانِهِ، وَأَنَابَ بِجَنَانِهِ، فَالرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَوْصَافِهِ الذَّمِيمَةِ، وَأَفْعَالِهِ الْمُشِينَةِ ثَوَّابٌ، وَالرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ فِي أَوْصَافِهِ الْحَمِيدَةِ، وَأَفْعَالِهِ الْمَرْضِيَّةِ أَوَّابٌ، وَالرَّاجِعُ بِقَلْبِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا إِلَى رَبِّهِ مُنِيبٌ، هِجِّيرَي التَّوَّابِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَهِجِّيرَي الْأَوَّابِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَهِجِّيرَي الْمُنِيبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَالتَّوْبَةُ هِيَ الرُّجُوعُ عَنْ حَالِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى حَالِ الطَّاعَةِ، وَمِنَ الْمُخَالَفَةِ إِلَى الْمُوَافَقَةِ، وَالْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتُ فِيهَا مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى تَضْيِيعُ أَوَامِرِهِ وَارْتِكَابُ مَنَاهِيهِ، وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَخَرْقُ أَعْرَاضِهِمْ وَالنِّدَمُ: هُوَ التَّلَهُّفُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَتَمَنِّي أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ، وَالْحَسْرَةُ عَلَى مَا تَرَكَ وَتَمَنِّي أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ، فَمَنْ عَصَى فِي ارْتِكَابِ مَا نَهَى اللَّهُ عز وجل وَشَتَمَ أَعْرَاضَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَنَاوَلَ مَا حَرَّمُ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَارِكًا لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، نَادِمًا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ، فِيمَا ارْتَكَبَ مِنْ نَهْيِ رَبِّهِ، وَالِاسْتِغْفَارُ لِإِخْوَانِهِ فِيمَا اسْتَحَلَّ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا

ص: 233

حَدَّثَنَاهُ عِصمَةُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ الْمَدَنِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ: ح عَمْرُو بْنُ الْأَزْهَرِ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اغْتَابَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ، فَإِنَّهُ كَفَّارَتُهُ»

⦗ص: 235⦘

وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا لَمْ يَبْلُغِ الْمُغْتَابُ عَنْهُ، فَأَمَّا إِذَا بَلَغَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ تَائِبٌ صَادِقٌ مُخْلِصٌ، وَاللَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَهُوَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَمَنْ عَصَى اللَّهُ فِي تَضْيِيعِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ فَرَائِضِهِ، وَظُلْمِ عِبَادِهِ مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، وَضَرْبِ أَبْشَارِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اللَّهِ نَادِمًا عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ مُسْتَقْبِلًا أَدَاءَ فُرُوضِهِ، وَإِقَامَةَ أُمُورِهِ، بَاذِلًا مَجْهُودَهُ فِي قَضَاءِ مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِرْضَاءِ عِبَادِ اللَّهِ، فَهُوَ تَائِبٌ مُخْلِصٌ صَادِقٌ، وَمَنِ اسْتَقْبَلَ فُرُوضَ اللَّهِ، وَإِقَامَةَ أُمُورِهِ، وَتَرَكَ ظُلْمَ عِبَادِهِ، وَلَمْ يَسْعَ فِي قَضَاءِ فَوَائِتِهِ، وَإِرْضَاءِ خُصُومِهِ، وَهُوَ مُمَكَّنٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِتَائِبٍ عِنْدَ عَامَّةِ مَنْ يَقُولُ بِالْإِحْبَاطِ، وَالْوَعِيدِ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَا اسْتَقْبَلَ مِمَّا سَلَفَ، وَهُوَ تَائِبٌ فِيمَا اسْتَقْبَلَ، عَاصٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ إِرْضَاءِ الْخُصُومِ، وَقَضَاءِ الْفُرُوضِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرَّاجِينَ، وَمَنْ يَفْعَلُ بِالْمَشِيئَةِ، وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا، وَآخَرَ سَيِّئًا، يُرْجَى لَهُ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فِي الْعُقْبَى، وَيَتُوبَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] فَرَجَاءُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ، وَالْمَغْفِرَةِ لَهُمْ، وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«سَيَنْهَاهُ عَمَّا تَقُولُ» ، فَرَجَا صلى الله عليه وسلم التَّوْبَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] ، وَمَنْ لَمْ يُمَكَّنْ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِرْضَاءِ عِبَادِ اللَّهِ؛ لِزَمَانَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ، أَوْ عَدَمٍ، فَإِنَّ النَّدَمَ لَهُ - بِمُجَرَّدِهِ - تَوْبَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا طَائِفَةً يَسِيرَةً، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ تَابَ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِالْمَوْتِ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ»

⦗ص: 236⦘

، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِتَلَاوُمٍ فِيمَا فَاتَ، فَلَيْسَ لَهُ تَوْبَةٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ، إِلَّا النَّدَمُ بِالْقَلْبِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ مُسْتَسْلِمًا، يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ، وَيُقْبِلُ عَلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ تَابَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] إِلَى أَنْ قَالَ: {إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: 60] ، فَاسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى التَّائِبَ مِمَّا أَوْعَدَ، وَيُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَأُولَئِكَ يُبَدَّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70] ، وَمَنْ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ قَبِلَهَا مِنْهُ، وَالْحَسَنَاتُ إِذَا قُبِلَتْ ضُوعِفَ الثَّوَابُ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِالْمَعَاصِي وَالْآثَامِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، فَإِنَّهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يُرْجَى لَهُ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ. أَمَّا الرَّجَاءُ، فَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ بِفَضْلِهِ، فَإِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ شَرَطَ مَشِيئَتَهُ فِي غُفْرَانِ مَا دُونَ الشِّرْكِ، فَقَالَ:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا

ص: 234

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: ح هُدْبَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ قَالَ: ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ أَوْعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا، فَهُوَ بِالْخِيَارِ» وَأَمَّا الْخَوْفُ عَلَيْهِ، فَلِمَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ، أَنَّ قَوْمًا يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ النَّارَ، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غَيْرَهَا، وَأَنْ قَوْمًا يَتَهَافَتُونَ فِيهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا بِإِيمَانِهِمْ، وَالْأَخْبَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ جَمَّةٌ

ص: 236